لا....لا أصدق أني لن أراك بعد اليوم ... ولاأشم رائحتك، ولا أسمع صوتكِ ،ولا أسعدُ بابتسامتك التي كانت أول شيء أنعم به ، وآخر شيء يعلق في ذاكرتي ، فتصحبني في أحلامي وتأخذني في أجمل لحظات عمري .
لا أصدق أنّي سوف أدق الباب ، ولا أسمع صوت قدميك وهي تلامس الأرض في وهن و تعب ،قادمة نحوي وفرحة بلقائي . فأجد البيت باردا مظلما كئيبا حزينا ، ورائحة الهم والغُبن ولوعة الفراق ، والشوق للحنين تفوح من زواياه.
لا أصدّقُ أنّ هناك مكان آخر في هذه الدنيا يجمعك غير بيتي ، وقلبي وعقلي ووجداني وحبي وعطفي وذكرياتي المؤلمة بفراقك يا أمّي، ليس للحياة ذوق ولا معنى بعد رحيلك ، وليس للسعادة نشوى بعد فقدانك .
كيف استطعتِ وقررتِ الرحيل بعيدا دون مشاورتي ، وكيف تجرّأتِ وتحمّلتِ لوعة الهجرِ
دون مرافقتي . آه....ثمّ آه لغيابك الذي طال وصار شهورا ،وسنينا ، وسار دهرًا.
فلِمن أفرح ومن يفرح لي ؟ ولمن أبكي ومن يبكي معي ؟ وفيمن أثق ومن أثق فيه بعد رحيلك يا أمّي ؟
ألا ليت كل القلوب مثل قلبكِ ، ويا ليت كلّ مثل نفسكِ ، ويا ليت كلّ الأخلاق مثلك ِ ، في هدوءكِ ورزانتكِ وتسامحك وعطفك وحبكِ للناس جميعا وأوّلهم أنا .
أين ذلك القلب الكبير الذي جمع كلّ أسراري ، وحرّرني من قيودي ، وجنّدني للأمام ،فمضيت للأمام ، وملأ نفسي ثقة وقوة وشجاعة وصبرا، وأصبحت قوية بكِ وأصبحت أنَا.
صورتكِ وابتسامتكِ وكلماتكِ وسخريتكِ وزهدكِ وعفتكِ وطهارتكِ ، هي أمامي الآن ولكن أين أنتِ؟ ولما أصبحتِ ذكريات وأصبحت دموعا ، وأصبحت آهاتٍ وآهات.
ولم لا لايعود الذين ماتوا وفارقونا ؟ فأقول أريدكِ أنت ، أريد أن أراكِ ، وأضمّكِ لصدري ولكن هيهات هيهات ، فكل من خرج من هذا الباب محمولا على الأكتاف لا يعود .
الله ..الله على فراقكِ ، والله.. الله على وداعكِ ، والله .. الله على رحيلكِ ، فنعم اللّقاء في جنّة الخلد إنشاء الله مع المؤمنين الصّادقين الصّلحين
رحمك الله وجعل مثواكِ الجنّة

بقلم : عبد المالك ليلى

اللهم ارحمها واجعل الجنة مثواها يا رب