الأسلوب عند النقاد والبلاغيين
الذي ينظر في تناول النقاد والبلاغيين لمصطلح أسلوب يجد أنههم يفهمون مدلول هذا المصطلح فهما جيدا , وسوف نتبين ذلك عندما نقف على أشهر النقاد والبلاغيين الذين تحدثوا في الأسلوب , منهم :ابن رشيق, والسكاكي , وابن الأثير , وحازم القرطاجنى , والعلوي . . .
1_ ابن رشيق ( ت : 456 هـ )
ابن رشيق يتجه بالأسلوب إلى الصياغة اللفظية وما يتوفر فيها من تلاؤم الأجزاء وسهولة المخرج , وعذوبة النطق . حيث يقول :
"قال أبو عثمان الجاحظ : أجود الشعر ما رأيته متلاحم الأجزاء , سهل المخارج, فتعلم بذلك أنه أُفرغ إفراغا واحدا , وسُبك سبكا واحدا , فهو يجري على اللسان كما يجري الدهان , وإذا كان الكلام على هذا الأسلوب الذي ذكره الجاحظ لذَّ سماعه وخف محتمله , وقرب فهمه , وعذب النطق به , وحَلَى في فم سامعه , فإذا كان متنافرا متباينا عسر حفظه , وثقل على اللسان النطق به, ومجته المسامع فلم يستقر فيها منه شيء" (العمدة 171 ,172 طبعة أمين هندية 1925 م.)
2_ السكاكي ( ت : 626 هـ )
السكاكي ربط بين الأسلوب والخاصية التعبيرية كما فعل الزمخشري , ولذلك تحدث عن أسلوب الالتفات وبين أثره في المتلقي بقوله : "اعلم أن هذا النوع أعني نقل الكلام من الحكاية إلى الغيبة لا يختص المسند إليه , ولا هذا القدر, بل الحكاية والخطاب والغيبة ثلاثتها ينتقل كل واحد منها إلى الآخر , ويسمى هذا النقل التفاتا عند علماء المعاني , والعرب يستكثرون منه , ويرون أن الكلام إذا انتقل من أسلوب إلى أسلوب أَدخَلُ في القبول عند السامع , وأَحسَنُ تطرية لنشاطه , وأملأ باستدرار إصغائه , وهم أحرياء بذلك , أليس قرى الأضياف سجيتهم , ونحر العشاء للضيف دأبهم وهجيراهم ، لا مزقت أيدي الأدوار لهم أديما , ولا أباحت لهم حريما , أفتراهم يحسنون قرى الأشباح فيخالفون فيه بين لون ولون , وطعم و طعم , ولا يحسنون قرى الأرواح فلا يخالفون فيه بين أسلوب وأسلوب , وإيراد و إيراد" . (مفتاح العلوم 76 ط دار الكتب العلمية بيروت.)
فهو هنا يرى أن العرب كما تحسن التنويع في غذاء الأبدان وإكرام الضيف , فهم أولى في تحسين غذاء العقول والأرواح بالتنقل بين أسلوب وأسلوب , وطريقة وأخرى في الكلام , إذ هم أمة الفصاحة والبيان . .
كما أن السكاكى تكلم عن الأسلوب ومخالفته للظاهر كما في الأسلوب الحكيم . . .
3_ابن الأثير ( ت : 637 هـ )
ربط ابن الأثير بين الأسلوب وأوجه التصرفات في المعنى والافتنان فيها باعتبار أن الشاعر المفلق والكاتب البليغ هو الذي إذا أخذ في معنى من المعاني تصرف فيه بوجوه التصرفات , وأخرجه في ضروب الأساليب , ومثل لذلك بهجاء جرير للفرزدق ووصفه له بالمفلق , وكيف أنه جاء بأساليب متنوعة في هذا الوصف . . .
قال جرير في هجاء الفرزدق :
ألْهَى أبَاكَ عن المَكَارِمِ والعُلا لَيُّ الكتائِفِ وارْتِفَاعُ المِرْجَلِ
لي الكتائف : إصلاح كلبتا الحدادة , ارتفاع المرجل : إصلاحه.
وقال أيضا :
وُجِدَ الكَتِيفُ ذَخِيرةً في قَبْرِهِ والكَلْبتَانِ جُمِعْنَ والمِنْشَارُ
يَبْكِي صَدَاهُ إذَا تَصَدَّعَ مِرْجَلٌ أو إن تَفَلَّقَ بُرْمَةٌ أعْشَارُ
وقال أيضا:
إذَا آبَاؤُنَا وأبُوك عُدُّوا أبَانَ المُقْرِفَاتُ مِنَ العِرَابِ
فَأورَثَكَ العَلاةَ وأورَثونِي رِبَاطَ الخْيلِ أفْنِيةَ القِبَابِ
وسيفُ أبِي الفرزدقِ فاعلَمُوهُ قَدُومٌ غيرُ ثَابِتَةِ الـنِّصَابِ
المقرفات : المقرف والمقرفة من الفرس وغيره ما يدانى الهجنة , أي : أمه عربية لا أبوه , أبانه : استبان, العراب : الخالصة العروبة , العلاوة: السندان , الرباط : الخيل , أو المكان المعد للمربطة.
ثم قال ابن الأثير معلقا على هذه الأبيات :
" فانظر أيها الواقف على كتابي هذا إلى هذه الأساليب التي تصرف فيها جرير وأدارها على هجاء الفرزدق بالقَيْنِ , فقال أولا : إن أباه شُغِلَ عن المكارم بصناعة القيون , ثم قال ثانيا: إنه يبكي عليه ويندبه بعد الموت المِرْجَلُ والبرمة الأعشار التي يصلحها , ثم قال ثالثا : إن أباك أورثك ألة القيون , وأورثني أبي رباط الخيل , وقد أورد جرير هذا المعنى على غير هذه الأساليب التي ذكرتها , ولا حاجة إلا التطويل بذلك هاهنا , وهذا القدر فيه كفاية " (المثل السائر 3/ 280 ,281 تحقيق أحمد الحوفي وبدوي طبانة , القاهرة نهضة مصر)
وهذا الكلام من ابن الأثير يؤكد على الربط بين الأسلوب وشخصية الشاعر ومقدرته الفنية , من حيث استخدام هذه القدرة في عرض الفكرة في أسلوب متميز وطريقة متفردة , ويمكن أن نلمس هذا التميز من عرض فكرة واحدة لشاعرين مختلفين , يتصرف كل منهما فيها بأوجه التصرفات كما في مقارنته بين جرير والفرزدق في الهجاء. (ينظر : البلاغة والأسلوبية 13 , 14 )
4_ حازم القرطاجني ( ت : 684 هـ )
حازم القرطاجني في كتابه " منهاج البلغاء وسراج الأدباء " كتب فصلا مطولا بعنوان : " المنهج الثالث في الإبانة عن الأساليب الشعرية , وأنحاء الاعتمادات فيها"
وقد تحدث فيه عن ملائمة الأساليب للأغراض , وأن الأساليب تختلف باختلاف الأغراض وأحوال المخاطبين , حيث قال :
" أن أساليب الشعر تتنوع بحسب مسالك الشعراء في كل طريقة من طرق الشعر, وبحسب تصعيد النفوس فيها إلى حزونة الخشونة , أو تصويبها إلى سهولة الرقة , أو سلوكها مذهبا وسطا بين ما لان وما خشن من ذلك , فإن الكلام منه ما يكون موافقا لأغراض النفوس الضعيفة الكثيرة , والإشفاق مما ينوبها أو ينوب غيرها , ومنه ما يكون موافقا لأغراض النفوس الخشنة القليلة المبالاة بالأحداث.." (منهاج البلغاء وسراج الأدباء 354 , 355 تحقيق محمد بن الحبيب بن الخوجه ط دار الكتب الشرقية , تونس).
وقد قسم الأنحاء التي تأتي عليها الأساليب إلى عشرة أنحاء , كأن يكون الكلام مبنيا على الرقة المحضة , أو على الخشونة المحضة . . . ثم انتهى إلى أن " الأسلوب هيأة تحصل عن التأليفات المعنوية , والنظم هيأة تحصل على التأليفات اللفظية " (منهاج البلغاء 364 , و ينظر : أثر السياق 71)
5_العلوي ( ت: 749 هـ)
العلوي في كتابه " الطراز المتضمن لعلوم البلاغة وحقائق الإعجاز " يسوي بين الأسلوب والنظم وهو في هذا متأثر بالإمام عبد القاهر الجرجاني , حيث يقول :
"يجب على الناظم والناثر فيما يقصد من أساليب الكلام مراعاة ما يقتضيه علم النحو , أصوله وفروعه من تعريف المبتدأ أو تقديمه , وجوبا إذا كان استفهاما أو شرطا , وجوازا في غير ذلك , ومراعاة تنكير الخبر وتقديمه إذا كان المبتدأ نكرة , وأن يراعى في الشرط والجزاء كون الجملة الأولى فعلية وجوبا , والثانية بالفاء إذا كانت جملة اسمية أو فعلية إنشائية كالأمر والنهي , أو خبرية ماضية . . . " (الطراز للعلوي 2/222 , 223 طبعة المقتضف بمصر 1914 م).
فالأسلوب صورة تتمثل فيها العلاقات النحوية من حيث تركيب الجملة ,ومن حيث إن لكل شاعر طريقته الخاصة في استخدام هذا النحو . . .
كما أنه ربط بين الأسلوب وطرق أداء المعنى في حديثه عن الإبهام والتفسير , وهو هنا متأثر بابن الأثير .( ينظر : البلاغة والأسلوبية 18 , 19)
ومما سبق يتضح أن الأسلوب عند البلاغيين هو النمط من التركيب , أو الطريقة التي يأتي عليها الكلام فالوصل أسلوب , والفصل أسلوب , والقصر أسلوب , والذكر أسلوب , والإعجاز أسلوب , والإطناب أسلوب . . . وهكذا . وأن هذه الأساليب لها مقاماتها التي تقضيها , وذلك يظهر من قولهم : " فمقام التنكير يباين مقام التعريف , ومقام الإطلاق يباين مقام التقييد , ومقام التقديم يباين التأخير , ومقام الذكر يباين مقام الحذف , ومقام القصر يباين مقام خلافه , ومقام الفصل يباين مقام الوصل , ومقام الإيجاز يباين مقام الإطناب والمساواة " (التلخيص 1/ 126 , 128 , والشروح).
الأسلوبية في الدراسات الحديثة
علم الأسلوب أو الأسلوبية لقيت اهتماما كبيرا في الدراسات الحديثة : حتى وجدنا كثيرا من المؤلفات التي يحمل عنوانها مصطلح الأسلوب أو الأسلوبية منها:
1- الأسلوب ، للأستاذ أحمد الشايب
2- الأسلوبية والأسلوب ، د. عبد السلام المسدي
3- مدخل اتجاهات البحث الأسلوبي ومدخل إلى علم الأسلوب ، شكري محمد عياد
4- البلاغة والأسلوبية ، د. محمد عبد المطلب
5- الأسلوب دراسة لغوية إحصائية ، في البلاغة العربية والأسلوبيات اللسانية، د. سعيد عبد العزيز مصلوح
6- الأسلوبية مفاهيمها وتجلياتها ، د. موسى سامح رجاجعة
7- دراسة الأسلوب بين المعاصرة والتراث ، د. أحمد درويش
8- علم الأسلوب في الدراسات الأدبية والنقدية ، د. عبدالعظيم المطعني
وسوف نقف عند كتابين من هذه المؤلفات لنتحدث عنها ونتعرف على القضايا التي عالجها المؤلفون لهذه الكتب وهي:
1- الأسلوب للشايب
2- البلاغة الأسلوبية د. محمد عبد المطلب
3- اتجاهات البحث الأسلوبي شكري عياد
أولا: الأسلوب للأستاذ أحمد الشايب
يعد كتاب الأسلوب للأستاذ أحمد الشايب من أوائل الكتب التي ظهرت في العصر الحديث لدراسة الأسلوب والبحث في مجالاته , وهو كتاب تظهر فيه خبرة طويلة لمؤلفه في معايشة البلاغة والنقد القديمين مع الاطلاع على بعض ألوان الثقافة النقدية الأجنبية وقد ذكر في مقدمة كتابه أن البلاغة القديمة قاصرة على دراسة المعاني والبيان والبديع , وأن هذه العلوم الثلاثة لا تستوعب أصول البلاغة كما يجب أن تكون لتساير الأدب الإنشائي في أساليبه وفنونه.
وقد جعل كتابه في خمسة أبواب.
(الباب الأول ) جعله المؤلف للحديث عن البلاغة وصلتها بالنقد القديم , وبين أن البلاغة والنقد تقومان على الأدب الرفيع الذي ينظم بلغة فصيحة.
وقد بين أن الأدب يتكون من عدة عناصر من أهمها العاطفة , والفكرة , والعبارة اللفظية التي تسمى الأسلوب أو هي الوسيلة اللازمة لنقل وإظهار ما في نفس الأديب وبين العلوم التي ينبغي للأديب أن يعرفها من بلاغة , ونقد , ونحو , وصرف , وعروض وغير ذلك من العلوم التي تعصمه من الخطأ في القول لفظا ومعنى . (ينظر: الأسلوب من صـ9-39ـــ)
و( الباب الثاني ) جعله للتعريف بالأسلوب
وقد بين أولا القصور الذي يعتري الناس في فهم الأسلوب إذ قد قصر الناس الأسلوب على العنصر اللفظي الذي يتألف من الكلمات فالجمل والعبارات , وربما قَصَرُوه على الأدب وحده دون سواه من العلوم والفنون . (ينظر: الأسلوب ص 40).
وحينما أراد الشايب أن يُعرف الأسلوب قدم عدة تعريفات لا تعريفا واحدا , محاولا أن يستكمل بكل تعريف ما فاته في التعريف السابق , حيث يصل في النهاية إلى مفهوم للأسلوب يجمع المعاني التي أراد أن يضعها في تعريفه للأسلوب.
فقد عرف الأسلوب أولا بأنه : ((فن من الكلام يكون قصصا أو حوارا أو تشبيها أو مجازا , أو كناية أو تقريرا أو حِكَما وأمثالا )) (الأسلوب صــ41ــــ)
والأسلوب هنا يرتبط بالنوع الذي يُبدعه الأديب , ومن العجيب أن تكون القصة بمعناها الفني مساوية في الأداء للمجاز أو الكناية . (ينظر : البلاغة والأسلوبية )
وقد أحسن الشايب حين ذهب إلى أن هذا التعريف لا يكفي فعاد وعرف الأسلوب بأنه : "طريقة الكتابة أو طريقة الإنشاء , أو طريقة اختيار الألفاظ وتعريفها للتعبير بها عن المعاني قصد الإيضاح والتأثير" (الأسلوب صـ44ـ)
ثم يعود مرة أخرى فيقول : "وأعود ثانية إلى تعريف الأسلوب فقد غُمَّ الأمر على بعض الدارسين بصدد ذلك , أعود لأقول : إن تعريف الأسلوب ينصَبُّ بداهةً على هذا العنصر اللفظي , فهو الصورة اللفظية التي يعبر بها عن المعاني أو نظم الكلام وتأليفه لأداء الأفكار وعرض الخيال , أو العبارات اللفظية المنسقة لأداء المعاني" (الأسلوب صـ49ـ)
-كما تحدث عن تكوين الأسلوب عند المبتدئ وعند الأديب البارع فبين أن الأسلوب عند الطالب المبتدئ يختلف عنه عند الأديب البارع (الأسلوب صـ47ـ)
-كما تحدث عن عناصره فذكر أن الأديب يتبع عدة خطوات حتى يُخرِج أسلوبه على الطريقة المُرضية :
الخطوة الأولى : اختيار الفن الأدبي الذي يعتمد عليه الأديب في أداء ما في نفسه , فهو مقالة , أو قصيدة , أو رسالة , أو قصة ,أو خطابة , أو محاضرة , أو كتاب مؤلف.
الخطوة الثانية : يختار فيها المعاني والأفكار والخصائص الهامة التي يريد أن يتحدث عنها
الخطوة الثالثة : ترتيب هذه الأفكار والمعاني ترتيبا يصل به إلى نتائجها المرادة
الخطوة الرابعة : التعبير عن هذه الأفكار والمعاني بعبارات واضحة.
فإذا تم له ذلك فقد تكوَّن له الأسلوب الأدبي أو العملي. (ينظر: الأسلوب 50)
وفي ( الباب الثالث ) تحدث عن الأسلوب والموضوع وقد قسم الأسلوب إلى نوعين الأسلوب العلمي والأسلوب الأدبي وبين خصائص كل نوع ومثل له , كما تحدث عن أسلوب الشعر , وبين كيف يختلف عن أسلوب النثر , بل إنه يبين أن أسلوب الشعر يختلف من غرض لآخر, وبناء عليه قسم أساليب الشعر حسب المعاني والأغراض التي يتناولها.
فذكر من أغراض الشعر , الحماسة , والنسيب , والرثاء , والمديح والهجاء , والوصف , وبيّن الصفات التي يتصف بها الأسلوب في كل نوع من هذه الأنواع .
كما بين أنواع أساليب النثر وذكر منها النثر العلمي , وذكر من أنواعه : المقالة , والتاريخ , والسيرة , والمناظرة , والتأليف وذكر من أنواع النثر الأدبي : الوصف , الرواية , المقامة , الرسالة , الخطابة . وذكر الخصائص التي تتوافر في كل نوع من هذه الأنواع.
وفي ( الباب الرابع ) تحدث عن الأسلوب وصلته بالأديب , وبين أن الأسلوب كما أنه يختلف باختلاف الموضوع فكذا يختلف باختلاف المنشئ حتى إنه وصل إلى أن جعل الأسلوب هو الأديب .
وكما أنه تحدث عن الشخصية , وبين أثر شخصية القائل فيما يقوله وذكر بعض العناصر التي تؤثر في الشخصية منها : الطبع , فالرقيق الطبع ترق ألفاظه , وتلين عبارته , والخشن الجافي تجزل ألفاظه وتقوى تعابيره . . .
ومنها : أثر البيئة فابن البادية المقيم في الفلاة يختلف عن المقيم في الحاضرة.
ومنها: الثقافة والتربية , فالمهذب المثقف يختلف في تعبيره عن الجاهل
-كما تحدث عن دلالة الأسلوب على شخصية قائله , وذكر أثر الشخصية في اختلاف الأساليب , وبين أن أثر الشخصية في الأسلوب يظهر في نواح ثلاثة وهي :
الأولى: من حيث الألفاظ والجمل والفقرات
الثانية: من حيث المعاني , كالمطابقة بين اللفظ والمعنى , أو ترجيح جانب اللفظ على جانب المعنى أو العكس.
الثالثة: من حيث الصنعة , حيث يعمد الأدباء إلى الأسلوب الطبعي أو المصنوع صنعة بديعية قوامها: السجع والجناس والمطابقة وسائر المحسنات.
وفي ( الباب الخامس ) تحدث عن صفات الأسلوب , وهي صفات يمكن إدراكها بالنظرة السريعة, كالأسلوب الموجز , أو المساوي , أو السهل , أو الغامض أو التصويري , إلى غير ذلك من السمات الواضحة في العبارات
وبين أن صفات الأسلوب ترجع إلى ثلاثة أشياء قياسا على الغايات التي يقصد إليها المنشئون وهي:
1- الوضوح لقصد الإفهام
2- القوة لقصد التأثير
3- الجمال لقصد الإمتاع
ثانيا: البلاغة والأسلوبية د. محمد عبد المطلب
وفي هذا الكتاب كما ذكر مؤلفه في المقدمة –يحاول الكاتب القراءة الأسلوبية للبلاغة القديمة , ولهذا جعل عنوان كتابه : (( البلاغة والأسلوبية )) وقد جاء كتابه في أربعة أبواب على النحو الآتي:
الباب الأول: مفهوم الأسلوب في تراث القدامى.
وفي هذا الباب تحدث عن مفهوم الأسلوب في تراث المشارقة وذكر منهم : ابن قتيبة, وابن الأثير , والخطابي , والباقلاني , والفخر الرازي , والزمخشري , والإمام عبدالقاهر الجرجاني.
كما تحدث عن مفهوم الأسلوب في تراث المغاربة وذكر منهم حازم القرطاجنى , وابن رشيق , وابن خلدون
-كما تحدث عن النحو وصلته بالأسلوبية , وذكر مستويات الدرس النحوي , والنحو وصلته بالنظم والإعجاز القرآني
كما تحدث عن النظم بين البلاغة والنحو , والمجاز وصلته بأداء المعنى , وأثره في المتلقي.
وفي الباب الثاني : تحدث عن الأسلوب في تراث المحدثين , وفيه تحدث عن :
1- كتاب (( الوسيلة الأدبية إلى العلوم العربية)) للشيخ حسين المرصفي.
2- كتاب (( إعجاز القرآن والبلاغة النبوية)) للشيخ مصطفى صادق الرافعي
3- كتاب (( دفاع عن البلاغة )) للأستاذ أحمد حسن الزيات
4- كتاب ((الأسلوب)) للأستاذ أحمد الشايب
5- كتاب ((فن القول )) للأستاذ أمين الخولي
وهو في تناوله هذه الكتب يعرض لأهم القضايا التي تناولتها , وكيف كان فهم أصحابها للأسلوب.
وفي الباب الثالث : ذكر نظرته التاريخية إلى الأسلوبية , وبين أن حركة النقد والبلاغة القديمين هما أساس الأسلوبية , وبين أن كلمة الأسلوب ظهرت قدما عند العرب وارتبطت كلمة أسلوب بطرق أداء المعنى , والنوع الأدبي وطرق صياغته , كما أنها ارتبطت بالمنشئ والغرض من الكلام . . .
أما في الغرب فلم تظهر إلا في القرن التاسع عشر , لكنها لم تصل إلى معنى محدد إلا في أوائل القرن العشرين , وكان هذا التحديد مرتبطا بأبحاث علم اللغة.
كما تحدث عن اتجاهات علم الأسلوب سواء في دراسة الصلة بين الشكل والفكرة , أو في الطريقة لفردية في الأسلوب , أو دراسة النقد الأسلوبي
كما تحدث عن نظرية التوصيل وعناصرها من مبدع ومتلقي , و رسالة يتم فيها نقل وجهة نظر المبدع إلى المتلقي.
وفي الباب الرابع : تحدث عن البلاغة وصلتها بالأسلوبية , كما تحدث عن العدول وأثره في أداء المعنى , وذكر من أنماط التعبير نمط التكرار , كما تحدث عن السياق وأثره في فهم المعنى , وذكر سياقات الحذف والذكر , وسياقات التقديم والتأخير , وسياقات التعريف والتنكير .
ويعد كتاب البلاغة والأسلوبية من الكتب القيمة في تناول علم الأسلوب التي لا غنى لدارس هذا العلم من الاطلاع عليه ومعرفة ما فيه .