محمود سليمان
نهدف من خلال هذه الندوة إلى إلقاء الضوء على الهوية الوطنية وما تمثله من أهمية كبرى حيث سنعمل على مدى يومين لطرح العديد من العناوين المهمة عبر كوكبة من الوزراء والأكاديميين المتخصصين للوصول إلى الأهداف المرجوة والخروج بتوصيات تهدف إلى ضرورة الحفاظ على قيم ومبادئ الهوية الوطنية من خلال غرس مفاهيم الهوية وتعزيز الولاء والانتماء، وشكر شركة فودافون قطر على دعمها المستمر لهذه المبادرة".
من جانبه، قال السيد محمد مهدي اليامي، المدير التنفيذي للشؤون الخارجيّة في شركة "فودافون قطر، الراعي الحصري للملتقى الأول": "تنبع رعايتنا الحصرية لندوة الهوية القطرية الأولى من إدراكنا العميق لأهمية هذه الهوية وضرورة الحفاظ عليها من الانحلال في الهويات الأخرى جراء عصر العولمة اليوم".
وزاد اليامي: "نحن نؤمن برؤية حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى الرامية إلى جعل قطر في مصاف أهم الدول المتطورة في العالم بحلول عام 2030، ولهذا لم نتردد لحظة واحدة في التعاون مع ’مركز قطر للتراث والهوية‘ من أجل تسليط الضوء على هويتنا وتراثنا العريقين ليس فقط أمام الجيل القطري الشاب الذي لم يكن شاهداً على الماضي، وإنما أمام جميع المقيمين والوافدين الجدد أيضا".
و بدأت جلسات الملتقى النقاشية بورقة عمل للدكتور صالح بن محمد النابت، وزير التخطيط التنموي والإحصاء،"الذي أكد في الجلسة الأولى أن رؤية قطر الوطنية 2030 التي انبثقت منها إستراتيجية التنمية الوطنية 2011-2016 ترتكز على خمس ركائز رئيسية تتضمن التحديث والتطوير وبناء الدولة المعاصرة بشكل استثنائي يحقق التنمية المستدامة للجيل الحالي وللأجيال القادمة، ويحفظ تراث قطر الوطني ويعزز القيم العربية والإسلامية للدولة وهويتها ومن بين هذه الركائز ركيزتان استهدفتا بشكل مباشر المحافظة على الهوية القطرية وتعزيزها".
وبين النابت: "يتجلى حرصنا على الهوية الوطنية بشكل عام في كل المسارات التي تضمنتها إستراتيجية التنمية الوطنية، إلا أنه يتضح بشكل خاص في برامج ومشاريع وأهداف الإستراتيجية القطاعية للتنمية الاجتماعية، ولاسيَّما ما يتعلق بالتنمية الثقافية، ولهذا اعتمدت إستراتيجية التنمية الوطنية ست نتائج إستراتيجية استهدفت تحقيقها عبر برامجها ومشاريعها، وتستهدف من خلالها، استخدام الثقافة كمنبر لبناء العزة الوطنية وتشجيع التفاهم بين الثقافات، والعمل على حماية التراث الثقافي لدولة قطر وتطويره لحفظ الهوية الوطنية وتقوية التماسك الأسري، واستخدام الثقافة لتحسين التعلم لدى الشباب وتعزيزه وبناء ثقتهم بأنفسهم ومساعدتهم على تحقيق جميع طاقاتهم الكامنة".
الدين واللغة والتاريخ
وتطرقت الجلسة النقاشية الثانية للندوة في يومها الأول للتركيبة السكانية وتأثيرها على الهوية والتي شارك فيها كل من دكتور ميسرة طاهر والدكتورة كلثم الغانم وأدارها دكتور ربيعة الكواري حيث تطرق الدكتور ميسرة طاهر، مدير "بيت المشورة للاستشارات النفسية"، إلى موضوع الأسرة والهوية مؤكدا أن الهوية "ترتكز على مقومات الدين واللغة والتاريخ؛ وقد بذل ’مركز قطر للتراث والهوية‘ جهوداً كبيرة لدراسة تاريخ البلدان الأخرى سعياً منه لتسليط الضوء على أهمية التاريخ وتأثيره على الهوية. ولا شك أن فهم تاريخنا يمكننا من إدراك الفلسفة التي يقوم عليها، وهي تؤكد بأن العائلة كانت ولا تزال في صلب الجهود المبذولة للحفاظ على هويتنا بين الأمم الأخرى".
بدورها، تناولت الدكتورة كلثم الغانم، مدير مركز العلوم الإنسانية والاجتماعية، أثر المتغيرات السكانية على الهوية الوطنية قائلةً: "يتنوع الولاء في مجتمعنا ما بين ولاء أسري وولاء للقبيلة وولاء للوطن، وهو ما نصبوا إلى زرعه في نفوس الناشئة.
وأكدت الغانم: من أجل تحقيق هذا، يجب علينا تفعيل دور المؤسسات الإعلامية والتربوية وإنشاء مؤسسات ثقافية لتعزيز الهوية العربية والإسلامية. كما يجب علينا تعزيز مفهوم المواطنة وآليات المشاركة الوطنية وتقويتها عند الشباب. وأخيراً، فإنه يجب علينا وضع خطة متكاملة لمواجهة التحديات التي تقف في طريق الشباب وانتمائهم وهويتهم. مثل الأسرة والهوية؛ ودور المتغيرات السكانية؛ وتعامل وسائل الإعلام مع قضية الهوية.
تجارب راسخة
اختتمت ندوة "الهوية القطرية الأولى" فعالياتها باستعراض تجربة اليابان وسلطنة عمان وقطر في الحفاظ على الهوية حيث تعد اليابان وسلطنة عمان من الدول التي نجحت في الحفاظ على هويتها إلى حد كبير وتم استعراض التجارب في لقاء بالتعاون مع مناظرات قطر بحضور كل من الإعلامية اليابانية ماريكو ميكامي والخبير الثقافي العماني أحمد خميس بوصافي وأدار الجلسة محمد المري من مناظرات قطر حيث قدم المشاركون دراستي حالة استعرضا خلالهما مثالين ناجحين عن الطرق المتبناة في بلديهما للحفاظ على الهوية الوطنية اليابانية والعمانية.
ومن جانبه استعرض السيد أحمد خميس بوصافي، ممثل وزارة التراث والثقافة في سلطنة عمان، تجربة بلاده في هذا المجال قائلاً: "لقد ركزت السلطنة على 5 ركائز أساسية لتعزيز فهم الهوية الوطنية عبر الأجيال؛ الركيزة الأولى هي الحفاظ على التراث من خلال مراجعة الدراسات التي أجريت على المخطوطات التراثية والتاريخية وتعزيز دور المتاحف في هذا السياق. وتتمحور الركيزة الثانية حول التعليم من خلال تضمين محتوى الهوية الوطنية في المناهج الأكاديمية للمدارس بدءاً من سن مبكرة. أما الركيزة الثالثة فهي الثقافة، وذلك من خلال تطوير المراكز الاجتماعية والتعليمية للشباب، والفنون التطبيقية، والمكتبات والمسارح، فضلاً عن تشجيع تبني أزيائنا التقليدية. وتقوم الركيزة الرابعة على التنمية الاجتماعية من خلال الندوات الحوارية والمحاضرات وورش العمل؛ وتتمثل الركيزة الأخيرة في التركيز على الإعلام من خلال إطلاق برامج خاصة على القنوات التلفزيونية والإذاعية لترويج الهوية الوطنية".