قراءة فى كتاب اللغة والحجاج لأبى بكر العزاوى
بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واقتفى أثره إلى يوم الدين ،
أما بعد
يشير صاحب الكتاب إلى أن النظرية الحجاجية تنطلق من فكرة عامة مؤداها " أننا نتكلم عامة بقصد التأثير"( 1) ، ذلك أمر نتفق عليه ،ولكن أثار ذهنى فى فصله الرابع حينما تحدث عن الاستعارة وأنواعها، واقترح تقسيماً جديدا للاستعارة على أساس حجاجية الاستعارة من عدمه ، فقسمها إلى استعارة حجاجية وأخرى بديعة ، لنقرأ قول أستاذنا فى ذلك :
لقد أطلقنا على النوع الأول اسم الاستعارة الحجاجية وذلك لأن الاستعارة تدخل ضمن الوسائل اللغوية التى يستغلها المتكلم بقصد توجيه خطابه ، وبقصد تحقيق أهدافه الحجاجية ، والاستعارة الحجاجية هى النوع الأكثر انتشارا لارتباطها بمقاصد المتكلمين وبسياقاتهم التخاطبية والتواصلية ، من مثل :
1ـ اشتعل الرأس شيبا
2ـ فإنك كالليل الذى هو مدركى
3ـ أسد على وفى الحروب نعامة .
أما الاستعارة البديعية فإنها تكون مقصودة لذاتها ولا ترتبط بمقاصد المتكلمين وأهدافهم الحجاجية ، وإنما تجد هذا النوع من الاستعارة عند بعض الأدباء والفنانين الذين يقصدون من ورائه إلى اظهار تمكنهم من اللغة ، فالسياق هنا إذن هو سياق الزخرف اللفظى والتفنن الأسلوبى وليس سياق التواصل والتخاطب ويمكن أن نذكر من هذه الاستعارات مثلاً :
1ـ فأمطرت لؤلوا من نرجس وسقت **** وردا وغضت على العناب بالبرد
انتهى قوله (2 ) .
بقراءة تحليلة سريعة لما سبق فأنا أنكر هذا التقسيم ، وأرى أن كل قول استعارى يحمل الجانبين معا ، الجانب الحجاجى والجانب البديعى ، فالجانب الحجاجى فى الاستعارة لايحرم القول من جانبه البديعى ، والعكس صحيح ، فالاستعارة هى قول بديعى ، لنقف عند كونها قول قليلا لنرى أن اللغة فى حد ذاتها لها وظيفتان ، أولاهما الحجاجية والثانية هى الإخبارية ، من هذا المنطلق ظهرت النظرية الحجاجية ، ومنه أيضا نؤكد ما ذهبت إليه فى معرض حديثك بأننا نتكلم عامة بقصد الثأثير فى الآخرين .
وإذا انصرفنا إلى المثال السالف الذكر الذى يحاول فيه أستاذنا أن يثبت أن هناك نوع استعارى غير حجاجى فى قوله :
فأمطرت لؤلوا من نرجس وسقت **** وردا وغضت على العناب بالبرد
إن المثال السابق يحمل حججا ثلاثاً هى على توالى ذكرها :
فأمطرت لؤلؤا
وسقت وردا
وغضت على العناب بالبرد
تلك الحجج تخدم نتيجة واحدة هى " محبوبتى جميلة " ، فالشاعر فى هذا البيت يقدم وصفا لحبيبته ، ويحاول من خلال تلك الاستعارات أن يقنع السامع بمدى جمال محبوبته التى يشبه دموعها باللؤلؤ .
ليس عرضى تعدى بل هو نقد موجه أحاول من خلاله أن استشف الأراء لأتشبث بموقفى أو أعرض عنه .
تحياتى
المراجع
1ـ ابو بكر العزاوى ، اللغة والحجاج ، العمدة فى الطبعة ، الدار البيضاء ، الطبعة الأولى ، 2006 م ، صـ 14
2 ـ السابق صـ 108 ، 109