لن يخطئ الشعب الليبي طريقه
يتمنى القذافي وأذنابه للشعب الليبي أن يستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير ، ولكن هيهات أن يعود شعبنا إلى حقبة السفاح وأبنائه، تلك الحقبة المريرة التي كانت مملوءة بالذل والخوف والقهر والتيه.
إن شعبنا الليبي بعد ثورة السابع عشر من فبراير تسلّح بالإيمان الكامل والعمل الدؤوب من أجل تعزيز مبادئ الحرية والعدالة والشورى والتنمية ، والبحث عن كل الأسباب التي تفسح المجال أمام المشروع العملي الذي ينهض أصحابه برسالة الحق، وتوحيد كلمة الليبيين، وبناء المؤسسات المرسخة لدولة القانون والأمن والرخاء، وعليه فشعبنا قال كلمته للأفارقة والأتراك وغيرهم ،لا مساومة على المبادئ .
ولعل من أهم أسباب الثبات على عدم السماح للمساومة على المبادئ الوفاء لدماء الشهداء الأبرار ،أولئك الرجال الذين خرجوا بكل نية صادقة، وعزيمة واثقة في سبيل الله، وفي سبيل رفعة الوطن وخلاصه من الضيق والكرب والاستبداد ، ثم إننا بالوفاء لدماء شهدائنا الزكية نستمد قوة على قوة، ونبث في النفوس والعقول والأجسام طاقة ربانية معنوية ومادية، شعارها اطلبوا الموت توهب لكم الحياة.
إننا بالوفاء لدماء الشهداء سنخرج إنسانا حيا حقيقيا يطلب الحياة بعزة أو موت كموت الشهيد وبهؤلاء ننتصر ويُعزُّنا الله، وإننا أيضا بالوفاء لدماء الشهداء نحيي إنساناً ونخلصه من الخوف والجبن والذل والذاتية والوهم والخيال ، ونحييه بحياة الحق والخلاص ونخرجه إلى الإصباح إلى النور إلى الشمس إلى القمر إلى النجوم.
وفي سياق أسباب الثبات لابد من المحافظة على ذلك النبات الطيب الذي أخرجته ثورة السابع عشر من فبراير، ذلك النبات الذي خرج بإذن ربه ؛ ليعلن للعالم كله أن ليبيا بلد طيب، ولا مكان فيها بعد السابع عشر من فبراير للـــذي خبث ولا يخرج إلا نكداً ، لا مكان فيها لأولئك الخبثاء من ذيول القذافي الذين أهلكوا الحرث والنسل، وفي هذا الصدد لابد أن نشكر الله على هذه النعمة العظيمة المتمثلة في هذا الشباب الحر التواق للنماء والعطاء والتحرير،و من الصالح لليبـــيا الحرة أن تعطيَ هذا الشباب الفرصة، وأن تسمع منه، وأن تضعه في الصورة بكل تفاصيلها لأنه هو الصانع لأيامها المجيدة.
ولعل من المفيد أن يشارك الشباب ومن ورائه الشعب الليبي الحر في رسم منهج واضح ،ومبادئ ثابتة، وخطوات عملية، تفرق بين ثورتنا المجيدة وبين انقلاب القذافي البائد المتخلف!! على الجميع أن يسعى جاهداً في إيضاح الفروق حتى نصل إلى درجة من التمييز لا تدعوا عذراً لمعتذر بالتضليل أو عدم الفهم،علينا أن نوضح الفارق كما نفرّق بين السماء والأرض، والحي والميت ،والحق والضلال ، وأن نستعمل كل الوسائل التي تُــبلِّغ منهج ثورتنا المجيدة لكل أحد ليميز الله الخبيث من الطيب.
ولتحقيق هذا المنهج المبارك لابد لشباب ثورة السابع عشر من فبراير أن يتخذوا عبرة من أمة النحل، فعليهم أن يأكلوا من كل الثمرات اليانعة المفيدة ، وأن يسلكوا كل السبل من أجل أن نرى وسائل النضال والكفاح على أيديهم تتعدد وتتنوع وتتكامل، وتخرج للعالم كله في صورة جميلة ،فيها شفاء لشعبنا الليبي من كل دكتاتور وسفاح.
وفي طريق العمل لرسم هذه الصورة الجميلة لابد من التزود بكل أسباب الألفة والمحبة والصدق والشفافية والوضوح والنصيحة الصادقة والاستشارة العلمية الخالصة من كل شوائب الغش والتأخر في الزمان والمكان، فإن السحاب إذا تآلف يكون ركاماً، فنرى الودق والغيث النافع يخرج من خلاله، ونرى سنا برقه يكاد يذهب بالأبصار، ومن المعين على بث الألفة والاعتصام الولاء للحق وللوطن، ووطننا هو وطن العقيدة والحقيقة والخير والسعادة، ومن المعين أيضاً الإذعان لرأي أهل الاختصاص وأصحاب الخبرة وأولي الشأن في كل مجال، واعتماد الشورى ركناً حصيناً يحسم كل تجاذب بين الأفكار.
وأخيراً صدق الله العظيم إذ يقول: "أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم " والحمد لله القائل "يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان" فبهذا التلاقح والتكامل والانتماء والعمل والإيمان سيخرج النصر الموعود والفرج القريب والبشارة الطيبة لهذه الأمة "من بين الصلب والترائب".كتبه ناصر العرفي