السلام عليكم/ جميعا
النص جميل يشتهي المحاورة والدخول في أجوائه، فمنذ البدايات نجد عبارة تداخلية ( ما بين أنت ) التي تشكل عصب القراءة النصية هنا.
إضافة إلى العبارة الأخرى ( نبيذ الاشتهاء ) التي ترمز إلى المنشود من العبارة الأولى، أو لنقل بسهولة متناهية؛ ثنائية ( أنت / وما تشتهي )
كذلك يبرز االكاتب ذاته في مواضع قليلة داخل نصه، لكنه يبقى في حدود الهامش دون الدخول إلى العمق، والتفاعل مع مكونات نصه.
بهذا يستدعي النص ثلاث ثيمات: الآخر / ما يشتهي / أنا، والقراءة تعتمد على هذه الثيمات الثلاث.
1- الآخر: { مابين أنت } تحيل إلى تجزيء ما لا يتجزأ، فالفرد جزء كامل لا يمكن فصل أجزائه، إنما يسير النص من أجل قراءة ذات الآخر في بعدها النفسي، فتكون القراءة كالتالي: ما بين جنبات رغباتك الداخلية الدفينة تبرز رغبة كبرى.
2- ما يشتهي: { نبيذ الاشتهاء } وهي الموضوعة الرئيسة ههنا، فمن بين الرغبات الكثيرة في ذات الإنسان، تأتي شهوته الطاغية إلى شيء محدد؛ فيبحث عن شكلٍ مناسب لإشباعها، ولذا نراه يبحث في كل مكان { مسافات مساء مسافر / يهاجر المكان / تلقي شباكك / تستعطف المارة / مغادر نحو البكاء / تبحث عن سر / لم تطمئن لإرتحال / فلتقترب أكثر / ولتحترق أكثر .
يبقى السؤال: ما هذه الشهوة الطاغية؟ وهل استطاع اشباعها؟
وهو ما يتضح في المقطع الأخير:
تبحث عن سر القرون
وسر«ذات العماد»
عن سر الفناء في زمن الجنون
فتنضح الاعترافات من كأسات الليل
طوفاناً لذيذاً على ماء العشق ،وساحل رامبو
وأمامك أرض سمراء ،ورمال تمزق السكون
لم تؤمن بعد!!
لم تطمئن لإرتحال عند ملكوت الفيض
وائتلاف الكلمات ،وخوف الاقترب
فلتقترب أكثر ،قشعريرة الخوف تلامس السكوت
ولتحترق أكثر ،بخوراً عدنياً له صمت الحب
ومتعة الانحناء.
لكن البحث شيء والوصول شيء آخر، فالبحث أفضى إلى لونٍ من اللاجدوى العبثية.
3- أنا الشاعر: تتداخل في النص، وتقوم بتوجيهه من أجل قراءته:
ودندناتٍ على وقع بكاي
عفواً خطاي
فكأن خطو الآخر يتحول إلى خطو الشاعر، إذ يستدعي النص إسقاط ذات الشاعر على ذات الآخر النصي، مما يشي بحمولة ثقيلة تغتال الأحلام، يحاول الخروج من ربقتها.
كما يمكننا حذف الآخر هنا وقراءة النص على أنه ثنائية ( أنا / أشتهي )، حيث تتفرع الذات إلى أذرعٍ تتناول المعاني المبثوثة في حنايا النص.
لا شك أن الكتابة الذاتية صعبة، بل صعبة جدا، وهو ما اتضح في الترميز العالي للرغبة المكنونة في داخل الذات، لكن الكلام ينثر أزهاره المخفية، رغما عن الكاتب، فالاستيلاء النفسي بارز جداً؛ بوضوح تام.
النص عميلٌ خائن، كشف أسرار قائله.
ختاماً ليس لي سوى كلمة
رائع
2010-09-04, 14:12
