منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارتحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوسف تغزاوي
عضو نشيط


القيمة الأصلية

البلد :
المغرب

عدد المساهمات :
24

نقاط :
72

تاريخ التسجيل :
02/12/2011


تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات Empty
مُساهمةموضوع: تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات   تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات I_icon_minitime2014-01-24, 17:27


د. يوسف تغزاوي
0- تــقـــــديــــــــم :
إذا كانت دلالة الخطاب تتضمن في المعجم اللاتيني الحوار وكذا معاني الخطابة ، فإن اللسانيات المعاصرة حددت جغرافية الخطاب عند حدود الجملة، حيث حظيت بالاهتمام والدرس بوصفها وحدة تتوافر على شرط النظام. وهي غير قابلة للتجزئة، وإذا أمعنا النظر في ماهية الخطاب على أنه ملفوظ يشكل وحدة جوهرية خاضعة للتأمل. ففي حقيقة الأمر فإن الخطاب ما هو إلا تسلسل من الجمل المتتابعة التي تصوغ ماهيته في النهاية.
وعهنا يظهر مأزق اللسانيات أو محدوديتها على الأصح. في معالجة إشكالية الخطاب لأنها تحصره في نطاق الجملة التي نظر إليها أندريه مارتيني Andre Martinet أنها أصغر مقطع ممثل بصورة كلية وتامة للخطاب. غير لأن هذا بل يفضي إلى عجز الدراسات اللسانية في عدم قدرتها على معالجة قضايا أكبر من الجملة، وبالتالي عدم عجزها عن تحليل الخطاب. فهناك تباين في تحديد بنية الظاهرة اللغوية. فعلماء للغة يحددون الكلمة بأنها «وحدة في جملة تحدد معالم كل منها بإمكانية الوقوف عندها» والجملة هي : «تتابع من الكلمات والمرقمات التنغيمية(1) وهكذا تتداخل الكلمة والجملة في مفهوم متلاحم، وعليه فإن الجملة تتشكل من «مجموع الوحدات التي يصح أن يقف بينها (الكلمات) بالإضافة إلى درجة الصوت والتنغيم والمفصل، ونحو ذلك مما يدخل في إيضاح المعنى»»(2).
1- إسهامات اللغويين العـــرب :
إن المفهوم السابق للجملة يقترب كثيراً من أطروحات علماء اللغة العربية عندما يعرفون ما. الكلام على أنع كل لفظ مستقل بنفسه مفيد لمعناه. وهو الذي يسميه النحويون الجمل/، «نحو : زيد أخوك، وقام محمد، وضرب سعيد، وفي الدار أبوك، وصه ومه ورويدا... فكل لفظ استقل بنفسه وجنيت منه ثمرة معناه فهو كلام»(3). ويشير ابن هشام إلى تحديد ماهية الجملة بمنطق اللساني المعاصر، لأن الخطاب اللساني وضع أسسا اللساني المعاصر هو، لأن الخطاب اللساني وضع أسساً ابستمولوجية لمنطلقاته المنهجية عندما أوضح الفروق القائمة بين اللغة والكلام، كما هو الشأن لدى دي سوسير في كتابه دروس في اللسانيات العامة إن «الكلام هو القول المفيد بالقصد، والمراد بالمفيد ما دل على معنى يحسن السكوت عليه»(4)، وهو التصور ذاته الذي نلقيه عند هاريس.
إن اللغويين العرب أولوا أهمية كبرى للكلام وربطوه بماهية الجملة وقسموا عناصرها إلى اسمية وفعلية من حيث نوقع المسند إليه وما أنجز عنها من علاقات حددها تمام حسان في العلاقات السياقية (القرائن المعنوية وحصرها في الإسناد) والتخصيص والنسبة والتبعية والمخالفة(5).
إذا كانت الجملة هي الكلام عند لبن جني، فهي تقابل القول عند سيبويه، أما جار الله الزمخشري فعرف الكلام بأنه «المركب من كلمتين أسندت إحداهما إلى الأخرى... وذلك لا يتأتى إلا في اسمين كقولك زيد أخوك، وبشر صاحبك أو في فعل واسم نحو قولك ضرب زيد ولنطلق بكر ويسمى جملة»(6)، إن تصور اللغويين العرب للجملة وصلتها بالكلام لا يخلو من غموض وتناقض في بعض الأحايين.
هناك تصور آخر للعلاقة بين الجملة والكلام نتيجة للفروق التي تكمن بينهما فيقول الرضي «والفرق بين الكلام والجملة أن الجملة مت تضمن الإسناد الأصلي سواء كانت مقصودة لذاتها أو لا كالجملة التي هي خبر المبتدأ وسائر ما ذكر من الجمل.. والكلام ما تضمن الإستاد الأصلي وكان مقصوداً لذاته فكل كلام جملة ولا ينعكس»(7).
2- بين لسانيات الجملة ولسانيات الكلام :
هناك إذن طرحان يتمثلان في لسانيات الجملة ولسانيات الكلام، فأين نضع مفهوم الخطاب ضمن هذين الطرحين؟ فإذا قررنا بأن الخطاب مجموعة جمل تتوافر على شرط النظام، حتى يتسنى درسه وملاحظته فإننا نكون قد صدمنا المنطق الصارم للسانيات التي تحدد موضعها في الجملة ولا تتجاوزه. فإن الخطاب كما يرى رولان بارت «يمتلك وحداته وقواعده ونحوه».
فما بهد الجملة، ورغم أن الخطاب مكون فقط من جمل، فمن الطبيعي أن يكون الخطاب (هذا الما بعد) موضوعاً للسانيات ثانية. وقد كان للسانيات الخطاب هذه، ولفترة جد طويلة، اسم مجيد (إلا وهو) البلاغة.
لكن كنتيجة للعبة تاريخية، وبانتقال البلاغة إلى صف الآداب الجملية، وانفصال هذه الأخيرة عن دراسة اللغة فقد أصبح من اللازم حديثاً العودة إلى إثارة المشكل من جديد(8).
إن إثارة بارت لها المشكل كان منطلقة الاقتراب من فكرة البنية السردية ولفتها وبالتحديد دراسة ما بعد الجملة ويبدو ظاهرياً نقد بارت لجمود اللسانيات عند حدود ضيقة محصورة في الجملة لكنه يرى بأنه لا مندوحة من مقاربة البنية السردية من منطلق لساني إلى درجة إقراره بمعقولية «التسليم (بوجود) علاقة تماثلية بين الجملة والخطاب، و(ذلك) اعتباراً إلى وجود علاقة التماثل البنيوي بين الجملة والخطاب».
إن نفس التنظيم الشكلي، هو ما ينظم ظاهرياً كل الأنساق السيميائية مهما اختلفت موادها وأبعادها : هكذا سيصبح الخطاب «جملة كبيرة» (ولا تكون وحداتها بالضرورة جملاً) تماماً مثلما ستكون الجملة في استعانتها ببعض المواصفات «خطاباً صغيراً» (...) فمن المشروع إذن التسليم بعلاقة ثانوية بين الجملة والخطاب ومن سمي هذه العلاقة اعتباراً لطابعها الشكلي المحض، علاقة تماثلية(9)، وانطلاقاً من هذه الفرضية التي وضعها بارت خلص إلى أن السرد من وجهة التحليل البنيوي يعد «طرفاً في لجملة دون أن يكون في المستطاع أبداً اختزاله إلى "مجرد" مجموعة من الجمل. فالسرد جملة كبيرة. وهو يكون بطريقة ما مثل كل جملة تقريرية Commentative مشرع سرد صغير»(10).
لا تزال حقول تحليل الخطاب تتراوح بين الذين يتشبثون بمنطق صرامة اللسانيات وتضييق مجالاتها المعرفية وبين من يدعون إلى نهج المرونة في الاقتراب من فضاءات الخطاب وتوسيع مجالات اللسانيات لتشمل رحابة المعرفة وتشبعاتها ولاسيما أن فلسفة العصر الحديث عي اللغة بوصفها قناة لكل معرفة متوخاة.
2- المرجعية اللسانية في تحليل الخطاب :
بظهور اللسانيات التاريخية في القرن التاسع عشر كانت القواعد العامة تبحث عن إيجاد تفسير للاستعمالات الخاصة للغة وفق قواعد عامة تتأسس حول المنطق. وقد كان اللغويون العرب القداس سباقين إلى رسم هذه الإستراتيجية للغة العربية. فتأسس على أيدعم علم أصول المحو مستثمرين المنطق اليوناني وعلم أصول الفقه. غير أن ميلاد اللسانيات التاريخية في أوروبا حدد تصورات جديدة لم تكن متبلورة في السابق، مثل التغيرات التي تشهدها اللغة فهي ليست رهن الإرادة الواعية للبشر وإنما ضرورة داخلية. كما أنها طبيعية وتخضع للتنظيم الداخلي للغات.
ومن أبرز معالم اللسانيات التاريخية ظهور مؤلف الألماني في بوب F-Bopp «نظام التصريف للغة السنسكريتية مقارنة مع اللغات الإغريقية واللاتينية والفارسية والجرمانية» عام 1816. فقد كان إعلاناً عن ميلاد المحو المقارن، رفقة الأخوة شليجل وجريم وشليغر. فسمح بإيجاد القرابة بين اللغة السنسكريتية المقدسة للهند القديمة وأغلب اللغات الأوروبية القديمة والحديثة. وأخذت الدراسات اللسانية هذا المنحى حتى مع «النحويين الجدد» في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، الذين تطلعوا إلى تجديد النحو المقارن. بحيث دعوا إلى تفسير التغيرات الحاصلة داخل اللغة وهدم الوقوف عند وصفها، ورأوا أن الأسباب الوحيدة القابلة للمراجعة هي البحث عن نشاط الفاعلين المتكلمين، وفضلوا تحديد مسافة لدراسة التغيرات اللغوية. وكما هو واضح فإن طبيعة اللسانيات التاريخية وموضوعاتها لم تسمح بمعالجة موضوع الخطاب معالجة ذات صلة بجوهر اللغة. فالتحليل التعاقبي الذي طبع المنهج التاريخي في الدراسات اللغوية فرض على الباحث السويسري فرديناند دي سوسير F. Desoussure أن يؤسس معالم اللسانيات البنيوية، ويرسم خطاباً ابستومولوجيا يتعامل مع نظام اللغة بمنطق علمي جديد لا يخفي أصوله الفلسفية والعلمية (علم الاقتصاد) بذاته ومبدأ من مبادئ التبويت(11).
ويمكن استنتاج خصائص الخطاب بالمفهوم السوسيري بأنها تتوافر على العنصر الفيزيائي (الموجات الصوتية) والعنصر الفيزيولوجي (التصويت والسماع) والعنصر النفسي (الصور اللفظية والمتصورات) وتنحصر طبيعة دراسته في قسمين :
أولاً : قسم جوهري يرتكز موضوعه على اللغة ذات الطابع الجماعي المستقل عن الفرد. وهو أقرب إلى الدراسات النفسية التي تحلل الخطب تحليلاً نفسياً بحتاً.
ثانياً : قسم ثانوي ينحصر موضوعه في الجانب الفردي من الكلام (اللفظ بما في ذلك عملية التصويت) ويتعلق بالجانب النفسي الفيزيائي. ولكن مهما يكن من فروق بين اللغة والكلام فإنهما متلازمان ومتواصلان وعلى الرغم مما يبدو للوهلة الأولى من أن دي سوسير قد أهمل لسانيات الكلام وأبعدها من صفتها العلمية لافتقارها لعنصر الانسجام والوحدة، ويرى بعض الباحثين بأن «سوسير لم ينف الكلام، ولم يبعده من لدراسة اللسانية، كما قد توهم البعض، وإلا لما كان مقبولاً حديثه عن لسانيات الكلام، والمراد بذلك أن الكلام – أي الذات المتكلمة – لا يغيب في الدراسة اللسانية. صحيح أتنه ليس من صميم الدراسة اللسانية الصارمة لأن دراسته لا تقوم إلا بتدخل عدة علوم، أي عدة مناهج تختلف من حيث الطبيعة والجوهر مع المنهج اللساني المقترح. لهذا السبب أمد سوسير على ضرورة التمييز بين هذين النوعين من الدراسة»(12).
إن الوقائع الكلامية في واقع الأمر لم تحظ بالاهتمام العلمي الكبير من قبل سوسير كما هو الحال بالنسبة للغة، لهذا فإننا لا نحصل على متصورات منهجية وأسس ابستمولوجية لعلم الخطاب في دروس سوسير، وقد أثر ذلك سلباً في الدرس اللساني حيث مال إلى التضييق والحصر. وقد دعا بعض علماء اللغة المعاصرين هو تخليص اللسانيات من الجمود والضيق، والانتقال بها إلى مجال الحركة والسعة. وقد دافع نوام تشومسكي عن هذا الاتجاه حين حدد واحدة «من الإشكاليات الإستراتيجية الرئيسية عندما يتساءل عن المدى الذي يحرز هذا التضييق المتعمد كمصدر للتبصر العلمي العميق، وهل ينتفى بانتفاشه ثم عن المدى الذي يقلل به هذا التضييق إمكانيات الاكتشافات الهامة»(13).
لكي تحقق اللسانيات استكشافات جديدة في مجال علم «تحليل الخطاب» ينبغي أن تفك عزلتها بالتفاعل مع حقول العلوم الإنسانية. ولا تبقى حبيسة زاوية ضيقة ومحدودة، وهذا الطموح يسمح بإبراز قضايا كثيرة تتعلق بالإشكالية اللسانية وموقع تحليل الخطاب، ويسفني لإثارة أسئلة جوهرية ذات صلة بنظرية النص ونظرية القراءة، والشروط التي تحيط بفضاء الخطاب منها ما هو معرفي ومنعا ما يتصل يالسوسيوتاريخي عندما أشار دي سوسير إلى السيميولوجية، ذلك العلم الذي لم يكن سوى تصور أتاح إمكانات دمج اللسانيات في منظومة العلوم الإنسانية واحتكاكها بالعلوم الأخرى. وهكذا فإن اللغة بالمفهوم السيميولوجي أضحت مجموعة من العلامات وأن الظاهرة اللغوية هي ظاهرة سيميائية ستكون مادة خصبة للمنهج السيميائي في تحليله للخطاب مع تجاوز الثنائية السوسيرية (اللغة الكلام) مع التركيز على اهتمام السيميائي بالاجتماعي، وحينئذ سيصير الكلام بوصفه إنجاز فردياً غير ذي أهمية في مجال البحوث السيميائية.. وقبل هذا فإن التحليل البنيوي استفاد من المنهجية اللسانية فصار تحليل بنية النصوص في ذاتها ولذاتها، وذلك بفضل المقولة التزامنية في دراسة اللغة.
يثني لويس يامسليف L. Hjelmslev على وجود دي سوسير وبعده المؤسس الأول للسانيات البنيوية، على الرغم مما يبدو من إخلاصه العلمي لدى سوسير، إلا أن توجهاته العلمية واهتمامه بالمنطق الرياض ومعرفته الواسعة باللغات القديمة والحديثة، مكنته من صياغة لسانيات موسومة بالروح الرياضية فكانت منظوميته Glossématique إضافة نوعية للدراسات اللسانية المعاصرة. فاللغة لا يمكن – في نظره – فصلها عن الإنسان، فهي الأداة التي يفضلها يمكن صياغة مشاعره وانفعالاته وجهوده وإرادته وحالاته، فبها يمكن أن يؤثر ويتأثر(14). وتتركز اهتمامات الألسنية حول مسألة النية(15)، لهذا يتجاوز المستوى الفونولوجي ليهتم بمشكلات التعبير ووحدات المحتوى. فاللغة هي قبل كل شيء شكل وهي في آن واحد تعبير ومحتوى. وقد استطاع يامسليف تأسيس حلقة كوبنهاجن وتشكيل فرق للعسل، وتكوين نظرية Prolégomènes لمدة عشر سنوات من البحث العلمي المبني على النظرة التجريبية القائمة على الملاحظة والاختبار. فالدرس اللساني يتسم في رأيه بالانسجام والشمول والبساطة ولهذا يرى أن النظرية اللغوية نظرية استنباطية تشتمل على مبدأ الكلية Totalité فهي قابلة للتطبيق على جميع اللغات الإنسانية.
إن يامسليف يحدثنا عن مبدأ التحليل وصيفه ونلفي حديثاً عن النص في كتاباته ولا نجد تصوراً علمياً واضح المعالم عن الخطاب، باستثناء حديثه عن محتويات السيميائية وعن اللغة الإيحائية.
حتى اللسانيات الوظيفية التي تراهن على مفهوم التواصل بوصفه أهم الوظائف الأساسية للغة وارتباط التطور اللغوي بمبدأ الاقتصاد. لم تعالج موضوع الخطاب. وهكذا بدا وكأنه ليس من صميم الإشكالية اللسانية. وإن كانت المدارس اللسانية تعالج قضايا جوهرية ذات صلة بتحليل الخطاب. فنجد أنريه مارتيني يتحدث عن التحليل التركيبي للمدونة أو المتن على أنه مجموعة علاقات الترابط، في الفصل الرابع من كتاب «عناصر اللسانيات العامة» الذي خصصه للوحدات الدالة نجد تحليلاً للملفوظات ولكن انطلاقاً من مفهوم التواصل للغة، فهناك مقاربات لتحليل مستويات الخطاب، دون الحديث عن ماهيته ويمكن أن نخلص إلى نتيجة أن موضوع الخطاب وجد فراغاً كبيراً في أطروحات بعض المدارس اللسانية الحديثة. على الرغم منء أنه أصبح حقيقة فرضت استعمالها في حقل علم المصطلحات وأصبحت متداولة في أدبيات العلوم الإنسانية، حتى لازمن بعضا منها. فنجد حديثاً شائعاً لدى العامة عن الخطاب السياسي وتحولاته وخصائصه، وأصبح بديلاً لمفهوم الخطبة والحطابة في التراث الإغريقي والتراث العري الإسلامي.
إن إميل بنفيست على E.Benveniste، يعالج مشكل الخطاب معالجة لسانية، فالجملة بالنسبة إليه وحدة لسانية لا تؤلف صنفاً شكلياً من الوحدات المتعارضة بينها، مثل تعارض القونيمات الفونيمات أو الفونيمات مع المورفيمات، أو المفردات مع المفردات.
هناك طرح منهجي مهم جداً يشير إليه جان ديبوا Jean Dubois، عندما يقول : «مع الجملة مترك إطار اللغة بوصفها أداة للتواصل. في هذا المجال تتوقف الجملة أن تكون موضوعاً... وتصير وحدة، فالجملة هي وحدة الخطاب»(17).
يركز إميل بنفيست على قيمة عملية التلفظ التي لم تنل اهتمام اللغويين القدامى، فقد كان ينظر إليها بوصفها موضوعاً لا يندرج في نقاط الدراسة اللسانية، ولكنها أضحت مادة جديرة بالاهتمام نظراً لأنها تنقل اللغة من سكونيتها إلى حركية الاستعمال الفردي (الكلام والخطاب)، إن جهاز الشكلاني للتلفظ عنصر من عناصر اللغة التي تشكل ماهية الخطاب. فتحديد العلاقة بين الباث والمتلقي، تسمح للفاعل المتلف أن يجد منزلة في الخطاب، وقد يجد أيضاً الفلاسفة ضالتهم في البحث عن الذاتية التي تتجل في حرية كلام الفاعل المتلفظ الفردية. إن بنفيست يراهن على مركز الفاعل المتلفظ في الخطاب، وهذا لا يعني تطابق الذاتية المغلقة مع الجهاز الشكلاني لعملية التلفظ، فهو بذلك يكون قد أسهم في إدخال عالم الخطاب إلى اللسانيات، ويعد من الموضوعات الجديدة في حقل دراسات اللسانيات المعاصرة، التي ما فتئت تعرف استكشافات علمية، وصعوبات منهجية، وهكذا تم توسيع نطاق موضوع اللسانيات ولاسيما عملية التلفظ وصلتها بالخطاب الذي حفز الدراسات على البحث عن مناهج التحليل. إن ربط تصور الملفوظ بالخطاب كان يقتضي وضع قواعد للتسلسل وللمسار الذي يتوافر على قابلية التعبير بالكلام، غير أنه ينبغي الإشارة إلى أن الملفوظ وحده لا يحدد الخطاب إلا إذا أضيفت إليه وضعية الاتصال.
Situation de communication + Enoncé = Discours.
3- التحليل التوزيعـــــي :
إن النظرية التوزيعية في اللسانيات الحديثة، أسهمت بفضل جهود بلومفليد Ploomfield))، وهاريس (Z. S. Harris)، في دراسة قواعد الجمل، وتحليلها بوصفها وحدات ممكنة في لغة معينة بمعنى يجب أن تتوافر فيها القابلية للتحقيق بهذا التصور لقواعد الجمل يظل تحليل الخطاب يبحث عن معرفة المقاييس وبنائها، وكذلك اعتبار مجموعة من السلسلات الوصفية على أنها متتاليات لجمل ملفوظة. (Phrases- énonces)، فهي تشكل في نظر هاريس مؤسسة لشبكات من التكافؤ بين جمل متتالية. ويحيلنا ريمون طحان ودينين بيطار طحان إلى التجريد الذي لازم غراما طيق الجمل وما تفرع منها من مفاهيم استقتها من اللسانيات وعلم الدلالة فمنها :
- مفهوم الأصولية : هي الجملة التي تتمتع بالصحة الدلالية والمنطق اللغوي، فهي تخلو من التنافر الصوتي، وتخضع بنيتها التركيبية لقواعد اللغة.
- مفهوم دلالة الجملة : هناك إشكال معرفي تجده اللسانيات في تحديد ماهية الجملة، فإذا كانت «تتألف من عناصر تعود إلى ثبت مغلق، ومن أصوات محدودة العدد ترتبط بالمعنى (...)، ولكن ... هناك بنى وجمل تختلف في معناها وتتحقق بأشكال متشابهة، وهناك أيضاً بنى وجمل تتشابه في معناها وتتحقق بأشكال مختلفة»(18).
إن تحليل الخطاب دفع هايس إلى تعريف مجموعة التكافؤ والتقارب بين ملفوظين حتى يبرز طريقته المنهجية التي ركزت على النص الإشهاري، ويشير ديبوا إلى المفهوم الجديد عن طريق نص تم بناؤه. فالخطاب السياسي لحرب الجزائر مثلاً قد درس على أساس أنه الخطاب الذي دفع إلى تمثيل العلاقة الموجودة بين موضوعات الجزائر وفرنسا(19).
لقد ارتبط التحليل التوزيعي بالنزعة السلوكية (Behaviorisme) التي راجت في الولايات المتحدة الأمريكية بداية منذ سنة 1920، فكان من أهدافها تحقيق الموضوعية في دراستها، وقد حمل لواءها ليونارد بلومفيلد، وتجلت مبادئ المدرسة التوزيعية في محاولتها لتحليل الخطاب ودراسة توزيع الوحدات اللسانية عن طريق المدونة (Corpus) والوحدات كما أسلفنا القول غير أن الذي يميز هاريس اختياره لطرائق التعامل منع النصوص الغوية. فالنص الإشهاري يمتاز بتكرار الأشكال التي بالوصول إلى بنيته، وكذلك تأكيده على العلاقات القائمة بين الجمل وتفضي إلى سلسلة من الجمل المتكافئة، وعليه فإن مبدأ التحويل الذي أقره هاريس يتضح في تحليل العلاقات التي تؤلف بين الجمل، وهذا التصور أضفى الصفة الإجرائية لعملية تحليل الخطاب، بل يعد لبنة من لبنات «علم الخطاب».
اعد إضافات المدرسة التوليدية التحويلية امتداداً لجهود بلومفليد وهاريس ويمكن وضع مفهوم الخطاب في مقابل ثنائية نو شمسكي (N. Chomsky) الكفاية والأداء اللغوي. إن ما يمكن استخلاصه من نظرية نو شمسكي تخطيها للدراسة السطحية التي تنتهجها اللسانيات البنيوية ولا تتعداها للبحث عن المستوى العميق للكلام ولا تأخذ مبدأ التأويل في حسبانها. إن الدرس التوليدي التحويلي يعالج عملية التكلم ومكانيزماتها التي تظهر في الاستعمال المبدع للغة.
4- التحليل السوسيولوجي للخطاب :
يربط باختين M. Bakhtine نظرية التلفظ بمستويات التركيب، لأن كل تحليل للخطاب في تصوره تحليل لمتن التلفظ الحي. وهو سمة من السمات المحسوسة لأفعال الكلام كما أنه يلاحظ قصور اللسانيات في احتواء موضوع التلفظ، ويبدو هذا العجز اللساني واضحاً في الاهتمام بالجملة وعدم الاقتراب من الخطاب. إن اللساني يشعر بارتياح أكثر وسط الجملة، وكلما اقترب من تخوم الخطاب من (التلفظ) العام، فهو ليس مسلحاً لتناول الكل، ليس من بين مقولات اللسانيات مقولة تصلح لتحديد الكل. والواقع أن لمقولات اللسانية لا يمكن تطبيقها في حالتها هذه إلا داخل (التلفظ)(20).
إن الخطاب في مفهوم باختين بعيد مسألة خطاب الآخر وبتجسد في الخطابات اللسانية (خطاب مباشر، خطاب غير مباشر، خطاب غير مباشر حر)، لهذا يراهن على المنهج الاجتماعي في اللسانيات، وضرورة تفسير واقعة خطاب الغير تفسيراً سوسيولسانياً ويعرف الخطاب المروي بأنه «خطاب في الخطاب، وكفظ في التلفظ،.. لكنه في الوقت ذاته خطاب عن الخطاب وتلفظ عن التلفظ»(21). كما أنه يتمتع باستقلاله البنيوي والدلالي.
5- علاقة الخطاب بالحواريـــــة :
إن مصطلح الحوارية الذي استثمرته فيما بعد – جوليا كريستيفا – وشاع في أدبيات الخطاب النقدي الجديد وعرف بالتناص Intertextuelle يشير إلى اقتحام اللسانيات للمجالات التي كانت تعتقد أنها ليست موضوعاً لبحثها، «فالوحدة القاعدية الحقيقية للسان – الكلام ليست هي التلفظ – الحوار الداخلي الوحيد والمعزول، كما هو معروف، ولكنها تفاعل تلفظين على الأقل أي الحوار»(22). ويثير باختين أسئلة جوهرية في مسألة علاقة الخطاب بالحوارية.
«كيف ندرك في الواقع خطاب الغير؟ كيف تحس الذات المتلقية، في وعيها بتلفظ الغير هذا الوعي الذي يعبر بواسطة الخطاب الداخلي؟ كيف يستوعب الوعي الخطاب بفعالية، وما هو التأثير الذي يمارسه الخطاب على توجيه الكلام الذي يتلفظ به المتلقي من بعد؟»(23). لقد طورت هذه المفاهيم تحليل الخطابي الروائي ووثقت الصلة بين اللسانيات والتحليل السوسيولوجي. ونجد تحديداً لأنماط الحوارية في الرواية لدى باهتين وتتصل في التهجين والعلاقة المتداخلة ذات الطابع الحواري بين اللفات والحوارات الخالصة.
إن مفهوم الحوارية معرفه تودوروف T. Todorov بقوله : «كل علاقة بين ملفوظين تعتبر تناصاً.. فكل تناصين شفويين، أو كل ملفوظين مجاور أحدهما الآخر، يدخلان في نوع خاص من العلاقات الدلالية نسميها علاقات حوارية»(24).
وانطلاقاً من هذا التصور وجه باختين نقداً للأسلوبية، وقدم قراءة لتاريخ الأساليب من منطلق سوسيولوجي.
1- الوثوقية السلطوية (العصور الوسطى)؛ وتتميز بالأسلوب الفخم السطري وغير مسند إلى شخص في بث خطاب الغير.
2- الوثوقية العقلانية (القرنان 17 و18)؛ وتتميز بالأسلوب السطري الأدق والأرق والأوضح.
3- النزعة الفردية الواقعية والنقدية (نهاية القرن 18 والقرن 19)؛ وتتميز بأسلوب نجازي منسق والميل إلى تسريب الخطاب المروي من خلال أجوبة وتعليقات المؤلف.
4- النزعة الفردية النسبوية (المرحلة المعاصرة)؛ وتتميز بإذابتها للسياق السردي.
وخصص في كتابه «الماركسية وفلسفة اللغة» الفصلين الأخيرين للخطاب غير المباشر والخطاب المباشر ومتغيراتهما، والخطاب غير المباشر الحر في الفرنسية والألمانية والروسية وهي دراسة مقارنة. لقد كان ميخائيل باهتين نموذجاً لما ينبغي أن يسلكه اللساني لكي يتخلص من الجمود والعزلة. ولقد وجدت السيميائيات المعاصرة في مفاهيمه حول تحليل الخطاب والحوارية ما جعلها تحقق تقدماً نوعياً في تحديد مسار الأبنية الجديدة لعلم مازالت تتنازعه عدة حقول معرفية.
بعد أن تستعرض جوليا كريستيفا مفاهيم الخطاب لدى اللسانيين التي سبقت الإشارة إليها تخلص إلى أن الخطاب «يدل على كل كفظ يحتوي داخل بنياته الباث والمتلقي مع رغبة الأول في التأثير على الآخر»(25). وتقدم في مؤلفها (النص المغلق) أيضاً تعريفاً للنص على أنه جهاز فوق لساني يعيد توزيع نظام اللغة، كما أنه يتحدد عن طريق تبادل النصوص أي التناص، داخل فضاء النص هناك عدة ملفوظات مأخوذة من نصوص أخرى تكون متقاطعة ومحايدة. إن مفهوم الخطاب وعلاقته بالنص والتناص بعد امتداداً لمفاهيم باختين.
6- التحليل السيميائي للخطاب :
إن التحليل السيميائي هو ذاته تحليل للخطاب، وهو يميز بين «السيميوتيقا النصية» وبين «اللسانيات البنيوية ». الجملية، «ذلك أن هذه الأخيرة حيث تعتم بالجملة تركيباً وإنتاجاً وهو ما يسمى بالقدرة الجملية، فإن السيميوتيقا تعتم بالجملة ببناء نظام لإنتاج الأقوال والنصوص. وهو ما يسمى بالقدرة الخطابية. ولذلك، فمن المناسب الآن وضع القواعد والقوانين التي تتحكم في بناء هذه الأقوال وتلك النصوص»(26).
إن التحليل السيميائي للخطاب ينطلق مما انتهت إليه جهود اللسانيين حول النظرية العامة للغة، وبمسائل التصورات التي أحيطت بالخطاب ويقتضي أن يكون متجانساً مع الثنائيات الأساسية : (اللغة / الكلام)، (النسق / العملية)(Process)، (الكفاية / الأداء الكلامي)، كما أنه لا يغفل العلاقة التي تربطه بمقولة التلفظ. فالمعجم السيميائي لجريماس وكورتيس وهو يناقش مصطلح الكفاية من جهة نظر تشومسكي ينظر إليها على أنها مجموعة من الشروط الضرورية في عملية التلفظ، كما أنه يتوافر على صورتين مستقلتين لهذه الكفاية :
أولاً : كفاية السرد السيميائي.
ثانياً : الكفاية القابلة للوصف أو التعبير بالكلام.
بالنسبة لكفاية السرد السيميائي حسب منظور يامسليف وتشومسكي يمكن تصورها على أنها تمفصلات تصنيفية وتركيبية – في الآن ذاته – وليس بوصفها استبدالاً بسيطاً على منوال دي سوسير للغة، فالتحليل السيميائي ينظر لهذه الأشكال السردية نظرة كونية مستقلة عن كل مجموعة لسانية وغير لسانية لأنها مرتبطة بالعبقرية الإنسانية. وهنا ينبغي الإشارة إلى فضل مدرسة الشكلانيين الروس وعلى وجه الخصوص مؤلف «مورفولوجية الحكاية الخرافية» وتأثيره في المدرسة الفرنسية ذات التوجه البنيوي (كلود بريمون : منطق الحكاية، جريماس : البنيوية الدلالية، وكلود ليفي ستروس : البنيوية الأنثروبولوجية). ولا يستطيع أن بنكر أي باحث بأن عبقرية بروب وبحوثه العلمية كانت تمهيداً لظهور التركيب السردي وقواعده.
أما فيما يخص الكفاية القابلة للوصف، فلابد من أن تقام على ساقلة النهر، فإنها تتأسس وفق عملية التلفظ مسجلين صياغة الأشكال الملفوظة القابلة للتعبير عنها بالكلام، ويرى مؤلفا المعجم السيميائي بأن الحديث عن الطبيعة المزدوجة الكفاية تعد ضرورة لإنجاز تصور جديد ومضبوط للخطاب.
وفي كل الأحوال فإن الخطاب يطرح مسألة علاقته بالتلفظ وبالتواصل. ولكن المجال السيميائي يهتم بأطره المرجعية مثل الإيحاء الاجتماعي ونسبته للسياق الثقافي المعطى المستقل داخل تحليله التركيبي أو الدلالي. إن نمطية الخطابات القابلة للتشكل داخل هذا المنظور ستكون إيمانية خالصة، ومهما كانت التعريفات الإيمائية للخطاب مجردة فإن مشكلة معرفة ماهية الخطاب تبقى مطروحة، وحتى عندما يحدد الخطاب الأدبي بأدبيته (Littérarité) كما نادى بها الشكلانيون الروس. فالأدب في تصورهم : «نظام من العلامات Signes دليل مماثل للنظم الدلالية الأخرى، شأن اللغة الطبيعية والفنون والميثولوجيا.. الخ، ومن جعة أهرى، وهذا مل يميزه عن بقية الفنون، فإنه يبني بمساعدة بنية أي لغة، إنه، إذن، نظام دلالي في الدرجة الثانية، وبعبارة أخرى إنه نظام تعبيري خلاق Comrotatif وفي نفس الوقت، فإن اللفة تستخدم كمادة لتكوين وحدات النظام الأدبي، والتي تنتمي إذن، حسب الاصطلاح اليامسليفي (Hjelmslsvime) إلى صعيد التعبير،لا تفقد دلالتها الخاصة، مضمونها»(28).
إن الشكلانية الروسية حددت المعطيات الخاصة التي يمكن أن نسمي بها خطاباً م ’أنه أدبي. إن ورمان جاكبسون هو الذي أعطى لهذه الفكرة صيغتها النهائية حين قال «إن موضوع العلم الأدبي ليس هو الأدب، وإنما "الأدبية" Littérarité أي ما يجعل من عمل ما عملاً أدبياً»(29).
لقد عرفت سيميائيات التواصل تقدماً فعلياً في مجال تحليل الرسالة، وذلك بتحديد وظائفها الست. على الرغم من الإهمال الواضح لموضوع «الدلالة»، الذي وجد حرصاً كبيراً لدى رولان بارت في إبرازها ضمن توجهات سيميائية الدلالة، إن وصف اللغة بأنها نظام للتواصل يتضمن قدراً كبيراً من الانسجام سمح للدراسة اللسانية بالاهتمام بالنموذج الذي رسمه جاكبسون : «الباث، الرسالة، المتلقي، سنن الرسالة – مرجعيتها». ذلك لأنه مكنها من تجاوز التطبيق اللساني المحصور على جملة محدودة من الخصائص التي تشتمل على الظاهرة اللغوية إلى القراءة اللسانية للنصوص ومظاهر التعبير الأخرى. وإذا كان جاكبسون حصر الخطاب بين مرسل ومرسل إليه، إلا أن لوتمان أشار إلى نموذج آخر من التلقي لا يكون بين الباث والمتلقي، وإنما هماك خطاب يتجل فيه الحوار الداخلي مثلما هو الشأن بالنسبة إلى السيرة الذاتية فيكون بين الباث وذاته.. وهذا ما نلحظه في خطاب طه حسين في مذكراته «الأيام».
إن علم الدلالة وهو يصنف أنواعها إلى طبيعية وعقلية ووضعية لم تفته الإشارة إلى مجالات الاتصال سواء أكانت صوتية أم سيميائية، ويكون إسهام العرب جلياً في هذا الميدان ولاسيما في احتكاكهم بالفلسفة اليونانية منها المشائية والميغارية – الروائية. ويذهب عادل فاخوري إلى الدرس المقارن بين علم الدلالة عند العرب والسيميائيات الحديثة. ويعطي مثلاً مقارناً بين تقسيمات علم الدلالة وتصنيف بيرس الأمريكي للعلامة(30).
بيريــــــــس إيقونة شـــــاهـــــــــد رمـــــز
العــــــــــرب طبيعية عقلية
وضعية

عارض إشارية

يمتد طموح الدرس السيميائي بوصفه علماً يقارب الأنساق الهلامية إلى تخليص حقول المعرفة الإنسانية من القيود الميتافيزيقية التي تكبلها، وتفوق أبحاثها من الوصول إلى نتائج تجعل منها علوماً ذات سلطان لها مكانتها المرموقة في وسط المعرفة الإنسانية المعاصرة. وتمكنها من القراءة العلمية الدقيقة لكثير من الإشكاليات المطروحة، والظواهر الإنسانية التي لم تتعد إطار التأمل العابر، والتفسير الأفقي الساذج. ولكي يكتسب الدرس السيميائي مشروعيته العلم القادر على فحص البنى العميقة للمادة التي يتناولها، ويقترب من عمقها والقوانين التي تركبها، كان لزاماً عليه كأي علم أن يحدد منطلقاته المنهجية ومرتكزاته النظرية ويؤسس مقولاته ويمتحن أدواته الإجرائية ويستكشف الحدود التي تفصل بينه وبين العلوم الأخرى، أو التي تقربه منها.
يبدو أن التواصل البشري أعقد من أي تواصل آخر، لأم استعمال العلامة في هذا المجال لا تتم كما قال فريدينا ند دي سوسير إل داخل الحياة الاجتماعية، لهذا يشترط التعاون قصد إيصال الرسالة إلى المتلقي ولن يتحقق أيضاً إلا بالتواضع المتبادل والتوافق حتى يتسنى لأي حوار يقوم بين الباث والمتلقي تقديم أفكار في شكل شفرات متواضع عليها. لهذا فإن بعض علماء الدلالة انتهوا إل أن «عملية الاتصال لا تظهر بوضوح في العالم الحيواني، إلا عندما يكون هناك تعاون أو نشاط اجتماعي، إن أي اتصال مرتبط في أساسه بالتعاون... وأن كل حوار اجتماعي مرتبط بالتعاون»(31).
إن التحليل السيميائي للنسق الاجتماعي يهدف إلى استكشاف نظام العلاقات داخل المجتمع وعلى الخصوص علاقات الأفراد وحاجاتهم لهذا نلقي أن الأنظمة التي سادت في المجتمع البشري لها من العلامات والأنظمة الرمزية الثقافية، ما تمكن للسيميائي من تحديد شريحة أو فئة أو طبقة اجتماعية، ففي التنظيم العشائري نرى طقوساً وعادات تتجل في جملة من العلامات والرموز ما تتميز بع عن نظام اجتماعي آخر في طرائق الحفلات والأعراس والمأتم والأعياد وغير ذلك من المظاهر الثقافية.
إذا كنا قد أشرنا سابقاً إلى طبيعة التواصل بأشكاله المتعددة، فإن هناك شيفرات لكل شكل مكن هذه الأشكال التواصلية، فالتواصل الحيواني له علامات خاصة له منها ما استكشفه البحث ومنها ما بقي مجهولاً، وكذلك الشأن للشيفرات الطبيعية التي تحدد علامات الطبيعة أو إشارتها، فيتمكن من تلقي رسالتها، سواء عن طريق الإدراك الحسي أو العقلي.
فإذا كان الطقس بارداً فوق العادة في منطقة يمتاز مناخها بالاعتدال يدرك الإنسان أن نصدر قسوة البرد آتية من سقوط الثلج، أو العكس بالنسبة لاشتداد الحرارة غير العادية والتي تفوق نعدلها الفصلي فيدرك بأن مصدرها قد يعود إلى وجود حريق. وهذا كله ينتج من وجود علائق قد تكون معقدة بين الشيفرات الطبيعية والتكوين البيولوجي، والحساسية الفسيولوجية للإنسان. ومهما يكن من أمر تبقى – كما أكدنا آنفاً – الشيفرات الاجتماعية، أكثر تعقيداً، وتتطلب جهداً عملياً، وذكاء فطناً لفهم العلامات الاجتماعية ومحاولة تفسيرها، وفهمها فهماً عميقاً، فالعلامة كما يعرفها أولمان هي : «نتاج اجتماعي واع يتكون من دال ومدلول يمثلان بوجه هام شيئاً أو مفهوماً غير العلامة ذاتها»(32).
إن التحليل السيميولوجي يمتد لشمل جميع الأنظمة السيميوطيقية سواء تمثلت في العلوم الطبيعية أم الاجتماعية أم الثقافية، إن هذا العلم كما تنبأ به دي سوسير وتصوره تشارلز سندرس بيرس يطمح إلى أن يكون علمتاً لجميع أنساق العلامات لغويت كانت أو غير لغوية، ومازال المشروع السيميائي يبحث عن معالم تحدد أطره المرجعية، وموضوعاته وممارساته الإجرائية وعلاقاته بالعلوم الأخرى لرسم منهجه، وتوضيح مقولاته بدقة. وهو ما حدا برولان بارت في كتاباته (ميثولوجيات وإمبراطورية العلامات عناصر السيميولوجية) إلى إثارة هذه القضايا التي تتعلق بنضج هذا المشروع، فيقول إن «السيميولوجيا من تزال على الأكثر بسبب سمته المتسعة (لأن السيميولوجيا ستكون علم كل أنساق العلامات). وإن السيميولوجيا لن تعالج مباشرة إلا عندما تصمم هذه الأنساق على نحو علم الاجتماع... الخ) ». وأبرز المقولات اللسانية التي انتهى إليها هي :
1- مقولة التزامن والتعاقب Diachronie et Symcharomie.
2- اللغة والكلام La Langue et Parole.
3- النسقي والاستبدالي Syntagmatique et Paradigmatique.
4- اعتباطية العلامة (الدال والمدلول).
إن التحليل البنيوي للغة ترك مجالاً واسعاً وفضاء حصباً لدراسة الخطاب من مستويات عديدة :
 المستوى الصوتي.
 المستوى التركيبي.
 المستوى الصرفي.
 المستوى الدلالي.
 المستوى المعجمي.
 حتى المستوى البلاغي.
وذلك انطلاقاً من أطروحات ابستمولوجية لعلم اللغة. والتعيين بينها وبين الكلام الذي يتسم بالتصرف الفردي للمؤسسة الاجتماعية للغة، فهو نشاط يتسم بالتحول والتغير ويتيح فرصاً لتحليله من توجهات علمية عديدة : نفسية، اجتماعية، انثروبولوجية... الخ.
7- وضعية تحليل الخطاب :
إن مصطلح الخطاب يرادف الكلام لدى سوسير، إن مصطلح الخطاب يرادف الكلام لدى سوسير، وبالتالي يعارض اللغة ومن سمات الكلام التعدد والتلون والتنوع، لهذا فإن اللسانيات لم تر فيه حدة الموضوع التي يمكن للعلن أن يقبل عليها بالدرس والملاحظة.
لقد فرق فرديناند دي سوسير بين اللغة والكلام : «إن اللغة والكلام عندنا ليسا بشيء واحد، فإنما هي منه بمثابة قسم معين وإن كان أساسياً، والحق يقال، فهي في الآن نفسه نتاج اجتماعي لملكة الكلام ومجموعة من المواضعات يتبناها الكيان الاجتماعي ليمكن الأفراد من ممارسة هذه الملكة، وإذا أخذنا الكلام جملة بدل لنا متعدد الأشكال متباين المقومات موزعاً في الآن نفسه، إلى ما هو فردي، وإلى ما هو اجتماعي... أما اللغة فهي على عكس ذلك، كل تجريبي». وأمام هذا التراكم السيميائي وما أحدثه من ثورة حقيقية في مناهج العلوم بعامة والإنسانية بخاصة، يجد الباحث تنوعاً في الطرح وتباينا في الصورة، وتعدداً في الممارسة التطبيقية، تلتبس فيها السيميائيات – في بعض الحالات بالنظرية التأويلية، ولكن علم العلامات لم يعد حديثاً إلا بتحديد معالمه وبناء مقولاته، وتبيان أدبياته، واختبار نظرياته وأدواته الإجرائية. وإلا فإننا نصادف في تاريخ التفكير الفلسفي على كثير من تصوراته عند الشعوب القديمة التي أسهمت في بناء الحضارة الإنسانية كالفراعنة والبابليين والإغريق والعرب والمسلمين والرومان... الخ، إن ميلاد هذا العلم اقترن بثورة التفكير اللساني المعاصر نتيجة ارتباطه الوثيق بالمنجزات والاستكشافات التي حققها العلم الحديث.

الهــــوامــــــــش :
1- ماريو باي : أسس علم اللغة، ترجمة : أحمد مختار عمر، ص : 112.
2- المرجع السابق، ص : 113.
3- ابن جني، الخصائص : 1/18.
4- ابن هشام، مغني اللبيب، ص : 490.
5- انظر؛ تمام حسان، اللغة العربية معناها ومبناها، ص : 189 – 204.
6- الزمخشري، المفصل، ص : 6.
7- الرضي، شرح الرضي على الكافية، ص : 52.
8- رولان بارت، التحليل البنيوي للسرد، ترجمة : مجموعة من المؤلفين، مجلة آفاق المغربية، ع8 – 9، 1988، ص : 9.
9- المرجع السابق، ص : 9.
10- نــــفــــســــه، ص : 9.
11- دي سوسير، دروس في الألسنة العامة، ترجمة : مجموعة من المؤلفين التونسيين، ص : 29.
12- حنون مبارك، مدخل للسانيات سوسير، ص : 36.
13- ينظر يوسف الطعاني، اللغة كأيديولوجية، مجلة الفكر العربي المعاصر لبنان، ص : 75.
14- Therie du langage et. Minuit, Paris, Hymsler, Prolerrnines a ume, p : 9
15- Hymsier : esrais linguistique- ed : Minuit, Paris, p : 29
16- Linguistique éléments de lin, Andre Mastinet. Generate ed Almand Qlin, p : 109
17- Sictionnaires de linguistique, ed. Larousx : Jean Dubois et outs, p : 158.
18- ريمون طحان ودنيز بيطار طحان، فنون التعقيد وعلوم الألسنة، لبنان، ص : 292.
19- Actionnaire de linguistique, p : 158, Jean Dubois, autres.
20- ميخائيل باختين، الماركسية وفلسفة اللغة، ترجمة : محمد البكري ريمني العيد، ص : 150.
21- المرجع السابق، ص : 155.
22- نـــفـــســــه، ص : 157.
23- نـــفـــســــه، ص : 157.
24- T. Todorov Mileal, Le principe dialogique, p : 95.
25- Le langage cet inconnuen ed. Scuit, Paris, p : 198, Julia Vristera.
26- جماعة انتروفيرن، التحليل السيميوطيقي للنصوص، ترجمة : محمد السرغيني، مجلة دراسات أدبية ولسانية، ع2، 1986، ص : 26.
27- Greiruas et constes, senuiotique, Dictionnaire, laisonne de la therie du langage, ed. Hachelte, Paris, 1979, p : 103.
28- تزيفطان تودوروف وآخرون، في أصول الخطاب النقدي الجديد، ترجمة : أحمد المديني، ص : 13.
29- بوريس إيخنباوم وآخرون، نظرية المنهج الشكلي، ترجمة : إبراهيم الخطيب، ص : 36.
30- ينظر : عادل فاخوري، علم الدلالة عند دراسة مقارنة مع السيمياء الحديثة، ص : 29.
31- Adam Senaf, Introduction à la sémantique,Paris ed. Hutropos, 1974, p : 194.
32- Voti- S. Uisman, Precis de sémantique, Fhamcaisen ed, Framcke, 1975.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تحليل الخطاب: من اللسانيات الى السيميائيات
» الملتقى الدولي السادس في " تحليل الخطاب " الخطاب الروائي عند واسيني الأعرج " في 26 و 27 فبراير 2013
» ينظّم مخبر "تحليل الخطاب" ملتقى دوليا حول "البلاغة وتحليل الخطاب" بجامعة مولود معمري تيزي وزو يومي 09-10 مارس 2011.
» كتب فى تحليل الخطاب
» تحليل الخطاب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  التعارف والتهاني والتعازي فقط-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


تحليل الخطاب من اللسانيات إلى السيميائيات 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
التداولية اللسانيات مدخل الحذف الأشياء الخيام النحو العربية مبادئ قواعد النقد كتاب بلال ننجز محمد موقاي البخاري الخطاب اللغة النص العربي ظاهرة اسماعيل على المعاصر مجلة


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع