أختي هديل لدي بعض المعلومات أرجو أن تفيدك
ج- المدارس اللسانية الغربية
لقد لاقت آراء سوسير ونظرياته، في النصف الأول من القرن العشرين من النجاح قسطا عظيما، بين عدد كبير من الدارسين وكانت معينا لعدد من المدارس قامت على المبادئ النظرية التي أرسى سوسير قواعدها، والأسس المنهجية التي سطر معالمها ووضعها. ومن تلك المدارس اللسانية الغربية، هي :
- المدرسة البنيوية (structuralisme) مع سوسير
البنيوية مفهوم يطلق حسب الأشخاص والأحوال على مدارس لسانية مختلفة وهو يستعمل أحيانا لتعيين واحدة أو أكثر من المدارس أو لتعينها جميعا، لأن لها مجموعة من التصورات والمناهج التي يشملها مفهوم البنية في اللسانيات.
فإذا أبعدنا في الوقت الحاضر البنيوية التحويلية (التابعة للنحو التوليدي)، فإن المدارس المختلفة التي تتمثل فيها هي التوزيعية والوظيفية والنسقية. وهي التي تتأسس عليها اللسانيات لدراسة العبارات المنجزة بالفعل. فاللسانيات تسعى هكذا إلى وضع نظرية لدراسة النص المنجز بعد إنهائه وغلق باب تراكيبه باستعمال منهج تحليلي (شكلي) يقوم على شكل النص (من صورته الخارجية)، و بهذا تطرح البنيوية أولا مبدأ الحضور والشهادة يعني الوجود في النص. فالعالم اللساني يقف عند حدود العبارة المنجزة بالفعل (في مدونة) محاولا تفسير البنية يعني هندسة العناصر الموجودة داخل النص وقيامها بذاتها. وبالعكس فإن كل ما يمس بالتعبير (كيفية تحقيق العبارة) خاصة صاحب العبارة (وفاعلها) والحال التي أنجز فيها النص فتترك على جانب، لأنها تعتبر ثابتة وغير متبدلة، لكن يجب الإشارة إلى وجود خلافات جوهرية حول الموضوع، فمدرسة براغ وعلى رأسها ياكوبسن وبنفنيست تهتم بدراسة علاقة المتكلم بكلامه يعني وظيفة الكلام وكيفية التعبير عنها. أما أتباع دي سوسير (كشارل بالي خاصة) فيقترحون لسانيات تنطلق من اللفظ (يعني القول) وهي ذات أهمية وترفض اللسانيات التي تنظر إلى اللغة وحدها. وعكسها نجد بلومفيلد الذي يرى أنه يستحيل تحديد المعنى وعلاقة صاحب النص بالكون الواقعي، قائلا أن هناك عوامل كثيرة تتدخل في نسج العبارة مما يعجز على حصرها ويستحيل ضبط خصوصيتها ووصف العلامات البارزة التي لها دور في تأليف المقام. وهناك خاصية أخرى هامة للبنية هي التمييز بين معاقد الكلام فـي مختلف وجوهها وبين إنجازها أقوالا ويترتب عن هذا أننا نستخلص من النص أو من النصوص المختلفة الناجمة عن ألفاظ القول نظاما للغة.
وهكذا يتعين علينا دراسة نظام اللغة كما يجري في لحظة من اللحظات عند مطابقتها لمقتضى الحال، وهي دراسة نيرية، لأن الدراسة الزمنية (التاريخية) تبدو متنافية مع دراسة اللغة كنظام.
- المدرسة النسقية (glossématique) مع هلمسليف
العالم اللساني الدنمركي لويس هلمسليف بكوبنهاجن هو الذي اخترع مفهوم غلوسيماتيك (glossématique) باشتقاقه من الإغريقية غلوسة يعني اللغة لتعيين النظرية المستخلصة من نظرية دي سوسير التي تجعل من اللغة غاية لذاتها لا وسيلة لتحقيق الغاية المقصودة بالكلام.
والغلوسيماتيك تقوم على النقد الحاد للسانيات التي سبقتها وحادت في نظرها عن مجال اللغة بانتصابها خارج الشبكة اللغوية واهتمامها بالإجراءات (غير اللسانية) التي تهدف إلى معرفة مصادرها الأولى ما قبل التاريخ وجوانبها الفيزيائية والظواهر الاجتماعية والأدبية والفلسفية. والنسقية تنتصب على العكس من ذلك داخل اللغة فهي تصدر منها وإليها ولا تخرج عن دائرة اللغة المنظور إليها على أنها حقل مغلق على نفسه وبنية لذاتها وهي تبحث عن المعطيات الثابتة التي تعتمد على الظواهر غير اللسانية، وهي تسعى إلى إبراز كل ما هو مشترك بين جميع اللغات البشرية، وتكون اللغة بسببه هي مهما تبدل الزمن وتغيرت الأحداث. وهكذا تختلف الغلوسيماتك عن النظرة الإنسانية، فمظاهر اللغة لا تبصر إلاّ مرة واحدة ولا تتجدد مثل الظواهر الطبيعية بحيث يمكن دراستها دراسة علمية على العكس من هذه الظواهر اللسانية
وهكذا تضع الغلوسيماتيك نظرية تتسع إلى جميع العلوم الإنسانية، فكل إجراء عملي يقابله إجراء نظري، و الإجراء يمكن تحليله من خلال العناصر التي يشكلها بكيفيات مختلفة.
والنظرية هذه تهتم قبل كل شيء باللسانيات، فإذا ثبتت نجاعتها توسع بها إلى العلوم الإنسانية الأخرى، ولكي يمكن قبول نتائجها يجب أن تتفق والتجربة الفعلية، وقد أسسها هلمسليف على ما سماه مبدأl’empirisme التجربة الشاهدة ولكي تتصف بهذه الخاصية يجب أن تكون خالية من كل تناقض وأن تتصف بالشمولية وتكون بسيطة سهلة الإدراك ما أمكن. فالنظرية الاستقرائية التقليدية حسب هلمسليف تدعي الانطلاق من الجزء إلى الكل (من المعطيات الخاصة إلى العامة)، يعني القوانين المنطقية. وهي قبل كل شيء تلخيصية وتعميمية، وهي لا تستطيع تجاوز الظاهرة اللسانية الخاصة، فبعبارات مثل العامل والشرط والماضي والمفعول فيه والاسم والفعل والمبتدأ والخبر لا يمكنها أن تنطبق إلاّ في مجال الإعراب، ولا يمكن قبولها كأقسام لسانية فهي إذا تتناقض مع الوصف اللساني فالغلوسيماتيك تنطلق من النص الملفوظ المعبر أو من جميع العبارات الملفوظة المجعولة للتعبير. وهذا النص قابل للتقسيم إلى أنواع تكون بدورها قابلة للتقسيم إلى أصناف والصنف ينبغي أن لا يحمل تناقضا وأن يكون شاملا. فالأمر يتعلق بوصف المواد ذاتها ووصف العلاقات التي تجمع بينها والتي تسعى اللسانيات إلى وصف علاقاتها وتحديدها. فالموضوع الوحيد والحقيقي للسانيات هو اللغة التي يوجه البحث منها وإليها، فبنية النص اللساني الشاهد في نظر هلمسليف هي الموضوع الوحيد للسانيات.
- المدرسة الوظيفية (fonctionnelle)مع ياكوبسن ومارتيني
لا شك في أن الاتجاه الوظيفي بدأ يبرز إلى الوجود وتتكون ملامحه في حلقة [مدرسة] براغ [التشيكوسلوفاكية] التي استفادت من آراء دي سوسير بقدر ما استغلت منطلقاتها النظرية في أعمالها وكونت لنفسها نظرية لغوية.
على أنها لم تحدد منهجها إلاّ بالانطلاق من تحديد للغة باعتبارها نظاما وظيفيا يرمي إلى تمكين الإنسان من التعبير والتواصل.
فإذا كان دور اللغة هو توفير أسباب التواصل فإن دراسة اللغة ينبغي أن تراعي ذلك، فكل ما يضطلع بدور في التواصل ينتمي إلى اللغة وكل ما ليس له مثل هذا الدور فهو خارج عنها، وبعبارة أخرى فإن العناصر اللغوية هي التي تحمل شحنة إعلامية، أما التي لا يمكن أن نعتبرها ذات شحنة إعلامية فلا يعتد بها اللغوي، فالأولى وحدها هي التي لها وظيفة.
وقد اعتمدت مدرسة براغ هذا المنطلق لتدريس خاصة الأصوات وتضبط منهجا للتمييز بين ما هو وظيفي فيها وما ليس وظيفيا، وكان تروباتزكوي هو الذي بلور فـي أجلى مظهر نتائج أعمالها في كتابه : مبـادئ الأصـوات الوظيفية (principes de phonologie)
على أن النظرية الوظيفية لم تتبلور في كل مظاهرها مع مدرسة براغ، فقد تواصل بناؤها وصقلت مبادؤها ومفاهيمها في فرنسا عن طريق أندري مارتيني خاصة.
ويمكننا أن نستخلص مما كتبه أندري مارتيني ثلاثة اتجاهات رئيسية ذات علاقات حميمة فيما بينها كما يلي:
- اتجاه الفونولوجيا (علم الأصوات العام) وتعتني بضبط الأصوات العامة ووصف صورها (الفونولوجيا الوصفية)؛
- اتجاه الفونولوجيا الزمنية (العلم بتطور الأصوات عبر الزمان)؛
- اتجاه اللسانيات العامة.
أما القطب الذي تدور عليه رحى الوظيفية فيتمثل في التقطيع المزدوج: التقطيع الأول ويتناول الكلمات في صورتها اللفظية ومن حيث مضمونها. فبفضل هذا التقطيع يمكن الحصول على تراكيب غير محدودة من العبارات انطلاقا من عدد محدود من المقاطع.
والتقطيع الثاني لا يعني فيه إلاّ بالصورة اللفظية، فاستبدال مقطع صوتي من المقاطع المذكورة بمقطع من نفس النوع لا يؤدي في كل حالة إلى نفس التغيير المعنوي فنقل « ـا» من سال إلى زال، لا يغير صورة المدلولات (التي هي مختلفة في أصلها عكس ما هو الحال عليه في التقطيع الأول حيث يكون كتبتُ/كتبتَ/ كتبتِ نفس اللفظة كتب ألصقت بها أصوات مختلفة: ضمير المتكلم والمخاطب والمخاطبة).
والتقطيع الثاني إن كان يؤدي إلى إنجاز عشرات من المقاطع الصوتية (فونيمات) فهو يؤدي بالخصوص إلى عشرات الآلاف من الدلالات المختلفة وعكس ما يراه ياكوبسن، فإن مارتيني لا يرى من الضروري إدخال تقطيع ثالث يهم الخصائص التي تميز الحروف أما الفونولوجية العامة (علم الأصوات العامة)، فإن مارتيني يرجع المردودية الوظيفية التي هي وظيفة لسانية، إلى اختلاف الأصوات، وانطلاقا من التمييز الهام بين الظواهر الصوتية والظواهر الفونولوجية (الحرفية الوظيفية). يضع مارتيني في تقابل الشروط الضرورية للتوصيل حيث يشترط وجود أقصى ما يمكن من الوحدات التي يشترط فيها أن تكون على جانب أكبر من الاختلاف مقابل بذل أقل ما يمكن من الجهد بعدد من الوحدات الأقل تباينا.
والبحث عن الانسجام بين هذين الشرطين يؤدي إلى الاقتصاد اللغوي أو إلى تحسين المردود الوظيفي. فكل وحدة من وحدات العباراة تصبح خاضعة إلى نوعين من الضغوط المتقابلة
ضغط نيري ناتج عن تعاقب الألفاظ في سلسلة الكلام وفيه [تجاذب] بين الوحدات المتجاورة وضغط عمودي تفرضه الوحدات أو الكلمات المنحدرة في السدى والتي كان بالإمكان أن تحل في ذلك الموضع.
فالضغط الأول قائم على التماثل والضغط الثاني على التباين، وهذه الاتجاه الوظيفي ينقل نفس الوظيفة إلى التراكيب النحوية. هكذا يميز مارتيني بين الكلمات الوظيفية. فيكون التمييز بين الأدوات التي لها الصدارة وبين الأدوات المتممة التي تأتي في آخر الكلمة أو بين الصيغ الصرفية التي تعين الهيئة أو الجهة أو العدد أو أدوات التعريف والتنكير.
ويعتمد ياكوبسن من جهته على وظائف الكلام (في نظرة المتكلم من كلامه). ونظرة السامع وعلى الرسالة والسياق وعلى الاتصال بين المرسل والمتقبل وعلى معقد الكلام code وكلها تساهم في تحديد الوظيفة الانفعالية أو التعبيرية أو اللفظية الإنشائية أو الشعرية أو وظيفة الحد أو الربط للمعاني فيما بينها.
- المدرسة التوزيعية (distributionnelle) مع بلومفيلد
صاحب هذه المدرسة التي أنشئت حوالي 1930 بالولايات المتحدة هو بلومفيلد وضعها كمنهج لساني بنائي محض وكرد فعل ضد القائلين بالنحو النظري (المتصور في الأذهان فقط). ورد فعلة هذا انطلق فيه من معطيات التجربة الفعلية التي تبين أن أجزاء الكلام لا تنتظم في اللغة بالصدفة ولا بالاعتباط وإنما بالاتساق مع الأجزاء الأخرى التي تندرج فيها وفي أوضاع بعينها دون أوضاع أخرى وهي ملاحظة قديمة جدا لكنها لم تؤسس كمنهج قائم بذاته إلاّ منذ بلومفيلد وقد تأثر فيها بما كان يشاهد من تعدد اللغات في أمريكا كما تأثر بآراء بيهفيور ونظريته السلوكية التي تجعل ردود الفعل اللسـانية كغيرها من الردود تخضع القانون الإثارة. هناك منبة (إثارة) تؤدي إلى الاستجابة برد الفعل. فالكلام هو الآخر مبني على الإثارة stimulusوالرد (في نوع من العطاء والأخذ للفعل المحرك وفعل الاستجابة من السامع والرسالة الكلامية ينحصر معناها في هذا التبادل بجملة بين المنبه والمجيب، وما الكلام إلاّ تحريك للمعنى وللسامع وارتداد منهما نحو اللفظ والمتكلم. فالأمر يتعلق إذا بوصف أجزاء الكلام التي تحرك وتسبب الإثارة والأجزاء التي تنبه ولا تقتضي الجواب. وهذا يستوجب الانطلاق من مدونة تجمع أصنافا من الكلام في أحوالها ومقاماتها المختلفة لاكتشاف أي الأجزاء يحرك الأجزاء الأخرى، وأيهما لا يحركها عند التركيب، فالعناصر التي يؤدي وجودها بجوار عنصر آخر إلى تغيير البنية يسمى التوزيع (مثل ما تؤدي كيفية توزيع الأوراق في اللعب إلى تغيير اللعبة والنتيجة). فالعناصر التي تحيط بالمنبه وتجعل لدعمه أو لإبطال مفعول البنية هي التي تشكل مادة التوزيع.
- المدرسة التوليدية(générative) مع تشومسكي
إن أي لغوي في هذه الأيام يقيس مركزه الفكري بالنسبة لمركز تشومسكي، يقال دائما بأن تشومسكي أحدثت ثورة في علم اللغة ، ونشر تشومسكي كتابه الأول عام 1957 وكان كتابا ضئيل الحجم مقتضبا، وكانت أفكاره غير مقيدة بالتناول العلمي والفني لقضايا هذا العلم إلى حد ما، ومع ذلك فقد كان الكتاب ثورة في الدراسة العلمية للغة ظل تشومسكي بعدها يتحدث بسطوة منقطعة النظير في كافة نواحي النظرية النحوية لسنوات طويلة.
والنحو التوليدي هو نظرية لسانية وضعها تشومسكي، ومعه علماء اللسانيات فـي المعهد التكنولوجي بماساشوسيت (الولايات المتحدة) فيما بين 1960 و 1965 بانتقاد النموذج التوزيعـي والنموذج البنيوي فـي مقوماتهما الوضعية المباشرة باعتبار أن هذا التصـور لا يصف إلاّ الجمل المنجزة بالفعل ولا يمكنه أن يفسر عددا كبيرا من المعطيات اللسانية مثل الالتباس والأجزاء غير المتصلة ببعضها البعض. فوضع هذه النظرية لتكون قادرة على تفسير ظاهرة الإبـداع لدى المتكلم وقدرته على إنشاء جمل لم يسبق أن وجدت أو فهمت على ذلك الوجه الجديد.
والنحو يتمثل في مجموع المحصول اللساني الذي تراكم في ذهن المتكلم باللغة يعني الكفاءة compétenceاللسانية والاستعمال الخاص الذي ينجزه المتكلم في حال من الأحوال الخاصة عند التخاطب والذي يرجع إلى القدرةperformence الكلامية، والنحو يتألف من ثلاثة أجزاء أو مقومات:
- مقوم تركيبي ويعني نظام القواعد التي تحدد الجملة المسموح بها في تلك اللغة.
- مقوم دلالي ويتألف من نظام القواعد التي بها يتم تفسير الجملة المولدة من التراكيب النحوية.
- مقوم صوتي وحرفي يعني نظام القواعد التي تنشئ كلاما مقطعا من الأصوات في جمل مولدة من التركيب النحوي.
والشبكة النحوية composanteيعني البنية النحوية مكونة من قسمين كبيرين. الأصل الذي يحدد البنيات الأصلية والتحويلات التي تمكن من الانتقال من البنية العميقة المتولدة عن الأصل إلى البنية الظاهرة التي تتجلى في الصيغة الصوتية وتصبح بعد ذلك جملا منجزة بالفعل.
وهكذا يولد الأصل ضربين من التركيب:
أولا: الأم سمعت صوتا
ثانيا: الطفل يغني
والقسم التحويلي للنحو يمكن من القول:
الأم سمعت أن الطفل يغني.
ثم الأم سمعت الطفل يغني.
وليست هذه إلاّ بنية ملتبسة لا تصبح جملة فعلية منجزة إلاّ بنقلها إلى القواعد الصوتية والأصل مكون من قسمين
أ- القسم أو الأصل التفريعي وهو مجموع القواعد التي تحدد العلاقات النحوية التي هي العناصر المقومة للبنية العميقة وتمثيلها في رموز تصنيفية هكذا:
ت س + ت ف، و ت س هو رمز للصنف الاسمي، و ت ف رمز للصنف الفعلي، والعلاقة النحوية هي علاقة الفعل بالفاعل (ت = تركيب، س = اسمي، ف = فعلي).
ب- المعجم أو قاموس اللغة هو مجموع الوجوه الصرفية المعجمية المحددة في أصناف من الخصائص المميزة، فنجد أن كلمة الأم تحدد في المعجم بأنها اسم مؤنث حي إنساني. فالأصل هو الذي يحدد الرموز: « ال» أداة التعريف، « س» اسم، « ف» فعل في الحاضر. واامعجم يستبدل كل رمز بكلمة من اللغة.
الأم (ال + أم) زمان (ز) أنهت النسج.
قواعد تحويل هذه البنية العميقة إلى بنية ظاهرة
ال + أم انتها + زمان + ال + نسيج (الأم نسجت)
وفي الوقت ذاته تخرج في قواعد صوتية: الأم أنهت النسيج.
فاستنتجنا من خلال الأصل مجموعة من المقومات النهائية (terminales) والمكونات النحوية سواء من حيث العدد أو من حيث الحال.
يضاف إليها الصيغ الصرفية وهي مهيئه لاستقبال المعاني حسب القواعد الموجودة في الصيغ الدلالية ولكي تتحقق تعرض على المنوال التحويلي.
وعمليات التحويل تقلب البنيات العميقة إلى بنيات ظاهرة دون أن تمس بالتحويل أي بالتأويل الدلالي الذي يجري في مستوى البنيات العميقة. أما التحويلات التي كانت وراء وجود بعض المقومات فإنها تتم في مرحلتين إحداهما بالتحويل البنيوي للسلسلة التركيبية لكي نعرف هل هي منسجمة مع تحويل معين؟ والثاني باستبدال بنية هذا التركيب بالزيادة أو بالحذف أو بتغيير الموضوع أو بالإبدال، فنصل حينئذ إلى سلسلة متتالية من التحويلات تتطابق مع البنية الخارجية، و هكذا يكون حضور العامل المجهول في متتالية الأصل تؤدي إلى تغيرات تجعل من جملة: الأب يقرأ الجريدة / الجريدة قرئت من الأب، وهذه السلسلة من الكلمات المتتالية تحول إلى جملة منجزة بالفعل في المستوى الحرفي والصوتي، وهذه القواعد تحدد الكلمة المشتقة من التصرف في النسيج المعجمي وفي المقومات النحوية وتزودها ببنية صوتية. فالتركيب الحرفي هو الذي يحول المفردة المعجمية «الطفل» إلى جملة من العـلامات الصوتية: ال/طف/ل، وعلى النظرية التوليدية أن تعطينا قاعدة صوتية (عامة) كونية تمكن من وضع قائمة للوجوه الصوتية وقائمة للأنسجة الممكنة في هذه التراكيب باعتمادها على النسخة الأم، أي النسخة الكونية (القادرة على ضبط قائمة بالخصائص الصوتية وقائمة على التراكيب الممكنة بين هذه الخصائص والأنسجة الممكنة التي تلتئم معها.
والخصائص الصوتية والنظرية يجب أن تمدنا بنظرية دلالية كونية قادرة على وضع قائمة بالمفاهيم الممكنة، وتتطلب إذن وجود أصل كوني يكون النسخة الأم التي تولد الخصائص الدلالية. وفي الأخير على هذه النظرية أن تقدم لنا نظرية تضبط التراكيب النحوية أعني (وضع) قائمة بالعلاقات النحوية الأصلية وقائمة بالعمليات التحويلية التي تكون قادرة على إعطاء وصف بنيوي لجميع الجمل، فهذه المواضيع تكون إذن مهام عالمية على النحو التوليدي أن يضبطها في وجوه لسانية كونية في مستوياتها الثلاثة؛ الصوتية والدلالية والتركيبية.
- المدرسة التحويلية(transformationnelle) مع ز.س. هريس
ويقصد بالتحويل في النحو التوليدي التغيرات التي يدخلها المتكلم على النص فينقل البنيات العميقة المولدة من أصل المعنى إلى بنيات ظاهرة على سطح الكلام وتخضع بدورها إلى الصياغة الحرفية الناشئة عن التقطيع الصوتي.
فالتحويل ينطبق إذن على امتداد الأصوات الملفوظة (أو المكتوبة) المتلاحقة في نص العبارة والميل بها نحو مقامها الأخير في الجملة، يعني الميل بمقال من مقالات النير والاتجاه به نحو نير فرعي يكون هو المقام الأخير.
فالتحويل ومقوماته لا يمس المعنى الأصلي للجمل ولكن صورة المؤشرات التي هي وحدها قابلة للتغيير (ونقصد بالمؤشرات les marqueurs العُقد التي تضفر فيها خيوط الكلام)، فالتحويلات عمليات شكلية محضة تهم تراكيب الجمل المولدة من أصل المعنى وتتم بشغور الموقع أو بتبادل المواقع أو بإعادة صوغ الكلمات أو باستخلافها (حيث يستخلف الطرف المقوم بطرف آخر مكانة أو بإضافة مقوم جديد له).
والتحويلات تتضمن وجهين أساسبين؛ الأول يتم بتحليل البنية، والثاني باستبدال البنية. والتحليل البنائي ينظر في التركيب المولد من الأصل وهل يمكن من الحصول على بنية قابلة للتحويل أم لا. والتحويل البنائي يتمثل في إحداث تغيرات مختلفة وفي إعادة ترتيب البنية ومقوماتها التي هي موضوع التحليل.
هذه هي عبارة مولدة من الأصل المؤلف من:
النفي + الأب + في الحاضر + قراءة + الجريدة، مما يلخص كالتالي:
النفي + نير اسمي + زمان + فعل+ نير اسمي.
فإن هذا التصنيف يؤدي إلى التحويل بالنفي في الجملة التالية:
«</SPAN>الأب لا يقرأ الجريدة»، وهناك تحويل آخر يمس أواخر الكلمات يسمى تحويل العقب terminal يؤدي إلى نقل العقب إلى ما قبل الفعل = يقرأ ـ لا يقرأ، وهي تنشأ بعد أن تتم كل التغيرات بما فيها التغيير الناجم عن مطابقة بين الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر مثلا، وهذا التحويل يسمى التحويل النهائي terminal dérivé المشتق من الأصل، ويمثل البنية السطحية للجملة المنجزة بالفعل بعد أن تكون أدرجت في الشبكة الصوتية «الأب لا يقرأ الجريدة».
والتحويل يحمل في الغالب الاسم الناجم عن العملية، و هكذا يسمى التحويل الناشئ عن التعليق بالوصل تحويل وصلي بعد التركيب الاسمي، وهو يؤدي إلى إدراج جملة بالتركيب الاسمي في جملة أخرى، كقولنا: الولد [الذي جاء] يقرأ الجريدة.
وأحيانا يطلق المفهوم على المقوم موضوع التحويل، و هكذا يكون تغيير المقومات في الأفعال الناقصة التي يؤتي بها لتتميم المعنى (كان + كتب) مجعولة لوصف التغيير الذي أدخل على المقوم (يعني أن جملة كان كتب تدل على فعل الكتابة في الماضي فقط، فأصبحت تدل على وقوع الكتابة قبل فعل آخر) بعد إدخال كان على كتب.