الحالم
من هو ؟
ما يكون؟
ما أدواته العذبة؟
أين يختزل تمتماته الأثرية؟
متى يلتقي في داخله باللحظة المسائية؟
كيف يتصوف النص في يديه؟...
أسئلة تتوارى خلف حجاب من المجرات .. فهل ينفع الصمت في تبيانها؟...
من هو؟
هو المبدع في أعماله الأدبية؛ حيث تكون نتاج رؤاه الداخلية الممتزجة بالأشياء ( كلمات، أنغام، صور، أحداث، خبرات، أفكار... )
ما يكون؟
فردٌ امتزجت في داخله الأشياء، فعمل على تركيبها، وأضحى نتاج هذا التركيب ( قنبلة ) تخترق كل شيء؛ تمتزج بكل شيء؛ تشارك كل شيء، إلى أن أصبح لديه تشيؤ بالأشياء.
لنقل بلغتنا السهلة؛ المسرفة في السهولة: تشبع بالأشياء إلى أن بات هو الأشياء ذاتها، لكنه ليس بالأشياء، والأشياء ليست هو؛ لأن الأشياء جامدة وهو يرفض وصفه بالجمود.
ما أدواته العذبة؟
يرتكز إلى عمودي رخامٍ؛ أولهما: قدرته على اصطياد الأشياء السمكية، وهي ما زالت في طور التبرعم، والتبلور، ثم قدرته على الربط بين مسافاتها المتباعدة، مهما بدت شساعة المسافات، وتعددت انحناءاتها المائية.
ثانيا: مزجه للأشياء السمكية، وإدخال تكويناتها العضوية في سلسلة لا متناهية من العلاقات المتشابكة.
لعل التشابه بين حالتي الاستقبال والإنتاج، يتمثل في تلك البؤرة الرابطة بين العناصر؛ فالاستقبال حالة من التلقي الخارجي؛ تلقي الأشياء السمكية.
والإنتاج حالة من التلقي الداخلي؛ تلقي الأشياء السمكية بعد تموجها، وتمازجها في داخله.
أين يختزل تمتماته الأثرية؟
بديهيٌّ أن المصاب بعقدة نفسية لا يعلم أنه مصاب بتلك العقدة، وهذا هو حال الاختزال في جوانب متعددة، تكاد تصل لدى البعض إلى درجة اللاعلم.
بلغة أخرى: العقل يتفاعل مع القلب في عملية تمازج فريدة من نوعها؛ العقل؛ كائن التفكير، والتذكر، والاستيعاب، صاحب العمل الدؤوب.
يتفاعل مع القلب؛ كائن العاطفة، والتسامح، والجمال، صاحب الأحكام الوقتية.
إنما السؤال الذي سينطرح بعد حين، سيكون ...
متى يلتقي في داخله باللحظة المسائية؟
يحدث لقاء عفوي في البداية بين الأشياء السمكية الواردة، وبين الداخل النفسي؛ حيث ينتج التلقيح الأولي للأفكار؛ في صورتها البدائية.
ثم، يحدث تأزم داخلي، لسبب ما ( ولا يهم معرفة السبب ) يأخذ في الغليان رويداً رويداً إلى أن تحدث لحظة اللقاء المسائي بين الأشياء السمكية، والداخل النفسي، يجد الفرد عندها قدرته على إعادة صياغة إعداداته، ويجد كذلك لذته اللامتناهية في اكتشاف لحظة جميلة؛ هي لحظة الكتابة.
لحظة الكتابة تحمل في طياتها بعداً تفريغياً؛ يتمثل في تفريغ الشحنة الكهربية المتصارعة في الداخل في شيءٍ ما؛ ربما كان الرسم، أو الكلام، أو النحت، ... وربما النظرات التركيزية الموجهة ضد شيءٍ تمثلت البشاعة في جزءٍ من أجزائه ( تقريباً لوجهة الناظرين، وقد يحدث الأمر بالمقلوب؛ فيتم التركيز على الجوانب الجميلة ) .
كيف يتصوف النص في يديه؟
لن نتناوش في آلية عمل العقل، وكذلك لن نتناوش في آلية عمل القلب، إنما التناوش سيكون في كيفية المزج بينهما.
بما أن العقل منطقة للتجارة الحرة بين الأشياء السمكية، فسيكون الاختيار من بينها أمراً لا تعوزه الصعوبة، فعملية الاختيار تتم وفق ضوابط الهيئة العامة للمواصفات والمقاييس الفردية؛ إذ تبدأ بالتنقيح، ثم عرض الأنسب، فعملية الاختيار.
إلاَّ أن ما يحدث في عين الحقيقة شيءٌ مختلفٌ؛ إذ يتحرك القلب بعواطفه الميالة إلى منطقة التصويت على الخيارات المتاحة، فيبدأ في تهديم أركان بعضها، وتضعيف أركان البعض الآخر؛ مما يخلخل هذه الخيارات، ويجعل أمر المفاضلة بينها صعب مستصعب.
هنا تحديداً تختمر الأشياء السمكية بالداخل النفسي في عملية صراع مرير يتجاوز حدود الكائن العقلي ( منفرداً )، والكائن القلبي ( منفرداً )، فيحدث تزاوج بين الأشياء السمكية ذاتها، والداخل النفسي المتصارع؛ مما يولد بركاناً من الأعاصير، تظل تعصف بالفرد، ويشتد أوارها، إلى أن يلقيها خارجاً على هيئة نصٍ جميل.
قد يكون النص كتابة، أو رسماً، أو تمثيلاً، أو نحتاً، أو شيئاً آخر.
يتميز النص الناتج عن انفجارٍ هائلٍ بسمة مركزية؛ حيث يُضاف إلى جواره لقباً فخماً، فيوصف بكونه ( غير مألوف ) أي متميز.
...
معذرة