عبدالله حمدي جاويش .عضو فعّال
البلد : جمهورية مصر العربية عدد المساهمات : 35 نقاط : 77 تاريخ التسجيل : 05/02/2012 الموقع : برق العز/ المنصورة / الدقهلية / جمهورية مصر العربية المهنة : معلم أول
| موضوع: مقارنة في إيجاز القصر 2013-12-27, 12:02 | |
| مما اشتهر في باب إيجاز القصر حتي صار علما عليه قوله تعالى { و لكم في القصاص حياة } فقلما نجد كتابا من الكتب البلاغية إلا و تعرض لهذه الآية الكريمة و بيان مقارنتها بما أُثر عن العرب في معناها و هو قولهم ( القتل أنفى للقتل ) و بيان ما تفوقت به بلاغة القرآن على بلاغة الناس ، فالآية الكريمة قد تضمنت سرا من أسرار التشريع التي تضمن سعادة المجتمع في الدنيا و الآخرة و ذلك أن الإنسان إذا علم أنه متى قَتَل قُتِل دعاه ذلك إلى أن يكف عن القتل خشية أن يقتل قصاصا و بهذا القصاص ارتفع كثير من قتل الناس بعضهم بعضا و في ذلك حياة لهم ، ويكاد يكون المعنى المفهوم من القول المأثور عن العرب الذي ذكرناه قريبا من هذا المعنى الذي ذكرناه حول الآية الكريمة لكن الآية الكريمة تفضله و تمتاز عليه بعدة وجوه منها : الأول :- أن الآية الكريمة أقل حروفا من القول المأثور فالآية الكريمة عشرة حروف و القول المأثور حروفه أربعة عشر حرفا . الثاني :- أن تنكير كلمة حياة يفيد التنويع و التعظيم فيدل على أن في القصاص حياة متطاولة مثل قوله تعالى { و لتجدنهم أحرص الناس على حياة } و لا نجد ذلك في القول المأثور . الثالث :- أن الحكم في الآية مطرد فإن كل قصاص حياة و ليس كل قتل فيه حياة بل من القتل ما يكون أدعى للقتل إذا كان ظلما و اعتداء . الرابع :- أن الآية خالية من تكرار لفظ القتل الواقع في المثل و الخالي من التكرار أفضل من المشتمل عليه و إن لم يكن مخلا بالفصاحة . الخامس :- أن الآية مستغنية عن تقدير محذوف بخلاف القول المأثور فإن فيه حذف من التي بعد أفعل التفضيل و ما بعدها و حذف قصاصا مع القتل الأول و ظلما مع القول الثاني و تقدير المثل ( القتل قصاصا أنفى للقتل ظلما من تركه ) السادس :- أن في الآية طباقا و هو محسن بديعي لأن القصاص مشعر بضد الحياة بخلاف المثل . السابع :- أن دخول في الدالة على الظرفية على كلمة قصاص جعلت القصاص كامنبع و المعدن للحياة و ذلك يشتمل على مبالغة جميلة . الثامن :- أن المثل كالمتناقض من حيث الظاهر لأن القتل ينفي القتل كأن الشيء ينفي نفسه . التاسع :- سلامة الآية من تكرار قلقلة القاف الموجب للضغط و الشدة ، أيضا في النطق بالصاد و الحاء و التاء حسن الصوت و ليس ذلك في تكرار القاف و التاء . العاشر :- سلامة الآية من لفظ القتل المشعر بالوحشية بخلاف لفظ الحياة لان الطبع يتقبل لفظ الحياة عن لفظ القتل . الحادي عشر :- أن لفظ القصاص مشعر بالمساواة فهو منبئ عن العدل بخلاف مطلق القتل . الثاني عشر :- أن الآية مبنية على الإثبات و المثل مبني على النفي و الإثبات مقدم على النفي . الثالث عشر :- أن المثل لا يكاد لا يُفهم إلا بعد فهم أن القصاص هو الحياة و الآية الكريمة مفهومة لأول وهلة . الرابع عشر :- أن الآية رادعة عن القتل و الجرح معا لشمول القصاص لهما و الحياة أيضا في قصاص الأعضاء لأن قطع العضو ينقص مصلحة الحياة و المثل ليس كذلك . الخامس عشر :- أن أول الآية و لكم و فيه بيان العناية بالمؤمنين على الخصوص و ان المراد حياتهم لا غيرهم بخلاف المثل .
و الله أعلى و أعلم |
|