المسكوت عنه في ثورة 25 يناير
لاشك ان الثورة عمل رائع بكل المقاييس ، فقد علمت الناس الخروج على الملل والركود ‘ ورسخت فيهم القدرة على المطالبة بالحقوق الضائعة ، وكسرت كل حواجز الخوف والرهبة التي كان الناس يرى حكامنا من خلالها كأنهم آلهة أو أنبياء معصومون أو ملوك يحكمون بحق إلهي في دولة ثيوقراطية لا سيادة فيها للشرع و لاسلطان فيها للأمة ،. فأطاحت برموز الفساد من هذه الآلهة المزعومة ، وأجلت حقيقتهم فإذا بهم شياطيين مردة وعملاء خونة، ومندوبون عن الغرب في حكم بلادنا لافرق بينهم وبين مندوب أمريكا في العراق، ومما إنجلى أيضا أن وظيفتهم الحقيقية هي انتاج الأمن من اجل ان ينعم الرجل الأبيض بخيرات الأرض، بينما نموت نحن في بلادنا كمدا وغما وجوعا وفقرا، ومن اخطر وظائفهم التي انجلت بوضوح تام أنهم سدنة النظام العالمي الذي يقوم على تشويه صورة الإسلام، فبدلا من أن يقوموا بدورهم الأساسي في نشر الدعوة ، وبيان محاسن الإسلام تحروا كل السبل التي يسيئون فيها للإسلام ، حتى فضائحهم المالية والأخلاقية التي انجلت بثورة يناير محسوبة على الإسلام ، ولم لا؟! وهم زعماء الأمة الإسلامية ، فكانوا بحق فتنة صرفت الكثيرين ممن فكروا في الدخول في الإسلام إلى الإصرار على البقاء في الكفر ، هذه كلها من حسنات الثورة التي أدعو الله أن تعم سائر بلادنا العربية والإسلامية حتى تكشف خبيئة دجاجلة الحكام والظالمين وأعوانهم .
ولكن الثورة بقدر ما فتحت العيون على الحقوق غضت الطرف عن تعليم كيف يؤدون واجابتهم . فالفاسد الذي اضطرته الثورة إلى التخفي بفساده ، والبلطجي الذي استغل الفراغ الأمني لينشر الرعب والخوف والذعر في ربوع بلادنا تماهيا مع جهاز أمن الدولة المنحل ، وغيرها من المفاسد التي مرد عليها واقعنا واستساغها حتى أضحت جزءا من كيانه وماهيته ، حتى إنه من الصعب تخيل طريقة للتغيير سوى الاستئصال ، أي استئصال الواقع واقتلاعه من جذوره . فهل فكر الثوار في الآلية التي سيغيرون بها هذا الواقع المريرأم سيتركون أمر التغيير للدعاية وسن القوانين .
إن الأمم لاتتغير بسن القوانين ولابتشديد العقوبات ،. لأنه ببساطة شديدة القوانين لاتولد الرقابة الداخلية بقدر ما تدفع الناس وتقهرهم على الواجبات ، ولكن الذين يضطرون لآداء الواجب يتفلتون منها عند أول فرصة تخف فيها وطأة هذه القوانين ، إن الأمم المبدعة هي الأمم التي يسهر مفكروها ومبدعوها وعلماء الدين والسياسة والإعلام على تربيتها وتوليد القناعات الداخلية لدى أفرادها للقيام بالواجب . إنني اتوجه بهذا الخطاب إلى كل شاب ساهم في الثورة ، وكل الذين لم يساهموا فيها وتحمسوا لها مندفعين إلى هاوية سيحيقة من حيث لايشعرون ، وهم يعتقدون أن التغيير القسري هو الذي سينشئ واقعا جديدا مختلفا عن الواقع القديم ، إننا في ظل قدر متيقن منه يؤكد على أننا أفضل من الأمس ، ولكن التبعات المنتظرة أعظم كثيرا جدا مما قمنا به في ثورة 25يناير إننا في حاجة إلى عملية مركبة وهي انتزاع الوعي الزائف المعشش في أحشاء الواقع ، وإنشاء وعي جديد مستمد من هوية الأمة متسق مع تايخها ، قادرا على هضم المدنية المعاصرة وتحويل عصرتها إلى قيم تتفق تماما مع قيمنا و وتاريخنا وديننا.