قصة قصيرة - بقلم / محمد علوان

( ليلة للصباح القادم )

كانت الساعة تشير للعاشرة مساءاً
تخيّم الظلمة علی أرجاء البيت، إلا من ضوء خافت لمصباح يدوي قديم يضيئ وينطفئ فتهزه الفتاة التي كانت ترتّب المطبخ ...
وذلك الفانوس في وسط الغرفة، يصّاعد منه الدخان، ويلتف السناج داخله حاجباً جزءاً من الضوء .
الكل مشغول الليلة، حتی الاب الذي كان ممدداً ينظر من خلال الباب المفتوح جهة التنور الذي تصّاعد منه النار ... عيناه - فقط - تتجهان للتنور، أما عقله فكان مشغولاً يفكر في أمرٍ ما .
وتحركت شفتا الاب يريد ان يسأل ابنه الواقف بجانب الدولاب يرتب ثياب إخوته ،، فقاطعه صوت الأم من الخارج :
- ليحضر لي احدكم الفانوس .
حمل الولد الفانوس وترك أباه يغرق في ظلمة المكان،، واتجه نحو امه التي كانت تصنع كعك العيد .
بعد منتصف الليل ....
كان الكل نائمين ، عدا الأب ، وذلك الفانوس الذي يصارع انفاسه الاخيرة .
حلّ الصمت بالمكان .. وهبّت ريح خفيفة تبسّمت لها الجمر في التّنور، رأی الاب ذلك من عين التنور ،،
غير أنّ تلك الريح خلّصت الفانوس من عذابه ...
فتلاشی ضوءه بينما كانت رائحة الدخان تعمّ المكان .
غطّی الاب وجهه باللحاف ...
وانظم كأسرته لأسراب البشر التي نامت تحلم بالصباح القادم .