الاستثناء : ـــ
إن أسلوب الاستثناء من الأساليب المهمة في اللغة العربية و سأحاول إن شاء الله تعالى في هذه السطور أن أختصر بعض أحكامه لعل الله تعالى ينفع بها .
تعريف الاستثناء : ـــ
في اللغة : مأخوذ من الثني أي العطف و السين و التاء زائدتان .
وفي الاصطلاح : هو الإخراج من حكم سابق ــ مثبت أو منفي ــ لما كان داخلا في هذا الحكم بإلا أو إحدى أخواتها . مثل أعجبتني الحدائقُ إلا حديقةً ففي هذا المثال كان الحكم الأول هو الإعجاب بالحدائق ثم أخرجت من هذا الحكم حديقة لم أُعجب بها وكان هذا الإخراج بواسطة إلا وهذا ما يسمى بأسلوب الاستثناء .
أركانه : 1 ــ مستثنى منه : وهو المُخرج منه وهو الذي صدر عليه الحكم أولا.
2 ــ مستثنى : وهو المُخرج من الحكم السابق بواسطة إلا أو إحدى أخواتها.
3 ــ الأداة : وهي ( إلا ـ و غير ـ و سوى ـ وليس ـ و لايكون ـ و خلا ـ و عدا ـ و حاشا )
ولابدأن نعرف اصطلاحات أسلوب الاستثناء قبل أن نعرف إعراباته وهي :
1 ــ تام : إذا ذُكر المستثنى منه مثل نجح الطلاب إلا خالداً 2 ـ ناقص : إذا لم يُذكر المستثنى منه ( ولابد أن يكون منفيا في هذه الحالة ) وهو ما يطلق عليه الاستثناء المفرغ مثل ما نجح إلا خالدٌ .
3 ـ موجب : وهو ماكان مثبتا .
4 ـ منفي : وهو ما سُبق بأداة نفي مثل ما نجح الطلاب إلا خالداً .
5 ـ متصل : وهو ماكان المستثنى من جنس المستثنى منه مثل نجح الطلاب إلا خالداً .
6 ـ منقطع : إذا لم يكن المستثنى بعضا من المستثنى منه او ليس من جنسه مثل قام الرجالُ إلا فرساً .
إعرابات المستثنى بإلا :
1 ـ ّإذا كان تاما موجبا : يجب نصب المستثنى سواء أكان متصلا أم منقطعا مثل فهمتُ الدروسَ إلا درساً وذاكرتُ الموادَّ إلامادةً فدرسا و مادة مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة هذا للمتصل أما المنقطع فيكون مثل خرج الطلابُ إلا سيارةً و سافر الرجالُ إلا فرسا فسيارة و فرسا مستثنى منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة . والعامل في هذا النصب اختلف العلماء فيه فيرى ابن مالك أن العامل هو إلا وهذا هو الرأي الصحيح . ويرى السيرافي ونسبه البعض لسيبويه أن العامل ما قبل إلا بواسطة إلا ويرد عليه أن ما قبل إلاقد لا يكون عاملا مثل القوم إخوتك إلا محمدا ويرى الزجاج أن الناصب فعل مضمر من معنى إلا تقديره أستثنى و يرد عليه أن فيه مخالفة لنظام اللغة حيث يجمع بين حرف و فعل بمعنى واحد.
2 ــ إذاكان تاما منفيا : فإن كان متصلا فيجوز فيه النصب على الاستثناء ما نجح الطلاب إلاخالدا و ما رأيت الطلاب إلا خالدا و ما مررت بالطلاب إلا خالدا و يجوز أن يُعرب بدل بعضٍ من كل عند البصريين أو عطف نسق بإلا عند الكوفيين مثل ما نجح الطلاب إلا خالدٌ و ما رأيت الطلاب إلا خالدا و ما مررت بالطلاب إلا خالدٍ . أما إذا كان منقطعا فيجب نصبه عند جميع العرب ما نجح الطلاب إلا بقرةً و ما شاهدتُ الطلابَ إلا بقرةً وما مررت بالطلابِ إلا بقرةً . وأجاز بنو تميم الإبدال إذا أمكن أن يتسلط العامل على المستثنى فيقولون ما نجح الطلاب إلا بقرةٌ و ما شاهدتُ الطلابَ إلا بقرةً وما مررت بالطلابِ إلا بقرةٍ أما إذا لم يتسلط العامل في المعنى على المستثنى فيجب النصب عند الجميع مثل ما تقدم المهملون إلا تأخرا و ما زاد المال إلا نقصا .
3 ــ إذا كان الاستثناء مفرغا وهو الناقص المنفي فيعرب المستثنى حسب موقعه في الجملة فيعرب فاعلا في مثل ما نجح إلا خالدٌ و يعرب مفعولا به في مثل ما ضربت إلا خالدا و يعرب مجرورا في مثل ما مررت إلا بمحمد ٍ .
هذا التفصيل إذا لم يتقدم المستثنى على المستثنى منه فإن تقدم في المنفي فالفصيح عن العرب النصب ما قام إلا بكراً القومُ وما رأيتُ إلا بعيراً القومَ ويجوز بقلة أن يفرغ العامل له ويجعل المستثنى تابعا له على أنه بدل كل من المستثنى منه مثل ما لي إلا أبوك ناصرٌ
فإن كان متقدما في الإيجاب وجب النصب عند الجميع مثل فهم إلا علياً الطلابُ .
إعراب المستثني بغير أو سوى : ــ
غير تأخذ أحكام الإعراب الخاصة لما بعد إلا فيظهر عليها أحكام النصب أو البدل ويكون المستثنى مضافا إليه دائما مثل حضر الطلابُ غيرَ طالبٍ و حضر الطلاب غيرَ حمارٍ وما حضر الطلابُ غيرَ أو غيرُ طالبٍ و ما حضر الطلاب غيرَ طالب عند الجمهور و ما حضر الطلابُ غيرُ طالب عند بني تميم وما زاد المال غيرَ نقصٍ وما فهم غيرُ طالب وما رأيتُ غيرَ طالب وما مررت بغيرِِطالبٍ . أما سوى فيكون حكمها مثل غير إلا أنها لا تظهر عليها علامات الإعراب للتعذر على الألف نجح الطلاب سوى محمدٍ فسوى هنا منصوبة و علامة نصبها فتحة مقدرة على الألف منع من ظهورها التعذر على الألف .
إعراب المستثني بليس و لا يكون : ـــ
ليس و لايكون فعلان ناقصان يرفعان الاسم و ينصبان الخبر والمستثنى بهما منصوب على أنه خبرهما فهو استثناء في المعنى واسمهما ضمير يعود اسم الفاعل او اسم المفعول المفهوم من الفعل السابق مثل نجح الطلاب ليس المهمل فالمهمل هنا خبر ليس منصوب واسمها ضمير مستتر يعود على اسم الفاعل المفهوم من الفعل نجح أي ليس هو الناجح . كوفئ المجتهدون لا يكون عليا فعليا خبر لا يكون منصوب واسمها ضمير مستتر يعود على اسم المفعول المفهوم من الفعل كوفئ أي لا يكون هو المكافأ ويجوز أن يكون اسمها ضمير يعود على البعض المفهوم من الكل السابق نجح الطلاب ليس هو بعض الناجحين المهملَ وكوفئ المجتهدون لايكون هو بعض المكافئين عليا .
إعراب المستثني بخلا و عدا و حاشا : ـــ
خلا وعدا إذا لم يدخل عليهم ما المصدرية فيجوز نصب المستثنى على أنه مفعولا به على اعتبار أنهم أفعال ويكون الفاعل ضمير مستتر يعود على اسم الفاعل المفهوم من الفعل السابق أو على البعض المفهوم من الكل السابق مثل أحببت القوم عدا الكذوبَ وقدرت الرجال خلا الجبانَ أي عدا هو أي المحبوب الكذوب أو عدا هو بعض المحبوبين الكذوب ويجوز جره على اعتبار أن هذه الأدوات حروف جر مثل أحببت القوم عدا الكذوبِ وقدرت الرجال خلا الجبانِ لكن الجر بهذه الأدوات قليل . أما إذا دخل على خلا وعدا وحاشا ما المصدرية فيجب نصب المستثنى لأنه يتحتم هنا أن تكون خلا وعدا أفعالا ماضية مثل أحببت القوم ما عدا الكذوبَ وقدرت الرجال ما خلا الجبانَ أي ماعدا هو أي المحبوب الكذوب أو ما عدا هو بعض المحبوبين الكذوب .
أما الاستثناء بحاشا فقد اتفق العلماء على أنها لا تدخل عليها ما المصدرية إلا قليلا وقالوا إذا لم تدخل عليها ما المصدرية فيجوز اعتبارها حرف جر فيجر ما بعدها و يجوز جعلها فعلا فينصب ما بعدها ولكن الجر بها أولى مثل سافر الرجال حاشا محمدٍ أو محمداً .
هذا والله أعلى و أعلم