أين الفاعل في مثل قولنا : نعم صديقا الكتابُ ؟
الفاعل في مثل قولنا : (نعم صديقا الكتابُ) ضمير مستتر وجوبا في (نعم) , و(صديقا) تمييز مفسر له , والكتاب مخصوص بالمدح .
ولكي تتضح الإجابة لابد أن نعرف أنواع فاعل (نعم) و(بئس) ، فنقول :
يأتي فاعل (نعم) و(بئس) على ثلاث صور كما يلي :

الصورة الأولى : أن يكون مقترنا بـ (أل) , نحو : نعم الطالبُ زيدٌ - بئس العملُ الإهمالُ ....
ونحو قوله تعالى : ( فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)الحج/78 - (نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً)الكهف/31 - ( بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً)الكهف/29 ....
فـ(الْمَوْلَى) ، و (النَّصِيرُ ) ، و (الثَّوَابُ) ، و (الشَّرَابُ) .. فاعل لـ نعم و بئس ، وهو مقترن بـ أل .

الصورة الثانية : أن يكون مضافا لما فيه (أل) , نحو : نعم طالب العلم محمد - بئس رجل الشر الخائن ....
ونحو قوله تعالى :
(وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ)النحل/30 - (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)النحل/29 - ( بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ)الجمعة/5 .
فـ طالب العلم - رجل الشر - دَارُ الْمُتَّقِينَ - مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ - مَثَلُ الْقَوْمِ ....... فاعل لـ نعم و بئس , وهو مضاف لما فيه (أل) .
والمخصوص محذوف في الآيات للعلم به , والتقدير على التوالي : لنعم دار المتقين الجنة , فلبئس مثوى المتكبرين هذا المثوى , بئس مثل القوم ... هذا المثل .

الصورة الثالثة : أن يكون ضميرا مستترا وجوبا ومفسرا بنكرة بعده منصوبة على التمييز , نحو :
بئس خلقا الكذبُ - نعم صديقا الكتابُ...
ونحو قوله تعالى : ( بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً)الكهف/50 ...
ففي (بئس) في المثال الأول ضمير مستتر وجوبا هو الفاعل , و(خلقا) تمييز مفسر له , و الكذبُ مخصوص بالذم .
وهكذا بقية الأمثلة .
وهذا هو المشهور في إعراب مثل هذه التراكيب .
ومن الأمثلة على هذا النوع – أيضا – قول زهير :
نعم امرأً هرمٌ لـم تَعْرُ نائبـةٌ ** إلا وكانَ لمرتـاعٍ بهـا وَزَرَا
(تَعْرُ : تنزل , مرتاع : خائف , وزرا : ملجأ . وفاعل نعم : ضمير مستتر يعود على (امرأً) . وامرأً : تمييز للضمير المستتر منصوب . هرم : المخصوص بالمدح مبتدأ والجملة قبله خبره , أو خبر لمبتدأ محذوف) .
- وقول الآخر :
تقولُ عرْسِي وهي لي في عَوْمَرَه ** بئسَ امرأً وإنـني بئسَ المـره
(عرْسي : امرأتي , لي : معي , عومرة : صياح وصخب واختلاط أصوات . وفاعل بئس ضمير مستتر وجوبا . وامرأً : تمييز للضمير المستتر منصوب , والمخصوص محذوف تقديره : (أنت) , والمره : فاعل بئس الثانية , والمخصوص ضمير المتكلم أنا) .
- وقول الآخر :
لنعْـمَ موئلاً المولى إذا حُـذِرَتْ ** بأساءُ ذِي الْبَغْي واسْتيلاءُ ذي الإِحَنِ
(موئلا : ملجأ , حذرت : خيفت , بأساء : شدة , الإحن : جمع إحنة وهي الحقد).
وهكذا الفاعل في كل من (نعم) و(بئس) مما سبق ضمير مستتر وجوبا تقديره : هو ، ومفسر بنكرة بعده منصوبة على التمييز .

بوركت أختي الفاضلة صمت اللغة وبورك مرورك الكريم
جزاكم الله خيراً، وأجزل لكم الأجر والثواب