أهم الرجال..
.قصة قصيرة

دوت صرخة مجلجلة اهتزت لها جنبات العمارة ذات الأربعة طوابق...انتزعت الأجساد شبه العارية من هوة النوم،تبعتها صرخات وصرخات فتدفقت الأقدام الحافية عبر الأبواب ، وانحدرت تتراكض عبر السلالم .
تصادمت وتلاصقت عند باب القبو ، على زجاجه كانت تتراقص ضلال وأضواء ، ومن خلال شقوقه تزاحم الصراخ والعويل وأشياء تتحطم .
تبرع أحدهم لتبليغ الشرطة ، بينما تهاوت القبضات والأكف تدق الباب .
- افتحوا...افتحوا وإلا سنحطم الباب
دوي المعركة في الداخل لم يتراجع، قالت إحدى النساء وهي تمسح دموعاً:
- مسكين العم محمود ، لابد أنهم قتلوه .
فردت عليها أخرى:
- كانوا يعرفون أنه وحيد ، وأنه بواب العمارة منذ زمن بعيد ، ولابد أنهم تخيلوا أنه يملك ثروة.
فولولت ثالثة وكأنها قد تأكدت من اغتياله:
- يا ربي ...من يحرس عمارتنا؟
فتدفق بعدها السيل:
- من ينظف الدرج ؟
- من يخرج القمامة؟
- من يوصل أولادنا إلى المدارس؟
- من يحضر دلاء الماء إلى كل الشقق عندما ينقطع الكهرباء ؟
- من يستقبل الضيوف ؟ من يعد الشاي اللذيذ ؟، من يرتب البيت بعد رحيلهم؟
- من يحكي لأطفالي قصة قبل النوم ؟
ثارت حمية الرجال ، فقال أحدهم :
- هيا حطموا الباب .
وبضربة رجل واحد، اندفع رجال العمارة نحو الباب ، فاستجاب لقوتهم وشرع مصراعيه، قاذفاً بهم إلى أرض الغرفة .
نهضوا ينفضون تراب الأرضية عنهم ، ويحدقون غير مصدقين في العم محمود الذي كان ممداً على أريكته أما التلفاز .
تقدم أحدهم وكتم صوت التلفاز الزاعق ، ثم تناول جهازاً صغيراً بالقرب منه ، تفحصه ،وقال وهو يبتسم للآخرين :
- شحن سماعته قد نفذ .