صبرى محمد خليل خيرى .
البلد : السودان عدد المساهمات : 96 نقاط : 284 تاريخ التسجيل : 31/07/2014
| موضوع: قراءه إسلاميه لمفهومي الديموقراطيه والاشتراكية 2 2015-11-24, 06:29 | |
| قراءه إسلاميه لمفهومي الديموقراطيه والاشتراكية 2 د. صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم Sabri.m.khalil@hotmail.com مفهوم الاشتراكيه : تعدد دلالات مفهوم الاشتراكية: أما مفهوم الاشتراكية فله أيضا دلالات متعددة،وطبقا لهذا التعدد الدلالي فان لمفهوم الاشتراكية دلالته العامة ” اى المصطلح كمفهوم مجرد” ، المشتركة “اى المعنى الذى تشترك في فهمه كل الفلسفات والمناهج” ، ومضمونها التحرر من القهر الاقتصادي وسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج، والتخطيط الاقتصادي والملكية العامة لوسائل الإنتاج الاساسيه….كما أن له دلاله خاصة – منفردة تتمثل في تطبيق مفهوم الاشتراكية في واقع اجتماعي معين زمانا ومكانا، وطبقا لمعنى تفهمه فلسفه ومنهج معرفه معينين من مصطلح اشتراكيه. المواقف المتعددة من مفهوم الديموقراطيه فى الفكر السياسي الاسلامى : وقد تعددت المواقف من مفهوم الاشتراكية ، فى اطار الفكر الاقتصادى الاسلامى الحديث والمعاصر،غير انه يمكن إجمال هذه المواقف المتعددة فى موقفين اساسيين هما :موقف"الرفض المطلق" الذى لا يعبر عن الموقف الاسلامى الصحيح من المفهوم،والموقف "النقدى" الذى يعبر عن الموقف الاسلامى الصحيح من مغهوم الديموقراطيه– كما سبق ذكره - ، وفيما يلى نعرض لهذين الموقفين بشى من التفصيل . أولا: القبول المطلق (التغريب): هو موقف يقوم على القبول المطلق للاشتراكية ، اى قبول كافه دلالات مصطلح الاشتراكية، فهو موقف يقوم على أن تحقيق التقدم الحضاري للمجتمعات المسلمة لا يمكن أن يتم إلا باجتثاث الجذور وتبني قيم المجتمعات الغربية ، وبالتالي فهو يقوم فهو موقف يستند إلى التغريب الذي مضمونه أن تستبدل القيم والآداب والقواعد التي جاء بها الإسلام بقواعد وآداب وقيم أخرى. ا/الرفض المطلق (التقليد): وهو موقف يقوم على الرفض المطلق لمفهوم الاشتراكية، اى رفض كافه دلالات المفهوم، فهو موقف لا يميز بين ما هو ايجابى وسلبى من هذه الدلالات . الموقف من التجارب الاشتراكية: ويتبنى انصار هذا الموقف رأى منظري الراسماليه والمدافعين عنها في الغرب، والقائم على القول على بفشل الاشتراكية كنظام اقتصادي استنادا إلى واقعه انهيار وتفكك الاتحاد السوفياتى والكتلة الشرقية ، غير أن هذا الراى يتجاهل عده حقائق أول هذه الحقائق ان الماركسية – التى كان يتبناها الاتحاد السوفياتى والكتلة الشرقية- تمثل إحدى الدلالات الخاصة المنفردة لمصطلح الاشتراكية ولا تمثل كل دلالاته ، اى ان ما تم تطبيقه هو نظام اشتراكي معين – ماركسي – وليس كل النظم الاشتراكية، وبالتالي لا يجوز نسبه الفشل إلى الاشتراكية ككل – اى لا يجوز نسيبه الفشل إلى كل النظم الاشتراكية ولكن إلى نظام اشتراكي معين . ثاني هذه الحقائق أن هناك نظم اقتصاديه اشتراكيه أخرى تم ويتم تطبيقها فى مناطق أخرى فى العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتى منها اليسار الجديد في أمريكا اللاتينية ، و الاشتراكية الديموقراطيه في الغرب ، والتي هى سبب اساسى لاستمرار النظام الراسمالى لأنه استعار من الاشتراكية الكثير من النظم والآليات كالضمان الاجتماعي والرعاية الصحية ومكافحه القفر والضرائب التصاعدية وحماية حقوق العمال. ثالث هذه الحقائق أن فشل تجربه ما لا يعنى خلوها من اى ايجابيه، بل يعنى غلبه السلبيات على الايجابيات، وبالتالي فان الموفق الصحيح من اى تجربه – فاشل هاو ناجحة- ليس هو موقف الرفض المطلق ،بل هو الموقف النقدي القائم على رفض السلبيات واخذ الايجابيات . الفكر الاقتصادي الاسلامى وسط بين الراسماليه والشيوعية وليس الاشتراكية: كما يقول أنصار هذا الموقف ان الاسلام وسط بين الراسماليه والاشتراكية ، بينما الواقع من الامر ان الفكر الاقتصادي الاسلامى يستند إلى فلسفه اجتماعيه توازن بين الفرد والجماعة (من خلال التأكيد علي ا ن الجماعة بالنسبة للفرد كالكل بالنسبة للجزء تحده فتكمله وتغنيه ولكن لا تلغيه كما في قوله صلى الله عليه وسلم”مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد ،إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى”) ، فهو وسط بين الفلسفات والنظم الاقتصادية الفردية( التي تؤكد على الفرد لتلغى الجماعة)،كالفلسفة الاقتصادية الليبرالية والنظام الاقتصادي الراسمالى كتطبيق اقتصادي لها، والفلسفات والنظم ألاقتصاديه الجماعية ( التى تؤكد على ألجماعه لتلغى الفرد) كالفلسفة الاقتصادية الماركسية والنظام الاقتصادي الشيوعي، وهنا يتضح لنا خطا القول السابق الذى مضمونه ان الفكر الاقتصادي الاسلامى هو وسط بين الراسماليه والاشتراكية ، اذا أن الاخيره نظام اقتصادي اجتماعي – وهو ما يتضح من دلاله المصطلح ذاته فى اللغة الانجليزية(SOCIALESM) – وليست نظام اقتصادي جماعي -إلا في صيغها المتطرفة-، وهناك مصدر آخر لهذا الخطأ هو الفهم الخاطئ لكون الإسلام يقوم على التوازن بين الفرد والجماعة استنادا الى مفهوم الوسطية ،والذي يقوم على الاعتقاد ان الإسلام يساوى بين الفرد والجماعة فى الدرجة فى النظم الاجتماعية ، وهو غير صحيح فالتوازن بين الفرد والجماعة في الإسلام يقوم على أن الشريعة تجعل الفرد هو الأصل والجماعة هي الفرع في العبادات ، بينما تجعل الجماعة هي الأصل(الكل) بينما الفرد هو الفرع (الجزء) في المعاملات، التي تتضمن النظم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية . ب/ الموقف النقدي (التجديد): وهو الموقف الذي يتجاوز موقفي الرفض المطلق أو القبول المطلق إلى موقف نقدي من مفهوم الاشتراكية، يقوم على التمييز بين الدلالات المتعددة للمفهوم ، فيرى أن الإسلام كدين – لا يتناقض مع الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الاشتراكية، اى التحرر من القهر الاقتصادي وسيطره الشعب على وسائل الإنتاج والتخطيط الاقتصادي والملكية ألعامه لوسائل الإنتاج الاساسيه، لأن الإسلام كدين قائم – على مستوى أصوله النصية الثابتة – على أن الله تعالى هو المالك الحقيقي للمال ( وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ )(المائدة: 17)، وأن الجماعة هي المستخلفة – أصلا- في الانتفاع به، أما الفرد فوكيل عنها في الانتفاع به على وجه لا يتناقض مع مصلحتها (وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)(الحديد: 7) ، أما الدلالة الخاصة المنفردة لمصطلح الاشتراكية فيرى أن الموقف الصحيح منها هو على اخذ وقبول ما لا يناقض أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة، ورد ورفض ما يناقضهما. الموقف النقدي عند المفكرين الاسلاميين : وهذا الموقف تبناه الكثير من المفكرين الإسلاميين المحدثين والمعاصرين ،وفيما يلى نعرض للصيغ المختلفة لهذا الموقف عند هؤلاء المفكرين الإسلاميين: الإمام جمال الدين الافغانى: يعبر الإمام جمال الدين الافغانى عن موقفه الايجابي من الدلالة العامة المشتركة لمصطلح الاشتراكية، من خلال تقريره في خاطراته أن الاشتراكية هي التي ستؤدي حقاً مهضوماً لأكثرية من الشعب العامل. واتساقا مع هذا الموقف الايجابي يقرر أن هذه الدلالة لا تتعارض مع الإسلام كدين من خلال تقريره أن الاشتراكية منبعها الإسلام كثقافة ودين، حيث يشير إلى الإخاء الذي عقده رسول الله بين المهاجرين والأنصار، و أن الدولة العربية الإسلامية الأولى في عهد النبي وخليفتيه أبو بكر وعمر كانت بمثابة تجربة اشتراكية (أول من عمل بالاشتراكية بعد التدين بالإسلام، هم أكابر الخلفاء من الصحابة، وأعظم المحرضين على العمل بالاشتراكية كذلك من أكابر الصحابة أيضا (الأعمال الكاملة للأفغاني، ج,1 ص.107)، كما يشير إلى أن البداوة أحد أصول الاشتراكية في الإسلام ( الاشتراكية في الإسلام.. ملتصقة في خلق أهله عندما كانوا أهل بداوة)(الخاطرات ص 234 ) .كما يعبر عن موقفه النقدي من الدلالة الخاصة – المنفردة لمصطلح الاشتراكية ، من خلال رفضه لكل من موقفي القبول المطلق و الرفض المطلقين ، من خلال تحفظه على الاشتراكية الغربية ، مع اتخاذه موقفاً رافضا للذين يكفرون مناصري الاشتراكية ويخرجونهم من الملة، حيث يجيب على سؤال لأحد مجالسيه عن تكفير مشايخ الإسلام للاشتراكية، بأن الاشتراكية وإن قل ناصروها اليوم فإنها ستسود العالم عندما يعم العلم الصحيح ويشعر البشر بأنهم إخوة، وأن التفاضل بالأنفع للمجموع وليس بالسلطان السياسي أو المالي أو العسكر وإنما يحتاج الأمر إلى الشجاعة والبسالة والجهر بالحق …) (جمال الدين الأفغاني – حسن حنفي ص.113) الإمام حسن البنا: أشار الإمام حسن ألبنا إلى وجوب التزام المسلمين بالعدل الاجتماعي في الكثير من النصوص ،حيث يقول ( لم يقف أمر النظام الاقتصادي الإسلامي عند هذا الحد، ولكنه رسم الخطط الأساسية للتقريب بين الطبقات، فانتقص من مال الغنى بما يزكيه ويطهره وينقيه ويكسبه القلوب والمحامد، وزهّده في الترف والخيلاء، ورغّبه في الصدقة والإحسان، وأجزل له في ذلك المثوبة والعطاء، وقرر للفقير حقًّا معلومًا، وجعله في كفالة الدولة أولاً، وفى كفالة الأقارب ثانيًا، وفى كفالة المجتمع بعد ذلك. ثم قرر بعد هذا صور التعامل النافع للفرد الحافظ للجماعة تقريرًا عجيبًا في دقته وشموله وآثاره ونتائجه، وأقام الضمير الإنساني مهيمنًا عليها من وراء هذه الصور الظاهرية. كل هذا بعض ما وضع الإسلام من قواعد ينظم بها شأن الحياة الاقتصادية للمؤمنين، وقد فصلت الحياة التقليدية الممسوخة التي يحياها الناس في هذه الأعصار بين الاقتصاد والإسلام، فقمتم أنتم ومن أهدافكم وأغراضكم الإصلاح الاقتصادي بتنمية الثروة القومية وحمايتها، والعمل على رفع مستوى المعيشة، والتقريب بين الطبقات، وتوفير العدالة الاجتماعية، والتأمين الكامل للمواطنين جميعًا، وإقرار الأوضاع التي جاء بها الإسلام في ذلك كله) ( مؤتمر رؤساء المناطق والشعب عام 1945 ). كما يقرر اسبقيه الإسلام للنظريات الاشتراكية الغربية في الدعوة إلى العدالة الاجتماعية ( … وإذا كانت الثورة الروسية قاربت بين الطبقات، وأعلنت العدالة الاجتماعية في الناس؛ فإن الثورة الإسلامية الكبرى قد أقرت ذلك كله من قبل ألف وسبعمائة سنة، ولكنها سبقت سبقًا لن تلحق فيه في أنها جملت ذلك وزينته بالصدق والعمل؛ فلم تقف عند حدود النظريات الفلسفية، ولكن أشاعت هذه المبادئ في الحياة اليومية العملية، وأضافت إليه بعد ذلك السمو بالإنسان واستكمال فضائله ونزعاته الروحية والنفسانية؛ لينعم في الحياتين، ويظفر بالسعادتين، وأقامت على ذلك كله حراسًا أشداء أقوياء من يقظة الضمير، ومعرفة الله وصرامة الجزاء وعدالة القانون)، اتساقا مع ما سبق يرى الإمام حسن ألبنا أن روح الإسلام توجب علينا القيام بعدد من الإجراءات، التي لا تخرج عن إطار الدلالة العامة المشتركة للاشتراكية، كاعاده النظر في الملكيات وتنظيم الضرائب الاجتماعية… حيث يقول في ص 349 من رسالة مشكلاتنا الداخلية في ضوء النظام الإسلامي ( توجب علينا روح الإسلام الحنيف وقواعده الأساسية في الاقتصاد القومي أن نعيد النظر في نظام الملكيات في مصر ، فنختصر الملكيات الكبيرة ونعوض أصحابها عن حقهم بما هو أجدى عليهم وعلى المجتمع)، ويقول ( وتوجب علينا روح الإسلام في تشريعه الاقتصادي أن نبادر بتنظيم الضرائب الاجتماعية وأولها الزكاة (. بالاضافه الى ما سبق فقد استخدمت وثائق جماعه الإخوان المسلمين في عهد الإمام المؤسس مصطلح” الاشتراكية الاسلاميه”للتعبير عن المذهب الاسلامى فى العدالة الاجتماعية،ورد فى الاجتماع السنوي العاشر جمعية الإخوان العمومية عام 1946 (يعلن المجتمعون أن الإخوان المسلمين ليسوا حزبًا غايته الوصول إلى الحكم، ولكنهم هيئة تعمل لتحقيق رسالة إصلاحية شاملة ترتكز على تعاليم الإسلام الحنيف، تتناول كل نواحي الإصلاح الديني والسياسي والاجتماعي، وتسلك إلى كل ناحية سبيلها القانونية شكلاً وموضوعًا. يقرر المجتمعون أن الوضع الاجتماعي في مصر أمام التطورات العالمية والضرورات الاقتصادية وضع فاسد لا يحتمل ولا يطاق، وأن على المركز العامل للإخوان المسلمين أن يعلن برنامجه المفصل لإصلاح هذا الوضع، ولرفع مستوى الشعب أدبيًّا بالتربية والثقافة، وروحيًّا بالتدين والفضيلة، وماديًّا برفع مستوى المعيشة وتحقيق العدالة الاجتماعية التي تفرضها الاشتراكية الإسلامية، والتي يحيا في ظلها العامل والفلاح والزارع والتاجر وكل مواطن حياة مريحة كريمة، ويعمل على تنفيذه في حزم وإسراع ) ( الإخوان والعدالة الاجتماعية/ السعيد رمضان /موقع الموسوعة الإخوانية “أخوان وبكى ) محمد الغزالي : يقرر الشيخ محمد الغزالي عدم تناقض الدلالة ألعامه المشتركة لمصطلح الاشتراكية مع الإسلام كدين من خلال تقريره (إن الإسلام أخوة في الدين واشتراكية في الدنيا ((الإسلام والاشتراكية ، ص 183)،وكذلك تقريره ( أن أبا ذرٍّ كان اشتراكيا وأنه استقى نزعته الاشتراكية من النبي صلى الله عليه و سلم )( الإسلام المفترى عليه ، ص 103) . كما يتخذ موقفا نقديا من الدلالة الخاصة المنفردة من الاشتراكية، يتمثل في قبول ما وافق أصول الدين، وواقع المجتمعات المسلمة ورفض ما خالفهما ، حيث يقوله (وأرى أن بلوغ هذه الأهداف يستلزم أن نقتبس من التفاصيل التي وضعتها الاشتراكية الحديثة مثلما اقتبسنا صورا لا تزال مقتضبة – من الديمقراطية الحديثة – ما دام ذلك في نطاق ما يعرف من عقائد وقواعد، وفي مقدمة ما نرى الإسراع بتطبيقه في هذه الميادين تقييد الملكيات الكبرى وتأميم المرافق العامة)( الإسلام المفترى عليه، ص 66 (.. الشيخ محمد السباعي: أما الشيخ مصطفى السباعي فيقرر عدم تناقض الدلالة العامة – المشتركة لمصطلح الاشتراكية من الإسلام كدين من خلال استخدامه لمصطلح” اشتراكيه الإسلام ” حيث يقول( لقد سميت القوانين والأحكام التي جاءت في الإسلام لتنظيم التملك وتحقيق التكافل الاجتماعي باشتراكية الإسلام) (مصطفى السباعي ، اشتراكيه الإسلام)، وكذلك من خلال تحديده خصائص اشتراكية الإسلام حيث يقول (… ان اشتراكية الإسلام ليست اشتراكية الدراويش والزهاد، كبعض الصوفية وفقراء الهنود، الذين ينفرون من المال والتملك، جبنًا منهم عن تحمل أعباء الحياة ومسؤولياتها، وإنما هي اشتراكية حضارية إيجابية بناءة، تقيم أكمل مجتمع حضاري متمدن. وان اشتراكية الإسلام تحارب الفقر والجهل والمرض والخوف والمهانة. وان مستوى المعيشة في اشتراكية الإسلام مستوى مرتفع. وان اشتراكية الإسلام تشرك الشعب مع الدولة في تحقيق التكافل الاجتماعي، كما في نظام نفقات الأقارب. وان اشتراكية الإسلام تحارب الترف والبذخ واللهو الماجن في السلم والحرب. وان اشتراكية الإسلام تُخضع الحكومة لإرادة الشعب، لا العكس. وان اشتراكية الإسلام توسّع دائرة التكافل الاجتماعي، ومن ثم فهي أكثر ضمانًا لكرامة الإنسان وسعادته. وان اشتراكية الإسلام ليست نظرية ولا عاطفية، بل هي عملية. كما يحدد الفرق بين اشتراكية الإسلام وبين الرأسمالية فى انهما يتفقان في إعطاء الفرد حق التملك، والتنافس في الإنتاج. ويختلفان في أن حق التملك في اشتراكية الإسلام يخضع لمصلحة الجماعة، وفي الرأسمالية تخضع الجماعة لمصلحة رأس المال. كما يختلفان في أن التنافس في الاشتراكية الإسلامية يشيع الحب والتعاون في المجتمع، وفي الرأسمالية يشيع العداء والخلاف والاضطراب. وان الرأسمالية ملطخة بدماء الشعوب، والاستعمار، والاستعباد، واللصوصية، والاستغلال، ولاشيء من هذا في اشتراكية الإسلام).. أما موقفه النقدي من الدلالة الخاصة المنفردة للاشتراكية فيتمثل في تحديده الفرق بين اشتراكية الإسلام وبين الشيوعية والتي حددها في النقاط التالية: ان اشتراكية الإسلام تنسجم مع الفطرة الإنسانية في إباحة الملكية الشخصية. وان اشتراكية الإسلام تبيح التنافس، أما الشيوعية فترى أنه يجرّ البلاء على المجتمع. وان اشتراكية الإسلام تقوم على التعاون، والشيوعية تقوم على الصراع وحرب الطبقات، مما يؤدي إلى الحقد. وان اشتراكية الإسلام تقوم على الأخلاق، بخلاف الماركسية. وان اشتراكية الإسلام تقوم على الشورى، والشيوعية تقوم على الاستبداد والدكتاتورية والإرهاب سيد قطب: أما سيد قطب فيرفض – قبل مرحلته الفكرية المتاخره "التكفيرية " - موقفي الرفض المطلق و القبول المطلق للاشتراكية ،ويتبنى موقفا نقديا منها ، قائم على اخذ ما وافق الإسلام ورد ما تعارض معه ، حيث يقول (فإذا انتهينا من وسيلة التوجيه الفكري ، بقيت أمامنا وسيلة التشريع القانوني لتحقيق حياة إسلامية صحيحة تكفل فيها العدالة الاجتماعية للجميع . وفي هذا المجال لا يجوز أن نقف عند مجرد ما تم في الحياة الإسلامية الأولى، بل يجب الانتفاع بكافة الممكنات التي تتيحها مبادئ الإسلام العامة وقواعده المجملة. فكل ما أتمته البشرية من تشريعات ونظم اجتماعية ولا تخالف أصوله أصول الإسلام ، ولا تصطدم بفكرته عن الحياة والناس ، يجب أن لا نحجم عن الانتفاع به عند وضع تشريعاتنا، ما دام يحقق مصلحة شرعية للمجتمع أو يدفع مضرة متوقعة . ولنا في مبدأ المصالح المرسلة ومبدأ سد الذرائع ، وهما مبدآن إسلاميان صريحان ما يمنح ولي الأمر سلطة واسعة لتحقيق المصالح العامة في كل زمان ومكان) (العدالة الاجتماعية، ص 261 ، الطبعة الخامسة) .وقوله في كتابه( معركة الإسلام والرأسمالية ، ص44 ) ( بل في يد الدولة أن تنزع الملكيات والثروات جميعـًا، وتعيد توزيعها على أساس جديد، ولو كانت هذه الملكيّات قد قامت على الأسس التي يعترف بها الإسلام ونمت بالوسائل التي يبررها لأن دفع الضرر عن المجتمع كله أو اتقاء الأضرار المتوقعة لهذا المجتمع أولى بالرعاية من حقوق الأفراد). وقوله فى نفس الكتاب (ص 61 ) ( ولا بدَّ للإسلام أن يحكم لأنه العقيدة الوحيدة الإيجابية الإنشائية التي تصوغ من المسيحية والشيوعية معاً مزيجاً كاملاً يتضمن أهدافهما جميعاً ويزيد عليهما التوازن والتناسق والاعتدال) بين مصطلحي العدل الاجتماعي والاشتراكية: ان ما سبق من حديث هو عن مضمون مفهوم الاشتراكية ، اما على المستوى الاصطلاحي، فان هناك من يرفض استخدام مصطلح الاشتراكية فضلا عن ربطه بالإسلام بالحديث عن “اشتراكيه الإسلام” أو “الاشتراكية الاسلاميه” ، ويفضل استخدام مصطلحات أخرى كمصطلح العدالة الاجتماعية، ويجيز الربط بينها والإسلام بالحديث عن “العدالة ألاجتماعيه في الإسلام ” أو “المذهب الاسلامى في العدالة الاجتماعية ” ومرجع هذا الرفض أن مصطلح الاشتراكية اقترن في الأذهان الكثيرين بإحدى دلالاته الخاصة المنفردة ، اى الماركسية التي اتخذت موقفا سلبيا من الدين . غير أن هناك آخرون يرون انه لا حرج من استخدام مصطلح الاشتراكية باعتبار أن المصطلح اشتق من لفظ عربي استعمله الرسول (صلى الله عليه وسلم ) والصحابة (رضي الله عنهم ) وذلك في قول الرسول(صلى الله عليه وسلم)(الناس شركاء في ثلاثة الماء والكلأ والنار)، وفى قول أبى عبيد صاحب كتاب الأموال( أن عمر رأى أن كل المسلمين في هذا المال شركاء)(عبد المنعم محمد خلاف ، المادية الاسلاميه وأبعادها، دار المعارف، طبعه ثانيه، ص130(،وقد شاع استخدام مصطلح الاشتراكية حتى عند المفكرين الإسلاميين خلال القرن الماضي كما سبق ذكره نسبه لشيوع المصطلح حينها. والواقع من الأمر أن هناك ارتباط بين مصطلحي الاشتراكية والعدل الاجتماعي ، غير أن الحديث عن المصطلح الأول هو حديث على مستوى النظم اقتصاديه بينما الحديث عن المصطلح الثاني هو حديث على مستوى قيمي، اى حديث عن قيمه ينبغي ان تضبط النشاط الاقتصادي، غير انه يفضل تقييد استخدام المصطلح الأول (الاشتراكية ) بتحديد الدلالة التي يقصدها مستخدم المصطلح ، لان بعض دلالات هذا المصطلح مرفوضة ، بينما يمكن استخدام المصطلح الثاني(العدالة الاجتماعية ) بشكل مطلق لان دلالاته أو اغلبها محل اتفاق وقبول
. |
|