صدر منذ أيام قليلة عن دار الحوار السورية كتاب جديد للباحث والمترجم التونسي (صابر الحباشة) بعنوان : " لسانيات الخطاب: الأسلوبية والتلفظ والتداولية"، وطيّه صقحاته البالغة 267 صفحة من الحجم الصغير فصول مترجمة عن الفرنسية والإنجليزية تتعلق بالعلوم اللسانية، ركّز فيها المؤلف على بعض المباحث المهمة كقضية تصنيف النصوص والمدارس الأسلوبية والذاتية في اللغة، بالإضافة إلى البحث في قضايا معرفية تتصل بطبيعة السببية المعرفية في دراسة مقارنة بين البشر والحيوانات/ فضلاً عن الاهتمام بالتفكير والنظر إليه بوصفه نتاج عمليات حسابية، كما تطرق الكتاب إلى عدد من القضايا التداولية كنظرية الأعمال اللغوية والأبعاد التداولية والحجاج. وقد تراوحت النصوص المنقولة إلى العربية بين الطول والقصر، ووضع المترجم مقدمات لبعض الفصول وأردف بعض المصطلحات والمفاهيم بحواشٍ توضيحية في هامش النص.
ويبدو زعي المترجم بأهمية هذا العمل واضحاً إذ يقول في مقدمة الكتاب: " نظن أن عمل الترجمة في قطاع اللسانيات يجب ألا يمكث في أسوار الجامعة معتزلاً حركة البحث في المجتمع، بل ينبغي أن ينفتح هذا الجهد على تكريس روح التقدم اللساني الحديث في صلب مناهج التدريس بمختلف مراحله، وعدم الاكتفاء بالتجريب المحتشم، خلال مرحلة التعليم العالي، فحسب".
وتأتي بعض الجهود الأخيرة للدفع بطاقات الترجمة إلى الأمام من خلال بعض المءسسات الوطنية والقومية الفاعلة.
ويشير المترجم إلى " أن اللسانيات ، قد تقلبت منهجياً ونظرياً تقلبات كثيرة خلال القرن المنصرم، في الأفق الغربي، بيد أن التقبل العربي، قد اكتفى، في الغالب الأعم، بالتلقي المعرفي؛ أي أنه نظر إلى معطيات هذا العلم بوصفها معارف عصرية، ولم يتجاوز ذلك إلى اعتبارها رؤية تقطع مع النحو بالمعنى القديم، دون أن يكون هدفها إلغاء ذلك النحو. بل هي تسعى إلى توسيعه بشكل يجعله يتخلص من ربقة القواعدية المهيمنة على صيغه المكرّسة" ، ويعرّج المترجم على واقع تخلف الدراسات اللسانية في الجامعات العربية، عموماً، ماعدا بعض الحالات المضيئة، قائلاً: " وزاد الطين بلة، في السياق العربي، أن حمل لواء نقد النحو العربي، مخافة أن يُعدّ ذلك طعناً في الدين أو رغبة مستترة في محاربة الفصحى، تحت ستار التطوير والعصرنة".
ويبين المترجم في تقديمه للعمل أنه :" يعدّ هذا الكتاب، مدخلاً لقراءة اللسانيات انطلاقاً من مباحث مفرّقة ولكنها تكوّن رصيداً أوّلياً يمكن للمجتهد أن ينطلق منه لتوسيع الاهتمام بظاهرة من ظواهر اللغة، في أبعادها الاستعمالية أو المعيارية" .
ويحرص الحباشة على الإلحاح على ما يراه " من وجود حاجة في السياق العربي إلى تداول النظر في هذه العلوم اللغوية والمعرفية والدلالية، وما تطرحه من قضايا حديثة لا شك في أن المثابرة على تنقيحها وتغييرها، لم ولن تتم إلا بتحقيق قدر من التراكم المعرفي، في هذه المجالات، وهو ما تشكو من عدم توافره، بالنسبة إلى المشتغلين باختصاص اللسانيات العربية " .
-_______________________________________________________
منقول من موقع صحيفة (المدينة) اليوم :study:
المنشور بتاريخ الأربعاء 20/1/2010[img]
[/img]