|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:09 | |
| نظرة في علم الأسلوب د. أحمد عمران بن سليم أستاذ الأدب العربي قسم اللغة العربية بجامعة قاريونس ليس بوسعنا أن نخوض غمار تحديد مفهوم للأسلوب إلاَّ بالقدر الذي تحتاج إليه هذه الورقة، ذلك أن علم الأسلوب ما زال موضع أخذ وردّ حتى اليوم، تتقاذفه النظريات، وتختلف فيه الآراء، ولأنه ما زال يشتبك مع الظواهر اللغوية المختلفة في أكثر من موضع، ولم تكتمل صورته بعد (1)، على الرغم مما له من الذيوع . بيد أن " ثمة مفاهيم تكتسب بشيوعها في الاستعمال العام وضوحاً زائفاً، حتى إذا مارسها العلماء واخنبروها وتناوشتها المدارس العلمية على اختلاف أصولها ومناهجها وإجراءاتها البحثية تَكَشَّف أمرُها عن قدر لا يستهان به من الغموض والتعقيد، وإلى هذا الصنف من المفاهيم ينتمي مصطلح ( الأسلوب ) سواء في مصنفات اللسانيين أو النقاد " (2) . وبالعودة إلى الجذور نجد أن علم الأسلوب يمتّ في نشأته الأولى بآصرة نسب إلى علم الخطابة من لدن الإغريق، فقد أفرد له ( أرسطوAristotle ) (384-322 ق.م ) القسم الثالث من كتابه عن الخطابة، كما خصّه ( كُيِنْتاليانو Quintiliano ) بالكتاب الثامن من بحثه في نظم الخطابة . وانحدرت بعض مفاهيمه إلى علماء اللغة ورجال الأدب في أوربا إبان العصور الوسطى، وربما كان الأسلوب عندهم مرادفاً للبلاغة، وربما حصروه في معنى أضيق من ذلك، قصاراه (مستوى التعبير ) . وللتعبير عندهم مستويات، قال عنها الدكتور شكري عياد : " وعندهم ثلاثة مستويات أو ( أساليب ) : القريب والمتوسط والرفيع، وقد ربطوها بالمستويات الاجتماعية من جهة وبالفنون الأدبية من جهة ثانية وبالمحسنات البيانية من جهة ثالثة " (3)، ويعني بها عجلة فرجيل (Vergilus 1955 – 1470 ) التي ترمز للأقسام الثلاثة، فالرعائيات Bucolice نموذج للبسيط والزراعيات ( Georgica ) نموذج للمتوسط، والإنياذة ( Aeneis ) نموذج للرفيع . وظلّت أعمال ( فرجيل ) تمثل هذا التقسيم حتى أواخر القرن الثامن عشر (4) . و بعد ذيوع الرومانسية في أوربا أصبح النظر في الأسلوب يتجه إلى ذاتية الأديب فأهملت البلاغة الشكلية، وانزوت المحسنات مفسحة المجال للتعبير عن الذات . واعتبر القول الفصل في الأسلوب ما تصل إليه درجة التطابق بين الأسلوب ومنشئه، وهو ما أخذ من قول ( بيفون Buffon 1707 – 1788 م ) : |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:12 | |
| " إن من الهين أن تنتزع المعارف والأحداث والمكتشفات أو أن تبدل بل كثيراً ما تترقى إذا عالجها من هو أكثر مهارة من صاحبها، كل تلك الأشياء هي خارجة عن ذات الإنسان، أما الأسلوب فهو الإنسان عينه لذلك تعذر انتزاعه أو تحويله أو سلخه " (5). و تعددت النظريات، وتباينت الدراسات في علم الأسلوب فتعاورته علوم اللغة والأدب،و تنقلت الخطوات في هذا الميدان من العناية بالتقاليد الفنية في اللغة والأسلوب إلى العناية بالتجارب النفسية،و التعبير عن الذات لتترسخ أقدام علم الأسلوب الحديث في أرضية من علم اللغة . ومنذ بداية القرن العشرين برز في أوربا تياران أظلاّ الأسلوب بظلهما : تمثل التيار الأول في نهج (شارل بالي Charles Bally 1865 – 1947 م ) الذي ألقى سلسلة من المحاضرات سماها ( علم الأسلوب ) وعدّه البديل عن البلاغة التقليدية، وقد جمعت تلك المحاضرات في كتاب تحت اسم (مبحث في علم الأسلوب الفرنسي ) ويمكن أن يعدّ ( بلي ) رأس المدرسة الفرنسية في هذا الميدان . أما التيار الآخر فقد تمثل في نهج اللغوي النمساوي ليو سبتزر Leo Spitzer 1950 –1887) ) الذي أصدر كتاباً سنة 1919 سماه ( علم الأسلوب الجديد ) أصبحت معظم المدارس الحديثة في علم الأسلوب تدور في فلكه (6) وقد أحيا بمنهجه هذا مذهب ( بيفون ) بتأكيده على العلاقة بين الخواص الأسلوبية للنصّ ومؤلفهِ، مضبفاً إليها نظرية أخرى مؤداها إهمال طبيعة المؤلف خارج نصّه . والاهتمام بالصيغة التركيبية الصِّرفة والحالة الوجدانية التي تميز المؤلف عن غيره (7).
ومازال علم الأسلوب يصطخب بنظريات تتجدد وتتطور كل يوم، تتنازعه علوم اللغة وأروقة الدراسات الأدبيّة، ويقوم على أمره نقاد أدواتهم في علوم اللغة أمكن، ولغويون مرابعهم في رحاب الأدب أخصب . و كثيراً ما كانت الدراسات اللغوية والأدبية تتبادل المنافع والمواقع " وعلى كل ففي هذه الدراسات استعملت الأعمال الأدبية كمصادر ووثائق لأغراض أخرى هي علوم اللغة على أن الدراسات اللغوية لا تصبح دراسات أدبية إلا حين تفيد دراسة الأدب حين تهدف إلى تقصي الآثار الجمالية للغة – وبالاختصار حين تدخل في دائرة الأسلوبيات – على الأقل بأحد معاني هذا المصطلح " (8 ). |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:15 | |
| في نظرة فاحصة لتراثنا النقدي نجد استعمال كلمة ( أسلوب ) تداني معناها الاصطلاحي من حيث دلالتها على التنظيم والتنسيق، بل نجدها موغلة في الدلالة على معنى القول الفني، فيقول صاحب اللسان : " يقال للسطر من النخيل : أسلوب، وكل طريق ممتد، فهو أسلوب، قال والأسلوب : الطريق تأخذ فيه، والأسلوب بالضم : الفن، يقال أخذ فلان في أساليب من القول أي أفانين منه . " (9) ومن هنا فإن كلمة أسلوب ليست فقيرة في دلالتها العادية، ولا ضعيفة الصلة بأصل مادتها ( سلب ) كما ذهب إلى ذلك الدكتور شكري عياد(10)، وليس من العسير على النقاد العرب المتقدمين استعمال هذه الكلمة، وشحنها بالمفهوم الاصطلاحي، الذي يدل على الأثر الأدبي وفعل مبدعه وصداه عند المتلقي، ولكنهم شغلوا عن تقنين الأساليب بل عن دراسة اللغة الفنية عموماً بطرائق النظم والدرس البلاغي، الذي سد الطريق على كل تطور محتمل للدراسة الأسلوبية، وبقيت ومضات تضيء جانبي الطريق نجدها عند ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن، أو الخطابي في بيان إعجاز القرآن، ومن قبلهما برق الجاحظ سناء في البيان والتبيين، وقد عرض الدكتور شكري عياد نماذج لتلك الومضات تفيد فهم أولئك النقاد للأسلوب بأنه ما يقارب ( النوع الأدبي ) في النقد الحديث مختلطاً عندهم بمفهوم بعض طرق الصياغة (11) . و بقيت رؤية الأسلوب غائمة عند كبار النقاد، ولم يظهر منها إلا إشارات عند عبد القاهر الجرجاني ( 400 -471 هـ ) أفلح حازم القرطاجني ( 608 – 684 هـ ) وابن خلدون ( 732 – 808 هـ) بعده في الاستفادة منها عند معالجتهما لمعنى الأسلوب (12) . |
|
| |
د محمد محمد يونس علي عضو شرف
البلد : ليبيا وبلاد العرب: أوطاني عدد المساهمات : 801 نقاط : 1529 تاريخ التسجيل : 25/12/2009 المهنة : أستاذ اللسانيات المشارك
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:18 | |
| يبدو أن هذا الموضوع غير منشور من قبل على الإنترنت فسيري في نشره على بركة الله ولك منا كل الشكر والتقدير |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:24 | |
| ولعلّ في هذا النصّ بعضاً من تلك الإرهاصات التي أشار إليها عبد القاهر حين قال: " ثم إن الوصف الخاص به ( الكلام ) والمعنى المثبت لنسبه، أنه يريك المعلومات بأوصافها التي وجدها العلم عليها، ويقرر كيفياتها التي تناولها المعرفة إذا سمت إليها . وإذا كان هذا الوصف مقوم ذاته وأخص صفاته، كان أشرف أنواعه ما كان فيه أجلى وأظهر وبه أولى وأجدر، ومن ههنا يبين للمحصل، ويتقرر في نفس المتأمل كيف ينبغي أن يحكم في تفاضل الأقوال إذا أراد أن يقسم بينها حظوظها من الاستحسان ويعدل القسمة بصائب القسطاس والميزان. ومن البين الجلي أن التباين في هذه الفضيلة والتباعد عنها إلى ما ينافيها من الرذيلة ليس بمجرد اللفظ، كيف ؟ والألفاظ لا تفيد حتى تؤلف ضرباً خاصاً من التأليف، ويعمد بها إلى وجه دون وجه من التركيب والترتيب ؟ فلو أنك عمدت إلى بيت شعر أو فصل نثر، فعددت كلماته عدًّا كيف جاء واتفق ، وابطلت نضده ونظامه الذي عليه بنى، وفيه أفرغ المعنى وأجرى، وغيرت ترتيبه الذي بخصوصيته أفاد كما أفاد، وبنسقه المخصوص أبان المراد نحو أن تقول في : قفا نبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ* * * منزل قفا ذكرى من نبك حبيب أخرجته من كمال البيان إلى محل الهذيان، نعم وأسقطت نسبته من صاحبه وقطعت الرحم بينه وبين منشئه، بل أحلت أن يكون له إضافة إلى قائل، ونسب يختص بمتكلم . و في ثبوت هذا الأصل ما تعلم به أن المعنى الذي له كانت هذه الكلم بيت شعر أو فصل خطاب، هو ترتيبها على طريقة معلومة، وحصولها على صورة من التأليف مخصوصة . وهذا الحكم – أعني الاختصاص في الترتيب – يقع في الألفاظ مرتباً على المعاني المترتبة في النفس المنتظمة فيها على قضية العقل . ولن يتصور في الألفاظ وجوب تقديم وتأخير، وتخصيص في ترتيب وتنزيل، وعلى ذلك وضعت المراتب والمنازل في الجمل المركبة وأقسام الكلام المدونة، فقيل : من حق هذا أن يسبق ذاك . ومن حكم ما ههنا أن يقع هنا لك ...
إلى أن يقول : " فإذا رأيت البصير بجواهر الكلام يستحسن شعراً أو يستجيد نثراً، ثم يجعل الثناء عليه من حيث اللفظ، فيقول : حلو رشيق، وحسن أنيق، عذب سائغ، وخلوب رائع، فاعلم أنه ليس ينبئك عن أحوال ترجع إلى أجراس الحروف، وإلى ظاهر الوضع اللغوي، بل إلى أمر يقع من المرء في فؤاده، وفضل يقتدحه العقل من زناده " (13) . من خلال هذا الاقتباس نصل إلى أن عبد القاهر – وإن لم يذكر الأسلوب نصاً – يشير إلى شيء من مكوناته ودعائمه التي يبنى عليها، فعندما يقول : " نعم وأسقطت نسبته من صاحبه وقطعت الرحم بينه وبين منشئه " يؤكد على عنصر من أهم عناصر بناء الأسلوب وهو علاقة النص بالمخاطب، وتتوالى هذه الإشارات في مثل " وأبطلت نضده ونظامه الذي عليه بني، وفيه أفرغ المعنى وأجري، وغيرت ترتيبه الذي بخصوصيته أفاد كما أفاد وبنسقه المخصوص أبان المراد " ذلك أن تراكم من تراث التفكير الأسلوبي مبني على دعائم ثلاث هي : المخاطَب والمخاطِب والخطاب " وليس من نظرية في تحديد الأسلوب إلا اعتمدت أصولياً إحدى هذه الركائز الثلاث أو ثلاثتها متعاضدة متفاعلة ويبدو أن هذا التنظير الثلاثي قد كان قائم الذات منذ كان تفكير لغوي في تاريخ البشرية عامة " (14). |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:25 | |
| بارك الله فيك يا د.محمد .. على متابعاتك واهتمامك وتشجيعك الدائم ..
هذه ورقة بحثية ألقيت في المؤتمر الأول للغويين في جامعة قاريونس - بنغازي سنة 2002 ،، ومع ذلك لم تُنشر إلى الآن ..فأردت أن يستفيد منها إخوتنا الباحثين ، وقد أذن لي الدكتور أحمد عمران بذلك.. بانتظار إطلالتك المفيدة دائما.. تحياتي |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:34 | |
| ونلمح أيضاً إشارة إلى أن أصل تكوين الأسلوب فيما ينشئه المبدعون يعود إلى صورة ذهنية رتبت أصلاً في النفس انتظمت المعاني التي كسيت بالألفاظ في صورتها النهائية من قوله : " وهذا الحكم يقع في الألفاظ مرتباً على المعاني المترتبة في النفس المنتظمة فيها على قضية العقل " . وتتكرر هذه الصورة الذهنية التي يؤكدها عبد القاهر، فالمتلقي لا يستحسن العمل الأدبي بتأثير من جرس الألفاظ أو الوضع اللغوي، بل بما في التراكيب من صور ذهنية بديعة ألبست ما يناسبها من الوضع اللغوي، فمرجع الاستحسان والاستجادة إذن " أمر يقع من المرء في فؤاده، وفضل يقتدحه العقل من زناده " . و في موضع آخر يحدد عبد القاهر العلاقة بين المخاطِب والخطاب، فيشبه هذه العلاقة بأنها مثل علاقة الصائغ بالذهب من حيث الجهة التي تخصه وهي جهة الصنعة، فيما عداها لا توجد علاقة بينهما، فيقول : " ينبغي لنا أن ننظر في الجهة التي يختص منها الشعر بقائله، وإذا نظرنا وجدناه يختص به من جهة توخيه في معاني الكلم التي ألفه منها ما توخاه من معاني النحو، ورأينا أنفس الكلم بمعزل عن الاختصاص، ورأينا حالها معه حال الإبريسم مع الذي ينسج منه الديباج وحال الفضة والذهب مع من يصوغ منهما الحلي، فكما لا يشتبه الأمر في أن الديباج لا يختص بناسجه من حيث الإبريسم والحلي بصائغها من حيث الفضة والذهب ولكن من جهة العمل والصنعة كذلك ينبغي أن لا يشتبه أن الشعر لا يختص بقائله من جهة أنفس الكلم وأوضاع اللغة " (15) . و تتأكد فكرة ترتيب المعاني في النفس عند عبد القاهر عندما يدلل على أن المزية في النظم إنما ترجع إلى ترتيب المعاني في النفس لا إلى الألفاظ بأعينها، فيقول : " لو كان القصد بالنظم إلى اللفظ نفسه دون أن يكون الغرض ترتيب المعاني في النفس ثم النطق بالألفاظ على حذوها لكان ينبغي أن لا يختلف حال اثنين في العلم بحسن النظم، أو غير الحسن فيه لأنهما يحسان بتوالي الألفاظ في النطق إحساساً واحداً ولا يعرف أحدهما في ذلك شيئاً يجهله الآخر " (16) . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:35 | |
| هذه بعض إرهاصات أو خطوات أولى نحو علم الأسلوب توارت في غياهب فكرة النظم عند عبد القاهر، وظلت ساكنة حتى تلقفها من جاء بعده أمثال ( حازم القرطاجني ) و( ابن خلدون )، فلم يتجاوز علم الأسلوب ما أومأ إليه عبد القاهر بكثير . وبقي أثر عبد القاهر في الدراسة البلاغية وإرهاصات الأسلوب ممتد الصلة حتى عصرنا الحاضر، وما التصور الذي صاغ من خلاله الأستاذ أحمد الشايب تعريفه للأسلوب إلا أثر من آثار عبد القاهر، أليس قوله : " وذلك أن هذه الصورة اللفظية التي هي أول ما نلقي من الكلام لا يمكن أن تحيا مستقلة، وإنما يرجع الفضل في نظامها اللغوي الظاهر إلى نظام آخر معنوي انتظم وتألف في نفس الكاتب أو المتكلم فكان بذلك أسلوباً معنوياً، ثم تكون التأليف اللفظي على مثاله . وصار ثوبه الذي لبسه أو جسمه إذا كان المعنى هو الروح ومعنى هذا أن الأسلوب معانٍ مرتبة قبل أن تكون ألفاظاً منسقة وهو يتكون في العقل قبل أن ينطق به اللسان أو يجري به القلم " (17) مستقىً من قول عبد القاهر الآنف : " وهذا الحكم يقع في الألفاظ مرتباً على المعاني المترتبة في النفس المنتظمة فيها على قضية العقل .. " أو قوله : " فاعلم أنه ليس ينبئك عن أحوال ترجع إلى أجراس الحروف وإلى ظاهر الوضع اللغوي بل أمر يقع من المرء في فؤاده، وفضل يقتدحه العقل من زناده " . وفي عصرنا الحديث، بدءاً من بداية النهضة اعترت الأساليب هزة قفزت بها خطوات رائدة في المجال العملي، فتخفف رواد النهضة من أعباء الصنعة، واقتناص المحسنات، واستبدلوا بها أسلوب الترسل السلس، الذي راقهم، بعدما أتيح لهم الإطلاع على أعمال أسلافهم في عهد نقائها . وامتزجت هذه المؤثرات مع تأثير التيارات الغربية الوافدة إلينا حديثاً، فهبَّ الباحثون يراجعون الأساليب، ويعيدون النظر في علم البلاغة، ومن أوائل تلك المراجعات كتاب الدكتور أمين الخولي ( فن القول )، وكتاب ( الأسلوب ) لأحمد الشايب، وهما يمثلان طليعة الثورة على نمط دراسة علم البلاغة في إهابه القديم، والخروج به من حالة التفكك التي تمزق أوصال هذا العلم، إلى رحب من الدراسة الفنية ينتظمها مع غيرها من العناصر الفنية الأخرى علم الأسلوب الحديث (18). ثم توالت الدراسات الألسنية التي متحت من تيارات النظريات الغربية، تضيف إلى بناء علم الأسلوب في العربية وآدابها، وتترسم خطا المبرزين من علماء اللغة الأوربيين، أمثال فرديناند دي سوسير (1913 ) وتشومسكي، لكنها إضافات نقل لا إضافات إبداع، تكبلها قيود الترجمة، وغياب المصطلح المقابل، حتى إن بعض تلك الترجمات تأتي مشوشة تستعصي على الفهم، فتزيد الطين بلة، أو تكون حكراً على الأكاديميين وعلية المثقفين، مما جعل أثرها في أوساط الثقافة والأدب محدوداً، فكانت كالبضائع المهربة، تتداولها فئة معينة، ويسمع عنها الآحاد، دون أن يفيدوا منها شيئاً . أما السواد الأعظم من الكتاب وأوساط المثقفين، ووسائل الثقافة السيارة، فقد أفادوا من تطور الأساليب، دون الخوض في تقنين قواعدها، وتفاعلوا مع المدارس النقدية المتعاقبة، منذ حركة الإحياء، التي بعثت الكلاسيكية الحديثة، مروراً بالرومانسية والواقعية، والرمزية،و غيرها . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-10, 16:39 | |
| هوامش البحث
1 - انظر : Ullmann, stephen, Language and style ( Oxford 1964 ) p 213 . 2 - د. سعد مصلوح، في النص الأدبي، دراسة أسلوبية إحصائية، دار عين للدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية – القاهرة 1993 ص 21 . 3 - د. شكري عياد، اللغة والإبداع، مبادئ علم الأسلوب العربي، انترناشيونال برس، القاهرة ،ط(1) 1988، ص 23 . 4- انظر : د. صلاح فضل، علم الأسلوب، مبادئه واجراءاته، الهيأة المصرية العامة للكتاب، 1985 ،ص 249 . 5 - انظر : د. عبد السلام المسّدي، الأسلوبية والأسلوب، الدّار العربية للكتاب، تونس، 1977 م ص : 63 . 6 - انظر : د. مجدي وهبة، معجم مصطلحات الأدب، مكتبة لبنان، بيروت 1974، ص 542 . 7- انظر : برند شبلز، علم اللغة والدراسات الأدبية، ترجمة د. محمود جاد الرّب، الدار الفنية للنشر، القاهرة، ط1 1991م، ص 56 8- رينيه ولك وأوستن دارين، نظرية الأدب، ترجمة محي الدين صبحي، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 1980 ص 182 . 9- ابن منظور، لسان العرب، دار صادر ،بيروت، ط 1، ج1، مادة سلب . 10- انظر : د. شكري عياد، اللغة والإبداع ، ص 15، ( م.. سابق ) . 11- انظر المصدر السابق ص 16 . 12 - انظر حازم القرطاجني، منهاج البلغاء وسراج الأدباء، تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة، تونس 1966 ص 363 وما بعدها وابن خلدون، المقدمة، ص 572، 573 . 13- عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تعليق محمد عبد العزيز النجار، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة 1977 ص 14 . 14 - المسدي، الأسلوبية والأسلوب، ص 57 . ( م.. سابق ) . 15 - عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، تحقيق الشيخ محمد عبده، والشنقيطي، مطبعة محمد علي صبيح، القاهرة ط (6) 1960، ص 234 . 16 - المصدر السابق، ص 49 . 17 - أحمد الشايب، الأسلوب، دراسة بلاغية تحليلية لأصول الأساليب الأدبية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، ط(5) 1956 ص 37 . 18 - انظر : المصدر السابق، مقدمة الطبعة الرابعة، ص 300 . |
|
| |
بشرى عبدالله مشرف منتدى
عدد المساهمات : 30 نقاط : 36 تاريخ التسجيل : 28/12/2009
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-11, 22:12 | |
| إضاءات ثرة تخللت البحث .. شكراً آمال على عرض المادة وعلى جديدك المنهمر دائماً .. لكن أثارني سؤال حين شرعت بقراءة المقال بدءاً بالعنوان الموسوم بعلم الأسلوب رغم أن المتعارف عليه أن الأسلوبية هي المختلف في علميتها وليس الأسلوب حيث أن الأسلوب هو جزء من الأسلوبية والأسلوب كما يعرفه البعض : أية طريقة خاصة لاستخدام اللغة .. بحيث تكون هذه الطريقة صفة مميزة لكاتب أو مدرسة أو فترة زمنية أو جنس أدبي والأسلوبية مكونة من الأسلوب و لاحقة (ية) وهي بذلك تعني الانتساب لمجال العلوم و الاتصاف بخصائصه أفتيني في رؤياي .. إن كنت للرؤيا تعبرين لك أكاليل الود .. |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-02-11, 23:41 | |
| عزيزتي بشرى أولا : شاكرة لك مرورك وكلماتك الجميلة .. ثانياً .. ربما يكون لدي طرف من هذا الموضوع .. لكن .. لا يفتى ومالك في المدينة ... كما يبطل التيمم في وجود الماء .. ما رأيك لو نلقي هذا السؤال على صاحب الدراسة نفسه .. الدكتور أحمد بن سليم .. فهو خير من يعطيك إجابة شافية .. بانتظار د.أحمد بن سليم ليشبع نهمك ونهمي للعلم والمعرفة .. تحياتي |
|
| |
المالكية *
البلد : ليبيا عدد المساهمات : 2 نقاط : 5 تاريخ التسجيل : 01/05/2010
| موضوع: رد: نظرة في علم الأسلوب 2010-06-05, 22:36 | |
| |
|
| |
|