ثد ذكرت الدكتورة رقية طه جابر العلواني في صفحة 251 من كتابها أثر العرف في فهم النصوص، شهادة المركز، الضابط الأول من ضوابط فهم النصوص و شرحته هكذا:
و يراد بها أن تكون عميلة فهم النصوص و تأويلها دائرة في إطار مرجعيتها للمركز الأول الذي يشكل مسلمات الفكر الديني و مقوماته الذاتية المخصصة لهويته و هي مايمكن أن تصطلح عليه بالمرجعية المركزية أو شهادة المركز The criteria of the center.
فالمرجعية المركزية هي التي تفصل بين التأويلات المقبولة من غيرها و هي التي تحدد ما يمكن تغييره و ما لا يقبل التغيير في إطار يتلائم مع مقاصدها و غاياتها الأصلية. فعملية التأويل و الفهم علي هذا الأساس تكون عملية مباشرة لا تستدعي وجود واسطة من فهم مسبق أو سلطة دينية لها الحق في الفهم و التأويل مسبقا.
أرجو من الأصدقاء الأفاضل و الأستاذ الفاضل حضرة الدكتور محمد محمد يونس علي أن يكتبوا تعليقاتهم و شروحهم علي النص المذكور ليتضح أكثر مما عليه.
شكر و تقدير
مرجع النص: «العلواني،رقية طه جابر، أثر العرف في فهم النصوص؛ قضايا المرأة أنموذجا، دار الفكر، دمشق، 2003ص251 »

باحث الكتب كتب:

أرجو من الأصدقاء الأفاضل و الأستاذ الفاضل حضرة الدكتور محمد محمد يونس علي أن يكتبوا تعليقاتهم و شروحهم علي النص المذكور ليتضح أكثر مما عليه.

أهلا بك من جديد/
النظرية السياقية تتطلب لفهم النص أن يُدرجَ في سياقه، فكيف يتم تفسير نصٍ ما بعيداً عن سياقه الذي كتب فيه؟؟

سأدلي بدلوي حسبما فهمت من النص المذكور، ولا لوم علي، فهو اجتهاد رأي في تأويل نصٍ مجتزأ.

: من خلال مطالعاتي لكتب اللغة والسياق تحديداً، وجدت الكثير يجترحون مصطلحات لتتناسب مع ما يضعونه من مفاهيم، لأسباب، منها: لم يستوِ العلم عندنا ( العرب ) بشكله الكامل بعد، ولقلة المترجم للعربية في هذا الباب، ولأن بعض المصطلحات متداخلة وتحتاج إلى ( فك ) ...
لكن.. هذا النص، من الواضح أنه يشير أو يقصد إلى المرجعية الأساسية للكلمة، فكما هو معلوم للكلمة مرجعية ثابتة وأخرى متغيرة تبعاً للسياق؛ فالثابتة: معناها المعجمي القاموسي، ونحصل عليه بسهولة من كتب المعاجم المتخصصة، أما المعاني المتفرعة، فتأتي ضمن سياق الكلام، أو ما يعرف بالموقف الكلامي، ويترجم أحيانا بالفعل.
لكل لفظة معنىً محدد سلفاً هو المعنى المعجمي، نستعين به في فهم الكلمة، التي هي جزء من جملة ما؛ حيث نفهم الجملة بفهم كلماتها.
هذا المعنى المرجعي، أو ما يسمى بالمرجعية ( وبالطبع يبدو الكتاب المنقول منه كتاب يتحدث حول نصوص دينية؛ في جزء منه على الأقل ) لذا فشهادة المركز هي هذا المعنى.
أيضاً، المعاني المتفرعة منه تتلقى ظلال المعنى الأساسي أو المرجعي، فيبدو مؤثراً فيها بدرجة ما ولو كانت خفيفة.

إن كلمة مثل ( كعبة ) تستدعي كلمات تتناسب معها مثل: صلاة، طواف، حج، مكة، المقام، القدسية....
حيث تكون كل الكلمات عائدة في مرجعيتها إلى الكلمة الأساسية ( كعبة ).
صحيح أن الكلمات الأخرى لها مرجعيات تدخل ضمن المرجعية الأساسية، لكنها تظل محتفظة بمعناها المستقل، وإن تأثرت بالمرجع الأساس أو الكلمة المرجعية ( كعبة )، فإذا جاءت كلمة من خارج السياق الديني كـ ( حب / قمر / غزال / غناء ) فلا بد من توجيهها الوجهة السياقية وهي وجهة النص أو وجهة الكلمة المرجعية ( كعبة ).
هنا لا بد من التأويل للنص ليتواءم مع المقصد الذي كتب من أجله.
حين تكون الحادثة الكلامية أو الفعل الكلامي يدخل ضمن حدث اجتماعي، فلا بد من معرفة العرف السائد لنفهم المعنى، فـ ( صباح الخير ) اجتماعيا، تختلف من شخص لآخر، ومن مكان لآخر، فهي من السكرتير في العمل لها معنى، ومن الزوجة لها معنى، ومن الموظف المخطئ في عمله لها معنى، ومن رجل الشارع الذي لا تربطنا به علاقة لها معنى.
من جملة واحدة تأتي الكثير من المعاني تبعا للعرف السائد، بل إن الكلمة نفسها تصدر من ذات الشخص، وتوجه لشخصين أو ثلاثة فسيكون لها أكثر من معنى، بحسب علاقته بالشخص الآخر، والوضع المجتمعي السائد، والعرف الاجتماعي الذي احتوى سياق العبارة.

أختم كلامي: العبارة تفهم في سياقها، فإذا انفصلت عن السياق الواردة فيه، فسوف تبدأ عملية التأويل والفهم من جديد، تأويل يعتمد على المتلقي ذاته، وثقافته، وأعرافه الاجتماعية، وتقاليده المجتمعية، ونشأته، وبيئته، وهلم جرا.
أتمنى أن أكون أفدتك، وبالله التوفيق.

أشکرک شکرا جزیلا أخي الکریم کما أرجو من الآخرین ألا یبخلوا بإبداء الرأي. و أما بصدد ما تفضلت عن النص علی أنه مقطوع و مجتزأ فتنبغي الإشارة إلی أن ما ذکر سابقا في الحقیقة بدایة فصل من الکتاب عنوانه «ضوابط فهم النصوص» و لکن لیتضح الأمر أکثر فأضیف الفقرة التي تلیه:

____________________________________________________

و من أبرز معطیات المرجعية المرکزية قدرتها علی التفرقة و التمییز بین الدین المعصوم المطلق الثابت بالوحي الإلهي و بین الفکر الديني النسبي المحدود بأطر الزمان و المکان و البیئة المتولد فیها. ففهم النصوص و تأویلها عبر المراحل التاريخية المختلفة جهد بشري، تحکمه شهادة المرکز و لیس العکس. و لعل التوجه الذي تبناه ابن حزم في تأویل النصوص یشیر إلی أهمية هذا الضابط، و دوره في الحفاظ علی حیدة التأویل و موضوعیته، مع الاهتمام بضرورة التزام الضوابط الأخری.

یقول ابن حزم في ذلک: «أوجب تعالی أن یکتفی بتلاوة الکتاب، و هذا هو الأخذ بظاهره، و إبطال کل تأویل لم یأت به نص أو إجماع، و ألا نطلب غیر ما یقتضیه لفظ القرآن فقط».

و قد أشار ابن حزم ...




یبدو أن البحث عن المصطلح الانجلیزي The criteria of the center یساعدنا أکثر فی فهم النص، الأمر الذي لم یسعني لقلة المراجع الانجلیزية عندي.

أهلاً/
لعل كلام الكاتبة أجلى غموض المصطلح، فهو مستحدث لديها لمتطلبات الدراسة، ... وسبق لي الحديث في ردي الأول عن هذه النقطة، وبالنسبة للنص الثاني، فقد اتضح أن المقصود هو السياق الثقافي القدسي المتعالق بالقرآن والوحي، ولستُ أعلم هل الباحثة لم تقرأ الكتب المنشورة مؤخراً في الدراسات الثقافية لتقوم باختراع هذا المصطلح، أم أنها حب الاختراع النفسي من أجبرها على ذلك.
عموما أفدتنا أفادك الله، ولو صادفنا مستقبلا هذا المصطلح، سنعلمُ ما المقصود به.


وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى.

ترحيبى بالجميع
طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة نزلا
أما عن قضيتنا التى نحن بصددها فكلمة فهم تعنى استيعاب أى ترجمة الظاهر الخطى الحرفى على سطح الورق أو الأصوات التى تسمع إلى معانى تتخلل ذهن المستقبل وتترجم فى مخيلته وبالتالى يكون لها أثر ناتج ، أما مفهوم النص فقد استوعبته أقلام العلماء .
نتحدث ويكأننا اجتمعنا ووافقنا على مفهوم شهادة المركز فكم من باحث من قبيل الباحثة يكون له الحق فى استحداث مصطلح فى اللغة ، أشعر أننا لو تجرأ باحثونا على هذا لتكونت لنا حصيلة تهنا بداخلها ، أما كونها قد جعلت فهم النصوص يقتصر على ما ورد بكتاب الله تعالى وماصح عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فذلك أمر غير مقبول ، فكيف لنا أن ننظر فى فكر الآخر ، ونستوعب نصوصه التى هى إن وافقت مافى كتاب الله تعالى وسنة نبيه لما كان عليه أن يخالفهما ، تحدث الأستاذ محمد الحميدى فأصاب ، للكلمة معنيان أحدهما معجمى والآخر سياقى يفهمه المرء من خلال عدة عوامل منها الموقفية فى النص ، وانتماءات المرء الدينية (على اختلافها ) ، وفكره وثقافته .

جلال فتحى سيد كتب:

ترحيبى بالجميع
طبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة نزلا
أما عن قضيتنا التى نحن بصددها فكلمة فهم تعنى استيعاب أى ترجمة الظاهر الخطى الحرفى على سطح الورق أو الأصوات التى تسمع إلى معانى تتخلل ذهن المستقبل وتترجم فى مخيلته وبالتالى يكون لها أثر ناتج ، أما مفهوم النص فقد استوعبته أقلام العلماء .
نتحدث ويكأننا اجتمعنا ووافقنا على مفهوم شهادة المركز فكم من باحث من قبيل الباحثة يكون له الحق فى استحداث مصطلح فى اللغة ، أشعر أننا لو تجرأ باحثونا على هذا لتكونت لنا حصيلة تهنا بداخلها ، أما كونها قد جعلت فهم النصوص يقتصر على ما ورد بكتاب الله تعالى وماصح عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فذلك أمر غير مقبول ، فكيف لنا أن ننظر فى فكر الآخر ، ونستوعب نصوصه التى هى إن وافقت مافى كتاب الله تعالى وسنة نبيه لما كان عليه أن يخالفهما ، تحدث الأستاذ محمد الحميدى فأصاب ، للكلمة معنيان أحدهما معجمى والآخر سياقى يفهمه المرء من خلال عدة عوامل منها الموقفية فى النص ، وانتماءات المرء الدينية (على اختلافها ) ، وفكره وثقافته .

لم أكد أضع ردي إلا وفاجأتني بردك الرائع أيها الرائع فشكراً لك.
اسمح لي بنقطة توضيحية أيها الأستاذ الفاضل، أبين فيها مخالفتي إياك لنقطة ذكرتها، ولعل صدرك يتسع لمداخلتي، فالفكر الحر لا جدال في كونه مثمراً
( أما كونها قد جعلت فهم النصوص يقتصر على ما ورد بكتاب الله تعالى وماصح عن سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم فذلك أمر غير مقبول )
لا أبرر للكاتبة، إنما أناقشها نقاشاً علمياً، وهو ما أفعله دائماً. المقصود ليس فهم النصوص بقصرها على ما ورد في الكتاب والسنة، بل تأويلها بما يتس له السياق الديني المقدس، لا خروجاً عليه.
ثقافتنا الإسلامية تحكم توجهاتنا ونظرتنا إلى الحياة ( عام )، وكذلك تحكم فهمنا للنصوص الواردة تاريخيا ( خاص ) بإعطائها صبغة دينية إسلامية، وليس يعني ذلك إبعاد العقل عن مضمار الفهم والتوجيه، فهو العنصر الفاعل في العملية برمتها ( كاملة ).
أجدُ المعنى في النص يتجه نحو مقاربته بأحكام الشريعة الثابتة، والبعد به عن التأويلات البعيدة؛ غير الدينية.
قد نلوم الباحثة قليلاً في توجيهها فهم النصوص فهماً دينياً، لكن هذا اللوم يختفي إذا كنا بصدد النص الديني ( المقدس )، فله تعامل خاص جداً ومميز في التعامل، ولا يتناوله سوى المختص في هذا الجانب، وهو ما أدركتْهُ الباحثة في كتابها.
نعم إن اجتراح مصطلح أمرٌ مهم، فقط. إذا اختفى من الساحة ما يؤدي معناه، وهنا أتفقُ معك تماماً، وكما سبق لي الحديث والتنويه، كان لزاماً على الباحثة البحث بجهد أكبر قبل اختراع مصطلحٍ جديد يسبب إشكالية معرفية، خصوصاً مع توفر الكم الهائل من المعلومات حالياً، بصورٍ متنوعة؛ كتبٍ، مجلاتٍ، إنترنت، جامعات...

لعلي استفدتُ منك أكثرَ مما استفدتَ مني، وشكراً لمحاورتك اللطيفة.

ودمت بخير دائماً.