الظل قصة قصيرة
محمود كريم الموسوي
استيقظت من نومها فزعة ، كأنها رأت كابوساً ، أو لسعتها حشــرة تسللت إلــى فراشها ، أسرعت باتجاه منضدة صغيرة تتوسط الغرفة00 رفعت ساعتها اليدوية 00 نظرت إليها 00 تمتمت تلعن النوم الذي سرق وقتها 0
بحركة سريعة00أعادت الساعة إلى مكانها واتجهت صوب الحمام00دخلت00 أرخت جسدها في حوض الماء 00دقائق معدودات 00 خرجت والمنشفة على كتفيها تجفف شعرها الذي تدلى على صدرها ، خصلة بعد أخرى 0
فتحت خزانة الملابس 00مدت يدها تتفحص ما بداخلها قطعة اثر قطعة ، كأنها تريد أن تعدّها00 وبعد جهد جهيد 00 استقر رأيها في قميص وتنوره ،يجعلانها أكثر اناقة ، وأقوى جاذبية 0
وضعت الملابس على فراشها بعناية وحــذر ، كأنها تضـع طفلاً رضيعاً تخشى أن يستيقظ من نومته إذا لامس جسمه الفراش 0
جلسـت أمام المــرآة 00أخرجـت أدوات الماكياج كأنها أدوات فنان يتهيأ لرســم لوحة 00 رسمت لوحتها فوق تقاسيم وجهها ، استخدمت أعلى درجات خبرتها وهـي تدندن بمقاطع من أغان عاطفية 0
نهضت 00ارتدت ملابسها بعناية فائقة 00 عادت إلـى المرآة مـرة أخــرى 00 اقتربـت 00 رجعت إلى الــوراء قليلاً 00 رفعت تنورتها مـن محزمها إلـى أعلى00 ثــم أرختها قليلاً00 اقتربت بوجهها إلــى المرآة تتفحص ماكياجها بدقــة 00 أجــرت تعديلات بسيطة في رسم الحاجبين،وحمرة الوجنتين 00ثم تناولت زجاجة العطر 00 رشت من رذاذها على جيدها ، وخلـف أذنيهـا 00 التقطت حقيبتها 00 وضعــت فيها بعض من أدوات الماكياج،ومرآة صغيرة ومشطاً00وضعت حزام الحقيبة على كتفها الأيسر فتدلت الحقيبة لتلامس خصرها 00 أمسـكت حـزام الحقيبة بيدها اليسرى مــن الأمام ، لتجعلها تتحرك على خصرها بانتظام مشيتها ، وخرجت إلى الطريق 0
كان الشباب بانتظار مرورها اليومي 00 متوزعين في طريقها كأنهم باســتقبال قائد عسكري 00خروجها كان متأخراً عن موعده 00انهالت تعليقات الشباب بأساليب متنـوعة 00 هذا يفصـح عن إعجابه 00 وذاك يشير إلى جمالها 00 وآخــر يســتخدم مفردات فاضحة 00 إنها تمشي الهوينا كأنها تريد أن تسمع المــزيد من تلك التعليقات التي الفتها يومياً ، عدا تعليقات جديدة في تأخر مرورها ذلك اليوم 0
بعد شوط من المسير 00 حانت منها التفاتة صغيرة إلى جانبها 00 ارتبكت 00 ارتعدت خوفاً ، خيال على الأرض يتبعها 00قريب منها 00 جالت في تفكيرها أشياء كثيرة 00 شـاب اقترب منهـا ليسـحبها مـن يدها00أو ليداعب شــعرها المتدلي علــى ظهرها 00 أو 00أو 00 شــدّت بقبضتها على حزام الحقيبة 00 أخــذت تســتذكر ما في ذاكرتها من آيات قرآنية 00 تدعو الله أن ينقذها مـن هــذا المــوقف العصيـب 00 أجمعت شتات قوتها 00 سرقت نظرة جانبية أوســع مــن نظرتها السابقة 00 تنفـست الصعداء 00 حمدت الله وشكرته ، فالخيال كان ظلهاّ ،عادت إلى البيت دون أن تكمل مشوار سيرها اليومي00 رمت بجسمها على الفراش 00 أجهشت بالبكاء 00 أقسمت أن لا تخرج مرة أخرى إلا للضرورة ، وباحتشام 0