اشتغال المصطلح النقدي المسرحي في المغرب
د. يوسف تغزاوي.
تــقـديـــم :
انبثقت إشكالية المصطلح النقدي واشتغاله داخل الحقل المسرحي العربي من صلب النقد المسرحي، وهي إشكالية لم تنل حظها من الاهتمام والدراسة.
وإطلالة على المصطلحات التي تداولها النقد المسرحي العربي تكشف لنا على أنها مصطلحات مستوردة تبعاً لثقافة الاستيراد التي جاءت بالمسرح والمناهج النقدية، باستثناء بعض المصطلحات التي أفرزها واقع الممارسة المسرحية العربية.
انطلاقاً من هذه المعطيات ارتأيت أن يكون مقالي هذا موزعاً على مبحثين : المبحث الأول عنونته بـ : «عن المصطلح النقدي»، في الشطر الأول منه حددت بعض المفاهيم، على اعتبار أن المفاهيم هي السبيل لدخول أي مجال معرفي، أما الشطر الثاني، فقد خصصته للحديث عن المصطلح النقدي عند العرب بين النقل والترجمة، ووقفت عند كيفية تعامل النقاد مع هذا المصطلح، والجوانب التي يجب أخذها بعين الاعتبار في حالة نقل المصطلح من مجال معرفي إلى مجال آخر، أو نقله من بنية ثقافية إلى بنية أخرى تختلف عنها.
المبحث الثاني الذي سميته بـ «اشتغال المصطلح في النقد المسرحي المغربي : حسن المنيعي كنموذج». فقد وقفت عند تجربة حسن المنيعي النقدية ومجالاتها الكبرى، بعدها قمت بالاشتغال على المصطلح النقدي من خلال كتابي «أبحاث في المسرح المغربي» و«المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة».
المبحث الأول : عن المصطلح النقدي.
I- عـن المصطلــح النقـــــدي :
1- تحديد بعض المفاهيـــــم :
أ- المصطلــــــــح :
يعرف المصطلح بأنه «لفظ (مركب أو بسيط) أو مركب لفظي الغاية منه تسمية الأشياء أو تعريفها أو تحقيقها عن طريق إسناد أحكام أو قيم لها من الفكر أو الواقع» . ويمكن حصر لفظ المصطلح في اللغة العربية فيما يأتي :
«لفظ يشحن شحنا خاصاً يحيل على مفهوم فكري واسع أو مفاهيم، فإذا قلنا "وتداً" فقد نقصد صورة ذهنية عن مرجع مادي يدخل كعنصر مثبت لبناء الخيمة، ولكن كلمة "وتد" لها أيضاً مفهوم آخر، خاص بالعروض.إن الإجماع هو الذي يعطي للمصطلح فاعليته، فمصطلح "وتد" ذي المعنى القار هو الذي يفيد في ضبط جانب تشكيلي عروضي، وعنصر قرابة بين الدارسين المهتمين بالعروض. وقد تبدو ضخامة الخلط حين قيام أحد باستعمال كلمة أخرى ذات اشتقاق جديد للدلالة على مفهوم الوتد» .
وعموماً يعرف المصطلح في الابستومولوجيا بأنه كلمة لا يكون لها إلا معنى واحد، تحدد مفهوماً معيناً في العلم والتكنولوجيا والفن، ويكتسب المصطلح معناه من استخدامه داخل منظومة من المفاهيم والمصطلحات التي تشكل لغة مجال أو نظرية أو نسق علمي معين، ولا يكون للمصطلح من معنى إلا داخل هذا المجال.
أما المفهوم فهو شكل من أشكال انعكاس العالم في العقل يمكن به معرفة ماهية الظواهر والعمليات وتعميم جوانبها وصفاتها الجوهرية، وهو نتيجة معرفة متطورة تاريخياً، والمفاهيم تعطي معنى محدداً للكلمات لا يكون لها خارج النسق الفكري الذي تنتمي إليه هذه المفاهيم.
والمصطلح والمفهوم، بهذين المعنيين ينسحبان من قاموس الاستعمالات اليومية في لغة التواصل الاجتماعي، ويدخلان في النص الثقافي للمجتمع، بحيث لا يستعملان إلا في حدود ضيقة وتبعاً لإجراءات وحاجات مؤسسية دقيقة.
ب- علــم المصطلــــح :
علم المصطلح أو المصطلحية Terminologie علم قديم / جديد هدفه البحث في الصلة القائمة بين اللفظ وبين المفهوم العلمي الذي يكتسبه، فهو «العلم الذي يبحث في العلاقة بين المفاهيم العلمية والألفاظ اللغوية التي تعبر عنها» ، إنه الدراسة الميدانية لتسمية المفاهيم التي تنتمي إلى ميادين مختصة من النشاط البشري باعتبار وظيفتها الاجتماعية، ويشمل علم المصطلح من جهة على وضع نظرية منهجية لدراسة مجموعات المصطلحات وتطورها، ويشمل من جهة أخرى علم جميع المعلومات المصطلحية ومعاملاتها، وكذلك على تقبيسها عند الاقتضاء سواء كانت هذه المعلومات أحادية اللغة أو متعددتها.
وقد وعى العرب بأهمية هذا العلم، بحيث خصصوا له فرعاً قائماً بذاته من علوم التراث لدراسة المصطلحات وتحريرها، وهكذا فقد أوكلت إلى هذا العلم مهمة تقنين الاستعمال الاصطلاحي حسب الميادين والاختصاصات، بتجديد القوالب والأشكال والقواعد التي تسهل عملية تعميم المصطلح وفرضه، وقد ظهرت أخيراً بحوث متخصصة تبحث في إشكالية المصطلح، وتنظر في أصله، وبذوره، وتطوره عبر التاريخ.
ويحدد أحد الباحثين في هذا المجال الجوانب التالية لهذا العلم من البحث العلمي والدراسة الموضوعية :
«أولاً : البحث في العلاقات بين المفاهيم المتداخلة (الجنس / النوع / والكل / الجزء) والتي امثل صورة أنظمة المفاهيم التي تشكل الأساس في وضع المصطلحات المصنفة التي تعبر عنها في علم من العلوم.
ثانياً : البحث في المصطلحات اللغوية والعلاقات القائمة بينها ووسائل وضعها، وأنظمة تمثلها في بنية علم من العلوم، وبهذا المعنى يكون علم المصطلحات فرعاً خاصاً من فروع علم الألفاظ أو المفردات Lexicologie وعلم تطور الألفاظ Sémasiologie.
ثالثاً : البحث في الطرق العامية المؤدية إلى خلق اللغة العلمية والتقنية بصرف النظر عن التطبيقات العلمية في لغة طبيعته بذاتها، وتصبح المصطلحية بذلك علماً مشتركاً بين علم اللغة والمنطق والوجود والإعلاميات والموضوعات المتخصصة وكذلك علم المعرفة (الابستمولوجيا) والتصنيف. فكل هذه العلوم تتناول في جانب من جوانبها التنظيم الشكلي للعلاقة المتعددة بين المفهوم والمصطلح» .
ج- المصطلح النقـــــدي :
إذا كان المنهج هو مجموعة من المفاهيم تعبر عنها مصطلحات، فإن اكتمال وضوحه في الدراسة الأدبية يستمد من وضوح ودقة المصطلحات. وقد وعى المفكرون والأدباء منذ القديم أهمية المصطلح النقدي، وأولوه العناية والاهتمام، بحيث أدى أرسطو، كأول مؤسس لنظرية نقدية، خدمة كبرى للأدب بوضع المصطلحات النقدية الأساسية، وذلك ضمن كتابيه «فن الشعر» و«الخـطابــة».
والمصطلح النقدي علامة لغوية (Signe linguistique) خاصة، تتميز عن غيرها من العلامات العادية الأخرى، بتكونها من دال ومدلول محدودين بمجال معرفي معين، خلافاً للعلامة اللغوية القابلة للتدليل على معاني متعددة، ضماناً للدقة والوضوح المطلوبين في التعبير والتلقي على حد سواء. وهنا يكمن جوهر الخلاف بين اللغة الاصطلاحية واللغة العادية، اللغة الخاصة واللغة العامة، حيث يتم تأسيس الأولى بشكل مضاعف انطلاقاً من الثانية، مما يكسبها صرامة ودقة أكثر، تتناسبان وطبيعة المهام العلمية المنوطة بها.
لقد كان النقد الأدبي – ومازال – في معظمه يستند إلى الفلسفة والمعارف الإنسانية المختلفة، من أجل إغناء منظومته الاصطلاحية «والمصطلحات التي شاعت في النقد الأدبي منذ القديم دليل ملموس على مدى اتكائه على الفلسفة بوجه خاص إبان سيادة الفلسفة الغيبية، شاعت في النقد مصطلحات من مثل "المحاكاة" و"الوحدة" و"الكمال" و"الكل" و"الجزء" وغيرها، وفي العصر الحاضر لا تكاد تخلو دراسة نقدية من المصطلحات الفلسفية بالإضافة إلى مصطلحات الفن والعلوم الإنسانية» .
2- المصطلح النقدي عند العرب بين النقل والترجمــة :
إن إشكالية المصطلح هي إشكالية ملازمة لكل العلوم والآداب، وهي لا تتعلق بالمصطلح النقدي الحديث، بل تشمل مساحة العلوم الإنسانية المجاورة للأدب المغذية لمصطلحاته النقدية لتشمل علم النفس، وعلم اللغة، وعلم الاجتماع، وعلم التاريخ، إلى جوار مصطلحات الفنون، وكلها تطمح إلى وضع مصطلحات تتميز بالدقة والوضوح ومعرفة الأشياء والظواهر كي تكتسب مشروعيتها.
ولصياغة المصطلح وفق أسس نظرية سليمة، ووفق استيعاب متكامل الجوانب يجب الإحاطة بالشروط التالية:
1)- «حل التناقض بين مصطلحات النقد الغربي وتجربتنا الأدبية العربية.
2)- ضبط العلامات المنظمة للأفكار أو الدالة على نسقها حتى يتم قبولها وشيوعها، وتداولها، وعندئذ تنتهي فترة الاعتراض على هذه العلامات أو تجاهلها.
3)- نقل مصطلحات العلوم للآداب، وإلى النقد الأدبي والمسرحي بسلامة وطواعية، وبدرجة عالية من الإتقان اللغوي، لأن هذه المصطلحات قطعت شوطاً من التطور الحاسم في الفكر العالمي.
4)- الاستفادة من المنجزات القابلة للتطبيق على أدبنا ومسرحنا على الخصوص» .
لقد عجز النقد العربي، بالرغم من التطور الذي عرفه، أن يطور طاقم مصطلحاته من داخله الخاص، وظل يعيش عالة على الثقافة الأورو- أمريكية. فالناقد العربي في القرن العشرين هو واحد من اثنين : إما أن يكون بغير مصطلح تقريباً، وإما أن يتزود بجهاز ضخم من المصطلحات المستوردة من الثقافات الأجنبية، وقل أن تجد نمطاً ثالثاً من النقاد يجنحون إلى الخلق وامتلاك المصطلح الخاص.
إن نقل المصطلح النقدي أو استيراده عبر النحث أو التعريب أو أي سبيل آخر يقتضي إدراك الفروقات الموجودة بين اللغات في طرق بنائها لموضوعها وصياغتها لدلالاتها، لأن الترجمة ليست هي الانتقال من دال أصل في لغة معينة وإيجاد له ضمن لغة أخرى، وإنما هي الانتقال «من حقل ثقافي له تقطيعه المفهومي الخاص، إلى حقل ثقافي آخر لا يملك بالضرورة نفس التقطيه» ، ومن ثم فإن إشكالية الترجمة تتجاوز مجرد الحديث عن ألفاظ ومركبات لغوية جاهزة، إلى الحديث عن «تطورات نظرية يعبر عنها من خلال لغات لها حقل مفهومي تستند من أجل إنتاج مضامينها الاجتماعية والنفسية والعلمية» .
إن المتأمل والمتفحص في عملية الترجمة سيلا حظ أنها ليست انتقال من لغة إلى أخرى فقط، بل من ثقافة إلى ثقافة أخرى، وذلك نظراً للارتباط العضوي الذي يجمع بين اللغة والثقافة، فعملية الترجمة على هذا الأساس عملية ثقافية لا تنحصر فقط في مجال الوحدات اللغوية بل تتعدى ذلك لتطال مجموعة من التصورات الاجتماعية وطرق التفكير التي تحملها اللغة وتعبر عنها .
إن إغفال هذا الجانب – الثقافي – في مجال نقل المصطلحات وضع النقد العربي أمام الدوال التي تعبر عن المصطلح الواحد، وهذا يعود إلى حالة الاضطراب والتباين وعدم الوضوح في ترجمة المصطلح النقدي، كما يرجع إلى عدم التزام الكثير من المترجمين واللسانيين والمؤسسات التعليمية والأكاديمية والثقافية والصحفية بالجهود المشتركة المثمرة في هذا المجال. إضافة إلى أن ارتباط المصطلح الأصل بثقافة مغايرة لها جذورها وخصوصياتها، وبفلسفة معينة، وتجذره داخل حقل معرفي بعينه، يجعل من الصعوبة إيجاد مقابل له داخل اللغات الأخرى، إما لانعدام التخصص أو لعدم ذيوعه وانتشاره، أو عدم توافقه مع طبيعة الثقافة والقيم ونوعية التفكير السائد.
وإذا ما ألقينا نظرة على ما كتب من نقد في البلاد العربية خلال العقود الأخيرة سنلاحظ أن المصطلح المستعمل في هذه الكتابات له ثلاثة عيوب رئيسية تتجلى فيه إشكاليته :
1- «تكديس المصطلح وتراكمه وكثرته، وهو أمر قد وصل درجة المبالغة المفرطة، حتى إن القارئ نفاجئه أحياناً جملة بكاملها تكاد تكون كلها عبارة عن مصطلحات (...).
2- عدم استقرار المصطلح، فهناك كثير من المصطلحات المستعملة غير ثابتة بمعنى أنها ليست هي المستعملة عند كل من يتعاطون النقد في نفس الموضوع وفي نفس المفهوم ولذلك فهي متأرجحة تختلف أحياناً عند الناقد من مقال إلى آخر ومن كتاب إلى آخر (...).
3- اختلاف النقاد في فهم المراد من المصطلح الواحد مما يؤدي إلى تضارب الآراء أحياناً واختلاف النتائج» .
إن انعدام العلاقة بيننا، وبين التاريخ الاجتماعي العلمي للمصطلحات النقدية المنقولة أو المترجمة، لا يؤدي إلا إلى الخلل في هذه العلاقة ليمتد إلى القراءة نفسها، وتبقى حياة المصطلح بعد ذلك رهينة رصيدها الموجود في التداول، وفي الحياة الثقافية الغربية بشكل سليم، أما مسألة نقل هذا الرصيد إلينا، إلى الثقافة العربية، فتلك هي المسألة.
من هنا نقول : إن النقل أو الترجمة في المصطلحات النقدية، ترتبط بالبنية الثقافية بأكملها، ولا تستطيع عملية النقل أو الترجمة أن تدخل تعديلاً فعالاً عليها ما لم تتمكن من إعادة تنظيم مكوناتها وفق خصوصيات اللغة العربية ووفق التجربة النقدية العربية، ووفق إشكالية المنهج النقدي الذي نتدرج فيه إشكالية المصطلح.
لتجاوز السلبيات التي يعيشها المصطلح النقدي في الوطن العربي يجب على المشتغل بهذا المجال أن يدرس المصطلح انطلاقاً من موقفه داخل تصور نظري، لأن هذا الأخير هو الذي يمنحه مشروعية الوجود والاشتغال، وأن يضعه ضمن قضية أو قضايا يكون جزءاً من بنائها العام وعنصراً من عناصر اشتغالها لأن «كل مصطلح هو جزء من قضية أو قضايا، وبدون هذه القضايا لا يمكن أن يكون لهذا المصطلح أي معنى» .
وعموماً إن المصطلح النقدي يسير ويرسم المعالم التي تمهد للباحث كيفية البحث، وبالتالي فإن مهمته تدخل ضمن أهداف المنهج النقدي الذي يضع للناقد الخطوات والمسالك التي توجهه وتفنن عمله في اتجاه علمنة دراساته ومقارباته النقدية.
المبحث الثاني :اشتغال المصطلح في النقد المسرحي المغربي :
حسن المنيعي كنموذج.
1- الكتابــة النقدية عند حسن المنيعي.
إن المتتبع للحركة المسرحية المغربية من جهة، والنقد المواكب لها من جهة أخرى، لن يستطيع تجاوز علم من أعلام الثقافة المغربية الحديثة دون أن يعود إليه وإلى إبداعاته وكتاباته في مجال النقد والتنظير، إنه الباحث الدكتور حسن المنيعي.
في سنة 1974 خرج إلى الوجد وإلى مجال التداول كتاب «أبحاث في المسرح المغربي» وهو أول كتاب نقدي مسرحي لهذا الباحث، وهو عبارة من بحث لنيل دكتوراه السلك الثالث. وتكمن أهمية هذا الكتاب في أنه كان أول مؤلف يؤرخ للحركة المسرحية في المغرب من بدايته إلى السبعينات، ونبش في التراث الثقافي المغربي بحثاً عن أشكال مسرحية، في فترة كانت الساحة الثقافية المغربية خالية من هذا النوع من الدراسات حيث يقول : «كان يدفعني لذلك (أي البحث في المسرح بالمغرب) أولاً إحساس غريب يعرب عن شدة تعلقي بالفن الدرامي، وثانياً طغيان حاجة أكيدة تفرض علي تحقيق عمل نافع بالنسبة لبلدي ولو أدى بي ذلك إلى اقتحام آفاق قدسية لأرض بكر لم يجرؤ أي واحد على اكتشاف مكوناتها» . لقد تناول فيه الباحث بالتعريف كل الأشكال «ما قبل مسرحية»، والقنوات التي تعرف عبرها المغاربة على المسرح المشرقي والغربي، إضافة إلى التعريف بتجارب مسرح الهواة والمسرح الاحترافي.
وإذا كان حسن المنيعي يعد أول من انخرط في مجال الكتابة النقدية للمسرح المغربي، فإنه أيضاً «قدم للساحة المسرحية بالمغرب أهم النظريات التي لعبت الدور الأساسي في قلب المفاهيم النقدية القديمة التي كانت تتحكم في مسار المسرح الغربي» . وفي هذا الإطار تندرج كتب «التراجيديا كنموذج» (1975)، و«الجسد في المسرح» (1996).
ويقدم المنيعي في إطار الدراسات التي خصصها للمسرح الغربي أسماء لها وزنها داخل الحركة المسرحية العالمية، واستطاعت أن تغير ثوابت هذه الحركة، وقد عمل في تناوله لهذه الأسماء على تقديم صورة مصغرة ومكثفة لحياة الشخصيات التي كان لها الأثر الواضح في مسيرة هؤلاء المبدعين، كما أنه ذكر أهم أعمالهم المسرحية بغية استخلاص أهم المميزات التي تميز مسرحهم. ومن بين الأسماء البارزة التي تعرض لها حسن المنيعي نذكر «برتولد بريخت» الذي تحدث عنه في مقالتين هما : «برتولد بريخت والمسرح الملحمي» ، و«أخطاء ارتكبت في حق بريشت» ، هذا المبدع الذي شغل الكثير من النقاد والدارسين بمسرحه الملحمي، واحتلت مسرحياته مكانة متميزة في ريبرتوار المسرح العالمي.
كما تحدث الدكتور المنيعي عن «جورج شحادة» في دراسة تحت عنوان «جورج شحادة ومسرح البراءة» ، الذي كان يدعو في مسرحه إلى البراءة والطفولة بلغة تحمل الكثير من الإيحاءات والصور النابعة من شاعريته، حيث يمثل في الوقت نفسه الواقع والحلم. إضافة إلى هذين، تحدث أيضاً عن أرسطو، وإدوارد ألبي، ويوري ليوبمون، وهارولدبنتر، وبرانديلو وغيرهم.
وفي إطار اهتمامه بالحركة المسرحية العربية خصص حسن المنيعي كتاب «هنا المسرح العربي هنا بعض تجلياته» (1990) للحديث عنها، وهو في حديثه هذا يعالج أهم القضايا المرتبطة بالمسرح العربي كالتأسيس والتأصيل والكشف عن الهوية وغيرها من القضايا التي اهتم بها النقاد والباحثون والدراميون في الوطن العربي، محاولين تخليص المسرح العربي مما اعتبروه تبعية للمسرح الغربي، معتمدين على تقنيات لها خصوصياتها العربية المتميزة.
ويرى الدكتور حسن المنيعي أن الأسباب التي حالت دون تحقيق الانفصال عن المسرح الغربي، والتـأصيل الكلي للمسرح العربي هي المشاكل التي يعرفها المسرح العربي وكذا موقعه من الثقافة الرسمية، وتوقف الفنانين عن الإبداع وعن العمل المتواصل، وربط هذه العوائق بشروط تاريخية، حيث أكد أنها انعكاس لتأزم الأوضاع السياسية والاجتماعية في البلدان العربية .
وقد حضي المسرح المغربي بالنصيب الأوفر من اهتمامه، حيث أفرد له ثلاث كتــــب هي : «أبحاث في المسرح المغربي» (1974)، و«المسرح المغربي من التأسيس إلى صناعة الفرجة» (1994) و«المسرح مرة أخرى» (1999)، إضافة إلى مقالات عديدة منشورة في منابر وطنية ودولية. ويعمل في إطار مشروعه النقدي على إيصال مجموعة من التصورات والمفاهيم المسرحية إلى القارئ المغربي والعربي الذي لا يزال في حاجة إلى ثقافة مسرحية.
ولم يكتف الباحث في مشروعه العام بتقديم دراساته الشخصية عم المسرح المغربي والعربي والمغربي، وإنما عمل على ترجمة مجموعة من الدراسات النقدية حتى يتمكن القارئ العربي من تتبع كل ما يطرح داخل الساحة المسرحية العالمية، غير أن الترجمة لديه ليست «فعلاً تكميلياً أو زائداً بقدر ما يندمج في صلب الفعل النقدي ويطعمه بمفاهيم تضحى حاسمة لاكتماله» .
ويمكننا في نهاية الأمر أن نشير من خلال الملاحظات التالية إلى بعض تجليات المشروع النقدي عند حسن المنيعي :
1- إن الدراسات النقدية لحسن المنيعي تساير باستمرار كل الممارسات والاتجاهات المسرحية سواء كانت مغربية أو عربية أو غربية وهذا ما جعل مشروعه النقدي متجدداً ومتطوراً.
2- تشكل جميع كتبه حلقة متسلسلة ومتواصلة يطبعها الكثير من الانسجام والتكامل هدفها تحقيق ثقافة مسرحية موسوعية يرتبط فيها النظري بالتطبيقي والنص بالعرض، والمحلي بالإقليمي والعالمي.
3- لا يقتصر المنيعي على طرح المواضيع ومناقشتها بل يتجاوز ذلك إلى تقديم اقتراحات تساهم في عملية تطوير المسرح، مثلما قام به حين أكد ضرورة تكثيف جهود المسرحيين العرب وتبادل الخبرات فيما بينهم ومناقشة المشاكل وإيجاد الحلول.
4- يحتل كل من بريخت وأرتو مكانة متميزة في الدراسات التي خصها المنيعي للمسرح الغربي، في حين يحتل توفيق الحكيم مكانة بارزة في الدراسات التي خصها للمسرح العربي، أما الدراسات التي خصها للمسرح المغربي فقد أفرد فيها مكانة متميزة للطيب الصديقي.
5- غلبة المنهج التاريخي على مجموعة من دراسات حسن المنيعي إذ أنه يعمل جاهداً على دراسة بداية كل اتجاه مسرحي، والبحث عن جذوره وإرهاصاته الأولى، وتتبع الخطوات التي قطعها أو معرفة التطورات التي مسته أو التراجع الذي عرفه، ويربط كل هذا بالشروط التاريخية والسياسية والاجتماعية والفكرية الممهدة أو المصاحبة لهذا الاتجاه.
إن المشروع النقدي عند الدكتور حسن المنيعي لا ينحصر في المجال المسرحي، بل يمتد إلى الرواية والتشكيل وغيرها من الأشكال الأدبية والفنية الأخرى. ومن ثم يمكن وصف هذا المشروع بالشمولية.
2- اشتغال المصطلح النقدي المسرحي من خلال :
أ- كتاب "أبحاث في المسرح المغربي" :
1- المـــســــرح :
المسرح «هو الفن الذي يقوم على جمع الناس لطرح مصائرهم أمام أعينهم، وما تتضمنه من مشاغل، وذلك بواسطة عويلم مركزي يكون في حالة انفعال، تجري في ثناياه الأزمة الحيوية لأشخاص معدودين، تلك الأزمة التي تجعل مصير العالم الإنساني متقمصاً، حاضراً في العقل والحواس، لأنها تقوم بدور الممثلة المؤقتة لديه» (ص : 19) وهو تعريف لـ«إتيان سوريو». هذا النوع من المسرح لم يعرف سابقاً في المغرب، ولا في الدول العربية – أي قبل 1848 – وهو مسرح يخضع لقوانين منهجية كالمسرحة والجمهور، والممثلين، والنص. نستطيع التأكيد بأن فن المسرح العربي كان فناً مستورداً. ومن أسباب ذلك يذكر حسن المنيعي أولاً عنصر الدين الذي طبع الثقافة على العموم، وذلك بإدماجها في عالم تبرز الحياة الاجتماعية في رحابه خاضعة لأحكام الإسلام وقيمه الكبرى، ويأتي بعد ذلك عنصر السياسية الذي لاحق أثر تاريخ البلاد وامتداد مراحله.
2-المسرح التقليدي :
المسرح التقليدي عبارة عن «عدد من الأشكال المسرحية التي كانت تمتاز على الخصوص بحيوية دافعة، وتحمل المسرة إلى قلوب الذين كانوا يشاهدون العروض في مناسبات خاصة، من هذه الأشكال : مسرح «الحلقة» و«البساط» و«سلطان الطلبة» و«سيدي الكتفي»» (ص : 20). وهي أشكال تكون ريبيرتواراً شعبياً، وبالرغم من أن عناصرها لا تخضع لتقطيع في الفصول والمشاهد، ولا تحترم القواعد المتداولة، إنها تنطوي على إرهاصات درامية، بل تقدم لنا فرجة نعيشها في واقع حياتنا وفي شتى لقطاتها الملحمية (الحلقة) وظواهرها المعبرة عن الاتجاهات الحديثة لمسرح مغربي تخلو إبداعاته من كل التأثيرات الأجنبية.
3- المسرح الكلاسيكي :
المقصود بالمسرح الكلاسيكي، ذلك المسرح الذي ساع بين المسرحيين العرب الأوائل، الذين أخذوا هذا الفن عن التجارب المسرحية الغربية الكلاسيكية لراسين، وغولدوني وشكسبير، وفيكتور هوجو...الخ. ويعتبر نظام الوحدات الثلاث هو الحجر الأساس ومفتاح المسرح الكلاسيكي. وقد تأسس هذا النظام استناداً إلى الشعرية الأرسطية، التي اعتبرت بمثابة جذور هاته الوحدات. وأضيفت إلى وحدة الفعل (أرسطو)، وحدة الزمن ووحدة المكان. ويورد الدكتور حسن المنيعي هذا المصطلح في قوله : «استقبلت تونس فرقاً مصرية (...)، وكان مقدم "جورج أبيض" على الخصوص، فرصة سانحة للحصول على نتائج فنية إيجابية، لأنه تمكن، بفضل ممارسته وتكوينه بباريس، من تثقيف سائر الذين استضافوه، وذلك بتلقينهم مفاتن المسرح الكلاسيكي». (ص : 40).
4- المسرح المغربــي :
«لقد كان ظهور المسرح المغربي نتيجة توفرنا على التراث الفني والفلكلوري» (ص : 37)، وهذا التراث هو ما أطلق عليه اسم «التقليد المسرحي» أو «المسرح التقليدي». وهو اعتراف من قبل الباحث بتجذر الفن المسرحي في لتربة الثقافية المغربية، متجاوزاً بذلك المصطلح الشائع «المسرح في المغرب» الذي يؤشر على وجود حركة مسرحية، هي إما لفرق أجنبية تقدم عروضها بالمغرب، أو عروض مسرحية لفرق مغربية عبارة عن ترجمة أو اقتباس لنصوص أجنبية، مما يجعلها لا تعكس حقيقة الواقع المغربي والهوية الوطنية، إنها عروض مغربية برداء أجنبي.
5- الإخراج المسرحي :
إن مصطلح الإخراج المسرحي حديث العهد، لأن تاريخه لم يبدأ إلا في النصف الثاني للقرن التاسع عشر، حينما صار المخرج المسؤول «الرسمي» عن الفرجة، وقد نظر للإخراج المسرحي بوصفه تقنية أولية، خاصة بموضعة الممثلين. لكن الإخراج بهذا المفهوم في نظر الدكتور حسن المنيعي لم يتبلور بحيث «من الصعب جداً أن نثبت أسماء الذين كانوا أساتذة فن الإخراج، في تلك المرحلة (بداية العشرينيات)، إذ يبدو أم رؤساء الفرق كانوا يقومون في الغالب بهذه المهمة، إن لم يكن واضعوا المسرحيات أنفسهم» (ص : 54).
6- التشخيـــص :
وهي عملية يقوم بها الممثل حين يؤدي دوراً ويجسد شخصية، فيربط بين نص المؤلف وتوجيهات المخرج المسرحي ونظر وسمع المتفرج. «إن التشخيص – كما يقول المنيعي – كان يبرز قيمة الحدث، لأن المخرج كان يراقب بالفعل كما الجمل والحركات للحصول على تلقائية في نقل الأدوار، ولدفع الممثلين إلى تقمص أشخاص المسرحية، وبلورة حالتهم النفسية بكيفية متقنة، وقد اشتهر في ميدان التشخيص عبد الواحد الشاوي الذي كان يلقب بيوسف وهبي المغربي، وفاطمة المندوري التي عرفت عندما بفاطمة رشدي». (ص : 54).
7- الــديـــكــور :
الديكور هو ما يوجد على الخشبة، وغايته تشكيل إطار الفعل المسرحي بواسطة وسائل تنتمي إلى الرسم، والبلاستيك، والمعمار الخ... والديكور يجب أن يكون نافعاً، وفعالاً، ووظيفياً. إنه أداة قبل أن يكون صورة ووسيلة، وليس حلية للزينة. وهذا العنصر «كان يخلو من كل بحث إستتيكي، بحيث كانت المناظر تصنع من ستائر ملونة ومن الكاغط المقوى، لأن العنصر البلاستيكي كان ما يزال فطرياً. ومع ذلك، فقد كانت فرق طنجة تستعين بفناني مسرح "سرفانطيس" في كل يتعلق بالإنارة وهندسة اللوحات». (ص : 55).
8- النقد المســرحــي :
إذا كان النقد المسرحي هو فن الحكم على الأعمال المسرحية مع الإلمام بكل جوانب الفرجة المسرحية من معاني وإشارات لغة الأزياء، والسينوغرافيا، والرقص، والتعبير الحركي وغيرها. فإن هذا النوع من النقد «ليس في إمكاننا أن نتحدث عن وجود(ه) (...) بمعنى الكلمة في فترة الاحتلال، أي النقد بمفهومه الحالي الذي يلاحق النتاج ويحكم عليه في سائر أبعاده ويعكس ثقافة الناقد، وعمق إدراكه للمسرح، فلقد كان علينا أن ننتظر طويلاً حتى ندرك نتائج إيجابية في هذا المضمار، نقف على بعض المجلات والجرائد التي أفاد بعض كتابها كثيراً من القراء وعشاق الفن الدرامي بانتقاداتهم المنهجية، التي تنطوي على مجموعة من المقاييس الأدبية والجمالية والفنية، وتجعلنا عباراتها أمام رصيد من التأويلات والأحكام البناءة، ولكي نحدد مظاهر النقد في تلك المرحلة، فإننا نصرح بكل بساطة أنه كان انعكاساً للحصيلة الدرامية». (ص : 55).
9- الجــمــهــور :
ظل الجمهور لمدة طويلة دون عناية ومنسياً، إلى أن صار في الحاضر موضوع دراسة مفضلة، سواء في السيميولوجية أو جمالية التلقي، وللإشارة، فإن نظرة ورغبة الجمهور هي التي تؤسس الإنتاج المسرحي.
وقد شهد المسرح المغربي خلال عهد الحماية إقبالاً منقطع النظير، مما يعكس أن أزمة الجمهور كانت معدومة آنذاك. وهو إقبال «كان من سمات المرحلة، لأن المسرح المغربي كان قد انبثق في جو من الغليان السياسي مما جعله يساعد الجميع على معرفة حقيقـة الأشيــاء» (ص : 59)، والملاحظ عن هذا الجمهور أنه كان يفتقد إلى «ثقافة مسرحية».
10- الـمــمــثــل :
إن الممثل حين يؤدي دوراً، ويجسد شخصية، يقع في قلب الحدث المسرحي نفسه، إنه الرابط الحي بين نص المؤلف وتوجيهات المخرج المسرحي واهتمام المتفرج.
وقد عرف هذا المصطلح تطوراً عبر مساره التاريخي الطويل، فقد كان يفيد شخصية النص المسرحي، وصار بعد ذلك يعني الذي يأخذ دوراً، وصانع مشهد وهو الكوميدي، ويبقى الممثل دائماً مؤدياً وموضحاً للنص أو الفعل.
وإذا ما رجعنا إلى كتاب الدكتور حسن المنيعي، فإننا نجد أن مفهوم الممثل ارتبط بالأشكال ما قبل مسرحية من حلقة وبساط وغيرها، حيث كان الممثل هو أهم عنصر في اللعب الفرجوية. أما عن الممثل، في مرحلة ما قبل الاستقلال، فيقول عنه أحد النقاد : «أما حال أعضاء الممثلين فإنهم أحياء عاملون نبغاء، متفوقون في فن التمثيل، إذا نظرنا إلى مجموعهم إجمالاً، وأما إذا شئنا بعض التفصيل، فإن فيهم أفراداً أعدتهم الطبيعة لأن يكونوا ممثلين حقاً وزودهم الحظ بأكمل الملكات وأجمل الصفات الرئيسية لفن التمثيل العربي، يعبرون عن الكيفية، ويتكيفون بالعبارة». (ص : 61).
11- مســـرح الهـــواة :
إن المسرح المغربي في بدايته كان «مسرح هواة» يرمي إلى بث الوعي في نفوس المواطنين، وتحقيق نهضة شاملة للغة العربية. وقد كانت أول فرقة مسرحية تتأسس بالمغرب فرقة هاوية، وهي «جمعية قدماء تلاميذ ثانوية المولى إدريس» سنة 1924 بفاس، وقد تعرض هذا المسرح للرقابة والمضايقة من قبل السلطات الاستعمارية، التي كانت تحول دون تواصله مع فئات واسعة من المجتمع المغربي. وبالرغم من أنه «لم يكن قائماً على بنيان متين أو مرتكز على مهارة تقنية أو ما يتطلبه من مرونة في شحنة النتاجات المعروضة، وفي طريقة التشخيص وكتابة النص المسرحي». (ص : 68) فإنه كان يشع على الخصوص كمنبر سياسي مؤقت أو كمتنفس سهل لبعض تلاميذ الثانويات الذين كانوا مفتقرين إلى نشاط فني، لم تكن هناك أي قاعدة مسرحية جادة، بل كان الانفجار الديمغرافي المرعب في المدن العصرية يحتم بطريقة أو بأخرى أن يسقط حلقة الراوي العربي بشكلها العتيق لتعويض بفن يكون فن مستوى جمهور اقتلعت جذوره وطوح به فجأة في خضم المغامرة البروليتارية.
أما بعد الاستقلال فقد أضحى مسرح الهواة عبارة عن خلية ممتازة، تتكون فيها المواهب بصورة مستمرة لخدمة مسرح وطني، سواء عن طريق التمثيل أو عن طريق إبداعات فكر خلاق مستعد لمواجهة كل الصعوبات المرتبطة بتحضير فرجة ما.
وقد خصصت وزارة الشبيبة والرياضة فرعاً خاصاً لمسرح الهواة ضمن «مركز الفن المسرحي الوطني». ونظراً للنشاط الكثيف الذي عرفته الحركة المسرحية الهاوية برزت مجموعة من الأسماء الشابة نذكر منها : عبد القادر البدوي، ومصطفى التومي، ومحمد العلوي، وعبد العظيم الشناوي، وأحمد العبدي، ومحمد مشعل، ومحمد دحروش، ومحمد تيمد وغيرهم.
12- المسرح الاحتــرافــي :
الاحتراف في المسرح يعني أن يتخذ الفنان من المسرح حرفة تكون بمثابة مصدر لكسب رزقه، وأن يركز كل اهتمامه على هذا الفن كتابة أو إخراجاً أو تمثيلاً.
وتعتبر «فرقة المسرح المغربي» أول فرقة احترافية، التي تكونت من ممثلين سبق لهم أن شاركوا في التداريب التي نظمتها الدولة، ونذكر منها على الخصوص التدريب الذي أقيم سنة 1955.
وفي سنة 1957، كان المغرب يتوفر على فرقتين محترفتين : «فرقة المسرح المغربي» و«مجموعة المسرح العمالي»، ومن الجهود المبذولة من طرف المسؤولية تكوين «مركز الفن المسرحي» في شهر يناير من سنة 1959، وذلك لجمع وجوه النشاط المسرحي، ومعالجة كل جوانب تكوين رجل المسرح. إلا أن هذا الصنف من المسرح عرف بعض الأزمات، والتي تتجلى أساساً في غياب سياسة تخطيطية، إذ كثير ما وقفت هذه الأزمة كحاجز أمام تطور المسرح المغربي وطموح رجالاته. ومن الفرق الاحترافية نذكر : الفرقة الوطنية، أو فرقة الإذاعة أو المسرح البلدي أو المعمورة.
13- المســرح الإذاعــي :
يعود المسرح الإذاعي إلى التقدم التقني الحاصل في مجال التسجيل والإرسال، وقد تم استقباله بحماس حين ظهوره خلال العشرينات من القرن العشرين، من قبل كتاب أمثال بريخت، ودوبلن، وكوبو باعتباره فن المستقبل والجماهير.
وخلافاً للمشهد فإن الأستوديو مكان مجرد لا يتمكن الجمهور من مشاهدته وهو يساعد في صناعة الأصوات وتركيبها، وكذلك في تزامن الأصوات، والضوضاء، والموسيقى والشخصية لا توجد إلا من خلال صوتها، أما الفضاء والزمن، فتتم الإشارة إليهما عبر تغير الكثافة الصوتية والصدى.
وفي المغرب «استطاعت الإذاعة كأداة للثقافة والعمل الشعبي أن تلعب دوراً هاماً عبر البرامج الدرامية التي كانت مسموعة من طرف جمهور واسع». (ص : 149) ويرجع الفضل إلى عبد الله شقرون في تأسيس أول فرقة مسرحية إذاعية بالتعبير العربي سنة 1943. وقد استطاع الممثلون، بفضل هذه المبادرة، تصور المسرح الإذاعي عبر مظاهره المتباينة، كالأداء، وتقنية الأستوديو، ومختلف الأصوات إلى غير ذلك.
14- المســرح التلفــزي :
إن هناك جمهوراً لا يشاهد أبداً المسرح إلا في حالة إعادة إرساله. والإنتاج المسرحي الآن يتم غالباً تخزينه بواسطة الفيديو. لذا يبدو ضرورياً التفكير في العلاقات بين هذين الفنين، وفي التحولات التي تطرأ على الحدث المسرحي حين بثه تلفزياً.
وبالرغم من التأسيس الحديث للتلفزة المغربية، فإنها قدمت للمشاهد المغربي فرجات درامية، و«الشيء الثابت هو أن التلفزة نقلت كل المسرحيات التي قدمتها الفرقة الوطنية (فرقة المعمورة) وفرقة المسرح البلدي». (ص : 152).
إن تصوير مسرحية وعرضها على شاشة التلفزة يجعلها تفقد جزءاً من جماليتها لأن المسرح هو فعل حي، ولقاء حي بين الممثلين والجمهور داخل فضاء واقعي.
15- المســرح الغــنــائــي :
وهو المسرح الذي يعتمد فيه عرضه إدماج مقاطع غنائية تدخل ضمن البناء العام للعرض، أو يتم إقحامها لكسب ود الجمهور واستمالته.
وقد ازدهر هذا النوع من المسرح في المشرق العربي عند بدايته، حيث كانت لا تخلو مسرحية من المسرحيات من الغناء والموسيقى، أخذاً بعين الاعتبار طبيعة الجمهور العربي ذو الثقافة الموسيقية العريقة.
أما في المغرب، فيكاد ينعدم هذا النوع من المسرح بالرغم من التراث الموسيقي الغني والتربية الموسيقية للإنسان المغربي، على «أننا لا نجده إلا في الأسواق وفي ساحات المدن الكبرى، وذلك في أشكاله الخالدة، أي الإبداع التلقائي، وارتجال بعض السكيتشات، حيث الغناء والحركات تختلط ببعضها لتسلية جمهور معين» (ص : 154).
ويعود سبب تخلف المسرح الغنائي بالمغرب إلى أن الموسيقيين المغاربة تنقصهم ثقافة تمكنهم من الانكباب على قضايا اللحن والعروض، خصوصاً مع تواجد مسرحيات شعرية لشعراء أمثال : حسن الطريبق، ومحمد البقالي، وعلال الخياري.
16- مـســرح العرائــس :
ارتبط مسرح العرائس بالأطفال، بحيث يعد أداة لتربيتهم على حب المسرح والارتباط بفرجته، وقد حظي ظهور حركة مسرح العرائس بتقدير الآباء، لأنها ملأت فراغاً هائلاً يتمثل في غياب مسرح للأطفال كان موجوداً من قبل في كثير من دول أوروبا.
إن مسرح العرائس يسعى دائماً إلى تعليم الأطفال المبادئ الأخلاقية والطرق الحسنة من خلال الحيوانات والكائنات البشرية في أسلوب بسيط وملائم للذوق التلاميذ الصغار.
ب- كتاب «المسرح المغربي (من التأسيس إلى صناعة الفرجة)» :
1- الــبــدايـــة :
يميز الدكتور حسن المنيعي بين بدايتين في المسرح المغربي : بداية ممكنة وبداية فعلية. البداية الممكنة هي تلك التي تميزت ببعض الأشكال الفرجويـة أو لما قبل- مسرح (Pré-théâtre) وهو «مسرح لا يرتبط بمفهوم الدراما التقليدية» (ص : 6)، ويدرج هنا المراسم الاحتفالية الجماعية لدى البرابرة، مروراً بفنون سرد أو رواية الأساطير والسير، ثم فنون التهريج واللعب التلقائي (الحلقة)، إلى غير ذلك من الفرحات والممارسات التي تدخل في المقدس. إضافة إلى ذلك، يمكن التأكيد على هذه البداية من خلال حضور ممارستين في التاريخ المغربي، اللتان اكتسبتا دلالتهما باندراجها في «لعبة رسمية»، ويتعلق الأمر ب،«سلطان الطلبة» و«البساط»، وتندرج هذه الأشكال جميعها ضمن ما يمكن أن نسميه «سوسيودرامات» يرى المجتمع المغربي نفسه من خلالها.
أما البداية الفعلية فهي التي يؤرخ لها الباحث بدخول المسرح بمفهومه الإيطالي إلى المغرب عم طريق زيارات الفرق المسرحية العربية (محمد عز الدين – نجيب الريحاني – فاطمة رشدي – يوسف وهبي).
2- التأسيـــــــــس :
يحدد المنيعي هذا المفهوم بمحاولة مجموعة من المسرحيين المغاربة الخروج بالعمل المسرحي من حدوده الضيقة القائمة على التأثير المشرقي والاتجاه إلى آفاق أوسع وأرحب عن طريق الاقتباس والترجمة ودراسة طرق الإخراج الأوروبي، ونذكر هنا : الطيب الصديقي، ومسرح القناع الصغير، وعبد اللطيف الدشراوي، ونبيل لخلو...الخ.
3- الطقس الاحتفالي :
الطقس الاحتفالي هو بداية المسرح ومنبعه، وهو ما يؤكده تاريخ المسرح اليوناني الذي انحدر من طقوس الاحتفال لأعياد «ديونيزوس». وهو يندرج ضمن «المقابل المسرح» أي المسرح الذي يتجلى كفرجة شاملة يشارك فيها الفرد عن طواعية بجسمه وروحه دون أن ينسى أنه يشاهد واقعاً «ممثل» ينعكس عبر الصور والرموز. (ص : 30) والأمثلة كثيرة في ثقافتنا لهذا النوع من الطقوس يذكر المنيعي منها : «عبيدات الرمى» و«تشعالت» و«إمديازن» و«مجالس الحب».
4- الفضاء النصي أو الدرامي :
إنه الفضاء الذي يوجد في النص المسرحي، وهو مجرد، والقارئ أو المشاهد هو الذي يبنيه عن طريق الخيال.
إن «انفتاح الكتابة الدرامية وارتكازها على التنظير وتشعبها بالأشكال المسرحية الغربية، قد ساعد الدراميين المغاربة على تجاوز النص التقليدي الأحادي البعد إعداد نصوص رؤيوية تنطوي على فضاءات عديدة ونقلات جديدة لا تحيلنا على الأدبي فحسب، بل تحيلنا أيضاً على رموز وصور وخيالات، مما يجعلها "طيعة" في يد المخرج انطلاقاً من بنيتها الدرامية القائمة على أنفاس وأسفار وتركيبات وتوجيهات إخراجية» (ص : 42-43).
5 – الفضـــاء الركـحــي :
وهو الفضاء الواقعي للمشهد الذي يتحرك فيه الممثلون، إن الأمر يتعلق بفضاء حقيقي وليس مجرداً، عليه يتحرك الممثلون. والمخرج يبقى له الصلاحية في تسيير هذا الفضاء عبر «تجاوز فرضيات النص وتجسيد الملفوظ بالصورة أو المشهد، حيث يأخذ الكلام أبعاداً ركحية وجمالية» (ص : 43)، وقد تختلف كيفية التعامل مع هذا العنصر باختلاف وتباين التجارب، حيث نجد بعضها يعطي الأولوية للتمثيل والحفاظ على بلاغة الكلام، بينما يروم البعض الآخر إلى توظيف إواليات سينوغرافية ولعبوية تحول الفضاء إلى حلبة مسرحية.
6- الفضاء اللعـبــوي :
وهو الفضاء المبتكر من قبل الممثل بحضوره وتنقلاته، وبعلاقته بالمجموعة. وفي مقاربته للفضاء اللعبوي يستحضر حسن المنيعي النظرية الاحتفالية التي وجهت عنايتها إلى هذا المكون، بحيث «طالبت الممثل بمبدأ "الاندماج المنفصل"» (ص : 45).
7- الفضاء الداخلي (الجمهور) :
وهو الفضاء الذي يتواصل فيه الجمهور والممثلين أثناء اللعب، وهو فضاء رمزي أكثر مما هو واقعي، وقد ميز المنيعي في المسرح المغربي بين نوعين من الجمهور : جمهور بسيط وجمهور عارف.
8- التأصــيـــل :
وهو «العمل على إنجاز أسلوب جديد ينطوي على قابلية فنية مرنة تتيح له إدراك آفاق جديدة وتؤدي، بالتالي إلى ترشيد مجالاته وخلق قطيعة مع الممارسات المسرحية السائدة في الغرب» (ص : 49)، وهكذا ظهرت مبادرات درامية تحدوها رغبة ملحة في خلق المغايرة وابتداع أشكال جديدة تمتد جذورها من التراث العربي، وارتبطت هذه المبادرات بأسماء : توفيق الحكيم، والطيب الصديقي، وسعد الله ونوس، ويوسف إدريس، وعبد الكريم برشيد، وقاسم محمد، ويوسف العاني، وروجيه عساف، وغيرهم كثير.
9- التــمــســرح :
إذا كان التمسرح كنا يراه "نكولا إفرنوف" N.Evereinov غريزة ترمي إلى تحويل الطبيعة، فإن كلمة «الطبيعة» توازي عنده «الواقع». وهذا ما يجعل الإنسان موجوداً وسط نسق التحول، لأن وجوده ضروري لتولد التمسرح وتمظهره، وبعبارة أخرى، إن التمسرح لا يوجد إلا إذا وجدت ذوات في حالة «حفل حدثي».
10- المسرح داخل المسرح :
ظهرت هذه الجمالية خلال القرن السادس عشر في المسرح الأوروبي، وهي تقنية ذات أبعاد جمالية وفكرية ترتبط بالبعد التاريخي. وفي القرن العشرين استعمل هذا الشكل المسرحي استجابة لهدف معرفي خالص كما عند الكاتب الإيطالي «لويجي بييرانديلو» L. Pirandilo خصوصاً في مسرحيته «ست شخصيات تبحث عن مؤلف». باختصار لقد صار شكل المسرح داخل المسرح في الإبداع الدرامي الحديث شكلا يبحث عن المواجهة، «الشيء الذي حوله إلى حامل لمسرح مضاد (Anti-théâtre) بالنسبة للمسرح البورجوازي» (ص : 587).
11- الكتابــة الجسديــة :
وهي تمرد ضد النص الجاهز الذي ينبني على الكلمة، التي قلصت من دور الإخراج، واعتبرته عنصراً ثانوياً. في حين أنه يعد في الواقع – وكما يقول آرتو – التعبير الخاص للمسرح الذي لا تنحصر مهمته في تحويل النص إلى مادة، وإنما تنحصر على الخصوص في تأسيس لغة «جسدية» لا قولية أو كلامية. (ص : 64)، وهكذا يصبح المسرحي الحقيقي هو الذي يؤسس جسر «الحلول» بالمعنى الصوفي، أي يدفع اللغة / الحوار لتحل في أجساد الممثلين.
12- الواقــع والمتخيــل :
التزم المسرحيون المغاربة الأوائل في تطبيق القواعد الأرسطية في الكتابة الدرامية، فكانوا يحترمون وحدة الحدث ووحدة الزمان والمكان، مما جعل الخطاب المسرحي (لديهم) يراعي في الأساس مفهوم الإيهام بالواقع. (ص : 76) عن طريق إنتاج هذا الأخير بطريقة فوتوغرافية ومن خلال الموضوع الأحادي البعد الذي يعالج قضية من القضايا الاجتماعية والأخلاقية والسياسية. وهو ما جعل المسرح المغربي يظل في حدود الانعكاس الذي يقدم مجرد رؤية سكونية للعالم.
وما دام «المتخيل» كما يقول جان دوفينيو J. Duvignaud هو «تلك اللعبة التي يتصرف بكامل الحرية في الفضاء والزمان والأشكال والمادة والآلهة» (ص : 79)، فإن المسرح بارتكازه على التراث قد أدرك خطورة ثباتية الشكل المسرحي الإيطالي وإغراقه في زمنية الواقع. لذلك، حاول المسرحيون ابتداع زمنية أسطورية وحكائية عبير إعادة الاعتبار لكل ما هو مشرق في التراث أي بوصفه دينامية تحبل بالعديد من الإمكانيات الفنية.
13- المسرح الشـعــري :
يقول الناقدان «كليت بروكس وب. وارن K. Brooks, P. Warren» في كتابهما «فهم الشعري» : «إن كل قصيدة تشكل أساسها حالة ما والقصيدة هي ما تثيره تلك الحالة. إنها استجابة لموقف محدد، ولذلك، فهي دراما صغيرة أو دراما كبيرة أحياناً» (ص : 96). هذه القولة تؤكد على حضور البعد الدرامي في كل قصيدة جيدة، وهذا ما يدفعنا إلى التأكيد على أن قصائد الشعر العربي منذ العصر الجاهلي تحتوي على عناصر درامية تنبثق من وجدان الشاعر ومن تجربته الحياتية تنصاع لتواترات وحالات نفسية وظروف تاريخية.
14- المسرح الجامعــي :
وهو المسرح الذي تحتضنه المؤسسة الجامعية، ويقوم بتنشيطه الأساتذة والطلبة، وغالباً ما يكون بديلاً عن المسارح الأحادية البعد التي يخضع إنتاجها لإدارة حكومية وأجهزتها البيروقراطية، ومن ثم يعد خلية فنية وثقافية تساهم في تطوير البحث الدرامي وابتكار أساليب جديدة دون الانصياع لقانون تجاري أو أي شكل من أشكال الوصاية. وعليه، تكون كل مبادرة للمسرح الجامعي طموحاً كبيراً لدرء التكرار وتدجين الفعل الدرامي، ويعمل قدر الإمكان على إفراز خبرات جديدة واستقطاب جمهور متنوع عن طريق طرح قضاياه الجوهرية وفق منظومة فكرية / فنية تراعي تاريخانيته، وتعمل على إضاءتها، لأن تاريخ الإنسانية كما يقول ماركس : «تاريخ تكوين معانيها وتاريخ إحساسها الثقافي والأخلاقي والجمالي». (ص : 131).
خـــاتــمــة :
إن البحث في قضية المصطلح النقدي واشتغاله داخل الحقل المسرحي العربي يجعل الباحث أمام أكثر من إشكالية، تتداخل وتتفاعل وهي المسرح والنقد والمصطلح.
إن العلوم الإنسانية كان لها دور كبير في تطور الممارسة النقدية سواء في الغرب أو عند العرب، ومن ثم كان لها أثر على الدراسات المصطلحية.
لم يحظ المصطلح المسرحي بالاهتمام الكافي في المغرب سواء في الدراسات الأكاديمية أو في الندوات التي خصصت لقضايا المصطلح، بحيث يحضر المصطلح الشعري، والمصطلح الروائي، والمصطلح العلمي وغيره، في حين يغيب المصطلح المسرحي.
كان للدكتور حسن المنيعي دور في استنبات مجموعة من المصطلحات في مجال الممارسة النقدية المسرحية بالمغرب، وتكييفها في المجال الثقافي المغربي.
وأخيراً، إن البحث في المصطلح المسرحي يتطلب إماماً بمختلف العلوم التي اتخذت من المصطلح موضوعاً لدراساتها وخصوصاً علم اللغة أو اللسانيات، وأيضاً دراسة المصطلح واشتغاله في شتى العلوم الإنسانية، من فلسفة وعلم اجتماع وسيميولوجيا وغيرها.
المراجــع المعتمــدة :
1. بن زيدان عبد الرحمن ، إشكالية المنهج في النقد المسرحي العربي، المجلس الأعلى للثقافةن القاهرة، 1995.
2. بن زيدان عبد الرحمن ، خطاب التجريب في المسرح العربي، مطبعة سندي، الطبعة الأولى، مكناس 1997.
3. ثامر فاضل ، اللغة الثانية (في إشكالية المنهج والنظرية والمصطلح في الخطاب النقدي)، المركز الثقافي العربي، الطبعة الأولى، الدار البيضاء، 1994.
4. الخطيب حسام ، أبحاث نقدية مقارنة، دار الفكر، بيروت، 1973.
5. المنيعي حسن ، أبحاث في المسرح المغربي، مطبعة صوت مكناس، الطبعة الأولى، 1974، منشورات الزمن، الطبعة الثانية، الدار البيضاء، 2001.
6. المنيعي حسن ، المسرح والارتجال، عيون المقالات، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1992.
7. المنيعي حسن ، التراجيديا كنموذج، دار الثقافة، الطبعة الأولى، الدار البيضاء 1975.
8. المنيعي حسن ، هنا المسرح العربي بعض تجلياته، منشورات السفير، الطبعة الأولى، مكناس، 1990.
9. بنكراد سعيد ، المصطلح السيميائي : الأصل والامتداد، مجلة "علامات"، عدد 14، 2000.
10. بنكراد سعيد ، المصطلح السيميائي : الأساس المعرفي والبعد التطبيقي، ضمن أعمال ندوة : قضايا المصطلح في الآداب والعلوم الإنسانية، الجزء الأول، سلسلة الندوات 12، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، مكناس، 2000.
11. حجيج عبد العالي ، اضطراب المصطلح في النقد العربي الحديث، ضمن : ندوة المصطلح النقدي وعلاقته بمختلف العلوم، مجلة كلية الآداب والإنسانية بفاس، عدد خاص 4، 1988.
12. الطراح إدريس ، تحديد مفهوم المصطلح، أعمال ندو