اللغة سمات وعلامات ورموز للواقع المعاش ، وما  يجري في الواقع من اختراعات تنتظر الاسم الذي يطلق عليها ، فإذا ما أطلق عليها الاسم انضمت إلى المكونات الحضارية التي تتكون بالتراكم المتفاعل (البناء) لا (التكديس)على حد تعبير العلامة مالك بن نبي ـ رحمه الله ـ وهذا يتوافق مع ما ذهب إليه يعض المفسرين لقوله تعالى :"وعلم آدام الأسماء كلها" أي أقدره على وضع أسماء لما يخترعه الإنسان من مخترعات ، وليس مجرد حفظه لما كان قد رآه من موجودات ، وعلى ذلك فاللغة مرآة صادقة لكل ما يوجد في واقع الأمة المتلاغية بلغة ما . ولعل فيما حدث في بداية القرن الماضي بعد 1936م ما يؤكد هذا . عندما حاول مجمع اللغة العربية في مصر وضع أسماء للمسميات التي جاءت مع المستعمر مثل استبدال كلمة قطار بالترين ، وكلمة حافلة بالباص ،وما حدث من تندر في وضع اسم  (للسندوتش) بكلمة (شاطر ومشطور وبينهما طازج)، وغيرها من كلمات قديمة استعملت استعمالا جديدا ، او كلمات موضوعة لاستعمال لم يكن مألوفا من قبل . وهذا يؤدي إلى نتيجة حاسمة مؤكدة ، وهي أن اللغة بالضرورة صورة وافية لكل ما يجري في واقع الأمة ، وهذا يزحزحنا بالضرورة إلى قضية في غاية في الأهمية ، وهي أن اللغة تمثل هوية الأمة ، وأن تغيير المفردات المستعملة في الواقع في ظل الزخم الإعلامي الرهيب يمكن أن يؤثر في القيم السائدة ، ويمكن أن تقلب موازين الحق ، وهو مما يؤكد على أن اللغة يمكن أن تقوم بدور استشرافي يساهم بصورة حقيقية على استعمال ألفاظ تؤكد على التعلم والابتكار والتمدن والانطلاق ، ويحضرني هنا ان الأصمعي ذهب إلى قبيلة من القبائل ليسأل عن معنى كلمة الاستخزاء، فلقيه شيخ وقال إن غلماننا لايعرفرفون معنى هذه الكلمة ، ولا نريدك أن تسمعهم هذه الكلمة . أما استعمال كلمات مثل الفكاكة ، وبحبك ياحمار وما ساد من ابتذال وسقوط لغوي حاول العالم الكبير أحمد مختار عمر في كتابه  ( اخطاء اللغة العربية المعاصرة)عند الكتاب والإذاعيين ، وبين أثر ذلك على واقع الأمة ، وأثره على النشء.   
                                                                                                   جمعة سعد الشربيني