"""""""""""""""""""""" (المبالغة)""""""""""""""""""""""""""""
فى اللغة:هى مصدر رباعي من الفعل (بالغ)،وبالغ المتكلم:اجتهد فى كلامه،وبالغ الصانع فى صنعته أي أتقنها.
بالغَ في يبالغ ، مُبالغةً ، فهو مُبالِغ ، والمفعول مُبالَغ فيه:
• بالغ في العمل اجتهد فيه وبَذَل الجُهْدَ ولم يقصّر "بالغ في التَّرحيب بالضُّيوف".
• بالغ في الحقيقة: تزيَّد؛ غالى فيها وتجاوز الحدّ، أفرط "بالغ في التَّقدير/ المديح/ الدِّقّة/ القصَّة، - هو يميل إلى المبالغة في سرد أحداث الماضي"
• مبالغ في كلِّ ما يقول: مجاوز الحدّ.

فى الاصطلاح:
تردد هذا المصطلح فى بداياته دون تحديد اسم معين له ،وهو طور تمر به جميع المصطلحات وما يسميه أ.د/ربيع عبد العزيز(حياء البدايات)،ولكن عرفه الباقلاني والسلجماسى بأنه(هى تأكيد معاني القول)
- وقد ذكرها ابن المعتز فى بديعه عن (الإفراط فى الصفة):وهو أحد محاسن الشعر والكلام ،وقد أوردها ابن قتيبة ثم أورد قوله تعالى(فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ)
(فالسماء والأرض لا تبكيان أبدا …)
-تقول العرب إذا أرادت تعظيم مهلك رجل عظيم:أظلمت الشمس له ،خسف القمر ..يريدون بذلك تعظيم الحدث وليس الكذب لأنهم جميعا متواطئون على فهم الأصل.
- وقد أدخل قدامة هذا النوع ضمن :نعوت المعانى وهو:أن يذكر الشاعر حالا من الأحوال بمعنى معين لو وقف على هذا المعنى لكفاه،ولكنه يزيد فيه لكى يكون أبلغ ما قصد إليه فى المعنى)
- وقد سماها الحلبى والنويري(المبالغة ،والتبليغ ،والإفراط فى الصفة)
-وقال ياقوت الحموي:أن قدامة بن جعفر أول من سماها (المبالغة)
وقد رد بعض البلاغيين هذا القول،ثم سار عليها بعد ذلك جميع البلاغيين لأنها أخف من (ألإفراط،..)

- قسمها ابن وهب قسمين:
- المبالغة فى اللفظ:وهو ما يجري مجرى التأكيد)
مثل قولنا (هذا هو الحق بعينه)
وقول الحطيئة:
ألا حبذا هند وأرض بها هند وهند أتى من دونها النأي والبعد
فتكرار الألفاظ هنا :هى مبالغة فى التأكيد.
-المبالغة فى المعنى:هو إخراج الشئ إلى أقصى غاياته:
مثل قوله تعالى(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا..)فقد وصل تقبيحهم إلى أقصى درجة يصل إليها المعنى.
_قول زهير:
وفيهن ملهى للطيف ومنظر أنيق لعين الناظر المتوسم
) ملهى للطيف ومنظر أنيق..تخرج بالمعنى إلى أقصى درجات التعبير عن الجمال وحسن المنظر)

وللبلاغيين والنقاد ثلاثة مذاهب فيها:
الأول:أنها لا تعد من محاسن الكلام ولا من جملة فضائله،وحجتهم فى ذلك أن خير الكلام ما خرج مخرج الحق من غير إفراط ولا تفريط.
- قول حسان ابن ثابت:
وإنما الشعر عقل المرء يعرضه على الأنام فإن كيسا وإن حمقا
وإن أشعر بيت أنت قائله بيت يقال إذا أنشدته:صدقا
(وهو رافض لهــــــــــا)
الثاني:أنها من أجل مقاصد البلاغة والبيان والفصاحة حجتهم(أعذب الشعر أكذبه ،أفضل الكلام ما بولغ فيه)/ويستدلون بما استدركه النابغة على حسان ابن ثابت في قوله:
لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى ... وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
فإن النابغة إنما عاب على حسان ترك المبالغة
(وهو قابل لهــــــــــــا)
الثالث:أنها فن من فنون الكلام، ونوع من محاسنه ،ومتى كانت جارية مجرى الغلو والإغراق فهي مذمومة،لأن خير الأمور أوسطها.يقول ابن أبي الإصبع(تحرير التحبير)" فعائب الكلام الحسن بترك المبالغة فقط مخطئ، وعائب المبالغة على الإطلاق غير مصيب، وخير الأمور أوساطها، وكيف تعاب المبالغة وقد وجدت في الكتاب العزيز على ضروب"
(متوســـــــــط)
- وقد ذكرها أبن الأثير والحلبي كلها فى فصل واحد(باب المبالغة) وذلك لأنها لاتزال فى طور البدايات.
- وقال ابن منقذ (المعنى إذا زاد عن التمام سمي مبالغة،وقد اختلفت ألفاظه ،فسماه قوم في لغتهم بالإفراط ،الغلو ،الإغراق)

ومن هنا تولد عن مصطلح المبالغة مصطلحات جديدة هى:
(التبليغ،الإغراق، الغلو)
( التبليــــغ )
فى اللغة:مصدر، من بلغ الشئ بلوغا وبلاغا:وصل وانتهى
فى الاصطلاح:هو نوع من أنواع المبالغة،ويرد فى القوافي خاصة،ويفيد معنى زائدا على معنى الكلام،وقد ذكره قوم بأنه (الإيغال)
-مثال:قو ل عمير التغلبي:
ونكرم جارنا ما دام فينا ونتبعه الكرامة حيث مالا
فإكرامهم الضيف من الصفات الحسنة ،أما إتباعهم الكرامة له فهو من المبالغة الحسنة.
-قول امرئ القيس:
فعادى عداء بين ثور ونعجة دراكا فلم ينضح بماء فيغسل
فهو يزعم أن جواده يلحق بالثور والنعجة لاصطيادهما معا فى وقت واحد ومع ذلك فهو لم يصبه العرق!!
-قول المتنبي:
وأصدع أي الوحش قفيته وأنزل عنه مثلا حين أركب
فهو يصرع الوحوش الذي يلحق بها وينزل عن جواده ويركب فى وقت واحد!
(يا بوى على الكدب!!!!!!!!!!!!)
وهذا النوع
(تجرى به العـــــــادة،ويمكن وقوعه عقـــــلا)
( الإغـــــراق )
فى اللغة:مصدر،من أغرق إغراقا،وأغرق الشئ:جاوز حده،وأصله من نزعِ السهمِ فى الوترِ حتى تستغرق جميعه بينك وبين حنية القوس.
فى الاصطلاح:هو أحد فروع المبالغة،ويقول عنه الحلبي(هو ما فوق التبليغ ودون الغلو)
مثال :
- قوله تعالى(..وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ..)
فصعود القلوب إلى الحناجر لم ولن يحدث ولكن رهبة الموقف تخفف من وطأة التعبير وتضفى عليه بعض التصديق
- قول امرئ القيس:
تنورتها من أذرعات وأهلها بيثرب أدنى دارها نظر عال
فهو يزعم أنه رأى نار محبوبته وهى مع أهلها فى يثرب وهو مقيم فى أذرعات بالشام!وهذا لايمكن حدوثه. وهو ما جعل بعض البلاغيين لا يستسيغون ذلك، ولكن عين العاشق وأشواقه ترى ما لا يراه الآخرون وهو ما أضفى على المعنى بعض التساهل فى قبوله.

- قول مجنون ليلى(ربنا يجنه كمااااان وكمااااااان)
ألا إنما غادرت يا أم مالك صدى أينما تذهب به الريح يذهب فهو يدعى أن طيف حبيبته وصداها موجود فى كل مكان تذهب
به الريح ،وذلك لايجري ولا يحدث ولكن شدة حبه وشوقه لها جعله يشعر بها فى كل مكان.

- قول المتنبي:
كفى بجسمي نحولا أنني رجل لولا مخاطبتي لإياك لم ترني
فلم يحدث أن رجلا يتكلم ولكن لا يرى ولكن شدة التعبير عن نحوله والمبالغة في ذلك جعلنا نستسيغ المعنى.

- قول بشار بن برد:
فى حلتي جسم فتى ناحل لو هبت الريح به طاحا
(من شدة نحوله أن الريح لو هبت ستأخذه معها!!!)
وهذا النوع
(لا تجري به العــــادة ،ويمكن وقوعه عقـــــلا)

( الغلــــــــو )
فى اللغة:غلا فى الأمر يغلو غلوا:جاوز حده وأفرط،وغلا بالسهم :أي رفعه إلى أقصى غاياته،غلا السهم :ذهب إلى أقصى مدى،وغلا السعر:زاد وارتفع.
فى الاصطلاح:هو أحد أنواع المبالغة،سماه ابن طباطبا(التشبيهات البعيدة التي لم يخرج كلامهم فى التعبير عنها سلسلا عذبا)

- مثال قول الجعدي:
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا وإنا لنبغي فوق ذلك مذهبا
فهو يدعى أن مجدهم بلغ السماء وأن هذا لا يكفيهم وأنهم يريدون أعلى من ذلك!وهذا لم ولن يحدث من قبل ولا يقبل العقل أن يبلغ فوق السماء شئ. (هتروح فين يعنى!!!!!!)
- قول ابن هانئ الأندلسي فى مدح المعز:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار
فهذا شطط وغلو لأنه يضفى صفات على الممدوح لا تليق إلا لله عزوجل..(فى رأى أ.د/ربيع عبدالعزيز أن ثقافة الشاعر وعقيدته تتدخل فى ذلك.)
- قوله:
أخشاك تنسى الشمس مطلعها كما أنسى الملائك ذكرك التسبيحا
فيزعم أن خشية المعز تنسى الشمس أن تطلع كما أنست الملائكة التسبيح لله عزوجل!!!
-قوله:
إمام رأيت الدين مرتبطا به فطاعته فوز وعصيانه خسـر
أرى مدحه كالمدح لله إنه قنوت وتسبيح يحط الــوزر
-قول أبي نواس:
وأخفت أهل الشرك حتى إنه لتخافك النطف التي لم تولد
فكيف يخافه من لم يولد من الأساس!!!!!
و هذا النوع من الغلو غير مقبول وأما المقبول منه فهو
- ما كان به قرينة :مثل(كاد،قد،لو،لولا،حروف التشبيه)(ومن هنا تولد مصطلح جديد هو القرينة ولا مجال للحديث عنها هنا)
مثال: قوله تعالى(..يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ..)،
( يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ..)
قول جرير:
لولا الحياء لهاجنى استعبار ولزرت قبرك والحبيب يزار
- ما يضفي نوعا من التخيل. مثل قول المتنبي:
عقدت سنابكها عليها عثيرا لو تبتغي عنقا عليه لأمكنا

- ما خرج مخرج الهزل والخلاعة:كقول أحدهم:
أسكر بالأمس إن عزمت على الشـ رب غدا ،إن ذا من العجب
فلا يعقل أن يسكر فى الأمس إذا أراد أن يشرب الخمر فى الغد.. إلا إذا كان سكران وهو يقول ذلك!!!
وهذا النوع
(لا تجري به العادة،ولا يقبله العقـــــل)
======= نسألكم الدعـــــــاء =========
وفقنا الله وإياكم،،،