سلام عبد الحميد عضو شرف
البلد : إيران عدد المساهمات : 101 نقاط : 143 تاريخ التسجيل : 22/04/2013
| موضوع: دور العبادة في أسلوب الحياة، للأستاذ بناهيان، الجلسة 7 2013-11-23, 12:11 | |
| بين يديك أيها القارئ الكريم ملخص الجلسة السابعة من سلسلة محاضرات سماحة الشيخ بناهيان في موضوع «دور العبادة في أسلوب الحياة» حيث ألقاها في مسجد الإمام الحسين عليه السلام في مدينة طهران، في شهر رمضان عام 1434هـ. وهي وإن كانت تنطوي على بعض الأبحاث الخاصة في شهر رمضان ولكنّها لا تخلو من الكثير من المفاهيم العامّة والمفيدة لجميع الأزمنة، كما إنها تذكّرنا بأيام شهر رمضان والأجواء الروحانية التي كنا نعيشها في تلك الضيافة الرائعة.
ينبغي أن يكون أسلوب حياتنا بالنحو الذي لا يسهل فيه الظلم والتعدي مع بعض
إذا أردنا أن نرى الأخلاق ذات صلة بأسلوب الحياة وعاداتنا السلوكية وتقاليدنا الاجتماعية، فلابدّ أن نستخدم أسلوب حياتنا في سبيل إصلاح أخلاقنا وروحياتنا الأخلاقية والمعنوية. وينبغي أن لا نسمح لأسلوب حياتنا أن يسهل فيه الظلم والتعدي وإساءة بعضنا إلى بعض. يجب أن يكون أسلوب الحياة وسلوك أفراد المجتمع والآداب الاجتماعية بالنحو الذي لا يتسنى لأفراد المجتمع أن يظلموا الآخرين أو يسيئوا إليهم.
ينبغي أن يكون الفارق بيننا وبين الأوروبيين هو قلة حاجتنا إلى القانون والقضاء والشرطة
إن الحكمة من وجود القوة القضائية وبعض أقسام القوة التنفيذية والتقنينية هي أن يقفوا أمام بعض الممارسات المخالفة والجرائم في المجتمع، بينما يمكن الوقوف أمام الكثير من هذه الجرائم والمخالفات عبر أسلوب الحياة الجيّد. لا ينبغي لنا أن نقلّد الأوروبيين ونذهب إلى ما ذهبوا إليه من سلوك ومنهج وأساليب. إن القوة القضائية في بلادهم قوة كبيرة جدا ولديهم الكثير الكثير من السجون والسجناء، كما تتّصف الشرطة في تلك البلاد بالعنف والكثرة البالغة، فهل ينبغي لنا أن نتصرف مثلهم ونقلدهم في هذه الأمور؟ وكذلك في بلدانهم الكثير من القوانين المخالفة للشؤون الإنسانية في المجتمع، فهل لابدّ لنا أن نقلّدهم في هذه الجوانب؟ ينبغي أن يكون الفارق بيننا وبينهم هو أن لا نكون بحاجة إلى القضاء والشرطة والقوانين والمؤسسات الرقابية في سبيل تكوين مجتمع صالح بهذا القدر الموجود هناك. طبعا إن القانون أمر جيّد وحسن، ولكن ينبغي أن يكون أسلوب حياة الناس بالنحو الذي لا يحتاجون إلى القانون في كثير من الأحيان. فترى الكثير من الناس قد وقّعوا على بعض البنود المدرجة في وثيقة عقد زواجهم، ثم ضمّوها في صندوق بيتهم ولم يحتاجوا إليها بعد. فهل أنتم تراجعون وثيقة زواجكم يوميا وتتعاملون وتتفقون على أساس ما ذكر فيها من بنود؟!
يودّ الناس أن يعيشون على أساس الأخلاق والمودة لا على أساس فرض القانون/ فإذا أقمنا حياتنا على أساس المودّة والأخلاق، عند ذلك لا نحتاج إلى إكراه القانون
يود الناس أن يعيشون على أساس الأخلاق والمودة لا على أساس فرض القانون؛ لا أنّهم يريدون أن يخالفوا القانون أو يعيشوا بلا قانون. ولكننا إذا أقمنا حياتنا على أساس المودّة والأخلاق، عند ذلك نكون بغنى عن فرض القانون وشدّة الشرطة. فقد قال أمير المؤمنين(ع): «وَ لَا تَکُونَنَّ مِمَّنْ لَا تَنْفَعُهُ الْعِظَةُ إِلَّا إِذَا بَالَغْتَ فِی إِیلَامِهِ فَإِنَّ الْعَاقِلَ یَتَّعِظُ بِالْآدَابِ وَ الْبَهَائِمَ لَا تَتَّعِظُ إِلَّا بِالضَّرْب»[نهج البلاغة، الكتاب31]
إن المجتمع الذي لا يطبق القانون لولا وجود الشرطي فهو مجتمع ضعيف/ ينبغي أن يرتفع مستوى ثقافتنا بحيث يعطّل نصف القوة القضائية
لا ينبغي أن تكون شخصيتنا بالنحو الذي نحتاج إلى وجود شرطي في كل مفترق طرق حتى نطبّق القانون. فإن المجتمع الذي لا يطبّق أحد فيه القانون لولا وجود الشرطي فهو مجتمع ضعيف. إن المجتمع الذي يكثر فيه المراجعون إلى مراكز القضاء فثقافته سيئة. ينبغي أن يرتفع مستوى ثقافتنا بحيث يعطّل نصف القوة القضائية. طبعا وبالتأكيد لابدّ أن يكون قضاؤنا قويّا ومنصفا وسريعا ودقيقا، ولكن في بعض المجالات الخاصة وبالنسبة إلى من يتعدى على حقوق الآخرين. أما بالنسبة إلى باقي المسائل والخلافات التي تحدث بين أبناء المجتمع فلا ينبغي أن تعالج عبر محاكم القضاء. فإن القوة القضائية لا تخفض كميّة الاعتداءات والجرائم في المجتمع، بل إنما هي من أجل الدخول في بعض الملفات والجرائم الخاصة لا في كل صغيرة وكبيرة تحدث في المجتمع. إن الكثير من القوانين المصوّبة هي من أجل سدّ إمكان التحايل والسرقة. بيد أن أغلب هذه القوانين تفترض أن جميع الناس هم سرّاق إلا من خرج بالدليل. فإذا لم يكن الإنسان طامعا بما ليس من حقّه، لا يحتاج بطبيعة الحال إلى هذه القوانين وهذه الكمية الكبيرة من المؤسسات الرقابية.
لابدّ أن يقلّل أسلوب حياتنا إحصائيات الجرائم والمخالفات/ إن أسلوب الحياة الروحانية في شهر رمضان، بات يخفض من عدد الجرائم
لابد أن نسيطر على حياتنا بثقافتنا وأسلوب حياتنا، وذلك يعني أن نشيع بعض مصاديق السلوك والعادات بين عامة الناس ما يؤدي إلى انخفاض إحصائيات الجرائم تلقائيا. فعلى سبيل المثال تحكي الإحصاءات عن انخفاض عدد الجرائم في شهر رمضان، لأن أسلوب حياة الناس الروحانية بات يقلّل من الجرائم.
ينبغي لأسلوب حياتنا أن يكون هو صاحب الدور الرئيس في منع الجرائم بدلا عن الشرطة
أحد الآثار الأخلاقية المترتبة على أسلوب الحياة السالمة هو أن تقلّ عدد الجرائم والإساءات فيه. فالأسلوب الصحيح هو أن يتكفل أسلوب الحياة نفسه بدفع أكثر الجرائم والمظالم، لا أن تكون المسؤولية الكبرى على عاتق قوات الشرطة وأجهزة الأمن. وكذلك في مجال تربية الأولاد يقال أن ربّوا أولادكم بإعطاء الكرامة لهم واحترام شخصيتهم لا عبر السيطرة والرقابة الشديدة. فإن نثق بولدنا ونحترم شخصيته، عند ذلك حتى وإن استغلها أحيانا، يندم بسرعة ويؤنبه ضميره بعد ما وجد منا التعامل الكريم تجاهه. ينبغي مهما أمكن أن تتمّ السيطرة على سلوك أفراد المجتمع بلا حاجة إلى قانون ورقابة منفذي القانون. طبعا لابدّ من وجود القانون والقضاء والشرطة إذ هناك أقلية ممن لا يتورع عن الاعتداء والسرقة، ولكن لا ينبغي أن نعمّم نظرتنا السلبية على الجميع ونفترض أن جميع الناس غير متدينين وغير مؤمنين. فإذا احترمنا شخصية الناس وحفظنا كرامتهم، سوف نجد بعض المخالفين يندمون من أعمالهم ويتوبون بدافع من أنفسهم. وأساسا بهذا الأسلوب سوف تستقرّ وتترتب أوضاع المجتمع بشكل أفضل. فإحدى النتائج التي يؤول إليها أسلوب الحياة الإسلامية هو تحسّن المجتمع في الجانب الأخلاقي وهبوط مستوى الظلم والإجرام فيه.
يتبع إن شاء الله...
|
|