حكايات ـ٢
الحكيم والسلحفاة (ج ١) :
يحكى ان امبراطورا للصين تدهورت في عهده امور البلاد واضطربت وساءت احوال الناس ، وشحت الامطار, وعم الجفاف , واشتد البرد فهلك الزرع والضرع و اصابت الجوائح والمجاعات الناس , وتفشت الامراض والاوبئة , وكثرت اعمال السلب والنهب وقطع الطريق والقتل , وتعدت الجند على الناس وقهرتهم وظلم حكام المقاطعات الناس واصبحت القوانين حبرا على ورق , واصبح المرء لا يأمن على قوته ونفسه وغير آمن في سربه , وانشغل الامبراطور باللهو ومعاشرة محظياته , وكذا فعل وزيره واركان دولته , وزيدت الضرائب والرسوم فتذمرت العامة , و دعت آلهتها طلبا للنجاة والخلاص وقدمت القرابين ، وقل خراج البلاد وكادت خزينة الدولة ان تفلس , وهذا ما ينذر بالخراب وزوال ملك الامبراطور وعزه وسلطانه وانفضاض كل صاحب مهنه وحرفة وفن عنه مهما حاول اجبارهم على خدمته , ولما رأت زوجته الامبراطورة ما آلت اليه امور البلاد والقصر اشارت عليه ان يطرد وزيره ويحاسبه على تقصيره وان يبحث عن احكم حكيم في الصين ليوليه الوزارة ليصلح ما فسد من شؤون البلاد والعباد ويحفظ الدولة من التمزق والانهيار ، فجمع اركان دولته من حكام وقادة وكهان واكثر من لومهم وتقريعهم وكان نصيب الوزير الاوفر وحمل الكل عليه واشاروا لمساوئه واهماله فاشتد غضب الامبراطور عليه وقال اني سائلك سؤالا ان احسنت الجواب نجوت وابقيت عليك وعلى وزارتك وان اخطأت قتلتك شر قتلة ، والسؤال هو كم ثقبا في جسم الانسان يؤدي لجوفه ؟ فأجاب الوزير بعد برهة انها تسعة فقال الامبراطور وكم ثقبا لك ينفذ لجوفك ؟ فأجاب الوزير تسعة ايضا ، فقال الامبراطور اذن ما فرقك عن السوقة , وما الدليل على ذلك ارني اياها واحدا واحدا فعد الوزير سبعا في رأسه واراهم اياها مشيرا اليها كما يختبر الطفل الصغير ثم توقف خجلا ان ينزع ملابسه ويريهم الثقبين الباقيين فامر الامبراطور بالسياف فما كان من الوزير الى ان شرع بخلع ملابسه خائفا مرتعدا واراهم ثقبي سوءتيه في اوضاع جسدية مضحكة , وسط ضحكات و قهقهة الحضور ، فقال الامبراطور حسنا لقد ابقيت على حياتك فهل ترغب ببقائك وزيرا والوزير يحاول ان يستر عورته بيديه كلتيهما وهو يهرول خارجا لا لا لا ايها الامبراطور العظيم , فقال الامبراطور حسنا ليذهب هكذا عاريا الى بيته القديم كما كان قبل ان يتولى الوزارة لا يملك شيئا ، ولكم ان تتخيلوا منظره وهو في طريقه وكيف عاملته السابلة وسخرت منه ، وعلى كل حال بقي الامبراطور في حلته وزينته وزوجته تنظر اليه من خلف ستار مزخرف , وتقول في نفسها الا الاجدر بك يا زوجي العزير ان تريهم انت ايضا عوراتك و ما اكثرها وباطنها اسوء واخبث من ظاهرها ، وامر الامبراطور صاحب الديوان وطائفه من جنده ان يخرجوا للبحث عن احكم الحكماء في دولته وجلبه ليتولى الوزارة وينقذ البلاد بل لينقذ امبراطور البلاد وعرشه في الحقيقة ، وللحكاية بقية حيث لم نذكر لحد الان امر الحكيم وسلحفاته , و سنرويها لكم ان شاء الله في الايام القادمة .
عبدالحكيم ال سنبل ٢٤\١١\٢٠١٣
6:45 صباحا