مدخل/ “اللغات هي أحسن مرآة للفكر البشري، وإن تحليلا دقيقا لدلالة الأشياء لهو أحسن الأشياء قدرة على كشف عمليات الإدراك. ولهذا فالإنسان مضطر أمام تعقّد العالم إلى استخدام نظام من الأدلة لتمثيل الواقع، وتذكّر الأشياء والأحداث بيسر”. لايبنتز.
1- اللسان معجميّا. 2- اللسانيّات اصطلاحا. 3- تاريخها. 4- منهجها. 5-أقسامها.
1-اللسان معجميا:
- للسان دلالتان: العضو من جهاز النطق LANGUE، واللغة (الأصوات والرموز) LANGUE.
- استـُخدم في القرآن الكريم لفظ اللسان بمعنى لغة في عدّة مواضع، نحو: “لسانُ الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين” ( النحل/ 103 )، و”وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبينَ لهم” ( ابراهيم/04 ).
- واستُخدم في الشعر العربي بالمعنى نفسه، في قول طرفة:
وإذا تلسُنُني ألسُنُها إنني لستُ بموْهونٍ غَمِرْ ؛ أي أكلمها باللغة التي تفهمها واللسان الذي تريده.
وفي قول كثيّر : نمت لأبي بكر لسان تتابعت بعارفة منه فخصّت وعمّتِ
- ففي هذه الشواهد جميعا استُخدم اللسان مرادفا للغة.
- وفي الصياغة الصرفية : * لسانيات : نسبة إلى اللسان ( مفردا )؛ وهو استخدام شائع في المغرب العربي.
* ألسُنية : نسبة الى الجمع (ألسنة)؛ وهواستخدام شائع في المشرق العربي.
- يقابله في الأجنبية: linguistics – lingustique.
2- اللسانيات اصطلاحا؛ تعريفها وموضوعها:
أ – هي الدراسة العلمية للغة. (العلم Sience هو بحث ظواهر معينة لبيان حقيقتها وعناصرها ونشأتها وتطورها ووظائفها وعلاقاتها وقوانينها).
ب- هي دراسة اللسان في ذاته ومن أجله (دي سوسير).
جـ- يمكن أن نحدد موضوع اللسانيات عموما، بعدِّها دراسة علمية للغة، قد تحققت بنشر م.ل.ع. لـِ ف.د. سوسير في 1916. وابتداء من هذا التاريخ فإن كل دراسة لسانية ستُعرّف اعتدادا بما وضعه دي سوسير. (معجم ديبوا وآخرين) Dubois et autres : Dictionnaire de linguistique.-
* موضوعها: يتضح من التعريفات السابقة، أن موضوعها هو اللغة البشرية الإنسانية، وتُعنى:
- باللغة المنطوفة، (نحو لهجات أمريكا الشمالية) والمكتوبة، (والدراسات قديما أهملت الأولى ).
- باللغات الحية (المستعملة أداة للتخاطب)، أو الميتة التي لم يعد استعمالها جاريا، نحو اللاتينية.
- باللهجات أيضا ولا تميزها عن الفصحى (كما كان سائدا).
- باللغات البدائية واللغات المتحضِّرة دون تمييز.
- تدرس اللغة من كل جوانبها دراسة شاملة، ضمن تسلسل متدرج الصوت، الصرف، النحو، الدلالة والمعجم،
(وتتعدى ذلك اليوم إلى مجالات التواصل الأخرى، الأسلوبية، التداولية…).
- تسعى إلى بناء نظرية لسانية شاملة تمكننا من دراسة جميع اللغات الإنسانية.
ويلخص فردينان دي سوسير Ferdinand de Saussurer (-1857 1913 ) مهمتَها في ثلاث نقاط:
1- تقديم وصف للغات وتاريخها وإعادة بناء اللغات الأم في كل منها.
2- البحث عن خصائص اللغات كافة، ثم استخلاص قوانينها العامة.
3- أن تحدد اللسانياتُ نفسها ويُعترَفَ بها ضمن حقل العلوم الإنسانية.
3- تاريـخـها: ترجع بداية ظهورها علما مستقلا إلى القرن التاسع عشر، مع محاضرات ف.د.سوسير، وأسهمت في ذلك ثلاثة أسباب:
أ- إكتشاف اللغة السنسكريتية : وقد تم ذلك بوضوح مع وليام جونز (1794ت) عام 1786 م، الذي كان قاضيا في كالكتا (في آسيا). ثم مع شليجل (F.schlegel) في كتابه (حول لغة الهنود وحكمتهم عام 1808، ثم الأب بارتلمي (Barthélemy) وكان مبشرا في الهند، في كتابه (قواعد السنسكريتية). ثم توالت المؤلفات في انجلترا بعد ذلك، إلى أن صارت باريس قطب المدرسة السنسكريتية بهجرة اللسانين إليها.
ب- ظهور القواعد المقارنة: شاع في تلك الفترة أسلوب المقارنة بين اللغات ونُظُمها، ومنها كتاب Boopp (1867ت) عام 1816 (في نظام تصريف اللغة السنسكريتية ومقارنته بالأنظمة الصرفية في اللغات اليونانية واللاتينية والفارسية والجرمانية).
ونشير إلى أن أسلوب المقارنة الشائع آنذاك، كان مقتصرا على العلوم الطبيعية وعلم التشريح.
جـ- نشأة علم اللغة التاريخي :الذي يعنى بمعرفة جميع التطورات اللغوية في لغة ما، من خلال مجموع تاريخها. وقد ظهر نتيجة للقواعد المقارنة .
4- منهجها : تعتمد على ثلاثة معايير أساسية :
- الشمول : دراسة كل ما يتعلق بالظاهرة اللسانية دون نقص أو تقصير.
- الانسجام : انعدام وجود أي تناقض في الدراسة الكلية.
- الاقتصاد : تتم الدراسة بأسلوب موجز ومركز مع تحليل دقيق .
5- أقسام اللسانيات العامة: تتعدد أقسامها اليوم بحسب اختصاصاتها واهتماماتها، فبرزت: اللسانيات التعليمية، النفسية، الاجتماعية، الرياضية، الحاسوبية، التداولية،…الخ، وهناك تقسيم آخر بالنظر إلى منهجها، يشمل:
- اللسانيات التاريخية: هي دراسة تطور اللغات عبر الأزمنة، وأسباب حدوث التغيرات وكيفياتها.
- اللسانيات المقارنة: مقارنة لغتين أو أكثر للتوصل إلى العلاقة بينهما وبيان الأصل من الفرع.
- اللسانيات الوصفية: هي أهم قسم فيها، وتختص بدراسة وظيفة اللغة واستعمالها من طرف مجموعة من المتكلمين.
منقول للافادة: