تتعرض المرأة المسلمة لهجمة شرسة ، تكاد تمزق كيانها ، وتعصف بأركانها ، وتهدم عش سعادتها على رأسها ، وتخرجها من وكرها ووقارها ، وذلك بعد أن أطلت فتنة التغريب برأسها ، واستغلت التقاليد البالية التي ليس بينها وبين الإسلام وشيجة نسب أسوأ استغلال ، وذلك عندما ادعى المستغربون أن الإسلام هو الذي قيدها وكبلها ، وهو الذي حرمها نعمة التعليم، وأضاع حقوقها ، وجعلها مجرد خادمة في بيت زوجها ، وحرمها من كل الحقوق التي تليق بها كإنسان له كل حقوق البشر من حرية، أو تحرر، وضغط المستغربون على هذا الأمر حتى يميعوا قضية المرأة الحقيقية، وحتى يخرجوا المرأة من بيتها سافرة عارية ، وبذا يضربون عصفورين بحجر واحد: إبعاد المرأة عن الدين ، وتجهيلها بهذا الدين الذي طالما حفظ لها كرامتها وصان لها عرضها، وإخراجها من بيتها ومن قيادة الزوج ، وسلطان الأسرة، وبذلك تتقطع عرى الرباط الأسري، وتتفكك الأسرة ، وهي ما تعلمون في بناء المجتمع على أسس متينة، وقواعد راسخة.
وقد تناسى هؤلاء عن عمد أن الإسلام هو الذي ساوى بين المرأة والرجل
في الحق والواجب، وهو الذي جعل للمرأة ذمة اقتصادية مستقلة عن الزوج، وهو الذي أعطى المرأة الحق بالانفصال (الخلع) عن الزوج إذا لحقها الضرر بسبب ارتباطها به، ونسي أو تناسى هؤلاء أن الظلم الذي تعرضت له المرأة المسلمة إنما كان بسبب بعد المجتمع عن الإسلام، وأن العودة إلى الإسلام الخالص هو الذي سيعيد للمرأة حقوقها، ولكن هؤلاء لن يهدأ لهم بال حتى يمزقوا عفة المرأة المسلمة، فتخرج عارية لتتقاذفها الأعين الخائنة، وتتحسسها الأيدي النجسة، ويجتمع عليها الذباب القذر، فتتساوى في الفساد والعهر مع المرأة الغربية.
ترى لو أعدنا كرة الزمن وأجرينا هذا التحقيق مع الصحفي مع الرعيل الأول من السافرات من أمثال هدى شعراوي، وصفية زغلول، وسهير القلماوي، ودرية شفيق، والأميرة نازلي ، ومي زيادة ، وأمينة السعيد، وطه حسين، وقاسم أمين . ماذا سيقول هؤلاء بعد أن ذهبوا إلى دار الحق؟
سنحاول إجراء هذا التحقيق المتخيل من خلال تحاورنا مع أبطال حركة تحرير المرأة في مصر .
كان لقاؤنا الأول مع أول إمرة مصرية تنزع الحجاب وهي هدى شعراوي.
• السيدة هدى شعراوي: لوعاد بك الدهر ، وخرجت من القبر فبم تنصحين الفتاة المسلمة، هل ستبقين على اصرارك القديم في نزع الحجاب، وهل ستطالبين باستمرار الثورة على الحجاب؟!!
• صفية زغلول:
لقد أخطأت خطيئة كبرى عندما تحامقت وخلعت الحجاب الذي لم يفرضه الرجل على المرأة، بل فرضه الله عليها، لقد تداعت عوامل كثيرة عليً وهي التي دفعتني دفعا إلى خلع الحجاب.
• هل يكمن أن تذكري لنا بعض هذه العوامل؟
• هدى شعراوي:
نعم أستطيع بغير حرج، ولا خوف، فأبي هو محمد سلطان الذي خان الثورة العرابية، وتسبب في هزيمة أحمد عرابي أمام الإنجليز، فاسمي نور الهدى محمد سلطان.
وزوجي هو علي شعراوي باشا، أحد أعضاء حزب الأمة المشبوه، ووكيل حزب الوفد، وهو حزب علماني. من أهم أفكاره أن تخلع المرأة ملابسها، وأن يمتلئ الشارع عريا وفسادا.
وأنا تلميذة صفية زغلول، زوجة سعد زغلول، زعيم حزب الوفد، والتي أحرقت الحجاب عام 1919م في ميدان الاسماعلية ليسمى بعد ذلك ميدان التحرير، لتتوج بذلك المؤامرة على المرأة المسلمة.
وأن تلميذة لزوجة حسين رشدي الفرنسية، والتي كانت تصفني بزهرة صالونها.
وقد قابلت موسوليني وطلبته بمنح المرأة الإيطالية حقوقها السياسية.
كما أسست ما يسمى بـ" الاتحاد النسائي" والتقيت بكمال أتترك، هادم الخلافة الإسلامية، الذي يرجع أصله إلى يهود الدونمة الذين كانوا يعيشون في سلونك.
ولقد كانت الأسس التي قام عليها "الاتحاد النسائي" نفس مبادئ مرقص فهمي النصراني، وقاسم أمين العلماني، والذي تولى كبر قضية السفور.
ولقد دعوت إلى إزالة الفوارق بين الديانات المختلفة، كما نادينا في أو مؤتمر نسائي عربي بحذف نون النسوة من اللغة العربية .
السيدة هدى: ألست نادمة على ما حدث ؟
• هدى شعراوي:
ولات حين مندم، وماذا يفعل الندم يا سيدتي؟!!.
لو دارت دورة الزمن لكان لي شأن آخر بعد الذي رأيت في القبر.
وماذا رأيت؟
• هدى شعراوي:
رأيت ما يفزع القلوب، ويشخص الأبصار، صدق الله إذ قال:"وكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" اللهم سلم سلم.
إن الحقائق كلها تتكشف بعد الموت، وتتلاشي الخرافات، وتسقط الأباطيل، وينزوي السخف والضلال والفساد والغش والكذب.
السيدة هدى، بم تنصحين الفتاة المسلمة اليوم؟
• هدى شعراوي:
أنصح الفتاة المسلمة أن تبقى على حجابها، وتستمر في التمسك بشرع ربها ، فكل المؤامرات تسعى إليك يا فتاة الإسلام ، فلا تنصتي لترهاتهم، وتستمعي لإفكهم ، فسوف يزينون لك الباطل، ويدسون السم في الدسم، حتى تخرجين وليس عليك إلا ورقة التوت، واعلمي أن كل من يتولى كبر هذه القضية، وراءه تاريخ طويل من العمالة لأسياده من الأوروبيين والأمريكان والصهاينة الذين جعلوا المرأة مطية لإفساد المجتمعات، لقد كان فساد المرأة سببا في سقوط الإمبراطوريات القديمة ( الإغريقية- الرومانية- الفارسية) ، ولنا أن نطرح هذا السؤال ، هل المرأة لا تستوعب العلوم إلا إذا كشفت ثدييها ، وعرت فخذيها؟
لقد كانت أم المؤمنين عائشة منقبة، وقال الرسول:" خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء".
ودونكم العالمة نبوية موسى التي كانت تحضر معي المؤتمرات الأوربية منتقبة.
ودونكم بنت الشاطئ (عائشة عبد الرحمن) من علماء البيان الكبار، وصاحبة التفسير البياني للقرآن الكريم، لم تتخلى عن حجابها بحجة تحصيل العلم.
يا فتاة الإسلام اسمعي نصحي قبل ألا ينفع النصح ، وخذي عني قبل أن تأتي إليَّ ، تحت الجنادل والتراب ، حيث يتلاشى الجمال ، وتتكالب الديدان على ذلك الجسد الغض، ويهصر الفناء ذلك القد، ويأكل التراب ذلك الدلال. تمسكي بالحق ، واقبلي النصح من ميت طالما دعا إلى الباطل، وها أنا ذا أعض على يدي الندم، ولات حين مندم.
وإلى اللقاء في تحقيق آخر
ونلقاكم على خير