منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة |
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى |
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
| |
|
|
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
يحي امحمد عضو شرف
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 211 نقاط : 403 تاريخ التسجيل : 12/11/2011 المهنة : استاذ
| موضوع: سأصبح شاعرا 2012-11-17, 16:54 | |
| لن أكتب النثر ...سأصبح شاعرا من اليوم هل أحس أحد منكم أنّ قامته تضيق بمشاعره ..هل جربتم تلك اللحظات ..آه من صدر حافل بالضيق تتنازع فيه أنفاسي محاولة الخروج ..حتى أنّها تُحدث رجّة عنيفة يتحرك على إثرها رأسي المهموم ..عجيب ...! تأتي أيّام يدبر فيها عنك كل شيء ...ويعاديك.... حتى أنفاسك ورأسك ... في هذه اللحظات أنا أخُطّ بعصارة ذهني وذوب وجداني.. أليس اسمي يحي؟...، وليس له إلا أن يحيي، وهل هناك من حياة في شخصي _الأدبي_غير الكتابة ، التي لم تُخلق إلا احتراماً لأسماء مقيمة في كل قلب يعمره الوعي والحس المرهف؟واحتراما لتلك الأسماء... استعدت ما كتبته... وأعدت قراءة ماكتبته في المنتدى ، كنت أتوقف من وقت لآخر أتمعن في بعض المعاني والأفكار والتشابيه والصور، وأحاول أن أطبق عليها بعض النقد ، وأعدت أيضاً قراءة بعض المسودات، التي كان قد حملتها في جيبي، وإذا بحماستي لها تفتر، وإذا بي أكتشف أن ماكتبته ليس ذا قيمة كبيرة في مجال الخلق والإبداع، هذا ما بدأ يتضح لي فجأة بعد القراءة المتكررة. إن معظم ما كتبته حتى الآن كان مجرد مقالات وقصص وخواطر ارتبطت بالأرض، وبالواقع الاجتماعي حقاً، وإن كان كذلك فأنا لم أعبر عنه بصورة واضحة، ولا بطريقة فنية ملائمة، فالنثر له حدود أخرى وأصول أخرى. أكان ذلك المادح على حق؟ وتساءلت في نفسي... أليس من الأفضل لي أن أجرب شيئاً آخر؟ واقتنعت دون أن يطول بي التفكير بأن للنثر قيمة تعبيرية أقل من الشعر. فهو لا يستطيع تصوير الحقائق بصورة مؤثرة. وتذكرت أنه كانت لي في أول أمري محاولات شعرية أيضاً، كنت قد أهملتها قبل أن أفكر في نشرها، وفي الحال فكرت في الأسماء، التي قرأت لها، وكذلك الأسماء التي لم أقرأ لها، لكني سمعت الأصدقاء في المنتدى يتحدثون عنها بإعجاب كبير.. أسماء الشعراء، الذين أصبحت لهم مكانة عالية في الأدبين العربي والأجنبي من غير أن يكتبوا مثل هذا النثر السائب، الذي أكتبه أنا مقالاً أو قصة أو نصاً من هذا النوع. فقررت إذن أن أعود إلى قراءة الشعر... وإلى ممارسة كتابته من جديد. وقد قرأت في أحد الكتب النقدية أن الشعر هو طريق الخلود في عالم الفكر الفنان! وليس هناك من غيره، وما النثر سوى عملية ثانوية قد يخلد صاحبه في نوع أدبي ما، قلّ أن يسمو إلى منزلة الشعر! ولأمر ما كان للشعر شيطانه -أو عروسته- دون النثر! فلم لا أكن إذن شاعراً مبدعاً. وهل يقتضي مني أن أكون مبدعا حديثاً، أن أهمل كل من ماتوا وحُنطوا تحنيطاً وكل من لا يزالون يقلدونهم في التفكير والأسلوب والطريقة والغرض....!!؟ لا لا يمكن فإن فقد القديم _في اعتقادي_ شبيهاً بفقدان الوضوح في كتابة النص لدى من لا يفهم أو يرفض أن يفهم! كيف يكون القديم عدماً بالنسبة إلى بعض شعراء عصرنا ...نعم سأعيش عصري و سأظهر للقديم الوفاء والانتماء والتبعية!. ومنذ ذلك اليوم أصبحت أتردد إلى منتدى التخاطب، وأنا أفعل ذلك عادة في وقت مبكر، وأجلس فيه مع شلّة من الأصدقاء والأحباب حسب ما تهيأ لي عند وصولي أوّل مرة، وبناء على اختياري مرة أخرى... إيماناً بما لي في تصوري من فراسة، وكنت أجلس في أغلب الأحيان مع أصدقائي في الهواء الطلق في ساحة مطلّة على المنتدى، فالجو خريفيّ مبتلّ في المنتدانا _فنحن ننعم بمطر يبشّر بخير _، وحتى سحب المنتدنا مسائية خريفية _ في كل مرة_ وكان ذلك يتيح لي أن أنظر إلى الفضاء الأزرق بشكل أفقي ..في حالات هدوء صدري، وسكينة نفسي، فأرسل نظري بعيداً أتأمل البحر.. فأنا أرى تلك الزرقة في المنتدى كالبحر يتراء خلال الضباب الصباحي، وقد يحدث لي أن أغمض عينييّ، فأنا أعتقد أني أستطيع بصفتي شاعراً، أن أرى البحر من خلال المنتدى بعيني المجردة وأقرب صورته مني على أبدع ما يكون! وحين ينقشع الضباب أستدنيه منيّ أكثر من خلال ثغرات الأشجار وأوراقها في الحديقتي الصغيرة على الجانب الآخر . وأعجب ما رأيته ذات يوم في أثناء نظري إلى سماء المنتدى، وأنا جالس وحدي في تلك الآونة، أني أرى السحب فوقي تشكل وجوهاً إنسانية إلى جانب صور أخرى، تتخذ أشكالاً متنوعة، فعن لي أن أرسم هذه الوجوه التي ترسمها السحب لحظات قليلة. وعجب كيف أني لم أرها قبل اليوم، كيف كنت أرى السحب في السابق مجرد كتل بيضاء قد تسود جوانب منها في جهة معينة. ألذلك علاقة بعبقريتي الشعرية الجديدة، التي تفجرت في أعماقي؟ ربما يعود ذلك إلى أن المبدع يكتشف مالا يكتشفه البسطاء، أو مالا يستطيعون التعبير عنه، ثم يصنع منه ما يشاء، وخيل إليّ أنها الوجوه التي أريد أن أقرأ فيها ما تنطوي عليه من أسرار وفقاً لطبيعتها، وأعبر عنها في شعري. إنها وجوه أعضاء المنتدى، التي تمر بي يومياً، ينقلها نظري لتنطبع فوق السحب مهما تفردت وانعزلت ومهما صغرت في فضائها القريب مني والبعيد. وهكذا هِمت بها، ولم أعد أجلس في الضوضاء -وقد أصبحت أحب أن أجلس على انفراد - إلا لأطل على وجوهي وأنظر إليها من ساحتي التي ألِفتها فيها، وتصورت أنها تألفني من وقت لآخر من خلال صورها المتعددة، التي حُفظ بعضها في وعيي المتأزم ولاسيما الحزين منها من غير أن أهتم بتطورها الموالي فيما يشبه النمو حيناً والتقلص حيناً آخر، فهو يخطف مني الصورة ويغمض عليها عيني لينقلها إلى وعيي وفضائي فيختلط فيهما حزن الوجوه الأرضية بحزن وجوه منتداي ..وجوه سُحُبي ! وجلست ذات صباح أنظر إلى سُحُبي إلى وجوه منتدى التخاطب.....فهل هي من بنات خيالي؟ هل سحبي مجرد خيال ...!!و وجوه المنتدى...!!؟ كلا. إن هذه الوجوه، التي أراها في المنتدى، لهي وجوه من نور وحياة..هي حقيقية ...حتى ولو بدت لي في السحب. عليّ أن أهتم بها، وأصرف عنايتي إليها....وهي ليست حزينة ولا مهمومة .. فإلى الشعر إذن.. إلى الشعر.. فهو الذي سيتيح لي أن أقدمها في ثوب مؤثر شفاف مركز، فالشعر مرآة مركزة لا تعكس سوى صفحة الوجه بما لها من أعماق في فضاء الوعي الشعري! وأصبحت أعيش حمى الشعر من جديد، والشعر لم يرتبط عندي في المحاولات السابقة بالقافية ولا بالوزن، نعم الوزن لا يشكل وتيرة جامدة مهما تنوع من قصيدة إلى أخرى...كما يقول الحداثيون ، وكذلك القافية مهما تنوعت وطالت بين مقطع ومقطع أو بين قصيدة وقصيدة، كلاهما لا يقيّدان فكرا، ولايثقلان موهبة، ولا يميتان وجدانا...إلا أنني بصراحة ..عاجز عن ذلك ..بصراحة لا أستطيع نظم شعر موزون ...أعياني النظر في كتب الشعر وقراءتها ...وقعدت دونها واستقلّيتُ.. مركب الدّعة ..والراحة ...وشربت كأس الكسل والخمول ...وكم أعجب لابن قتيبة_خطيب أهل السنّة وليس معتزليّا_كم أعجب له ..ولقوله في مقدمة كتابه "أدب الكاتب"...فللّه درّه إن كان ذاك زمانه ....فما بال زماننا ...وماذا كان سيقول لو رآنا ؟!! .. ، وأما أهل زماننا قالوا لنا.. يجب أن يقوم الشعر على الحركة! و ما الشعر سوى لغة منسجمة، ومضمون متراكم على النهج الحديث! ولكن من أين لي أن آتي بمضمون الشعر، الذي أريده؟ عندما بدأت أحاول نظم الشعر قبل فترة من الزمن، لم يكن أهتم بشيطان الشعر، لأنني كنت أستقبح أن يكون للشعر شيطان! الشيطان شديد القبح في تصور الإنسان، فكيف يتأتى منه شعر جميل؟ إن هو صلح للوجوه الأرضية، فإنه لا يصلح للوجوه العلوية كما يتجلى لي في خيالي وفي سحبي حين أراها. وعلى هذا فإن عروسة الشعر أنسب لي من شيطان الشعر، فصورتها لا تلوح للإنسان إلا في صورة جميلة، ترفل في الدمقس وفي الحرير! الجميل لا يوحي إلا بالجميل! فلتكن العروسة إذن مصدراً لإلهامي، ومنذ ذلك الحين أصبحت صورتها ملازمة لي، لكنها لم تكن تستقر على حال، إذ كانت دائماً تتشكل في ذهني كما كنت أريدها أنا على ذوقي الخاص! ولما خيل إليّ في إحدى الليالي أن صورتها قد اكتملت في ذهني وأخذت الشكل الأمثل، شرعت أنظم الشعر من وحيها، فلم تستجب لي في البداية كما كنت أحب، وتعذر عليّ في تلك الليلة أن أنام. وسهرت حتى الفجر أحاول دون جدوى أن أعرف بوضوح المضمون الذي أريد أن أعبر عنه وأنقله إلى غيري من الناس حتى يبني مجدي الشعري عليه! وفكرت أن التأمل المجرد قد لا يفيدني، لذلك قمت من فراشي، وأشعلت الضوء، وبحثت عن دفتر من الدفاتر، التي سجلت فيها محاولاتي الأولى، وإذا بي أكتشف، عندما فتحته، أنه دفتر مختاراتي الشعرية. فعثرت على أبيات من قصيدة للمتنبي، من محفوظة قديمة لم أعد أذكر منها شيئاً منذ أن هجرت قراءة الشعر القديم، استوقفني بيت فيها، سقطت نقطة كلمة، تكررت فيه، دون أن أرتاب في صحتها إطلاقاً، فقرأت البيت على هذا الوجه: "حسن الحضارة محلوب بتطرية " وفي البداوة حسن غير محلوب وإذا بهذا البيت فتح أمام عينيي آفاقاً جديدة، وأمام عدسة خيالي عوالم أخرى، أغرقتني في التفكير، كنت أحاول أن أستشف أعماق ما نجح الشاعر في التعبير عنه في بيته هذا. وبعد تفكير طويل اهتديت إلى صورة الطبيعة العذراء، إلى الجمال الطبيعي، وخاصة حين تذكرت أني سمعت من أحد الرواد يتغنى ببيت لشاعر من شعراء بلادي، يتحدث فيه عن حنان وأشواق هزته إلى الريف، إلى هناك حيث الريح تعزف والروض يصفق، والحقل يحتفل من طرب، والعناقيد كالأطواق تتدلى في نحور الغيد، والمزارع تزهو بقطعان منوعة من ضأن ومعز وأبقار، فذهبت إلى الشاعر -فيما أفهم- إلى الريف لأرى كل ذلك وأستلهم منه الشعر برهافة حسي، و ورقة وجداني، إذن في الريف مصادر أخرى لي، تمنح لشعري- حين تلهمني إياه عروس شعري- الجدة والحداثة، وتجعلني أنا نفسي أحلّق في سماوات أخرى، نجومها وأقمارها من صنع خيالي الوثاب! وما إن اقتنعت بذلك، حتى خرجت في الصباح المبكر إلى إحدى ضواحي المدينة، وتوغلت في أطرافها بين الأشجار وعبر المروج، وجلست في النهاية فوق الأرض، وتناولت أوراقاً وقلماً، وسرحت بنظري في الأبعاد، ثم أخذت أسجل مايرد على ذهني من أبيات ومقطوعات شعرية. وعدت منها وأنا أحس بشحنات شعرية أخرى تريد أن تستقر في قالب ما، فجلست في حديقة صغيرة قريبة من منزلي، أفكر وأكتب، ثم أشطب هذه الكلمة أو تلك، غير أني لم أشعر بالراحة في جلستي هناك، فذهبت إلى البيت وقضيت ساعات و ساعات في الكتابة وإعادة الكتابة والتنقيح، وتعمدت الجلوس قرب حاسوبي لأتمكن من ملاحقة وجوه السحب ...وجوه المنتدى.. ومن بينها وجه عروس شعري! ولم أر في هذه المرة مانعاً من استعمال القافية هنا وهناك قصد التنويع في الموسيقى الخارجية، وعدم الاكتفاء بالموسيقى الداخلية! وحين رضيت نفسي، بل فتنت ببعض ما كتبت، قمت على الفور ومضيت به إلى صديق لي. وانتظرت أن ......!! ولكنه تحدث عن ضعف محاولتي الشعرية ونصحني باحترام الوزن، وتجنب الغموض، والاتزان في العبارة، فهالني أن أعرف أنّ من صححها ليس صديقي الشاعر بل مبتدئ مثلي، لم يكن في الفترة التي قضيتها معه في الثانوية يحسن تركيب جملة سليمة، ولم أجد فيما كان قد قرأته له من محاولاته قبل أسابيع ماينمّ عن مستقبل له في الكتابة على الإطلاق، فكيف أصبح ناقدا ثقافياً؟ وهل يقبل من مثله النصح والتوجيه؟ أيكون هو الذي رفض نشر كل ما كان قد أرسلته إلى صديقي؟ كلا، لن أقبل منه شيئاً من ذلك...!! وصديقي هذا فراق بيني وبينه، فلن أراسله بعد اليوم،..لكن لماذا كان لا يعبأ بكتابتي رغم أنه صديقي..وكان يعطيها لأشخاص لا علاقة لهم بالأدب والشعر هل كان يغبطني ..... وكيف لا يُغبط الذي تأتيه "عروسُ الشعر"، وما تزرعه في قلبه من حب و فن....... لكني أصدقكم أنّي شعرت بخيبة أمل كبيرة، وأحسست أن لا مستقبل لي مع هذا المرشد، ومع ما قد يكون هناك من أمثاله ، يقومون بالدور نفسه، ويفرضون معايير لا صلة لها بالذوق والفن والخلق. وبعد ألم مضن قررت أن أعيد صياغة ما كتبت، تمضِ أيام على ذلك حتى كنت قد انتهيت من صياغة ما كنت قد كتبته. ثم أرسلته إلى ًصديقي "شاعر آخر"... أما هو فقد أرضاني بالكلمة، التي قدّمها لي على قصيدتي، لكني لم أرضَ كل الرضا، فقد كنت أنتظر أن يقول عنها أكثر من هذا، ثم إنه كان من واجبه -في رأيي- أن يقول هذا الذي قاله. على أن هذه الشهادة تكفيني، ولم يعد في حاجة إلى شهادة أخرى أو نقد أسمعه...أستطيع أن انشره في المنتدى لتراه سُحُبي ...وجوه المنتدى..المتألقة ..في تلك اللحظة.... شعرت أني أحدث فعلاً ثورة في الشكل وثورة في التعبير في الشكل وثورة في التعبير عن المشاعر الإنسانية... الريفية منها بشكل خاص. فقد ظل الريف مهملاً فترة طويلة. ولم تعد المدينة قادرة على أن تقدم شيئاً يستحق عناء كتابة الشعر دون أعصاب متوترة! ومن ثم فإن الحياة في الريف، والجمال في الريف، والشعر في الريف، وما الشعر إلا جمال! هناك جمال شعري في الريف ...! صحيح أني لم أولد في الريف، ولكن قضائي للعطلة فيه منذ طفولتي، قد أتاح لي أن أخلو إلى نفسي في ظل الطبيعة وأنعم بمناظرها الرائعة، فانطبعت في أعماقي صورها، وهاهي ذي الآن تتجلى من جديد في كلماتي. لقد أوحت إليّ ضاحية المدينة، إضافة إلى ما أثارت فيّ من مخزون الصور الريفية القديمة، بما أوحت إليّ من جديد الشعر والشكل، فماذا لو خرجت إلى الريف وقضيت فيها أياماً أبحث عن صور أخرى لهذه الفورة الشعرية... وأتأمل الأبقار والمعز والمروج والكروم وغير ذلك مما لم أره في ضاحية المدينة؟ في الريف إذن "حُسْنٌ غيرُ محلوبٍ "كما قال الشاعر ما أشعر به الآن ما هو إلا تلك الحنّات والأشواق، وللتعبير عنه لابد من ملهمة. وتصورت "عروس شعري"، التي أوحت إليّ بما كتبته.. وهي تقول : - تعال إليّ في الفضاء الفسيح، هناك حيث البساطة، والعفوية، والتنوع الثري، فيه ستجد نفسك، ستجد فنك وأسلوبك، وتجدني أنا قبل أي شيء آخر. سأكون لك فيه الزاد والوحي، تعال، تعالى، يا شاعري! لابد من مجيئك إذا أنت أردت أن تعرف البؤس، والعذاب والألم، والموت البطيء في عيون الناس! إذا أنت أردت أن تكون شاعراً من الطراز الأول، تكون شاعر المعذبين والمضطهدين...! ستعرف أنت نفسك الاضطهاد... فلجمال الطبيعة الريفية اضطهاده أيضاً! ووجدت نفسي على حين غرّة أهتف بها، مع أني لم أعرف لماذا طرأ على فكري كل هذا: - لبيك، لبيك، يا "يا عروس شعري" أنا آت على أجنحة الشعر! وبكرت من صباحي وانطلقت إلى قريتي الجبلية، وكان بعض أصدقائي قد سبقوني إليها لقضاء أيام بها. وحين وجدت نفسي بين أحضانها، قضيت أول ليلة فيها، كادت أن تكون حلماً متواصلاً بالشعر والشكل واللون ورياض الفن والكرم وقطعان الماشية. وخرجت في وقت مبكر إلى الطبيعة، وإذا الحلم المتواصل حقيقة ينبسط هنا وهناك، فقد أخذت أوجه نظري من وقت لوقت إلى السحب_فوجوه لا تفارقني وجوه المنتدى لله درّها من وجوه_ المتناثرة في أماكن متباعدة في الفضاء، وقد ازدادت في أشعة الشمس بياضاً، فاختلطت صور شتى بذهني لكن "عروس شعري " سرعان ما اتضحت لي صورتها، وسيطرت على فكري.. فقلت في نفسي: - آه يا ملهمتي.. أريد أن ترفّي فوقي كما يرف الحلم فوق العين الشاعرة.. ولي عين شاعرة! وأحب أن تبتلعني مشاعرك كما تبتلع سحابة هائمة قمة جبل شاهق. وأنا الجبل الشاهق! ها أنا أعانق الشعر من بعيد كما يعانق النسيم الظل، وأحمل أقحوانه منداة الأعطاف! وخيل إليّ أني أراها أمامي، وأنا واقف فوق مرتفع من الأرض، فقاربت مابين عينيّ لأعبر عن حزني، فقد طاف برأسي أن الحزن من علامات الشاعر! وشعرت أن الأفكار ترف في ذهني كالخطاطيف، وتخيلتها، هي عروستي، تقول لي من جديد: - إن كلماتك الجميلة قد ارتادت خيالي، رسمت الورد على وجنتي، ولكن انتظاري لك يجعلني وكأني مصابة بالحمى.. حتى تبدأ الكتابة! وتراءت لي ضاحكة، وتصوّرت أن ضحكتها تتكسر.. تكسر بياض أوراق الزيتون تحت هبات الريح، وحين أتصورها تملي عليّ، نطقت بكلمات عذبة، أراها بعين خيالي تخرج من ثغرها المتألق كلمة بعد كلمة، فأغمض عينيّ ليتشربها جسدي كما يتشرب العشب ندى الصباح. ثم أراها تقول لي: - إذا أردت أن تكون شاعراً فلا بد أن يصفع الألم قلبك صفعاً دائماً، فلا شعر من غير ألم ومعاناة. فأرد عليها: - كلي ألم، كلي ألم، يا ملهمتي، وهاهي ذي نظرتي تنبسط إليك ناشرة ألم الدنيا كما تنبسط أشعة الشمس بين السحب وتنشر الدفء والضياء، وتلف عينيك اللتين تحملان الضياء لموهبتي! وعلقت نظري بالأفق، وقلت بصوت كاد يكون مسموعاً، وأنا أنظر إلى ارتسامات الجبال في أشعة الشمس الراقصة: - لكل إنسان أن يشرق في لحظة من لحظات حياته، وهذه لحظة إشراقي أنا! وملهمتي تغمر كياني بالفرح والتسامي! وشعرت بها تنحني فوقي كعنقود غض يداعبه نسيم الصبا المثقل بالعبير. وأحسست بصوتها ينساب نحوي كساقية وديعة، وهي تقول لي: - لقد نوّر الربيع بصدري، فتعال لتقطف أزهاره، أنا في انتظارك! صحت دون أن أشعر، وقد خيل إليّ أن نفسي قد امتلأت دفئاً: - أسرع يايحي ! أسرع إلى الكتابة! ترى ما هذه السكينة، التي تملأ نفسي؟ ما هذه المناظر الطبيعية، التي تراها عيناي، وهذه الأصوات الهامسة، التي تلتقطها أذناي؟ إنها لتنحدر أصداء ساجية إلى قلبي، فتسعدني وتنشر أمامي بساطاً من الأحلام، يمتد نحو الجبال المقابلة لقريتي، وفتنة الوادي حين أرى مياهه من بعيد تنساب في هدوء نحو البحر وهي تكاد تلتمع في أشعة الشمس الصباحية، فانحدرت نحوه عبر الغابة الصغيرة الواقعة على جانب من القرية. خيل إليّ فيها أني أسمع هسهسات وهمهمات، لا يلبث أن يعقبها هدوء حتى ليخيل إليّ أن مصدرها قلبي. ووصلت إلى المرجة، التي طالما لعبت فيها في الماضي، وقد انتشرت فوقها في ضحى ذلك الصباح قطعان الماشية، فتنهدت ارتياحاً عندما تذكرت قول الشاعر مرة أخرى، جميل أن يكون من حسن البداوة حلب قطعانها أيضاً! عليّ أن أجرّب الحلب بيديّ قبل أن أجربه بعينيّ، لابد من التجربة، على الشاعر أن يجرب كل ما يمكن تجربته، واقتربت من العنزة وأمسكت بها، ووجهت ضرعها نحو فمي، وهي تثغو في خوف، وتحاول أن تفتكّ رجلها من قبضة يدي، لكن خيط الحليب لا مس وجهي، ولم يصل إلى فمي، فعاودت الكرة، ونجحت في هذه المرة، لكنها ركلتني حين رمت برجلها إلى الخلف للتخلص مني، وفرت بعيداً عني، وأسرعت مبتعدة عني، فكدت أقع، وأخذت أنظر إليها ضاحكاً، وقد أدارت رأسها نحوي وضبحت كأنها تلومني على عدواني! وصحت في نفسي.. يالها من عنزة! وخطر بذهني أنها مدرة، مثل "عروس شعري"، ملهمتي، ولكنها عنيدة تضن بحليبها على فمي! لو أنني كنت ابنها فلربما كانت ترضى بي وترضعني، أنا الجدي الرضيع! وضحكت مرة أخرى، لقد خامرني حينئذ إحساس غريب، فقد عشت تجربة فريدة، تجربة حلب الضرع ودفء حليبه في فمي. واتجهت إلى نعجة لأعاود التجربة في ضرع صغير، وكل تجربة تعتبر رصيداً إضافياً، لكن النعجة لم تمكني من نفسها، فهممت باللحاق بها، ولكني رأيت الراعي من بعيد متكئاً على مرفقه وكان يبدو عليه أنه غاف، وكان إلى جانبه كلب أرقط، كان -فيما بدا لي- يحاول من حين لآخر أن يطبق أسنانه على الذباب، فتخليت عن أية تجربة أخرى مخافة أن ينبحني هذا الكلب وأنا أخاف الكلاب! ابتعدت عن القطيع، واقتربت من شجرة بلوط كبيرة، واتكأت بظهري إلى جذعها، وأخرجت مفكرتي وقلمي لأسجل خواطري وأجعل ما أراه كلاماً يسبي عقول القراء... حين ينقل إليهم صورة وافية عن البادية، عن الحياة فيها، وعما تمتاز به من بساطة وروعة وجمال. أنقل إليهم تجربة الحلب، وغفوة الراعي، وكسل الكلب الأرقط، وهدوء القطيع، كل ذلك في صورة من الجمال الغامض الحزين! ماسميت البادية بادية إلا لأنها كانت غريبة في جمالها وصمتها وحياتها ومنظر قطعانها وغموضها... في إطار من الطبيعة الخلابة. فيها يحلو تتبع مرور الزمن بالأذن والشعور والبصيرة والأحلام! وأجهدت نفسي، في خط الكلمات، لم ألبث أن اكتشفت تفاهتها، فمزقت الورقة، وعاودت المحاولة، وأخفقت كما أخفقت في المرات التي تلتها، وتكاثرت أوراقي أمامي، وكنت في بعض الأحيان أمزقها من المفكرة في عنف. وتصورت أن انبهاري بالجمال الطبيعي قد يكون هو الذي حال بيني وبين الكتابة الحقة. الزخم العاطفي قد يكون عائقاً عن الكتابة. وقد اختفت السحب بعد سطوع الشمس الباهر. ولكن أين هي ملهمتي؟ ألم تخاطب خيالي قبل حين؟ ألم تدعني إلى الكتابة؟ ترى ما الذي أخرها؟ أنا لا أنتظر ظهورها لي طبعاً، فما هي ممن يتجسد في جسم محدد، ولكني أنتظر أن ترسل إليّ تلك الحمى، التي عوّدتني إياها حين أشرع في الكتابة الشاعرة! وفكرت أني في الحقيقة لست في حاجة إلى السحب لأراها، فأنا الذي كنت ألصق صورتها بها كما انطبعت في ذهني مع نبض الكلمة!. وحاولت معاودة الكتابة بعد الظهر، ولما لم أستطع ذلك، قررت أن أترك الكتابة إلى المساء، حين يهدأ الليل، علَّ عروس الشعر تزورني عندئذ، وخرجت لأقوم بنزهة فوق المرتفعات القريبة. وبعد ساعة من الزمن أخذت طريقي عائداً إلى البيت، وكانت ملهمتي لا تفارق ذهني في أثناء الطريق، وتصورتها هناك في الأعالي تنظر إليّ وتَعدني في سرها وترقب خطاي المتأنية مع أشعة غروب الشمس، وإن اختلطت السحب فوق رأسي، ولم تعد تبدو لي منها حركة. فهي تشرف من مكان ما على هذا الغروب البديع، لتوحي إليّ فيما بعد بكل ما تراه من صور بديعة، ومناظر رائعة، وأخيلة أعجز أنا عن الوصول إليها بخيالي المحدود، فرؤى الملهمة لا تعرف المحدود! وفي أثناء مروري بغابة صغيرة، أشبه بحديقة منها بغابة، لا تبعد كثيراً عن القرية، التقيت بفتاة صغيرة، ترتدي ثوباً ربيعياً، وتحمل فوق رأسها سلة مملوءة بفاكهة ما، فاهتزت مشاعري بعنف، كما لم تهتز لأي ممن أراهم من سكان القرية، ممن أعرف وممن لا أعرف، وارتجت نظراتي هي الأخرى. كانت ملامحها في بياض السحب الصيفية، فلم أشك في أنها عروس شعري، هي بذاتها كما تصورها تماماً، واقتربت منها وأنا أرتعد مثل طفل يكتشف لعبة جميلة، واضطربت رؤاي، واختلطت أفكاري، وراحت أقول: - أنت، يا ملهمتي، يا حلمي! أيتها الملهمة الطاهرة الوديعة، من أنزلك من سحبي.. قولي من رمى بك ها هنا؟ كيف نزلت؟ كيف؟ ولماذا هبطت إلى عالمي. هذا عالم تعس كئيب لا أريدك فيه. أريد أن تكوني مصدراً لإلهامي، أهرع إليك كلما عاشتني تجربة فريدة من نوع ما، كلما ملأ الحزن قلبي بأحزان غيري! كوني لي جمالاً محضاً... محطته العين! الجمال إذا امتدت إليه اليد صار قبحاً! عودي إلى حيث كنت هناك.. في قصرك العابق بالضياء على مشارف السحب. أراك تهمين بالعودة، يا فرحتي! سأكتب، سأكتب، فهمتني؟ افتحي أبوابك فقد أقبلت عبقريتي ومعها أعراس الحياة، ومباهج النعيم. لا، لا تقولي شيئاً! .... ولما توقفت عن الحديث لأستردّ أنفاسي، وقد برزت عيناي، تخطتني الفتاة هاربة، وهي تصيح بصوت مرتعش: الجني... الجني! وفرت من أمامي كما يفر ظل الطائر، واختفت عني، فتنفست الصعداء، وضحكت ضحكة قصيرة، كان امتدادها فرحة طويلة في أعماقي، وخطرت بذهني في تلك اللحظة أبيات لشاعر إيطالي، أخذ ينشدها بحماسة: عروستي ليست ابنة للشمس، ليس لها قيثارة ذهبية ولا آبنوس مرصع، فهي ريفية خشنة، تتلهَّى متغنية في الهواء... واتجهت بعدئذ إلى جانب الطريق، ووثبت فرحاً كجدي أبطرته أشعة ربيعية، وتعلقت بفرع شجرة، وأنا أهتف: - لقد عادت ملهمتي إلى سماها.. لتملي علي قصيدة قصائدي!
عدل سابقا من قبل يحي امحمد في 2012-11-17, 17:02 عدل 1 مرات |
| | | ahlam ahlam عضو شرف
البلد : Algérie عدد المساهمات : 444 نقاط : 632 تاريخ التسجيل : 05/10/2012
| موضوع: رد: سأصبح شاعرا 2012-11-17, 16:57 | |
| الى شاعر معتقل يغصُّ فمي بالحجارةِ والخوفُ يركضُ كالظلِّ خلفي فماذا أقولُ ؟
يضيقُ فمي بالعبارةِ رؤياكَ في الدمعِ واسعةٌ لكأنكَ من مقلتيَّ تسيلُ
أخا الشِعرِ .. مترعةٌ كأسُ حزنكَ هـبْني قليلاً من الحزنِ يكفي القليلُ
لأشربَ نخبكَ جفّتْ عناقيدُ صوتي تكسّـرَ في الريحِ صوتي و أوغلَ في شفتيَّ الذبولُ
فيا ليتني كنتُ قربكَ نجرحُ هذا الظلامَ بومضةِ شِـعرٍ ونبكي ونضحكُ كالأغبياءِ فـشـرُّ البليّةِ يضحكُنا حين يجثو على رئةِ الفجرِ ليلٌ ثقيلُ
منذ غبتَ .. وديوانُ شِعركَ يرتعُ كـفَّيْ فتعشبُ في الكفِّ خُبّيزةٌ ويشفُّ من الصفحاتِ ربيعٌ خجولُ
أخا الشِعرِ .. طالَ الظلامُ وتاهَ على الطرقاتِ الوصولُ
فافتحِ الآنَ عينيكَ ينهمرُ الدمعُ شلالَ ضوءٍ سيكفي قليلٌ من الدمعِ حتى أراكَ .. سـيكفي القليلُ |
| | | زهر السوسن عضو شرف
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 879 نقاط : 1493 تاريخ التسجيل : 17/10/2012
| موضوع: رد: سأصبح شاعرا 2012-11-17, 17:27 | |
| ما يحيرني في كتاباتك ..اني لا املها ..فكلما قرات سطرا تتملكني اللهفة لبلوغ السطر الاخر والاخر.. تنتعش روحي ..تحلق في سماء ابداعك.. ذكرتني بعشقي للطبيعة والريف الذي حقا ملهم لكل باحث عن لحظاته الابداعية بارك الله فيك والشعر انت اهل له وهو لن يكون الا طيعا تحت همسات قلمك الراقي نحن بالانتظار للحظة ابداعك الشعرية اخي يحي |
| | | appetif مشرف عام
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 1677 نقاط : 2883 تاريخ التسجيل : 15/06/2012 المهنة : appetif@hotmail.com
| موضوع: رد: سأصبح شاعرا 2012-11-17, 18:47 | |
| الشاعر إبراهيم بن هرمة الذي أدخل كما يبدو إلى عرس أو حفل أطال معه أصحاب الحفل الحديث وجعلوا يتذاكرون معه في أمور القرآن ولم يطعموه شيئاً فأنصرف وهو يقول .. لقد حفظوا القرآن وأستظهروا كل مافيه إلا سورة المائدة |
| | | يحي امحمد عضو شرف
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 211 نقاط : 403 تاريخ التسجيل : 12/11/2011 المهنة : استاذ
| موضوع: رد: سأصبح شاعرا 2012-11-18, 10:48 | |
| |
| | | سفير أخلاق .عضو فعّال
البلد : الجزائر_تيارت_ عدد المساهمات : 31 نقاط : 33 تاريخ التسجيل : 05/12/2012
| موضوع: رد و اعجاب 2012-12-07, 12:45 | |
| في الحقيقة هذا نص من أروع ما قرأت في هذا المنتدى استطاع كاتبه أن يجمع أشتات لا تجتمع في الغالب لكاتب عادي...فهو كما فهمت يدافع عن نفسه ويردّ ما وُجه له من نقد لاذع ،واستطاع أن ينتصر على أقوال ناقده بأسلوب فنيّ ذكي بل رائع ،فبدأ باستعطاف القارئ وذكر له حزنه من غلظة ناقده عليه( تأتي أيّام يدبر فيها عنك كل شيء ،ويعاديك) . ثم يضمّ القارئ إلى صفه بعد أن سحره بتلك العبارة( وهل هناك من حياة في شخصي _الأدبي_غير الكتابة ، التي لم تُخلق إلا احتراماً لأسماء مقيمة في كل قلب يعمره الوعي والحس المرهف؟واحتراما لتلك الأسماء..) وفوق هذا يجعل القارئ يعيش النص كأنه طرفا فيه ، ولا يملك إلا ذلك، ثم يدّعي نقد نفسه بفنية رائعة حتى يستقرّ لدى القارئ أنه في قمة التجرد _وهو كذلك إن شاء الله_. تلك السطور فيها علمية نقدية محكمة ذكر فيه منزلة الشعر والنثر وحتى الحداثة والتراث والوزن والقافية والشعر الحر ..وأعجبني كثيرا ردّه اللطيف على ناقده السابق الذي حرّج عليه في اعتزال الجاحظ ..وأكد أنّه سنيّ ومجدّ ابن قتيبة وصحيح ما قاله فهو خطيب أهل السنة. ومع ذلك كله لا ينسى أن يشرك القارئ كأنه يسائله ويعجب له وينبهه على أنه يدافع عن نفسه ...وكل ذلك يشدّ القارئ إلى السطور التي بعدها وهي شهادة عدة أعضاء من المنتدى قرأتها في ردودهم . والجميل أن الكاتب يجعل من الشيء الضيق الجامد أفقا واسع ليس له حدود ،فقد تخيل المنتدى الذي يتواصل فيه إلى حديقة أو بحرا وأيضا سماء، وأنت تقرأ كأنك تطل عليه من جهازك( بصراحة هذا ما تصورته ). ويركز على وجوه المنتدى كما يسميها ( وهم أصدقاءه في المنتدى ) فيأسر القارئ مرة أخرى ويتركه في خياله "يقول لعله يقصدني " وهذا في الحقيقة روعة الروعة. ثم يندفع بقلمه يورد قضايا النقد القديم "شيطان الشعر" وكتابة الشعر أو مراجعته والسهر عليه وتمحيصه .. وشيء لفت انتباهي هو ذكره : للشعر الاطالي.ثم يلمّح لناقده وقسوته عليه ..ثم يطير بعيدا في تلك المناظر التي صورها تصويرا وقفت له مشدوها حتى كنت أرى ذلك الراعي وكلبه كما وصفه ،ثم يطير مع عروس شعره ،هناك صراحة لم أستطع اللحاق به. هو نص رائع رائع،حقا ،فقلّما أقرأ نصا بهذا الطول فأكمله حتى النهاية خاصة إن كان ترفا أدبيا فقد أسرني حقيقة هذا العمل حتى النهاية وقد لاحظت شيئا هو اهتمام العضو :زهر السوسن بالرد عليه ومشاركته مايكتب فأضن العضو (زهر السوسن) كاتبا يخفي موهبة لا تقل عن هذا الكاتب ..لأن ردوده تدل على أنه أحاط بما قرأه فيوجز رأيه في تلك السطور السريعة المرتبة والأنيقة ذات لغة راقية تعبر عن سليقته العفوية الناضجة. أنصحكم بقراءة هذا النص والاستمتاع به وإن قرأتموه فأعيدوا قراءته حتما ستستمتعون به من جديد . أنا في الحقيقة سعيد بهذا المنتدى المميز بالتوفيق للجميع .
|
| | | زهر السوسن عضو شرف
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 879 نقاط : 1493 تاريخ التسجيل : 17/10/2012
| موضوع: رد: سأصبح شاعرا 2012-12-07, 13:10 | |
| - سفير أخلاق كتب:
- في الحقيقة هذا نص من أروع ما قرأت في هذا المنتدى استطاع كاتبه أن يجمع أشتات لا تجتمع في الغالب لكاتب عادي...فهو كما فهمت يدافع عن نفسه ويردّ ما وُجه له من نقد لاذع ،واستطاع أن ينتصر على أقوال ناقده بأسلوب فنيّ ذكي بل رائع ،فبدأ باستعطاف القارئ وذكر له حزنه من غلظة ناقده عليه( تأتي أيّام يدبر فيها عنك كل شيء ،ويعاديك) .
ثم يضمّ القارئ إلى صفه بعد أن سحره بتلك العبارة( وهل هناك من حياة في شخصي _الأدبي_غير الكتابة ، التي لم تُخلق إلا احتراماً لأسماء مقيمة في كل قلب يعمره الوعي والحس المرهف؟واحتراما لتلك الأسماء..) وفوق هذا يجعل القارئ يعيش النص كأنه طرفا فيه ، ولا يملك إلا ذلك، ثم يدّعي نقد نفسه بفنية رائعة حتى يستقرّ لدى القارئ أنه في قمة التجرد _وهو كذلك إن شاء الله_. تلك السطور فيها علمية نقدية محكمة ذكر فيه منزلة الشعر والنثر وحتى الحداثة والتراث والوزن والقافية والشعر الحر ..وأعجبني كثيرا ردّه اللطيف على ناقده السابق الذي حرّج عليه في اعتزال الجاحظ ..وأكد أنّه سنيّ ومجدّ ابن قتيبة وصحيح ما قاله فهو خطيب أهل السنة. ومع ذلك كله لا ينسى أن يشرك القارئ كأنه يسائله ويعجب له وينبهه على أنه يدافع عن نفسه ...وكل ذلك يشدّ القارئ إلى السطور التي بعدها وهي شهادة عدة أعضاء من المنتدى قرأتها في ردودهم . والجميل أن الكاتب يجعل من الشيء الضيق الجامد أفقا واسع ليس له حدود ،فقد تخيل المنتدى الذي يتواصل فيه إلى حديقة أو بحرا وأيضا سماء، وأنت تقرأ كأنك تطل عليه من جهازك( بصراحة هذا ما تصورته ). ويركز على وجوه المنتدى كما يسميها ( وهم أصدقاءه في المنتدى ) فيأسر القارئ مرة أخرى ويتركه في خياله "يقول لعله يقصدني " وهذا في الحقيقة روعة الروعة. ثم يندفع بقلمه يورد قضايا النقد القديم "شيطان الشعر" وكتابة الشعر أو مراجعته والسهر عليه وتمحيصه .. وشيء لفت انتباهي هو ذكره : للشعر الاطالي.ثم يلمّح لناقده وقسوته عليه ..ثم يطير بعيدا في تلك المناظر التي صورها تصويرا وقفت له مشدوها حتى كنت أرى ذلك الراعي وكلبه كما وصفه ،ثم يطير مع عروس شعره ،هناك صراحة لم أستطع اللحاق به. هو نص رائع رائع،حقا ،فقلّما أقرأ نصا بهذا الطول فأكمله حتى النهاية خاصة إن كان ترفا أدبيا فقد أسرني حقيقة هذا العمل حتى النهاية وقد لاحظت شيئا هو اهتمام العضو :زهر السوسن بالرد عليه ومشاركته مايكتب فأضن العضو (زهر السوسن) كاتبا يخفي موهبة لا تقل عن هذا الكاتب ..لأن ردوده تدل على أنه أحاط بما قرأه فيوجز رأيه في تلك السطور السريعة المرتبة والأنيقة ذات لغة راقية تعبر عن سليقته العفوية الناضجة. أنصحكم بقراءة هذا النص والاستمتاع به وإن قرأتموه فأعيدوا قراءته حتما ستستمتعون به من جديد . أنا في الحقيقة سعيد بهذا المنتدى المميز بالتوفيق للجميع .
ونحن سعداء بتواصلك دائما خاصة وان لك هذه النظرة الادبية النقدية الراقية والممحصة والذكية التي لا تنم الاعن قلم يخفي الكثير من القه وابداعه فمتى ينطق ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ نحن ننتظر اخي سفير الاخلاق |
| | | |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية | |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع | |
فانضموا إليها
|
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
|
حقوق النشر محفوظة
لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها
Powered by
phpBB© 2010 |