تعتبر التأتأة إحدى الإضطربات اللغوية الأكثر انتشارا سواء عند الأطفال المتمرسين أوفي مرحلة ما قبل التمرس خاصة مرحلة الثلاث أو الأربع أو الخمس سنوات التي تعتبر مرحلة جد حساسة عند الطفل المرتبطة باستقلاله عن أمه فلقد عرفت منذ القدم بأنها اضطراب لغوي صعب لأنه يعيق عملية التواصل اللغوي ويزداد في التعقيد كلما تقدم المتأتي في السن
فحاول البعض تفسيرها على أنها اضطراب نفسي عصبي وحاول البعض الأخر إرجاعها إلى مرحلة الطفولة الأولى كما اعتبرها آخرون مشكل في التنسيق بين القدرات الإدراكية والقدرات العصبية الحركية *
*هذا ما جعلنا نبحث عن ماهية هذا الاضطراب وعن الأسباب والعوامل المؤدية إليه هل يمكن تجنبه كيف نشخصه وكيف يكون التناول العلاجي الارطوفوني له؟
تعريف التأتأة 1*
الـتأتأة عبارة عن إضطراب يؤثر على عملية السير العادي لمجرى وسيولة الكلام فيصبح كلام المصاب يتميز بتوقفات وتكرارات وتمديدات لا ارادية مسموعة او غير مسموعة عند ارسال وحدات الملام الشيء الذي يجعل كلام المصاب بالتاتاة يتميز ب *
- تكرار المقطع الصوتي او الحرف عدة مرات
-التوقف المفاجئ و الطويل أحيانا قبل نطق الحروف أو المقطع الصوتي
-إطالة النطق بالحرف قبل نطقا الذي يليه
- متمزقات متكررة في طلاقة التعبير اللفظي
ظهور التأتأة 2*
في كثير من الأحيان ’يظهر الطفل في سن الثلاث سنوات من عمره ترددا في الكلام تتخلله توقفات تختلف في مدتها لكن لا يمكن أن نعتبرها تأتأة لأنه في مرحلة انتقالية من النمو اللغوي والتي يمثلها نسبة كبيرة من الأطفال العادين وهي المرحلة التي يكون فيها رصيد لطفل من الكلمات غير كافي للتعبير عن كل ما يحمله من مشاعر لذلك هو مضطر لتمديد التوقفات في الكلام أو التكرار حيث ينشا التردد في اختيار الكلام حيث تميل هذه الصفات إلى أن تميل ولكن قد يحدث
أن تزيد مدة تلك المظاهر وتتعقد أكثر كنتيجة للموقف العائلي سخرية الإخوة والرفاق من سلوكه اللغوي أو المبالغة في مراقبة أخطاء الطفل وعيوبه اللغوية فمع مرور الوقت يصبح لكلام مصدر قلق بالنسبة للطفل حيث مع تطور هذه المراحل يكون ظهور بعض الظواهر مثل احمرار الوجه وتراقص الرأس .... وما إلى ذلك من مظاهر لغوية وأخرى فيزو لجوية
3* تطور التأتأة
تظهر بعض أشكال التأتأة لدى الأطفال و هي بما تسمى بالتأتأة التطورية في عمر ما بين (2-4 سنوات) ، و تستمر لفترة قصيرة و تختفي بعد أشهر قليلة ، و تتطور التأتأة المعتدلة لدى الطفل في سن (6-8 سنوات) و تختفي في هذا الشكل بعد سنتين من ظهورها .
أما التأتأة المستمرة و الحادة تكون ما بين (3.5 إلى 8.5 و9 ) و غالبا ما تظهر في 5 سنوات قسمها (بولد ستين ) إلى 4 مراحل :
*المرحلة الأولى : تمتاز بأنها عرضية بتكرارات في بداية الجمل و على وعي و إدراك ، تظهر دون السن المدرسي.
*المرحلة الثانية : تصبح هنا مزمنة ، تظهر أجزاء كبيرة من كلام الطفل ، يرى الشخص نفسه أنه يتأتيء عندما يثار، أو في حالة الكلام السريع و يكون لها اهتمام قليل لأنها ليست دائمة الظهور.
*المرحلة الثالثة: تظهر التأتأة في مظاهر محددة وفي أصوات وأحرف أو كلمات محددة وتكون محاولة من و تظهر في مرحلة متأخرة من الطفولة وبداية المراهقة.
*المرحلة الرابعة: يكون هنا خوف الشخص من توقع التأتأة أمام الناس محاولة استبدال الجمل و الكلمات بالأسهل
ظهور القلق أعراض التأتأة ، تجنب بعض المواقف الكلامية ،تلاحظ في المراهقة المتأخرة والرشد.
وقد و صفها (فان رابير) في ثلاث مراحل و هي :
*مرحلة أولية : وتمتاز بتكرارات سهلة لبداية الكلمات أو المقاطع غير مصحوبة بإشارات أو علامات انفعالية أو ضغط نفسي.
*المرحلة الثانوية: و تتميز بوعي الفرد باختلال الطلاقة الكلامية مع محاولة تعديلها، و محاولة إخفاء العيوب بالتلاعب بالكلام.
*المرحلة الانتقالية: وتظهر بين الأولية و الثانوية, حيث علامات الإحباط والمفاجأة والتجنب للكلام مصاحبة جهود مبذولة في تكرار وإطالة مقاطع الكلمات تشكل الضغط النفسي مع علامات واضحة و غير إرادية ة دائمة عند الفرد.
4*أسباب التأتأة :
أدى البحث في أصل التأتأة منذ مدة قصيرة إلى ظهور توجهات تفسيرية مختلفة
أ- النظرية التحليلية النفسية الاجتماعية : تمثل أصل الاضطراب حسبها في الصراعات النفسية إلى فترة الطفولة و التي لا يستطيع تجاوزها فيؤدي ذلك إلى كبتها لتبرز بشكل أو بآخر فيما بعد في شكل سلوكات غير سوية تطبع شخصية الفرد .
هذه الصراعات تتأزم في فترة المراهقة لتطعى على الجانب العلائقي و من ثم على الإتصال اللفظي ، فالتأتأة حالة عصابية تمثل نكوصا لغويا (2) الفطام المبكر ، ولادة أخ ثان ، إنفصال الاب عن الام
حيث أن العوامل النفسية والاجتماعية تلعب دورا هاما في ظهور التأتأة عند الطفل و خاصة المشاكل العلائقية (العلاقات) الحماية المفرطة أو الحرمان العاطفي أو عامل الغيرة ، و ترجع الإصابة بالتأتأة إلى طبيعة العلاقة المبنية بين الأم و طفلها ، فالأم القلقة تخلق عند طفلها قلقا يكون سببا لظهور التأتأة عنده إظافة تأثير المحيط الدراسي ( يجلب العدوى من الاصدقاء) .
دمج الطفل في وسط جديد وهو المدرسة و فصله المفاجيء من أمه
نمو معاملة الطفل من قبل أولياء الأمور و المعلمين.
ب- النظرية الوراثية : لقد أظهرت الاحصائيات أن تسبة 30 إلى 40 % من المتأتئين ينتمون إلى عائلات يحملون هذه الإضطرابات .
و عند التوائم فإن هناك حالة تأتأة مشتركة في ½ من الأزواج.
أما عامل التقليد فينظر اليه كسبب ثانوي للتأتأة ، ان أن ليس له أثر دون استعداد فطري لدى الطفل .
كما أن نسبة الإصابة لدى الذكور (75% من المتأتيين) مقابل نسبة الإصابة لدى الإناث و هذا لأن الآباء يكونون عموما أكثر صرامة على الذكر أكثر منه على الفتاة ، و لإن لغة الإناث تتطور بسرعة أكثر مقارنة بلغة الذكور و لأن الذكور يتأخرون في اكتساب اللغى عن الإناث في نفس السن .
كما أن هناك دراسات تحاول إرجاع هذا إلى عامل الهرمون الذكرية بحيث ممكن أن تكون مسؤولة عن التأتأة
. النظرية اللغوية :
يجب التركيز على العوامل اللغوية التي يمكنها التأثير على النمو اللغوي للطفل منذ مراحله الأولى .
إن الكثير ممن يرى في التأتأة إمتداد لمراحل سابقة و لإنها عادية تدعى " التأتأة الكاذبة تأتي في سن 4 سنوات و في قدرة تظهر فيها مظاهر التردد و التكرارا في الكلام عند الطفل بسبب نقص الرصيد اللغوي و عدم التحكم في قوانين اللغة المستعملة ، فتستمر هذه المظاهر اللفظية بل تتدعم و تتعقد لتظهر معها مظاهر أخرى فيزيولوجية و تصبح تأتأة حقيقية بسبب :
المواقف السلبية للمحيط الأسري و حتى خارج الأسرة .
قسوة في المعاملة ، الخوف الشديد من شخص أو أي شيء آخر أو السخرية من لغته الطفولية زيادة لفقد شخص مقرب من الطفل كالأم خاصة .
كما أن هناك نظريات اخرى تحاول تفسير هذا الإضطراب بالصدمات الدماغية أو الإختلالات الجهاز العصبي أو اضطراب الوظيفة العصبية العقلية .
5* أنواع التأتأة العيادية :
• التأتأة التكرارية : Bégaiement clinique يتميز هذا النوع من التأتأة بتكرارات و توقفات لا ارادية تتجلى عموما في المقاطع الأولى من الكلمة الأولى في الجملة ، يختلف عدد التكرارات حسب الحالات.
• التأتأة الإختلاجية :
يتجسد هذا النوع في الصعوبة التي يجدها المصاب في التكلم حيث يتوقف لمدة زمنية معتبرة( أي التردد أثناء الكلام) قبل أن يتمكن من إصدار الكلمة بشكل انفجاري (أي يكون إصدار الإيقاع السريع و يزيد في صعوبة التحكم فيه)
• التأتأة التكرارية الإختلاجية Bégaiement tonic-clinique
تتمثل في تواجد النوعين السابقين (التكرارية و الإختلاجية ) عند شخص واحد ، فنلاحظ توقف تام متبوع بتكرارات متعددة أو مقاطع صوتية ، و هي الحالة الأكثر شيوعا .
• التأتأة الكفية : Bégaiement Par inhibition
يتميز المصاب بهذا النوع من التأتأة يتوقف نهائي عن الحركة أي يتخلل كلام الشخص فترات قصيرة من السكوت ( يباشر بعدها الحديث ) ثم بعد مدة زمنية يتمكن من النطق ليتوقف مرة أخرى .
1*من التأتأة العادية إلى المرضية
إن السبب الأساسي المباشر في عدم تسوية و تعديل الإختلالات اللغوية الإنتقالية و العادية في مرحلة نمو اللغة عند الطفل هو الوسط العائلي ، و لعل أهم ما يمثله الوالدان بالنسبة للطفل : الإحساس بالأمن ، تقديم مساعدة نفسية لغوية و مساعدته على التعبير عن رغباته و أفكاره و ليس التعبير في مكانه ، لأنه كنتيجة لما سبق من المعاملات للطفل ذو السن 4 أو 5 سنوات يزداد لديه الشعور بالحساسية في اضطرابه اللغوي ، يصبح الخوف يرافق حديثه ، يعزز التردد في كلامه علامات القلق الفيزيولوجية غير إرادية فيزداد إحساسه بالعجز عن الكلام في حضور الغير و بالتالي الخوف من الاتصال اللغوي.
2* العمل على تجنب التأتأة :
بناءًا على ما سبق يتضح لنا أنه يمكن إلى حد ما تجنب التأتأة المرضية و عدم ترك الطفل ينحرف عن نموه اللغوي العادي.
المواقف التي ينبغي مراعاتها :
مراقبة الوالدين لأنفسهم في التعامل مع الطفل في سن 3-4
محاولة تعديل معاملاتهم تجاه الطفل إذا كانوا يتميزون بالقلق و الضجر من صعوبته في الكلام أو أنهم يجبرونه على مراقبتها دوما <1>
و الحرية في التعبير ، مطلوب في كل الحالات.
مساعدة الطفل لأنه في حاجة أكثر من المراحل الأخرى للمساعدة اللغوية من الأولياء كنموذج لإثراء رصيده اللغوي و تصحيح نطقه لا يمكن أن نلح على الطفل إعادة كلمة لم يستطع التلفظ بها عدم تضخيم الصعوبات التي يعانيها في الكلام عدم التحدث عن الصعوبات اللغوية أمام الطفل و في حضوره.
• للإتصال بين الأفراد. إذن التأتأة الإنتقالية تميل إلى الزوال إذا توفرت الظروف العائلية الطبيعية
3*عملية تقييم و تشخيص التأتأة
في أول شيء يجب التحدث إليه قبل التشخيص لأنه لا يمكن التشخيص قبل سن 3 سنوات ، لأن الطفل في هذه المرحلة في مرحلة تكوين.
يتطلب تشخيص التأتأة من أخصائي الكلام أن يكون حساسا للعديد من العوامل فالتشخيص ليس فقط مراقبة الطفل في حديثه أنه يكرر كلمات أو أجزاء أو يطيل أو يقاوم ، فمن الضروري تحديد و متابعة تاريخ الحالة و الاحداث المؤدية و المسببة لذلك .
إذن التشخيص يجب الاعتماد على اختلال الطلاقة الطبيعي بحيث يكون لدى الطفل في تسع كلمات أو اقل ، لكل 100 كلمة منطوقة أمام تكرار كلي للكلمة أو الاعادة على ان لا يظهر جهدا في استهلاك النطق في تغيير الصوائت بين غير مشدودة ، قصيرة ، مركزية ، حيث يكون على الاخصائي تقييم البيئة المرتبطة بالطفل ، فبيئته يجب أن لا تفرض عليه أشياء ، أي لا يجب أن ينمو الطفل في ظل بيئة ضاغطة و تهمشه .
يشتمل المعيارالذ ي يشير إلى وجود مشكلة التأتأة الى ما يلي :
• إطالات أطول من ثانية واحدة لكل 2% من الكلمات المنطوقة.
• زيادة النهاية المفاجئة بإطالة في طبقة الصوت.
• وقفات لغوية إجبارية و ترددات أطول من ثانيتين في دفق الكلام
• ردود فعل إنفعالية و سلوكيات تجنبية مرتبطة بالكلام .
وقبل أي تشخيص يكون فحص الإيقاع أولا : أي الكلمات .
مثل: دخل / د / خ / ل،
*4 التناول العلاجي للتأتأة
يتضمن برنامج علاج التأتأة أربعة محاور :
المحورالأول :
شرح مفصل لمفهوم اضطرابات التأتأة للشخص الذي يعاني من التأتأة و الشخص الذي يصاحبه ، لأن المريض يفهم أن التأتأة مرض عضوي يصيب أعضاء النطق و التصويت و يجهل الظاهرة الوظيفية للتنفس المتمثلة في التنفس العكسي .
فمن خلال المقابلة العيادية أثناء الجلسة الأولى يتم توعية المريض سبب حالته المرضية و هذه الخطوة تدعو إلى تجاوز مرحلة كبيرة من مراحل العلاج.
المحورالثاني :
يوجه المريض إلى كيفية التغلب على مشكلته الفيزيولوجية و كيفية السيطرة على المراقبة الذاتية أثناء التواصل مع الغير .
علما أن الكلام عبارة عن إيقاع ينظمه الهواء في ميكانيزم التنفس ، لذا يجب على المتأتيء أن يأخذ الهواء من الأنف و ان يخرجه بتوازن من الفم مع التلفظ و ليس العكس ، أي أخذ الهواء من الفم و بلعه و بالتالي يتوقف أو يقطع الكلام.
المحور الثالث:
تصحيح الإيقاع الكلامي الذي يبتدأ من أول جلسة مع اختصاصي علاج اضطرابات اللغة أو الإختصاصي النفسي .
تبدأ التمرينات على النحو التالي :
1- تمرينات إيقاعية أثناء القراءة :
ربط الايقاعات الصوتية للكلمات المقروءة بضربات ايقاعيةموازنة لايقاعات القراءة بالتقطيع الصوتي .
و نعني بالمقعط الصوتي (حرف+حركة) أو (حرف + حركة +حرف سكون)
مثال: ( أحمل وردة) أح/ مـ /ل / ور/ د /ة
(..... ضربات إيقاعية )
2- مراقبة الكلام العفوي :
يخلق مواقف اجتماعية معاشة ، هدفها سرد الأحداث بشكل متسلسل .
3- تعميم التمرينات الإيقاعية في الحياة اليومية على مستوى البيت :
و المدرسة و المحيط الخارجي ، وذلك بالتعاون مع أولياء الأمور و المدرسين.
5*توصيات عامة
للمعلم الذي يشرف على الطفل الذي يعاني من التأتأة أو المراهق المتأتىء:
• عدمت وجيه الأسئلة إلى الطفل بشكل مفاجىء و إتاحة الفرصة له ليستجيب أو يمتنع عن الإجابة .
• نعزز استجابة الطفل لفظيا و ماديا ، من خلال كلمات التشجيع و الألعاب و الابتسامة.
• تتاح للطفل المتأتأ أو المراهق فرصة الإنطلاق ، و يفضل عدم إيقافه إلا إذا أراد هو ذلك .
خاتمة
قائمة المراجع
1* محمد حولة , الارطفونيا علم اضطرابات اللغة والكلام والصوت ,دار هومه للنشر ,الجزائر
2* حوريه باي , علاج اضطرابات اللغة , الامارات العربية المتحدة دبي , للمنشورات ,
3* اسماعيل العيسى , مدخل الى الارطفونيا , دار هومه , للنشر , الجزائر
4*اسماعيل العيسى , اللغة عند الطفل , الجزائر .