منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بن عزيزة بختة
عضو شرف
عضو شرف
بن عزيزة بختة

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر (سعيدة)

عدد المساهمات :
193

نقاط :
419

تاريخ التسجيل :
17/12/2012

الموقع :
dahmanis18@yahoo.com

المهنة :
طالبة ماستر


الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد Empty
مُساهمةموضوع: الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد   الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2013-10-28, 20:19

الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد
للشهيد الأول محمد بن مكي العاملي

أ.م.د. سيروان عبد الزهرة الجنابي
كلية الآداب / جامعة الكوفة

ملخـص
يقوم هذه الجهد البحثي على دراسة المباني التي أسَّس عليها الشهيد الأول منظومته اللغوية تلك التي تعملُ على استنباط المعنى بعد توظيفها قراءةً في التعبير القرآني المعجز، فكأن ثمة منطلقاً ارتكازياً يكمُن وراء بناء كلِّ قاعدة تستدعي الدلالة من النصِِّ، فإذا كان معادلة (التحليل النصي) تعتمد على ثلاث ركائز (النص والقاريء والدلالة) فإنَّ هناك ثمة ركناً مفقوداً أو غير مرئي في هذه المعادلة هو (المبنى الفكري لتأسيس وسائل قراءة النص)؛ من هنا سنبحث عن هذه الركيزة الرابعة في ذهنية الشهيد الأول للتَّحقُّق من مصداقية وصحَّة الدلالة المستنبطة من النصِّّ على وفق معرفة صحَّة التأسيس نفسه.
المقدمة:
إذا كان كلُّ جنس معرفي لابدَّ له من ضابطٍ وتقنينٍ يقوم عليهما اشتراطاً فإنَّه يمكن القول أن العلماء قد اهتموا بوضع منهجٍ معرفي ضابطٍ لمعرفيات النص القرآني؛ ذلك بأنَّ المعرفة الإسلامية إنما ظهرت إلى الوجود الواقعي على إثر خلفية نزول المعجزة الكبرى على الناس، ولما كان ذلك الـمـُعجِز السماوي يستند إلى مُقرَّرات اللسان العربي حيث نشهد في الخطاب الربّاني صياغات لغوية وانساقاً تركيبية غاية في الروعة البنائية والقدرة التصورية الفائقة، كان من الواجب على المتلقّين – والحال هذه- أن يتأمّلوا في صنعة الإعجاز الإلهي في هذا الكتاب المقدس ليصلوا من خلال هذا التأنّي والنَّظر إلى معرفة دلالات ذلك النص وحيثيات بنائها المنهجية.
وتأسيساً على مُنطلق الإعجاز انشدَّ العقل العربي إلى النص القرآني وانشغل فيه منذ لحظة نزوله والى ما يعاصرنا من حاضر وقد اتخذ هذا الانشغال مراحل مختلفة ووجوه متعددة على وفق عامل الزمن ومراحله؛ فأوّلُ ما شدَّ ذلك العقل هو مسألة الإيمان بهذا النصِّ أي الاعتقاد بصدقه من حيث جهة النزول ومن حيث صحة ما يحتويه من مضمون، فوَجَدَ هذا النص تارةً قبولاً سهلاً إلى قلوب الناس فسلك سبيله إليها من دون استئذان، وواجهَ تارةً أخرى مواجهةً صعبةً وعراقيل عديدة في عملية السماح له بالولوج إلى نفوس أناس آخرين، على حين بقي الطريق أمامه مُغلقاً تماماً إلى بعض من الناس إحجاماً وامتناعاً منهم من دون علّة فيه ألبتة؛ بل العلة كامنة في الممنوع منه بذاته عناداً واستكباراً ولا أدلُّ على هذا القول مما قاله الوليد ابن المغيرة في هذا التعبير المعجز؛ إذ يقول: ((والله ما هو من كلام الجن ولا هو من كلام الإنس في شيء إن له لحلاوة وان عليه لطلاوة وان أعلاه لمثمر وان أسفله لمغدق وانه ليعلو ولا يُعلا عليه))( ).
بعد ذلك انتقلَ العقلُ العربي إلى حين آخر من الانشغال بهذا النص؛ إذ تغيَّر نمط التناول لهذا التعبير من قضية الإيمان به إلى مرحلة التأمّل فيه وحفظه فكثُرَ الحفاظُ وظهرَ القُرَّاءُ واهتموا بضرورة صحة نطقه والإنعام في تجويد حروفه والانصراف إلى حسن بيانه في القراءة وكان إلى جانب هذا الاهتمام الصوتي في النص عناية أخرى تدور على المرتكز نفسه؛ وهي النظر في هذا النصِّ والتأمّل فيه لإظهار ما به من إعجاز في التركيب وروعة في صياغة البيان ودقة فائقة في إيصال المراد إلى المتلقي سواء أكان ذلك المراد على مستوى ظاهر النصِّ أم على مستوى إخفاءِ جزءٍ منه لغاية معينة، ففي كلتا الحالين كان النصُّ يمثل قُطب الرَّحى الذي تدور حوله العقول العربية آنذلك فظهرت مؤلفات إعجاز القرآن ومصنفات النحو ومدونات البلاغة ابتداءً من المنثور في مدونات العلماء إلى مرحلة التأسيس والتصنيف الأوحد على وجه الاستقلالية، ثم تطوَّر النظر إلى ذلك النصِّ وحدثت فيه نقلةٌ عقليةٌ كبيرةٌ على وفق اتساع القاعدة المعرفية للعرب وانفتاح أذهانهم على الثقافات التخصّصية المتعدِّدة فبرز الانشغالُ في هذه المرحلة على أساس استنطاق النصِّ فقهياً فتطلب الأمر تأسيساً على غايته أن ينشأ علمُُ تأسيسيٌّ قواعديٌّ يُعنَى بوضع قواعد مُحكَّمة تعمل على قراءة النص القرآني قراءةً دلاليةً تشريعيةً؛ ذلك بأنَّ المسلك المعرفي الموصِّل إلى التماس الحكم الشرعي هو علم الأصول فهو القناة التي ينتهجها الفقيهُ لاستنباط الدلالة القرآنية الحـُكميّة ولا يتسنّى له ذلك ما لم يعتمد جملةً من القواعد الأصولية التي تُسهِّل عليه هذه المهمَّة وتجعلها تكتسب السِّمة العلميّة والاقناعيّة للمتلقِّي والـمُطبِّق معاً.
وتأسيساً على هذا المطلب سعى العلماءُ لوضع جملة قواعد تضبط عملية الاستنباط الدلالي من النصِّ القرآني، فكان من بين هؤلاء العلماء ما أسَّسه الشهيدُ الأولُ محمد بن مكي العاملي من منهج قواعدي مُحكَم؛ إذ وضعَ مُدوّناً تقريرياً تحت عنوان ((القواعد والفوائد)) ضمَّ فيه جملةً من القواعد الأصولية التي تمثل منهجاً معرفيّاً تُمَكِّنُ الفقيهَ من سلوك السبيل الدقيق للوصول إلى الحكم الشرعي وكان من بين هذه القواعد مجموعة من القواعد الأصولية اللغوية؛ وذلك إيماناً منه بأنَّ التَّعبير القرآني مبنيٌّ على وفق الأسس القواعدية للغة الخطاب التي استعملها العربُ وقتذاك؛ إذ وَظّف سبحانه اللغة العربية أروع توظيف وأسّسها على أنسق نهج لتوصيل المراد الإلهي للمتلقِّي؛ من هنا تنبّه الشهيد الأول إلى أنَّ القواعد اللغوية تُمثّل المرتكز الأصل الذي تقوم عليه أساسيات المعرفة الشرعية في قراءة النص المقدس؛ لأنَّ ذلك النص– في حقيقة أمره- خطاب لغوي مُعجِز؛ لهذا تعدُّ القاعدة اللغوية بناءً على هذا التوصيف هي القاعدة الأصل التي يجب على الفقيه إدراكها قبل غيرها ليتمكَّن من الإمساك بمقاليد قراءة النصِّ، نقول إذا كان الشهيد الأول قد أبدع في تقريريه للقواعد اللغوية في كتابه (القواعد والفوائد) فإنَّ التساؤل الذي يُمكن أن يؤرِّق الفكر تجاه هذا العمل المنهجي الضَّخم هو البحث عن منطق التأسيس الفكري الذي اعتمده الشهيد الأول في إثباته هذه القواعد وجواز التأسيس الشرعي عليها، فالتأمُّل والنظر – فيما نخالُ- يجب أنْ ينصبَّ على خلفيات تلك القواعد لا على فهم هذه القواعد فحسب؛ وذلك إيماناً مِنّا بأن معرفة المنطلق سيوصل بالضرورة والحتمية إلى معرفة مضمون القاعدة ومدى رجاحتها في التَّطبيق القرآني؛ لهذا وقع النظر على فرضية دراسة المنطلق القاعدي للضوابط اللغوية التي وضعها الشهيدُ الأول؛ وذلك لتحقيق مطلبينِ هما: بيان القدرة الفكرية للشهيد الأول في إثبات القاعدة من جهة ومعرفة مدى أحقِّية هذه القاعدة في التوظيف المعرفي وما صحَّة مدياتها في الوصول إلى الدَّلالة النَّصّية على مستوى الاستعمال الفقهي من جهة أخرى.
المبحث الأول: قاعدة: المجازُ لا يدخلُ في النصِّ إنما يدخلُ في الظواهر:
إذا كانت كلُّ قاعدة منهجية لابدَّ لها من أن تؤسَّس على مُرتكز فكري معين فإنَّه بإعمال النظر والتأمّل في هذه القاعدة اللغوية التي أرساها الشهيد الأول نجد أنَّها مَبنية على أساس منطقي متين؛ ذلك بأنَّه قد تنبَّه على أن الوجود التَّحقُّقي لظاهرة المجاز في السياق الخطابي لاتسري في جميع المخاطبات الكلامية مطلقاً، فثمّة نصٌّ لغويٌّ خارجٌ عن هذا النطاق؛ إذ لا يمكن الركون والتسليم بأنَّ سائر العبارات تنطوي على المجاز فيما لو أراد المتكلم ذلك المجاز في العبارة وابتغى من كلامه غير أصالة الحقيقة؛ إذ يقول الشهيد الأول: ((المجاز لا يدخل في النصوص كأسماء العدد إنما يدخل في الظواهر، فمن أطلقَ العشرةَ وقال: أردتُ تسعة، لم يُقبَل منه، ويعدُّ مخطئاً لغةً، ومن أطلقَ العمومَ وأراد الخصوص فهو مُصيبٌ لُغةً))( ) فنلحظ أن الشهيد الأول قد أسَّس مقالته القواعدية هذه على منطق فهم القصد من جهة المتلقي بناءً على خصوصية وجلاء المنطوق ولم يعتمد على عامل (نية القصد) من المتكلم؛ ذلك بأنَّ قصدَ المتكلم يُبنى – والحال هذه- على أساس العدد المنطوق لا غير؛ إذ لايعتدُّ بقصد المتكلم إنْ كان ذلك القصد يخالف هذا المذكور (العدد)؛ لأنَّ النطق بالعدد -تحديداً وصراحةً- يؤدي إلى يقين المتلقي بتوافق قصد المتكلم (المعنى المراد) والخطاب المنطوق (العدد) على وجه القطعية لا غير، ولما كانت العبارة الـمـُستَشهَد بها قد انطوت على لفظة عقدية وهي قوله (العشرة) وهذه اللفظة من أدوات الخصوص التحديديّة في الكلام لم يكن من الممكن – والحال هذه- أن يتطرّق إليها الإبهامُ أو الترددُ؛ لأنَّ التخصيص هو ما يجلي الإبهام ويوقِف السامعَ على المراد تحديداً؛ فهو يرد مُلحقاً بعد العموم في السياق اللغوي أو مُلتحقاً به ليعمل على إزاحة غموض الكثرة في العموم ويقرَّ المتلقي على مُرادٍ مُشخَّصٍ تحديداً فيدفع بذلك داعي الشك من نفس السامع، وتأسيساً على مَهَمَّة الخصوص في الخطاب التداولي أو النصِّي وَجَبَ أن لا يُدانيه الغموضُ ومن ثمَّ فلا تحتمل مقولةُ القائلِ بلفظة من ألفاظ الخصوص أيَّ إبهامٍ وترجيحٍ أو تصوُّر؛ من هنا أثبت الشهيد الأول هذه القاعد لأنَّ لفظ العقد من ألفاظ الوضوح الخطابي فلا يمكن أن نتصوَّر أنَّ المتكلم قد قصدَ به المجاز؛ إذ لا مجاز في الواضح من الكلام؛ بل يدخل المجاز في حيِّز التصوّر والخيال دون التحديد والوضوح (الحقيقة)؛ إذ ((كل لفظ لا يجوز دخول المجاز فيه لا تؤثّر النيةُ في صرفه عن موضوعه، فلو أخبرَ عن طلاق زوجته ثلاثاً، وقال: أردتُ اثنتينِ، لم يُسمَع منه، ولو حَلَفَ على الأكل، وقال: أردتُ الخبزَ، سُمِعَ منه))( ).
ويبدو أن الشهيد الأول قد منحنا إشارةً إلى انَّه قد ركن إلى جدلية (العموم والخصوص) الخطابي في تأسيسه لهذه القاعد؛ وذلك بدلالة مقولته (ومن أطلق العموم وأراد الخصوص فهو مُصيب لغةً)؛ إذ أبانَ الشهيد انَّه قد اعتمد هذا المنطق الجدلي -كما اشرنا- من أن الخصوص إذا ورد في الخطاب فهو أصل يجب العمل به حيث لا يتطرَّق إليه الغموض؛ ولهذا فهو المعتمد في الحقيقة ولا يجوز الرُّكون إلى المجاز في مثل هذه النظائر، ويبدو أن الشهيد قد هدانا بمقولته هذه إلى أمرين دلاليينِ هما:
1- إنَّ الشهيد أوضحَ بأنَّ منطقه في تأسيس هذه القاعدة هو جلاء الخصوص في مقابل إبهام العموم.
2- إنَّه نبَّه على أنَّه يجوز العكس أي انه يجوز التعبير بالعموم وإرادة الخصوص في الوقت الذي لايتحقق فيه العكس، فكأنَّه بمقولته هذه قد فسَّر لنا علة بنائه القاعدة على أساس دلالة المخالفة، فإذا كان من الجائز التعبير بالعموم وإرادة الخصوص فانّا نفهم من هذا انَّه لا يجوز التعبير بالخصوص وإرادة العموم لوقوع التنافي بين الأمرين وهذه هي القاعدة التي اعتمدها السيد الشهيد في إقراره هذه القاعدة ؛ والعلة في ذلك أنَّ الخصوص لا يحتمل العموم لأنَّه إيضاح جلي وما كان إيضاحاً بنفسه لا يسري عليه الإبهام (العموم) ألبتة فمثلاً قوله تعالى ((وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ))( ) نجد فيه أن النهي عن عبادة الهين (اثنين) والأمر بعبادة الله (الواحد) مسألة واضحة لا تحتاج إلى طول نظر ولا تحتمل إرادة غير هذه الأعداد مطلقاً؛ لأنَّ هذه الأعداد تدل على المراد مُخصَّصاً ولا يخال فيها ولو للحظة واحدة إرادة غير المذكور من الأعداد في الآية، ومنه أيضاً قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً))( ) فقوله سبحانه (نفس واحدة) يعني بها واحدة فحسب كما أراد، ولا يعني بها أبداً انَّه يريد غير هذه النفس المحدَّدة أو أنَّها ليست بواحدة فلا يمكن أنْ يقع مثل هذا التصوُّر في الخطاب وإلا لانتفى المراد الدلالي من الآية؛ ذلك بأنَّ الله سبحانه في هذا النص يريد أن يوضِّحَ للناس كافة بأنّهم مخلوقون من نفس واحدة فهُم يعودون بهذا إلى أصل واحد( )، وهذا هو مُقتضى عدالته سبحانه في أن يعاملهم جميعاً على أساسٍ واحد فلا يفرّق بين أحد من عبادة ولا يمتنع من أحد منهم ألبتة؛ بهذا نجد أنَّ القانون السماوي الذي ينصُّ على حتمية التّساوي في معاملة العباد قد فَرَضَته العدالةُ الإلهيةُ استناداً إلى أنَّهم جميعاً مخلوقون من نفس واحدة؛ إذ يحمل كلُّ واحدٍ منهم ماهيةَ تلك النفس المخلوقة؛ وتأسيساً عليه أوجب سبحانه على نفسه أن يعامل الجميع سواسية إلا بمقدار ما يُقدِّم المرء إلى نفسه من خير فيكون هو الـمُفضَّل على غيره بعمله، من هنا وجب القول ان النفس المراد في الآية هي واحدة لا غير فهذا الخطاب حقيقي لأنّه خطاب تخصيصي جلي.
أما العموم (الإبهام) فيحتمل الخصوص (الإيضاح) في حال وجود قرائن في السياق تدل عليه؛ لأنَّ مآل العموم المبهم إلى الخصوص الموضِّح سواء أكان ذلك ذِكراً في النص الذي ورد فيه العموم نفسه أم ضمناً في النص الذي شمل العموم مع قرائن إرادة غيره (الخصوص) ومن ذلك مثلاً قوله تعالى ((أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً))( ) فنلحظ أن لفظة (الناس) في النصِّ دالة على العموم لفظاً؛ ذلك بأنَّ الجمع المحلّى بـ (الـ) يُفيد العموم مطلقاً بإجماع اتفاق علماء الأصول( )، بيد أن هذا العام لا يُراد منه دلالته على العموم في هذا النص القرآني؛ بل المراد منه الخصوص وهو الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم)( )؛ إذ إن قرائن السياق تُثبِتُ ذلك فقوله (مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) يدل دلالة واضحة على أن المراد هو الرسول الكريم؛ لأنَّ الناس قد حسدته على النبوة وانه يخاطب السماء تواصلاً وقد نزلت على يديه أعظم معجزة على وجه الإطلاق، ويسند كون الرسول هو المعني في هذا النص تتمةُ الآيةِ وذلك في مقولته سبحانه (فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) إذ استعمل حرف التحقيق (قد) لوقوع الأمر سلفاً إذ أوحى سبحانه إلى النبي إبراهيم (عليه السلام) قبل وحيه إلى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أعقَب سبحانه هذا الحرف التحقيقي بالفعل الماضي (آتينا آل إبراهيم) وهذا يعني انَّه آتاهم النبوة كما آتاها إلى الرسول؛ فَلِمَ أنتم تحسدونه ولا تحسدون من كان قبله فهذه هي سنة الله سبحانه يُرسِلُ عليكم الرُّسُل لهدايتكم ورشادكم إلى السبيل القويم؛ بهذا نجد أن القرائن السياقية تنصُّ على أنَّ المراد من هذا العام هو (المجاز) الخاص، لا العام في حقيقة الأمر.
ومن العام الدال على (المجاز) الخاص قوله تعالى ((فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنَ الصَّالِحِينَ))( ) فلفظة (الملائكة) التي نادَتْ النبي زكريا (عليه السلام) وهو يُصلي في المحراب لا تدلُّ على العموم في حقيقتها الدلالية وان كانت دالة على العموم في مظهرها اللغوي بوصفها جَمعاً مُقترناً بـ (الـ)؛ ذلك بأنَّ المراد من لفظة الملائكة ههنا هو جبريل (عليه السلام)( )؛ لأنّه الملك الوحيد الذي هو موكَّل بمخاطبة الأنبياء وإيصال رسالات السماء إليهم؛ من هنا نجد أنَّ القرينة الصارفة للفظ العام في الآية إلى المجاز الخاص هي قرينة واقعية خارجة عن نطاق النصِّ؛ إذ هي إحالة على مؤشر اعتقادي سائد لم يكن في مساحة النص، وقد يُتلمَّسُ له دلائل نصِّية من التعبير القرآني في آيات شريفة أخرى أثبَتَ بها سبحانه أن إيحاءاته جميعاً كانت تجري على يد جبريل (عليه السلام) دون سواه.
من هنا نقرّر أنَّ العموم يحتمل الخصوص في النصِّ ظهوراً أو قرينةً؛ وبهذا يُمكن أن يُعدَّ التعبير به عن الخصوص مجازاً؛ لأن المتكلم لم يرد العموم الحقيقي من كلامه ألبتة؛ بل أراد الخصوص، على حين لا يجوز التعبير بالخصوص وإرادة العموم لأنَّ الخصوص بيانٌ بنفسه لا يتطرَّق إليه الشك أو التردد ألبتة؛ فلا يصحُّ عكس القاعد التي تقول إنَّه ((ما من عام إلا ويُتَخَيَّلُ فيه التخصيص))( )؛ ولهذا نجد أنَّ الشهيد قد أشار ابتداءً من فحوى عنوان قاعدته إلى علَّة هذه القاعدة إذ قال (المجاز لا يدخل في النص إنما يدخل في الظواهر)؛ ذلك بأنَّ النصَّ هو المعنى الواضح المنصوص عليه من قبل المتكلم ولهذا فهو بمنأى عن الإبهام (المجاز) العموم التصوّري وإنما يدخل هذا الأمر في نطاق الظاهرة الكلية (العموم) الذي يقبل المجاز دون إرادة الحقيقة الأصل.
المبحث الثاني: قاعدة: الصِّفةُ تردُ للتوضيحِ تارةً وللتخصيصِ تارةً أُخرى:
يتحدّث الشهيد الأول في هذه القاعدة عن وظيفة (الصفة) في الخطاب اللغوي فنجده يضع لها مَهمَّتينِ دلاليتينِ هما (التوضيح تارةً والتخصيص تارةً أخرى) إذ يقول في حقِّ الصفة بأنها: ((ترد للتوضيح تارة، وللتخصيص أخرى))( ) والظاهر لدينا أنَّ تقعيده لموضوع الصفة بإفادتها الدلالية مؤسسٌ على منطق فهم المتلقي ومدى تمرُّسه في معرفة مفاصل الكلام حيث ترد الصفة في الخطاب وهي مُحتلمة للوجهين معاً؛ إذ بالامكان حملها على الإيضاح فحسب ويمكن في الوقت نفسه أن تُصْرًف إلى دلالة التخصيص دون الإيضاح؛ ذلك بأنَّ الشهيد الأول قد ثَنَّى وظيفة الصفة في الخطاب فهي تارةً للتوضيح وأخرى للتخصيص، وما بين التَّوضيح والتَّخصيص فارقٌ على الرغم من أنَّ التَّخصيص يعدُّ من جنس التَّوضيح في الكلام إلا إن توضيح التَّخصيص يكمن في إخراج ما وقع تحت حكم العام على حين أن التَّوضيح الذي يبتغيه الشهيد الأول من الصفة هو البيان والكشف عموماً أي انَّه يريد المعنى العام للوضوح والمفهوم الكلي له باستثناء معنى التخصيص.
وعلى الرغم من هذا التقسيم للصفة فانَّه تجب الإشارة إلى أن الشهيد الأول لا يريد من هذه القسمة أن الصفة تأتي للإيضاح تارةً والى التخصيص تارةً أخرى بصورة منفصلة – كما يرى ذلك علماءُ النحو- بل يبتغي القول أن الصفة التي ترد في السياق اللغوي ذاته تحسب تارةً على دلالة الإيضاح وأخرى على دلالة التَّخصيص في وقت معاً، ويبدو أن الشهيد استناداً إلى مضمون هذه القاعدة قد خالف منطقيات النحو العربي في هذا الموضع إذ نجد النحاة يتفقون على أن الموصوف النكرة إذا سيقت بعده صفة فإنَّ وظيفة هذه الصفة هي التَّخصيص على حين أنَّ الصفة تعمل على التَّوضيح إذا تلت الموصوفَ الـمَعرِفة( )، في حين أنَّ الشهيد الأول لم يعتمد هذا المنطق؛ بل نجده قد نَظَرَ إلى الموضوع نظرةً دلاليةً أصوليةً مَحضَةً وبنى قاعدته على هذا الأساس التَّخصصي، فقد قَسَّمَ الأداء الدلالي للصفة في الكلام على نمطين (صفة مُوضِّحة كاشفة) و(صفة مُحدِّدة مُخصِّصة) وان هذه الصفة يمكن أن تحمل على الدلالتينِ معاً في الكلام لعدم وجود مُرجِّح لإحدى الدلالتينِ على الأخرى؛ من هنا نستدرك أنَّ مقولة النحاة ليست هي النمط السائد في كلِّ الأحوال الخطابية فمن الكلام ما لا يخضع لهذه القاعدة النحوية.
وبهذا يتَّضح الفارق بين عمل علماء النحو ورؤيا الشهيد الأول؛ فهو ينظر إلى الأمر من وجهة نظر أصولية لا نحوية؛ على حين أنَّ النحاة في تناولهم لموضوع الصفة يركزون على مسألة العامل فيها ومدى موافقتها لموصوفها في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث، ويوغِلون في وضع شروط بناء الجملة الوصفية وغير ذلك فيما يُناط بالصَّنعة النَّحوية، في الوقت الذي نجد فيه أنَّ الشهيد الأول قد أسَّس قاعدته على أساس الإفادة من الوجهة الدلالية للصفة في الكلام بغض النظر عن نوع الموصوف فالموصوف لايُحدِّدُ دلالةَ الصفةِ كما هي الحال عند النحاة، ونتلمَّس هذا المستند عند النظر في تتمَّة حديثه عن موضوع الصفة؛ إذ يقول: ((ولها فروع: منها: الاختلاف في ملك والعبد وعدمه، فإنَّه يُمكن استناده إلى قوله تعالى: (لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ) فإنَّ ذلك صفة لقوله (عبداً) فإنْ قلنا: إنَّها للتَّوضيح دلّت على عدم ملكه مُطلقاً، وإنْ جعلناها للتخصيص فمفهومه الملك؛ لأنَّ التَّخصيص بالوصف لا يدلُّ على نفيه عن غيره))( ) نجد أنَّ الشهيد الأول قد حَمَلَ الصفةَ (لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ) للفظة (العبد) في قوله تعالى ((ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ))( ) على دلالتينِ فهي إنْ حُمِلَت على دلالة التوضيح يكون المعنى أنَّ هذا العبد لا يَملُكُ شيئاً مُطلقاً فهو مُجرَّد عن الملكية في أنواعها وأشكالها كافة، فجاءت الصفة ههنا لتوضِّح انَّه لا يَملُكُ شيئاً أبداًً، وإنْ قُلنا إنَّ هذه الصفة مُخصِّصة دلاليّاً فإنَّ المعنى سيكون انَّه لا يقدر على شيء لأنَّه عبد فمعنى عدم القدرة هنا مُنحصرة بملكيته للآخر فلأنَّه مملوك لسيده لا يستطيع أن يفعل شيئاً ولا يملك من نفسه وتصرُّفه أدنى ملكية لأنَّ رقبته ليست له ولا يعني هذا التوجُّه انَّه لا يملك جميع الأشياء بصورة مطلقة فقد يملك شيئاً لكنّه لايُعتَد به ما زال انَّه رقٌّ لا يملك نفسه لأنَّ الحرية هي الملكية الحقيقة للإنسان، يقول الزمخشري في معرض تفسيره لهذه الآية: ((فإن قلتَ: لِمَ قالَ {مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} وكل عبد مملوك وغير قادر على التصرف؟ قلتُ: أما ذكر المملوك فليميز من الحر لأنَّ اسم العبد يقع عليهما جميعاً؛ لأنَّهما من عباد الله، وأما {لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} فليجعل غير مكاتب ولا مأذون له لأنَّهما يقدرانٍ على التَّصرف))( ) والعبد غير قادر على التَّصرف بنفسه و((لا يَملُك التَّصرف في الأموال، وذلك عام في جميع ما يملك ويتصرَّف فيه))( ) لأنه فاقد للحرية مُطلقاً، من هنا نلحظ ثمة فارقاً مضمونياً بين الوجهتينِ، فمثلاً لو قائل القائل: ( ليس لفلانٍ ولدٌ يُعينُه)، فإنَّّ الصفة (يُعينُه) تحتمل وجهتينِ دلاليتينِ فإنْ كانت للتخصيص فإنَّ المعنى سيكون ليس لفلان من أولادِهِ مَنْ يُعينُه البته، أما إذا حملنا الصفة على الإيضاح فإنَّ المضمون سيكون ليس لفلان من ولدٍ ألبتة حتّى يُعينَه حيث لا أولاد لديه مطلقاً، فالصفة تتردَّدُ بين انَّه ((لم يكن له ولد قط أو كان له ولد ولا يعاونه))( ).
ونظير ذلك أيضاً قول الشهيد الأول: ((ومنها: لو قال لزوجتِه: إن ظاهَرتُ من فلانة الأجنبية فأنت كظهر أمي، فإنْ جعلنا الأجنبية للتوضيح، وظاهَرَ منها بعد تزويجها، وقع الظِهاران، وإنْ جعلناها للتخصيص لم يقع؛ لأنَّ التزويج يُخرِجُها عن كونها أجنبيةً، وهو الذي قواه الأصحاب))( ) فصفة (الأجنبية) في نصِّ القائل تحتمل الوجهينِ فإنْ حصرناها في معنى التوضيح وتزوج هذا الرجل ثم ظاهَرَ زوجتَهُ الثاني وقعَ الظهارُ على زوجته الأولى بالضرورة لأنَّه اشترط إنْ ظاهَرَ من فلانة التي هي قبل الزواج بها أجنبية فانَّه يجري الظهار على زوجته الأولى ففلانة تحمل صفة الأجنبية مازال لم يتزوج بها فإنْ تزوج بها لم تعدّ أجنبيةً بيد انَّه حينما قال لزوجته الأولى (إن ظاهرت من فلانة الأجنبية فأنت كظهر أمي) كان يريد بلفظة (الأجنبية) بيان صفة تلك المرأة المعنية، أما إذا صرفنا معنى صفة (الأجنبية) على وجه التخصيص لا الإيضاح فإنَّ هذا الرجل إن ظاهَرَ هذه المرأة الأجنبية بعد الزواج بها فلا يستلزم هذا الظهار أن يُظاهِرَ زوجته الأولى لأنَّ الشرط الذي اشترطه ابتداءً ساقطٌ في هذه الحال لأنَّ المرأة التي تزوجها وهدَّد بظهار زوجته الأولى إنْ ظاهَرَها لم تعد أجنبية لأنَّه قد تزوَّجها فهي حَرَمَه من هنا لايعتدُّ بالشرط؛ لانه مُنتفٍ بانتفاء الموضوع فلما كان الشرط هو أن تكون الـمُظاهَرُ منها أجنبيةً سَقَطَ ذلك الشرط؛ لأنَّها لم تعدّ أجنبيةً من هنا تكون الصفة تخصُّصية مُلازمة لحال المتكلم فمَنْ قال (إن ظاهَرْتُ من فلانة الأجنبية فأنتِ كظهر أمي) فإنَّ لفظة (الأجنبية) تُلزِمُه تخصيصاً في وقت الحديث فقد اشترطها أنْ تكون صفة المرأة لحظة الظهار أجنبية فلمّا لم تكن أجنبيةً فلا شرط، أما في حال حملها على البيان أي إنَّ التي سأتزوَّجُها هي أجنبيةٌ وإنْ ظاهَرتُها فأنت ظاهرٌ عليَّ أيضاً فالشرط ههنا لازمٌ وموجبٌ؛ لأنَّ الصفة (أجنبية) بيانٌ لتلك المرأة وإيضاح لشأنها وليس تخصيصاً لها بحمل الصفة في حال الأداء (الظهار) .
ونظير ذلك قوله ((ومنها: لو حلف: أن لا يكلم هذا الصبي، فصار شيخاً، أو: لا آكل من لحم هذا الحمل، فصار كبشاً، أو: لا أركب دابة هذا العبد، فعُتِق ومَلَكَ دابةً فركبها، فعلى التوضيح يحنث، وعلى التخصيص لا حَنث))( ) لأنَّ التخصيص يقتضي انَّه لا يفعل هذه الأشياء في وقت الحديث عنها أي إنَّ هذه الأمور ممنوعة عليه ما زالت مشروطةً تخصيصاً بهذه الصفات، فله أن لا يمنع نفسه مما حَرَّمَهُ على نفسه إذا اختلت الصفة فباختلال الصفة ينتفي التخصيص، فلا حنث، أما إذا ساق الصفة على سبيل الإيضاح فحسب فقال: (لا اكلّم هذا الصبي) فأراد بلفظة (الصبي) بيان صفته ليتَّضح لدى المتلقي لا أنَّه لا يكلِّمه لأنَّه صبي، وكذا الحال لقوله (لا آكل من لحم هذا الحمل) و(لا أركب دابة هذا العبد) فإنَّ الصفتين (الحمل) و(العبد) قد وردتا للإيضاح ليُفهم أيُّ لحم هو المقصود وأيُّ دابة هي المعنية فالصفة سيقت لغرض البيان ليس إلا فإن كان الأمر كذلك وجب - والحال هذه - أن يحنث بيمينه إنْ فعل ما منع نفسه منه لأنَّ الصفة في هذا الموضع غير مُلزِمَة أو مُخصِّصَة في وقت معين؛ بل هي بيانية لإيضاح أمر للمتلقي فالمنع سارٍٍ والحرمة قائمة بذات المعني لا بصفته فيقع الحنثُ إن فَعَلَ ما حرَّمه على نفسه، أما إذا كان المنع مُتعلِّق بالصفة تخصيصاً فيرتفع المنع بارتفاع الصفة لأنَّها تخصيص مُتعلِّق بالـمُخصِّص فحسب وليست بياناً ((ويقرب منه: ما يعبر عنه الفقهاء باجتماع الإضافة والاشار كقوله: لا كلمت هذا عبد زيد، أو هذه زوجته، أو زوجته هذه، أو عبده هذا، فإنَّ الإضافة في معنى الصفة، فإنْ جعلناها للتوضيح فزال الملك، والزوجية، فاليمين باقية، وإنْ جعلناها للتخصيص انحلت، وكذا لو قال: لأعطين فاطمة زوجة زيد، أو سعيداً عبده، ومنه: لو أوصى لحمل فلانة من زيد، فظهر من عمرو، أو نفاه زيد باللعان، فإنْ قلنا الصفة للتوضيح فالوصية باقية، وإنْ قلنا للتخصيص بطلت لو ظهر من عمرو))( ).
من هنا نستدل على أن الشهيد الأول لم يجارِ النحاة في كيفية تحديد دلالة الصفة في الكلام فقد نَهَجَ النُّحاةُ في بيان دلالة الصفة على أساس الموصوف على حين أن الشهيد لم ينظر إلى الصفة من هذه الوجهة التقليدية – وإن كان قد يؤمن بهذه النظرة في بعض مواطن الكلام- بل نظر إلى الصفة على أساس إفادتها الدلالية في السياق في حال انعدام القرائن السياقية التي تُعين المتلقي على تحديد الصفة* فهي والحال هذه تحمل نمطينِ من الدلالة لا يسع المتلقي الترجيح بينهما ما لم ينصّ المتكلمُ على ذلك بنفسه؛ فإنْ انعدمَ التنصيصُ وتجرَّد الخطابُ من اللوازم الاستدلالية والأدوات الترجيحية حُمِلَتْ الصفة على دلالتيها؛ فإما التوضيح وإما التخصيص ولكلِّ واحدةٍ من هاتينِ الدلالتينِ لها توجيه مضموني معين، فالبيانُ قد يُلزِم المتلقي أحياناً بوجوب أداء المطلوب كما في مثال التكلُّم مع الصبي أو ركوب دابة العبد، وقد يكون الأداء التوضيحي للصفة غير مُلزِم لأداء المطلوب كما في مثال الظهار من الزوجة الأولى في حال الظهار من فلانة الأجنبية، والأمر نفسه لدلالة التخصيص فقد تكون مُلزِمة لأداء المطلوب أحياناً وقد لا تكون كذلك؛ والظاهر أنَّ الأمر رهنٌ بتغاير الكيفية التركيبية للخطاب فإذا ما تتبعنا الأمثلة الاستدلالية للشهيد الأول نجد انَّه في حال كون التركيب اشتراطيًاً فإنَّ التخصيص هو الـمـُلزِم في أداء المطلوب وإن كان التركيب منفيّاً فإنَّ الإيضاح هو الـمُلزِم في أداء المطلوب؛ من هنا نقرُّ بأنَّ الشهيد الأول قد أسَّس قاعدته هذه على وفق الرؤيا الدلالية للصفة والإفادة المترتّبة على هذه الدَّلالة في حال انعدام القرائن وتجرُّد الكلام من أيِّ وسيلة تحديد لإحدى الدلالتينِ فكأنَّه بهذا قد بنى قاعدته على أساس إجمالية الصفة وتردّدها بين أكثر من دلالة، في الوقت الذي تعدُّ فيه الصفة في الخطاب اللغوي بياناً وتحديداً للموصوف لا إبهاماً إجمالياً له، غير أنَّ الشهيد الأول قد تنبّه على ما لم تلتفت له أنظارُ اللغويين والنُّحاة من أنَّّ الصفة قد ترد مبهمةً مجملةً تحتمل وجهينِ معاً فيشوب وظيفتَها الخطابية (البيانية) الأصل شيءٌ من القلق والتَّردُّد وهذه تعدُّ سابقةً للشهيد الأول في مجال التنظير الدلالي واللغوي.
المبحث الثالث: قاعدة: الإقرار في موضع يصلح للإنشاء هل يكون إنشاءً:
يتساءل الشهيد الأول في هذه القاعدة عن الموضع الخطابي الذي يُجاب فيه بصيغة إخبارية وهو يحتمل الإنشاء أ يُعدُّ إنشاءً أم أنَّه إقرار بالإنشاء إخباراً ويروي في ذلك ما ورد عن أهل البيت (عليهم السلام) حيث يقول: ((النصُّ عن أهل البيت (عليهم السلام): في الـمُطلِّق على غير السُّنة يؤتى بشاهدينِِ، ثم يُقال له: هل طلَّقتَ فلانة؟ فإذا قال: نعم، تَعْتَدُ حينئذ، وفي خبر السكوني عن الصادق (عليه السلام): في الرجل يُقال له: هل طلَّقت امرأتَكَ؟ فيقول: نعم، قال: قد طلَّقها حينئذ، وهذا فيه احتمال: أن يقصد به الإنشاء، وكثير من الأصحاب جرى على الأول، وآخرون قيَّدوه بقصد الإنشاء وإلا جرى على الإقرار؛ لأنَّ الإقرار والإنشاء يتنافيان؛ إذ الإقرار إخبار عن ماضٍ، والإنشاء إحداث؛ ولأنَّ الإقرار يحتمل الصدق والكذب، بخلاف الإنشاء))( ) من هذه الرواية نستدل على أن المسؤول عن طلاق زوجته أ طلَّقها أم لا؟ إن أجاب بـ (نعم) فإجابته هذه تحتمل الإنشاء دلالةً أم الإخبار إقراراً بالمضمون، فإنْ قصد بإجابته الإنشاء فإنَّ جوابه سيكون عبارة إخبارية المبنى إنشائية المعنى أي إنَّها تخضع لظاهرة التناوب الدلالي بين الخبر والإنشاء*، فيكون المعنى من إجابته للإمام هو (طَلِّقْها) بالطلب؛ فدلالة العبارة ههنا إنشائية، وان حُمِلَتْ عبارة الإجابة على الإخبار معنىً ولفظاً فإنْ المعنى سيكون بانَّه يقرُّ بطلاقها وحينئذ يجب أن تَعتَدَّ فكأنَّه في موضع الإقرار بالشيء على نية إرادة الإنشاء (الطلب) من الحاكم بأداء المراد.
بيد أنَّا نلمس من كلام الشهيد الأول بأنَّه يُرجّح في هذه القاعدة القول بالإنشاء أي ان العبارة إخبارية في مبناها إنشائية في معناها وذلك واضح من قوله (وكثير من الأصحاب جرى على الأول)، ثم يردف هذا الاتجاه بقوله: ((ويقرب منه: زَوَّجْتَ بنتَكَ من فلان؟ فقال: نعم، فقَبَلَ الزوجُ، فحملَهُ كثيرٌ من الأصحاب على قصد الإنشاء؛ وهو مُحتمل لأنْ يراد جعله إنشاءً، والسرُّ فيه: أن الإنشاء المراد به إحداث حِلّ أو حُرمة لإرادة المنشئ ذلك، والمخبر عن الوقوع في قوة الراضي بمضمون الخبر، والعمدة في العقود هو الرضا الباطني، والإنشاء وسيلة إلى معرفته، فإذا حصل بالخبر أمكن جعله إنشاءً))( ).
من هذا القول نستدل على أن الشهيد الأول قد بنى قاعدته هذه على أساس التباين المضموني بين الخبر والإنشاء ومدى تَقبُّل العبارة الـمُجاب بها على الأحقية الدلالية لكل منهما؛ ذلك بأنَّ الإنشاء هو إرادة إحداث شيء بحِلٍّ (الأمر) أو حُرمةٍ (النهي) وهذه المسألة مُتعلِّقة حصراً بنفسية المتكلم ونيته فهو المريد للشيء على سبيل الطلب والرغبة فإذا جرى الخطاب على هذا النمط اللساني فإنَّه - والحال هذه- لا يخضع لمعيار الصدق والكذب الذي يجري على الإخبار؛ لأنَّ الإنشاء هو حاجة يريدُها المنشيء من المتلقي والطلب خارج عن نطاق التصديق والتكذيب مطلقاً، على حين أنَّ الإخبار هو حديث يسري عن حدث مَضَى وانقضَى والمتكلم في سياق روايته والتكلُّم عليه، وما زال هذا الخبر حدثاً فإنَّه خاضع لمقياس التصديق والتكذيب بالضرورة؛ لأنَّه حديث عن شيء قد حصل إثباتاً أو نفياً ومن ثمَّ فهو يتقبَّل صدق الحدوث من كذبه؛ بهذا نجد أن ترجيح الشهيد الأول كان مؤسساً على أساس أحقية دلالة الأسلوب الكلامي في هذا الموضع بدلاً من غيره فالإنشاء في موضع الإرادة أولى من الإخبار على سبيل الإقرار بالمراد؛ لأنَّ الطلب يقع في العقود قطعاً أما الإخبار فلا يسري على العقود ولا تتحقق فيه إرادة التعاقد بأيِّ صورةٍ من صورها، أما التساؤلُ عن أن العبارة الـمُجاب بها في القعود هي إخبار فكيف حُمِلَتْ على الإنشاء دون الإقرار بالإنشاء إخباراً، نقول إنَّ كثيراً من العبارات الإخبارية تُحمَلُ على دلالة الإنشاء إذا اقتضت قرائن السياق تلك الدلالة فقول ولي البنت حين زواجها إلى الزوج: (نعم)، فانَّه يريد بذلك تزوَّجْ ابنتي، وإذا قال البائع إلى المشتري: (بِعتُ)، فانَّه يعني خُذْ البضاعة فأنا موافقٌ على بيعها؛ ولهذا الأمر من التعبير القرآني شواهد كثيرة منها قوله تعالى ((وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ))( ) فعند التأمُّل في هذه الآية نجد أنَّ الجملة الإخبارية (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ) تفيد الدلالة الإنشائية فهي أمرٌ منه سبحانه بتربُّص المطلقات؛ فهذا الفعل يُعطي دلالة الأمر المطلق في النصِّ( )؛ و قد جاء الإخبار عن الأمر الوجوبي للتربُّص بفعل الإخبار لزيادة توكيد مضمون الأمر ولفت النظر إليه، جاء في (الكشاف): ((فإنْ قُلتَ: فما معنى الإخبار عنهُنَّ بالتربُّص؟ قُلْتُ: هو خبرٌ في معنى الأمر، وأصل الكلام: وليتربَّصن المطلقات، وإخراج الأمر في صورة الخبر تأكيدٌ للأمر، و إشعار بأنَّه مما يجب أن يُتَلَقََّى بالمسارعة إلى امتثاله، فكأنَّهن امتثلن الأمر بالتَّربُّص)) ( )، ومنه أيضاً قوله تعالى ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))( ) فإذا ما تأملنا وعاودنا النظر في الآية الكريمة نجد أن قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ) جملة إخبارية تدل من الفعل (كُتِبَ) على الزمن الماضي، بيد أنَّها إنشائية في معناها فهي تدل على الأمر الوجوبي؛ لأنَّها بمعنى فعل الأمر (صوموا)، ويعضد كون هذه العبارة إنشائية الدلالة قول الطوسي في (التبيان)؛ إذ يقول: ((وقولُه (كُتِبَ) معناه فَرَضَ))( ) ويعود ذلك إلى ان الكتابة تعني إثبات الشيء وديمومته، وهذا أمرٌ جارٍ في اللغة وشأن معروف فيها؛ فلو أنَّكَ قلتَ لصديقٍ لك في العمل: (كَتَبَ عليكَ المديرُ أن تفعلَ كذا)، فإنَّ هذا يدل على أن المكتوب أصبح واجباً على ذلك الصديق أي هو بمعنى فَرَضَ عليكَ أن تفعل هذا الأمر، ونجد لهذا شاهداً آخر في حياتنا اليومية وذلك في مَنْ تقع عليه مصيبة - وقاه الله شرّها- فانَّه يقول: (إن هذا مكتوبٌ عليَّ ويجب أنْ يحدثَ شئتُ أم أبيتُ) فنفهم من هذا أنَّ القائل أدرك أنَّ هذا المصيبة هي واقعة به لا محالة؛ لأنَّها قد فُرِضَتْ عليه في عالم الغيب ولا سبيل له للتفادي منها إلا بفضله ورحمته تعالى، من هنا نرى أن الفعل (كُتِبَ) يدل على الوجوب، وقد أدرك هذه الدلالة للفعل (كُتِبَ) السيد الطباطبائي بمقولته: ((الكتابة معروفة المعنى ويُكنَّى بها عن الفرض والعزيمة والقضاء والحتم))( ) ونحسب أن هذه المعاني التي ذكرها الطباطبائي كلّها متحققةٌ في معنى الصوم الذي أوجبه تعالى بالفعل (كُتِبَ)؛ من هنا نجد أن استبطان العبارة للدلالة الإنشائية وهي إخبارية في صياغتها الخارجية أمرٌ مألوف في النصِّ القرآني وقد أثبته علماءُ التفسير بالأدلة القطعية والقرائن السياقية، وقد يحدث العكس أحياناً فتأتي العبارة إنشائية في معناها إخبارية في مبناها والذي يحدّد ذلك تضافر القرائن في السياق الخطابي.
وتأسيساً على وجود ظاهرة التناوب في الخطاب وتحقق إرادة المريد في الكلام مال الشهيد الأول إلى ترجيح فكرة القول بدلالة الإنشاء على دلالة الإخبار؛ إذ يقول: ((أما الـمُخبِر بوجود ما يُعلم عدمه، يُحمَل كلامه على الإنشاء صوناً له عن الكذب، وحينئذ يتَّجه أنْ يُقال: كل إقرار لم يسبق مضمونه يجعل إنشاء، وكذا كل إقرار سبق مضمونه للعالم بفساده، وكل إقرار سبق من معتقد صحته لا يكون إنشاءً))( ) .
المبحث الرابع: قاعدة في العام والخاص:
إذا ما أنعمنا النظر في هذه القاعدة سنجد أنَّ الشهيد الأول قد قَسَّمَ أدوات العموم وبَسََطَ القول فيها من دون أن يتطرَّقَ إلى أدوات التخصيص أو التعريف بمفهوم (الخاص) على الرغم من أنَّه قد قدَّم قاعدته تحت عنوان (قاعدة في العام الخاص)، ومع وجود هذه المفارقة فإنَّ الشهيد الأول قد فصَّل الكلام في بيان وسائل معرفة العام في الخطاب حتّى يتسنّى للمتلقي التمييز في تحديد كون هذه اللفظة دالة على العام أم أنَّها ليست كذلك؛ ذلك بانَّ معرفة العام في السياق اللغوي له أهمية بالغة الأثر عند المتلقي سواء كان ذلك على المستوى التصوُّري أم التطبيقي؛ إذ يترتَّب على تحديده وتشخيصه في الخطاب دلالة شرعية أحياناً؛ من هنا كان تصنيفُ ألفاظ العموم والتنظير لأدواته مسألةً في غاية الضرورة على المستوى الدلالي (الفهمي) والأدائي (التنفيذي) للمراد الإلهي معاً.
ومن الجدير بالإشارة في هذا الموضع إلى أنَّ الشهيد الأول لم يَقتصِرْ في بيانه لأدوات العام على المألوف المعرفي السائد في المدونات الأصولية على وفق ما نظَّر لها علماءُ الأصول؛ بل زادَ عليها بعض الألفاظ والأدوات؛ ذلك بأنَّ علماء الأصول حينما يعرضون إلى وسائل معرفة العام يذكرون أن ألفاظ العام هي (كل وجميع( )، واكتعون، والذي، والتي، وأي)( ) وقد عدَّ بعضُهم هذه الألفاظ من صيغ العموم لا من ألفاظه( )، على حين نجد أنَّ الشهيد الأول كان أكثر دِقَّة في حديثه عن ألفاظ العام إذ يرى أنَّ ألفاظه تكمن في (( (جميع)، و(أجمع) و(جمعاء)، و(أجمعين)، وتوابعها المشهورة (كأكتع) وأخواته، (وسائر) شاملة إما لجميع ما بقي، أو للجميع على الإطلاق، على اختلاف تفسيرها، وكذا: (معشر)، و(معاشر)، و(عامة) و(كافة)، و(قاطبة)، و(من) الشرطية والاستفهامية، وفي الموصولة خلاف))( ) وبهذا يكون الشهيد الأول قد فاقََ الآخرين من الذين نظَّروا لألفاظ العموم من حيث بيانه التفصيلي لهذه الألفاظ، ويبدو أنَّ الداعي الذي دفعه إلى وضع لفظة (سائر، ومعشر، وعامة، وكافة، وقاطبة) بمصاف ألفاظ العموم المشهورة (كل، وجميع، واجمعون) هو انَّه نَظَرَ في المعطى المعجمي لهذه الألفاظ فوَجَدَ أنَّ دلالتها الأصلية في اللغة توحي بالإخبار عن المجموع العام؛ فلفظة (سائر) إذا ما طالعناها في المعجم العربي نجدها تدل على معنى الجمع حيث يقول مصنفو المعجمات: ((وسائِرُ الناس جَمِيعُهم))( )، أما لفظة (معشر) فتعني الأهل والجماعة كما يقول ابن منظور: ((ومَعْشَرُ الرجل أَهله، والمَعْشَرُ الجماعة متخالطين كانوا أَو غير ذلك))( ) ونقل عن الازهري قوله: ((المَعْشَرُ والنَّفَرُ والقَوْمُ والرَّهْطُ: معناه الجَمْعُ لا واحِدَ لهم من لَفْظِهم للرّجالِ دُونَ النساءِ))( ) وقيل: ((المَعْشَرُ: كلّ جَماعَةٍ أَمْرُهُم واحِدٌ نحو مَعْشَر المُسْلِمينَ ومَعْشَر المُشْرِكينَ))( )، على حين نجد أنَّ لفظة (عامة) لا تخرج عن هذا المدلول الجمعي إذ يقول الرازي: ((العامة ضد الخاصة وعَمَّ الشيء يعمُّ بالضم عُمُوماً أي شملَ الجماعة، يقال عَمَّهم بالعطية))( ) وكذا الحال للفظتي (كافة وقاطبة) فدلالة لفظة (كافة) في اللغة تدل على الجمع والكثرة يقول الخليلSad(والنّاس كافّة كلُّهم داخلٌ فيه أي: في الكافّة))( ) ونقل عن الرازي ما نصَّه: ((والكَافَّةُ الجميع من الناس يقال لقيتهم كافة أي كلهم))( ) والحال مماثل للفظة (قاطبة) فهي ((اسمٌ يحمِلُ كل جيلٍ من النّاسِ تقول: جاءَتِ العَرَبُ قاطِبةً))( ) ويبدو أن سيبويه كان أكثر دقةً في تحديد هذه اللفظة من غيره حيث نُقِلَ عنه قولُهُ: ((هو اسْمُ يَدُلُّ على العُمُوم))( ) وهذا الكلام موافق تماماً لمعنى العموم في مفهومه الاصطلاحي؛ من هنا نستدل على أنَّ الشهيد الأول قد أسَّس قاعدته في النظر إلى هذه الألفاظ بأنَّها دالة على العموم على مرتكز المعطى المعجمي والمعنى الأصل لكل مفردة منها، فكلُّ واحدة من هذه الألفاظ تحمِلُ في طيّاتها معنى الكثرة والشمولية للجماعة من دون تحديد أو تشخيص عددي، وعلى الرغم من التفاتة الشهيد الأول التي تُحسَب له في هذا النطاق التصنيفي حيث استدرك ألفاظاً دالة على العموم لم يذكرها أغلبُ علماء الأصول؛ فإنَّه يمكن أن يُقال – بناءً على المستند المعجمي الذي اعتمده السيد الشهيد على وفق الاستقراي- بأنَّ هناك ألفاظاً دالة على العموم في دلالاتها المعجمية بيد أنَّه لم يذكرها ضمن الألفاظ الدالة على العموم من ذلك لفظة (جمَّ) حيث يرى الخليل بأنَّها تدل على معنى الكثرة والجماعة؛ إذ يقول: ((جَمَّ الشْيءُ واسْتَجَمَّ أي كَثُرَ ... والجَمّاء الغَفيرُ : الجماعة من الناس))( ) ويقال ((جَمَّ المال وغيره إذا كثر يجم بالكسر والضم جُموماً فيهما، والجَمُّ الكثير))( ) والحال مناظر للفظة (طرَّ) حيث ورد في النص المعجمي قول سيبويه ((وقالوا: مَرِرْتُ بهم طُرّاً أَي جَميعاً))( ) و((يقال: طَرَرْتُ القومَ أَي مَرِرْتُ بهم جَميعاً))( ) فإذا ما خضعنا لقاعدة الشهيد الأول فمن الواجب أن نُدخِل هذه الألفاظ في خضم مصاف الألفاظ الدالة على العموم في اللغة والاستعمال.
وفي معرض حديث الشهيد الأول على أدوات العموم يقول ((وقال بعضهم: (ما) الزَّمانية للعموم، وإن كانت حرفاً، مثل: (إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً)( )، وكذا المصدرية إذا وصلت بفعل مستقبل مثل: يعجبُني ما تصنعُ))( ) إذ نلحظ أنَّه صَدَّرَ كلامه في الحديث عن (ما) الزَّمانية بقوله (وقال بعضهم) وهذه العبارة تدل على التَضعيف؛ إذ توحي بأنّه لا يَتبنَّى هذا الرأي ويسند ذلك قوله (وإن كانت حرفاً) فهذه المقولَة تدل على أن الشهيد الأول لا يتَّفق ومذهبَ مَنْ قال بدلالة (ما) الزَّمانية؛ لأنَّه قد أسَّس لنا بمقولته (وإن كانت حرفاً) قاعدةً جديدةً وهي أنَّ أدوات العموم وألفاظه لا تكون حروفاً ألبتة، فهو يضعَّف قبول (ما) الزَّمانية ضمن أدوات العموم؛ لأنَّها حرفٌ وكذا الحال لـ (ما) المصدرية فهي حرف* تنسبك مع الفعل الذي يليها لتُكَوِّن مصدراً صريحاً بعد أنْ كان مؤولاً ( )، من هنا يُبعِد (ما) المصدرية والزَّمانية خارج نطاق دلالة العموم؛ لأنَّهما من جنس الحروف فكان بهذا مؤسِّساً منطلقه الاقصائي على القاعدة الأصولية التي تنصُّ على ((أن العموم والخصوص من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني والأفعال))( ) والحروف.
وعلى الرغم من وجاهة القاعدة التي اعتمدها الشهيد الأول في تضعيفه لأنْ تكون (ما) الزَّمانية أو المصدرية من أدوات العموم لأنَّها حروف، فإنَّ ثمة وجاهة أيضاً فيما ذهب إليه مَنْ قال بأنَّها دالة على العموم أيضاً مع الحفاظ على ذات المنطلق الذي ينصُّ على أن الحروف لا تعدُّ من معنى العموم في شيء؛ ذلك بأنَّ الذين قالوا بأنَّها دالة على العموم لم ينظروا إلى حرفيتها؛ بل نظروا إلى ما بعد انسباك (ما) فيما بعدها، فـ (ما المصدرية) تنسبك مع ما بعدها لتُكَوِّنَ مصدراً، وكذا الحال لـ (ما الزَّمانية) فهي في حقيقة الأمر مصدرية أيضاً لأنَّها تنسبك مع ما بعدها لتكون مصدراً، ويبدو أنَّ النُّحاةَ قد أدركوا هذه الحقيقة من طبيعة (ما الزَّمانية) إلى الحدِّ الذي أطلقوا عليها تسمية (ما المصدرية الظرفية) يقول ابن عقيل في معرض حديثه عن (دام) وشرط عملها: ((ما يشترط في عمله أن يسبقه (ما المصدرية الظرفية) وهو (دام) كقولك: أعطِ ما دمتَ مصيباً درهماً؛ أي أعطِ مدةَ دوامك مصيباً درهماً، ومنه قوله تعالى (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)( )؛ أي مدة دوامي حياً))( ) ويرى ابن هشام أنَّ ((ما يعمل بشرط تقدم (ما) المصدرية الظرفية وهو دَامَ نحو (مَا دُمْتُ حَيّاً)( ) أي مُدَّةَ دَوَامِي حَيَّا وسميت (ما) هذه مصدرية))( ) من هنا نجد أن (ما الزَّمانية) هي في الأساس مصدرية، فـ (دام) مصدرها (دوام)؛ لأنَّ قوله تعالى: (( (مَا دُمْتُ حَيّاً)( ) أصله مدّة دوامي حيّاً؛ فحذف الظرف وخلفته ما وصلتها، كما جاء في المصدر الصريح نحو: جئتُكَ صلاةَ العصرٍ، وآتيكَ قدومَ الحاج))( )، وإذا ما تحقَّق لنا أنَّ (ما) المصدرية و(ما) الزَّمانية كلاهما يدل على المصدر صار سائغاً قبولهما لأداء مَهَمَّة العموم في الخطاب؛ ذلك بأنَّ (ما) تنسبك مع ما بعدها لتكون مصدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بن عزيزة بختة
عضو شرف
عضو شرف
بن عزيزة بختة

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر (سعيدة)

عدد المساهمات :
193

نقاط :
419

تاريخ التسجيل :
17/12/2012

الموقع :
dahmanis18@yahoo.com

المهنة :
طالبة ماستر


الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد   الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد I_icon_minitime2013-10-28, 20:23

ومن الجدير بالإشارة في هذا الموضع إلى أنَّ الشهيد الأول لم يَقتصِرْ في بيانه لأدوات العام على المألوف المعرفي السائد في المدونات الأصولية على وفق ما نظَّر لها علماءُ الأصول؛ بل زادَ عليها بعض الألفاظ والأدوات؛ ذلك بأنَّ علماء الأصول حينما يعرضون إلى وسائل معرفة العام يذكرون أن ألفاظ العام هي (كل وجميع( )، واكتعون، والذي، والتي، وأي)( ) وقد عدَّ بعضُهم هذه الألفاظ من صيغ العموم لا من ألفاظه( )، على حين نجد أنَّ الشهيد الأول كان أكثر دِقَّة في حديثه عن ألفاظ العام إذ يرى أنَّ ألفاظه تكمن في (( (جميع)، و(أجمع) و(جمعاء)، و(أجمعين)، وتوابعها المشهورة (كأكتع) وأخواته، (وسائر) شاملة إما لجميع ما بقي، أو للجميع على الإطلاق، على اختلاف تفسيرها، وكذا: (معشر)، و(معاشر)، و(عامة) و(كافة)، و(قاطبة)، و(من) الشرطية والاستفهامية، وفي الموصولة خلاف))( ) وبهذا يكون الشهيد الأول قد فاقََ الآخرين من الذين نظَّروا لألفاظ العموم من حيث بيانه التفصيلي لهذه الألفاظ، ويبدو أنَّ الداعي الذي دفعه إلى وضع لفظة (سائر، ومعشر، وعامة، وكافة، وقاطبة) بمصاف ألفاظ العموم المشهورة (كل، وجميع، واجمعون) هو انَّه نَظَرَ في المعطى المعجمي لهذه الألفاظ فوَجَدَ أنَّ دلالتها الأصلية في اللغة توحي بالإخبار عن المجموع العام؛ فلفظة (سائر) إذا ما طالعناها في المعجم العربي نجدها تدل على معنى الجمع حيث يقول مصنفو المعجمات: ((وسائِرُ الناس جَمِيعُهم))( )، أما لفظة (معشر) فتعني الأهل والجماعة كما يقول ابن منظور: ((ومَعْشَرُ الرجل أَهله، والمَعْشَرُ الجماعة متخالطين كانوا أَو غير ذلك))( ) ونقل عن الازهري قوله: ((المَعْشَرُ والنَّفَرُ والقَوْمُ والرَّهْطُ: معناه الجَمْعُ لا واحِدَ لهم من لَفْظِهم للرّجالِ دُونَ النساءِ))( ) وقيل: ((المَعْشَرُ: كلّ جَماعَةٍ أَمْرُهُم واحِدٌ نحو مَعْشَر المُسْلِمينَ ومَعْشَر المُشْرِكينَ))( )، على حين نجد أنَّ لفظة (عامة) لا تخرج عن هذا المدلول الجمعي إذ يقول الرازي: ((العامة ضد الخاصة وعَمَّ الشيء يعمُّ بالضم عُمُوماً أي شملَ الجماعة، يقال عَمَّهم بالعطية))( ) وكذا الحال للفظتي (كافة وقاطبة) فدلالة لفظة (كافة) في اللغة تدل على الجمع والكثرة يقول الخليلSad(والنّاس كافّة كلُّهم داخلٌ فيه أي: في الكافّة))( ) ونقل عن الرازي ما نصَّه: ((والكَافَّةُ الجميع من الناس يقال لقيتهم كافة أي كلهم))( ) والحال مماثل للفظة (قاطبة) فهي ((اسمٌ يحمِلُ كل جيلٍ من النّاسِ تقول: جاءَتِ العَرَبُ قاطِبةً))( ) ويبدو أن سيبويه كان أكثر دقةً في تحديد هذه اللفظة من غيره حيث نُقِلَ عنه قولُهُ: ((هو اسْمُ يَدُلُّ على العُمُوم))( ) وهذا الكلام موافق تماماً لمعنى العموم في مفهومه الاصطلاحي؛ من هنا نستدل على أنَّ الشهيد الأول قد أسَّس قاعدته في النظر إلى هذه الألفاظ بأنَّها دالة على العموم على مرتكز المعطى المعجمي والمعنى الأصل لكل مفردة منها، فكلُّ واحدة من هذه الألفاظ تحمِلُ في طيّاتها معنى الكثرة والشمولية للجماعة من دون تحديد أو تشخيص عددي، وعلى الرغم من التفاتة الشهيد الأول التي تُحسَب له في هذا النطاق التصنيفي حيث استدرك ألفاظاً دالة على العموم لم يذكرها أغلبُ علماء الأصول؛ فإنَّه يمكن أن يُقال – بناءً على المستند المعجمي الذي اعتمده السيد الشهيد على وفق الاستقراي- بأنَّ هناك ألفاظاً دالة على العموم في دلالاتها المعجمية بيد أنَّه لم يذكرها ضمن الألفاظ الدالة على العموم من ذلك لفظة (جمَّ) حيث يرى الخليل بأنَّها تدل على معنى الكثرة والجماعة؛ إذ يقول: ((جَمَّ الشْيءُ واسْتَجَمَّ أي كَثُرَ ... والجَمّاء الغَفيرُ : الجماعة من الناس))( ) ويقال ((جَمَّ المال وغيره إذا كثر يجم بالكسر والضم جُموماً فيهما، والجَمُّ الكثير))( ) والحال مناظر للفظة (طرَّ) حيث ورد في النص المعجمي قول سيبويه ((وقالوا: مَرِرْتُ بهم طُرّاً أَي جَميعاً))( ) و((يقال: طَرَرْتُ القومَ أَي مَرِرْتُ بهم جَميعاً))( ) فإذا ما خضعنا لقاعدة الشهيد الأول فمن الواجب أن نُدخِل هذه الألفاظ في خضم مصاف الألفاظ الدالة على العموم في اللغة والاستعمال.
وفي معرض حديث الشهيد الأول على أدوات العموم يقول ((وقال بعضهم: (ما) الزَّمانية للعموم، وإن كانت حرفاً، مثل: (إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً)( )، وكذا المصدرية إذا وصلت بفعل مستقبل مثل: يعجبُني ما تصنعُ))( ) إذ نلحظ أنَّه صَدَّرَ كلامه في الحديث عن (ما) الزَّمانية بقوله (وقال بعضهم) وهذه العبارة تدل على التَضعيف؛ إذ توحي بأنّه لا يَتبنَّى هذا الرأي ويسند ذلك قوله (وإن كانت حرفاً) فهذه المقولَة تدل على أن الشهيد الأول لا يتَّفق ومذهبَ مَنْ قال بدلالة (ما) الزَّمانية؛ لأنَّه قد أسَّس لنا بمقولته (وإن كانت حرفاً) قاعدةً جديدةً وهي أنَّ أدوات العموم وألفاظه لا تكون حروفاً ألبتة، فهو يضعَّف قبول (ما) الزَّمانية ضمن أدوات العموم؛ لأنَّها حرفٌ وكذا الحال لـ (ما) المصدرية فهي حرف* تنسبك مع الفعل الذي يليها لتُكَوِّن مصدراً صريحاً بعد أنْ كان مؤولاً ( )، من هنا يُبعِد (ما) المصدرية والزَّمانية خارج نطاق دلالة العموم؛ لأنَّهما من جنس الحروف فكان بهذا مؤسِّساً منطلقه الاقصائي على القاعدة الأصولية التي تنصُّ على ((أن العموم والخصوص من عوارض الألفاظ لا من عوارض المعاني والأفعال))( ) والحروف.
وعلى الرغم من وجاهة القاعدة التي اعتمدها الشهيد الأول في تضعيفه لأنْ تكون (ما) الزَّمانية أو المصدرية من أدوات العموم لأنَّها حروف، فإنَّ ثمة وجاهة أيضاً فيما ذهب إليه مَنْ قال بأنَّها دالة على العموم أيضاً مع الحفاظ على ذات المنطلق الذي ينصُّ على أن الحروف لا تعدُّ من معنى العموم في شيء؛ ذلك بأنَّ الذين قالوا بأنَّها دالة على العموم لم ينظروا إلى حرفيتها؛ بل نظروا إلى ما بعد انسباك (ما) فيما بعدها، فـ (ما المصدرية) تنسبك مع ما بعدها لتُكَوِّنَ مصدراً، وكذا الحال لـ (ما الزَّمانية) فهي في حقيقة الأمر مصدرية أيضاً لأنَّها تنسبك مع ما بعدها لتكون مصدراً، ويبدو أنَّ النُّحاةَ قد أدركوا هذه الحقيقة من طبيعة (ما الزَّمانية) إلى الحدِّ الذي أطلقوا عليها تسمية (ما المصدرية الظرفية) يقول ابن عقيل في معرض حديثه عن (دام) وشرط عملها: ((ما يشترط في عمله أن يسبقه (ما المصدرية الظرفية) وهو (دام) كقولك: أعطِ ما دمتَ مصيباً درهماً؛ أي أعطِ مدةَ دوامك مصيباً درهماً، ومنه قوله تعالى (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)( )؛ أي مدة دوامي حياً))( ) ويرى ابن هشام أنَّ ((ما يعمل بشرط تقدم (ما) المصدرية الظرفية وهو دَامَ نحو (مَا دُمْتُ حَيّاً)( ) أي مُدَّةَ دَوَامِي حَيَّا وسميت (ما) هذه مصدرية))( ) من هنا نجد أن (ما الزَّمانية) هي في الأساس مصدرية، فـ (دام) مصدرها (دوام)؛ لأنَّ قوله تعالى: (( (مَا دُمْتُ حَيّاً)( ) أصله مدّة دوامي حيّاً؛ فحذف الظرف وخلفته ما وصلتها، كما جاء في المصدر الصريح نحو: جئتُكَ صلاةَ العصرٍ، وآتيكَ قدومَ الحاج))( )، وإذا ما تحقَّق لنا أنَّ (ما) المصدرية و(ما) الزَّمانية كلاهما يدل على المصدر صار سائغاً قبولهما لأداء مَهَمَّة العموم في الخطاب؛ ذلك بأنَّ (ما) تنسبك مع ما بعدها لتكون مصدراً والمصدر له الامكانية على أنْ يدل على العموم، فقوله تعالى (وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً)( ) تدل فيه (ما) مع ما بعدها على معنى المصدر (دوام) أي أنا أُصلي وأمارسُ التزكية مدةَ دوامي حيّاً وهذا يعني أنَّني لم ولن انقطع عن هاتين الصفتين طوال مدة حياتي من دون استثناء أو توقف، فنلحظ أنَّ شمولية مدة الصلاة والزكاة لحياة عيسى (عليه السلام) ودوامها؛ تدلُّ بالضرورة على معنى العموم الزمني، فكأنَّ هاتينِ الصفتينِ تستغرق كلَّ جزئيات حياتها وجميع لحظات ديمومته الوقتية على وجه الاستمرار الكلي للزمن، فتحقق بهذا معنى العموم للزمن في (ما ومابعدها)، ويبدو أنَّ القرطبي قد آمن بهذه الحقيقية اللغوية حتّى لأنَّه - في معرض تفسيره لهذه للآية- قد أسَّس على منطق العموم في (ما الزَّمانية) وما بعدها حكماً تشريعيّاً؛ إذ يقول: ((ويتركَّب على هذا أنَّ الرجل إذا قال لامرأته: أنتِ طالقٌ أبداً، وقال: نويتُ يوماً أو شهراً كانت عليه الرجعة، ولو قال: طلقتُها حياتها لم يُراجعها))( ) وهذا دليلٌ جليٌّ على انَّه يقرُّ بأنَّ (ما الزَّمانية) التي تُحال إلى مصدر دالة على العموم الوقتي، فلو قال قائل لزوجته: (طلقتُك ما حييتُ) حَرُمت عليه زوجته مطلقاً على أساس تشريع القرطبي.
وإذا أنعمنا النظر في كلام الشهيد الأول على هذه القاعدة فإنّا سنجد في طيات مقاله ما يسند دلالة العموم على الزمن؛ إذ يقول ((قيل: وإذا أكد الكلام بالأبد، أو الدوام، أو الاستمرار، أو السرمد، أو دهر الداهرين، أو عوض وقط في النفي، أفاد العموم في الزمان، وهو بيِّنُ الإفادة لذلك))( ) فقوله (وهو بيِّنُ الإفادة) لدليل قطعي على إيمانه بالدلالة العمومية للزمن، وانَّ الزمن له القدرة والقابلية على أنْ يكونَ معنىً من معاني الاستغراق والشمول، وبهذا التسليم يمكن أنْ نقول إنَّ ما قرَّره علماء الأصول من أنَّ العموم لابدَّ من أنْ يدخل على الألفاظ التي تقبل التَجزّؤ والتَّعدُّد، وانَّ ما لا يقبل التَجزّؤ والتَّعدُّد من الألفاظ ذات المعاني الكُلِّية الشاملة لجزئياتها وليس لأجزائها، لا يدخلها العموم لعدم امكان تجزّوئها *، لايُعدُّ هذا التقرير مُطَُُّرداً؛ ذلك بأنَّ ألفاظ الزمان كـ (الدهر، والدوام، والأبد) هي ألفاظ ذات معانٍ كُلِّية لا تقبل التَجزّؤ بالمعنى الإفرادي؛ بل تقبل التَجزّؤ بالمعنى التَّصوُّري من حيث أنَّها تدل على عموم الاستغراق الزمني دون توقُّف أو تحديد معين؛ من هنا يثبت لدينا أن العموم يمكنُهُ أن يدخل إلى نطاق الزمن بدلالته على استغراقه، وليس الأمر مُنحصراً في دخول العام على ما يتجزَّأ من الألفاظ فحسب دون سواها.

أما (ما) المصدرية دون الزَّمانية فهي لا تختلف عن (ما الزَّمانية المصدرية) في دلالتها على العموم، فلو قلتَ مثلاً: يُعجبُني ما تصنعُ، فإنَّ هذا يحمل دلالة على العموم فلو أحلنا العبارة على المصدر الصريح فأنَّها ستكون: يُعجبُني صنعُكَ؛ من هنا تدخل دلالة العموم في الصناعة شمولاً من غير استثناء، لأنَّه لم يُحدِّد الشيء الذي يُعجبه مما يصنع فجميع ما يصنعه هذا الشخص الـمُعجَب به يكون مَقبولاً ومُعجَباً به، من هنا وقع الإعجاب عموماً بكل ما يصنعه ذلك الشخص دون تخصيص.

بهذا نصل إلى أن الشهيد الأول كان له الحقُّ في رؤيته بان (ما) المصدرية والزَّمانية لا تعدُّ من العموم لأنَّها حروف؛ ذلك بأنَّه قد أسَّس نظرته هذه على وفق دلالتهما السطحية (التركيبية) في النص من أن (ما) هي حرفٌ في كلتا الحالين، والحروف لا تدل على العموم مطلقاً، أما مَنْ قال بدلالتيهما على العموم فلهم الحقُّ في مقالهم هذا أيضاً؛ ذلك بأنَّ نظرتهم هذه مؤسَّسة على مُقرَّرات النُّحاة في مدوناتهم التخصُّصية إذ نصَّوا على أن (ما) المصدرية والزَّمانية تُحال على مصدر صريح بعد انسباك (ما) فيما بعدها، والمصدر الصريح من وجهة نظر دلالية يمكن أنْ يدلَّ على العموم، وبهذا تكون (ما) المصدرية والزَّمانية دالة على العموم في حال الانسباك والمعاملة على أنَّها مصدر صريح؛ ولا يتحقق العموم فيها قبل هذا المنظور؛ لأنَّها قبل الانسباك دلالياً بما بعدها لا تعدو أن تكون حرفاً فحسب.



الخـــاتمــة
لقد توصَّل الباحث إلى جملة نتائج من دراسته لمنطلقات بناء القاعدة اللغوية في فكر الشهيد الأول يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1- وَجَدَ الباحث أن الشهيد الأول قد بنى منطلقاته الفكرية في وضع القواعد اللغوية على أساس الإفادة الدلالية من القاعدة فهو لم ينظر للقاعدة اللغوية كما فعلَ علماءُ النحو أو اللغويون؛ بل انطلقَ من مُعتقد ينصُّ على أن اللغة في أساسها قد وضِعَتْ لإفادة إبداع المعنى وصيرورته فهما ينتقل تداولاً بين المتخاطبين؛ من هنا وَجَبََ أن تكون اللغة التخاطبية مؤسَّسة على مُنطلق دلالي؛ وبذلك لابُدِّ من أنْ تكونَ القاعدة اللغوية مَبنية أساساً على منطلق الغاية من اللغة ذاتها، ولربَّما كان فيما آمن به الشهيد الأول ردٌّ على مَنْ يرى من المحدثين اللغويين بأنَّ الدلالة تمثل مستوى من مستويات لغة الخطاب وليس هي الغاية الأساسية من اللغة برمتها.
2- اكتشف الباحث أن الشهيد الأول قد اعتمد قصد المتكلم أساساً في وضع قاعدة توجيه المضمون الدلالي لـ (الصفة) في بعض السياقات الخطابية، فقد يحدث أن ترد الصفة في خطاب لغوي وهي تحتمل في ذلك الخطاب معنيين، فأما أنْ تحُمَل على البيان التَّوضيحي وأما أن تُصَرفَ إلى دلالة التَّخصيص اللزومي، والفارقُ الذي يترتَّب عليه القول بإحدى الدلالتينِ بيِّنٌ على الواقع التنفيذي؛ ذلك بأنَّ الإقرار على دلالةٍ منهما تفضي إلى إثبات حكم مُعين من الواجب الالتزام به، ولما كانت القرينة الصارفة إلى إحدى هاتينِ الدلالتينِ مَفقودةً في النصِّ لَزَمَ – من هنا- الحملُ على إحدى الدلالتينِ على وفق ترجيح المتلقي تأسيساً على معرفة قصد المتكلم من تلك الصفة، أما إذا لم يُتستَحصَل القصد من المتكلم فإنَّ المتلقي – والحال هذه – لابدَّ من أنْ يَصرِفَ الصفة إلى واحدة من الدلالتينِ لا محالة.
3- أتَّضح لدى الباحث أن الشهيد الأول قد نبَّّه على المسلك الذي يمكن أن تُحال فيه الصفة على دلالة معينة؛ وذلك من خلال الأمثلة الكلامية التي عرضها في بيان هذه القاعدة؛ فقد تبيَّن – من الاستقراي- أن الأمر رهنٌ بتغاير الكيفية التركيبية للخطاب؛ فإذا ما تتبعنا الأمثلة الاستدلالية للشهيد الأول نجد أنَّه في حال كون التركيب اشتراطيًاً فإنَّ التَّخصيص هو الـمُلزِم في أداء المطلوب وإنْ كان التركيب منفيّاً فإنَّ الإيضاح هو الـمُلزِم في أداء المطلوب؛ من هنا نقرُّ بأنَّ الشهيد الأول قد أسَّس قاعدته هذه على وفق الرؤيا الدلالية للصفة والإفادة الـمُترتِّبة على هذه الدلالة في حال انعدام القرائن وتجرُّد الكلام من أيِّ وسيلةٍ تحديد لإحدى الدلالتينِ .
4- أثبتَ الباحث للشهيد الأول سابقةً قاعديةً في نطاق الأداء الوظيفي للموقع النحوي في الخطاب اللغوي؛ إذ أسَّس منصوصاً قاعدياً يقرُّ بأنَّ الصفة قد ترد مُبهمةً مُجملةً تحتمِلُ وجهينِ مضمونيينِ في آنٍ معاً فيشوب وظيفتَها الخطابية (البيانية) الأصل شيءٌ من القلق والتَّردُّد، في الوقت الذي تسالم فيه علماءُ اللغة ومنظرو النحو العربي على أنَّ الوظيفة الأساسية للصفة في الحدث اللساني هي (البيان) سواء كان ذلك على مستوى التخصيص للعام أم التقييد للمطلق، على حين أثبت الشهيد الأول أنَّ سمة الإبهام تدخل الصفة فتعدّ بذلك مجملة الدلالة غير واضحة المراد، فتحال من أداء وظيفتها الأصل في اللغة إلى نطاق اللفظ المبهم الذي يحتاج إلى ما يوضِّحه ويبيِّنُه في الخطاب، ويبدو أن هذه الالتفاتة الدلالية النادرة لم تنل رعاية مفكِّري اللغة ومُقعِّدي النحو على حدٍ سواء.
5- اكتشفَ الباحث أنَّ الشهيد الأول قد اعتمد مبدأ وظيفة الخصوص في بنائه لقاعدة ان (المجاز لا يدخل في النَّصِّ إنما يدخل في (الظواهر)؛ ذلك بأنَّه أراد من لفظة (النص) دلالة المعنى المنصوص عليه تخصيصاً في الكلام، وأراد بلفظة (المجاز) إرادة المتكلم غير المعنى الخاص من اللفظ الخاص في كلامه، فقد أسَّس قاعدته هذه على إن المتكلم إذا عبَّر بلفظ الخصوص في خطابه فإنَّ خطابه هذا لايُحمَل – بأي حال من الأحوال- على سمة إرادة (المجاز) العام المبهم ألبتة؛ لأنَّ اللفظ المخصوص يعدُّ من ألفاظ الوضوح الخطابي؛ من هنا يؤسس الشهيد الأول قانوناً لغوياً ينصُّ على انَّه لا مجاز في الواضح من الكلام؛ بل يدخل المجاز في حيِّز التصوّر والخيال دون التحديد والوضوح (الحقيقة)؛ لهذا يقول: إنَّ ((كل لفظ لا يجوز دخول المجاز فيه لا تؤثّر النية في صرفه عن موضوعه، فلو أخْبَرَ عن طلاق زوجته ثلاثاً، وقال: أردتُ اثنتينِ، لم يُسمَع منه، ولو حَلَفَ على الأُكل، وقال: أردتُ الخبزَ، سُمِعَ منه))( )، وقد نبَّه الشهيد الأول إلى انَّه يجوز التعبير بالعموم وإرادة الخصوص في الوقت الذي لا يتحقق فيه العكس، والعلةُ في ذلك أنَّ الخصوص لا يَحتمِل العموم لأنَّه إيضاح جَليٌّ وما كان إيضاحاً بنفسه لا يسري عليه الإبهامُ (العموم) ألبتة؛ أما العموم فهو من جنس المبهمات ومن ثمة فهو خاضعٌ لأنْ يُبيَّنَ بالخصوص سواء أكان ذلك بياناً بالظهور اللفظي للخصوص أم بالقصد المخصوص في نية المتكلم فكلاهما مُعتدٌ به في جلاء دلالة العام في الخطاب؛ لأنَّ العام قابل للإيضاح في النص أصالة؛ وبهذا يمكن أن يعد التعبير بالعام عن الخصوص مجازاً؛ لأنَّ المتكلم لم يرد العموم الحقيقي من كلامه ألبتة؛ بل أراد الخصوص نيةً.
6- لقد توصَّل الباحث إلى أن الشهيد الأول قد بنى قاعدته (الإقرار في موضع يصلح للإنشاء هل يكون إنشاء) على أساس التباين المضموني بين الخبر والإنشاء ومدى تَقبُّل العبارة الـمُجاب بها على الأحقية الدلالية لكل منهما؛ وتأسيساً على هذا المنطلق الفكري رَجَّحَ الشهيدُ الأولُ القولَ بدلالة الإنشاء في هذا الموضع على القول بدلالة الإخبار؛ لأنَّ الإنشاء في موضع الإرادة أولى من الإخبار على سبيل الإقرار بالمراد؛ لأنَّ الطلب يقع في العقود قطعاً أما الإخبار فلا يسري على العقود ولا تتحقَّق فيه إرادة التعاقد بأيِّ صورةٍ من صورِها.
7- اتَّضح من قاعدة العام والخاص أنَّ الشهيد الأول قد ذَكَرَ ألفاظاً للعموم لم يذكرها أحدٌ من العلماء قبله، ويبدو أنَّه اعتمد في قبول هذه الألفاظ لأداء مَهَمَّة العموم في الخطاب المعطى المعجمي لكل منها؛ بيد أنَّ ما يُؤخَذ عليه في هذا الموضع انَّه تَرَكَ ذكر بعض الألفاظ التي يُمكن أن تخضع لمنطلقه القاعدي في إقرار الألفاظ الدالة على العموم؛ فثمة ألفاظ تدل على العموم في دلالتها المعجمية لم يذكرها الشهيد الأول ضمن ألفاظه الدالة على العموم في السياق.
8- وَجَدَ الباحث أنَّ الشهيد الأول كانت له وجهة نظر في القول بدلالة (ما المصدرية والزمانية) على العموم حيث يوحي كلامه في هذا الموضع بعدم القول بدلالة (ما) بنوعيها على العموم، على حين أنَّ النُّحاةَ قالوا بدلالة (ما المصدرية والزمانية) على العموم، ويبدو أنَّ الخلافَ في هذه المسألة مبنيٌّ على أساس التفكيك وعدمه؛ ذلك بأنَّ الشهيد الأول قد أقالَ (ما المصدرية والزمانية) من دلالتهما على العموم لأنَّه نظر إلى (ما) على أنَّها حرف والحروف لا تدل على العموم وهو مُحقٌّ في هذا، على حين أنَّ النُّحاةَ قد نَظََروا إليها على أنَّها لفظٌ فقالوا بدلالتها على العموم؛ ذلك بأنَّهم عاملوها بمنأى عن التفكيك فقد انطلقوا من منظور المحصلة النهائية منها بمعنى أنَّهم نَظَروا إليها بعد أنْ تنسبك مع بعدها لتكونَ مَصدراً صريحاً وهُم مُحِقُّون في هذا أيضاً؛ لذا لا نرى كبير خلاف بين رؤيا الشهيد الأول وما آمن به علماءُ النحو بشأن عمومية (ما) في الخطاب، والظاهر أنَّ الشهيد الأول قد آمَنَ أيضاً بدلالة (ما) المصدرية والزمانية على العموم وذلك بقوله ((قيل: وإذا أكد الكلام بالأبد، أو الدوام، أو الاستمرار، أو السرمد، أو دهر الداهرين، أو عوض وقط في النفي، أفاد العموم في الزمان، وهو بيِّنُ الإفادة لذلك))( )؛ فقوله (وهو بيِّنُ الإفادة) لدليلٌ قطعيٌّ على إيمانه بالدلالة العمومية لـ (ما) في الكلام.

الهوامش
( ) الزركشي: البرهان في علوم القرآن: 2/110، والسيوطي: الإتقان في علوم القرآن: 2 /313.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/161.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد: 1/161.
( ) سورة النحل:51.
( ) سورة النساء: 1.
( ) ينظر: الطباطبائي: الميزان:4/135.
( ) سورة النساء:54.
( ) ينظر : حمودة : دراسة المعنى عند الأصوليين : 23 – 24
وعبد الغفار : التصور اللغوي عند الأصوليين : 80- 82
( ) ينظر:الطبري: تفسير الطبري:4/141، والنحاس: معاني القران: 2/114،
والالوسي: روح المعاني:5/75، السيوطي: الإتقان في علوم القران: 2/44.
( ) سورة آل عمران: 39.
( ) ينظر: الطوسي: التبيان:2/450- 451، والالوسي: روح المعاني:1/511،
والسيوطي: الإتقان في علوم القران: 2/44.
( ) السيوطي: الإتقان في علوم القران: 2/42، وينظر: حمودة: دراسة المعنى عند الأصوليين: 33
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/161.
( ) ينظر: الرضي: شرح الرضي على الكافية: 2/287- 288،وابن السراج: الاصول في النحو: 2/23، والزمخشري: المفصل في صنعة العربية: 149، وابن هشام: أوضح المسالك: 3/300، وابن هشام: شرح شذور الذهب:1/561، وابن هشام: شرح قطر الندى:297، وابن عقيل: شرح ابن عقيل:3/191.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/161- 162.
( ) سورة النحل: 75.
( ) الزمخشري: الكشاف:1/663.
( ) الطوسي: التبيان: 6/409.
( ) دراز: محمد عبد الله: النبأ العظيم 132.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/162- 163.
( ) م.ن :1/163.
( ) م.ن :1/163.
* سواء أكان ذلك على وفق مقالات النًُّحاة في حيثية بيان دلالة الصفة أم بالاعتماد على القرائن السياقية الأخرى التي تعملُ على كشف الـمُراد الدَّلالي منها.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/163- 164.
* لقد عرَّفت الدكتورة مديحة السَّلامي ظاهرة التناوب الدلالي بقولها Sad(نعني بالتناوب هو أن ترد الجملة خبرية من حيث البناء التركيبي لكنها في الوقت نفسه دالة على الإنشاء مضموناً، وقد يرد المبنى إنشائياً من حيث الشكل وهو مشحون بدلالة الإخبار، ويقوم السياق وقرائنه بوظيفة الكشف عن هذه الظاهرة والدواعي التي أنتجتها، وقد وردت هذه الظاهرة بكثرة في التعبير القرآني وهذا الأمر لم يرد اعتباطاً؛ بل لابدَّ من أسباب ومُسوِّغات لوجوده)) ينظر:التناوب الدلالي بين الخبر والإنشاء في التعبير القرآني:43.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/164- 165.
( ) سورة البقرة:228.
( ) للاستزادة ينظر: سيروان عبد الزهرة الجنابي: الإطلاق والتقييد في النص القرآني – دراسة دلالية:93.
( ) الزمخشري: الكشاف:1/134.
( ) سورة البقرة: 183.
( ) الطوسي: التبيان: 2/124.
( ) الطباطبائي: الميزان: 2/4.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/165.
( ) وقد اقتصرَ بعضُ الأصوليين على ذكر لفظتي (كل وجميع) فقط على أنَّها من ألفاظ العموم من دون سائر الألفاظ الأخرى الدَّالة على العموم، ينظر: الشوكاني: إرشاد الفحول:1/173، والسبكي: الإبهاج:2/93، والغزالي: المستصفى في علم الأصول:1/226.
( )ينظر: الشوكاني: إرشاد الفحول:1/173، والسبكي: الإبهاج:2/93، والغزالي: المستصفى في علم الأصول:1/226، وابن الطيب البصري: المعتمد:1/194.
( )ينظر: الامدي: الاحكام:2/220، والرازي: المحصول في علم الأصول:2/523، على حين جَعَلَ بعضُهم الآخر صيغ العموم من ألفاظه فخلطوا بين الألفاظ والصيغ، ينظر: المقدسي: روضة الناظر وجنة المناظر: 1/222.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/201.
( ) ينظر: ابن منظور: لسان العرب:4/389، والرازي: مختار الصحاح: 326.
( ) ابن منظور: لسان العرب:4/389، والرازي: مختار الصحاح: 326.
( ) الزبيدي: تاج العروس 1/3197.
( ) م.ن:1/3197.
( ) الرازي: مختار الصحاح:467، وينظر: الزبيدي: تاج العروس: 1/7830.
( ) الفراهيدي: العين:5/283
( ) الرازي: مختار الصحاح:586.
( ) الفراهيدي: العين:5/107، وابن منظور: لسان العرب:1/680.
( ) الزبيدي: تاج العروس:1/868، وينظر: الرازي: مختار الصحاح:560.
( ) الفراهيدي: العين:6/27- 28.
( ) الرازي: مختار الصحاح: 119.
( ) ابن منظور: لسان العرب:4/498، والزبيدي: تاج العروس:1/3107.
( ) ابن منظور: لسان العرب: 4/498.
( ) سورة آل عمران: 75.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/201.
* ينظر: ابن عقيل: شرح ابن عقيل:1/149 ، وقد ذكر أبو البقاء الخلاف الواقع بين العلماء في تحديد الجنس التصنيفي لـ (ما المصدرية) فمنهم من يرى بأنَّها حرف، ومنهم من يعتمد اسميتها، وقد رجَّح أبو البقاء العكبري كونها حرفاً واثبت ذلك بالأدلة مُقنِعة، ينظر: اللباب في علل البناء والإعراب:2/126- 127.
( ) ابن هشام: شرح قطر الندى:41.
( ) الغزالي : المستصفى في علم الأصول :2/11 وينظر: م. ن: 2/12.
( ) سورة مريم: 31
( ) ابن عقيل: شرح ابن عقيل:1/267.
( ) سورة مريم: 31
( ) ابن هشام: أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك: 1/237،
وشرح شذور الذهب:1/240، ومغني اللبيب:1/400.
( ) سورة مريم: 31
( ) ابن هشام: مغني اللبيب: 1/400.
( ) سورة مريم: 31
( ) القرطبي: تفسير القرطبي:10/59.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد:1/203.
* وهي ما تسمى بـ (أسماء المعاني)، ينظر الغزالي: المستصفى في علم الأصول: 2/12، والخضري : محمد بك: أصول الفقه: 44، وحموده: دراسة المعنى عند الأصوليين: 31، وللاستزادة ينظر: سيروان عبد الزهرة الجنابي: الإطلاق والتقييد في النص القرآني –دراسة دلالية:39- 40.
( ) الشهيد الأول : القواعد والفوائد: 1/161.
( ) م.ن :1/203.
























ثبت المصادر والمراجع:
* القرآن الكريم.
* الالوسي: أبو الفضل محمود(ت1270هـ): روح المعاني، تحقيق: محمد السيد الجليند،مطبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت، ط2، 1404هـ.
* الامدي: سيف الدين أبو الحسن علي بن أبي علي بن محمد(ت613هـ): الاحكام في أصول الاحكام، تحقيق:د.سيد الجميلي، مطبعة دار الكتاب العربي- بيروت،ط1، 1404هـ.
* الجنابي: سيروان عبد الزهرة:
- الإطلاق والتقييد في النص القرآني- دراسة دلالية، رسالة ماجستير بإشراف:أ.د: عبد الأمير كاظم زاهد، كلية الآداب / جامعة الكوفة، 2002م.
- الإجمال والتفصيل في التعبير القرآني- دراسة في الدلالة القرآنية، أطروحة دكتوراه بإشراف:أ.د: عبد الكاظم محسن الياسري ، كلية الآداب / جامعة الكوفة، 2006م.
* حمودة: د. طاهر سلمان: دراسة المعنى عند الأصوليين، مطبعة الدار الجامعية،د.ت.
*الخضري : محمد بك: أصول الفقه، مط الاستقامة – القاهرة، ط3، 1358 هـ – 1938 م.
* دراز: محمد عبد الله: النبأ العظيم، دار الفقه للطباعة والنشر،إيران، ط1، 1427هـ.
* الرازي : فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين ( ت 606 هـ) :المحصول في علم الأصول ، تحقيق: طه جابر فياض، مطبعة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية – الرياض، ط1، 1400هـ.
*الرازي: محمد بن أبي بكر بن عبد القادر (666هـ): مختار الصحاح، مطبعة دار الكتاب العربي، بيروت – لبنان، د.ت.
* الرضي: محمد بن الحسن النحوي ( ت 686 هـ ) : شرح الرضي على الكافية،تصحيح وتعليق: يوسف حسن عمر ،مؤسسة الصادق (عليه السلام) طهران،د.ت.
الزبيدي: محمد مرتضى (1205هـ): تاج العروس من جواهر القاموس، مكتبة الحياة – بيروت، د.ت.
* الزركشي: بدر الدين محمد بن بهادر بن عبد الله الشافعي ( ت 794 هـ): البرهان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم ، مطبعة دار المعرفة - بيروت ،ط1 ،1391 هـ
*الزمخشري: أبو القاسم محمود بن عمر (ت 538 هـ):
- الكشاف عن حقائق التنزيل ، ضبطه وصححه: عبد الرزاق المهدي، مطبعة دار إحياء التراث العربي – بيروت، ، ط2 ، 1421 هـ - 2001 م.
- المفصل في صنعة الإعراب، تحقيق : د.علي بو ملحم، مطبعة دار ومكتبة الهلال – بيروت، ط1، 1993م.
*السبكي: علي بن عبد الكافي : الإبهاج في شرح المنهاج على منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي، تحقيق: جماعة من العلماء، دار الكتب العلمية – بيروت، ط1 ، 1404 هـ.
* ابن السراج: : أبو بكر محمد بن سهل النحوي البغدادي: الاصول في النحو، تحقيق : د.عبد الحسين الفتلي، مطبعة مؤسسة الرسالة – بيروت، ط3 ، 1988م.
*السلامي: مديحة خضير، التناوب الدلالي بين الخبر والإنشاء في التعبير القرآني، أطروحة دكتوراه بإشراف، أ.م.د: محمد عبد الزهرة الشريفي، كلية الآداب/جامعة الكوفة، 2007 م.
*السيوطي: جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر (ت 911 هـ):الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: سعيد المندوب، مطبعة دار الفكر - لبنان، ط1، 1416هـ - 1996م.
* الشهيد الأول: محمد بن مكي العاملي (ت 786هـ): القواعد والفوائد، تحقيق: الدكتور عبد الهادي الحكيم، مكتبة المفيد – قم، إيران، د.ت.
*الطباطبائي: السيد محمد حسين (ت 1402 هـ): الميزان، مطبعة طهران – دار الكتب الإسلامية ، ط3، 1397هـ .
* الطبري: أبو جعفر محمد بن جرير(ت310هـ): جامع البيان في تأويل آي القرآن،ضبط وتوثيق وتخريج: محمد حميد الله وآخرون، دمشق – سوريا، 1384هـ - 1964م.
*الطوسي: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي (ت 460 هـ): التبيان في تفسير القرآن، تحقيق: احمد حبيب قصير العاملي، مطبعة قم – مكتبة الإعلام الإسلامي،ط1 ،1379 هـ .
*ابن الطيب البصري: أبو الحسين محمد بن علي، المعتمد في أصول الفقه، تحقيق: خليل الميس، مطبعة دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1403 هـ.
*عبد الغفار: احمد: التصور اللغوي عند الأصوليين، شركة مكتبات عكاظ للنشر والتوزيع، ط1، 1401هـ - 1981م.
*ابن عقيل: بهاء الدين عبد الله بن عقيل العقيلي المصري الهمذاني: شرح ابن عقيل، تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الفكر - دمشق، ط2 ، 1985
* العكبري: محب الدين أبو البقاء عبد لله بن الحسين(ت616هـ): اللباب في علل البناء والإعراب، تحقيق: غازي مختار طليمات، مطبعة دار الفكر- دمشق، ط1، 1995م.
*الغزالي: أبو حامد محمد بن محمد: المستصفى في علم الأصول، تحقيق: محمد عبد السلام عبد الشافي، مطبعة دار الكتب العلمية – بيروت، ط1، 1413
*الفراهيدي:الخليل بن احمد(ت175هـ): العين، تحقيق: د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي، مطبعة دار الهلال، د.ت.
*القرطبي: محمد بن احمد بن أبي بكر (ت 671 هـ): الجامع لأحكام القرآن المعروف بــ (تفسير القرطبي)، تحقيق : احمد عبد العليم البردوني، مطبعة دار الشعب- القاهرة ، ط2 ، 1372 هـ.
*المقدسي: موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن قدامة (ت 620 هـ): روضة الناظر وجنَّة المناظر، تحقيق: عبد العزيز عبد الرحمن سعيد، مطبعة جامعة الإمام محمد بن سعود – الرياض، ط2، 1399هـ .
*ابن منظور : أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم (ت 711 هـ): لسان العرب، مطبعة دار صادر للطباعة والنشر، بيروت – لبنان، ط1، د.ت.
*النحاس: ابو جعفر: معاني القرآن الكريم، تحقيق: محمد علي الصابوني، مطبعة جامعة أم القرى – مكة المكرمة،ط1 ، 1409 هـ.
* ابن هشام: جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف ( ت 761 هـ):
- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ،تحقيق: فخر الدين قباوة، مطبعة دار الجيل – بيروت ، ط5 ، 1979 م .
- شرح قطر الندى و بل الصدى ، تحقيق : محمد محي الدين عبد الحميد ، منشورات الفيروز آبادي ، مطبعة أمير – قم، ط7، د.ت.
- شرح شذور الذهب، تحقيق: عبد الغني الدقر، الشركة المتحدة للتوزيع – دمشق، ط1، 1984م.
- مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ، تحقيق : د. مازن المبارك ، ومحمد علي حمد الله، مطبعة دار الفكر، بيروت – لبنان، ط6، 1985م.





Abstract
This research study the logical foundations for alshaheed ala'wal which helping us to retrieval the meaning from alQuran like there is abase that this foundation depending on it to call the meaning from alQuran, if the reading of the text depending on three foundations the text, the reader and the meaning, there is the fourth invisible foundation which it is the base to build the rule, so we will study this fourth foundation to find out if the retrieval meaning is true.


دحماني بختة





الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» كتاب أضواء على الدراسات اللغوية...د.نايف خرما
» تحميل كتاب جهود الرضي اللغوية: أ.آمال بن غزي ...
» طلب كتاب الأصوات اللغوية د.إبراهيم أنيس word
» لتحميل كتاب نظرية النحو الكلي والتراكيب اللغوية العربية pdf
» تحميل كتاب مفتاح التراكيب اللغوية لنصر الدين تواتي لأول مرة في منتدى تخاطب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  التعارف والتهاني والتعازي فقط :: سجل المنتدى: اكتب رأيك في هذا الموقع هنا (جديد)-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


الأسس الفكرية للقواعد اللغوية في كتاب القواعد والفوائد 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
الحذف اسماعيل العربية اللسانيات موقاي التداولية العربي النحو محمد ننجز على كتاب مجلة المعاصر الخطاب الخيام النقد بلال مدخل النص مبادئ ظاهرة قواعد الأشياء البخاري اللغة


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع