زيان ليلى .عضو مشارك
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 13 نقاط : 37 تاريخ التسجيل : 21/05/2010 المهنة : أستاذ مكلف بالدروس بجامعة بشار الجزائر
| موضوع: الفصيح في المثل الشعبي - دراسة تأثيلية - 2010-05-22, 21:04 | |
| الفصيـح في المثل الشعبي - دراسة تأثيلية - كثيرٌ من الكلمات العامية هي سامية الأصل و فصيحة المبنى و المعنى إلى حدٍّ بعيد ، يدعو إلى الاهتمام و البحث . و هذا الموضوع يهدف إلى الكشف عن العلاقة الموجودة بين اللفظ العاميّ و اللفظ الفصيح ، و ذلك من خلال المُدوّنةِ اللهجيةِ : المثلِ الشعبيِّ بمنطقة سيدي بلعباس ، و هذا قصْدَ تنبيهِ العامّة على مدى محافظة العامية على المعنى الأصيل الذي من أجله وُضعت اللّفظة ؛ كي لا يعرضوا عن هذه الموادّ العامِّية ؛ إذ ظنُّوا أنَّها مُولَّدة أو دخيلة ، لا تَمُتُّ بنسبٍ أو سببٍ إلى العربية الفصحى .وهذه مختارات من الأمثال الشعبية بمنطقة سيدي بلعباس قُمنا بدَرْسِها دراسةً تأثيلــية :1- ادهن السِّير يْسِير : يقال في تقديم الهدايا للحصول على الشيء ، كما يقال في الرِّشوة ، وعندئذٍ يأتي في سياق التعريض بمن نال غرضه بها. وفي كلتا الحالتين فإنّ هذا المثل يُصوِّرُ واقعًا منحطاًّ ، وهو في الحقيقة مقطع من رباعية الشيخ عبد الرحمن المجذوب، شاعر الملحون المغربي[1]؛ إذ يقول[2] :ادهن السِّير يسيرْ *** وبِه ترطاب الخْرَازَه النقبَة تجِيب الطير *** من باب سوس لْتَازَه السِّير : هو السَّيْر في اللغة الفصيحة ، والسَّير ذو معنيين ، وهما في هذا المثل على الترتيب التالي : السَّيْرُ : هو حبل من الجلد[3]، وهذا ما جاء في ( لسان العرب ) ؛ فالسَّيرُ فيه : هو ما يُقدُّ من الجلد وجمعه سُيُورْ، وما قُدَّ من الأديم طولاً[4]. ومعنى الثاني للسَّير هو الذهاب كالمسير[5]. فألفاظ هذا المثل – إذاً – كلها لا تبعد عن الفصاحة بشيء.2- ضَرْبَه بَالفاَس خِير عَشرَه بالقَدُوم : وهذا المثل فصيح إلى حد بعيد : إذ نجد أنَّ لفظة ( القَدُوم ) بمعنى القَادُوم : وهي آلة للنَّجْر مؤنَّثة[6]، والفاس بمعنى الفأس وهي آلة للحفر، تُنطق في عامِّيتنا بتخفيف الهمزة، وهي ظاهرة كانت شائعة في بعض اللهجات القديمة[7].3- سِيدِي ِزينْ وْزَادْتَّه حَبَّه فَالعَينْ. يُضرب في الشخص الذي يعيش في أزمة ويقع في ورطة. وألفاظُ هذا المثل كلها فصيحة؛ ولفظ ( ِزين ) هو الزَّين : وهو ضد الشَّين ، والعوام ينطقون كلا اللَّفظين بالكسر. قال سحيم بن وثيل :ألا ليس زَيْنَ الرَّحْلِ قطع ونمرق *** ولكنَّ زَينَ الرّحل – ياميُّ – راكبُه[8] ونرى في المثل أن الواو ، وهي حرف عطف ، سقطت منها حركة الفتحة وهي ظاهرة شائعة في كثير من الحروف في العامية الجزائرية ، وخاصة في سيدي بلعباس ، وذلك يتناسب وظاهرةَ الخِفة والسرعة في نطقها.4- الزَّلْط و التْفَرْعِينْ.يقال في الشخص الفقير الذي يتكبَّر على الناس وهو لا حول له ولا قوة. ولفظة ( الزَّلْط) عند سكان سيدي بلعباس تعني الفقر وقلة المال ، وجاء في مستدرك التاج :" ومما يستدرك عليه ( أي على صاحب القاموس ) الزلَط محركَة الحصَى الصِّغار، مثل حصى الجمرات ، ويشبَّه بها الفول الذي لم يُدش ، وهي عامية. وكذا قولهم زَلَطَ اللُّقمة زَلطًا إذا ابتلعها من غير مضغ[9]. وورد في ( قاموس ) أن الزَلَط هو المشي السريع[10]. وعليه فإنَّ لفظة ( الزَلْط) الواردة في المثل هي فصيحة وضعًا لا دلالة.أما لفظة ( التفرعين ) فهي من تَفَرْعَنَ : أي تخلَّق بخلق الفراعنة ، والفَرْعَنَة الدَّهَاءُ والنُّكْرُ[11] ، وعليه نجد أن أهل سيدي بلعباس يمدُّون ( التَّفَرْعُن) فيقولون ، الزَّلْط والتفرعين ، بدل : الزَّلط والتفرعُن.5- حمُّو شِين وعْبَايْتَه زِينَة.يضرب للشخص الذي يدُّم آخر ، ويذكر مساِوئه ، وفي الحين نفسه هو يستفيد منه لأجل المصلحة.ولفظة ( الشِّين) الواردة في المثل هي فصيحة ، وهي ضد الزَّين في اللغة العربية ، وقد أوردنا هما سابقا ، وتطلق لفظة ( الشِّين) على الشيء القبيح ، قال لبيد:نَشِين صحاحَ البيد كُلَّ عشيه *** بعُوج السرَّاء عند باب محجَّب يريد أنهم يتفاخرون ويتخطُّون بِقِسِيِّهم على الأرض فكأنَّهم شانوها بتلك الخطوط. وفي حديث أنس -رضي الله عنه- يصف شعر النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم : ما شَانَهُ الله بيضاء ، والشَّينُ العيبُ[12]. وحين ننطق المثل بالفصيح نقُول : حَمُّو شَيْنٌ وَعَبَاءَتُه زَينَة ، نجد أنَّ لفظة ( عْبَايتُو ) أصلها فصيح ؛ فقد أُبدلت الهمزة ياء ، وأُبدِلت هاء الضمير واوًا.6- الشِّيعَه قََمْحْ وَالبَنَّه مَلحْ. يضرب هذا المثل على الشخص الذي يشيع وسط الناس ، في حين أنَّ صديقه هو الذي بذل الجهد الجهيد. وألفاظ هذا المثل كلّها فصيحة. ذكر الدكتور عبد المالك مرتاض أن ( البنَّة ) على وزن الجنة ، ينطقها العوام نطقا صحيحًا ويستعملونها استعمالاً فصيحًا ؛ إذ يقصدون بها الرائحة الطيِّبة التي تبقى من أثر الطعام اللّذيذ ، وربما استعملوها لمطلق الرائحة من حيث هي[13]. ويقول أبو عثمان الجاحظ في : " وصف المدينة ، وفي ريح ترابها ، وبَنَّة تُرْبَتها... دليل على أنَّها جعلت آية ، حين جعلت حرماً "[14].7- الهَدْرَه عْلِيَّ وَالمَعْنَى عْلَى جَارْتِي. يقال في التضليل؛ بمعنى أنَّ الرجُل يريد شيئًا ويُوهم بآخر، والمثلُ تحريف للمثل العربي القديم[15]، الذي يقول :" إيّاك أعنِي واسمعي يا جارَة"[16]. ولفظة ( الهَدْرَه) : يريدون بها الكلام، وهي مأخوذة من لفظ " الهذْر" الفصيح، على أنهم يستعملون لفظ الكلام أيضًا[17]. وكل ألفاظ هذا المثل فصيحة.8- الخُلْطَة تَرْدِي وَالجْرَبْ يَعْدِي. ألفاظ هذا المثل فصيحة، لا يتطرّق إليها الشك، ما عادا لفظة ( تَرْدِي ) التي تبدو أنها لا تمت إلى الفصاحة بصلة. لكن أصلها من الرَّذيلة، من فعل : رذُُلَ، وأَرْذَلَ فلانٌ ورَذَلَهُ: أي أوقعة في الرذيلة[18]. واستعاضوا عنها بحرف المد الياء ( ترذل ---- ترذي ). ثم أبدلوا الذال دالا ولفظة ( تردِي ) تطورت من الفصيح ( ترْذِلُ ) عبر الزمن إلى درجة أنّهم حذفوا اللاّم فصارت ( تردي ). أما لفظة ( الخُلطَة ) فهي تعني الاختلاط، من فعل : خَلط يخلط خلطًا، واختلط اختلاطا.10- العْرُوصَه فُوقْ الكُرسِي مَا تحصِي ِوين تْرَصِّي. يضرب هذا المثل للشخص الذي يؤكد على فعل شيء، وأنه سيملكه لا محالة، متناسيا قضاء الله وقدره. ولفظة ( تحصي ) فصيحة، فهي من فعل : أحصَى، نقول أحصى الشيء : عدَّه وعقَلَه[19] : أي ظَنَّه. ولفظة ( ِوين) أصلها من ( أيْنَ) الفصيحة؛ فقد قلِبت الهمزة واوًا في العامية، ثم كُسِرَت. أما لفظة ( تْرَصِّي) فهي على الأرجح من لفظ: رسَا يرسُوا رُسُوًا :بِمعنى ثَبَتَ وربما أصل اللفظ من رسَّى أي ثبَّت[20]، واستبدلت السين صادًا في العامية.11- صَامَطْ لاَمَطْْ. ينطبق هذا الوصفان على الأطفال الطائشين المزعجين، وقد يوصف بهما أيضاً الدخلاء من الناس، كما قد يوصف به الطبيخ الذي لا طعم له[21]. ولفظ ( صامَط) من سَمَطَ اللَّبَن: ذهبت حلاوته[22]. أما لفظة ( لامَط) فهي مجرد تأكيد للمبالغة لصفة ( سامَط)، وهذا الأسلوب جارٍ على سنَّة العرب الفصحاء في بعض كلامِهم : هذا حَلاَلٌ بَلاَلٌ، وهذا الطعام حَارٌّ يَارٌّ[23].12- المَاكْلَه صُورْطُو وَالخَدْمَه مُورْطُو. ولفظة صَرَطَ من سَرَطَ: أي ابتلع وشرِه، إلاَّ أنَّهم في العامية لا يستعملون ( سَرط ) لمعنى الأكل العادي، إنما يستعملونها في معنى المبالغة في هذا المعنى الذي يبلغ حدّ الشرَه والنَّهَم الشديدين[24]. وأهالي سيدي بلعباس يبدلون السين صادا. اما مُورْطُو : أصلها من : مَرَطَ وتعني في العربية الفصحى : أسرع وجمع[25]، وهي من حيث المعنى ضد المعنى الذي يتداولونه في العامية في لفظة ( مورطو)، والذي هو : التباطؤ والتثاقل.13- المَنْدَبَه كْبِيرَه وَالمَيَّتْ فَارْ. يُضرب هذا المثل عامة على من يهوِّلون الموقف البسيط، ويجعلون من الأمر الهيِّن أمرًا عظيمًا، ويبالغون في تلقي الأمور ومعالجتها. ولفظة ( المَنْدبَه ) فصيحة؛ فهي من لفظ: نَدَبَ الميت : أي بكاه وعدَّد محاسنه، والاسم النُّدبة[26]، والمَنْدَبَة على وزن مَفْعَلَة، وأحيانًا في العربية يكون المصدر على وزن مفعَلة كاسم المكان.14- لاَّ صَوْطَكْ القَايَدْ لَمَّنْ تَشْتْكِي.يضرب للشخص الذي ظُلِم من آخر يملك هو زمام أمره. وألفاظ هذا المثل في معظمها فصيحة؛ فلفظة ( صَوْطَ ) من لفظ ( السَوْط ) : ومعناه الشدَّة والضرب، وما يُضرب به[27]، قال تعالى :﴿ فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ﴾[28] أي نوعًا من العذاب[29]. أمَّا لفظ (لَّ) فيبدو أنها تقابل في العربية ( إذا ) الشرطية، وعليه فإنها عامية وضعا ودلالة.15- خَفّْ تَخْتْبَلْ. نجد أنَّ لفظة ( تَخْتْبَلْ ): من اختَبَل فلانًا: جَنَّنَهُ[30]. واختبَل في الفصحى فعل متعدٍّ، وفي العاميَّة هو لاِزم بمعنى: جُنَّ، إذا ثمة تطور في استعمال بعض الأفعال بين التعدية واللزوم.16- هْرَبْ مَدِّيبْ طَاحْ فِي جْرَاهْ .يضرب للشخص الذي هرب من أمرٍ خافه أو من شرٍّ، فوقع في أمر أسوأ منه. وألفاظ هذا المثل فصيحة، فلفظة ( طَاحْ )هي من طَاحَ: يَطُوحُ وَيَطِيحُ بمعنى : هلك وسقط وتاه[31]. ويبدو أنَّ ( جْرَاه ) هي جمع جَرْو.17- قَلْبِي عْلَى تَمْرَه وْقَلْبْ مَّ عْلَى جَمْرَه.يضرب هذا المثل للطِّفل أو الشاب المتهور الذي يسهر مع رفقائه، بينما أمّه أو ذويه في أشد القلق عليه. ونحن لا نرى في هذا ما يتنافى والعربية الفصيحة؛ فلفضة (مَّ) قد تشد الانتباه للوهلة الأولى؛ إلاّ أنّنا نجد العربية تسَّاهل في مثل هذه الأسماء المضافة إلى ياء المتكلم؛ إذ يتوسعون في استعمالها توسعًا واضحًا، فنجد في القرآن الكريم قوله تعالى ﴿ قَالَ ابْنَ أُمَّ إنَّ القَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي﴾[32] فلم تقل الآية : يا ابن أُمِّي ، وإنَّما قالت : يا ابن أمَّ، بفتح المِيم المشدّدة[33]. حقًّا أنَّ الاستعمال في الآية تختلف طريقته عنها في المثل الشعبي، في لفظ ( الأم ) ولفظ ( الأب)، لكن لما كثر تردَادُها في النّداء فقد عُوملا معاملة خاصة، وجاز فيهما وحدهما، ما لم يجز في بقية الأسماء[34]. ثم استغل العوام هذا، وأخذوا اللّفظ من باب المنادى مباشرة، وكما يردد على الأفواه بكثرة، استعملوه في الخبر كما يُستعمل في الإنشاء[35]. 18- اللِّي مَاجَا مْعَ العْرُوصَه مَا يْجِي مْعَ مْهَا.والمراد أنّ ما لا يأتي مع العظيم في وقته لا يأتي مع غيره وفي غير وقته. فالمثل يقال في التحذير من الأماني الفارغة، ولفظة ( اللِّي ) منحوتة من ( الَّذِي )[36].19- قْطَعْ الهَبْرَه تَبْرَا.يقال في استئصال جذور الشر، وعدم الميل إلى الحلول الجزئية كطلاق الزوجة اللئيمة، أو مفارقة القريب اللّدود او الشريك[37]. وألفاظ هذا المثل فصيحة؛ فلفظة ( الهَبْرَه) فصيحة، ومعناها في العربية : البَضْعَةُ من اللّحم لا عظم فيها، يقال : هَبَرَ لفلان هَبْرَةً : قطع له قِطعَةً[38].20- كْفِ القَدْرَه عْلَى فُمْهَا تَشْبَهْ مْهَا.يضرب للبنت التي تشبه أمها في طبعها وتصرفاتها. ومما يلاحظ أنَّ ألفاظ هذا المثل كلها فصيحة؛ فلفظة ( كْفِ ) تبدو أنّها من الفِعل : كَفَأَ يَكْفُأُ الشيءَ : بمعنى كبَّه وقلبه[39]، وفعل الأمر : اكفأ، ثم حذفت الهمزتين في العامية، فصارت: كْفِ، ولفظة ( مْهَا) : من أمِّها، تنطق في عاميتنا بحذف الهمزة.21- بَّ وَصَّى عَمِّي عْلِيَّ، وِلاَ مَا كْلاَنِي عَمِّي مَا يَكُلْنِي حَدْ.يضرب هذا المثل للشخص الذي ظُلم من أقربائه، أو أخذ حقه من الإرث، وممّا يُلحظ على المثل أنَّ كل ألفاظه فصيحة إلى حد بعيد؛ فلفظة (بَّ) تقابلها في العربية (أبِي)؛ حذفوا الهمزة في العامية واستعاضوا عنها بتشديد الباء، وحذفوا الياء المدِّية، فصارت: بَّ. أما لفضيتي ( كْلاَنِي ) و (حَدْ ) فقد حذفت منهما الهمزة.22- الحْظَ غْلَبْ القْظَ. نجد أنَّ ألفاظ هذا المثل فصيحة. فالحْظَ : ربما أصلها من الحَذرْ، حذفوا الراء ثم استبدلوا الذال ظاء. أمّا لفظة ( القْظَ) من القضاء: حذفوا الهمزة، واستبدلوا الضاد ظاء.23- جَا يَاكُلْ الفْرِيكْ وَلَّى شْرِيكْ. يضرب للشخص الذي يتطاول إلى ما ليس له، والذي يستعمل الحيلة في اكتساب الأشياء. ولفظة ( الْفرِيكْ) : لفظة عربية فصيحة، وهي تشيع كثيرا على ألسنة الناس عندنا، ولا سيما الفلاحون الذين يفركون القمح، في أوَّلِ إبّان نضجة وبلوغه، قبل جفافه. والفريك من أحبِّ ما يأكل وألذَّه[40] وجاء في لسان العرب : أفْرَكَ الزرع : إذا بلغ أن يُفرك باليد، وفَركتُه وهو مفرُوك وفرِيك[41].24- المَكْسِي بْرَزْقَ النَّاسْ عَرْيَانْ.يضرب للشخص الذي يتطاول ويتباهى بما ليس له، ويتفاخر على الناس. وهذا المثل ألفاظه فصيحة. فالمكسي من كسا يكسو فهو كاس ومكسي.25- ما ناكل ملفوف ما ندخل كلوف. يضرب هذا المثل للشخص الَّذي لا يريد أن يتدخّل فيما لا يعنيه، أو في أمور تجلب له المشاكل وهو في غنى عنها. ولفظة ( مَلْفُوفْ ) هي عبارة عن قطع الكبد التي تلف بالشحم، ثم تُشوَى، وللاسم علاقة منطقية بالمسمى من حيث الاشتقاق اللّغوي[42]. وأمّا لفظة ( كْلُوفْ ) فهي تدلّ على لفظ الجمع، وربما أخذت من المفردة الفصيحة ( الكُلفَة) التي تعني : ما يَتَكَلَّفُهُ الإنسان ويَتَجَشَّمُهُ من مشقّة في نائبة أو حق[43]. ومنه فلفظة ( كْلُوفْ ) وافقت الفصحى من حيث الدَّلالة والوضع.26- اللِّي فَايْتَكْ بْلِيلَه فَايْتَكْ بْحِيلَه. يقال في الحثّ على الأخذ برأي الرجل المجرّب الكبير في السن. وألفاظ هذا المثل كلها فصيحة؛ فلفظة ( فايَت) من ( فائت) الفصيحة؛ أبدلوا في العامية الهمزة ياءً.27- رَانِي قَاطْعَه لِيَّاسْ وْحَافْرَه بَالفَاسْ. يضرب هذا المثل للشخص الذي قطع الأمل في بلوغ مراده وما يرغب فيه. ولفظة راني أصلها من أراني ، قال تعالى :﴿ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أََرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾[44] وعليه فقد حذفت الهمزة الأولى فأصبحت : راني ، في العامية. ولفظة ( ليَّاسْ) من اليَأْس ؛ وهو القنوط ، وقيل : اليأس نقيض الرجاء. واليأس والإياسُ بمعنىً ، وقد روى بعضهم عن ابن كثير المكي أنّه قرأ : فلا تَايَسُوا، بلا همزة ، وقال الكسائي : سمعت غير قبيلة يقولون : أيِسَ يَايَسُ، بغير الهمزة[45]. وهذا المعنى الذي ذكرناه يوافق معنى ( لياس) عند العوام ، إلاّ أنّه يبدو في هذا المثل أنّ لفظة ( ليَّاس ) استعملت بضد معناها ، وهذا مثال واضح عن وجود ظاهرة التضاد في العامية مثلما هي معروفة في العربية الفصحى. 28- الطْمَعْ يْخَصَّرْ الطْبَعْ. يضرب هذا المثل للشخص الذي لا يرضى بالقليل ويرغب دائما في المزيد. وألفاظ هذا المثل كلها فصيحة.29- كُولْ وْلاَ تْسَالْ، صَلِّي وْسَالْ. يضرب في الحث على الرّغبة في السؤال والاستفسار في أمور الدين، وهو يدخل من باب الحكمة منه في باب المثل. وألفاظ هذا المثل فصيحة؛ فلفظة ( لا تْسَالْ) من : لاَتَسْأل ، من سَأل يَسْأل؛ حُذِفَت الهمزة للتّخفيف مثلما حذفت في القرآن الكريم على رواية ورش عن نافع، قال تعالى : ﴿ سَالَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾[46].30- إِلَى عْطَاكْ العَاطِي الجْبَالْ طَّاطِي. هذا المثل يومئ وينبّه إلى أنّ الله سبحانه هو مالك زمام أمر العباد؛ فهو الرزَّاق المُغني. ويضرب للشخص اليائس من فضل الله ورحمته. كما قد يقوله الناس غيرةً واغتياظًا على الغني ونعمته وحظوته السريعة اللتين يحظى بهما بدون ما سبب ظاهر. وألفاظ هذا المثل فصيحة؛ فلفظة العاطي من اعطى يُعطِي عطاءً، ولفظة ( طَّاطِي ) من طَأْطَأَ رأسه: طامَنَه وخَفَضَه فتَطَأْطَأ[47]. ولفظة ( طَّاطي) تقابل في العربية : تُطَأطِئ؛ حذف العوام الهمزتين ثم أدغموا التاء في الطاء فصارت : طَّاطي ، وهذا طلبا للخفَّة في النطق.31- القَط يْعَلَّم باه النَّطْ . يضرب هذا المثل للشخص غير المُجرِّب ، الصغير في السن ، الذي يدَّعي معرفة الأمور، ويحاجج من هم أكثر خبرة ودراية بالحياة. والألفاظ الواردة في هذا المثل فصيحة ، غير أن لفظة ( النط) تعني في الفصحى : الشدّ والمدّ[48]، وهاتان الصفتان تُوحِيان بالحركة المتعاقبة ، ومن المعروف أن القط يتسم بالحركة والخفة، ويبدو أنهم اختاروا لفظة ( النط) لأب القط وأجروها مجرى الاسم العلم.32- كُل تَأخيرَه فيها خِيرَه. يُضرَب هذا المثل في الشخص الذي تَعطَّل في فعل شيءٍ ما ، أو أنه اتفق مع صديق له ، وتأخَّر عن الموعد . وألفاظ المثل كلها فصيحة ، فلفظة ( تأخيره) هي نفسها لفظة ( تأخير) الفصيحة وضعًا ودلالةً ، التي تدل على مصدر المرة . المصادر و المراجع · أمثال جزائرية : عبد الحميد بن هدوقة . المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية . الجزائر . 1982.· الأمثال الشعبية الجزائرية : قادة بوتارن. ترجمة عبد الرحمان حاج صالح دار الحضانة.· تفسير الفحر الرازي الرازي . دار الفكر . ط1 . بيروت . لبنان 1981م.· الحيوان . الجاحظ: تحقيق : عبد السلام محمد هارون . دار الكتاب العربي، بيروت. لبنان.ط3، 1969.· العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى: د. عبد المالك مرتاض. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. الجزائر 1981.· عيون الأخبار : ابن قتية. دار الكتاب العربي طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية لسنة: 1343 هـ.· في اللهجات العربية: د. إبراهيم أنيس .مكتبة أنجلو المصرية ط9 . القاهرة . 1995.· قاموس رد العامي إلى الفصيح : أحمد رضا. دار الرائد العربي. بيروت لبنان 1983.· القاموس المحيط: الفيروز آبادي . دار الجيل . بيروت . · القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث: د.عبد الصبور شاهين . مكتبة الخانجي .القاهرة .· القول المؤثور من كلام عبد الرحمن المجذوب : تصنيف نور الدّين عبد القادر . المطبعة الثعالبية . الجزائر.· الكتاب : لسيبويه . تحقيق عبد السلام محمد هارون . دار الجيل . ط1 . بيروت.· لسان العرب : لابن منظور . دار بيروت للطباعة و النشر . بيروت .1968 .· اللهجات العربية في القراءات القرآنية:د. عبده الراجحي مكتبة المعارف . ط1 . 1999 .· المزهر في علوم اللغة وأنواعها : السيوطي. دار الجيل . بيروت.· معجم الأمثال : الميداني ، مختارات . تحقيق الأستاذ . محمد علي قاسم . بيروت .لبنان.· المعجم الوسيط : مجموعة من الأستذة . دار الدعوة إستنبول . تركيا .1989 .[1] - أمثال جزائرية : عبد الحميد بن هدوقة . المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية . الجزائر . 1982 . ص 77[2] - القول المؤثور من كلام عبد الرحمن المجذوب : تصنيف نور الدّين عبد القادر . المطبعة الثعالبية . الجزائر . ص88.[3] - المرجع نفسه : ص89.[4] - لسان العرب : لابن منظور . دار بيروت للطباعة و النشر . بيروت .1968 . مادة ( السير).[5] - القاموس المحيط: الفيروز آبادي . دار الجيل . بيروت . مادة ( سير)[6] - المعجم الوسيط : مجموعة من الأستذة . دار الدعوة إستنبول . تركيا .1989 . مادة ( قدم ).[7] - ينظر : في اللهجات العربية: د. إبراهيم أنيس .مكتبة أنجلو المصرية ط9 . القاهرة . 1995 . ص76. القراءات القرآنية في ضوء علم اللغة الحديث: د.عبد الصبور شاهين . مكتبة الخانجي .القاهرة . ص100. اللهجات العربية في القراءات القرآنية:د. عبده الراجحي مكتبة المعارف . ط1 . 1999 . ص129. [8] - كتاب الحيوان . الجاحظ . دار الكتاب العربي، بيروت. لبنان.ط3، 1969: تحقيق : عبد السلام محمد هارون: 3/104. عيون الأخبار : ابن قتية. دار كتاب العربي طبعة مصورة عن طبعة دار الكتب المصرية لسنة: 1343 هــ- 1925م. 1/297 . [9]- قاموس رد العامي إلى الفصيح : أحمد رضا. دار الرائد العربي. بيروت لبنان 1983،ص237. [10] - القاموس المحيط : مادة ( زلط).[11] - القاموس المحيط : مادة ( فرعن)[12] - القاموس المحيط : مادة ( شين).[13] - العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى: د. عبد المالك مرتاض. الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. الجزائر 1981،ص65. وينظر : القاموس المحيط : مادة ( بنن).[14] - الحيوان : الجاحظ.:3/142.[15] - أمثال جزائرية : ابن هدوقة ،ص223.[16] - كتاب معجم الأمثال : الميداني ، مختارات . تحقيق الأستاذ . محمد علي قاسم . بيروت .لبنان . ص24.[17] - العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى : د .عبد المالك مرتاض . ص 60.[18] - القاموس المحيط : مادة ( رذل ).[19] - القاموس : مادة ( حصى ).[20] - القاموس : مادة ( رسو).[21] - الأمثال الشعبية الجزائرية : قادة بوتارن. ترجمة عبد الرحمان حاج صالح دار الحضانة .ص229.[22] - القاموس : مادة (سمط )[23] - ينظر : المزهر في علوم اللغة وأنواعها : السيوطي. دار الجيل – بيروت. ص 414 وما بعدها.[24] - العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى :ص34.[25] - القاموس : مادة ( مرط ).[26] - القاموس : مادة ( نذب ).[27] - القاموس : مادة ( سوط ).[28] - سورة الفجر :ص 13.[29] - ينظر : تفسير الفحر الرازي الرازي . دار الفكر . ط1 . بيروت . لبنان 1981م .:16/169.[30] - القاموس : مادة (خبل ).[31] - القاموس : مادة (طوح)[32] - سورة الأعراف : 150.[33] - العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى : ص115.[34] - الكتاب : لسيبويه . تحقيق عبد السلام محمد هارون . دار الجيل . ط1 . بيروت :1/275-276.[35] - العامية الجزائرية :ص115.[36] - الأمثال الشعبية الجزائرية : د. عبد المالك مرتاض ،ص98.[37] - أمثال جزائرية : ابن هدوقة ،ص151.[38] - القاموس : مادة ( هبر ).[39] - القاموس : مادة ( كفأ).[40] - العامية الجزائرية وصلتها بالفصحى : ص72.[41] - لسان العرب : مادة ( فرك ).[42] - العامية الجزائرية : ص73.[43] - القاموس المحيط : مادة ( كلف ).[44] - سورة يوسف :36.[45] - لسان العرب : مادة ( أيس ).[46] - سورة المعارج : 1.[47] - القاموس المحيط : مادة ( طأطأ).[48] - القاموس المحيط : مادة ( نطط) |
|
ولاء سعيد أبو شاويش مشرف عام
وسام النشاط : عدد المساهمات : 2113 نقاط : 2822 تاريخ التسجيل : 16/01/2010 الموقع : فلسطين
| موضوع: رد: الفصيح في المثل الشعبي - دراسة تأثيلية - 2010-05-23, 10:09 | |
| الأستاذ زيان ليلى أهلاً بك موضوع جميل ومهم ،، ولكن كنت قد نشرته أنت في قسم الإهداءات والترحيب ،، تم النقل. لك الشكر |
|