ضوابط أثناء الحوار
الابتداء بنقاط الاتفاق :
وذلك بالانطلاق من نقط مشتركة تعتبر مبادئ لكل طرف من أطراف الحوار هذه النقاط التي يظن أنها موجودة بين سائر البشر إذ أن " كل إنسان ولو كان كافرا لا يعدم نقطة خير في قلبه يبدأ بها المسلم فيدخل إليها أو يدخل منها . ثم ينميها ويسير بها إلى هدفه الذي يريد " وتكون القاعدة التي يتأسس عليها الحوار .
معالجة الفكرة وفق الضوابط المعمول بها في إطارها واحترام التخصص:
" فإذا كانت عقائدية عرضها على القرآن والصحيح من السنة وإذا كانت فقهية عرضها على الأصول والضوابط الفقهية مع ضرورة الأخذ بمذهب قائلها ودليله من مصادره وليس من مصادر خصمه وأفواه الشانتين عليه " فإن كان في غير تلك المجالات نوقش في مجال تخصصه ووفق ضوابطه . فلكل علم رجاله ولكل فن أهله. و إلا فالتجرأ على جميع التخصصات من علامات التشتت الفكري الذي لا ينتج عنه إلا الصدام .
احترام حق البنوة والأبوة :
يجب مراعاة حق الأبوة والأمومة والرحم فلا يجوز مواجهة الآباء والأمهات بخشونة ولا الأخوة والأخوات بغلظة بدعوى أنهم عصاة أو مبتدعون أو منحرفون . فإن هذا لا يسقط حقهم في لين القول، وخاصة الأبوين وحسبنا أن الله تعالى قال في حقهما ? وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ? وليس هناك ذنب أعظم من الشرك .
كما أن احترام حق الأبوة قد يوجه الحوار إلى منحى إيجابي يفضي إلى نتائج لا تتصور ويقنع أحد الأطراف الأخرى .
قبول النتائج :
قبول النتائج التي توصل إليها الأدلة القاطعة أو الأدلة المرجحة إذا كان الموضوع فيه الدليل المرجح وإلا كانت المجادلة من العبث الذي لا يليق بالعقلاء أن يمارسوه . كما أن قبول النتائج يوضح مدى حسن نية المتحاورين، وإلا فتحديد النتائج عند البداية ضرب من الجنون.
شعور المتحاورين أن نتيجة حوارهم تنتظرها الأمة:
وأن أولي الأمر سيضعون نتائج الحوار موضوع التنفيذ فإن هذا الإحساس من أكبر العوامل الدافعة للمتحاورين إلى إجادة موضوع حوارهم. وبذل قصارى جهدهم لإنجاحه والتعمق فيه غوصا وراء اللآلئ الحقيقية من الآراء السديدة والتجارب المفيدة . وهذا عكس إذا ظن المتحاورات أن حواراتهما مجرد خطابات شخصية دون إدخال طرف مستفيد ثالث. وبذلك تكون الخطابات حبر على ورق أو قول متناثر في الهواء.
تحديد نقاط الاتفاق في نهاية كل حوار:
" فنتواص جميعا بالعمل بها ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه. وبالتالي فلا يحاول بعضنا أن يؤثر في بعض ليكون نسخة منه لأن هذا فيه من التدخل في شؤون الغير " كما يمكن الاستفادة من نقاط الاتفاق في الحوارات الأخرى ولكي تكون محط بداية كذلك .
الضوابط التقنية
تحديد المصطلحات:
وعدم الوقوع في تلبيس المصطلحات وتحميلها ما لا تطيق ولا تحتمل وخصوصا تلك التي تعتبر " مفاهيم يلزم تحديدها وتوضيحها لما يترتب عليها من آثار بالغة الخطورة في الحكم على الآخرين وتقويمهم وتكييف العلاقة بهم وذلك مثل: مفاهيم الإيمان والإسلام والكفر والشرك والنفاق والجاهلية ونحوها .
اجتناب الغريب:
وهو المحتمل من غير قرينة وكلام السفهاء " لأن الغريب يكون غير واضح وغير موصل والمحتمل من غير قرينة كذلك كما أن الكلام الغريب يغير اتجاه موضوع الحوار إلى البحث عن معاني لتلك المصطلحات الغريبة ومنه يضيع الوقت.
اجتناب الإطالة والاختصار في غير محلها:
إذ الإطالة تجر الأخطاء وتجلب الملل.والاختصار في غير محله يحول دون المراد وذلك بنقص جوانبه وحيثياته . لذا نجد العلماء اشترطوا في الكلام ما يأمنه ويوجهه
يقول الماوردي: واعلم أن للكلام شروطا لا يسلم المتكلم من الزلل إلا بها ولا يهوى من النقص إلا بعد أن يستوفيها
وهي أربعة :
• الشرط الأول :
أن يكون الكلام لداع يدعوا إليه . إما في اجتلاب نفع أو دفع ضرر •
الشرط الثاني:
أن يأتي به في موضعه ويتوخى به إصابة فرصته •
الشرط الثالث :
أن يقتصر منه على قدر حاجته •
الشرط الرابع :
أن يتخير اللفظ الذي يتكلم به ،
فهذه أربعة شروط متى أخل المتكلم بشرط منها فقد أو هن فضيلة باقيها .
ضبط النقل:
والأمانة في ذلك والحذر من النقل على لسان الأعداء والمحاولة قدر المستطاع نقل أفكار الآخرين من مصادرها الأصلية ونقل ما عليه إجماعهم في الصدد وعدم نقل الرأي الشاذ لديهم كما من الضروري نقل ما صح عند الآخر وعدم نقل ما ضعفه . وضبط النقل يبين مدى حرص الضابط في تحري الحقيقة وأنه سينقل ما توصل إلية الحوار كما هو دون زيادة ولا نقصان أو تحريف