ثانوية محمد الخامس التأهيلية
كلميمة
يوسف تغزاوي
مقدمــــــــــة :
تتجاذب موضوع التواصل اللغوي حقول معرفية بالغة التنوع تكاد تشمل كل المنتوج الإنساني. ولذلك أبينا إلا أن نساهم في هذا المقال الذي نسلط فيه الضوء على مفهوم المعلومات التداولية على اعتبار أن التواصل على حد تعبير (ديك 1978) عملية للتفاعل الاجتماعي يتم خلالها تبادل المعلومات التداولية بين المتكلم والمخاطب. لذلك سنقوم في هذا المقال بعرض هذه المعلومات التداولية وإشكال التمثيل لها في نظرية النحو الوظيفي.
* المعلومات التداولية في النحو الوظيفي :
تعد اللغة في التصور الوظيفي، أداة للتفاعل الاجتماعي وتتمثل وظيفتها الأولى في إقامة التواصل بين الكائنات البشرية فهي «ظاهرة تداولية» أو أداة رمزية، تستعمل لغايات تواصلية. (ديك 1978، البوشيخي 1990) فإقامة التواصل إذن هي الوظيفة المركزية لكل اللغات الطبيعية والدليل على ذلك اشتراك كل العشائر الاجتماعية في استعمال نفس الأداة (اللغة) لتحقيق التواصل باعتباره نشاطاً اجتماعياً يحدث الأفراد بمقتضاه تغييرات في معلوماتهم التداولية.
فما هو مفهوم الوظائف التداولية؟ وما مدى انسجام هذا المفهوم مع ما ورد في ديك 1978 من وظائف؟ وهل استطاع النحو الوظيفي أن يمثل لكل المعلومات التداولية لشكل عام؟ وهل يتضمن الأدوات الإجرائية الكافية للتمثيل لكل المعلومات التداولية؟.
* مفهوم – الوظيفة – المعلومة التداولية :
تقوم الوظائف التداولية بتحديد الوضع التخابري للمكونات الواردة في مقام تواصلي معين. ويحظى هذا المستوى من الوظائف بدور هام جداً في النحو الوظيفي، إذ بواسطته يتميز عن غيره من الأنحاء بكونه يعالج الظواهر اللغوية ويرصد خصائصها التداولية ويربط بين البنية الحملية والبنية المكونية بغية بلوغ الكفاية النمطية.
يعرف سيمون ديك (ديك 1978) المعلومة التداولية بأنها مجموع المعارف والاعتقادات والأحاسيس المتوفرة لدى الفرد في أي لحظة من التفاعل الكلامي. وقد تم في إطار النحو الوظيفي، تحدد المعلومات التداولية التي يحتاجها كل تفاعل كلامي في نمطين من المعلومات :
* معلومات قديمة مشتركة بين المتخاطبين.
* معلومات جديدة يضيفها المتكلم لمعلومات المخاطب القديمة.
وتقوم هذه الوظائف – المعلومات التداولية – بتحديد الوضع التخابري للمكونات الواردة في مقام تواصلي معين. ويتضمن المقام التواصلي معارف المتكلم والمخاطب ومعتقداتهما وافتراضاتهما أثناء قيامهما بإنتاج الكلام أو فهمه، وتعرف هذه المجموعة من المعارف والمعتقدات والافتراضات بما سميناه «المعلومات التداولية» وتتألف من مكونات ثلاثة :
* معلومات عامة تتعلق بالعالم أو العوالم الممكنة.
* معلومات حالية تستمد من مدارك المتكلم وتجاربه لحظة حدوث التفاعل الكلامي.
* معلومات سياقية تستمد من العبارات اللغوية. (البوشيخي 1990 : 84).
ولحصول وظيفة التواصل الكامنة في إحداث تغييرات في المعلومات التداولية. ينبغي على كل مساهم في الخطاب أن يمتلك فكرة عن المعلومات التداولية التي يتقاسمها مع مخاطبه، والمعلومات التداولية التي لا يتقاسمها معه، ويتم ذلك بإحدى الطرق الآتية :
أ- يفترض (س) أن ثمة معلومات تداولية مشتركة بين (س) و(ص).
ب- يفترض (س) أن ثمة معلومات تداولية غير مشتركة بين (س) و(ص).
ج- يفترض (ص) أن ثمة معلومات تداولية مشتركة بين (س) و(ص).
د- يفترض (ص) أن ثمة معلومات تداولية غير مشتركة بين (س) و(ص).
فإحدى الإستراتيجيات التي يسلكها المتكلم (س) لتحقيق الهدف من التواصل تكمن في بدء الكلام بإيراد المعلومات المشتركة بينه وبين المخاطب (ص)، ثم إلحاقها بالمعلومات غير المشتركة بينهما. وهو ما يفسر توزيع المعلومات في العبارات اللغوية في الصورة العامة الآتية :
[معلومات قديمة، معلومات جديدة]
إذ لا يمكن إحداث تغيير في المعلومات التداولية لكل من المتكلم والمخاطب في حالة ما إذا اقتصر الكلام على إيراد معلومات مشتركة بينهما. كما يكون من الصعب على أحدهما فهم الكلام إذا اقتصر على معلومات جديدة فقط. فكلا النمطين من المعلومات يساهم في تحقيق الغابة من التواصل.
وتخضع الوظائف التداولية في إقامتها لأجزاء المعلومات التداولية من جهة، وللطرق التي تستعمل بها العبارات اللغوية في التفاعل الكلامي من جهة أخرى (البوشيخي 1990 : 84 – 85).
انطلاقاً مما سبق، واستناداً إلى ما ورد في (ديك 1978)، لا يمكن التسليم بورود وظيفة تداولية إلا بمراعاة الشروط الخاصة بمنحها صفة «الوظيفة» والشروط الخاصة بمنحها نعت «التداولية» فهي لا تكتسب صفة الوظيفة إلا إذا كانت (أ) تعين العلاقات القائمة بين المكونات في سياق لغوي معين، و(ب) تسند إلى أجزاء الحمول التحية أي إلى أجزاء الملومات المتضمنة في الحمل. وتكتسب هذه الوظائف نعت التداولية بخضوعها (أ) للوضع الذي توجد فيه المعلومات التداولية بين المتكلم والمخاطب لحظة إنتاج الخطاب وبتخصيصها (ب) الفروق اللغوية الواردة في نفس البنية اللغوية مع مراعاة الطرق التي تستعمل بها العبارات بين المتكلم والمخاطب. بحيث يلجأ المتكلم لحظة إنتاجه للكلام إلى تحديد مجال خطابه، فإذا أحس أن المخاطب على غير علم بمجال خطابه لجأ إلى إنتاج مكون يحدد مجال الخطاب ويسند لهذا المكون وظيفة المبتدأ. بعد أن يحدد المتكلم مجال خطابه، يبدأ في إنتاج معلومات مشتركة بينه وبين المخاطب، أي معلومات قديمة أو معطاة، وتسند للمكون الحامل للمعلومة القديمة وظيفة «المحور». أما إذا شعر المتكلم بأن مخاطبه لم يدرك مجال الخطاب الذي أنتجه فإنه يلجأ إلى توضيح المعلومات إلى مخاطبه وبالتالي فإنه يسند للمكون الذي أنتجه وظيفة «الذيل» ويلجأ المتكلم إلى إنتاج مكون يحمل معلومة جديدة، إذا أحس أن مخاطبه يجهل المعلومة التي يقصد إعطاءه إياها، وتسند وظيفة بؤرة جديدة للمكون الذي يحمل المعلومة الأكثر بروزاً داخل خطاب المتكلم.
إما إذا افترض المتكلم أن مخاطبه يشك أو ينكر المعلومة التي يقصد إعطاءه إياها، فإنه يعمد إلى إنتاج مكون يحمل معلومة تصحح المعلومة التي يشك المخاطب في ورودها وتسند لهذه المعلومة وظيفة «بؤرة المقابلة». والسؤال الذي يفرض نفسه في هذا الصدد هو ما مدى انطباق مفهوم الوظيفة التداولية على ما اقترحه ديك 1978 من وظائف تداولية؟
وهذه الوظائف هي البؤرة والمحور والمبتدأ والذيل والمنادى. وفي ما يلي تعريف كل وظيفة على حدة.
* كيفية التمثيل للمعلومات التداولية في النحو الوظيفي :
تحكم الوظائف التداولية، كل من المعلومات التداولية وطرق استعمال العبارات اللغوية في التفاعل الاجتماعي عبر اللغة. وهي خمس وظائف، تصنف بالنظر إلى وضعها بالنسبة للحمل صنفين : وظائف خارجية وداخلية. تسند الوظائف الخارجية إلى المكونات التي لا تنتمي إلى الحمل أي الوظائف المبتدأ والذيل والمنادى، أو الوظيفتان الداخليتان فهما اللتان تسندان إلى مكونات تنتمي إلى الحمل (موضوعات المحمول أو لواحقه) أي البؤرة والمحور وقد استدل المتوكل (المتوكل 1985) على ورود التمييز بين بؤرتين اثنتين : بؤرة جديد وبؤرة مقابلة.
1- وظيفة البؤرة :
تسند وظيفة البؤرة إلى المكون الذي يقدم بالنسبة لموقف تواصلي معين المعلومة البارزة والأكثر أهمية. (ديك 1989 : 277).
وانطلاقاً من التصنيف الذي اقترحه المتوكل (المتوكل 1985) واستدل على وروده، يميز بين بؤرة جديد وبؤرة مقابلة.
تعرف بؤرة الجديد بأنها وظيفة تداولية تسند إلى المكون الحامل للمعلومة التي يجهلها المخاطب (المعلومة التي لا تدخل في القاسم الإخباري المشترك بين المتكلم والمخاطب) «وتعرف بؤرة المقابلة بأنها وظيفة تداولية تسند إلى المكون الحامل للمعلومة التي يشك المخاطب في ورودها أو التي ينكر المخاطب ورودها» (المتوكل 1985 : 28 – 29).
تبعاً لهذا يسري التعريف الذي أعطى لبؤرة الجديد على المكونين «مروحة» في الجملة (1 أ) والمكون «متى» في الجملة (1 ب).
1- أ- اشتريت البارحة مروحة.
1- ب- متى رجع علي من سفره؟
وينطبق التعريف الذي أعطى لبؤرة المقابلة على المكونين «بذلته» في الجملة (2 أ) والمكون «أحمد» في الجملة (2 ب).
2- أ- عن بذلته سألني أخي البارحة (لا عن حقيبته).
2- ب- الذي صادفته أثناء رحلتي أحمد (لا علي).
من الروائز التي وضعها (المتوكل 1985 / 30) للتمييز بين بؤرة الجديد وبؤرة المقابلة رائز سؤال – جواب وروائز التعقيب كما يتبدى من الأمثلة التالية :
3- أ- متى نشرت ديوانك؟
3- ب- نشرته في الأسبوع الماضي.
4- أ- مجلة اقتنى زيد (لا كتاباً).
4- ب- ما اقتنى زيد كتاباً بل مجلة.
فرائز سؤال – جواب يدل على أن المكون في «الأسبوع الماضي» الذي يبدو أبرز معلومة في الجملة (3 ب) هو الذي يحمل وظيفة بؤرة الجديد. أما رائز التعقيب الوارد في الجملتين (4 أ و ب) فمفاده أن المكون المبأر تبئير مقابلة هو المكون «مجلة» في الجملة (4 أ) والمكون في الجملة (4 ب).
تسند كل من بؤرة الجديد وبؤرة المقابلة إلى أحد حدود الحمل كما تسند إلى الحمل برمته.
ويتم إسناد الوظيفة التداولية البؤرة وفق المسطرة المتبعة في إسناد الوظائف التركيبية حيث يؤشر لها برمز يعقب الرمز الذي يؤشر للوظيفة التركيبية.
ويميز في أدبيات النحو الوظيفي، (المتوكل 1991 – 1993 أ – 2001 – ديك 1989) بين أقسام أخرى من البؤر، ويمكن توضيحها في الرسم الآتي :

تسند بؤرة الجحود إلى المكون الحامل لمعلومة من معلومات مخزون المخاطب يعدها المتكلم غير واردة، وترد بؤرة الجحود عامة في سياق النفي مثل :
- ذهب خالد إلى مراكش.
- لا، لم يذهب خالد إلى مراكش.
قد يعوض المتكلم المعلومة التي يراها غير واردة بمعلومة أخرى فتستند بؤرة التعويض إلى المكون الحامل لهذه المعلومة. مثل :
- لا، لم يذهب خالد إلى مراكش بل ذهب إلى أكادير.
ترد بؤرة الحصر في السياقات التي يكون فيها مخزون المخاطب متضمناً لمعلومة واردة ومعلومة يعدها المتكلم غير واردة كما في المثال التالي :
- لا، لم يذهب خالد إلى مراكش وأكادير بل إلى أكادير فقط.
- لا، لم يذهب خالد إلا إلى أكادير.
- لا، إنما ذهب خالد إلى أكادير.
أما بؤرة الانتقاء، فتسند إلى المكون الذي يحمل معلومة ينتقيها المتكلم من بين مجموعة من المعلومات يتردد المخاطب في أيها وارد مثال :
- إلى أكادير ذهب خالد أم إلى مراكش أم إلى الصويرة؟
- إلى الصويرة، ذهب خالد.
2- وظيفة المحـــــور :
يحدد المحور الذات التي يحمل عليها شيء ما في مقام معين أو كما يقول ديك (1978 : 19) الذات التي تدل على ما يشكل محط الحديث داخل الحمل (ديك 1989 : 266/267).
يفاد من هذا التعريف أن المكونات التي تسند إليها وظيفة المحور مكونات تختص بحملها معلومات تدخل ضمن المعرفة المشتركة بين المتكلم والمخاطب بخلاف المكونات التي تسند إليها وظيفة البؤرة وينطبق التعريف السالف الذكر على المكون «زينب» في الجملة (5 أ).
5- أ- من رافقت زينت؟
5- ب- رافقت زينب عمراً.
يتضح من المثالين أن محط الحديث هو المكون «زينب» لذلك تسند إليه الوظيفة التداولية «المحور» وفق ما تستلزمه قواعد الإسناد.
تبدى من تفحص معطيات تنتمي إلى أنسقة لغوية متعددة، أن المكون الحامل للوظيفة التركيبية الفاعل يحظى باستقطاب الوظيفة التداولية المحور ويعزى هذا الترابط القائم بينهما، حسب رأي (المتوكل 1989 : 141) إلى أنهما معاً يشكلان منطلق الجملة، المنطلق الوجهي بالنسبة للفاعل والمنطلق الإخباري بالنسبة للمحور، وهما معاً يدلان في معظم الحالات على معلومة يتقاسم معرفتها المتكلم والمخاطب، ويسندان إلى مكون يشغل أخد المواقع الأولى في الحمل. على هذا الأساس صاغ المتوكل (المتوكل 1985 : 74) سليمة إسناد المحور على النحو التالي :

يتضح من هذه السلمية أن الوظيفة المحور تسند في الحمل ذي المحمول الأحادي المحل إلى موضوع المحمول. ويميز في أدبيات النحو الوظيفي (ديك 1989) بين أربعة أصناف من المحاور : محور جديد ومحور معطى ومحور فرعي ومحور معاد. ويمكن تمثيلها كالتالي :

المحور الجديد هو الذي يدرج لأول مرة في الخطاب، وحين يعاد إدراج نفس هذا المحور في الخطاب فإنه يصبح محوراً معطى، وفي حالة مكوث هذا المحور محطاً للخطاب فإنه يعاد ذكره ويتم ذلك إما بطريقة مباشرة أو بواسطة أحد متعلقاته أو توابعه. في الحالة الأولى نكون أمام محور معاد وفي الحالة الثانية أمام محور فرعي، ويمكن إبراز ذلك كالآتي :



3- وظيفـــة المبتــــدأ :
يعرف (ديك 1978 : 19) المبتدأ قائلا «يخصص المبتدأ مجال الخطاب الذي يعتبر الحمل الموالي وارداً بالنسبة إليه» ونمثل له بالجمل التالية :
6- البيضاء، عماراتها شاهقة.
7- فاس، هل تفقدت مآثرها التاريخية؟
8- أما زينب فزوجها متقاعد.
يتضح من المثال (6) أن المكون البيضاء يشكل مجال الخطاب المحمول عليه الحمل الذي يليه، عماراتها شاهقة كما يتجلى من التمثيل التالي :

وتعنى لنا العلاقة القائمة بين المبتدأ والحمل وهي عنوان معرفة المتكلم بالعالم الخارجي، الشيء الذي يحتم أن يكون المبتدأ محيلا على شخص في متناول المخاطب إدراكه. ويصوغ (المتوكل 1985 : 120) قيد الإحالية على النحو التالي :
- قيد إحالية المبتدأ : «يجب أن يكون عبارة محيلة، أي أن يكون المخاطب قادراً على التعرف على ما تحيل عليه». يفاد مما سبق أن المبتدأ وظيفة تداولية خارجية تشغل حيزاً خارج الحمل عن يمينه، كما يتضح من التمثيل التالي : مبتدأ، [حمل].
وقد ساق (المتوكل 1985 : 122 إلى 127) زمرة من الدلائل تؤكد خارجية المبتدأ، أهمها أن المكون المسندة إليه هذه الوظيفة لا يشكل موضوعاً من موضوعات المحمول، ولا يخضع لقيود التوارد التي يفرضها المحمول على موضوعاته، ولا يحمل وظيفة دلالية ولا وظيفة تركيبية، ولا يدخل في حيز المؤشر للقوة الإنجازية، كما يدل على ذلك تقدمه عليه موقعاً في مثل:
9- المباراة، أسرع إلى اجتيازها!
10- التدخين، لا تكن مدمناً عليه؟
بل يمكن للمبتدأ أن ينفرد بقوة إنجازية تخلف عن القوة الإنجازية للحمل الذي يليه، كما يتمثل ذلك في الجملة الآتية حين نجد أن القوة الإنجازية التي تواكب المبتدأ استفهام في حين أن قوة الحمل الإنجازية مراهنة :
11- المباراة؟ أراهن على اجتيازك لها بنجاح.
تبعاً لمبدأ خارجية المبتدأ، فإن إسناد هذه الوظيفة إلى أحد المكونات يحدده الدور الموكول إليه وهو تحديد مجال الخطاب. وإذا أمكن الاستدلال على المبتدأ لا يعد جزءاً من الجملة. فإن هذا لا يعني أنه مستقل عنها الاستقلال الذي يسوغ أن تعقب أية جملة أي مبتدأ، ذلك أن من عناصر تعريف المبتدأ أن يكون الحمل وارداً بالنسبة لمجال الخطاب ومبدأ الورود الذي يحكم العلاقة بين المبتدأ والحمل.
يسوق (ديك 1978 : 19) للذيل التعريف التالي : «يحمل الذيل المعلومة التي توضح معلومة داخل الحمل أو تعدلها» ويبرهن المتوكل (1985 : 147- 148) على قصور هذا التعريف فاستبدله بالتعريف التالي : «يحمل الذيل المعلومة التي توضح معلومة داخل الحمل أو تصحيحها» ويقترح تبعاً لهذا التمييز بين ثلاثة أنواع من الذيول :
- ذيل التوضيح مثل : 12- سعدت بلقياه، خالد.
- ذيل التعديل مثل : 13- حررت الرسالة نصفها.
- ذيل التصحيح مثل : 14- أثنيت على زينب، بل على فاطمة.
يعد الذيل مكوناً خارجياً يأخذ موقعه خارج الحمل عن يساره، إذ لا يمكن أن يتقدم على الحمل ويحافظ على الأدوار التي يقوم بها من توضيح وتعديل وتصحيح ذلك أن أدواره تحتم عليه أن يقع خارج الحمل عن يساره كما يتبين من الشكل التالي [حمل]، ذيل.
4- وظيفة المنادى :
ارتأى المتوكل 1985، أن يستودع لائحة الوظائف التداولية، وظيفة تداولية جديدة هي وظيفة المنادى ويعرفها كما يلي : «المنادى وظيفة تسند إلى المكون الدال على الكائن المنادى في مقام معين» يتضح من التعريف أن المنادى وظيفة تداولية مرتبطة بالمقام، تسند إلى أحد مكونات الجملة، تمايز النداء كفعل لغوي يحدد جهة الجملة، ويعد المنادى وظيفة خارجية إذ إن المكون المسندة إليه ليس موضوعاً من موضوعات المحمول، وبالتالي فلا تسند إليه وظيفة دلالية ولا وظيفة تركيبية ويختص بكونه يخالف دائماً من حيث قوته الإنجازية (النداء) الحمل كما يتضح من الجمل (15 أ – ج).
15- أ- يا زينب، هات المدفأة.
15- ب- يا زينب، لا تتأخري عن موعد العشاء.
15- ج- يا زينب، متى سترحلين؟
فالحمل في (15- أ – ج) تواكبه قوة الإنجازية الأمر والقوة الإنجازية النهي والقوة الإنجازية السؤال على التوالي، في حين أن المكون المنادى يأخذ في الجمل الثلاث قوة إنجازية ثابتة هي النداء.
5- الإحالة في النحو الوظيفي.
نالت الإحالة حظاً غير قليل من الدراسة في أدبيات النحو الوظيفي (ديك 1978 و1989 و1997 – ج أ، بويدح 1990، رايكوف 1992، كايزر 1992، المتوكل 1995 و1996). فالإحالة فعل تداولي تعاوني بين متكلم ومخاطب في بنية تواصلية معينة وفقاً للنموذج التالي : «يحيل المتكلم المخاطب على ذات بواسطة حد»(ديك 1997 – ج 1 : 127).
أ- الإحالة في النحو الوظيفي فعل تداولي لأنها ترتبط بموقف تواصلي معين، أي لأنها ترتبط بعبارة أدق بمخزون المخاطب كما يتصوره المتكلم أثناء التخاطب.
ب- الإحالة عملية تعاونية لأنها تستهدف تمكين المخاطب من التعرف على الذات المقصودة ويتم ذلك عن طريق إمداد المخاطب بكل المعلومات التي يملكها المتكلم عن الذات المقصودة والتي تمكن المخاطب من انتقائها من بين مجموعة من الذوات.
ويمكن أن نلخص الدور الذي تقوم به الإحالة في عملية التخاطب في ما يلي :
- تسهم الإحالة مع العناصر الأخرى في خلق اتساق الخطاب وضمان استمراره ويتم ذلك بربط الخطاب بنموذج ذهني واحد متماسك من بداية الخطاب إلى نهايته.
- ضمان عملية التواصل ذاتها.
6- الأفعال اللغوية والاستلزام الحواري في النحو الوظيفي :
يميز في إطار نظرية الأفعال اللغوية بين المحتوى القضوي للجملة، وبين قوتها الإنجازية، والتي يمكن أنتكون أمراً أو وعداً أو سؤالاً أو إخباراً. ويصنف الفعل اللغوي حسب سورل (سورل 1972) إلى فعل لغوي مباشر وفعل لغوي غير مباشر أو ما يصطلح عليه كرايس (كرايس 1975) بالاستلزام الحواري. ويمثل النحو الوظيفي للفعل اللغوي المباشر بالقوة الإنجازية الحرفية أما الفعل اللغوي غير المباشر فيمثل له بالقوة الإنجازية المستلزمة. وقد تم التمثيل، أيضاً في النحو الوظيفي لنوع من المعاني الضمنية أو المستلزمة والتي يشترك في معرفتها كل من المتكلم والمخاطب، وتخضع للمقام الذي تم استعماله فيه. كما يظهر من المثال الذي أورده سيمون ديك 1978 كالتالي :
A- How many employees does Johnson have?
B- Johnson has 35 employees.
حيــث إن الجواب لا يمكـن فهمــه إلا بربـطــــه بالـمـقــــام، وقد مثل سيمــون ديــــك (ديك 1978 : 8) لهذا النوع من المعاني بالتمثيل التالي :
 DECL press have (dixi : Johnson (xi)) Φ Subj Top.
(35xj : employeen (xj)) Go obj : Foc
Decl 35 Foc.
حيث أسند وظيفة البؤرة للعنصر الوارد جواباً على السؤال.
خـــــــاتـــــمـــــة :
استطاع النحو الوظيفي أن يمثل لعدد عام من المعلومات التداولية وذلك عن طريق وضع قيد الإحالة الذي يضبط إسناد الوظائف التداولية التي تتميز بكونها مرتبطة بالمقام أي أن تحديدها لا يمكن أن يتم إلا انطلاقاً من الوضع التخابري القائم بين المتكلم والمخاطب في طبقة مقامية معينة.
ونستخلص مما سبق أن النحو الوظيفي يفتقد لقواعد تضبط إسناد الوظائف التداولية، حيث نجد أن المكون المخصص للتمثيل للمعلومات التداولية يتضمن شروطاً أو قيوداً تضبط إسناد هذه الوظائف ولكن ليست هناك قواعد تحكم عملية الإسناد.


المراجـــــع المعتمـــــــدة
• أحمد المتوكل : 1985، الوظائف التداولية في اللغة العربية، دار الثقافة، الدار البيضاء.
• أحمد المتوكل : (1993 أ)، آفاق جديدة في نظرية النحو الوظيفي، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط.
• أحمد المتوكل : 1995، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية البنية التحتية أو التمثيل الدلالي التداولي، دار الأمان، الرباط.
• أحمد المتوكل : 2001، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية الخطاب من الجملة إلى النص، دار الأمان، الرباط.
• عز الدين البوشيخي، 1990، النحو الوظيفي وإشكال الكفاية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا، مرقونة كلية الآداب، مكناس.
• Dik. Simon (1978), Functional Grammar. Amsterdam, North Holland.
Dik. Simon (1989), the theory of functional Grammar, Part 1: the structure of the clause, foris publications, Dordrecht, Holland.
[img][/img][center]

السلام عليكم اشكركم جزيلا على هذا الكتاب وعلى المنتدى الذي ساهم بالكثير في توفير الكتاب لمريده وجلسائه مرة اخرى شكرا لكم وجزاكم الله بكل حروف الكتب حسنات والحسنة بعشر أمتالها