المتغير الجغرافي للنزاع العربي الإسرائيلي
ا.م.د محمد محي الهالمتغير الجغرافي للنزاع العربي الإسرائيلييمص
الجامعة المستنصرية _ كلية التربية
قسم الجغرافية
المقدمة
تؤكد الاحداث التاريخية ومنذ اكثر من نصف قرن وحتى اليوم ، ان القضية الفلسطينية تكتسب اهمية لدى الـعرب والإسرائيليين والـعالم ، ولـم يقـلل مـن هذا الاهتمام حتى وان طغت عليه قضايا اقليمية من حين لاخر .
وتعكس القضية بمجملها تفاصيل مكانية لعدوان يهودي متطرف على ارض العرب فلسطين ولا خلاف في ذلك ، واتخاذها موطناً لهم وابادة اهلها وتغير اصولها ، ولم يقتصروا على ذلك ، بل انتشروا على مساحة جغرافية واسعة تمتد الى سوريا ومصر والأردن ولبنان ، وغدت مراكز قوة إسرائيلية .
ومعنى هذا ان هذه الدولة لم تكن ترسم الحدود السياسية لها من الناحية الدولية ، بل انها تشير الى ابعاد اخرى من ارض العرب بخيراتها وعطائها واباحوا لأنفسهم اقامة الابنية وحفر الانهار وزرع الارض . بل ان هذه الدولة اصبحت حد السيف الذي قطع بلاد العرب من المحيط الى الخليج ، وانتشرت فيما بينها ثم رسمت حركة الناس ونقاط عبورهم وما قيل من النيل الى الفرات ، الذي يرتبط بأصول نشأت إسرائيل وطريقة تكوينها . وهكذا سكنت إسرائيل فلسطين ونواحيها وانتقلت الى غيرها ، لها شهرتها بالظلم والعدوان وصنع القرار وادارة المعارك وما تتصف به من ضرورات الحكم وقهر العرب بكثرتهم ، وتزداد هذه الدولة مكانه بمن اختل ايمانه من الحكام العرب واخطا في تقدير الموقف فتأخذ من عدوه صديق وازداد عدد الـدول تباعاً في المشرق والمغرب الـعربي من لـها عـلاقات مـع إسرائيل معلنة او غير معلنة حتى يفصح عنها في رسم العلاقة .
وهكذا تنوعت وكثرت الدراسات عنها ومن ضمنها هذه الدراسة وما يضاف اليها مستقبلاً ، لتعكس صورة لما هي عليه الاوضاع العربية وفي فلسطين خاصة ، وهذا امر يعد من محاسن الدراسات والذي يلاحظ على هذه الدراسة ، انها محاولة للكشف عن تفاصيل مكانية لظواهر سياسية وابراز خصائصها مسايرة بذلك قواعد البحث في الجغرافية السياسية وما تفرضه حقائق الأمور وشفعته بما جاء في المصادر الأخرى
وسوف يقتصر البحث في هذا الموضوع على ما يلي :
- اولا : ارض ودولة .
- ثانيا : دولة اسرائيل .
- ثالثا : الإستراتيجية الإسرائيلية .
- رابعا: إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية .
وخلاصة في ايجاز مضمونه بما تحتمه الضرورة العلمية
- اولاً : ارض ودولة
مــن البـديهي الـعودة الـى الـماضي فـي هـذه الــدراسة ، أي المرحلة التكوينية لدولة إسرائيل رغم ما كتب عنها ، وقد لا نضيف اليه شيئاً جديداً ، لكن هناك مبدئية علمية منهجية تحتم متابعة المكان تاريخياً دون الدخول في تفاصيله .
وينقل احد الباحثين ان فلسطين كانت جزءاً من سورية تحت الاحتلال التركي قبل الحرب العالمية الأولى عام 1914م ، وعندما تحالف الأتراك مع الألمان ضد الحلفاء نفذت بريطانيا الى العرب بوعد الاستقلال ان حاربوا معها فكانت الثورة العربية عام 1916م ، وانتصر العرب على الاتراك ، ولكن ليس في الوعد حقيقة لغلب مصالحهم بعقد اتفاقية سايكس بيكو عام 1916م لتقسيم إقليم الهلال الخصيب فيما بينها ، وكانت سورية ولبنان من نصيب فرنسا ، وشرق الاردن والعراق وفلسطين من نصيب بريطانيا، وأعظم من ذلك الظلم والتسلط على الدول ما خولته بريطانيا لنفسها بما يسمى وعد بلفورعام 1917م لتكون فلسطين وطناً قومياً لليهود .
وفي تموز عام 1922م اصبح الانتداب البريطاني على فلسطين موضع التنفيذ دون ان يؤخذ رأي عرب فلسطين في اختيار الدولة المنتدبة كما اشترطت المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم وأصبحت حدود فلسطين بضمن مساحة من الأرض مجموعها 10163 ميلا مربعا بالاضافة الى مساحة مائية داخلية قدرها 272 ميلا مربعا ( بحيرة الحولة 5 أميال مربعة وبحيرة طبرية 62 ميلا مربعا ونصف البحر الميت 405 ميل مربع ) فيكون مجموع مساحة فلسطين عند بدء الانتداب 10435 ميلا مربعا .
وكان عدد سكان فلسطين عام 1922م عند بدء الانتداب البريطاني 757،182 نسمة منها :
663،014 عربي
83،794 يهودي
9،474 فئات اخرى ( ).
وفقاًً لذلك تصل نسبة اليهود الى 11% من سكان فلسطين ، وترتبط بكثرة من السكان العرب تصل الى حوالي 83% من السكان ليرسم انتساب فلسطـين او صفتـها الـمميزة وبـما ان هـنـاك يـهود فـي شتى انـحـاء الـعالـم
واذعان الدولة المنتدبة وغيرها لآليات الضغط اليهودي تزايد عدد اليهود في فلسطين عن طريق الهجرة المنظمة ، ورغم ذلك وبدلالة نسبهم وتوزيعهم في المدن العربية الفلسطينية خريطة رقم ( 1) قلة اعدادهم في هـذه الـمدن ، لكنهم يستأثرون بـما حصل لـهم مـن الملك ويـأثرون به ،فيزدادون قوة وما يتبعها مما هو معروف في اخبارهم من موافقة دولة الانتداب بريطانيا بتكوين الوكالة اليهودية المسؤولة عن الهجرة وانشاء المستعمرات والصندوق الصهيوني لجمع التبرعات وانشاء المدارس ، وسمحت لليهود الاحتفاظ بتكويناتها العسكرية ( الهاجانا ) ، ودربت وحدات صهيونية متحركـة ( البالماخ ) ولـم تـعـارض المنظمات الارهابية السريـة
( ارجون وشتيرن )( ) . فيأخذون الكثير من معمورة العرب وليس ذلك بصحيح اذ نتبين ذلك من استخراج الجواب ، وكما يأتي :
تقصي القتال والمغالبة والتقسيم بين العرب واليهود وباطل الدول وخاصة بريطانيا ، وانتهاء الانتداب في 15/ 5/ 1948 وقتال الجيوش العربية مع القوات اليهودية ومن يدعمها ، واصدار مجلس الأمن في 19/ 7 / 1948 قراراً يدعوا الاطراف المعنية الى عقد هدنة ، فيه الكثير من الكلام ، لكن ننظر بعد ذلك ، حيث ازداد الانقضاض اليهودي على الارض العربية الكريمة بما يقرب من 21،000 كيلو متر مربع ، اما المنطقة الباقية وهي 6000 كيلو متر مربع فجزء منها الحق بالأردن وجزء اخر بقطاع غزة ، اشرفت عليها مصر( ) .
وهاهم اليهود في فلسطين ارض ودولة ينتقل الأمر فيهم من منبت الى منبت ، وحتى عام 1967 تمكن اليهود من احتلال مساحة جديدة من ارض العرب تصل الى 68،589 كيلو متر مربع هي الضفة الغربية للاردن وهضبة الجولان وشبه جزيرة سيناء وقطاع غزة ( ).
وتناصر العرب في 6 تشرين الأول عام 1973 حيث قامت كل من مصر وسوريا بشن هجوم على القوات الصهيونية في قناة السويس وسيناء والجولان لاسترجاع الأرض العربية وعبرت القوات المصرية القناة والتقدم في سيناء وتمكنت القوات السورية من تحقيق انتصار جزئي ، ولم يستتب هذا الأمر ، حيث عبرت القوات الصهيونية الجانب الغربي من القناة وتوغلت الى مناطق ابعد في هضبة الجولان وكادت دمشق تسقط بايدي الصهاينة ، لولا تدخل القوات العراقية في حومة المعركة وبسالتها في الجهاد وتحقيق النصر ، ويصدر وقف اطلاق النار وتكون النتيجة تداخل القوات المصرية والإسرائيلية في الجهه الغربية وتداخل القوات السورية والإسرائيلية في الجهة الشمالية ( ) .
وبما ان الزمن يعمل لصالح إسرائيل وقدرتها على الاعتداء بما حصل لها من سلطان وحماية من قبل اعلى الدول رتبة ( الولايات المتحدة الأمريكية ) واستحكام الخلل في الحكام العرب ، فأجتاحت لبنان في 6 / 7 / 1982. واخرى وهي الكثرة في تفاصيل الزمان ومتغيرات المكان لا نعرض لها لانه اصبح بالامكان من جوانب ما عرض الاشارة الى : إسرائيل دولة بارض عربية ، تغلبت على من كان فيها ، ولم تنحصر بها واشارات الاحداث باتساعها لموضع اخر في الاردن ومصر وسورية ولبنان . فكان لها شأن معروف في الاقليم والعالم ويمكن مناقشتها باختصار على النحو الاتي :
ثانياً : إسرائيل
أعلن قيام دولة إسرائيل في 14 / 5 / 1948 ، واعلن قبولها عضواً في هيئة الامم المتحدة ، الشهر الخامس من عام 1949 . وأول دولة اعترفت بها . الولايات المتحدة برئاسة هارى ترومان ، والاتحاد السوفيتي الدولة الثانية ،، ثم تتابع اعتراف باقي الدول الكبيرة والصغيرة بما تقتضيه السياسة من احكام ، والذين ظلموا انفسهم من الحكام العرب
بسم الله الرحمن الرحيم
(( لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والذين اشركوا ولتجدن اقربهم مودة للذين امنوا الذين قالوا انا نصرى ذلك بان منهم قسيسين ورهبانا وانهم لا يستكبرون )) سورة المائدة اية82
حصلت إسرائيل على مساحتها بالغزو والاحتلال مثلما ورد انفاً ، اما قياس المساحة فيتوقف على المستحدث من السياسة وتصورات إسرائيل في تفاصيل المكان عملاً بظواهر القوة ، مثل وجودهم على ساحل البحر الاحمر بحوالي 2 كم ، ولهم جبهة اخرى على البحر المتوسط بطول يصل الى 200 كم( ) . والذي يمثل امتدادً لمياه المحيط الاطلسي عبر مضيق جبل طارق ويرتبط بالبحر الاحمر عبر قناة السويس . الذي يرتبط بالمحيط الهندي من ناحية اخرى عبر باب المندب . مما اتاح لها طريق بحري لا يقتصر على ما ذكر ، بل تخطتها الى اخرى لان الاقاليم المحيطية تنفتح على بعضها ، وهذا يزيد من قيمة موقعها ويطور نشاطها البحري .
ويعد مـوقع إسرائيل متتالية فـي التسلسل الأرضي العربي فهي حلقة وصل والمعبر الـبري الوحيد بين شمال شبه جزيرة الـعرب وسينـاء فـي مصر ، وبعبارة اخرى بين مصر وبقية الوطن العربي الأسيوي .
وضيق عليهم الله موارد مياههم ، حيث يعد نهر الأردن من مصادرهم الرئيسة وتأتي أكثر مياهه من المرتفعات الجبلية في سوريا ولبنان وأهم روافده نهر اليرموك ونهر الحصباني ونهر بانياس ونهر الده ( ). فلا بد ان تؤمن السبل واصلاح حالها في نيل ما تحتاجه من مياه بما تقدر عليه ونذكر ذلك بما يتبع من كلام .
والمعادن فيها اصناف ، الفلزية : مثل النحاس والحديد والمنغنيز لكنها تفتقر الى القيمة الاقتصادية الكبيرة لارتباطها بالصخور النارية التي لا تظهر على الخريطة الجيولوجية لإسرائيل واللافلزية مثل الفوسفات والكبريت بنسب بسيطة وتفتقر الى البترول والغاز الطبيعي( ) ، واصبح الاستيراد وسيلة اساسية لسد حاجتهم منها .
ازداد عدد اليهود اللذين استقروا في إسرائيل حتى بلغ عام 2003 ما يصل الى 6،229،400 نسمة ( )، ولا ندخل في تفاصيل زيادة هؤلاء القوم في القرن الماضي وما بعده ، فالكل يدرك سبب ذلك بما يحصل من ترتيب الهجرة التي لا تنقطع الى إسرائيل ومما يرى في اليهودية عامة اختلاف الانساب من الناحية الاثنية ، ويمكن تصنيف اعضاء الجماعات اليهودية على اساس عرقي الى مجموعات كبرى ثلاث :
- السفا رديم :
وهم اليهود الذين كانوا يتحدثون اللادينو ، وهم نسل اولئك اليهود الذين عاشوا في شبه جزيرة ايبيريا اصلاً وحينما طرد اعضاء الجماعة اليهودية منها اتجهوا الى الدولة العثمانية واليونان وشمال افريقيا .
- الاشكناز :
هم يهود شرق اوربا ( روسيا وبولنده) واغلبهم يتحدثون اليديشية .
وثمة عداء متأصل بين السفارد والاشكناز ، فالسفارد كانوا أرستقراطي اليهود ولهم دور اساسي في تطوير الرأسمالية الغربية لا يتعبدون مع الاشكناز ولايتزوجون منهم ويحاولون الاحتفاظ بفارق فيما بينهم ، ولكن هذا الوضع تغير بعد ان تحول السفارد الى أقلية وحقق الاشكناز بروزا في الحضارة الغربية وبعد اعلان دولة إسرائيل .
- يهود الشرق والعالم الاسلامي
ينقسم يهود العالم الاسلامي الى عدة أقسام : اهمها يهود البلاد العربية او اليهود المستعربة ، وهناك جماعات صغيرة اخرى مثل اليهود الأكراد ، وبقايا السامرين ، ويهود جبال الأطلس مـن البربر ، ويهود ايران وغيرهم .
أما من الناحية الدينية فيمكن تقسيم يهود العالم الى قسمين اساسيين :
- يهود اثنيون فقدوا كل علاقتهم بالعقيدة اليهودية و الموروث الديني ويشار اليهم باليهود العلمانيين
- يهود يؤمنون بصيغة ما من صيغ العقيدة اليهودية وهم :
اليهودية الارثوذكسية ، اليهودية الاصلاحية ، اليهودية المحافظة وهناك جماعات يهودية هامشية مثل السامريين والفلاشا ( ).
ولا بد ان يوجد ما ذكر بجمع اليهود في إسرائيل فيلبسون صبغتهم وتوزعهم على الهوية : القومية او الدينية او التطرف الديني او العلمانية ، ويعود ذلك وبالاً على دولتهم لان كل جهة يصدر عنها فعل من الافعال وتأخذ بالتناقص مع غيرهم ثم ينقسمون عليها . وندل على ذلك كمثل ، الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية التي حدثت في شهر تشرين الثاني من عام 1988 وبلغت نسبة التصويت فيها 80 % وتنافست 27 قائمة تمثل الأحزاب و الاتجاهات الإسرائيلية كافة ، ونجحت 15 قائمة في الفوز بعدد مقاعد الكنيست التي تبلغ 120 مقعدا ، وكانت نتائج الانتخابات صعود الاحزاب الدينية بصورة غير متوقعة والتي حصلت على 18 مقعد مجتمعه ، ومن مطالب هذه الاحزاب تحديد تعريف واضح لمن هو اليهودي من خلال تعديل قانون العودة والذي يعترف فقط بالمتحولين من الارثوذكسية الى اليهودية ( ).
والذي يلي هذا المثل في التناقضات ، يهود البلاد العربية الذين يمثلون 19 % من السكان ( باستثناء سكان القدس الشرقية ) ونشير الى انتفاضة تشرين الاول عام 2000 التي قام بها شباب الاقلية العربية في إسرائيل تزامنا مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية وهي المظاهرات التي أسفرت عن مقتل 13 من الاقلية العربية برصاص الشرطة الإسرائيلية وما أعقبه من نقاش سياسي – امني داخل النخبة اليهودية حول مستقبل العلاقة مع الاقلية العربية وخطورة وجودها بالنسبة للدولة الصهيونية على الصعيد الأمني( ) .
وما اشتهر عن هذه الدولة ويعود بالفائدة عليها فيظهر في امثلة مما ياتي:
على الرغم من قلة الموارد الطبيعية مثلما ورد انفاً فقد طورت القطاعين الصناعي والزراعي الى حد كبير في العقدين الماضيين
- الصناعة :
عملت على تطوير اقتصادها الصناعي معتمدة في ذلك على المساعدات المالية والتكنولوجية والتسويقية الهائلة التي حصلت عليها من دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية والمانيا ، وقد تمكنت من بناء اقتصاد صناعي متقدم مرتكزاً على صناعات عالية ومتوسطة التكنولوجيا في الاساس ، ووفقا لمؤشر القدرة التنافسية الصناعية الذي صممته منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة ( اليونيدو ) فان اسرائيل تأتي في المرتبة ( 20 ) من بين (87) دولة أجرى عليها المسح عام 1998 ، وفي عام 2000 احتلت اسرائيل المرتبة ( 21 ) بين اكبر 25 دولة مصدرة للسلع عالية التكنولوجيا حيث بلغت قيمة صادراتها منها نحو 7418 مليون دولار مما شكل نحو 25 % من قيمة صادرات إسرائيل من السلع المصنعة ( ).
- الزراعة
بلغت مساحة الاراضي المزروعة بالمحاصيل المتغيرة والدائمة نحو
1،047 مليون فدان ، يزرع نحو 2، 45 % من هذه المساحة بالرى . اما الباقي فيزرع على المطر . ويبلغ عدد السكان العاملين بقطاع الزراعة نحو 70 الف نسمة بما يشكل نحو 2.7 % من مجموع السكان النشطين اقتصاديا والبالغ عددهم 2،6 مليون نسمة عام 2000.
اما بالنسبة للتجارة الخارجية من السلع الزراعية فان قيمة الصادرات الزراعية بلغت 1340،06 مليون دولار عام 2000 وانها تركز على الزراعة العالية القيمة عند التصدير مثل الزهور والخضر والفواكة مما يساعدها على تحقيق قيمة عالية لصادراتها الزراعية .
اما قيمة الواردات من السلع الزراعية فقد بلغت نحو 1973 مليون دولار خلال العام نفسه وتتكون من الحبوب واللحوم بصورة اساسية وقد بلغت نسبة تغطية الصادرات الزراعية للواردات نحو 2 ، 65 % وبلغ العجز في التجارة الخارجية في السلع الزراعية نحو 4 ، 632 مليون دولار عام 2000( ) . وعليه يمكن الاستنتاج وفق ما ذكر بان الصناعة والزراعة فيها صفة العطاء والتطور ولها دورهم في الاقتصاد الإسرائيلي .
- الإستراتيجية العسكرية
لا نذكر تفاصيل قدرة إسرائيل النووية والقدرة على الاستخدام التي تنشر في الكتب ، بل نشير فقط الى اعتراف الخبير الفني الإسرائيلي ماردخاى فاينونو بان إسرائيل قد اصبحت تملك ما بين 100- 200 قنبلة ذرية وانها تستطيع أن تنتج سنويا عشر قنابل ذرية اصغر حجما واخف وزنا واكثر كفاءة من القنابل الاولى التي طورتها الدول النووية الغربية ، وقدم فاينونو صوراً ومستندات اكد بعدها عالم الذرة الشهير تيودور تيلور ان إسرائيل قد اصبحت تملك قوة نووية هائلة( ) .
- مد القوة
سعت اسرائيل الى مد قوتها بعيدا عن الاراضي التي استولت عليها واحتلتها بحيث تستطيع ان تدمر اهدافا عربية في الحوض الشرقي للبحر المتوسط حتى تونس ، وشرقا حتى الخليج و ايران وشمالاً من سوريا والعراق الى السودان في الجنوب ، ووسيلتها الى ذلك تحديث الاسطول الإسرائيلي ومد القوة البحرية ونشرها في المياه العميقة ، وعن طريق اقتناء طائرات بعيدة المدى مـع زيادة مـداها عن طريق الاعداد لاعادة ملئها بالوقود في الجو ، واقتناء صواريخ ارض – ارض يصل مداها الى 1600 كم ( ).
وهكذا اصبح لإسرائيل مقدرة كبيرة في تضاعيف القوة العسكرية وتنوعت خصائصها وحدودها وتناميها دعماً لوجودها وسياستها العدوانية .
ان هذه الشذرات الموجزة التي ورد ذكرها عن دولة إسرائيل ، تشير الى دلائل منها : زيادة عدد سكانها باختلافهم الاثني وتطور صناعي وزراعي يعكس صورة مثالية لحالها ، وفعالية الدولة بقوتها العسكرية
ثالثا : الإستراتيجية الإسرائيلية
يحمل تعريف الإستراتيجية (( انها التخطيط العسكري في مجال التطبيق ، ومع ذلك فقد تجاوز مفهوم الإستراتيجية العمل العسكري الى العمل الاقتصادي والسياسي ، فاصبحت تعني جميع جوانب التخطيط ، العسكري والاقتصادي والسياسي ، في اطارها العملي او التطبيقي ))( ).
وهنا لا نفي بحاجة التعريف ، لاننا نقتصر على مؤشرات وفق متطلبات تفرضها هذه الدراسة ، واهمها :
1- موقع إسرائيل
يقول ( صن تزو ) المعروف بأبي الاستراتيجية في كتابه فن الحرب (( ان التكوين الطبيعي للبلد افضل حليف للرجل العسكري )) واستناداً الى هذا القول قال البرفسور الصهيوني أرنون سوفير (( هناك اهمية كبيرة لموقع ارض اسرائيل على الجسر البري الذي يربط ثلاث قارات : افريقيا واسيا واوربا )) ويضيف (( وعلى المستوى الاقليمي تمثل إسرائيل اسفينا بين جزء من العالم العربي في قسمه الشمالي وجزء اخر منه في قسمه الجنوبي )).
لقد كان اختيار هذا الموقع نتيجة لدراسة استعمارية بعيدة ودقيقة ، خصوصاً وان الدول الاستعمارية افرزت عبر تاريخها الطويل عدداً من الخبراء في تحديد النقاط الاستراتيجية في العالم وكان لبعض البابوات ورجال الدين الكبار دور أساسي في هذا المجال ولم يخرج موقع فلسطين عن أطار هذا التخطيط مطلقا وانما كان في صلبه وجوهره ( ). ولا ننعطف الى هلوسة تفاصيل اختيار فلسطين قام على أساس تحقيق عقيدتهم الدينية التي نسبوها إلـى التوراة فضلا عـلى مـا يدعون بأرض الـعرب الكريمة مـن النيل ( نـهرمصر) إلى نهر الفرات في العراق وغيرها ، لانه لا يمكن التسليم بالأسباب التاريخية – الدينية التي تجيزاغتصاب ارض وقتل أهلها .
ان هذه الشروح على اختلاف صيغها ذات دلالة واحدة تفصح عن اهمية موقع فلسطين الجغرافي وقربه من البحر ، ويمكن اتخاذه موطنا لهم ، ثم يطلبون التوسع من مكاناً لاخر .
2- حدود المستقبل
تاريخ الحدود السياسية لإسرائيل وما طرأ عليه من متغيرات وتغييرات ، ولا نستطيع إن نفي بتفاصيله في هذه الدراسة لأنها الكثرة فضلا على كأنك تقرأ ذلك في كتب التاريخ لكننا نريد القول ، ان إسرائيل جعلت للحدود السياسية المغتصبة حدوداً عسكرية تقع بعيدة عنها حتى إذ مر الوقت أصبحت الحدود العسكرية حدوداً سياسية وامتدت مطامع التوسع الى حدود عسكرية جديدة ، وتظهر الحقائق التاريخية ان مثل هذا الامر يتكرر كلما سمحت الاوضاع الاقليمية والدولية لإسرائيل ان تمارس سياستها التوسعية هذه أي ارض عربية جديدة تعزز المواقف الإسرائيلية المتطرفة ، وهي السياسة التي اعتمدت في جوهرها على سيادة مفهوم الامن لها ، تحت مصطلحات كثيرة بشأن الحدود ، منها الدفاعية ، الامنية ، الامنة وغيرها . وهنا لا بد لسائل عن حدودها الثابتة التي ترسمها احلام مريضة لا تأخذ بنظر الاعتبار واقع الاوضاع العربية مستقبلاً والتي قد تكتب صفحة جديدة في تاريخ الصراع ولا نناقشها الان .
3- المياه
ترخز كتب الأدب الجغرافي والتاريخي والسياسي بذكر تفاصيل سيطرة إسرائيل على المياه العربية ، بل تتوسع في شرح اسلوبها ودلالاتها ، لذا نقتصر في التنويه على ما يأتي :
منحت الحرب إسرائيل مساحات من الارض ، لكن العامل الذي يحد من تنميتها هو قلة مصادر المياه الموجودة فيها ، لذا يقول ( ل .اشكول )في كتـابـه (( ارض ، ميـاه ، تنـميـة ) بـالـعبريـة (( هـكذا خـلـق الله إسـرائيــل
( مغالطة) ولقد القينا على عاتقنا ، بمساعدة من ميزانية التطوير ، إصلاح ما خلقة ))( ) .
وقد قال دافيد بن جوريون في خطبةله في تل ابيب يوم 14 أيار سنة 1955 في الاحتفال الذي اقامه اليهود لمناسبة ذكرى اعلان تأسيس دولتهم ( ان اليهود يخوضون اليوم مع العرب معركة المياه وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير الكيان اليهودي في هذه الأرض )( ) .
وفيما يتعلق بما ورد في تخطيط إسرائيل للحصول على المياه فأهم التطبيقات التي تفصح عن ذلك ما ياتي :
- بدأ التقدم الفعلي في معالجة مشكلة المياه في إسرائيل سنة 1950 بعملية تطوير سريعة لمصادر المياه وادخال تقنيات حديثة في استغلالها والتخطيط لتوفيرها ، مثل :
تعين الحكومة لجنة التخطيط لمشروع المياه القطري بمساعدة المهندس الامريكي ج . س . كوتون ( ).
- مخططات الحركة الصهيونية ومشاريعها للسيطرة على المياه من الدول المحيطة بفلسطين قبل تأسيس إسرائيل وبعد التأسيس تمكنها من احتلال بعض المناطق الحيوية وذات المصادر الاساسية للمياه العربية ، مثل : نهر الاردن ، واليرموك ، وبحيرة طبريا ، ومساحات مهمة من الجولان السورية ، وتحكمها بقسم كبير من المياه اللبنانية مثل الليطاني والوزان ، وقد ثبت ان 67 % من المياه التي تستهلكها اسرائيل هي من خارج الحدود للاراضي المغتصبة عام 1948( ) .
ويتبين لنا من التخطيط أن نزاع الماء أكثر أهمية من نزاع الأرض في احوال الدول العربية وإسرائيل .
ولما كانت إسرائيل ترى حاجتها من الماء في بلاد العرب وكثر الاختلاط بينهم فقد ورد الحديث عن مشروع ينقل مياه النيل في اتجاه إسرائيل ، وتعاون إسرائيلي – أردني في موضوعات المياه وتعاون إسرائيلي – لبناني في شأن المياه ( ).
وهكذا تنعم إسرائيل بمياه العرب متميزة في استغلال ما عندها وما يضاف اليها من مياه بالقوة والسلام .
4- التطور النوعي
لا بد ان يكون الشخص عارفا بأحوال عدوه ومقتنياته والى غير ذلك بالحقيقة لا بالتهويل حتى يدبر نفسه من آثاره ونتائجه ، لذا نشير الى قلة من الاخبار مما يذكره الباحثون بما نهجت اليه إسرائيل من العلوم والصنائع فهي مشاركة كأية دولة متقدمة بالثورة العلمية والتكنولوجية والثورة المعلوماتية ، بل دخلت في صميم الحياة الإسرائيلية ، وأصبحت الان تنتج مكونات اساسية لها وتصدرها الى دول عدة منها المتقدمة . يضاف الى ذلك الصناعات العسكرية والتسليح الإسرائيلي في مستوى اية دولة متقدمة في هذا العالم فضلا على اسلحة الدمار الشامل التي تمتلكها ، بل انها اصبحت دولة فضائية بصواريخها واقمارها . وهناك جانب اخر بالنسبة لحركة رأس المال العالمي المسيطر ، فان إسرائيل والحركة الصهيونية بمؤسساتها تشارك مشاركة حقيقية في الهيمنة الرأسمالية العالمية بعدها عضواً بل مؤسساً لهذا النظام ( ).
واخرى تتناقل المصادر اخبارها وفيها تفاصيل الاقتصاد والهندسة والتخطيط وغيرها ، وهي بين هذا وذاك تعكس بجوانب منهجية اتجاهات حركة هذه الدولة ليشمخ سلطانها بين الدول وما يحيط بها من العرب متصلاً بها من المحيط الى الخليج ، وهذه غاية ما صغر فيكبر باخبار الدول .
5- التجزئة العربية
قد يكون غلب الغالب ليس بالقوة وانما هو في احوال من غلبهم ، كما ورد في حديث بن غوريون عندما خاطب ضباط الهاغانا عام 1949 بعد توقيع اتفاقية الهدنة بين الدول العربية واسرائيل ، قائلاً (( ان ما تحقق لنا من نصر تاريخي عظيم للشعب اليهودي كله ، كان اكبر مما تصورناه وتوقعناه ، ولكن اذا كنتم تعتقدون ان هذا النصر قد تحقق بفضل عبقريتكم وذكائكم فانكم على خطأ كبير ، اني احذركم من مخادعة انفسكم ، لقد تم لنا ذلك لان اعداءنا يعيشون حالة مزرية من التفسخ ))( ). وتغير الزمان والحكام ورفع شعار الوحدة العربية ، والأمن القومي العربي ، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك ، وما يفي بحاجة العرب من شعارات ، والحالة لا تزال على حالها بل استفحل امرها بما حصل للعرب عام 1967 ، 1982 ، 2007 باجتياح لبنان وما تزال ظواهرها تزداد يوماً بعد يوم وفق متطلباتهم واسلوب تفكيرهم وطريقة عملهم ، ولا نبعد عن الصواب اذ قلنا ان إسرائيل تنشر اثارة الفتن والتنازع بين اهل المذاهب الاسلامية وما يوجد في الدول العربية من قوميات قد تخرج من جيل الى جيل وما قد ينشأ عن ذلك بمراتب الدول .
وهنا نلتمس الاشارة الى تفتيت مبدأ قومية الصراع العربي – الإسرائيلي حيث تحقق لها ذلك في عملية التفاوض الثنائي مع مصر الذي انتهى الى عقد اتفاقية ( كامب ديفيد ) ومع احد اطراف منظمة التحرير الفلسطينية الـذي اسفرت عـنه اتفاقيات ( اوسلو ) ، ومـع الاردن الذي قـاد الى اتفاقية ( وادي عربة ) وما ترتب على ذلك من اقامة علاقات دبلوماسية مع الاطراف المذكورة ومع دول عربية اخرى .
6- التعاون الاقتصادي
يسعى الأميركيون و الإسرائيليون منذ سنوات الى تقريب رجال الاعمال العرب والاسرائيليون من بعضهم البعض ، وبعد مؤتمر مدريد المنعقد في حزيران 1991 . كرس الإسرائيليون جهوداً في دراسة امكانات التعاون الاقتصادي مع الدول العربية وكان من الطبيعي ان يركزوا على مشاريع مشتركة يكون لإسرائيل الدور القيادي فيها وتجاوب الفلسطينين والاردن ومصر في المكان الأول ، وأعقبه مؤتمر الدار البيضاء عام 1994 ومؤتمر عمان الاقتصادي عام 1995 ودخول نظرية السوق الشرق اوسطيه موضوع البحث بعدا ان كانت مجرد فرضية ، وقدمت الى المؤتمر ثلاث أوراق رئيسة هي الورقة الإسرائيلية والمصرية والاردنية تناولت جميعها قطاعات اساسية وارتكازية في تخطيط الشرق الأوسط هي : المواصلات ، النقل ، الطاقة ، الالكترونيات النفط ، الزراعة ،الصناعة ، السياحة ، المياه وغيرها ( ).
يصحبها كثرة التعاون حيث شهدت العلاقات الأردنية – الإسرائيلية تطورات تعاونية في نواحي عديدة منها : الاتفاق بين الجانبين على فتح معبر حدودي ثالث فضلا على معبري الملك عبد الله شمالا ومعبر رابين جنوبا في وادي عربة ، وكرر الاردن خلال عام 2003 تأييده لإقامة مشروع البحرين الذي يتعاون الجانبان فيه – تخطيطاً واعداداً – لتنفيذه ( ).
وما تشهده مصر من تعاون مشترك في القطاع الزراعي وما تدعوه اليه الضرورة ، مثل : خط انابيب الغاز بين مصر وإسرائيل والذي تنجزه شركة ايني الايطالية ( ). وما يزال ذلك يتزايد ويتسع نطاقه فتستقيم علاقات إسرائيل مع الدول العربية ، ومنها اتخاذ قطر العضو في مجلس التعاون الخليجي خطوات متعددة ومتسارعة من اجل تطبيع علاقاتها مع إسرائيل مثل اتفاقية الرحلات الجوية بين الدولتين والتخطيط لتصدير الغاز القطري الى إسرائيل بوساطة شركة انرون الأمريكية ( ).
وهناك الكثير مما لم تذكره الدراسة فيما يتعلق بأهواء الحكام العرب ممن يستمتعون بأنس الدنيا وفساد الحكم ، فتكثر العلاقات مع إسرائيل وبها تحفظ رسم الدولة وبقاءها .
7- الدولة الفلسطينية
الارض عربية يتصارع عليها شعبان ( العرب واليهود ) حدث تغير كبير في نتيجة الصراع بفعل متغيرات داخلية ، واقليمية ودولية ، لينتهي الى غير ما كان عليه بدولة إسرائيل الباطل و الشيطان ، اما العرب الفلسطينيون فيتحاورون على المجهول من المعلوم ، فمنذ تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 حتى الان طرح الفلسطينيون وتعاملوا مع ستة تصورات ومشاريع للدولة الفلسطينية وهي : (1) في الميثاق القومي الفلسطينين 1964 ، فلسطين ما بعد التحرير ستكون جزءا من دولة الوحدة العربية (2) وفي الميثاق الوطني الفلسطيني 1968 فلسطين بحدودها عام 1948 هي وطن الشعب العربي الفلسطيني(3) ومنذ 1971 تم تبني هدف فلسطين الديمقراطية العلمانية التي يعيش فيها اليهود والمسيحيون والمسلمون على قدم المساواة (4) وفي عام 1974 تم تبني البرنامج المرحلي الذي يقول بسلطة وطنية فلسطينية على اي جزء من ارض فلسطين (5) وفي اعلان الاستقلال بالجزائر 1988 تم تبني هدف الدولة الفلسطينية المستقلة حسب قرارات الشرعية الدولية (6) في خريطة الطريق تم الحديث عن دولة مؤقتة ستقام عام 2005 ( ).
هنا لا نأخذ ما يناسب الفلسطينين وحقهم وما هي عليه دولتهم من طول وعرض ونسبة عدد ليستقرون بها ، ولا نشير الى ما كتبه الآخرون عن الدولة الفلسطينية وظواهرها الجغرافية التاريخية وما شابه ذلك ، لان الضرورة في هذا البحث وما تفرضه حقائق الامور تقتضي الاشارة الى الدولة الفلسطينية من وجهه النظر الإسرائيلية ومن خلال التتبع العلمي بما تزخر كتب الادب الجغرافي والسياسي في شرح الاحداث ودلالاتها ،وكما يأتي :
- مهما تباينت الاراء العربية والاجنبية في التنظيم المكاني للدولة الفلسطينية ، فان إسرائيل لها الرأى بظاهر المكان وخصائصه ومن يتطابق معها مثل الولايات المتحدة و الاتحاد الأوربي .
- المواقف الإسرائيلية تزداد حدة في مفاوضات الدولة الفلسطينية ، لان كل حزب او اتجاه اصبح يتبنى موقفاً اكثر تشدداً مما كان عليه قبله ، ونجحت حكومة اريل شارون في اعادة صوغ مسألة الحدود النهائية بين إسرائيل وفلسطين على مستويين : اولهما المستوى الدبلوماسي عبر التفاهمات التي تم التوصل اليها مع ادارة جورج بوش حول ضم الكتل الاستيطانية الكبرى الى إسرائيل وعدم الانسحاب الى حدود 4 حزيران 1967 وذلك خلال لقاء بوش وشارون في 14 نيسان 2004 وثانيهما مستوى الامر الواقع من خلال الجدار العازل ( ). خريطة رقم (2)
- تحديد الوحدات العسكرية الفلسطينية وتشكيلاتها واسلحتها ، والغرض من ذلك وجود دولة فلسطينية منزوعة السلاح .
- الدولة الفلسطينية عبارة عن جزر منعزلة او كانتونات شبه محاصرة بطرق ألتفافية بالمستوطنات الاسرائيلية ولا سيما بين جناحي هذه الدولة
( الضفة الغربية و قطاع غزة )
- على الرغم من وجود حلول لوضع مدينة القدس واتفاقيات دولية مثل وثيقة جنيف من اجل السلام في الشرق الاوسط عام 2003 الا ان اسرائيل تنظر اليها على انها عاصمة ابدية لها غير خاضعة للتقسيم ، ويعتبر الجدار
العازل الذي تقيمه اسرائيل مشروعا لاحتواء القدس وفصلها عن محيطها الفلسطيني العربي لاقامة قدس كبرى يهودية الأرض والسكان( ) .
- ظواهر النمو الإسرائيلي عدة ومنها التنمية الاقتصادية التي ترتبط بالرأسمالية اليهودية والصهيونية العالمية ودول مثل : الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ، حتى اصبحت تمتاز بها على غيرها من الدول ( ).
لذلك لا بد ان يكون لها دورمهم في اقتصاد فلسطين واوضاع اهلها . وغيره ما اختصت به إسرائيل من تضييق معيشة الفلسطينين وتدهور احوالهم ، اما المقصود بالدولة الفلسطينية فهي مجرد اعلان لكيان سياسي دون سيادة حقيقية ومقومات نـهوض مـوزعة عـلى معـازل محاطة بمستعمرات يهودية . وبقايا الضفة مفصولة جغرافياً عن بقايا غزة وتعيش على الاغاثات الدولية .
وهكذا اصبح لإسرائيل شاناً كبيراً في ارض العرب ولها صلات مع دول العالم وان لم تكن على وتيرة واحدة ، وتميزت منها العلاقة مع الولايات المتحدة ، ونذكر منها مايلي :
رابعا : إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية
تزخر الكتب بذكر هذه العلاقة وهي الكثرة ، وتتكامل بما يقع من احداث خاصة بين العرب وإسرائيل ولكن رغم ذلك لا بد من الاشارة اليها ، بسبب السياق الذي فرضته الدراسة بذكر المتناصرين على غلبة العرب وانتزاع ما بين ايديهم على وفق خصائص المكان ، ومن الامثلة ما يحصل في أرض فلسطين .
من الامور التاريخية ان دولة الولايات المتحدة وإسرائيل اصلها في تشابه الحدث بما وقع من عدوان : الاول على الهنود الحمر ، والثانية على العرب فاستحدثا ملكاً ليس لهما ويحمل تتابع التاريخ في 30 حزيران 1922 نجاح الحركة الصهيونية في الحصول على قرار من الكونغرس الأمريكي يعد بمثابة وعد بلفور اخر ولكن بدعم أمريكي( ) . وكانت الولايات من اولى الدول التي اعترفت بإسرائيل . وأضافت اليها بما حصل لها من علم ومال وسلطان ، ولم تعرف الدولتين تغير العلاقة مهما كانت ومهما تغير النظام السياسي في البلدين ( ). بل والسعي الى تغير الاحوال ما بين إسرائيل والعرب لصالح إسرائيل واستبدال الحرب بالسلام وهو ما احالته الايام من الاحوال ويمكن ذكر امثلة كما ياتي :
- مبدأ ترومان ..... دعم اقامة دولة يهودية .
- مبدأ جونسون ..... في العام 1967 أسس حلفا استراتيجياً مع إسرائيل
- مبدأ كارتر ...... تابع مسيرة السلام المصرية – الإسرائيلية التي قادت الى اتفاق السلام بين مصر واسرائيل
- مبدأ بوش ...... عام 1991 بعد الحرب على العراق ومؤتمر مدريد في تشرين الأول اتخذ الخطوة الأول رسميا للحلف العربي – الإسرائيلي الموالي لأمريكا( ) .
وظل هذا جوهر السياسة الأمريكية كما هو بتأمين المصالح الإسرائيلية وتفعيلها دولياً بل يتطور ويتفاعل حتى اليوم ، مثل تأييد الادارة الأمريكية خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي ارييل شارون ، فك الارتباط احادى الجانب التي تعني انسحاب إسرائيل من كامل قطاع غزة مع تفكيك اربع من المستوطنات شمال الضفة الغربية( ) .
ويظهر من ذلك وبمرورالزمن ان إسرائيل طلبت غاية من التغلب والتحكم اعلى من الغاية الأولى وابعد والولايات المتحدة تعينها في مقاصدها حتى تبلغ غايتها ، وهذه ظاهرة تنفرد بها إسرائيل والولايات المتحدة التي لها مصالح استراتيجية مع العرب ، وهنا نذكر قول من دراسة ستيفن والت ودون ميرشا يمر في مجلة Lonodon Review of Book (( ان الولايات المتحدة على استعداد لتنحية امنها القومي وامن الكثير من حلفائها جانباً من اجل خدمة مصالح إسرائيل ))( ) .
وهذا يعني الدول العربية المنقاده الى الولايات المتحدة والمجاوره لفلسطين والقريبة منها خاصة والاخرى في السياسة القومية العربية .
الخاتمة
يدل محتوى ومضمون هذه الدراسة بعد تحليل المتغير الجغرافي للنزاع العربي الإسرائيلي ، ان دولة إسرائيل بنطق اسماء الدول واستكمال جوانبها ، تفصح عن موقع جغرافي تختلف حدوده في ارض العرب وسواحلها ، يكشف عن فاعليتها بالتفاوض لاعادة جزء من هذه الأرض الى ابنائها كأنها من ظواهر ارض إسرائيل ، ومعنى هذا ان التوزيع الجغرافي لأرض العرب واقتسامها ينحصر بإسرائيل وتكشف القدس ، و الجولان ، والضفة الغربية عن بعض الحقائق من ذلك .
ان إسرائيل نجحت على المدى القريب وربما المتوسط في استثمار الصراع على فلسطين وفي مواجهه العرب ببناء كيان قادر على التطور والانجاز والاندماج في العالم والارتباط بمنجزات ثورته المعرفية والاتصالية .
ان هذا الكيان السياسي الجديد صحة ولفظاً اضعف روح التناخي القومي بين الدول العربية على ما اغتصبه ، بل اصبح نواة لتجمع سياسي عربي تقوده مصر والأردن وجزء من القيادات الفلسطينية ، وهو امر تزداد مشاركة الدول العربية به من حين لاخر .
واصبح من المعتاد بروز الولايات المتحدة البلد الأكبر والأكثر تاثيراً في العالم في القضية الفلسطينية حليفاً استراتيجياً لإسرائيل على وفق متطلباتها الاقليمة .
وتـكتمل ابـعاد هـذه الدراسة الـجغرافية السيـاسية بقـوله تعـالى عــن اليهـود
( ... ويسعون في الأرض فساداً ولله لا يحبُ المفسدين ) سورةالمائدة : الاية 64 .
ولله الحمد
المصادر
1- القرأن الكريم ، سورة المائدة اية 64 ، اية 82 .
2- ابـــراش ، ابراهيم ، مفهوم الدولة الفلسطينية : النشاة والتطور القاهرة ، مجلة السياسية الدولية العدد 157 تموز 2004.
3- ابو العلا ، محمود طه ، جغرافية العالم العربي دراسة عامة واقليمية ، الطبعة الثالثة ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1982 .
4- ادريــس ، محمد السعيد ، الرؤية الامريكية لاسرائيل في كتاب السياسة الامريكية والعرب ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، 1991 .
5- اسـكـندر، مروان ، موقع قطر في الاستراتيجية الامريكية ، بيروت مطابع الف ، 1997
6- اسماعيل ، محمد صادق ، خمسة أعوام على بداية الانتفاضة .. ماذا حدث للاقتصاد الاسرائيلي ، القاهرة ، مجلة السياسية الدولية العدد 157 تموز 2007 .
7- ألــــــفى ، أكرم ، قضية عزمي بشاره .. الأمن الإسرائيلي وملف الأقلية العربية ،القاهرة ، مجلة السياسة الدولية العدد 169 تموز 2007.
8-بن خضراء ، ظافر ، اسرائيل وحروب المياه القادمة ، دمشق ، دار كنعان للدراسات والنشر ، 2000.
9- الــتقرير ، الاستراتيجي العربي 2003 – 2004 الابعاد العسكرية للصراع العربي الإسرائيلي ، القاهرة ، مؤسسة الاهرام ، 2004.
10- جـــــــــاد ، عماد ، مستقبل التسويه بعد عرفات ، القاهرة ، مجلة السياسة الدولية العدد 159 كانون الثاني2005.
11- الجـميل ، سيار، العولمة الجديدة والمجال الحيوي للشرق الاوسط مفاهيم عصر قادم ، بيروت ، مركز الدراسات الإستراتيجية والبحوث والتوثيق ، 19997.
12- الحاجي ، محمد عمر ، حقيقة اسرائيل ، دمشق ، دار المكتبي ، 2002.
13- حسين ، عبد الرزاق عباس ، الجغرافية السياسية مع التركيزعلى المفاهيم الجيوبوليتيكية ، بغداد ، مطبعة اسعد 1976.
14- الــريس ، رياض نجيب ، رياح الشرق .... الخليج والعالم العربي عند نهاية القرن العشرين ، بيروت ، رياض الريس للكتب والنشر ، 2002.
15- زهرالدين ، صالح ، مشروع إسرائيل الكبرى بين الديموغرافيا والنفط والمياه ، بيروت ، المركز العربي للأبحاث والتوثيق ، 1996.
16- ســالــم ، علاء ، الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية ، القاهرة ، مجلة السياسة الدولي العدد 95 كانون الثاني 1989.
17- سـعودي ، محمد عبد الغني ، الوطن العربي ، القاهرة ، المكتبة النموذجية ، 1978.
18- شــبوط ، أستبرق كاظم ، العلاقات التركية الاسرائيلية وابعادها الاقليمية ، رسالة ماجستير غير منشورة ، الجامعة المستنصرية ، كلية التربية ، 2005.
19- شـكر ، عبد الغفار واخرون ، تحديات المشروع الصهيوني والمواجهة العربية ، القاهرة ، مطبعة مدبولي ، 2001.
20-عبد الحميد ، محمد كمال ، الشرق الاوسط في الميزان الاستراتيجي ، القاهرة ، مكتبة الانجلو المصرية ، 1972.
21- عــبد الله ، أمين محمود ، أصول الجغرافيا السياسية ، القاهرة ، مكتبة النهضة المصرية ، 1984.
22- عبد المجيد ، وحيد ، مستقبل القضية الفلسطينية ، القاهرة ، التقرير الاستراتيجي العربي 2004 – 2005 ، مؤسسة الاهرام ، 2005.
23-الـعمار ، عباس رشدي ، الخيار النووي الإسرائيلي والسباق الحضاري ، القاهرة ، مجلة السياسة الدولية ، العدد 88 نيسان 1987.
24-القرعي ، أحمد يوسف ، واقع قضية القدس في المشهد الفلسطيني ، القاهرة ، مجلة السياسة الدولية العدد 159 كانون الثاني 2005.
25- القيسي ، عبد المجيد وعبد علي الخفاف ، البحر الاحمر أهميتة الاقتصادية والاستراتيجية ، البصرة ، مركز دراسات الخليج العربي 1986.
26- كالي ، إليشع ، المياه والسلام وجهة نظر إسرائيلية ، ترجمة رنده حيدر ، بيروت ، مؤسسة الدراسات الفلسطينية 1991.
27- مسلم ، طلعت ، قضايا ومتطلبات الامن العسكري العربي في نهاية الفرن العشرين ومطلع القرن الحادي والعشرين في كتاب التحديات الشرق اوسطية الجديده والوطن العربي ، بيروت ، مركز دراسات الوحده العربية ، 2000
28- المسيري ، عبد الوهاب ، المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة بين العرب واسرائيل ( تعليق على دراسة لوبي اسرائيل والسياسة الخارجية الامريكية ) القاهرة ، مجلة السياسة الدولية العدد 165 تموز 2006.
29- المسيري ، عبد الوهاب ، مقدمه لدراسة الصراع العربي الإسرائيلي ، دمشق ، دار الفكر ،2002.
30- المومني ، محمد احمد عقله ، السياسة المائية للكيان الصهيوني دراسة في الجغرافية السياسية ، عمان ، المطابع التعاونية ، 1989.