سأطرح وجهة نظري في هذه القضية مباشرة ..
ما أراه أن النثر نمط من القول يقابله النظم لا الشعر، فهناك كلام منثور أي ليس له نظام إيقاعي يسير عليه، وكلام منظوم له نظام إيقاعي يسير عليه، ودون الدخول في تفاصيل أعني بالإيقاع هنا تقسيم الصوت زمنيا بتوالٍ محدد.
ولكن الشائع في تراثنا مقابلة النثر بالشعر، وسبب ذلك أنَّ القدماء ربطوا بين الشعر والنظم، بمعنى أنهم اشترطوا في الشعر أن يكون منظومًا، فالشعر عندهم كلام موزون مقفى له لفظ ومعنى، فكل شعر نظم، وليس كل نظم شعرًا، والشعر نظم وزيادة، فإذا تخلف النظم تخلف الشعر.
وهنا يأتي اعتراضٌ؛ لماذا نلتزم ما التزمه القدماء من اشتراط النظم في الشعر، لماذا لا يكون الشعر منثورا كما يكون منظومًا؟
والجواب أنَّ هذا اصطلاح شاع في التراث بناءً على الوضع اللغوي المتعارف عند العرب، فإنهم كانوا يخصون الشعر بالمنظوم، ولا مشاحة في الاصطلاح.
فإن قيل: فلنا أن نغيره ما دام لا مشاحة في الاصطلاح.
قيل: إذا استقر المصطلح عاريًا عن إشكالاته فلا حاجة لتغييره، وارتكاب ما لا حاجة له عبث، وتلاعب بالمفاهيم.
ثم إنَّ للشعر في لسان العرب معنى مستعملا في خطاب الشرع، فمتى غير عن معناه أدى إلى تكذيب الشرع ولو بادي الرأي، فإن القرآن ليس بشعر، على ما يفهمه العرب من الشعر، فإذا نقلت معنى الشعر عند العرب إلى معنى جديد وانطبق هذا المعنى على القرآن، فقد نسبته إلى الشعر، وفي هذه النسبة تكذيب في الظاهر للقرآن.
لأجل هذا أرى أن يعود ما يسمى بقصيدة النثر إلى محضنه الطبعي فيقال عنه: نثر فني، ولا ينسب إلى الشعر والقصيد بحال.
وأقول لإخواني: إن عجزك عن نظم القوافي ليس نقصا فيك تجبره بتسمية كلامك المنثور شعرا، وقد خلق الله الكائنات منها من يمشي على بطنه ومنها من يمشي على رجلين ومنها من يمشي على أربع، ولا يعيب واحدًا منها ما يمشي عليه، ولو سميت مشيك طيرانًا لم يكن كذلك.
وفقكم الله!

بعد بسم الله الرحمن الرحيم
أتقدم بشكرك على المعلومات التي أفدتني بها كما أنني اقتنعت بوجهة نظرك و أتمنى أن تبقى دائما سخيا في اعطائنا ما هو مفيد وشكرا مرة أخرى

شكرا جزيلا لهذه المعلومات الذهبية التي تنصُ على وجهة نظر نادرة الوجود..
مفيدة بمعانيها و رائعة بمحتواها