| الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد | |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-10, 22:30 | |
| الإبدال بين الظاهرة و التقعيد ( دراسة وصفية ) أ.آمال خليفة بن غزي قسم اللغة العربية و آدابها كلية الآداب / جامعة قاريونس تمهيد من سُنَّة الله في خلقه التغيير و التبديل ، و قد خلق الله الإنسان محباً للتغيير ، بل مجاهداً مكافحاً لأجله ، فهو ساعٍ بكل ما أوتي من إمكانات مادية و معنوية من أجل أن يغيّر من نفسه فيما حوله . من الأشياء التي ارتبطت بوجود الإنسان ، و لازمت تطور سني حياته على الأرض ، و ما تبع ذلك من تكوين مجتمعات بشرية ، كانت اللغة إحدى نتاجات العقل الإنساني الخلاق . اخترع الإنسان أو اكتشف اللغة ـ والأمر فيه خلاف– و جعلها خادمة له في أغراضه المتعددة ، ليتعايش بها مع قومه ، ثم أصبح عبداً لها ، يلتزم قواعدها ، فإن خالف صار مخطئاَ و يجب أن يقوَّم (1). مع تطور الإنسان تطورت وسائله للعيش على هذه الأرض ، و من وسائله العديدة كانت اللغة ، التي هي وسيلته للتعبير عن أغراضه مع قومه ، فنشأت اللغة رموزاً بدائية بسيطة ، ثم تغيرت هذه الرموز ، و زِيدَ فيها و أُنْقِصَ منها ، حتى صارت ملائمة لإنسان مفكرٍ ، يعتمد كثيراً في حياته عليها ، بعد اختراع الكتابة خاصة ، كما أن دلالات الألفاظ نفسها صارت أكثر تعقيداً . كان لهذا التغيُّر مظاهره التي تدل عليه ، و أسبابه التي أدت إليه ، فكانت مظاهره تتمثل في ناحيتين ؛ صوتية و دلالية ، و هذا يتضح في التغُّير الذي يطرأ في نطق الأصوات ، و تغير دلالات الألفاظ بمرور الزمن ، و تتمثل العوامل الصوتية في : قوة الصوت أو ضعفه أو تأثره بما يجاوره من أصوات ، و قد يحدث نتيجة لهذه العوامل ، أن تتبدل صفات الصوت أو مخرجه ، فيؤدي إلى أن يتحول إلى صوت آخر يقاربه في الصفة أو المخرج . ____________________ (1) إشارة إلى الحديث الشريف : "عن أبي الدرداء قال : سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلاً يقرأ فلحن ، فقال : أرشدوا أخاكم فقد ضلَّ " لمع الأدلة ، الأنباري 96 و ذكر محققه أنه ضعيف . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-10, 22:34 | |
| و قد لاحظ العلماء القدامى هذه الظواهر الصوتية ، و جعلوا منها فصولاً في مؤلفاتهم ، بل إنَّ بعضهم قد أفردَ كتباً و رسائل تحمل عناوينها مصطلحات تدل على هذه الظواهر . كما لاحظها المحدثون ،و تناولوها بالدراسة و التحليل، مستشهدين بما قاله الأسلاف حيناً ، أو مفندين آراءهم حيناً آخر . من هذه الظواهر الصوتية التي اتضحت في لغتنا العربية ؛ ظاهرة الإبدال الظاهرة و المفهوم عرف علماء العربية الإبدال منذ بداية اهتمامهم باللغة جمعاً و استقصاءً ، إذ لاحظوا هذه الظاهرة ، و حاولوا تقعيدها ـ كما فعلوا عند وضعهم لقواعد التركيب اللغوي ( النحو ) و البنية اللغوية ( الصرف ) ـ و جعلوا منها أقيسة و أحرفاً مخصوصة بالإبدال ، و اختلفوا في عددها ، و لكن اللغويين في استقرائهم للغة العرب وجدوا أن الإبدال يقع في غير الأحرف التي حددها النحاة و الصرفيون ، بل إن بعضهم قال : " قلما نجد حرفاً إلا و قد جاء فيه البدل و لو قليلاً "(1) ، و قال ابن جني عنه : " هذا غور من العربية لا ينتصف به و لا يكاد يحاط به و أكثر العرب عليه و إن كان غفلاً مسهواً عنه "(2). و على هذا فقد تم تقسيم الإبدال إلى : إبدال صرفي ، و نعني به القياسي ،و إبدال لغوي ، و لعلهم قصدوا به السماعي ، أي ما سُمِعَ عن العرب ، و لم يقيد بصيغ معينة أو قواعد تحده ، و يذكر ابن عصفور (3) السماعي و القياسي في أحوال إبدال كل حرف من حروف الإبدال . و لكي نعرِّف هذه الظاهرة اللغوية ، يجب علينا أولاً تحديد أنواعها ، ذلك أنه ـ كما يبدو من خلال النصوص القديمة و الحديثة ـ لكل نوع تعريف خاص به ، و إن كانت تنضوي جميعها تحت مصطلح الإبدال ، و لذلك نجد أن العلماء ـ من نحويين و لغويين ، قدماء و محدثين ـ اختلفوا في تعريفه فضلاً عن حروفه ، و إن لم يختلفوا في وجود الظاهرة و مفهومها ، إلا أنهم اختلفوا في تفريعاتها و أحوال حدوثها ، فظهرت إشكالات عديدة ، فرضت تساؤلات على بساط البحث ، منها تحديد حروف الإبدال ( ماهيتها و عددها ) و مواضع إبدالها . ____________________________
(1) أبو حيان في شرح التسهيل عن المزهر في علوم اللغة وأنواعها ،عبد الرحمن جلال للسيوطي ، شرحه وضبطه و صححه و عنون موضوعاته وعلق حواشيه جاد المولى محمد أبو الفضل إبراهيم و علي محمد البجاوي – دار إحياء الكتب العربية ،ط(4) 1958 م ، 461 . (2) الخصائص ، أبو الفتح عثمان بن جنِّي ، تحقيق :محمد علي النجار ،عالم الكتب – بيروت ، 2/145 . (3) الممتع في التصريف، ابن عصفور الإشبيلي ، تحقيق: د. فخر الدين قباوة ،منشورات دار الآفاق الجديدة – بيروت ، ط (3) 1399 هـ - 1978 م ، 1/333 – 335 ( أما القياسي ... و أما السماعي ... ) . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-10, 22:38 | |
| تكلم العربيُّ وفق سليقته ، و تلاعب بلغته كيما يسهِّل على نفسه النطق ، فأجاز لنفسه إبدال حروف ، و حذف أخرى ، و قلب ثالثة .. إلخ ، وفق أنظمة صوتية متعارف عليها ، و أراد العلماء أن يقننوا كلَّ ما سمعوه عن العرب ، بغضّ النّظر عن تعدُّد البيئات اللغوية التي أُخذ منها ، فما يصحُّ في بيئة لا يصحُّ في أخرى . المفهوم و المصطلح : تفطَّن أهل اللغة و النحو لظاهرة الإبدال ، فوصفوها و أحصوا حروفها ، و لكنَّهم ـ في أول الأمر ـ لم يتفقوا على المصطلح الّذي يُطلق عليها ، فمنهم من استعمل مصطلح (الإبدال) أو أحد اشتقاقاته ، و منهم من استعمل مصطلحات أخرى مثل : القلب أو التّغيير ، و منهم من أطلق مسميات متعددة على الظاهرة نفسها ، و لم يستقر مصطلح ( الإبدال ) و يختص بهذه الظاهرة دون غيرها إلاَّ عند الأصمعي (ت 216 هـ ) ، فظهر المصطلح في عنوان كتابه ( القلب و الإبدال ) . يذكر د. عز الدين التنوخي : "ولعل من أول من خطر بباله أن يسمي هذه الظاهرة ( إبدالاً ) هو عبد الملك بن قريب الأصمعي ت 216 هـ "(1)، و لكنَّنا نجد أنَّ سيبويه (ت180 هـ تقريباً ) قد سبقه في تحديد هذه التَّسمية (2). أمَّا ابن جنِّي (ت 392 هـ) فقد ذكر هذه الظاهرة ضمن بابين في كتابه الخصائص (3)، و الّذي يلفت النَّظر أنَّه لم يذكر مصطلح (إبدال) قط ، و لكنَّه ذكر إحدى اشتقاقاتها " أبدلت " مرة واحدة فقط (4)، و أشار إلى الظاهرة بعدة ألفاظ أخرى منها " قلبوها " (5) ، ثم اكتفى بتوضيح العلاقة بين الحرفين : المبدل و المبدل منه ، دون ذكر أيَّة تسمية عقب ذكر أمثلته ، من مثل " الراء أخت اللام ... و الباء أخت الميم " (6)... و هكذا . أمَّا ابن فارس (ت 395 هـ) فقد أفرد لهذه الظاهرة باباً في كتابه ( الصاحبي في فقه اللغة ) ، و أعطاه عنواناً واضحاً ( الإبدال) (7) ، و لكنَّه كان مختصراً جداً ، فلم يعطِ الموضوع حقه ، في حين نجد أنَّ ابن عصفور الإشبيلي (ت 669 هـ) ، قد خصص له القسم الثاني من الجزء الأول في كتابه ( الممتع في التصريف )(8)، ذاكراً حروفه ، مفصلاً أحوال إبدالها ، غير أنَّه أخرج الإبدال لأجل الإدغام من بابه هذا . وأخذ علماء العربية من نحاة و صرفيين (9)- ممن جاءوا بعد مَنْ ذَكَرْنا - في ذِكْرِ الإبدال ، و ذِكْرِ آراء غيرهم ، و ردود بعضهم ، و كَثُرَ الجدل في هذه الظاهرة عبر الكتب ، و كَثُرَ الكلام حولها فأفرد لها بعضهم مؤلفات خاصة بها ، و منهم ابن السِّكيت (ت 224 هـ) ، في كتابه ( القلب و الإبدال )، و لم يَزِدْ عن ذِكْرِ الظاهرة ، و التمثيل لها بكل ما سمع فيها من ألفاظ ، ثم تبعه أبو الطيب اللغوي ( ت 326 هـ ) في إخراج كتابٍ يحمل مصطلح الإبدال عنواناً له . ___________________________
(1) كتاب الإبدال ،أبوالطيب اللغوي ،تحقيق : عز الدين التنوخي ، 1960 م –دمشق ،مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق ، مقدمة المحقق 1/6 . (2) الكتاب ،كتاب سيبويه ، أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر،تحقيق وشرح :عبد السلام محمد هارون ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 1395هـ - 1975 م ، انظر4/237 " هذا باب حروف البدل في غير أن تدغم حرفاً في حرفٍ " ، و4/305 " هذا باب اطراد الإبدال في الفارسية " ، و4/334 " هذا باب ما يلزمه بدل التاء من هذه الواوات " ، و 4/424 " هذا باب ما شذ فأبدل مكان اللام ياء " . (3) باب في الاشتقاق الأكبر 2/133 ، باب في تصاقب الألفاظ لتصاقب المعاني 2/145 . (4) الخصائص ، ابن جني 2/141 . (5) المصدر السابق 2/143 . (6) المصدر السابق 2/146 . (7) الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها ،تصنيف :أحمد بن فارس ، المكتبة السلفية – القاهرة 1910م ، مطبعة المؤيد ، ص 173 . 8) الممتع في التصريف ، ابن عصفور 1/317 (9) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك ، ومعه كتاب منحة الجليل بتحقيق شرح ابن عقيل لمحمد محي الدن عبد الحميد ، المكتبة العصرية صيدا – بيروت ،1415هـ - 1995 م ، 2/503 ،و انظر شرح الأشموني 2/582 ، و انظر شرح شافية ابن الحاجب،الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الاستراباذي النحوي مع شرح شواهده للبغدادي ، تحقيق : أ. محمد نور الحسن ، و أ. محمد الزفزاف ، و أ. محمد محي الدين عبد الحميد ، 1395 هـ - 1975 م ، 3/20 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-15, 11:52 | |
| [الإبدال عند الأسلاف لا تختلف المعاجم اللغوية في تفسير معنى الإبدال لغةً ، فهو " مصدر أبدل الشيء بغيره ، و تبديل الشيء تغييره "(3) ، و في الاصطلاح عرَّفه ابن فارس بأنــــَّه : " إقامة ( الحروف ) بعضها مكان بعض "(4) ، و يشترط ابن سيده تقارب المخرج (5)، و إلاَّ فلا يعدُّ إبدالاً ، و هو ما نفهمه من أمثلة ابن جني (6)، وكذلك ابن عصفور ، و يُفهم من حديث ابن عصفور عن أقسام التصريف ، أن القسم الثاني منه الذي يشمل الإبدال ، إنما هو "تغيير الكلمة من أصلها من غير أن يكون ذلك التغيير دالاً على معنىً طارئ على الكلمة "(7) ، ثم أتى بمثال تغيير ( قال ) من ( قَوَلَ ) ، وجَعْل ( قَوَلَ ) الأصل لو اُسْتُعْمِل ، و ( قال ) فرع منه، ثم فصَّل ، و قسَّم القسم الثاني إلى : نقص و قلب و إبدال ونقل (8) ، و في موضع آخر يتساءل :" فإن قيل إذا كانت البنيتان متحدتين في الأصول و المعنى فبأي شيء يُعلَم الأصل من الفرع "(9) ،و هكذا تتضح إشكالية الأصل و الفرع ، و نفهم من قوله: إن ( قول ) أصل و (قال ) فرع ، بأن شيوع الاستعمال ليس مناط الأصالة ،بل ربما كان الاندثار هو المعول عليه في قضية الأصالة ذلك أن الأصل إن كان لا اعتراض في استعماله اُسْتُعْمِلَ بلا حرج ، و إن كان فيه ما يوجب الإبدال اندثر و استعمل اللفظ المبدل ، ويكون فرعاً من أصل مهمل ، لأن المُسْتَعْمِل للغة يغير إلى الأسهل و ليس العكس .
------------------------------------ (3) لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي ( ت 711 هـ) ،دار صادر – بيروت ، ط (1) ، مادة ( ب د ل ) 11/48 ، الصحاح ( ب د ل ) ، أساس البلاغة ، الزمخشري ،دار الفكر ،بيروت ، 1420 هـ - 2000 م ، ص 32 ، (4) الصاحبي ،ابن فارس ص 173 ، و انظر فقه اللغة و أسرار العربية ، أبو منصور الثعالبي ، وضع الشروح له د. ديزيره سقال ، دار الفكر العربي ، بيروت ، ط(1) 1999 م . (5) المخصص ، ابن سيده ، تحقيق لجنة إحياء التراث العربي،دار الآفاق الجديدة ، 13/264 . (6) الخصائص ، ابن جني 2/146 . (7) الممتع في التصريف ،ابن عصفور 1/ 31 ، 32 . (8) المصدر السابق 1/32 . (9) المصدر السابق 1/44 |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-26, 17:31 | |
| ونراه في موضع آخر يقول ما يوافق هذا: " لمّا كان لفظ الفرع مبنياً من حروف الأصل، وكان معنى الأصل موجود فيه، صار لذلك كأنّه جزء منه" (1). ويحدّد ابن عصفور الأصل بتسعة وجوه(2)، هي: التمكن والشرف والوضوح والخصوصية والتصرّف والقرب والملاءمة، والإطلاق، وأن يكون جوهراً، وهو في بعض هذه الوجوه يتفق مع ابن جني في تحديد الأصل في قوله: " والعلة في أن لم يُنطق بتاء افتعل على الأصل إذا كانت الفاء أحد حروف الإطباق" (3)، في حين يخالفه في تحديد الأصل والفرع كثير من علماء اللغة، ومنهم ابن الحاجب، الذي يجعل الأصل يتحدد بكثرة الاستعمال وشيوع اللفظ، فيشرح الرَّضي قوله: " وبقلة استعماله" موضحاً: " أي: بقلة استعمال اللفظ الذي فيه البدل، يعني إذا كان لفظان بمعنى واحد ولا فرق بينهما لفظاً إلاَّ بحرف في أحدهما أقل استعمالاً من الآخر فذلك الحرف في ذلك الأقل استعمالاً بدل من الحرف الذي في ذلك مثل الموضع من الأكثر استعمالاً" (4)، وهكذا تظهر إشكالية أخرى؛ هي الاختلاف في إيهما الأصل وأيهما الفرع: المستعمَل، أم المهمَل؟. إمَّا ابن جني فقد جعل - في بعض الأمثلة- الصورتين أصلاً قائماً بذاته إذا تساوتا في التصر، وميَّز في بعضها الآخر على هذا المعيار، وهذا ما يمكن أن نطلق عليه إبدالاً. أمَّا أبو الطيِّب اللغوي فيرى أنَّها لغات مختلفة لمعانٍ متفقة، فيها تقارب، ودليله أن قبيلة واحدة لا تنطق الصيغتين معاً(5)، وبذلك ينسف فكرة الأصالة من جذورها، في حين أننا نجد بعض الأمثلة التي وردت في كتب القدامى على أنَّها إبدال، لا نجد فيها أي تقارب صوتي(6)، وهذا ما يؤكد أنَّها لهجات. ___________________________________________________ 1) الممتع في التصريف، ابن عصفور، 1/44. 2) المصدر السابق، 1/45-46. 3)المنصف في شرح تصريف المازني، ابن جني 2/ 324. 4) شرح شافية ابن الحاجب، الشيخ رضي الدين محمد بن الحسن الأستراباذي النحوي، مع شرح شواهده للبغدادي، تح:محمد نور الحسن ومحمد الزفزاف، ومحمد محي الدين عبد الحميد، 1975، 3/197، 198. 5) كتاب الإبدال، أبو الطيب اللغوي، 1/69 (مقدمة المحقق). 6) في فقه اللغة، صبحي الصالح، 215. |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-26, 17:43 | |
| وقد لاحظ غير واحد من علماء اللغة والنحو، أنْ ليس كل ما ورد في الكتب على أنه إبدال هو منه، ومنهم الجاربردي؛ أحد شرَّاح شافية ابن الحاجب، حيث يرى أن بعضها قد يكون لغات (1)، وهذا عين ما لمّح إليه أبو علي القالي، حين قال: " اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال، وليس هو كذلك عند علماء النحو" (2). " " وقال البطليوسي في شرح الفصيح : " ولكنها لغات" (3) عن بعض الصيغ المبدلة، في حين ينفيه أبو الطيب اللغوي نفياً قاطعاً مؤكداً " إنَّما هي لغات" (4). غير أننا إذا ما عدنا، وتمعنا في الأمثلة، التي أوردها ابن جني (5)، وجدنا فرقاً في المعنى بين الصيغ التي أبدل فيها صوت أو صوتين أو ثلاثة، قد يكون الفرق ضئيلاً، لكنه يظل فرقاً، ولا تتساوى الصيغتان مطلقاً، وهذا ما يقرّه العقل والمنطق، ويجوز النطق به في بيئة لغوية واحدة، ومن ثَمَّ يَصْدُقُ فيه مصطلح (الإبدال)، غير أنه يكون تغيراً صوتياً يتبعه تغيّر طفيف في الدلالة. _________________________________________________________________ 1) مجموعة الشافية في الصرف والخط بشرح الجاربردي وحاشية ابن جماعة الكناني على الشرح، عالم الكتب، بيروت، 1310ه، 1/318، 321. 2) الأمالي، أبو علي القالي 2/186. 3) المصدر السابق، 1/366. 4) الإبدال، أبو الطيب اللغوي، 1/69 (مقدمة المحقق). 5) الخصائص، ابن جني، 2/ 146- 148. |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-27, 22:48 | |
| الإبدال في الدرس الحديث : كما بحث الدرس الحديث في العلاقات التي تسوغ هذه الظاهرة ، و جعلها تنحصر في التماثل والتجانس ، و التقارب(6) ، و أضاف بعضهم التباعد(7)، و يحصر الدرس الحديث حالات الإبدال بين أصوات كلَّ مجموعة مخرجية على حدة ، ماعدا أصوات الحلق ، إذ لها وضعٌ خاص (8 و هم عموماً يرون في الإبدال تغيراً صوتياً يطرأ على الكلمة يُبدل فيها أحد أصواتها إلى صوت قريب منه ، إمَّا في الصفة أو في المخرج أو فيهما معاً ، و يظل المعنى قائماً ، و هذا يستلزم بالضرورة أن تنطق باللفظ بيئة لغوية مخالفة للأولى التي تستعمل اللفظ الأصل ، وفي هذه الحالة يصبح الإبدال نوعاً من الترادف اللغوي و يخرج من الاشتقاق ، كما لاحظ بعض القدماء . و نجد أن الدرس الحديث يتجه إلى كون الألفاظ المتقاربة صوتياً لهجات مختلفة تغيرت عن أصلها بتأثير البيئة و دليله أن بعض الصيغ التي وردت في كتب القدامى على أنها إبدال ، لم يكن فيها أيُّ تقارب صوتي(9) ، و هو شرط التعريف لهذه الظاهرة الصوتية . ________________________________ (6) المنهج الصوتي للبنية العربية ،رؤيةجديدة في الصرف العربي ،د. عبد الصبور شاهين 168 . (7) دراسات في فقه اللغة ، صبحي الصالح دار العلم للملايين – بيروت ،ط 8 ، يناير 1980 م 216 ، 217 . (8- المنهج الصوتي للبنية العربية ، د. عبد الصبور شاهين ،52 ،53 . (9) دراسات في فقه اللغة ، صبحي الصالح 213 ، و انظر :من أسرار اللغة ، د. إبراهيم أنيس مكتبة الأنجلومصرية – القاهرة 1965 م ، ط (3) 52 ، 53 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-27, 22:55 | |
| في حين أن د.إبراهيم أنيس يرى استحالة تبين الأصل من الفرع اعتماداً على معيار القدماء في الشيوع و التصرف (1)، و يحدد د. الجندي وجوب وجود "علاقة مخرجية و وصفية بين البدل و المبدل منه " (2)،تسمح بانتقال أحد الصوتين إلى الآخر ، حتى يمكننا القول بالإبدال في الصوتين ، و قد التبس عليه الأمر فيما يخصُّ تقرير أبي الطيب اللغوي عن الألفاظ التي أدرجها في كتابه الموسوم بالإبدال ، فظنَّ أنه يضع كل ما ضمَّ كتابه تحت مفهوم الإبدال ،فقال : " و يظهر أن القدماء لم يتنبهوا لمثل هذا فقالوا بالإبدال و لو لم تكن ثَمَّةَ علاقة وكان على رأس هؤلاء أبو الطيب اللغوي ، و نظرة واحدة إلى كتابه ترينا أنه كان لا يعترف بهذه العلاقة "(3) و لم ينتبه إلى قول أبي الطيب في مقدمة كتابه : " ليس المراد بالإبدال أنَّ العرب تتعمد تعويض حرف من حرف وإنما هي لغات " (4) ، وتلافياً لهذا الوهم سجل أبو علي القالي ما يلي :"اللغويون يذهبون إلى أن جميع ما أمليناه إبدال ، و ليس هو كذلك عند علماء أهل النحو و إنما حروف الإبدال عندهم اثنا عشر حرفا"(5) ، " و قال البطليوسي في شرح الفصيح ليس الألف في ( الأرقان) ونحوه مبدلة من الياء ولكنها لغتان "(6) ، وقوله هذا يدلنا علام يقصد أبو الطيب بقوله " إنما هي لغات " ، كما أوضح أن البطليوسي و أبو علي القالي كانا مِن رأيِّ أبي الطيب فإذا زدنا عليه قول البغدادي في تحديد أسباب الإبدال :" لأجل المناسبة اللفظية " (7) اتضح مفهوم الأسلاف للإبدال ، و بالتأكيد ليس كما ذكر د. الجندي :"و يظهر أن القدماء لم يتنبهوا لمثل هذا فقالوا بالإبدال و لو لم تكن ثمة علاقة وكان على رأس هؤلاء أبو الطيب اللغوي "(8، و ما تشكيك السيوطي فيما نُقِلَ له عن الخليل في قوله:"وذُكِر َعن الخليل و لم أسمعه سماعاً أنَّه قال في قوله تعالى : ( فجاسوا خلال الديار) إنما أراد (فحاسوا ) فقامت الجيم مقام الحاء ، و ما أحسب الخليل قال هذا "(9) ، إلا لتباعد العلاقة المخرجية و الوصفية بين الجيم و الحاء ؟ ______________________________________ (1) من أسرار اللغة ، إبراهيم أنيس 61. (2) اللهجات العربية في التراث ، د. أحمد علم الدين الجندي ، الدار العربية للكتاب ،1983 م ، 2/472 ، 473 . (3) المصدر السابق ، 2/472 . (4) كتاب الإبدال ، أبو الطيب اللغوي ،1/ 69 ( مقدمة المحقق ) . (5) الأمالي ،أبوعلي القالي ،2/186 . (6) المصدر السابق 1/366 . (7) خزانة الأدب ، البغدادي 1/90 . (8 اللهجات العربية في التراث ، د. الجندي ، 2 /472 . (9) المزهر في علوم اللغة و أنواعها ، السيوطي 1/ 355 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-01-27, 22:57 | |
| كما اعترض الدرس الحديث على قول ابن فارس بأنَّ الإبدال "من سنن العرب "و يرى أنَّه عملية لا إرادية لا دخل للمتكلم فيها و إنَّما ترتبط بالزمن(1)،حيث يتم تغيُّر اللفظة في بيئة معيَّنة خلال مدة زمنية ، وتظل كما هي في بيئة أخرى ، و لا يد للمتكلم في هذا ، و لذا فإنَّنا لا نجد المتكلم عينه يتكلم الصيغتين، و هذا يوافق رأيَّ القدامى(2) على ما تقدم فإننا سندرس الإبدال المقعد له بنوعين ، و هما : الإبدال الصرفي ، و الإبدال الذي يقع في الظواهر اللهجية ، و هذا يستلزم بالضرورة إشارة إلى بعض القراءات القرآنية . _______________________________ (1) اللهجات العربية في التراث ،د. الجندي ،1/342 . (2) كتاب الإبدال ،أبو الطيب اللغوي ،69 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-09, 22:30 | |
| الإبدال الصرفي ميَّز العلماء الإبدال الصرفي عن نظيره في اللغة (1) ، و إنْ كان القسمان متداخلين، يقول الإشموني عن الظواهر اللغوية في اللهجات العربية نقلاً عن شارح الكافية : " و هذا النوع من الإبدال جدير بأنْ يُذْكَر في كتب اللغة وليس في أبواب التصريف " (2) ،ويقول محدداً حروف الإبدال" فإن إبدال الإدغام لا يُنْظَر إليه في هذا الباب"(3) ، معللاً أنه " يقع في جميع حروف المعجم إلاَّ الألف "(4) ، وقد سبق سيبويه إلى تحديد حروف الإبدال وميَّزها عن التي تُبْدَلُ لأجل الإدغام (5) . عرَّف الإشموني الإبدال الصرفي تعريفاً دقيقاً ، حين قال : " ما لو لم يُبْدَلْ أوقع في الخطأ أو في مخالفة الأكثر "(6) ، و في هذا التعريف أدخل القلب فيه، و في موضع آخر أخرجه حين ميَّز كل منهما عن الآخر فـ " الإبدال إزالة والقلب إحالة " (7)، ذلك أن القلب لا يحدث في جميع الحروف بل يختص بحروف العلة (8 ) ، وهو - من جهة أخرى – إحالة أي " تصيير الشيء إلى نقيض ما كان عليه من غير إزالة أو تنحية "(9) ، و زِيدت الهمزة لأنها أشبهت حروف العلة بكثرة التغيير (10). كما قسم الإبدال الصرفي نفسه إلى قسمين : إبدال لغير الإدغام ، وإبدال لأجل الإدغام (11). _____________________________________________________ (1) انظر مقدمة المحقق :د.عز الدين التنوخي لكتاب الإبدال لأبي الطيب اللغوي ص 8 . (2) شرح الإشموني ومعه شرح الشواهد للعيني ،دار إحياء الكتب العربية ،عيسى البابي العحلبي ،ط(1) 2/589 . (3) المصدر السابق ، الصفحة نفسها . (4) المصدر السابق 2/585 . (5) الكتاب ، سيبويه 4/237 . (6) شرح الإشموني 2/589 . (7) المصدر السابق 2/ 585 . (8 ) انظر الممتع في التصريف ،ابن عصفور 1/ 32 . (9) المصدر السابق الصفحة نفسها . (10) شرح الإشموني ، 2/585 . (11) الكتاب ، سيبويه 4/237 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-09, 22:43 | |
| أولاً : الإبدال الصرفي لغير الإدغام . حدَدَ العلماء - الذين تناولوا هذه الظاهرة – حروفها، واختلفوا في ذلك ،فنرى أن سيبويه حددها بأحد عشر حرفاً (1)، وهي : الهمزة والألف والهاء والياء والتاء والدال والطاء والذال والميم والنون والواو، نلاحظ أنه جعل منها حروف القلب وهي: الألف والواو والياء والهمزة ،إذن فسيبويه لم يميِّز القلب عن الإبدال فالتسميتان عنده بمعنى واحد. وهكذا فعل ابن مالك حين حددها في ألفيته مجموعة في قوله :" هدأت موطيا "(2)، وتبعهما أغلب الصرفيين (3) . ذكر الإشموني أن صاحب المفصل جمعها في قوله " استنجده يوم طال " (4)، وذكر ردَّ ابن الحاجب عليه بالتوهم في ذلك ؛ لأنه أسقط الصاد والزاي وزاد السين(5)، وفي شرح الشافية نجد نص ابن الحاجب : "وقول بعضهم: ( استنجده يوم طال ) وهمٌ في نقص الصاد والزاي لثبوت صراط وزقر، وفي زيادة السين، ولو أورد اسَّمع وَرَدَ اذّكر واظَّلم "(6)، ونص الشارح:"قوله : ( وقولهم استنجده يوم طال ) قول صاحب المفصل، ولم يعد سيبويه في باب البدل الصاد والزاي " (7). ونص المفصل "وحروفه حروف الزيادة والطاء والدال والجيم والصاد والزاي ويجمعها قولك: استنجده يوم صال زط " (8 ) ، فهل اطَّلع الرضي والإشموني على نسخة أخرى للمفصل حدث بها تغيير ؟ ،و هل اطَّلعا على النسخة المشوهة نفسها ؟ على تباعد الشقة الزمانية والمكانية بينهما.إذ الملاحظ أن ابن الحاجب لم يحدد صاحب القول، فهل توهم الشارح أن ابن الحاجب إنما كان يعني الزمخشري دون غيره، وهو لم يكن يعنيه ؟ ونلاحظ كذلك من نص ابن الحاجب، أن السين لا تدخل حروف الإبدال، وهي عنده مجموعة في قوله ( انصت يوم جدُّ طاهٍ زلَّ )(9)،كما نلاحظ أنه أخرج الإبدال لأجل الإدغام من حروف الإبدال . ويرى شارح الشافية أن حروف العلة والهمزة وإن كان إعلالاً إلاَّ أنه ينضوي تحت الإبدال ،فهو جزء منه، شاملٌ له (10)، ولذلك فهو يؤيد تعريف ابن الحاجب للإبدال، الذي جاء على جهة الإطلاق " جَعْلُ حرف مكان حرف مطلقاً "(11) . _________________________________________ (1) المصدر السابق 4/237 . (2) شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك 2/ 503 . (3) شرح الإشموني، 2/589 . (4) المصدر السابق 2/590 . (5) شرح الإشموني 2/ 590، وانظر شرح شافية ابن الحاجب، رضيّ الدين الاستراباذي 3/ 199 . (6) اشرح شافية ابن الحاجب ، رضيّ الدين الأستراباذي 3/ 199 . (7) المصدر السابق ، الصفحة نفسها . ( 8 ) المفصل في صنعة الإعراب ،أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري (ت 538 هـ ) وبذيله كتاب المفضل في شرح أبيات المفصل للسيد محمد الحلبي ،دار ومكتبة الهلال، بيروت – لبنان ط(1) 1993 م ،ص 505 . (9) شرح شافية ابن الحاجب رضيّ الدين الأستراباذي، 3/199 . (10) انظر شرح شافية ابن الحاجب، رضيّ الدين الأستراباذي، 3/197 . (11) المصدر السابق ،الصفحة نفسها . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-12, 20:55 | |
| ويحدد ابن عصفور حروف الإبدال لغير الإدغام مجموعة في قولهم (أجد طويت منهلاًَ )(1)، وأسقط بعضهم اللام من حروف الإبدال وجعلها مجموعة في قولهم ( أجد طويت منه)(2)،"وزاد بعضهم الصاد والزاي ،فجعلها أربعة عشر حرفاً، وجمعها في قوله : انصت يوم زلّ طاهٍ جدٌ "(3)، ولعل الإشموني يقصد نص ابن الحاجب السابق .
أمَّا من ذكر أنها اثنان وعشرون حرفاً (4) ،فيعني بها الشائع غير الضروري، أمَّا الضروري فمجموع حروفه في (طويت دائماً ) (5) وذكرها ابن مالك في الألفية بزيادة الهاء (6) فما خرج عنها يُعدُّ من قبيل الشذوذ إبداله (7)، وهي الحاء والخاء والذال والطاء والضاد والغين والقاف، وقد اعترض الإشموني في شرحه على أن إبدال الجيم المشددة ياءً في الوقف أو في غيره أو بدون تشديد يعدُّ من الإبدال الشائع ،و كذلك إبدال اللام من النون ومن الضاد، وكذلك إبدال النون من اللام، وهذه كلها من الشواذ ،ويجعل إبدال الدال ذالاً شائعاً، وهو لم يُسْمَع إلاَّ في قراءة الأعمش (8 في قوله تعالى : } ... فَشَرِّد بِهِم ... { [ الأنفال :58 ] ، وقيل هو مقلوب ( شذر ) بمعنى ( فرّق ) من قولهم ( شذر مذر ) (9) ، وكانت هذيلاً تبدل هذين الصوتين ( الدال والذال ) أحدهما من الآخر "إذا دعا إلى ذلك داعٍ كالتأثر بالأصوات المتجاورة أو تقريب حرف من حرف" (10). ______________________________
(1) الممتع في التصريف، ابن عصفور ،1/319 . (2) شرح الإشموني 2/589 . (3) المصدر السابق ،الصفحة نفسها . (4) تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد، ابن مالك حققه وقدم له: محمد كامل بركات، دار إحياء الكاتب العربي للطباعة والنشر 1387 هـ - 1967 م ،300 . (5) المصدر السابق ،الصفحة نفسها . (6) شرح ابن عقيل 2/503. (7) شرح الإشموني 2/ 588 . (8 المحتسب في شواذ القراءات، ابن جني 1/ 280 . (9) التبيان في إعراب القرآن،العكبري 2/ 689 . (10) من لغات العرب :لهجة هذيل ،د. عبد الجواد الطيب ،منشورات جامعة الفاتح- طرابلس ،124 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-12, 21:04 | |
| أراد ابن الحاجب (1) أن يضع منهاجاً لتحديد الإبدال في الكلمة العربية، فلا يختلط بغيره من الظواهر اللغوية المشابهة مثل القلب والعوض والاشتقاق .. إلخ ،فوضع معايير لذلك، وهي كما حددها :
1- " يًعرَف بأمثلة اشتقاقه"أي أن الحرف المبدل يعود إلى أصله في أمثلة الاشتقاق من الكلمة، إذ نجد أن الحرف المبدل يظل ثابتاً في أمثلة الاشتقاق منها .
وهو في هذا يلتقي مع ابن مالك في قوله "وعلامة صحة البدلية، الرجوع في بعض التصاريف إلى المبدل منه لزوماً أو غلبة ،فإن لم يثبت ذلك في ذي استعمالين فهو من أصلين"(2)، ولا يشترط ابن مالك غير هذا الشرط، أمَّا ابن الحاجب فيزيد ..
2- "و بقلة استعماله"(3)،أي أن إبدال حرف من حرف يؤدي بالضرورة إلى وجود صيغتين مختلفتين للكلمة، والكلمة الأقل شيوعاً واستعمالاً هي المشتملة على الحرف الأصلي، أي المبدل منه .
3-" وبكونه فرعا ًو الحرف زائد " قياساً على أن المصغر فرع المكبر ،فإن اللفظ الذي يحتوي الحرف المبدل منه هو الأصل، والمحتوي على الحرف المبدل هو الفرع، ويعرف الفرع بزوال موجب الإبدال فيه، والحرف المبدل منه زائد في أصل اللفظ.
4- :و بكونه فرعاً وهو أصل " ،وهنا ينغلق اللفظ على الشارح (4)، وأعتقد أنَّه يقصد أن يكون اللفظ الذي فيه الحرف المبدل فرعاً والذي فيه الحرف المبدل منه هو الأصل، كما يحدث في إبدال حروف العلة، فإن ( قال) فرع من (قول ) وهو المستعمل المؤصل في الكلام،إذ إن ( قول ) أصل افتراضي لم يُنطق به قط .
5-" وبلزوم بناءٍ مجهول "، وذلك عندما نزن اللفظ بالميزان الصرفي ،نجد أنَّه يكون على وزن غريب في الأوزان الصرفية المعروفة لدينا، والحرف الزائد ليس من ضمن الحروف الزوائد المجموعة في(سألتمونيها )، فوزن( اصطبر ) افطعل، وهذا وزن مجهول في العربية ،مما يدلنا على أن حرف الطاء مبدل من أصل . _______________________________ (1) شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الأستراباذي 3/197 . (2) تسهيل الفوائد، ابن مالك، 300 . (3) شرح شافية ابن الحاجب، رضي الدين الأستراباذي 3/198 . (4) المصدر السابق 3/199 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-12, 21:11 | |
| نماذج من أشهر أمثلة الإبدال الصرفي لغير الإدغام يدخل في باب الإبدال لغير الإدغام بعض صيغ الأفعال على وزن ( افتعل)، منه إبدال الدال من التاء ،إذا كانت فاؤه زاياً باطراد، مثل (ازدان ) (1) .وإذا كانت جيماً أبدلت بغير اطراد، فقالوا : اجدمعوا، واجدز، في اجتمعوا واجتز، يقول مضرّس بن ربعي الأسدي (2) ويروى ليزيد بن الطثرية :فقلت لصاحبي : لا تحبسانَّا * * * بنزع أصوله، واجدزَّ شيحاً (3) وعدّه ابن الحاجب شاذاً، ولا يقاس عليه .وتُبْدَل من التاء دالاً مثل ( مذدكر )(4)، وطاءً باطراد إذا كانت فاؤه صاداً أو ضاداً أو ظاءً، مثل: ( اصطبر / اضطرب، اظطهر )(5)، وجليٌّ هنا أنصفة الإطباق في فاء الفعل هي الموجبة لذلك . كما أبدلت بغير اطراد من تاء الضمير بعد الطاء والصاد فقيل : ( فَحَصْطُ وأحطُّ ) وهي لغة بني تميم (6) في فحصتُ وأحطتُ للسبب نفسه ،وشذوذ الموضع الأخير كونه أبدل من كلمةذات معنى تام هي تاء الضمير، وهذان الموضعان هما الوحيدان اللذان تبدل فيهما الطاء، ولا تبدل إلاَّ من التاء (7)، وورد في كتاب أبي الطيب إبدال الطاء من الصاد في نحو أملطت في أملصت وغمط في غمص والحصب من الحطب، وجاء في التنزيل : } إِنَّكُمْ ومَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ ... { [ الأنبياء : 97 ]، وروي عن علي كرم الله وجهه أنه" قرأها ( حطب جهنم ) بالطاء "(8 ) . ولم تُبْدَلْ الميم من الواو إلاَّ في (فم) لزوماً (9)، كما ورد الإبدال في لام التعريف (10)، ولكنَّه ضعيف ، ومن ذلك قوله عليه الصلاة والسلام : ( ليس من أمبر أمصيام في أمسفر ) (11) والصحيح أنها لهجة في أداة التعريف وليست إبدالاً، وهي لهجة حمير ونفر من طيء (12) .____________________________ (1) الممتع في التصريف، ابن عصفور ،1/356 .(2) نسب في شرح شافية ابن الحاجب للرضي الأستراباذي لـ مضر س بن ربعي الفقعسي 3/288 .(3) هكذا ورد في الممتع 1/357، وورد ( لا تحبسانا )، في شرح شافية ابن الحاجب 3/ 228 ، ويروى ( فقلت لحاطبي لا تحبسي ) .(4) الممتع في التصريف،ابن عصفور 1/357 . (5) شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب 3/226، وانظر الممتع 1/360، والمنصف على تصريف المازني، ابن جني 324 .(6) شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب 3/226، وانظر الممتع 1/361 .(7) المفصل في صنعة الإعراب ،الزمخشري 516 .(8 ) كتاب الإبدال ،أبو الطيب اللغوي 2/252-255 .(9) شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب 3/215 .(10) المصدر السابق 3/ 216 .(11) وهذا حديث ضعيف إذ لم يروه إلاَّ راوٍ واحد هو النَّمر بن ثولب، وهو لم يروِ إلاَّ هذا الحديث ولا يوجد في كتب الحديث .(12) شرح الرَّضي على الكافية ،تصحيح وتعليق :يوسف حسن عمر، منشورات جامعة قاريونس – بنغازي ، ط (2) 1996 م، 3/241 . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-15, 21:17 | |
| [ثانياً : الإبدال الصرفي لأجل الإدغام يُعدُّ باب الإبدال لأجل الإدغام من أوسع أبوابه استعمالاً ،حيث يقع "في جميع حروف المعجم إلاَّ الألف "(1)، ولم يستثنِ ابن عصفور (2) ،و أخرجه من الإبدال الصرفي (3)، وكذلك الإشموني فيقول " فإن إبدال الإدغام لا يُنظر إليه في هذا الباب " (4) . ويُعدُّ الإدغام أحد الأسباب الموجبة للإبدال(5)، إذ إنَّ عملية الإدغام لحرفين مختلفين إمَّا مخرجاً وإما صفةً ،لا بدَّ أن تُسْبَقُ بعملية إبدال أولهما من الثاني،حتَّى يتم التجانس بينهما، ومن ثَّمَ الإدغام، وقد ورد كثيرٌ منه في القرآن الكريم، ومنه قوله تعالى : (... فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَّصَّالَحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً والصُّلْحُ خَيْرٌ ... ) [ النساء : 127 ]، قرأ غير الكوفيين بفتح الياء واللام والتشديد وألف بعد الصاد ( يَصَّالحا) وأصله – والله أعلم – ( يصطلحا )(6) ،" يريد يفتعلا من الصلح "(7)، فأبدلت التاء صاداً، وادغمت فيها الأولى، ودليله قراءة " يصطلحا "(8 )، وهذه فيها إبدال التاء طاءً من غير إدغام . وفي قوله تعالى : (... تَأَخُذُهُمْ وَهمُ ْيخَصِّمُونَ ) [يس : 48 ]، ووردت مرة واحدة في القرآن، ووردت سبع مرات بدون إبدال التاء صاداً أو إدغامها (9) . وتبدل الطاء من تاء افتعل إذا كانت الفاء طاءً (10)، فيقولون :اطَّرد ،و منها تبدل الذال إذا جانستها فاء افتعل فيقولون: اذَّكر، وتبدل الظاء في افتعل من التاء إذا كانت فاؤه ظاءً، مثل : اظَّلم، وفي( اظلم واذكر ) ثلاث لغات(11) ،اظطلم، اطَّلم، اظَّلم ،ويقول زهير (12): هو الجواد الذي يعطيك نائله * * * عفواً ويظلم أحياناً فيطَّلم وذكره ابن جني (13) :ويظلم أحياناً فيظطلم . وتبدل منها السين إذا جانستها فاء الفعل فيقولون اسَّمع ،كما يقولون( ادَّان ) على وزن افتعل من الدَّيْنِ، وذلك إذا كانت الفاء دالاً ،كما قالوا ( ادَّكر )، وهي كما يبدو وقع فيها إبدالان فإدغام ،قال تعالى : ( وقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وادَّكَرَ ... ) [ يوسف : 45 ]، وأصله -ـ والله أعلم-ـ ( اذتكر ) فأبدلت التاء ذالاً، ثم أبدلت الذالان دالين، وأدغمت الأولى في الثانية لتشابه الحرفين مخرجا ً وصفة (14) . وجاء ( مدَّكر ) في قوله تعالى : (... فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ )[ القمر :15 ]، وأصله –والله أعلم- (مذتكر ) فأبدلت التاء ذالاً ،ثُمَّ أبدلت الذالان دالين وأدغمتا . هذا فيما اطرد استعماله وحُدد بقانون صوتي ، ولكن سُمِعَ الإبدال في أصوات أُخر بغيراطَّراد ،وكان حتماً على اللغويين تسجيل ذلك للأمانة العلمية مع عدم إغفال أن هذه الاستعمالات غير مطردة فوضعوها في تصنيفات منها الشاذ والشاذ اللازم والشاذ الضعيف والأشذ، كذلك القليل _________________________________ 1- شرح الإشموني، 2/585 . 2- الممتع في التصريف ،1/319 . 3- المصدر السابق 1/319 . 4- شرح الإشموني 2/585 . 5- اللهجات العربية في التراث، د.الجندي، 1/347 . 6- التبيان في إعراب القرآن، أبو البقاء محب الدين عبد الله العكبري( ت 616 هـ ) ،تحقيق : علي محمد البجاوي، إحياء الكتب العربية ، 1/197 7- المنصف شرح تصريف المازني، ابن جني 327 . 8- التبيان في إعراب القرآن ،العكبري ،1/365 . (قراءة شاذة) 9- ( اختصموا ) [ الحج:19 ]، ( لا تختصموا ) [ق: 28 ]، (تختصمون ) [الزمر: 30 ]، ( يختصمون ) [آل عمران :44 ]، و[ الشعراء: 96 ]،و[النمل:47 ]، و[ ص : 68 ]. 10- تسهيل الفوائد، ابن مالك، 312 . 11- المفصل في صنعة الإعراب، أبو القاسم محمود الزمخشري وبذيله كتاب المفضل في شرح أبيات المفصل للسيد محمد بدر الدين الحلبي ،قدم له وبوبه : د,علي أبو ملحم، دار ومكتبة الهلال، بيروت – لبنان ،ط (1) 1993 م ،402 . 12- الكتاب ،سيبويه ،4/468 . 13- الخصائص، ابن جني 2/141 . 14- المصدر السابق ،الصفحة نفسها . |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-02-16, 14:52 | |
| [الخــــــــــــــــــــــــــــــــــاتمة إن تحديد الظاهرة بالمفهوم يساعد في ميزها عن بقية الظواهر ،ويزداد تميُّزها بوضع مصطلح محدد لها لا يُطْلَقُ على غيرها، وقد تبيَّن من خلال هذا البحث أن سيبويه كان أول من استعمل مصطلح الإبدال ولم يسبقه أحد إليه. وقد ظهر الإبدال في اللغة العربية وفي استعمال المتكلمين بها، ولاحظه علماء اللغة فوضعوا له مفهوماً محدداً ـ وإن اختلفوا في بادئ الأمر ـ فقيل أولاً أنَّه :تغيير حرف بحرف مطلقاً، وهذا مفهوم لغوي، وإن خُصِصَ بالحرف (جميع حروف المعجم ماعدا الألف)، ثَّم خُصِصَ المفهوم لتمييز أنواع التغيير في الكلمة فأصبح التغيير المطلق لا يسمى إبدالاً، وإنَّما خُصَّ بحروف مخصوصة، ثمَّ فُصِلَتْ حروف العلة وحروف الحلْق لتميُّزها بأحكام خاصة، واختلف العلماء في تحديد الحروف المتبقية(الحاء، والخاء والذال والطاء والضاد والغين والقاف ) تبعاً للسماع والاستقراء . وكان الأولى أن يُحدَّد الحرف وما يُبدل إليه، ذلك أن الحرف المضمَّن مجموعة الإبدال لا يكون تغييره إبدالاً ،إلاَّ إذا غُيِّر بحرف يقاربه مخرجاً وصفةً، وهذا الشرط تنبَّه إليه علماء اللغة والنحو القدامى قبل المحدثين ،فذكروه مضمَّناً في كلامهم(1)-كما هي عادتهم – وبعضهم صرَّح به تصريحاً فيقول ابن جني : "الراء أخت اللام .. "و هو يقصد من الأخوة اتحاد في المخرج أو الصفة . وهذا الشرط لا يكفي لإطلاق مصطلح ( الإبدال ) على هذه الظاهرة، فإنَّ إبدال حرف من حرف، وإن توفرت شروط إبداله ،لا يكون إلاَّ في تجاور معين يؤثر في الحرف المبدل منه، فيغير إلى الحرف البديل المتوفر فيه شرط الإبدال، وهذا أيضاً لم يُصرِّح به القدماء، وإن ضُمِّن كلامهم من خلال الأمثلة ،فعندما يحددون أمثلة بعينها، فإنَّهم يقصدون : إن حدوث هذه الظاهرة متوقف على توفر الشروط التي توفرت لهذا المثال . بدأت المؤلَفات في تحديد هذه الظاهرة عامة فذكرت كل لفظ أُبدل فيه حرف، وإن كان واضعوها يذكرون أن ليس كلَّ ما يُذكر هو من الإبدال، وهذا يستلزم تصنيفاً خاصاً لهذه الظاهرة، إذا ما خرج عنها اطَّرد في الاستعمال، فصنفت حروف الإبدال حسب توفر الشروط إلى :- شائع بغير ضرورة، وشائع ضروري، وشاذ، وقليل، ونادر، وزاد ابن الحاجب شاذ لازم،و شاذ ضعيف، وأشذ (2) . * فالشائع بغير ضرورة هو الإبدال اللغوي، وتحدثنا عنه في بداية البحث ،وهو غير مخصوص بحروف بعينها، فهو يقع في جميع حروف المعجم ماعدا الألف ،كما أنَّه غير مخصوص بأيَّة شروط معينة وربما كان سبب حدوثه البيئة اللغوية أو الأخطاء اللغوية وأمراض الجهاز النطقي .. إلخ * والشائع الضروري هو الإبدال الصرفي لغير الإدغام ،و سبب حدوثه تأثر الحرف بصفات الحرف المجاور ومخرجه، ولصعوبة انتقال اللسان، فإن المتكلم يتساهل ويبدل الحرف المختلف ويكون تالياً ،إلى مخرج قريب أو يغير إحدى صفات الحرف لصعوبة الصفة الأصلية له ،فإذا تغيرت الصفة تغير الحرف. * النادر والشاذ هو الإبدال الذي لا مبرر له ،الواقع في الحروف المخصوصة بالإبدال، وما ذلك إلاَّ لقرب المخرج أو تشابه الصفات، مثل إبدال اللام من النون في ( أُصَيْلال ) تصغير ( أصيل )، فقد سُمِعَ ( أصيلان ) في قول الشاعر : وقفت فيها أصيلالاً أسائلها أعيت جواباً وما بالربع من أحدٍ و منه كذلك إبدال اللام من الضاد في ( اضطجع )(3) ،قال الشاعر: لمَّا رأى أن لا دعه ولا شبع مال إلى أرطاة حقف فالطجع * والشاذ الضعيف : كما في ( ممضو ) من المضي، و( منهو ) من النهي (4). * والشاذ اللازم : كما في ( ماء من مويه ) (5). * والأشذ : كما في ( أباب بحر من عباب بحر ) (6) * القليل : ويشمل إبدال الجيم المشددة ياءً، وهو ما يسمى بعجعجة قضاعة
_______________________________________ (1) يُنظر كتاب القلب والإبدال لابن السكيت وكيف أنه رتب مباحث كتابه بعنوان يتضمن الحرف المبدل والمبدل منه فيقول :" باب النون واللام ص3، وباب الباء والميم ص 10، وباب الميم والنون ص 17 ... الخ، ونلاحظ التقارب بين الحرف المبدل والمبدل منه، سواء من حيث المخرج أو الصفة، فالنون واللام صوتان متقاربان من حيث المخرج، ونلاحظ ذلك في المصاب بالزكام فإنه ينطق النون لاماً بسبب انسداد التجويف الأنفي فيخرج الصوت من الفم فيفقد بعض صفاته فيتحول إلى صوت اللام " ونلاحظ ذلك أيضاً في كتاب أبي الطيب اللغوي ( الإبدال ) . (2) شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب، الأستراباذي 3/ 209 – 213 . (3) المنصف، ابن جني 329 . (4) مجموعة شروح الشافية، الجاربردي، 1/319، وانظر شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب، 3/309 . (5) المصدر السابق، 1/317 ، وانظر شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب، 3/213. (6) مجموعة شروح الشافية، الجاربردي 1/ 318، وينظر شرح الرَّضي على شافية ابن الحاجب، 3/209 |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد 2010-08-08, 14:02 | |
| |
|
| |
| الإبدال ..بين الظاهرة والتقعيد | |
|