قال تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) التوبة 122

كثيرا ما تأملت هذه الاية فقد جاء فيها النفر مرتين ومعنى النفر في اللغة ( هو التباعد عن المكان او الخروج للجهاد )- فهل هما نوع واحد او نوعان من النفر
من تدبرنا للاية الكريمة فان النفر الاول ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة ) فان معناه هو الخروج للجهاد وقتال المشركين --- اما النفر الاخر (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون ) فانه هنا يعني الخروج للعلم والتفقه في الدين وهذا لا يتاتى الا بالسفر الى البلاد التي لا تدين بالاسلام وعاداتهم وافكارهم وحياتهم مختلفة وكذلك حضاراتهم واسلوب معيشتهم وينتج من معايشتهم التعرف على ايجابياتهم وسلبياتهم وعلى علومهم وعلى مكامن قوتهم وعلى نقاط ضعفهم كما ينتج عن ذلك التفقه في الدين وكيف يتم تطبيقه في حالات ثقافات مختلفة حتى لا ينفر منهم من يريد ان يسلم----- كما انهم سينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم بمكامن القوة ونقاط الضعف لهذه المجتمعات الغريبة عن الاسلام لكي يحذرهم المسلمون ويكونون على علم بما يحيطهم من مجتمعات وثقافات وعادات ونقل خبرة اذا وجدت
هذا هو ما يدعونا اليه الاسلام ويجعل النفر الى العلم مثل النفر الى الجهاد بل يكون احيانا افضل-- ويحفزنا الاسلام على التعامل مع الاخر برفق لنتفقه في الدين فالتفقه في الدين لا يتم بمعزل عن الحياة ولا بمعزل عن بقية البشر
والله اعلم
محمد شملول