تعرف الى فيلسوف العرب ابو اسحاق الكندي:
هو أبو إسحاق الكندي ولد في الكوفة عام (185هـ-796م) من قبيلة كنده في جنوب شبه الجزيرة العربية ولقد لقب بفيلسوف العرب كان والده أمير˝ا على الكوفة حيث قضى طفولته وتلقى علومه حضي برعاية الخليفتين العباسيين المأمون والمعتصم (218هـ/833م) وفي خلافة المتوكل زالت حظوته مثل أصدقائه المعتزلة مات منعزلا˝ في بغداد عام (260هـ-873م).(1)
يقول الكندي إن الفلسفة الأولى هي أنبل أجزاء الفلسفة ذلك أنها علم بالحق الأول ، الذي هو علة كل حق ولهذا فإن الفيلسوف الكامل هو من يتعمق في هذا العلم النبيل الشريف . ذلك أن العلم هو العلم بالعلة والعلم بالعلة أشرف من العلم بالمعلول ، لأننا لا نكتسب علما˝ كاملا˝ بالشيء إلا إدا عرفنا علة معرفة كاملة ، ويميز الكندي بين نوعين من الموجود: المحسوس والمعقول ، والأشياء إما كلية وإما جزئية ، فالكلية هي الأجناس بالنسبة للأنواع وهي الأنواع بالنسبة للأفراد ، والأفراد تقع تحت الحواس . أما الأجناس والأنواع فلا تقع تحت الحس وليس لها وجود محسوس بل تقع تحت العقل ، ولما كانت الموجودات محسوسة ومعقولة كان البحث عن الحق سهلاً من جهة عسيراً من جهة أخرى ومن يرى تصور المعقول على غرار المحسوس لا يدركه،ونتيجة هذا نقرر أن الموجودات المحسوسة علماً يخصها هو العلم الطبيعي وللموجودات المعقولة علماً يخصها هو الفلسفة الأولى . (2)
إن الكندي يميز في كلامه عن المعرفة الغنوصية بين العلم الإنساني الذي يتضمن المنطق و المجموعة الرباعية و الفلسفة ، وبين العلم الإلهي الذي لا يكشف عنه إلا الأنبياء وحدهم ولا تتعارض هاتان الصيغتان أو هاتان الدرجتان من المعرفة ، بل هما على العكس متناسقتان و متفقتان. (3)
ويتحدث عن مبدأ الخلق من لاشيء أن إبداع العالم هو من فعل الله وليس العالم بصادر عن الله بالفيض ، ولم يقبل بمبدأ فيض العقول على غرار الأفلاطونية الحديثة إلا بعد أن أقام الحجة على أن العقل الأول في سلسلة العقول يخضع في وجوده لفعل الإرادة الإلهية وترتيب العقول عند الكندي مطابق تماما لنظام الكون عند الإسماعيلية .ويميز الكندي كدالك بين عالم الفاعلية الإلهية وعالم الفاعلية الطبيعية الذي هو عالم الكون والفساد.(4)
والكندي ذو مذهب عقلي ، إذ يرى أن وجود المادة مرهون بتصورها في العقل غير أن ثمة مرحلة وسطى بتصورها في العقل تقع بين العقل الإلهي من جهة و العالم المادي من جهة أخرى ، وتلك هي النفس التي صدرت عنها الأفلاك كما فاضت عنها النفس الإنسانية و يذهب الكندي أن النفس الإنسانية جوهر بسيط خالد، هبط من عالم العقل مروى بذكريات من حياته عن ذلك العالم، فالنفس الإنسانية من حيث جوهرها مستقلة عن مادة الجسم، لكنها مقيدة بمادة الجسم من حيث أفعالها لأن الجسم هو وسيلة الأداء و اتصال النفس بالجسم مصدر ألم لا ينقضي لأنه مصدر رغبات كثيرة لا سبيل إلى تحقيقها. فمن شاء نعيما مقيما وجب عليه أن يستغرق في تأملاته العقلية وفي طلب العلم وتقوى الله، ونظرية المعرفة عند الكندي ثنائية فبواسطة حواس الجسم ندرك الجزئيات –وبالعقل ندرك الكليات– أي الأجناس و الأنواع والعقل عند الكندي تنقسم إلى أربعة أقسام: أولها: العقل الذي هو بالفعل دائما وهو الله أو العقل الأول، وهو علة كل معقول في الوجود، وثانيها: العقل الذي هو في نفس الإنسان بالقوة، وثالثها: العقل بالملكة، أي هو الذي في نفس الإنسان بالفعل، ويستطيع استعماله متى أراده، وربعها: عقل هو فعل حيث تظهر النفس عما هو فيها بالفعل، وهذا هو فعل الإنسان ذاته بخلاف خروج العقل من القوة إلى الفعل لأنه يكون من فعل الله ومعنى ذلك أن لكل ما نعرفه عن الموجودات هبة من الله، إن ما يؤديه الإنسان من عمل هو من عنده ، لأنه متعلق بالعالم المحسوس،وأما ما عند الإنسان من علم فهو فيض من الله.(5)
الهوامش:
1 - عبد الرحمان بدوي موسوعة الفلسفة الجزء الثاني المؤسسة العربية للدراسات و النشر بيروت الطبعة الأولى 1984. ص298.
2 - المرجع السابق ص.300
3 - هنري كربان تاريخ الفلسفة الإسلامية ترجمة نصير مروة وحسين قبسي وراجعه وقدم له الإمام موسى والأمير عارف تامر، عويدات للنشر و الطباعة، بيروت، لبنان 2004 ص250.
4- موسى الموسوي من الكندي إلى ابن رشد منشورات عويدات بيروت باريس الطبعة الرابعة 1989 ص 51.
5- كميل الحاج الموسوعة الميسرة في الفكر الفلسفي و الاجتماعي مكتبة لبنان ناشرون بيروت لبنان الطبعة الأولى 2000 ص461.