يوسف تغزاوي عضو نشيط
البلد : المغرب عدد المساهمات : 24 نقاط : 72 تاريخ التسجيل : 02/12/2011
| موضوع: الطاقات المستعملة في التواصل اللساني وتفاعلها. 2012-04-08, 11:23 | |
| ثانوية محمد الخامس التأهيلية كـلـمــيـمـــة. د. يوسف تغزاوي. 1- الطاقات المستعملة في التواصل اللساني وتفاعلها : تعتبر القدرة التواصلية فنا للتواصل الفعال،وتتضمن معرفة آثار المقام على محتوى العملية التواصلية وشكلها،وهي الكفيلة بمعرفة السياقات التي يمكن أن تناقش فيها مواضع معينة دون أخرى،وتحتوي كذلك على قواعد السلوكات أو التصرفات غير الشفهية، كالمسافة الفاصلة بين المتحاورين،وقوة الصوت( )،وتتألف هذه القدرة عند مستعملي اللغة الطبيعية من خمس ملكات أو طاقات تتفاعل فيها بينها أثناء عملية الخطاب وفهمه،وهي: 1-1-الطاقة اللغوية: " يستطيع مستعمل اللغة الطبيعية أن ينتج ويؤول إنتاجا أو تأويلا صحيحين عبارات لغوية ذات بنيات متنوعة جدا ومعقدة جدا في عدد كبير من المواقف التواصلية المختلفة"( ). وللطاقة اللغوية أهمية،كبرى في إقامة التواصل اللغوي،وبدونها يستحيل إقامته،فنجاح مستعمل اللغة الطبيعية في التواصل يكمن في سلامة الافتراضات المقترحة بخصوص القالب النحوي الذي يتضمن المعلومات التداولية باعتبارها جزء منه،والتي تكون سباقة في التمثيل على المعلومات التركيبية كما يشير الاتجاه الوظيفي،ومن ثمة يستحيل الفصل بين القدرة النحوية والقدرة التداولية عكس التوليديين. 1-2- الطاقة المعرفية: "وهي التي تتيح لمستعمل اللغة الطبيعية تكوين مخزون منظم والاحتفاظ به وتوظيفه حين الحاجة،وهي ملكة تمكنه كذلك من اشتقاق معارف من عبارات لغوية واختزانها ثم استعمالها في تأويل عبارات لغوية أخرى"( ). حيث يفترض في المتكلم والمخاطب امتلاك كل مقومات المعرفة الواسعة؛ منها اللغوية(المعجم، الدلالة،التركيب..)،وكذا معرفة المبادئ النحوية التي تمكن المتكلم من صياغة معارفه في صور لغوية مناسبة وتسهل على المخاطب تحليل كلام المتكلم واستخلاص معلومات منه،أما المعرفة غير اللغوية فتظهر في معرفة كل من المتكلم والمخاطب بما تحيل عليه الوحدات اللغوية في العالم الخارجي، في حين أن المعرفة الواسعة –اللغوية منها وغير اللغوية –يختزنها مستعمل اللغة الطبيعية في قاعدته المعرفية بصورة سابقة عن إقامة أي تواصل لغوي،وتعد المعرفة الضيقة التي يستخلصها مستعمل اللغة الطبيعية من الحدث التواصلي ذاته( ). 1-3- الطاقة المنطقية: "تعد الطاقة المنطقية – عند مستعمل اللغة الطبيعية – الطاقة المسؤولة عن استخلاص معلومات جديدة من معلومات قديمة،عن طريق إجراء قواعد استدلالية،تحكمها مبادئ المنطق الاستنباطي والمنطق الاحتمالي"( ). ويمكن الحديث عن هذه الطاقة،حين يتوفر المكون المعرفي على معلومات واردة فيه،وبتفاعله مع المكون المنطقي،يولد معلومات جديدة،انطلاقا من معلومات قديمة، ويحصل ذلك كالآتي( ) : مكون معرفي
معلومات قديمة مكون منطقي
معلومات جديدة يدعي هذا النمط من المنطق"منطقا وظيفيا"، يختص بالتركيب والدلالة، حيث يقوم التركيب بتحديد أنماط العبارات المنطقية،والدلالة بكيفية تأويل هذه العبارات،وتتفرع إلى قواعد تعنى بتأويل العبارات التي يعيدها التركيب سليمة التكوين،وقواعد تعنى بتحديد العبارات التي تشكل قوالب استدلال صحيحة،تدعى الأولى قواعد تأويل،والثانية قواعد استدلال( ). 1-4 الطاقة الإدراكية : " الطاقة الإدراكية هي التي تمكن مستعمل اللغة الطبيعية من إدراك العالم الخارجي بواسطة وسائل الإدراك البشري من سمع،وبصر،ولمس،وذوق،وشـم، واكتساب معارف يستعملها في إنتاج العبارات وتأويلها،وبفضل هذه الطاقة تصبح حركات الجسد غنية بالمعلومات، وتسند إليها دلالتها المناسبة تبعا لسياق ورودها"( ). أشرنا في السابق إلى أن الطاقة اللغوية والطاقة المعرفية والطاقة المنطقية أساسية لإقامة العملية التواصلية بين مستعملي اللغات الطبيعية،أما الطاقة الإدراكية فلا تقل أهمية عن هذه الطاقات في هذه العملية،إذ غالبا ما نجد المعلومات الإدراكية تعوض العبارة اللغوية كليا خصوصا في التواصل غير اللفظي،أو قد تكملها جزئيا مثل التواصل اللفظي،رفقة الإشارات الجسدية،أو قد تضفي معنى جديدا قد يخالف معناها الحرفي،وبديهي إذن،أن تعطيل هذه الطاقة قد يؤدي إلى عرقلة التواصل. ويفترض الباحثون أن القالب الإدراكي يتألف من خمسة قوالب فرعية تتجلى في : قالب مختص بالمعلومات التي ندركها عن طريق السمع،وقالب مختص بالمعلومات التي ندركها عن طريق الشم،وقالب مختص بالمعلومات المدركة عن طريق البصر،وقالب مختص بالمعلومات المدركة عن طريق اللمس،وقالب مختص بالمعلومات عن طريق الذوق،وتتفاعل هذه القوالب طبيعيا في بعض العلميات التواصلية؛ إذ غالبا ما ندرك عناصر المقام الفيزيائية بأكثر من وسيلة إدراكية أهمها من حيث الاستعمال السمع والبصر عند الإنسان العادي( ). 1-5- الطاقة الاجتماعية : " الطاقة الاجتماعية هي: مجموع القواعد والمبادئ الاجتماعية التي تمكن مستعمل اللغة الطبيعية من استعمال العبارة اللغوية المناسبة بالنظر إلى وضع مخاطبه في موقف تواصلي معين،قصد تحقيق أهداف تواصلية معينة"( ). وبفضل هذه الطاقة يترخص للمتكلم تجاوز مضمون ما يقوله إلى الطريقة الأجدى والمناسبة التي يجب عليه أن ينتج قوله بها طبقا لما يقتضيه وضع مخاطبه وزمان القول وسياقه وكذا مقامه التداولي،إذن فلها أهمية كبرى في إقامة التواصل بين مستعملي اللغات الطبيعية.وقد ينتج عن تعطيلها ضلال في التواصل،لأن الجانب التداولي مهم جدا في العملية التواصلية،وإلا أدى ذلك إلى فشلها.وقد افترض "المتوكل" ثلاثة قوالب فرعية تؤلف القالب الاجتماعي وهي:" قالب العناصر الاجتماعية –الثقافية الكلية، وقالب العناصر الاجتماعية-الثقافية العامة،وقالب العناصر الاجتماعية-الثقافية الخاصة.ومن المترجح أن تكون القوالب الأخرى قابلة لنفس التفريع بحيث يشمل كل قالب منها قوالب فرعية تتفاعل فيما بينها للاضطلاع بمهمة القالب ككل"( ). لقد أشار"ديك" ( ديك 1989) أن نموذج مستعمل اللغة الطبيعية يتكون من خمسة قوالب يضطلع كل قالب بوصف الطاقات الخمس التي تتألف منها القدرة التواصلية،وهي:القالب النحوي،والقالب المعرفي، والقالب المنطقي،والقالب الإدراكي والقالب الاجتماعي،ويشكل كل قالب من هذه القوالب نسقا مستقلا عن القوالب الأخرى من حيث موضوعه ومبادئه،ومن حيث إوالياته،إلا أنه رغم استقلال هذه القوالب،فإنها تتعالق فيما بينها بحيث يفضي بعضها إلى بعض،فيكون خرج قالب دخلا لقالب آخر بمعنى أنه حينما ينتهي القالب من بناء أو تأويل العبارة اللغوية التي تعنيه:النحوية،أو المعرفية، أو المنطقية، أو الإدراكية،أو الاجتماعية.تصبح البنية الناتج عنه دخلا لقالب يستكمل بناءها أو تأويلها من جهته التي يختص بها( )، كما يتضح في الرسم التالي( ): نموذج مستعملي اللغة الطبيعية قالب منطقي قالب اجتماعي
قالب نحوي
قالب معرفي قالب إدراكي
" لقد أشار "سيمون ديك"( 1989)وهو يعدد الطاقات التي تؤلف القدرة التواصلية بعبارة "على الأقل"ما يعني إمكانية إضافة طاقات أخرى إلى الطاقات الخمس الآنفة الذكر،وقد فكر "المتوكل" في طاقة سادسة سماها"بالطاقة الشعرية" تتجلى مهمتها في الاضطلاع بإمداد مستعمل اللغة الطبيعية بما يستلزمه إنتاج وتأويل العبارات اللغوية ذات الطابع الشعري"( )،ويرى الدكتور"البوشيخي" كذلك أن الطاقات الخمس لا تزال قاصرة في وجه معطيات لغوية كثيرا ما يلجأ مستعمل اللغة الطبيعية إلى إنتاجها وتأويلها،دون أن تتدخل إحدى الطاقات الخمس عن إنتاجها وتأويلها،ومن هذه المعطيات البنيات الشرطية،والبنيات المجازية،والبنيات الاستعارية،والبنيات الكنائية،والبنيات الرمزية، وسمى هذه الطاقة ب" الطاقة التخيلية" ليصبح عدد الطاقات التي تكون القدرة التواصلية ستا. 1-6- الطاقة التخيلية : " وهي الطاقة التي تمكن مستعمل اللغة الطبيعية من اختلاق صور افتراضية،تنتمي إلى أحد العوالم الممكنة،ومن بناء وقائع متخيلة تنتمي إلى أحد العوالم الخيالية لتحقيق أهداف تواصلية محددة"( ). وبفضل هذه الطاقة يسهل على المتكلم إقامة تواصل لغوي مع المتلقين باستعمال عبارات لغوية تحيل على وقائع تنتمي إلى العالم الواقع بالضرورة،بل قد تنتمي إلى أحد العوالم الممكنة أو أحد العوالم الخيالية( )،تحت إشراف الطاقة المنطقية المسؤولة عن استنباط معلومات جديدة من معلومات معطاة عن طريق إجراء قواعد استدلالية تحكمها مبادئ المنطق الاحتمالي،ولا يقتصر هذا على البنيات الشرطية،بل يتعداه إلى البنيات المجازية،والبنيات الاستعارية،والبنيات الكنائية( ). أما بالنسبة للقوالب فيمكن أن يضاف إليها"القالب التخيلي"،لأنه رغم استقلاليته،يفضي إليها وتفضي إليه ويمدها ويستمد منها،ليصبح عدد القوالب عند مستعمل اللغة العربية ستا. الـــــهــــــــوامـــــــش : 1. Devito joseph ( 1938)les fondaments de la communication humains , P : 9. 2. أحمد المتوكل ( 1993),آفاق جديدة في نظرية النحو الوظيفي،منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، الرباط،ص:8 ،وانظر كذلك ( المتوكل ( 2001)،ص: 36 ،البوشيخي (1997 )،ص:74، البوشيخي ( 2002)،ص:7. 3. -أحمد المتوكل (1993)،ص :9 ،المتوكل (2001)،ص : 36، البوشيخي (1997)، ص : 86، البوشيخي (2002)، ص : 7. 4. البوشيخي ( 1997)، ص : 88. 5. أحمد المتوكل (1993)،ص :9، المتوكل (2001)، ص : 37، البوشيخي (1997)،ص : 89، البوشيخي (2002)، ص : 7. 6. البوشيخي( 1997)، ص : 90. 7. البوشيخي( 1997)، ص : 91. 8. أحمد المتوكل( 1993)، ص :9، المتوكل (2001)،ص: 37، البوشيخي( 1997)،ص : 98، البوشيخي(2002)، ص:7. 9. البوشيخي (1997)، ص.98-100 . 10. أحمد المتوكل (1993)، ص :9 ، المتوكل (2001)،ص: 37، البوشيخي ( 1997)،ص :100، البوشيخي(2002)،ص :7. 11. أحمد المتوكل ( 1995)، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ، البنية التحتية أو التمثيل الدلالي ،دار الأمان، الرباط ص: 23. 12. أحمد المتوكل( 1995)، ص .ص : 22-23. 13. راجع البوشيخي (1997)،ص.ص:101-102. 14. أحمد المتوكل (2003)،ص :36. 15. أحمد المتوكل ( 1995)، ص : 17. 16. البوشيخي ( 1997)،ص :117، البوشيخي (2002)، ص : 7. 17. يقصد بالعوالم الممكنة كل عالم يمكن تصوره بديلا عن العالم الراهن شرط أن يكون ممكن التحقق منطقيا وخاضعا لقوانين العالم الواقعي ولو جزئيا. 18. يقصد بالعوالم الخيالية كل عالم يمكن تخيله دون أن يشترط فيه أن يكون ممكن التحقق ولو منطقيا . 19. البوشيخي ( 1997)، ص : 121. المراجـــــــــع المعتمــــــــدة :
1. Devito joseph ( 1938)les fondaments de la communication humains, traduction de Johanne L. Massé et Louise Rousselle, 1993, Institut des cannadiens. 2. أحمد المتوكل ( 1993),آفاق جديدة في نظرية النحو الوظيفي،منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية ، الرباط، 3. أحمد المتوكل ( 1995)، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية ، البنية التحتية أو التمثيل الدلالي ،دار الأمان، الرباط ص: 23. 4. أحمد المتوكل (2003)، الوظيفية بين الكلية والنمطية، دار الأمان، الرباط، ط 1. 5. أحمد المتوكل (2001)، قضايا اللغة العربية في اللسانيات الوظيفية، بنية الخطاب من الجملة إلى النص، دار الأمان، الرباط. 6. البوشيخي عز الدين (1997)، قدرة المتكلم التواصلية وإشكال بناء الأنحاء، أطروحة لنيل دكتوراه الدولة، كلية الآداب، مكناس. 7. البوشيخي عز الدين ( 2002)، تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها من منظور وظيفي، الندوة الدولية : اللغة العربية إلى أين، الرباط. |
|