غالية الذرعاني مشرف منتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 268 نقاط : 511 تاريخ التسجيل : 29/04/2010 المهنة : معلمة
| موضوع: التمازج الثقافي العربي الأفريقي 2010-10-07, 22:26 | |
| الثقافة هي أسلوب الحياة السائدة في أي مجتمع بشري فمنذ البدايات الأولى للجنس البشري والثقافة هي أهم ما يميز المجتمع الإنساني عن المجتمعات الحيوانية فعادات الجماعة وأفكارها واتجاهاتها تستمد من التاريخ وتنتقل تراثا اجتماعيا إلى الأجيال المتعاقبة واللغة هي العامل الرئيس لنقل الثقافة وإن كانت بعض أنماط السلوك والاتجاهات تكتسب بوسائل أخرى غير اللغة ودرجة تعقد التنظيم الثقافي تساعد على التمييز بين تحضر الجماعات . فاللغة إذن هي وسيلة الاتصال بين البشر في شكل أصوات منظمة وهي السمة الفريدة التي يتميز بها الجنس البشري ولهذا فللغة دور مهم في خلق المعرفة ووسيلة التعبير عن الأفكار وخلق روابط بين المجتمعات البشرية وبناء جسور التواصل بين بني البشر. واللغة العربية هي إحدى اللغات التي تميزت بعدة مزايا جعلتها من أرقى اللغات ، فاللغات باعتبارها ظاهرة اجتماعية تتعرض للنمو والازدهار والتقلص والتخلف فقد كانت قبل حين من الزمن توجد لغات محلية بجماعات معزولة وبطبيعة الحال هناك ظروف مختلفة الطبائع تتدخل في خلق هذه الظواهر من بينها الأوضاع السياسية والاقتصادية والعلمية والفكرية المتصلة بحضارة اللغة المعنية. وفي إطار هذه المسميات نجد الشعوب الإسلامية ترتبط بالتراث العربي بروابط روحية وفكرية باقية ، مثلث الصلة الممتدة بين تلك الشعوب والأمة العربية تمثلت في اللغة العربية لغة القران الكريم. وبما أننا بصدد تناول موضوع البعد التاريخي للثقافة العربية الأفريقية فحري بنا أن نشير أيضا إلى التاريخ بأوسع معاينة هو قصة ماضي الإنسان وهو عرض منظم مكتوب ومسموع للأحداث خاصة تلك التي تؤثر في أمة أو نظام أو علم أو فن. والتاريخ لا يسجل الأحداث الماضية باعتبارها خطوات في التقدم البشري فحسب بل يسعى أيضا إلى إيضاح أسباب هذه الإحداث ودلالاتها ويعرضها على نحو يدل علي تشابكها معا في قصة واحدة. إن الروابط الثقافية بين شمال أفريقيا وبين مناطق الصحراء قد وجدت منذ زمن بعيد وأن ثمة نوعا ما من العلاقة كان قائما عبر السنين بين أولئك الذين عاشوا في كلا الجانبين من الصحراء وقد استمرت تلك العلامة تشق طريقها عبر التاريخ إلى داخل القارة حاملة معها مختلف المؤثرات العربية فقوي التواصل بين أبناء القارة وتطور تطورا ملحوظا بفضل انتشار الإسلام حيث كان اعتناق غالبية السكان في مناطق جنوب الصحراء الإسلام له أثر بعيد في حياتهم المدنية والاجتماعية والثقافية والإسلامية. استمر الإسلام والثقافة العربية على نشاطها حيث أصبحت بعض أقطار ومدن الصحراء مراكز إشعاع للحضارة الإسلامية المزدهرة وهكذا يتضح لنا أن الجذور التاريخية للثقافة العربية الإسلامية في هذه المناطق تعود إلى قديم الزمان حيث كانت هي الزاد الذي حمله المسلمون الأوائل إليها وكان هدفهم سليما وهو نشر الإسلام وما تبعه من نشاط اجتماعي . وعن هذا الطريق استطاعوا نشر اللغة العربية والحضارة الإسلامية من جهة والثقافات المحلية من جهة أخرى على نحو أدى في النهاية إلى أن أصبحت الثقافة العربية الإسلامية هي أساس التعامل في كافة نواحي الحياة واسهم ذلك في ازدهار النشاط الثقافي والحركة الأدبية ومن ثم تكون مجتمع إفريقي متميز عبر عن نفسه من خلال إنشاء مراكز ومدن إسلامية تحمل طابعا ثقافيا خاصا مثل مدن: تمبكتو ونجيمي وغيرهما. إن دخول الإسلام واللغة العربية لافريقية يعد ظاهرة ثقافية لها أهميتها إذ بدأ تشكل الثقافة الأفريقية من جديد يتأثر بهذين العاملين ، وهذا يقودنا إلى الحديث عن دور ليبيا في هذا المضمار وقد كان دورا رئيسا ومؤثرا فليبيا تعتبر تاريخيا ومنذ أقدم العصور البوابة الرئيسة لنقل المؤثرات العربية الإسلامية إلى دواخل أفريقيا بفضل شبكة الطرق الصحراوية التي تخترق ليبيا وتربطها بشمال القارة الأفريقية وشرقها وغربها ووسطها. وجدير بالذكر في هذا المجال أن التواصل الثقافي العربي الإفريقي بين دول الشمال والجنوب لم يأت من اتجاه واحد أو بعبارة أخرى لم يكن هناك فرض ثقافة أجنبية على ثقافة محلية بدائية ومع اعترافنا بوجود تأثير ثقافي قوي قادم من الشمال في حقبة تاريخية معينة فإن هناك حقيقة يجب عدم إغفالها أو إنكارها هي وجود تأثير مواز امتد من السودان الأوسط نحو الشمال وبهذا يكون الامتزاج العربي الإفريقي هو فضاء أوجده التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك والأعراق القريبة من بعضها البعض. |
|