الأسلوب الحكيم
ــــــــــــــــــــــــ
هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب بحمل كلامه على خلاف مراده تنبيها على أنه الأولى بالقصد ,أو تلقي السائل بغير ما يتطلب بتنزيل سؤاله منزلة غيره تنبيها على أنه الأولى بحاله أو المهم .
و أول من سماه بالأسلوب الحكيم هو السكاكي
و الجاحظ سماه اللغز في الجواب و ذكر له أمثلة منها :
* أن رجلا سأل بلالا مولى أبي بكر - و قد أقبل من جهة الحلبة ( سباق الخيل ) - من سبق ؟ قال : سبق المقربون فقال إنما أسألك عن الخيل قال و أنا أجيبك عن الخير . فقد ترك بلال الجواب الذي يوافق مقتضى ظاهر السؤال إلى جواب آخر يخالف مقتضاه و في هذا تنبيه ذكي إلى الأهم و الأنفع .
*قال الحجاج لرجل من الخوارج : أجمعت القرآن ؟ قال أمتفرقا كان فأجمعه ؟ قال أتقرؤه ظاهرا ؟ قال الرجل بل أقرؤه و أنا أنظر إليه قال أفتحفظه ؟ قال أفخشيت فراره فأحفظه ؟ فهذه الأجوبة مخالفة لمقتضى ظاهر الأسئلة بقصد التظرف أو إظهار المعرفة باستخدام اللغة مع التنبيه على خطأ السائل في كيفية توجيه السؤال .
* قالوا كان الحطيئة يرعى غنما و في يده عصا فمر به رجل فقال : يا راعي الغنم ما عندك ؟ فقال عجراء من سلم أي عصا كثيرة العقدمن شجر السلم _ فقال الرجل إني ضيف فقال الحطيئة للضيفان أعددتها . فسؤال الرجل ما عندك يقصد الطعام لكن الحطيئة تجاهل هذا و تخلص من الإحراج بجواب مخالف لمقتضى ظاهر السؤال إشارة أنه لا يمتلك سوى هذه العصا فقال الرجل إني ضيف في إشارة ثانية واضحة لحاجته إلى الطعام لكن الحطيئة يواصل تجاهله بإجابة أخرى مخالفة لمقتضى ظاهر السؤال و إن كانت منسجمة مع إجابته على السؤال الأول .
و من خلال التعريف المتقدم للأسلوب الحكيم يفهم أن له نوعين :
الأول : يعتمد على نوع من الحوار لا سؤال فيه و هو تلقي المخاطب بغير ما يترقب بأن يساق له الكلام مخالفا لما يتوقعه في سياق محاورته و من هذه الطريقة قول الشاعر مفتخرا:
أتت تشتكي عندي مزاولة القرى **** و قد رأت الضيفان ينحون منزلي
فقلت كأني ما سمعت كلامها *** هم الضيف فجدِّي في قراهم و عجلي

فقد تجاهل شكواها من التعب في إعداد الطعام للضيوف حالة رؤيتها للضيفان ينحون منزله و أجاب بما ينافي اتجاهها و يطلب استمرارها في التشمير للقرى

الثاني : يعتمد على السؤال و الجواب و هو نوع من الحوار كذلك لكنه يعتمد على السؤال و الجواب و مثاله ما ذكره الجاحظ أن رجلا سأل بلالا مولى أبي بكر - و قد أقبل من جهة الحلبة ( سباق الخيل ) - من سبق ؟ قال : سبق المقربون فقال إنما أسألك عن الخيل قال و أنا أجيبك عن الخير . فقد ترك بلال الجواب الذي يوافق مقتضى ظاهر السؤال إلى جواب آخر يخالف مقتضاه و في هذا تنبيه ذكي إلى الأهم و الأنفع .
و من ذلك سأل شاب شيخا هرم : كم سنك ؟ فقال إني أنعم بالعافية . و قيل لتاجر : كم رأس مالك ؟ فقال إن أمين و ثقة الناس بي عظيمة ففي هذا صرف للكلام عن ظاهره إشارة إلى ما كان ينبغي عليه السؤال .

شكرا لكم على هذه المشاركة القيمة

مشاركة رائعة ، جزاكم الله خيرا

من الأسلوب الحكيم في القرآن الكريم
قوله تعالى { ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو }
و قوله تعالى { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ }