الوعد بالعودة ثانياً
بقلم : -
خالد الأهدل





السماء حمراء كجرح نازف ، تمزق الندوب الغائرة صفحتها بعد أن تساقطت نجومها زهوراً ذابلة ...
الليل يصلب المدينة العتيقة بين أنيابه .. يلف حاراتها في عباءته القاتمة .. يعربد .. يتمايل طرباً في أزقتها على أصوات الأنين وموسيقى دموع الوجوه الكاحلة ...
والمآذن تتوسدت قاماتها بعد أن هدها التعب ، فانحنت تفتش بين أكوام القمامة عن كسرةٍ ، وتصغي إلى المذياع ، ينقل مباشرة وعلى الهواء وقائع اجتماع طارئ ، لثلة من الأعيان تحلقت حول صناديق نفسها ، تخطط لمهرجان تسابق العجول ، وتصيغ سيناريو المسرحية
القاد مة ...
تتفحم الأشياء .. وتزداد صدور الأمهات انقباضاً ...
فيغادر " مصطفى " مغارة حزنه الطويل .. لم يودع أمه ، بل راح يجدف بين أمواج الظلام ، يمسح الأحزان عن وجوه أصدقائه الصغار .. تتسع أحداقهم فزعاً عليه !!! فيطوقهم بوعد العودة ثانياً ..
وقبل أن يفجر شرايين قلبه الصغير يروي بها التربة القاحلة .. تكوَّر بذرةً ، لعله يعود :
وردة .. أو شمعة .. أو غيمة .. أو بارقاً .. أو عاصفة ،
فبراير 1997م

هِي لا تَعلَمُ أنّ الوُعودَ فِي حَال الاحِتضَان / ڪُلهَا ڪَاذبة "