سنغافورة تلك الدولة الصغيرة التي لا تزيد مساحتها اليابسة عن 612 كم مربع وعدد سكانها حوالي ستة ملايين 70% من أصول صينية و14% من الماليزين والبقية من الهنود والاندونيسيين وبعض الآسيويين، هذه الدولة الصغيرة لا توجد بها أي موارد طبيعية حتى مياه الشرب تأتيها من جارتها ماليزيا، تلك الدولة التي استقلت عن بريطانيا منذ 43 سنة مضت، ولم يبقي فيها الاستعمار إلا مبنى مقر الحاكم العسكري، هذه الدولة الصغيرة شقت طريقها بكل جدارة ومثابرة لتكون في مصاف الدول المتقدمة بشرق أسيا ومشهود لها بالتقدم العلمي والاقتصادي، عندما اختارت ليبيا المناهج السنغافورية لتدريسها في مدارسنا، لا شك أنها اختارت الأفضل في العالم من حيث الجودة والتميز، في ظرف يكون فيه التعليم في ليبيا في أمس الحاجة إلى نظرة جادة لبناء دولة حديثة، وهذا يتطلب عدة إجراءات عملية سواء كانت المسبوقة منها أو اللاحقة لتطبيق هذه المناهج بالصورة المثلى والاستفادة منه بشكل كامل. أن ترجمة وطباعة هذه المناهج (الكتب) وتوزيعها على المدارس من السهولة بمكان حيث أنها لا تتعدى عملية بيع وشراء، فالأهم في عملية نقل المعرفة (التقنية والعلوم) هي دراسة بيئة المنقولة إليها ووضع استراتيجية متكاملة تبدأ بالتحليل للواقع وتنتهي بالتنفيذ، وهذا لا يتأتى بوجود وسيط أجنبي ينتهي مع انتهاء الصفقة بل بخبرة وطنية تعرف الواقع بالمعايشة، وقد تتخذ طريق المقارنة لمعرفة التشابه والاختلاف بين هذا الواقع وذاك، وبالتالي تأخذ التدابير العلمية لتطويع التجربة لتكون مناسبة للبيئة الجديدة. هذه الدراسات ينبغي أن تأخذ في الاعتبار نوعية المعلمين الذين سيدرسون هذا المنهج وما يحتاجونه من تدريب والمدارس والتقنيات المساعدة وكذلك نظم المتابعة وغيرها من الخطوات لضمان نجاح التجربة.
ولو نأخذ سنغافورة كمثال لتطبيق مناهجها في المدارس الرسمية نجدها تمتلك خبرة متراكمة واستراتجيات غاية في الدقة ولها آليات للمتابعة المستمرة والدقيقة لقياس جودة العملية التعليمية، رغم النجاح الذي تحققه في هذا المجال خلال السنوات الماضية نجدهم مازالوا يقدمون التصورات والخطط المبرمجة لعملية تطوير التطوير. لتشمل طرق إعداد المعلم وتطوير المناهج وأساليب التعلم وغيرها.
ما حولت تقدمة في هذا السياق هو إعطاء فكرة عن هذه الدولة الصغيرة وترجمة التوصيات التي قدمتها وزارة التعليم السنغافورية في خطة عمل إلى سنة 2015. من خلال الحلقة الدراسية التي أقيمت بتاريخ 25 الفاتح 2008 والتي استعرضت فيها عدد من نقاط الأساسية لتطوير المعلمين من الجيل الجديد بالمدارس. حيث نشرت هذه التوصيات على موقع الوزارة ( http://www.moe.gov.sg ) وذلك للإطلاع لعل يتم الاستفادة منها من ذوى الشأن.
تطوير فريق مدرسي لجيل جديد
1- بناء فريق مدرسي قوي يعد أمرا هاما لاتصال التعليم المبني على الجودة لكل طفل. عليه ستقوم وزارة التعليم بتعيين الخريجين فقط كمدرسين بحلول عام 2015. وإدخال برامج لتطوير التطور المهني لقوى التدريس الحالية، وكذلك ستقوم الوزارة بتنمية مجموعة التربويين المتحالفين بالمدارس لتزويد المدرسين بدعم اكبر لتعزيز التعليم الشامل. سيتم إدخال مشروع مهني للتربويين المستجدين للاعتراف بمساهماتهم وتنمية تقدمهم المهني.
2- رفع الحد الأدنى لتأهيل المدرسين الجدد
التدريس ذو الجودة العالية يتطلب تطبيق جيد للمناهج والتدريس والتقييم، فالخبرات السابقة أوضحت أن ازدياد عدد الخرجين التربويين في المدارس الابتدائية ساعد على ازدياد المستوى التحصيل. ففي إحدى المراجعات للجنة مراجعة التعليم وتطبيقاته التي ترأسها الوزير الأول للدولة طالبت بأن يحمل كل المدرسين الجدد درجات علمية كحد أدنى للتأهيل، وهذا يشمل توظيف الحاصلين على شهادات الدبلوم بمستوى ممتاز والذين يؤهلون للحصول على ليسانس آداب من المعهد الوطني للتربية، وبكالوريوس علوم في البرامج التربوية.
3- تقوم وزارة التعليم حاليا بتوظيف مدرسين من أفضل 30% من كل دفعة، ولقد وصلت نسبة الخريجين من المدرسين المعينين حديثا إلى 69% للمدارس الابتدائية 92% للمدارس الثانوية. وفي ذات الوقت ازداد عدد المدرسين الغير خريجين والمتحصلين على شهادات تدريب أثناء الخدمة من 256 سنة 2004 إلى 364 سنة 2008. وحاليا ارتفعت النسبة إلى 55% من مدرسي المرحلة الابتدائية (الأساسية) 91% من مدرسي المدارس الثانوية خريجون.
4- وباعتبار أن المزيد من الحاصلين على الدبلوم يتحصلون على درجات جامعية، فإننا سنوسع معدل اشتراك الدفعات الجامعيين بنسبة 30% في عام 2015 . فقد حان الوقت للجوء إلى تعيين المدرسين الحاصلين على درجات علمية أو مؤهلين فقط للبرنامج التعليمي ما قبل الجامعة.
5- أن الدقة في اختيار الأستاذ يجب أن تستمر إلى جانب المؤهلات الأكاديمية وستكون أسس البحث هي استعداداته للتدريس وما إذا كان لديه شعور ذاتي قادر على تنشئة صغر السن، والإلمام بالمعرفة والمهارات التعليمية التي يمكن اكتسابها من خلال سنوات إضافية للدراسة الجامعية، بحيث تعد دوما أصولا للعملية التعليمية.
6- الأنظمة التعليمية ذات معدلات الأولى العالية في العالم لها أساتذة ذوي مؤهلات عالية. فمثلا الدول مثل كوريا ونيوزيلاند ا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية تطلب من المدرسين أن يكونوا خريجين بينما في فنلندا يطلب من المدرسين أن يكونوا حاصلين على شهادة الماجستير، وكذلك هون كونج تتجه حاليا نحو أن يكون كل القوى التدريسية من الخريجين ذو الشهادات العليا.
7- لجنة التعليم الابتدائي واستعراض التنفيذ ( PERI ) تمكنت من إيجاد فرص جديدة للمتدربين أثناء الخدمة من الغير خريجين للرفع من تأهيلهم. واليوم هناك الكثير من المدرسيين الممتازين من حملة الدبلوم فقط، وسيكونون أعضاء مهمين للفريق المدرسي حيث لا يكون هناك تغييرا في برامج المنخرطين فيها ذات التقدم في المسار. وفي مجالات كاللغات ومجالاتها التخصصية سيكون هناك أماكن شاغرة أيضا للتوظيف من حملة الدبلوم دوي المهارات التخصصية.
التطور المهني والنمو
1. يجب أن يكون مهنة التدريس مهنة متعلمة.
2. تشجيع وزارة التعليم للمدرسين للدراسة بالداخل والخارج.
3. إدخال برنامج جديد للتربويين المتحالفين.
4. المزيد من التربويين المتحدين (التدريس والتعلم) لدعم المدارس.
انتهت التوصيات الوزارة