فضيلة الشيخ مصطفى التريكي
ولد الشيخ بمدينة مصراته 1929 وقدم الشيخ المرحوم العديد من الاستشارات والدروس والعظة الدينية عبر وسائل الإعلام وبالمساجد ومن خلال محاضراته بالجامعات الليبية. وحفظ القرآن الكريم على يد الشيخ علي بن حسن المنتصر بزاوية البي بمدينة مصراته برواية قالون عن نافع وذلك في سنة 1946. وتلقى العلوم الشرعية في مبادئ الفقه والنحو على يد الشيخ محمد السهولي كما تلقى علوم النحو والصرف والبلاغة والفقه بزاوية سيدي أحمد زورق بمدينة مصراته. وتلقى الفرائض وغيرها من العلوم الشرعية حتى سنة 1948.
التحق المرحوم بمعهد البحوث الإسلامية (بالسنة الرابعة) بعد امتحان المعادلة، وبكلية الشريعة (بالسنة الثانية) بعد امتحان المعادلة تحصل على الشهادة العليا والتي تعتبر أعلى الشهادات بالأزهر الشريف في ذلك الوقت )، ما يعادل الليسانس الآن، وتخصص في القضاء، وتلقى العلم في المجال القضائي على يد علماء أجلاء وعلى رأسهم فضيلة الشيخ محمود شلتوت في علم التفسير والدكتور مصطفى الحفناوي في القانون الدولي العام. وتحصل على الشهادة العلمية (الأستاذية) من كلية الشريعة وهي أعلى شهادة في الأزهر الشريف في ذلك الوقت.
التحق بعدها بمعهد الدراسات العربية التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة، ودرس فيه علوم منها علم المقارنة بين الشريعة والقانون على يد مجموعة من العلماء العظام وكان على رأسهم الدكتور عبد الرزاق السنهوري في مادة مقارنة علم القانون بالفقه الإسلامي، وفضيلة الشيخ محمد أبو زهرة في مادة الشريعة الإسلامية، والذي كان وكيلا لكلية الحقوق في جامعة القاهرة سنة 1958.
انتخب الشيخ الراحل في سنة 1954 رئيسا للنادي الثقافي لطلبة ليبيا بالقاهرة وحد فيها بين طلبة برقة وطرابلس وبين الأزهريين والجامعيين في النادي. وعين الشيخ مصطفى في 12 فبراير/شباط 1958 قاضيا من الدرجة الأولى بمدينة الخمس بمرسوم ولائي واستقال في 24 من نفس الشهر 1958 قبل أداء اليمين وذلك عندما تم توحيد بين القضاء الشرعي والمدني. كما عين مدرسا بمعهد أحمد باشا الديني بمدينة طرابلس حتى سنة 1960 ورئيسا لبعثة الحجيج الليبية في سنة 1960 واستمر في هذا الأمر حتى سنة 1980 كما عين رئيسا لتحرير مجلة الهدي الإسلامي سنة 1961 أستاذا وعميدا لكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية بالبيضاء وذلك سنة 1962حتى سنة 1972 وفي هذه الأثناء انتدب مدة مديرا عاما للجامعة الإسلامية بالبيضاء وعين مدرسا بكلية التربية بجامعة الفاتح سنة 1972 ودرس مادة الحضارة الإسلامية بجميع كليات جامعة الفاتح كما درس طلبة الدراسات العليا (الماجستير) في علم الفرائض وظل أستاذا جامعيا بجامعة الفاتح حتى تقاعد في سنة 1993.
وعين الشيخ العلامة رئيسا لمجموعة من المشايخ الذين أوكل إليهم إعادة تأهيل ثلاثين شيخا بمعهد أحمد باشا الديني بمدينة طرابلس وذلك ابتداء من سنة 1972 حتى سنة 1976 بقرار من مجلس قيادة الثورة، لمدة أربعة سنوات وكان من ضمن المشايخ الذين تم تأهيلهم الشيخ أحمد قدور والشيخ سالم الماقولي والشيخ عبد القراضي.
كانت حياة الشيخ مملوؤة بالمهام والأعمال التي تخدم الدين الإسلامي ونصرة الإسلام فقد درس بالحرمين الشريفين (المسجد الحرام – المسجد النبوي الشريف) لمدة 20 عاما في أيام الحج بعد حصوله على إذن بالتدريس من شيخ الحرمين الشريفين الشيخ عبد الله بن حميد. وألقى دروسا مسجلة بالإذاعتين المرئية والمسموعة في شؤون الحج وفقه العبادات. كما ترأس في سنة 1965 وفد طلابي من جامعة البيضاء لزيارة جمهورية مصر العربية وفلسطين وكان ممثلا لليبيا في مؤتمر الرابطة الإسلامية بمكة المكرمة ضمن الوفد المكون من المفتي وشيخ الجامعة وشيخ الزوايا. وترأس الوفد المكلف بحضور المؤتمر الإسلامي بالقدس الشريف ومنها زار الأماكن المقدسة الخليل وبيت لحم وغيرها وألقى بها بعض الدروس والمحاضرات وكان هذا بعد عام النكبة. وترأس وفدا للمؤتمر الإسلامي في باكستان وكان هذا المؤتمر لاختيار المخطوطات الإسلامية. ومثل ليبيا في عام 1968 بالمغرب في ذكرى مرور 14 قرن على نزول القرآن الكريم وكان ضيفا على الملك الحسن الثاني رحمه الله وألقى الدروس الحسينية بشهر رمضان المبارك. والقي في عام 1979 و1980 العديد من المحاضرات بالمركز الإسلامي في لوس أنجلس وزار هيئة الأمم المتحدة ونيويورك وواشنطن.
هذا ودرس المرحوم الشيخ مصطفى التريكي صحيح البخاري وعلم التوحيد والفقه والتفسير في مسجد بن نابي بمدينة طرابلس. كما درس لمدة طويلة بجامع الناقة بالمدينة القديمة بطرابلس الذي أسسه جوهر الصقلي في عهد الدولة الفاطمية. وألقى العديد من المحاضرات بمسجد أسامة بن زيد بمدينة طرابلس بشهر رمضان المبارك. وكان مشاركا في المناسبات والاحتفالات الدينية والاجتماعية وافتتاح المساجد في جميع أنحاء البلاد.
كان يقدم دروسه باللغة الفصحى والعامة حسب المتلقي الذي أمامه. أحبه الليبيون كثيرا وتجمعوا في المساجد وأمام شاشات التلفاز لسماع حديثه كما تجمع المسلمون لسماعه أيضا والحرمين الشريفين.
رحمه الله الفقيد ووسع قبره والهم آله وذويه جميل الصبر والسلوان.
نقلا عن: العرب اونلاين - وكالات