| (فعل الأمر) ... قضية لغوية | |
|
هل توافق الكاتبة فيما ذهبت إليه؟ | أوافق تماما | | 100% | [ 1 ] | أوافق مع بعض الملاحظات | | 0% | [ 0 ] | لا أوافق | | 0% | [ 0 ] |
| مجموع عدد الأصوات : 1 | | التصويت مغلق |
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-09, 17:33 | |
|
(فعل الأمر) ليس فعلاً نحوياً، وليس أمراً مطلقاً
الفعل النحوي أحد أنواع الكلمة، عرّفه نحاتنا القدامى بأنَّه حدث مقترنٌ بزمنٍ، فهل ينطبق هذا فعلاً على أنواع الفعل النَّحوي الثَّلاثة، الَّتي وضعها منظِّرو النَّحو التَّقليدي؟
الفعل المضارع يدلُّ على الزَّمن الحاليّ بصيغته الصَّرفيِّة والزَّمن الحاليّ هو لحظةُ التكلُّم ؛ وهي لحظةٌ فاصلةٌ بين الماضي والمستقبل، وهو (المضارع) لا يدلّ على الاستقبال إلا بلواصق صرفيِّة تصرفه إلى الاستقبال ، كما تصرفه لواصق أُخَر إلى الماضي .
كذا الفعل الماضي يدلُّ على الزَّمن الَّذي انقضى بصيغته الصَّرفية، ولأنَّ زمنَ المُضِي وقتٌ طويلٌ، يشملُ كلَّ ما مضى ، فهو ينقسم إلى مراحلَ منها : القريب والبعيد والمستمر والمنقطع . وهذه الأزمنة المتعددة في الماضي تُخَصِّصُها مورفيمات تتصل بصيغة الماضي اتصالاً مباشراً أو غير مباشرٍ، ولكن ...
إذا تأمَّلنا فيما اصطلح عليه (فعل الأمر)، نحن في مواجهة أمرين :
أولاً : كونه فعلاً، ثم كونه أمراً.
ولنبدأ بكونه أمراً؛ بإجماع النُّحاة والبلاغيين لا يتحدد الفعل بكونه أمراً إلا في سياقٍ مقاميّ محدّد، وبالنَّظر إلى العلاقة القائمة بين المتكلم والمخاطَب، ومكانة كلٍّ منهما بالنسبة للآخر. ففعلُ الأمرِ الصَّادرِ من الابن إلى أبيه لا يكون أمراً بل طلباً.
وفعل الأمر الصَّادر من العبد إلى ربِّه لا يكون أمراً بل دعاءً ، وهكذا .. إذن لا يجوز إطلاق لفظ (الأمر)على عموم الصيغة، فلو أُطلِق عليه (طَلَبٌ)، لكان أجدر، لأنَّه لا يجوز أن يُقال هذا (فعل أمر) إذا كان صادراً من العبد لربه.. ولو قلنا أنه طلبٌ يدلُّ على الدُّعاء لكان أوفق في الخروج من هذا الحرج.
وقد أجمع النحاة والبلاغيون على تعريف فعل الأمر؛ بأنَّه طلبٌ من الأعلى إلى الأدنى إذا كان أمراً، أو طلب من الأدنى إلى الأعلى إذا كان دعاءً .. وهكذا . إذن فقد أجمعوا على أنه طلب، فلِمَ لَا يُسمَى (فعلُ الطلب) ؟
أما كونه فعلاً فتلك معضلة أخرى..
لنتأمل أيَّ فعل أمر، وليكن ( اذهب) ولنكن موضوعيين في الحكم .. أيُّ زمن تدلُّ عليه هذه الصِّيغة؟ في مقابل تعريف الفعل المضارع الَّذي يدلُّ بصيغتِهِ المجردة على الحاضر، وصيغة الماضي المجردة الَّتي تدلُّ على ما مضى من الزمن، وإثبات حدوث الحدث فيها. هل هذه الصيغة تساوي قولنا ( سوف أذهب) زمنياً؟ إننا في هذه الجملة نعلم أن زمن وقوع الحدث في المستقبل، وإن لم يذهب المتكلِّم كما وعدنا، لكن ( اذهب) هل هو حدث سيحدث في الزَّمن؟ أم هو طلب لحدوث الفعل في الزَّمن المستقبل ؟ في الواقع هو طلب مجرد من الزَّمن، ولا يجوز أن نطلق عليه (فعلاً) بحسب تعريف القدامى .. إذن ما نوع هذه الصيغة ؟ مادامت لا ينطبق عليها حدّ الاسم ولا حدّ الفعل؟ ولِمَ نحصر أنفسنا في هذا التقسيم الأرسطي؟ إنه نوع رابع .. بكل بساطة .. صيغة تدلّ على الطَّلب تتفق مع الاسم بأنَّها حدث غير مقترن بزمن، لكنها ليست اسماً كونها لا تُنادَى ولا تُستثنَى من مجموع .. إلى غير ذلك مما يتصف به الاسم.
طلب القيام بحدث غير محدد بزمن، لكن لأن الماضي انقضى، ولا يمكن طلب القيام بشيء فيه، فقد استبعد. أما الحاضر فهو لحظة راهنة يقع فيها الطلب، ولا يمكن أن يقع الطلب وجوابه في لحظة واحدة، إذن لم يبقَ إلا المستقبل لأنه محتمل فيه وقوع الاستجابة لهذا الطلب. ولذا رجحه النحاة لتعيينه لما أسموه بـ(فعل الأمر)
واحتمال تلبية الطلب تكاد تكون 50% أي أن احتمال الاستجابة يتساوى مع احتمال عدم الاستجابة .. فهل يصح إطلاق فعل على حدث قد يقع وقد لا يقع؟ وبعبارة أخرى؛ هو لم يقع، ولا تدلّ صيغته على أنَّه سيقع.
ولو وقع لما كان ذلك الطَّلب هو الَّذي يقع بل الاستجابة ، ولتوضيح ذلك نأتِ بمثالٍ :
فلو أني قلت للجالس أمامي : هاتِ الكتاب.
فما الفعل الَّذي يقع لحظة الاستجابة ؟ هل هو (فعل مضارع من (هات) أم فعل آخر هو (يعطي) إذ إن الجالس قبالتي سيعطيني الكتاب، ولن (يهاته!) (طبعا هذا الفعل غير مستعمل في اللغة ) ، وإذا أخبر عن ذلك سيقول : أعطيته الكتاب، ولو استعمل الطلب سيقول : خُذ الكتاب .. إذن الاستجابة تكون فعلاً آخر .. أما الطّلب فكان فعلاً كلامياً (أي سلوكاً لفظياً) وليس نحوياً، إذ قمت بفعل الطّلب عبْر صيغة غير فعلية بل طلبية .
هذه فكرة تقبل النقاش والتفنيد.. وقد راودت ذهني منذ سنة تقريباً إذ استشارتني صديقة عن الزمن في الفعل، فتجادلنا فترة أوصلتني إلى هذه الفكرة ، أعجبتها وطلبت مني كتابتها لتستفيد منها..
* * *
عدل سابقا من قبل آمال بن غزي في 2010-03-12, 19:44 عدل 3 مرات |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-09, 17:39 | |
| يقول الدكتور محمد عبد الرحمن الريحاني في كتابه ( اتجاهات التحليل الزمني، ص 129-130): " السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل بناء (افعل) يعبر عن قسم زماني في نظر النحاة؟ أم أنه مفرغ للدلالة على الطلب فقط كما ذهب بعض الباحثين ؟ [ينظر السامرائي 1986، ط4، ص48، والشمساني (1981) ص 256]
إن الباحث عن هذه المسألة يجد خلافا بين النحاة القدامى، فسيبويه لم يتحدث عن هذه الصيغة في الدلالة على الزمان؛ إذ جعل الأبنية اثنين (فعل ويفعل) أحدهما بني لما مضى، والثاني بني لما يكون ولم يقع؛ وهو المستقبل، أو لما هو كائن لم ينقطع، وهو الحال، ويشرح الشيرافي ت368ه موضحا مذهب سيبويه ت180ه بقوله: " وأما الماضي فإنه يختص بناء واحداً والحال والمستقبل الي ليس بأمر بختصان بناء واحداً إلا أن يدخل عليه حرف يخلص له الاستقبال وهو سوف والسين وأن الخفيفة" وبالتدقيق في النص نجد عبارة (الذي ليس بأمر) في جملة وصفه للمستقبل، وذلك يوضح استقرار بناء (افعل) في الدلالة على المستقبل في نظر السيرافي، ويرجع عدم نصه على ذلك لأنه بصدد شرح كلام سيبويه عن شركة بناء (يفعل) بين الحال والاستقبال |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-09, 17:46 | |
|
وفي موضع آخر يقول : "إن ما يمكن أن يسفر عنه النظر في أراء النحاة القدامى ، هو أن فعل الأمر يدل على طلب الحدوث لشيء لم يقع وليس واقعا ... إنه طلب حدوث شيء في وقت الحال المخبر عنه لم يحدث، ولذلك فإنه من جهة التمام أو عدمه، ناقص التمام في وقت الإخبار، ...وقد تكون فكرة التمام في الحدث أو عدم التمام هي التي كانت وراء رفض بعض المحدثين الاعتداد بهذه الصيغة على أنها تمثل قسماً زمانيا خاصاً.".
|
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-09, 17:48 | |
| ويقول الرضي في شرحه على الكافية 4/123: " لو قال [يريد ابن الحاجب]: صيغة يصح أن يطلب بها الفعل، لكان أصرح في عمومه لكل ما يسميه النجاة أمرا، وذلك أنهم يسمون به كل ما يصح أن يطلب به الفعل من الفاعل المخاطب بحذف حرف المضارعة، سواء طلب به الفعل على سبيل الاستعلاء وهو المسمى أمرا عند الأصوليين، نحو قولك: اضرب، على وجه الاستعلاء، أو طلب به الفعل على وجه الخضوع، من الله تعالى، وهو الدعاء، نحو: اللهم ارحم، أو من غيره ، وهو الشفاعة" [ والنحويون يسمونه التماسا / |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-11, 00:54 | |
| من كتاب البحث النحوي عند الأصوليين................... مصطفى جمال الدين ص 154-156 " الأقوال في الزمان المدلول عليه بصيغة (افعل) كما لخصها القزويني في حاشيته على (القوانبن) أربعة: 1- " منها ما جزم به جماعة من الأصوليين، تبعا لجمهور النحاة، من دلالته على الحال. 2- ومنها ما يستفاد من غير واحد من أهل العربية من دلالته على الاستقبال، كما يظهر الجزم به من نجم الأئمة في شرحه للكافية... 3- ومنها ما يستشم من بعضهم من اشتراكه بين الحال والاستقبال، تعليلا بكونه مأخوذاً من المضارع الذي هو مشترك بين الحال والاستقبال. 4- ومنها ما صار إليه محققو متأخري الأصوليين من منع دلالته على زمان حالا واستقبالا" وأول تصريح وجدته بذلك ما قاله صاحب المعالم (1011ه) : " إن المتبادر من الأمر طلب إيجاد حقيقة الفعل، والمرة والتكرار خارجان عن حقيقته، كالزمان والمكان ونحوهما، فكما أن قول القائل: (اضرب) غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة يقع بها الضرب كذلك غير متناول للعدد في كثرة ولا قلة" وقد أثار شراح المعالم والمتأخرون عنه، مسألة مخالفة النحويين في ذلك وإجماعهم على أن الزمان جزء مدلول الفعل، فقال الشيخ محمد تقي (1246ه) في حاشيته: " إن القول بكون الأمر موضوعا لمطلق طلب الفعل من غير دلالة على الفور ولا التراخي، لا يوافق ما تقرر عند النحاة من دلالة الفعل على أحد الأزمنة الثلاثة، وقد جعلوه مائزاً بين الأسماء والأفعال ، فكيف يقال بخروج الزمان عن مدلوله على نحو المكان حسبما ذكره المصنف" وقد ذكر صاحب الحاشية الأوجه المحتملة في الإجابة عن ذلك وأبطلها جميعاً، ثم اختار هو رأيا خلاصته: إن الزمان المأخوذ في صيغة الأمر هو زمان الحال ولكن هذا الحال ليس قيدا للحدث المطلوب، بل هو ظرف للطلب الواقع منه، بمعنى أن الحال هو زمان صدور النسبة الإنشائية من المتكلم، وليس زمان الحدث المطلوب من المخاطب" وأما كون صدور ذلك الحدث عن المخاطب في أي وقت من الأوقات، فهو مما لا دلالة في الأمر عليه وضعا أصلا" .... أما معاصرو صاحب الحاشية فقد اختاروا التفريق بين صيغة (افعل) وصيغتي (فعل يفعل) فاعتبروا الأولى لا دلالة لها على الزمان بحسب وضعها اللغوي أصلاً، مستدلين على ذلك بالتبادر، "فإن قول القائل (اضرب) مثلا لا يتبادر منه إلا مطلوبية حدث الضرب من دون انفهام (كذا) زمان معها أصلاً" . |
|
| |
د محمد محمد يونس علي عضو شرف
البلد : ليبيا وبلاد العرب: أوطاني عدد المساهمات : 801 نقاط : 1529 تاريخ التسجيل : 25/12/2009 المهنة : أستاذ اللسانيات المشارك
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-03-11, 10:16 | |
| |
|
| |
حمودان عضو نشيط
عدد المساهمات : 21 نقاط : 21 تاريخ التسجيل : 08/02/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-06-16, 08:47 | |
| الظاهران علماء النحو لما فتشوا في اقسام الافعال وجدوها تنقسم الى ثلاثة اقسام ماض ومضارع وقسم وجدوه خاليا من زمن لا يمكن التنبؤ به لكن مدلوله يدل على امر فقالوا انه فعل امر. لكن اذا دققنا نجد ان الامر يحوي على فاعل اخر غير الذي يتراءى للعامة هذا الذي رايته منذ فترة طويلة ولم اجد لها جوابا في اي كتاب اطلعت عليه على الاقل. |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-06-16, 19:44 | |
| رائع أخي حمودان ... استمر .. في التحليل .. نحن في انتظارك |
|
| |
حمودان عضو نشيط
عدد المساهمات : 21 نقاط : 21 تاريخ التسجيل : 08/02/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-06-21, 14:33 | |
| شكرا اختي الكريمة. سوف ابذل جهدي رغم حدود امكاناتي المعرفية .شكرا مرة اخرى |
|
| |
محمد الوقفي عضو نشيط
البلد : الاردن عدد المساهمات : 23 نقاط : 39 تاريخ التسجيل : 30/03/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-14, 00:24 | |
| i أستاذتي الغالية ، تحياتي لك على هذا الفكر النحوي سأُدندن حول القضية الفكرية التي أثرتها ، راجياً أن أكون قد وفقت في دعم وجهة نظرك التي تحمل كثيراً من الصواب والسداد. حين نظر النحاة العرب في معنى الزمن في اللغة العربية كان من السهل عليهم أن يحددوا (ازمنة الفعل) ماض ومضارع وأمر. ويبدوا أنّهم لم يختبروا هذه التقسيمات إلا في الحدود الضيقة ، أو لنقل الابنية(اي فعل\ يفعل\افعل) وكل ما اجمعت عليه كتب االنحو أنّ الفعل(حدث مقترن بزمان معين) دون أن يعطونا ايضاحات كافية عن حدود هذا الزمن . والسبب واضح جداً فقد اهتموابمسألة(عمل الفعل)كونه أقوى العوامل (يرفع وينصب)يعمل ظاهراً ومقدراً . وحتى لا نجف الأقدمين حقهم فقد أشار الزجاج الى إبعاد (فعل الأمر) أن يكون قسيماً للماضي والمستقبل، يقول:"والفعل مادل على حدث وزمان ماضٍ أو مستقبل نحو قام يقوم وقعد يقعد وما أشبه ذلك"(الجمل ص13).. ويبدوا لي أنّ الزجاج قد لامس حقيقة (فعل الأمر)فأخرجه من دائرة الأفعال. وهكذا نستطيع القول إنّ فعل الأمر هو طلب وحدث كسائر الأفعال غير أنّ دلالته الزمانية غير واضحة لأنّ الحدث في هذا الطلب غير واقع ، وربما لم يترتب على هذا الطلب أن يقع احدث من الأحداث، والذي يدل على ذلك أنّ الحدث المنفي نحو(لم يدرس) والطلب نحو(أدرس) غير واقع قطعاً.وبما أنّ الحدث ييحتاج إلى زمن حتى يصبح فعلاً(فانّ عدم وقوع الفعل يعني عدم وقوع الزمن)، وبهذا يخرج (الأمر)مندائرة الأفعال والله أعلى وأعلم. ودي وتقديري |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-14, 06:20 | |
| أخي محمد بارك الله فيك .. ولكن لي بعض الملاحظات أولاً: إن ربطك احتمالية الفعلية لما اصطلح عليه عند الأقدمين بفعل الأمر بوقوع الحدث ، والتدليل على ذلك بـــ(لم يفعل) ، يخرج صيغ كثيرة هي بالفعل تملك زمنا وحدثا قبل دخول كلمات أخر عليها .. نحو الفعل المضارع إذا دخلت عليه أداة النفي : على الرغم من أن التركيب يدلّ على عدم وقوع الحدث إلا أن الزمنية موجودة فيه ، فنجد أن : لن يفعل .. يدل على الزمن المستقبل، ولم يفعل : يدل على الزمن الماضي، على الرغم من عدم وقوع الحدث في التركيبين ، فإذن معيار الزمنية هو أقرب المعايير لتحديد الفعلية ، وهنا تواجهنا مشكلة أخرى .. إذ توجد كلمات كثيرة في العربية تحمل مزية الزمنية وليست من الأفعال، مثل المشتقات، وـأسماء الأفعال والحروف المشبهة بالفعل وظروف الزمان ... وغيرها هنا نبدأ نحن ... قد خطا أجدادنا خطوات جبارة في وضع هيكلية النحو العربي.. فهل يجب أن نقف عند ما وصلوا إليه ؟ .. إذن لا نستحق أن نكون أحفادا نحمل هذا الأرث .. فمن حقهم علينا أن نواصل ما بدأوه .. ونجد حلولا لما لم يسعفهم الوقت لإيجاده .. فهل أنت معي في ذلك؟ ثانياً .. يبدو أن الشكل كان الهمّ الأكبر لدى نحاتنا فصيغة الأمر تقترب من الفعلين المضارع والماضي ، كما أن الهمّ التعليمي كان يستحوذ على تفكيرهم ، فإن صياغة الأمر من الفعلين أسهل إذا ربطت في ذهن المتعلم بهما .. هذا من وجهة نظري .. فماذا ترى في هذا أيضا؟ شكرا لتفاعلك ... فقد شحذت ذهني وأخرجت ما لم أكن قد أعددت من قبل .. بانتظار مناقشتك لما طرحت تقبل تحياتي |
|
| |
محمد الوقفي عضو نشيط
البلد : الاردن عدد المساهمات : 23 نقاط : 39 تاريخ التسجيل : 30/03/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-18, 12:33 | |
| أستاذتي الغالية : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد: أولا: أقدم اعتذاري الشديد على هذا التاخير لعدم وجود(إنترنت)في البيت، وهذا ديدني في جميع مشاركاتي (التأخرالدائم)حتى أخد متسع من الوقت في مقاهي الانترنت او في العمل او عند الاهل والاحباب. ثانيا: انا الا أبلغ من العلم مِعشار نعلك ، ومع ذلك سأبدي وجهة نظري فيما أراه يلامس الصواب ،وإن حدت عن الطريق فصوبي لي زلتي؛ ليكتمل صنيع القدماء الذين قاموا بجهود جبارة على يديك وأيدي أمثالك من حماة لغتنا لغة القران الكريم، وتفندي مزاعم نادى بها جماعة من الاعاجم من أنّ الزمان في الفعل العربي حديث النشأة. أستاذتي الغالية: هناك فرق كبير بين الزمن الصرفي(فعل، يفعل، أفعل) الذي اعتمد عليه النحاة في تقسيم الزمن. يقول ابن يعيش: ولما كانت احوال الناس ماضية وحاضرة ومستقبلية مساوقة لحركات الفلك كانت ازمنة الافعال كذلك(بتصرف شرح المفصل ج7 ص4)، هذا التقسيم امر بدهي ولا أريد مناقشته،(فمن الطبيعي ان يعرب الفعل عن الزمان وهذا واقع في جميع اللغات) وبين الزمن النحوي أو الزمن التركيبي أو زمن الجملة_سمه ما شئت_ اي استعمال الفعل في التركيب المعين. وانا اشاطرك الرأي في ان النحاة لم يطيلوا النظر في عملية التزمين في الافعال وخصوصا فعل الامر ؛ وذلك لانشغالهم بأشياء أخرى تفضلت بذكرها مشكورة، ولم يولوا فكرة(ان يفصح الفعل عن الزمن العناية الكافية). من هنا كانوا عندما يبصرون فعلا حددوا زمنه ،وإن تعارض مبناه مع زمنه نسبوا الزمن الى الزوائد( قد، السين، وسوف، إذا ،لن لا)ليتمكنوا من تحديد الزمن والافصاح عنه اما بخصوص تحديد زمن فعل الامر فالمسألة اعقد وأوسع مما جاء به النحاةمن حدود وتعريفات وحتى نستطيع أن نقعّد قواعد لزمن فعل الامر لابد لنا ان نراعي الزمن النحوي او التركيبي مع مراعاة القرائن الحسية والعقلية: اولا: قد يكون فعل الامر خاليا من الزمن لوجود قرينة،نحو قول الشاعر: كن ابن من شئت واكتسب ادبا يغنيك محموده عن النسب فالقرينه هنا عقلية/ فالشاعر لايامرك ان تكون ابن من شئت حقيقة لان هذا ليس بمقدورأي انسان،(فكن ابن من شئت)لايدل على الزمن وانما على حقيقة من حقائق الحياة.ومن ذلك قولهم احترم الناس يحترموك)فهذه حقيقة مطلقةغير مقيدة بزمن. ثانيا: قد يكون فعل الامر غير مطلوب حصوله، نحو اكذب مرّة تفقد محبتك بين الناس) فهو لايطلب منه حصول الكذب بقرينة عقلية وهي النصيحة (الابتعاد عن الكذب). او قولك ناصحا (اخفق ولا تيأس). الاترين استاذتي الفاضلة ان زمن الفعل خال من الدلالة على زمن محدد؟ ثالثا: قد يكون الزمن في فعل الامر هو امتداد لما هو حال(اي استمرار لزمن حاصل) نحو قوله تعالى يا ايها النبي اتق الله)فزمن الامر لا يراد به وقوع ما لم يحصل _ لان الرسول متق قبل نزول هذه الاية، وانما اريد به امتداد الحال. ونحو قوله تعالى( يا ايها الذين آمَنوا امِنوا بالله ورسوله)فالمطلوب هنا الاستمرار في الايمان وليس طلب حصول الايمان. رابعا: قد يكون الزمن في الفعل الامر(دالا على الماضي) نحو قولنا لمن شرب (اشرب هنيئا مريئا) وهو قد شرب، فدلالة الزمن على المضي وليس المستقبل أي حصول ما لمم يحصل. واخيرا اسمحي لي استاذتي الغالية ان اقول كما قلتي (ان زمن فعل الامر لا ينحصر فيما ذكره النحاة) وبما اني ابحث عن عنوان لرسالتي في الماجستيرفقد فتحتي قريحتي على عنوان يخصّ هذا الموضوع وهو (تطور الفعل في العربية). دمتي استاذتي الغالية. |
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-18, 13:40 | |
| مناقشة علمية راقية ... رائع أخي محمد استمر .. أما عن العلم .. فما شاء الله .. لا تنقصك أدوات الباحث والمجادل .. وهذه هي مفاتيح العلم .. أما العلم الحقيقي فهو عند الله .. ونحن البشر لا نملك منه شيئا .. كلنا على حد سواء .. ولا نفرق إلا في ملاحقتنا للحقيقة بالبحث والنقاش والمحاورة .. وفقك الله وسدد خطاك وأوصلك حيث تبغي تحياتي |
|
| |
إبراهيم أمغار *
البلد : المغرب عدد المساهمات : 6 نقاط : 8 تاريخ التسجيل : 22/09/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-22, 23:21 | |
| من تعاريف الأمر المعتمدة لدى النحاة قول ابن يعيش: «الأمر معناه طلب الفعل بصيغة مخصوصة. وله ولصيغته أسماء بحسب إضافاته، فإن كان من الأعلى إلى من دونه قيل له أمر، وإن كان من النظير إلى النظير قيل له طلب، وإن كان من الأدنى إلى الأعلى قيل له دعاء (...)، وأما صيغته فمن المضارع ينزع منه لفظ المضارعة فإن كان ما بعد حرف المضارعة متحركا أبقيته على حركته (...) وإن كان ساكنا أتيت بهمزة الوصل ضرورة امتناع النطق بالساكن»(شرح المفصل، ج. 7، ص. 58 ). إن أول ما يطالع المتأمل في تعريف ابن يعيش هو نوع من التداخل وعدم الانسجام؛ إذ من الواضح أنه تعريفان لا تعريف واحد؛ تعريف دلالي لمفهوم "الأمر"، وتعريف تركيبي لصيغة طلب الفعل "افعل": - فـ"الأمر" عنده معناه طلب الفعل، وما دام من الممكن أن يأتي طلب الفعل على أوجه متباينة؛ فالأمر جنس تندرج تحته أنواع من طلب الفعل. وإلى الآن فالتعريف بادي الانسجام، لكن سرعان ما يصيبه الاعتلال بمجرد أن يعود ابن يعيش فيفَرِّع عن الأمر الأول أمرا ثانيا، وهو قوله: «فإن كان من الأعلى إلى من دونه قيل له أمر»؛ حيث يصبح مصطلح "الأمر" اسما عاما لأنواع طلب الفعل، وفي الوقت نفسه اسما لأحد هذه الأنواع! وبعبارة أوضح يصبح مصطلح "الأمر" جنسا لأنواع الطلب، ونوعا من أنواع الطلب في وقت واحد. - ينطبق القسم التركيبي من التعريف على صيغة "افعل"، والراجح أنها هي المقصودة بعبارة "الأمر" عند ابن يعيش، وليس الأمر باعتباره غرضا أو فعلا لغويا؛ فأطلق مصطلح "الأمر" على الصيغة الصرفية. وحجتنا في ذلك هي أن تلك الصيغة ونظيرتها الأخرى "لتفعل" هي التي ترد تبعا للمقامات التداولية التي تستعمل فيها إما للدلالة على الأمر أو الدعاء أو الالتماس، وغيرها من الممكنات الدلالية. أما الأمر باعتباره غرضا فإنه لا يقبل التعدد الدلالي، وإنما له دلالة واحدة هي طلب الفعل على وجه الوجوب. إن إطلاق النحاة العرب مصطلح "أمر" على جميع أنواع طلب الفعل، بدعوى أن ذلك هو الأغلب والأكثر في كلام العرب فيه خلط صريح على المستوى الدلالي بين "الأمر" باعتباره فعلا لغويا، وهو طلب الفعل على وجه الوجوب، وبين أفعال لغوية أخرى يضمها جنس طلب الفعل كالالتماس والدعاء والإرشاد… كما أن فيه إلغاء من النحاة لدور القرائن التداولية واللغوية في صرف تلك الصيغ للدلالة على الأمر، وكأن دلالتها على هذا الفعل اللغوي دلالة وضعية بمقتضى المواضعات اللغوية في العربية. والحقيقة أن لا وجود لأية علاقة وضعية اصطلاحية بين تلك الصيغ والأمر، وإنما تنصرف إلى تلك الدلالة في مقامات تخاطبية معينة. والمؤكد هنا أن النحاة العرب قد وقعوا ضحية للنزعة الشكلية الصورية؛ حيث أعطوا الاعتبار الأول للتشابه الشكلي في الصيغ أو الأساليب التي تصاغ فيها الأفعال اللغوية، وغضوا الطرف عن الاختلافات الدلالية بين هذه الأفعال. ويشهد على ذلك قول سيبويه مثلا: «واعلم أن الدعاء بمنزلة الأمر والنهي، وإنما قيل دعاء لأنه استعظم أن يقال: إنه أمر ونهي، وذلك قولك: اللهم زيدا فاغفر ذنبه»(الكتاب، ج. 1، ص. 142)؛ حيث يجعل الدعاء بمنزلة الأمر والنهي لسبب واحد هو أن الدعاء قد يشترك مع الأمر في صيغتي "افعل" و"لتفعل"، ومع النهي في صيغة "لا تفعل"، مغفلا بذلك الفارق الدلالي الكبير بين هذه الأفعال اللغوية الثلاثة. كما أنه يعلل إيجاد مصطلح "دعاء" تعليلا دينيا مقتضاه أن الناس يستعظمون أن يسموا دعاء المرء ربه أمرا أو نهيا، وكأن الدعاء لا يسمى دعاء إلا إذا كان موجها من العبد إلى خالقه، أو أن الدعاء لا يوجد باعتباره غرضا لغويا في لغات الشعوب المؤمنة بالله. وكما هو واضح من المثال، فإن سيبويه يحاول توظيف اعتبارات دينية خاصة في سبيل دعم فكرته النحوية القائمة على أساس صوري، وهي أن الدعاء بمنزلة الأمر والنهي لاشتراكه معهما في صيغهما. والحقيقة أن "الدعاء" فعل لغوي تكلمي مستقل بخصوصياته الدلالية عن الأمر والنهي، وإن كان يشترك مع كل منهما أحيانا في الصيغة، وخاصة عندما لا يرد في صورته الإنشائية الصريحة (أدعو). نجد مثل هذا الخلط بين الأمر باعتباره غرضا، وصيغة "افعل، ليفعل"، لدى البلاغيين أيضا الذين اعتمدوا منطلقات النحاة، ومن ذلك قول القزويني: «من أنواع الإنشاء الأمر. والأظهر أن صيغته من المقترنة باللام نحو: ليحضر زيد. وغيرها نحو: أكرم عمرا، ورويد بكرا، موضوعة لطلب الفعل استعلاء لتبادر الذهن عن سماعها إلى ذلك، وتوقف ما سواه على القرينة، ولإطباق أئمة اللغة على إضافتها إلى الأمر بقولهم: صيغة الأمر ومثال الأمر، ولازم الأمر. وفيه نظر لا يخفى» (الإيضاح في علوم البلاغة، ج. 1، ص. 141). وواضح أن القزويني لا يكاد يشرع في تعريف "الأمر" حتى يتحول إلى الحديث عن الصيغ أو الأساليب التي يرد فيها الأمر في العربية، وهو عين ما نجده لدى الأصوليين.
|
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-24, 12:27 | |
| ... جميل مناقشة علمية رصينة .. ننتظر المزيد منك يا إبراهيم.. لي عودة لإثراء المناقشة .. تقبل تحياتي |
|
| |
إبراهيم أمغار *
البلد : المغرب عدد المساهمات : 6 نقاط : 8 تاريخ التسجيل : 22/09/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-24, 15:54 | |
| لقد كان لرأي النحاة في صيغة الأمر ودلالتها أثرها العميق في كثير من المجالات، خاصة في الدراسات الفقهية والأصولية، لاتصال الصيغة بالوجوب والندب، وما إلى ذلك من أحكام فقهية توجب الحذر في الدراسة والاستنتاج. وسيكتشف الراجع إلى كتب أصول الفقه، أو إلى أشهرها على الأقل، أن بينها تفاوتا في درجة دقتها في تعريف هذا الفعل اللغوي؛ فقد اعتقد بعض الأصوليين أن حقيقة الأمر لفظية ومن ثم لم تتجاوز نظرتهم إليه مستوى الأساليب أو الصيغ التي تستعمل لتحقيقها، على اعتبار أن لا حقيقة للأمر خارج ما يتلفظ به المتكلم، في حين تجاوز آخرون المستوى اللفظي للأمر إلى حقيقته النفسية، ومن ثم ذهبت الطائفة الثانية من الأصوليين إلى البحث عن ماهية الأمر خارج الصيغ اللغوية التي تستعمل لتحقيقهما في العربية، كما ذهبت إلى اعتبار الأمر فعلا لغويا غير مقصور على العربية وحدها، بل هو شائع في كل اللغات الإنسانية. من الطائفة الأولى نجد الإمام أبا بكر السرخسي (490هـ) الذي يماثل تعريفه للأمر تعريف ابن يعيش النحوي؛ إذ يقول: «هو عند أهل اللسان قول المرء لغيره افعل، ولكن الفقهاء قالوا هذه الكلمة إذا خاطب بها المرء من هو مثله أو دونه فهو أمر، وإذا خاطب بها من هو فوقه لا يكون أمرا، لأن الأمر يتعلق بالمأمور، فإن كان المخاطب ممن يجوز أن يكون مأمور المخاطب كان أمرا، وإن كان ممن لا يجوز أن يكون مأموره لا يكون أمرا (...). ثم المراد بالأمر يعرف بهذه الصيغة فقط ولا يعرف حقيقة هذا الأمر بدون هذه الصيغة في قول الجمهور من الفقهاء»(أصول السرخسي، ج. 1، ص. 11). ينطلق السرخسي من تعريف اللغويين للأمر وفقا لصيغة "افعل"، إلا أنه سرعان ما يدخل على هذا التعريف تعديلات تداولية تضرب أساسه؛ إذ لا تعود الصيغة مرادفة للأمر ما لم يشهد لها مقام التخاطب بذلك؛ ومن ثم يمكن لها أن تخرج عن دلالة الأمر إلى السؤال أو الدعاء..، ثم يمضي السرخسي ليبرر موقف الجمهور من اعتماد صيغة "افعل للدلالة على الأمر قائلا: «وحجتنا في ذلك أن المراد بالأمر من أعظم المقاصد فلا بد من أن يكون له لفظ موضوع هو حقيقة يعرف به اعتبارا بسائر المقاصد من الماضي والمستقبل والحال، وهذا لأن العبارات لا تقصر عن المقاصد، ولا يتحقق انتقاص القصور إلا بعد أن يكون لكل مقصود عبارة هو مخصوص بها»(أصول السرخسي، ج. 1، ص. 12. وينظر حول هذه الدعوى أيضا: البرهان في أصول الفقه، الجويني، ج. 1، ص. 66). ويقول في موضع آخر: «هذه الصيغة موضوعة لهذا المعنى خاصة كما أن اللفظ الماضي موضوع للمضي، والمستقبل للاستقبال، وكذلك الحال. ثم سائر المعاني التي وضعت الألفاظ لها كانت لازمة لمطلقها إلا أن يقوم الدليل بخلافه، فكذلك معنى طلب المأمور بهذه الصيغة»(أصول السرخسي، ج. 1، ص. 18-19). يستعمل السرخسي هنا نوعا من برهان الخلف فيستدل بوجود الإسلام وأحكامه الشرعية التي جاءت لمقاصد معينة لا تتحقق بغير الأمر الإلهي، لكي يثبت ضرورة وجود ألفاظ تعرف بها دلالتها دون الحاجة للتأويل. وهذا الاستدلال بادي التهافت لأن الأوضاع اللغوية استقرت قبل مجيء الإسلام بلسان العرب بزمن طويل، وقد نزل القرآن الكريم وفقها، ولو خالفها لكان ذلك حجة على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم. أما المقارنة بين الصيغة والألفاظ الموضوعة للدلالة على المضي أو الحال أو الاستقبال فهي مقارنة فاسدة؛ إذ إن صيغة "افعل"، في حالة الأمر، ليست مجرد صيغة صرفية يمكن ربطها بزمن معين، بل هي كذلك صيغة أسلوبية قد تحمل دلالات مختلفة وترتبط بأزمنة مختلفة. يمثل موقف السرخسي رأي جمهور الأصوليين، واللغويين والبلاغيين كذلك، إلا هناك من تنبه إلى خطأ هذا الرأي، وهم الأصوليون الذين يقولون إن الكلام حقيقة قائمة في النفس، من الأشاعرة، ونختار من هؤلاء فخر الدين الرازي (604هـ)؛ فقد ذكر أن تحديد ماهية الأمر بصيغة مخصوصة باطل، لأن المطلوب هو تحديد ماهية الأمر، من حيث إنه أمر، وهي حقيقة لا تختلف، في نظره، باختلاف اللغات، وصيغة "افعل" لا تتناول إلا الألفاظ العربية، ومن ثم كان التعرض لخصوصية تلك الصيغة جهدا ضائعا، والحد الصحيح للأمر هو أن يقال: «الأمر طلب الفعل بالقول على سبيل الاستعلاء»(المحصول في علم أصول الفقه، ج. 2، ص. 16-17). ويؤكد هذا المعنى عند تحديده لماهية الطلب قائلا: «معنى الطلب ليس نفس الصيغة، لأن ماهية الطلب لا تختلف باختلاف النواحي والأمم؛ وكان يحتمل في الصيغة التي وضعوها للخبر، أن يضعوها للأمر، وبالعكس. فماهية الطلب: ليست نفس الصيغة، ولا شيئا من صفاتها، بل هي: ماهية قائمة بقلب المتكلم تجري مجرى علمه، وقدرته، وهذه الصيغ المخصوصة دالة عليها»(نفسه، ج. 2، ص. 18). وخلاصة الأمر إن انطلاقة البيانيين العرب في دراستهم للأمر، وغيره من الأغراض التكلمية (=الأفعال اللغوية)، من فكرة الأساليب جعلهم يضيقون أولا من مفهوم الفعل اللغوي الإنشائي؛ حيث أصبح الفعل الإنشائي الحقيقي لديهم هو ما وضعت له اللغة العربية أسلوبا خاصا به كالتمني والاستفهام والأمر والنهي.. الخ. أما الأفعال اللغوية التي لها جميع مواصفات الأفعال الإنشائية كالوعد والنصح والشكر والتهنئة في نحو قولنا: أعد، وأنصح، وأشكر، وأهنئ..، ولكن ليس لها في العربية أسلوب إنشائي، فقد صنفوها داخل الأفعال اللغوية الخبرية، حيث كان الاحتكام في ذلك كله إلى صورة البنيات اللغوية أو الأساليب. وهذا ما وقع بالنسبة لفعل الأمر، حيث خلطوا بين أسلوب طلب الفعل (افعل، ليفعل) وغرض "الأمر"، والحقيقة أن هذه الصيغة الأسلوبية لا تخص الأمر وحده، وليست موضوعة له ابتداء، بل إن غرض الأمر هو فقط إحدى الممكنات الدلالية التي يمكن أن تصاغ وفقها، كحال الدعاء أو النصح أو الالتماس، ولا عبرة هنا بإجماع أو غيره كما رأينا سابقا. وحسب اطلاعي المتواضع فلم أقرأ دراسة في موضوع الأمر تمكنت من تجاوز هذا الخلط الدلالي لدى اللغويين القدماء في موضوع علاقة الأمر بصيغته، إلا دراسة جامعية أنجزت في الثمانينات بكلية الآداب، جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس ظهر المهراز، وكانت بعنوان "الأمروالنهي كفعلين لغويين: دراسة دلالية تداولية"، وأنجزت من طرف الطالب آنذاك الأستاذ الجامعي حاليا الدكتور إدريس سرحان، إلا أنه لم ينشرها إطلاقا وما تزال حبيسة خزانة الكلية. وقد اطلعت على طرف منها لدى صديق وأحدث صدمة في نظرتي لهذه المسألة.
|
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-24, 16:33 | |
| ليتك أخي إبراهيم تحاول الحصول على هذه الرسالة وإتحافنا بها جزاك الله كل خير والشكر العميم لك |
|
| |
إبراهيم أمغار *
البلد : المغرب عدد المساهمات : 6 نقاط : 8 تاريخ التسجيل : 22/09/2010
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-24, 20:26 | |
| الرسالة غير متوفرة لدي ولكن اطلعت على الفصل الأول منها في إحدى زياراتي للصديق الأستاذ رشيد الراضي، مؤلف كتاب " الحجاج والمغالطة: من الحوار في العقل الى العقل في الحوار" الصادر عن دار الكتاب الجديد المتحدة، أيام كان مدرسا لمادة الفلسفة بنواحي مدينة أكادير، قبل انتقاله إلى مدينة طنجة بشمال المغرب. وأظنها متوفرة بخزانة كلية الآداب بفاس، وسأسعى للحصول عليها من هناك إذا سنحت لي الفرصة بزيارتها مجددا. ولو أن الحصول على رسالة جامعية بالمغرب صعب وشاق، وللعلم فإن كتب شاييم بيرلمان ترجمت على شكل أطروحات جامعية بالمغرب منذ سنوات إضافة إلى المئات من البحوث في التداولية منذ أوائل الثمانينيات، لاسيما في كليات فاس ومكناس والرباط، ولم تنشر لغاية الآن. لدى الأساتذة الجامعيين المغاربة عزوف غريب جدا عن النشر رغم أنهم سباقون في هذا الميدان!! |
|
| |
علاء رنوش .عضو مشارك
البلد : الاردن عدد المساهمات : 12 نقاط : 32 تاريخ التسجيل : 24/09/2010 المهنة : مدرس
| موضوع: الفعل الماضي 2010-09-26, 22:15 | |
| - آمال بن غزي كتب:
سلام خاص للكاتبة المجتهدة ... انصحك بالرجوع لاطروحة دكتورة موسومة بـ : الزمن في العربية والانجليزية - دراسة مقارنة
للباحث الدكتور محمد حسن بخيت قوقزة في جامعة اليرموك واذا اردت زودتك بنسخة من الاطروحة من الباحث نفسه
والشكر موصول للمتقدم
(فعل الأمر) ليس فعلاً نحوياً، وليس أمراً مطلقاً
الفعل النحوي أحد أنواع الكلمة، عرّفه نحاتنا القدامى بأنَّه حدث مقترنٌ بزمنٍ، فهل ينطبق هذا فعلاً على أنواع الفعل النَّحوي الثَّلاثة، الَّتي وضعها منظِّرو النَّحو التَّقليدي؟
الفعل المضارع يدلُّ على الزَّمن الحاليّ بصيغته الصَّرفيِّة والزَّمن الحاليّ هو لحظةُ التكلُّم ؛ وهي لحظةٌ فاصلةٌ بين الماضي والمستقبل، وهو (المضارع) لا يدلّ على الاستقبال إلا بلواصق صرفيِّة تصرفه إلى الاستقبال ، كما تصرفه لواصق أُخَر إلى الماضي .
كذا الفعل الماضي يدلُّ على الزَّمن الَّذي انقضى بصيغته الصَّرفية، ولأنَّ زمنَ المُضِي وقتٌ طويلٌ، يشملُ كلَّ ما مضى ، فهو ينقسم إلى مراحلَ منها : القريب والبعيد والمستمر والمنقطع . وهذه الأزمنة المتعددة في الماضي تُخَصِّصُها مورفيمات تتصل بصيغة الماضي اتصالاً مباشراً أو غير مباشرٍ، ولكن ...
إذا تأمَّلنا فيما اصطلح عليه (فعل الأمر)، نحن في مواجهة أمرين :
أولاً : كونه فعلاً، ثم كونه أمراً.
ولنبدأ بكونه أمراً؛ بإجماع النُّحاة والبلاغيين لا يتحدد الفعل بكونه أمراً إلا في سياقٍ مقاميّ محدّد، وبالنَّظر إلى العلاقة القائمة بين المتكلم والمخاطَب، ومكانة كلٍّ منهما بالنسبة للآخر. ففعلُ الأمرِ الصَّادرِ من الابن إلى أبيه لا يكون أمراً بل طلباً.
وفعل الأمر الصَّادر من العبد إلى ربِّه لا يكون أمراً بل دعاءً ، وهكذا .. إذن لا يجوز إطلاق لفظ (الأمر)على عموم الصيغة، فلو أُطلِق عليه (طَلَبٌ)، لكان أجدر، لأنَّه لا يجوز أن يُقال هذا (فعل أمر) إذا كان صادراً من العبد لربه.. ولو قلنا أنه طلبٌ يدلُّ على الدُّعاء لكان أوفق في الخروج من هذا الحرج.
وقد أجمع النحاة والبلاغيون على تعريف فعل الأمر؛ بأنَّه طلبٌ من الأعلى إلى الأدنى إذا كان أمراً، أو طلب من الأدنى إلى الأعلى إذا كان دعاءً .. وهكذا . إذن فقد أجمعوا على أنه طلب، فلِمَ لَا يُسمَى (فعلُ الطلب) ؟
أما كونه فعلاً فتلك معضلة أخرى..
لنتأمل أيَّ فعل أمر، وليكن ( اذهب) ولنكن موضوعيين في الحكم .. أيُّ زمن تدلُّ عليه هذه الصِّيغة؟ في مقابل تعريف الفعل المضارع الَّذي يدلُّ بصيغتِهِ المجردة على الحاضر، وصيغة الماضي المجردة الَّتي تدلُّ على ما مضى من الزمن، وإثبات حدوث الحدث فيها. هل هذه الصيغة تساوي قولنا ( سوف أذهب) زمنياً؟ إننا في هذه الجملة نعلم أن زمن وقوع الحدث في المستقبل، وإن لم يذهب المتكلِّم كما وعدنا، لكن ( اذهب) هل هو حدث سيحدث في الزَّمن؟ أم هو طلب لحدوث الفعل في الزَّمن المستقبل ؟ في الواقع هو طلب مجرد من الزَّمن، ولا يجوز أن نطلق عليه (فعلاً) بحسب تعريف القدامى .. إذن ما نوع هذه الصيغة ؟ مادامت لا ينطبق عليها حدّ الاسم ولا حدّ الفعل؟ ولِمَ نحصر أنفسنا في هذا التقسيم الأرسطي؟ إنه نوع رابع .. بكل بساطة .. صيغة تدلّ على الطَّلب تتفق مع الاسم بأنَّها حدث غير مقترن بزمن، لكنها ليست اسماً كونها لا تُنادَى ولا تُستثنَى من مجموع .. إلى غير ذلك مما يتصف به الاسم.
طلب القيام بحدث غير محدد بزمن، لكن لأن الماضي انقضى، ولا يمكن طلب القيام بشيء فيه، فقد استبعد. أما الحاضر فهو لحظة راهنة يقع فيها الطلب، ولا يمكن أن يقع الطلب وجوابه في لحظة واحدة، إذن لم يبقَ إلا المستقبل لأنه محتمل فيه وقوع الاستجابة لهذا الطلب. ولذا رجحه النحاة لتعيينه لما أسموه بـ(فعل الأمر)
واحتمال تلبية الطلب تكاد تكون 50% أي أن احتمال الاستجابة يتساوى مع احتمال عدم الاستجابة .. فهل يصح إطلاق فعل على حدث قد يقع وقد لا يقع؟ وبعبارة أخرى؛ هو لم يقع، ولا تدلّ صيغته على أنَّه سيقع.
ولو وقع لما كان ذلك الطَّلب هو الَّذي يقع بل الاستجابة ، ولتوضيح ذلك نأتِ بمثالٍ :
فلو أني قلت للجالس أمامي : هاتِ الكتاب.
فما الفعل الَّذي يقع لحظة الاستجابة ؟ هل هو (فعل مضارع من (هات) أم فعل آخر هو (يعطي) إذ إن الجالس قبالتي سيعطيني الكتاب، ولن (يهاته!) (طبعا هذا الفعل غير مستعمل في اللغة ) ، وإذا أخبر عن ذلك سيقول : أعطيته الكتاب، ولو استعمل الطلب سيقول : خُذ الكتاب .. إذن الاستجابة تكون فعلاً آخر .. أما الطّلب فكان فعلاً كلامياً (أي سلوكاً لفظياً) وليس نحوياً، إذ قمت بفعل الطّلب عبْر صيغة غير فعلية بل طلبية .
هذه فكرة تقبل النقاش والتفنيد.. وقد راودت ذهني منذ سنة تقريباً إذ استشارتني صديقة عن الزمن في الفعل، فتجادلنا فترة أوصلتني إلى هذه الفكرة ، أعجبتها وطلبت مني كتابتها لتستفيد منها..
* * *
|
|
| |
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: (فعل الأمر) ... قضية لغوية 2010-09-26, 23:01 | |
| مرحبا علاء علي بها أرجوك .. تعلم أني نهمة .. عاشقة للكتب والقراءة ..فلا تبخل عليّ بانتظار الرسالة |
|
| |
| (فعل الأمر) ... قضية لغوية | |
|