سجادة لصلاة اثنين
جاء الجنيُّ وراح
أخذ الدفة
والمجدافَ
ومنضدة الأقداح
ترك العاشقَ
مختنقًا
بالمصباح.
تنام متخفضَة من شدّادة الصدر
وفي النوم, تلتقي حلمها الوحيد:
السّفَر
حيث الفوائد السبعُ.
وعندما تصحو في مواجهة السقف
تلوذ بخفها المغربي
وغوايش طاغور التي من خشب الجوز
وتمشي في الحياة.
كانت كفه مدهونة
بخليط من دم الشهر والريق والعرق.
مسح كفه في وجهها
مسح كفه في قبتيها المشقوقتين
بنظرية المركز.
وتأمل الكشط فوق المائدة.
ثمة عامود من نار
ثمة بعض الأسرى
بعض الأحرار
نايات غرقى,
وكمنجات,
أسئلة تضرب في فزع الروح,
إجابات,
شوق يتخفى وظهورات,
نفس تنسال يؤرجحها كالبندول هلاك
ونجاة,
مهج تتفتح ومحبات,
جرحى مسرورون وأسرار
ثمة رجل وامرأة
وفنار.
مكانك لن يكون في دهاليزي
مكانك سيكون في الموضع الذي
تشغله السيدة التي حفظت اسمها
من غير أن تعرفيني
أو تعرفيها
مع أن وجهها لا يشبه
وجوه الفيوم,
وجلطتها أعمق من جلطة الساق.
كانت كفه مدهونة
وحينما لعقا معا خليط العسل
ودم الشهر والريق والعرق
تساءلا: هل هذا هو الإكسير
أم هو المهلُ؟
المصادر:
نخلة الحقل
لسان الكافرين
هيستريا العضلات
شهقة المصلي
بركة الشهر
أما الخليط فهو من أمر ربي حيث يلتقي الصوفيون بالمصرع
وحيث تحير المعتزلة:
الحوض حادث أم قديم؟
ساعتها أجاب واحد:
أنا قاذف الحجارة
وأجابت واحدة:
أنا الملعوقة.
تعلو وأنت صامت, لأن صمتك أعذب من
كلام لسانك الزلق, حينما تصمت أرى نفرة
العروق في يديك, وأشعر أن دمك يغلي
بالرغبة, فإذا تكلمت حدثتني عن دراما
الرواية وتطور الشعر, ثم حينما تصمت
أشعر أنك مرتبك وحزين وأنك حائر
في إخفاء رعشة المشتهي, فإذا تكلمت حدثتني
عن نيتشه واليوجا والصبر الجميل.
من فضلك
في كل لقاء
كن صموتا.
ترنحت ألاف الأجساد في الصحراء
وارتفعت من المغارات أقنعة مشوهة,
بينما المغنون يقدمون أعناقهم للوحش,
والوحش يقود الجوقة بأنياب سوداء
والجوقة تتطوح كحشد مسطولين:
ثمة عامود من نار
جسد في الأسر جواب
جسد في الأسر قرار
أفخاذ تتناثر تحت سماء تصعد
أفخاذ تتآخى تحت سماء تنهار
سر يجري منفردا
تتبعه أسراب الأسرار
اخترت مصائر أعضائي:
عضو مقهور في الحلك
وعضو في العتمة قهار
الساتر مهتوك في مكمنه
والهاتك ستار.
في المراجيح سيكون الخير:
سيصحو الطفل فيك ويصحو الطفل فيّ
وسوف أظل ضاما ذراعي على كتفك الأيمن
حتى لا تسقطي من حالق فأمثل أمام نيابة الأهرام.
ستخايلنا الطفلة بالمريلة الرمادية وجرس
الفسحة ومعاكسة الصبيان, سيخايلنا
الطفل بالجلباب وتسميع جزء "تبارك".
ربما يطيِّر الهواءُ الجونلةَ فألمح ركبتيك اللتين
لم أرحمهما, مع أنني استنكرت الإساءات التي
لحقت بهما من الغلاظ.
ستقولين: لم أضحك بهذا العمق منذ
افترقت عن جدتي, وسوف يلطم
شعرك المحلول وجهي فتبعدينه
خجلانة. ساعتها سأستعيد قولك
أنك لم تحلي ضفائرك لأحد قبلي.
أما الخير الأكبر الذي أتعشمه فهو أن
تزل قدماك عند النزول عن حصان الخشب,
فأتلقاك بذراعيّ وأحملك إلى غرفة
الإسعافات الأولية, مستعدا للسين
والجيم في مكتب الأمن.
عندما سقط الرجال من فالج المحبة
وسقطت النساء من فالج الصفح
كان الثور قد لغ في الدماء
فحاول شخص مأكول عنقه
أن يشرح للمشاهدين ما كان,
وقف على تلة من موز مهروس
رافعا ذراعه التي تخلو من الكف
وهمهم:
يدي التي أوغلت في برزخٍ
يدي التي توغلت في تيه
قابلت مشيمة
وأطنان جمر طري وأحجارا كريمة
يدي التي غاصت في عجينة
كأن فرنا بخبزه
كأن كيرا بنفخه,
كأن جرما ينام في جريمة
يدي التي رأت ما لم تر العيون
جاست في طينة حميمة
وداست على نطفة تسير خلف نطفة
يدي المجنونة الحكيمة
ليتني تركتها هناك في ليلها البهيم
ليتني ما سللتها من ظلمة البهيمة
يدي التي أوغلت في برزخ القلاع والحصون
وكل إصبع في يدي
نما عليه مبيض أبيض,
وأورقت في ظفره غصون
يدي التي لم
تعد يدي.
لا أميل للعطور
لكنني قبلت أن ترشي بعض عطرك
في كفيّ
لكي أحتفظ بك في يدي
كلما سندت رأسي بها في الليل
حيث الفكر يذهبُ
حيث الفكرُ يجئ.
أسرفتُ في الحديث عن الطريقة البيُّوميَّة
وفرقة الإنشاد وتشنجات حلقة الذكر
وتقبيل يد القطب, لكي أسرّب إليكِ
رسالةً مؤّداها: لي بين الضلوع دم ولحم,
وكي أخلص إلى أن بيومي شقيقي
كان من شرفة في رفح
يرى الجرافات والرصاص الحيَّ
وتفتيش النساء ذاتيًّا
فيتف, تفلة ثقيلة
على مشايخ الطُّرق.
عندما انتهى من رثائه
تحرك القولون في بطن كل سيدةٍ
كل قولون اصطفى نخلة يلتف حول جذعها
ويستدير في لحائها
ثم طار النخل فوق هام السائرين في الحقول
كل نخلة تخيرت نبعا لكي تذوب فيه
أو تحط تمرها على حوافيه
حول كل نبع كان رهط مبتورين ينشدون:
ثمة عامود من نار
إثم يغفر تاريخ الأخطاء
وخطأ يرفع عن زنديّ الأوزار
اخترت التعويذة:
النور على نور
والظلمة محض نهار
شربت ماء العين مع الغسق
وشربت ماء الظهر مع الأسحار
ثمة عامود من نار
فيه من الليل صباياهُ
وفيه من الموتِ الأشعار
النور على نور
والنار على نار
الرجل الذي لم يعرفني
لمجرد ورم خبيثٍ أصابه في المخ
لماذا تذكرته
و أنت تفرجينني على صينية النحاس
المنقوشة برسوم الهند؟
ثم و أنت تشتمين ورشة الزيتو
ولماذا سوف يهبط عليَّ,
قبل أن أقرأ "خريفَ" ناجي؟
تم إخلاءُ المصابينَ والموتى:
الجرحى في وادٍٍ
والمحتضرون في وادٍ
والقتلى في وادٍ
وعلى بابِ المستوصف
راح الأطباء يوزعون تقريرا عن مستقبل
الأصحاء, يقول:
كافك تسعة عشر كافا:
كوئك, كوّة الوردة, كعبُكِ, كَمَانُ
ظهرك, كتفك المدحوُّ, كاحلك
الأيمن, كتفك المعضوض, كاحلك
الأيسر, كأس السرة, كثافة الدغل,
كدمة البطن, كوعك الآخر, كفل المودةِ,
كفل الشرور, كعبك الثاني اللئيمُ, كاعب
الثدي, كُحلُكِ المتّهمُ, كيمياء ما تحت
الإبط.
ولذلك: جاء الجني وراح
و الأيدي المقطوعة باتت تتأرج
خلف الروحة وحول المصباح
حتى احترق الليل
وهمدت في مرقدها الأشباح
لكن دم الشهر الفوّاح
ظل يكرر مأساةَ اليد.
طارت السجادة في الفراغ
وظل الشخصان يبحثان في الحَصَى
عن لقمةٍ تسدُّ الرّمَق
وعن كف
ملصوقةٍ
بساعدها
لصقا
يعيش ثلاثة أيامٍ
بلياليها.
1999