مروة صلاح *
البلد : مصر عدد المساهمات : 8 نقاط : 14 تاريخ التسجيل : 07/03/2011
| موضوع: كلنا جرح مقدس ! 2011-03-21, 17:26 | |
| ما أن توقفت الراحلة أمام المدخل المؤدى للحرم الجامعي والذى احتشد أمامه جمع لا بأس به من الطلاب ذوى الأصول العربية المختلفة، حتى ارتضيت مكانا قصيا بالراحلة استمتع بذلك الهدوء المزدحم داخل ذاكرتى التى لا يغفو لها جفن. بينما استقل ذلك الكيان الغامض مقعدا فى الجهة المقابلة وقد ارتسم على وجهه عبوسا متكلفا وفى عينيه ابتسامة محتجزة. اتخذت الراحلة أولى خطواتها وارتفع مع هدير عجلاتها صوت ذلك المونولوج الذى ما فتأ أن تداركنى وعاد بى لذلك اليوم..الذى وطأت فيه قدماى ساحة "مهرجان أيام الشعوب" المقام بالتجمع الجامعى المقابل لذلك الذى يضم كليتى..يجمعهما جامعة واحدة ..ويفصلهما شارع واحد.هناك.. حيث كنت أتخذ جانبا من الرواق المؤدى للركن الفلسطينى أرقب عن بعد ذلك الوجه الرجولي بملامحه القوية الصارمة وصوته الجهوري ذا اللكنة الفلسطينية الجلية والتى تنم عن عدم اختلاط عرقه بأصول غير فلسطينية كسائر ذويه من المغتربين. حيث وقف هناك يقود "الدبكة" برقصاتها الوثابة وأغنياتها الهادرة التى تبعث فى النفس طمأنينة من احتمى بسلاح لا تفرغ طلقاته.. وحيث احتشد الطلاب من كل حدب وصوب. وما أن هم أحدهم بالاشترك فى الدبكة، حتى توقفت نبضاتها ، وتيبست المآقى، وارتعدت الآذان لعبارته الصاخبة المباغتة: (كفى...من أراد أن يشاهد فليفعل عن بعد..قفوا حيث أنتم دائما ...فقط تشاهدون). انفض الجمع ، وامتدت أصابع السكون لتلم بالركن بأكمله فى قبضتها، لا يعلوها سوى تلك الزفرات والشهقات المكظومة لصاحبها الواقف منفردا بين مقلتيّ المتفحصتين .. والتى وضعت حدا لتلك الأنفاس المحترقة ما أن التقتهما عيناه فى صمت مغدق. لحظات قلائل حتى شق الصمت نفر من الحرس الجامعي للتحقيق مع الشاب فى الواقعة.. والذى وضعت له نهاية بعبارتى العفوية وليدة اللحظة : ( لا بأس.. كان هذا مجرد جزء من عرض مسرحي صغير نقدمه فى الحفل الختامي للمهرجان ). وتهدأ الأنفس الغاضبة.. ويخلو الركن كما كان . ودون النظر إليه تحملنى خطواتى للخارج برفقة نظراته المشدوهة ............طويلة المدى. ظلت اهتزازت راحلتى تحملنى إلى ذلك اليوم الذى تلى حين منعنى الحرس من تخطى الحرم الجامعي لإدراك المهرجان، محتجين بانتسابى للمجمع الآخر حيث كانت كليتى. نشب عن ذلك جلبة وصخب علا المكان برمته لتباغتنى من وراء السور نظرات يختلجها الإمعان والتساؤل... - هل تلك من أطفأت نارا بالأمس ؟ اليوم تضع أحطابها؟. - محتجزة أنا لا أستطيع تخطى سياج هو جزء من مكان لا يعبر عن ذاته "الجامعة"..يحول بينى وبين قضيتى سور ختامه أنت ومزاجه من جرح مقدس. توقف هدير الراحلة ، وتوقفت معه أحداث أيام قليلات مضت .لأهبط عنها ويستقبلنى جدى الطاعن فى عمره ومن معى من أسرة الأنشطة الجامعية..أعضاءا وزوارا..من ضيوف المهرجان عامة والفلسطينيين خاصة. حيث قدمنا لزيارة ذلك البيت العتيق البالغ من القدم عتيا كأقدم أشجار الزيتون..والقابع على شاطئ خليج السويس.. ذلك البيت الذى بنيت جدرانه على الطراز "البغدادلي" وقد مزجت لبناته من طين البحر.. وحوت أحضانه أحداث المقاومة الشعبية لمدينتى الباسلة أثناء الحصار الصهيوني لها فى عام الثالث والسبعين وتسعمائة وألف. بيتي الذى وهبه لى جدى وقد ورثه عن أبيه الذى كان جارا وصديق طفولة ل (رابين) يوما ما قبل ارتحاله.. ولم يكن يعلم آنذاك أن العرق الواحد قد ينضح دماءا فاسدة! التف الجميع حول جدى ينصتون بتمعن لتاريخ تلك الدار الذى رواه جدى أمام انطباعات ذاك الكيان المذهولة.. بينما آثرت خلوة لى على الشاطئ الرملى الأصفر حيث أنا وطفولتى أصنع قلاعا من الرمال ..ولوهلة خلت أننى وحدى حتى استوقفنى كيان يجلس على مقربة منى وقد شيد من القلاع الرملية ما هو أعتى وأجمل ..يسترق نظرات يشوبها مسحة حزن وتسامح.. بينما تضيع نظراتى بين أمواج..وقلاع.. ومهرجان..وسور..وراحلة..وبيت قديم..وجرح متفرع لجذر واحد و..................... إذا بموجة شتوية قوية حانية حملها البحر إلينا تضرب بقلاعنا الرملية فتهدمها وتغدق على أجسادنا مياهها الطهورة وترسم على شفتينا بسمة أوجدها جرح مقدس. [center][justify] |
|
علي الشمري *
البلد : العراق عدد المساهمات : 8 نقاط : 8 تاريخ التسجيل : 19/03/2011
| موضوع: رد: كلنا جرح مقدس ! 2011-03-24, 22:12 | |
| الموضوع بغاية اللطافة وصدق العاطفة ، وإن كان لا يخلو من مباشرة التعبير في أحايين كثيرة ، الصوت يكاد يبين عن نفسه من خلف الرموز التي تآلفت لتكون وطناً موحداً من مسميات متعددة ، الوطن يتسع للهم الكبير والنفس تجول فيها محن الواقع الأليم . نتمنا منكم مزيداً من الإبداع فقد امتعتنا مساهمتكم. |
|
مروة صلاح *
البلد : مصر عدد المساهمات : 8 نقاط : 14 تاريخ التسجيل : 07/03/2011
| |