منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك إجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة إجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة إجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارإجراء الدلائلية I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 إجراء الدلائلية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
البخاري نعيمة بنعيسى
.عضو مشارك


القيمة الأصلية

البلد :
المغرب

عدد المساهمات :
16

نقاط :
46

تاريخ التسجيل :
07/09/2013


إجراء الدلائلية Empty
مُساهمةموضوع: إجراء الدلائلية   إجراء الدلائلية I_icon_minitime2013-09-15, 23:47

إجراء الدلائلية

تقديم:
هذا النص هو ترجمة لجزء من الفصل الأول من كتاب جوليا كريستيفا "ثورة اللغة الشعرية" وهي تحاول أن تبين فيه مفهوم الدلائلية باعتباره مكونا هاما لنظرية التحليل الدلائلي عندها، وبه تتمكن من خلق تلك الدينامية داخل النص.
( النص هو من ص 67 إلى ص 82)

ـ إجراء الدلائلية La signifiance.

     انطلا قا من وضعية القطيعة هذه التي تؤسس الرمزي، فما كنا قد أسميناها الحمولة التوليدية La chora يمكنها أن تحصل على وضعية أكثر تحديدا. وسنقول مبدئيا أن السيميائي كشرط للرمزي يشتغل ضمن ممارسات دالة كنتيجة لخرقه.
     إذن، لا يمكن للسيميائي"السابق"على الترميز، أن يكون إلا افتراضا نظريا يبرر ببساطة بضرورات الوصف؛ تطبيقيا فهو لن يكون إلا داخل الرمزي. إنه يتطلب قطيعته لكي يتمفصل مع التعقيد الذي نعرفه عنه داخل ممارسات كالموسيقى أو الشعر. وهذا يعني أن نقول أن الترميز يسمح بتعقيد هذا التأليف السيميائي الذي يمكن لنظرية وحيـدة أن تبعـده كـ" سابق" لكي تمكن من تخصيص اشتغاله. رغم  ذلك يبقى أن السيميائي ليس موضوعا مجردا وحسب، ينتج لأجل احتياجات نظرية. ويكون الاشتغال السيميائي دائما، على اعتباره شرطا للرمزي - يعني كتأليف ابتدائي أكثر من ذلك الذي سيصبح عليه بعد القطيعة الرمزية، لكنه وضع مسبقا بتصريح بيولوجي، اجتماعيا وبالتالي فهو تاريخي. وستشكل ظاهريا قبل مرحلة المرآة، وقبل الرؤية الإجمالية الأولى للنظري. لكن، هذا السيميائي الذي نكتشفه في الممارسات الدلالية، يرجع إلينا دائما بعد الفرضية الرمزية: إذن إنه سيميائي يلي القطيعة الرمزية. و يمنح للتحليل كذلك داخل الخطاب النفسي مثلما يمنح في الممارسة التي نسميها الـ" فن". إذن لن نستطيع أن نحدد تمثيلا لهذا الاشتغال السيميائي ـ"متطابق "أو" إشاري" أوكـ" إبعاد" بسيط للآثار. ومن الضروري التأكيد على أن النظريLe thétique هو الذي يجمع هذه الانفعالات وتوقفها الغريزي السيميائي داخل وضعية الدال، لكي نعرضها في المجموعة الثلاثية المكونة من المرجع، المدلول والدال. وهذا ما يجعل التلفظ بالحقيقة وحده ممكنا. انطلاقا من هذه القطيعة، يجب علينا أن نعرض السيميائي الذي ينتج تكرارا، كرجوع"ثان"        للإ شتغالية الغريزية في الرمزي وكسلبية مدمجة داخل النظام الرمزي، وكخرق له. ويظهر الخرق كتفكيك يلي المرحلة النظرية، ومنتج لتسليـبه ويميـل إلى التحام التصفـح دال/ مدلول/ مرجع في شبكة من الآثار، تبعا لانفعال الغريزة. هذا التكسير ليس وضعية؛ إن هذا الخرق المقصود هنا، هو أبعد من أن يكون نظريا، ومن أن يبين الـ«إدراك الأصلي» بحركة حلزونية تركيبية وداخل حركة شمولية للحقيقة التي تتبعها المعرفة المطلقة الهيغلية، بل هو  يكسر النظري، يصدعه، يفعمه بالفراغ، ولايستخدم جهازه إلا لكي يخرج الـ« بقايا الأولى للترميزات» ولكي يجعلها« تتعقلن» داخل السلسلة الرمزية. هذا الانفجار للسيميائي داخل الرمزي، هو أبعد من أن يكون نفيا للنفي، أو  الرفع (Aufhebungالذي سيحدف التناقض المتولد عن النظري لكي يؤسس مكانه وضعية مثالية- مجددة لمباشرية  قبل- رمزية(1) ـ  إنه يشكل خرقا  للوضعية، وتجديدا للنشاط  العكسي للتناقض الذي أسسته هذه الوضعية نفسها.
     في الواقع يثبت ذلك، في ميل السلبية  المقصودة هنا  إلى إغفال المرحلة النظرية، وإلى  لا- تركيبها. وتذهب السلبية إلى أقصى حد في رفضها لهذه المرحلة النظرية، وهذا ما سيقود إلى فقدانا لوظيفة الرمزية التي يشهد عليها الانفصام، بعد قدرة التحرك السيميائية المتفجرة. ويتطلب الفن ألا نتخلى عن  النظري بتدميره بسلبية الخرق. إنها حتى الوسيلة الوحيدة لخرقه ، ويمكننا أن نقيس الصعوبة التي توجد للمحافظة على الوظيفة الرمزية تحت اقتحام السلبية، والمجازفة التي تمثلها ممارسة النص لأجل الذات. وما ظهر لنا كتصنيم Fétichisation ملازم لاشتغال النص، يبدو لنا الآن كحماية ضرورية بنيويا تفرمل السلبية، وتمركزها في انحباسات، وتمنعها من أن تشطب الوضعية الرمزية. هذا الضبط للسيميائي من طرف الرمزي بالقطيعة النظرية، الملازمة لاشتغال اللغة، نلتقـي به أيضا عند مختلف مستويات البنية الدالة للمجتمع . إنه بالقتل ، بقتل الإنسـان بقتل عبد، بقتل أسير، بقتل حيوان، يتحتم تمثيل هذه القطيعة المؤسسة للنظام الرمزي، داخل المجتمعات القديمة المعروفة.  لقد اكتشفها فرويد وعممها حين سجل أن المجتمع يؤسس على جريمة ارتكبت مشتركة(2). لقد بينا سابقا كيف أن اللغة، على اعتبارها مسبقا حمولة توليدية سيميائية ، ونسقا رمزيا على الخصوص ، تكون في خدمة غريزة الموت ، تحرفها، تمركزها مثلما داخل كيس نرجسي. لقد توصل النظام الاجتماعي، إلى أن يقدم لها هذا التمركز لغريزة الموت التي تنظم وتتجاوز مسيرتها اللانهائية كل انحباس ، وبالتالي كل بنية، بالقتل : نعرف أن المعتقدات وضعت من طرف اختصاصيين  في الخطاب حول هذا الحدث الأساسي الوحيد ، أي النظري. ويتحمل"الفن" أمامهم  وبجانبهم  الموت ويتجاوزه : إنه يتحمله في النطاق الذي يوضع فيه الحد"القاتل" كحد داخلي لإجراء فعل التدليل، وبواسطة الممارسة الفنية، إنه الحد الذي يشكل تجاوزه بدقة"الفن"؛ وبتعبير أوضح ، يصبح الموت  داخليا بذات مثل هذه الممارسة؛ ودون أن يشكل أساسها فهي ضرورية لكي يشتغل. وبهذا المعـنى، يقارن الفنـان  بكل صور" كبش الفداء". لكنـه ليس غـير ذلك فقط، فخصوصيته تميزه جذريا عن كل مضح  أو ضحية(3).
     إذن، يتأسس  الرمزي، برجوعنا عبر الحدث الإجرامي، في اتجاه ذلك الذي ينتج فصله، وبإرسالنا لقدرة التحرك السيميائية، ويرسم الفنان نوعا من الولادة الثانية. هكذا، فهو كذات للموت، و للبعث كذلك ، ووظيفته تظهر مجتدبة، وثابتة، وممثلة، ومثالية، بأنظمة دينية(التــي تشكل المسيحية، بدون شك الأكثر هنا وضوحا فيما يخص هذه النقطة)التي تحميه داخل معابدها، وبواغدها، ومساجدها وكنائسها. ويوجه الفنان عبر تيمات الإيديولوجيات والدلالات الاجتماعية، داخل النظام الرمزي، غريزة غير اجتماعية، ليست بعد ممسكة من طرف النظري . وسواء اصطدمت هذه الممارسة بدورها بالموضوع المنتج أو كانت معارضة لكل توقف، فإنها تنصب نفسها كبديل للنظري المعارض مبدئيا. وهذا ما يضع الصنمية والنرجسية الجماليتين لتحلا محل اللاهوت.

- 11  من الشعر ما ليس بجريمة

      الآن، نتوقف عند العلاقات الاجتماعية لهذا الفعل البنيوي الذي أقدمنا على تأسيسه، وهذا يعني أنه لا توجد لغة بدون المرحلة النظرية. إذا ما قبلنا، كما نفعل ذلك، مسار الأنتروبولوجيا الحالية ، التي عدلت عن البحث عن نظرية سوسيولجية للرمزية لكي تبين الـ"أصل"الرمزي للمجتمع، سنقول أن"الاجتماعي" و "الرمزي" ماداما مرادفين ، فإنهما بنفس الطريقة خاضعان لذلك الذي نبينه كنظري . فمن موس إلى ليفي شتروس، لم تكف الأنتروبولجيا على التأكيد على هذه المعادلة بين الرمزي والاجتماعي حين تعتبر مختلف وسائل التنظيم التي يتخذها الهيكل الاجتماعي كلغات ـ تبادل النساء ، السحر، الأساطير، إلخ. نفهم بقراءتنا لهذين المتوازيين أو هذين المتعادلين اللذين تؤسسهما الأنتروبولجيا بين الرمزية الاجتماعية وبين اللغة، أن كل ذلك لا يتقاطع إلا في مكان واحد، ذلك الذي سميناه النظري، حيث تنتظم المواقف وتركيباتها، يعني علاقاتها. يبدو لنا أن هذا هو ما عبر عنه ليفي شتروس حين أكد على الإتحاد بين بنية القرابة واللغة كاتحاد رمزي :» فأنساق القرابة بما أنها أنساق رمزية، توفر للانتروبولجيا أرضية مميزة، يمكنها هذه الجهود من أن تتصل تقريبا(ونلح على هذه الكلمة : تقريبا) بجهود علم الاجتماع الأكثر تطورا، يعني اللسانيات. لكن شرط هذا الالتقاء، الذي يمكن أن يأمل منه معرفة أفضل للإنسان، هو أن لا يغيب عن أذهاننا أبدا، أنه في حالة الدراسة الاجتماعية مثلما في حالة الدراسة اللسانية، نجد أنفسنا في وسط الرمزية. لكن إذا كان حتميا بمعنى آخر، أن نلتجئ إلى التأويل الطبيعي لكي نحاول فهم ظهور الفكر الرمزي، هذا الذي يعطى بشكل نهائي. يجب على التفسير أن يغير جذريا من طبيعته كذلك، مثلما أن الظاهرة التي ظهرت حديثا تتباين عن تلك التي سبقتها وهيأتها(4) ».
      انطلاقا من هنا، فما تتمكن الأنتروبولجيا البنيوية من دراسته، هو إنتاجات نظرية(بالمعنى الهوسرلي): إنها وضعيات ، تنظيمات، تركيبات، يعني العلاقات البنيوية. فالنظام الإجتماعي مثلما هو نظام اللسان، هو جهاز ما يمنح من طرف الرمزي،  الذي هو على الدوام ومسبقا نظري. ولن يغير شيئا من المسلمـة الأسـاس، التي تبعا لهـا تكـون العلاقات الاجتماعية رمزية، يعني نظرية، سواء تصورنا ذلك تبعا للسانيات البنيوية أو تبعا للسانيات التوليدية.
إذن السؤال الذي يبقى عالقا هو كالتالي : ما هو وضع السيميائي داخل الترتيب الرمزي؟ ماذا عن قدرة التحريك السيميائية السابقة على القطيعـة التي أسست فجأة ، اللغة والاجتماعي؟ هل تتطلب مسيرة الفكر الإنساني تحديدا معرفة كيف نحل "اكتمال الدالL’intégrité de signifiant "المكون نهائيا، بإيجادنا له مدلولات مناسبة؟ يبدو أن الأنتروبولجيا تفترض ذلك، حين تتصور الثقافة رمزية، ومبرمجة من خلال الرمزية، وموجهة لتحقيق اتصالية انطلاقا من الاقتحام غير المتواصل الذي يدشنه هذا الأخير: « إن اللغة، كيفما كانت لحظة وظروف ظهورها ، على مستوى حياة الحيوان ، فهي لم تتمكن من أن تولد إلا فجأة . ولم تتمكن الأشياء من أن تد ل إلا بشكل تدريجي .            
    هكذا يتحقق تجاوز، بعد التحول الذي لا تقوم دراسته على العلوم الاجتماعية، بل على البيولجيا وعلم النفس، من مرحلة حيث لاشيء كان له معنى دال، إلى مرحلة أخرى حيث الكل يمتلك معنى. لكن هذه الملا حظة، ذات المظهر العادي، هي مهمة، لأن هذا التغيير الجدري يكون بدون رأي معاكس ، داخل مجال المعرفة ، التي  تتهيأ ببطئ وبالتدريج . بتعبير أوضح، في اللحظة التي يصبح فيها العالم كله دالا، فجأة، فإنه لم يكن بهذا معروفا أكثر، حتى ولو كان حقيقة أن ظهور اللغة يجب أن يعجل إيقاع تطور المعرفة. إذن، هناك تطور جوهري، في تاريخ الفكر الإنساني، بين الرمزية، التي توفر خاصية اللا تماسك ، وبين المعرفة المتسمة بالاتصالية. ماذا نستنتج من ذلك؟ أن كلتا المقولتين الاثنتين للدال والمدلول تتكونان معا، وبالتناسق ، ككتلتين اثنتين متكاملتين؛ لكن المعرفة، يعني السيرورة الفكرية التي تسمح بتحديد البعض في علاقتهم ببعض مظاهر الدال الأخرى وبعض مظاهر المدلول …]، لم تشتغل إلا بشكل بطيء جدا.[…]… يتوفر الإنسان منذ نشأته على كمال الدال، الذي يكون أكثر ترددا في تعيين مدلول ما، يمنح كما هو دون أن يكون بهذا القدر معروفا. دائما، توجد هناك لاملاءمة بين الاثنين، تتلاشى بالإدراك الإلهي وحده ،  تستنتج من وجود فيض للدال في علاقته مع المدلولات التي يمكن أن يموقع فوقهم.[…]هذا الدال العائم ، الذي هو إخضاع لكل فكر منته(لكنه أيضا ضمان لكل فن، ولكل شعر، ولكل خلق أسطوري وجمالي)، رغم  كون المعرفة العلمية قادرة على الأقل أن تنظمه جزئيا إن لم تقطعه(5).>>
     داخــل هــذا التجــاوز نريـد أن نبين ثـلاث لحظــات:
1-إن الأنتروبولجيا الاجتماعية، ستقام كلسانيات للسان، التي تبحث على بنيات أو علاقات سابقة على فرض الرمزية التي سوف لن نسائلهـا عن بروزها ولا عن انحلالهـا الحتمي، لأن كل تصدع للسلسلة الاجتماعية و/ الرمزية سيكون خارج الحقل العلمي المحدد لها.
2- إذن ، كل ما يقوم على الرمزية الاجتماعية ، بنيات القرابة والأسطورة نفسـها ، هي أجهزة رمزية ، يسمح بها بواسطة النظري، الذي يضطلع بها مثلماهي؛ إنه لا يسائلها، لايشـكك فيها، بل تشتغل بعده وتميل إلى تنظيم الدال المستخرج كذلك (والعلم وحده نجح في ذلك، رغم كونه جزئي).
3ـ وأخيرا ، يبدو أنه لاشيء داخل النظام الرمزي من الممكن أن يفكر فيه كرأي معاكس للقطيعة الرمزية.
     لكن ، يبــدو لنــا أن نــوعين من الـ "أحداث " داخل النظام الاجتماعي يمكن أن نعتبرها كرأيين معاكسين لهذه اللحظة النظرية المؤسسة للرمزية؛ إنها لا تتجل تبعا لمنطق إنها كالدال الذي تكشفـه الأنتروبولجيا البنيوية داخل الرمزية الاجتماعية.
    يمثل النوع الأول القربان: إنه فعل عنيف يضع نهاية للعنف (السيميائي، والقبل- رمزي)السابق، الذي بوضعنا لـه في شكل قربان، ينقله داخل النظام الرمزي في اللحظة نفسها التي يتأسس فيها هذا النظام. إن القربان يؤسس الرمزي والنظام الرمـزي في نفس الوقت. ولا يقوم هذا الرمز "الأول" الذي  هو ضحية جريمة ما، الا بتمثيل العنف البنيوي لاقتحام اللغة كقتل للجسد Le meurtre du soma، وتحول للجسد، وإغراء للغريزة.  
      لقد أردنا أن نرى في القربان انطلاقا للعنف الحيوانـي تذكارا للوحشية القبل-إنسانية(6).. لكن يبدو لنا أن السوسيولجيا الانتروبولجية الكلاسيكية قد أصابت ، حين خصصت للقربان وظيفة مبهمة ، عنيفة ومنظمة في نفس الوقت. لأن ما نسميه القربان هو بالتحديد هذا العرف حيث يتأسس الاجتماعي والرمزي ، هذا النظري الذي يمركز العنف ليجعل منه دالا. ويبين القربان بعيدا عن أن يـثير العنف، أن تمثيله يكفي لكي يوقفه ولكي يقيد النظام؛ وعلى العكس فهو يدل على أن كل نظام يقوم على التمثيل: إن ما هو عنيف هو اقتحام للرمزي ، هو قتل المادة لكي تدل، والجريمة نفسها ما هي إلا تحققات استيهامية وأسطورية  لهذه اللحظة المنطقية الملازمة لكـل نظـام اجتماعي- رمزي . ومن جهة أخرى ، يبدو منطقيا أن التضحية الإنسانية، وإن لم تكن زمنيا لاحقة بالتضحية الحيوانية والنباتية وقربان الإله ليس إلا شكلا أكثر تأخرا، وغطاءا دلاليا أكثر جدة لهذه اللحظة النظرية التي تحتفل بها الطقوس (7).
    يكشف لنا كل من هوبيرHubert  وموسMaussعبر مختلف أشكال القرابين عما يوحدها: إنها تكرار كل بنية الرمز: إنها خزان للمادة نفسها أوللـ " مرجع  "؛ إنها إقامـة لعقد؛ و "لعــب بالصــور "؛ وإقامة لاتحاد مثالي، ومدخل إلى موضوع اللذة داخل الـ "معيار الاجتماعي".  
     نذكر في إطار هذا المعنى بعض التحديدات لنتائجها:» إذا كان المضحي يمنح شيئامن نفسه،  فإنه لايمنح نفسه؛ بل ينتظر حذرا(8)»« ربما ليس هناك قربان في العمق  ليس  شيئا تعاقديا(9).»« …إن النسق كله ليس إلا لعبا بالصور (10).» « كل شيء يقع هنا داخل عالم الأفكار، والسؤال يتعلق بالقدرة الفكرية[…](الأفراد) يعترفون لهم وللأشياء التي تقوم بالقرب منها، القوة الاجتماعية بأكملها(11)».                  
   « إذن، يكون المعيار الاجتماعي مثبتا لأجلهم بدون مجازفة، وبدون تنازل لأجل الجماعة(12) ».  ومع ذلك إذا مثل القربان القانون البنيوي للرمزية، فهو يؤكد، في نفس الوقت العلاقة الملموسة لهذه اللحظة المنطقية بالتاريخ الاجتماعي العادي: لهذا فحتى بنية القربان تتخذ أشكالا مختلفة تبعا لتطور علاقات الإنتاج والقوى المنتجة. والـ"أشياء المضحى بها "التي تتكفل بتمثيل اللحظة النظرية المؤسسة للتعاقد الرمزي و / الاجتماعي، تهتم بالحيوان، بالفلا حة، بالعبد، بالمحارب أو بالإله الذي يمثل الذات كدال خالص ، تبعا للضرورات التي يمليها عليه التطور الاقتصادي. لا يبدو أن الأنتروبولجيا الاجتماعية قد درست بعد، من الزاوية التاريخية، نسقيا، مختلف الأشكال والتنقلات الداخلية لبنية القربان، لكنها أتمت خطوة هائلة حين جمعت الأشياء المضحى  بها والأشياء الاجتماعية(13). إنه فقط ، من هذه الوضعية وفي إطار الإجتماعي ، يمكن للتضحية أن تتصور ليس فقط كفرض لترابطها، لكن أيضا كحد لهذا الترابط. في  الجانب الآخر للحد يوجد هناك   اللا- رمزي و انحلا ل  النظام ، ومسح للاختلافات، وللإنساني داخل الرغبة الحيوانية. إذن سنعيد قراءة روبتسون سميت Robetson (14) الذي يعز وللطقوس وظيفة المحافظة على اتحاد الإنسان والحيوان. لقد بـين ب. فيدال- ناكيP.VidalNaquet على التوالي التداخلات البنيوية الوظيفية والتاريخية الضيقة بين الصيـد والقربان في الأسطورة والتراجيديا، إلى حد أنهم يعـبرون بنفس المعجم، وأنهم يضعون صورا محورية بين العالمين الاثنين كالصيادين، والمراهقين، وآلهة الانتقام(15).
        لقد أشار ليفي شتروس(16) إلى أن الطوطمية والقربان تتناقضان بل هما متنافرتان: فالأولى(الطوطمية)تبنى كلسان   كنسق مختلف الأبعاد بين عناصر متقطعة، فالسلسلة الطبيعية(نباتات أو حيوانات) تعتبر إجماليا أحادية الشكل بالسلسلة الاجتماعية؛ والآخر (القربان) يكون سلطانا للتغيير، للمجاز، وللاتصالية المنظمة(القربان يمكن أن يساوي شيئا بالنسبة للآخر، لكن العكس ليس صحيحا) ، إنه لأمر هام أن نلاحظ  بشكل أكثر قربا، هذا الاشتغال الثاني. ويجب على السلسلتين الاثنتين: المضحي و"الألوهية" أن يؤسس علا قتهما داخل التضحية، وبعيدا عن أن يكون أحادييا الشكل.
    إذن، نحن في مواجهة علاقة لم تطرح بعد، لكنها في طور الإعداد. ومن جهة ، إننا نؤسس تجاورا بين القطبين الإثنـين للعلاقة من خلال سلسلة من التحديدات المتتالية" فكـل قربان أو كل مادة مضحى بها تعتبر مطابقة للأخرى ( مثلا الخيار بالنسبة للبيضة، لكن بدون معكوسية. يسمي إفانس بريتشار Evans –Pritchardهذه العلاقة، مطابقة) 17 دون أن يحدد أكثر، في حين يتحدث ليفي شتروس عن المجاز(18).
    ومن جهة أخرى ، فهذه السلسلة المجازية ، لكي تؤسس علاقة في نفس الوقت (بين المضحي والألوهية)، لا يجب عليها أن تنقطع عنها، على الأقل:إنه هدم للقربان، المجاز والقطيعة ، هذاهو منطق هذه "العلاقة" التي ليست بعد في فعل "كان" لكنها تهيء وضعيتها. ماهي نتائجها؟- المجاز المكسر بوضعه للتقديس، هناك إجابة تفترض من جانبه ، وكجزاء ؛ بالإضافة إلى ذلك تلي" الإتصالية التعديلية "التي هي الصلاة ، القطيعة التي هي الجريمة. إن كل مدار التواصل الرمزي بين محفلين خطابيين اثنين متدرجان يموضع كذلك(عطاء ، جزاء ، ثناء رمزي)، إنه المدار الذي يقوم عليه الاقتصاد الرمزي. هكـذا يخرج القربان قدوم هذا الاقتصاد ، وبروزه انطـلاقا مـن مجموعة اتصالية ايكولوجية، يعني مجمعة هذه الايكولجيا.
     وعلى العكس ، تكون الطوطمية مسبقا نسق لتأويل هذه الاتصالية، وتسنينها، وتصنيفها تبعا لأجهزة اجتماعية: مثل الأسطورة ، وفيما بعد العلم، هي الرمزية المشتغلة. لكننا لن نستطيع القول أنها صحيحة، وأن القربان هو خطأ إذا ما كانت وظيفته تصنيفية؛ وهو ليس كذلك؛ إنها تحتل الاتجاه الآخر للرمزية : إنها لا تقدم اشتغالها للنسق الموجـود مسبقا،  لكنها تعيد انتاج توالده . إن كل ما يقرب القربان من منطق مجازي، و مجموعته  الاتصالية المتكسرة ، علاقتـه  بمحفل مهيمن ، ليس من اللسان ، ولكن من اللاوعي الذي هو الشرط المسكوت عنه للنسقية اللسانية. وهذا ما يفسر لماذا تكون التضحية في أول وآخر السنن الاجتماعي ، مثل ارتكاب المحارم ، ومثل النزعة الحيوانية: إنها تعيد من خلالها إنتاج المكبوت.
    من الممكن أن نقول أن ربط علاقة فيما بين الطوطمية والقربان لن  يكون عرضيا، مادام كل من الطوطمية والقربان، يمفصل الواحد والأخر، علاقات بين المجتمع والمجموعة الاتصالية الطبيعية. لكن هذه العلاقات تكون متميزة بوضوح : فالقربان يذكرأن الرمزي يبرز الاتصالية المادية بقفزة عنيفة ولا محفزة ؛  في حين أن الطوطمية هي مسبقا إمساك بهذه المجموعة الاتصالية انطلاقا من الرمزي الذي يتموقع.
          إذن سنقول إن المقدس- القربان الذي يرافق كل  مجتمع إنساني هو تأليه للنظري ، الذي هو نفسه بنيويا ضروري لموقف اللغة ، وأن هذه اللاهوتية تتخذ أشكالا مختلفة تبعا لتطور القوى الاجتماعية ، وتمثل إما الخضوع لإجراء الدال إتجاه القوى الطبيعيةأو للنسق الايكولوجي المحيط، وإما تبعية للعلاقات الاجتماعية على اعتبار أنها علا قات بين ذوات مأخودة من داخل علاقات القرابة. هكذا فجريمة قتل الوالدينLe parricideا لتي يثيرها فرويد في أصل كل تعاقد اجتماعي (انظر الطوطيم والطابو) يمكن أن يفكر فيها كإحدى الأشكال التي تتخذها هذه اللحظة النظرية، وبدون شك يكون  هو الشكل الأفضل الذي يشير إلى أن تأسيس الرمزي يميل إلى تحريم اللذة(وأنه يسمح بها بالتتابع). وهذا التحريم يتضح أنه غير ممكن، لأن الإخوان يستولون على كل النساء،  لكن ليس على الكل،  خاصة الأمهات والأخوات؛ إذن فاللذة ليست محرمة لكنها منظمة ، إنها تتسرب عبر قواعد هذه اللغة التي هي بنية القرابة.
     لا تعين الجريمة المقدسة، إلا العنف المتمركز في التضحية لكي تؤسس القانون الاجتماعي، لأن القربان لن يمثل إلا المظهر المسنن للمرحلة النظرية. ولا يمثل القربان إلا كاستثناء يؤسس النظام الرمزي ، الذي يطرح العنف داخل ذلك الذي هو "كبش الفداء" .يرسم القربان العنف المنتظم، المستمال، الذي يعرض في الجريمة مثلما في القطيعة الافتتاحية. انطلاقا من هذا المخزون “الحد إلى ما لانهاية” (مالارمي) ـ تتبنين المجموعات السوسيو- رمزية والعنف لايمكنه إلا أن يتسرب داخل الرمزي ويقوم باقتحام داخله لكي يحوله أو لكي يكسره. إذن، مايحتفي به المقدس لم يكن العنف الخالص، لكن وضعية العنف هذه، هذا الحد إلى ما لانهاية، الخارق الذي يستدعي العنف، الهش عند هجومه، الكفيل العارض لكنه ضروري  لتحقيقه(19).
        لكن توجد هناك الممارسة التي  تحيط بالقربان ـ وهذاالفعل الثاني الذي نريد التأكيد عليه ـ التي عبر وضعيتها، ومعها، ورغما عنها، تعرض استهلاك العنف السيميائيLa véhémence sémiotique، وتدفع الإطار الرمزي وتنحو إلى حل النظام المنطقي، يعني إجمالا، النطاق الذي يتأسس فيه الإنساني والإجتماعي. عموما، فالأمر يتعلق بالتمثيل الذي يلي تقديم القربان والذي هومختبر للمسرح، للشعر،     للأ نشودة، للرقص الخ : للفن. وكيفما كان الصراع الذي يشير إليه هذا التمثيل، والسابق على القتل ، فهو ثانوي بالنسبة للفعل الذي يشير إليه ـ ويجب أن نعيد إعطاء هذا المصطلح الاسترجاعي كل معناه من حركة الاقتصاد الرمزي وليس  من الموضوع المنفصل. وتتجاوز الذا ت حد الرمزي ، بإعادة إنتاج الدال ـ الصوتي ، والحركي والشفوي ، وتتوصل إلى هذه الحمولة التوليدية السيميائية التي تكون من الجانب الآخر للحدود الاجتماعية. ويعرض الرمزي نفسه  بتكرار المسار الدال انطلاقا منه وينفتح على ـ عبر الحافة التي سيقدمها القربان فيما بعد أوالتي مثلها مسبقا على الخشبة  ـ قدرة التحرك هذه حيث ينمحي كل معنى. لقد أثرنا عددا من "التمثيلات" المقدسة كتلك التي عند الدينكاDinka التي تلي القتل أو القربان والتي تعتبر أكثر عظمة من القربان الذي يليهم(20) . إن أعياد ديونيزوس  Dyonisosكانت في اليونان المثل الأكثر إثارة لهذا الطوفان للدال الذي يخرق النظام الرمزي ويتجه نحو تفكيكه داخل حيوانية ، راقصة ، مغنية، وشاعرية. هكذا يمثل الفن ـ هذه السمطقة للرمزي ـ   فيض اللذة داخل اللغة. بينما يعين القربان الحد المنتج للذة داخل النظام الرمزي والاجتماعي ، والفن يحدد الوسيلة ـ الوحيدة ـ التي تحتفظ بها اللذة لكي تتسرب إلى هذا النظام. إذن ، ستتدخل اللذة عبر النظام الاجتماعي- الرمزي ، بصدعنا لهذا النظام ، بتقسيمنا له ، بتغيـيرنا لمفردات اللغة وللتركيب وللكلمة نفسها ، باستخراجنـا  من تحته للغريزة مثلما ينتجها الاختلاف الصوتي أو الحركي.  
     ما أراد الشعر قوله أمام القربان، هو أن اللغة تتهيأ لهذا ا لتدخل للذة في النظام الاجتماعي- الرمزي ، وأن النظري لا ينطوي بالضرورة على القربان اللاهوتي. هكذا نجدهما وجها لوجه، القربان والفن ، يمثلان مظهرين اثنين لوظيفة النظري : تحريم اللذة من خلال اللغة، وتدخل اللذة في اللغة وبفضلها. إذا كان الدين يستولي على هذا المظهر الأول الضروري لتأسيس النظام الرمزي؛ وإذا كانت الأسطورة أولا، والعلم ثانيا يقصدان إلى تبريره بإعداد نسق معقد من العلاقات والوسائط، بدحضها كليا لهذا المحرم حتى بنفس الطريقة التي ينتج بها، وتتغير، ويتحول؛  يعين الشعر-الموسيقى-الرقص- المسرح ، " الفن"  في الحال قطبا معارضا للتحريم الديني. سنقول، إنه يعرف أكثر منه: لأنه بعيدا عن أن ينفي النظري الذي منح الدين لنفسه الحظوة ليحتفي به ـ لكن كتحريم ـ على مر العصور، يقبل الفن الخضوع في النطاق الذي يبقى فيه منفصلا عن هذيان- الالتحام الطبيعي. لكنه، عبر هذا الخضوع ، ينقل من الفضاء الشعائري ما تتستر عليه اللاهوتية ـ إنها اللذة عبر- الرمزية، واقتحام قدرة التحريك، التي تهدد وحدة الاجتماعي وحتى الذات نفسها.
    هكذا، يواجه الشعر(حتى لا نتحدث إلا عنه، لكنه دائما على الأقل أو على الأكثر مرتبط بالرقص وبالموسيقى)، عبر الزمن، مختلف  "الأجساد"المضحى بها تبعا لمتطلبات استمرارية المجموعة الاجتماعية: النبات، الحيوان الطوطيمي، القريب، وفي النهاية الإنسان الإله، قبل أن يصل ـ بعد هذا الأخيرـ إلى ذلك الذي لم يعد بعد الجسد-الأساسSoma-support للنظري، لكنه "العنصر" الحقيقي حيث ولد النظري : اللغة والبنية الاجتماعية. في الواقع ، يواجه الشعرمع البورجوازية، النظام في ما هو أساسي فيه أكثر: منطق اللسان و"مبدأ الحالة” Principe de l’Etat" لكن بماذا يحتفظ من جدوره الشعائرية ؟ إنه يحتفظ باستهلاك النظري، وانفتاحه صوب العنف السيميائي، وقدرته على تمريراللذة . لكنه ، مادام أمام اللغة والمجتمع، يلتقي ليس فقط بالتضحية المثيرة للنظري، بل يلتقي بالفرضية نفسها (منطق- لغة- مجتمع) ، فلا يمكنه أن يبقى" شعرا": إنه سيصبح مواجهة واضحة للذة مع النظري عبر وضعيته ، يعني صراعا مؤقتا لأجل توضيح انفعال الغريزة حتى داخل نظام اللغة. ونلاحظ أن النظام الاجتماعي الذي يسهل نظام المعرفة ، والمدلولات التي تحدث عنها ليفي شتروس تميل إلى الالتقاء بالدال العائم،  والعصر التيكنوقراطي البورجوازي يتخيل أنه يحاول إتمام هذا الالتقاء. هنا، وفي كل الأحوال، لن يتماسك أي  قربان  لأجل تمثيل المدلول  ( أو مرجع- نبات حيوان ، إنسان ، الإنسان الإله) الذي لم يلتق بداله ، لكنه يبقى كحد مؤكد لاشتغال النظام. إذن فالشعر داخل هذا النظام الاجتماعي-الرمزي المشبع هكذا إن لم يكن مسبقا مغلقا- لنقل أكثر تحديدا اللغة الشعرية- يستدعي ما  يشكل وظيفته دائما، وهذا يعني أن ندخل ، عبر الرمزي، ما يشغله، وما يتجاوزه ويهدده. إن ما تبحث عنه نظرية اللا وعي، تمارسه اللغة الشعرية داخل النظام الاجتماعي وضده : وسيلة نهائية لاستبداله أو لهدمه ، كشرط لبقاءه ولثورته.
هل تحمل مفهمة للسيميائي كهذه، كملازم للرمزي بل كزائد، ومهدد لوضعيته ، تغيرا للمفهمة المدركة عموما من قبل الاشتغال السيميائي؟
     إنها تتطلب أول الأمر، أن نعتبر الاشتغال السيميائي بوصفه جزءا من ممارسة دالة تحتوي على المحفل الرمزي. وهذا يعني أن وصفا سيميائيا سوف لن يكتفي بتكوين نمودج مطابق أو متنافر مع هذا الاشتغال ، لكن يجب عليه أن يموقعه في علا قته مع الذات ، ومع تلفظ تقريرما ، ومع حقيقة ما وأخيرا مع ايديولجية ما(21).
     إذن ، إذا أمكننا تحديد هذا الميكانيزم للوصف السيميائي-أكثرتحديدا- وبحصرالمعنى ، كتمفصل للإنفعالات والانحباسات التي لا تريد أن تقول شيئا، يجب أن يفكرفيه مباشرة داخل السلسلة الدالة التي يؤسسها النظري . وبدون هذا الجدل(22) الجديد ، كل الذي سبق ووصفناه يمكن حتميا أن يرتبط بالحمولة التوليدية السيميائية السابقة على مرحلة المرآة أوعلى الأوديبية ، لكنه لن يرتبط بممارسة دالة  ليست ضد- أوديبية إلا لتكون ضد- نظرية ومفارقة.
     أخيرا ، مثل هذا الجد ل يجعلنا نتصور الممارسة الدالة كمزدوجة بطريقة لا- تناظرية: دون مطلقيةAbsolutisation للنظري القابل أن يشيد كتحريم لاهوتي ، ودون إنكاره  المنساق نحو استيهام اللاعقلانية الذرية . هكذا بيدو لنا وضع الذات داخل فعل التدليل ، فلاهي تشريع سماوي لا يمكن خرقه ومذنب ، ولاهي عبث  "رومانسي" ، أوجنون خالص  أونزعة ذرية سوريالية ، أوتعددية وثنية ، بل هي تناقض متنافر بين اثنين غير متصالحين ، منفصلين لكنهما ليسا منعزلين عن الإجراء حيث يقومان بوظائف لا- تناظرية . ويحققه الأدب ، على الدوام ، بوضوح أكثر. بالإضافة إلى ذلك، ففيه يتضح هذا الشرط الجد لي للذات ، انطلاقا من النصف الثاني من القرن التاسع عشر، منذآثارنرفالNerval  في فرنسا، لكن علىالخصوص مع لوتريامون ومالارمي.
    سنحاول أن نبين أن تحول اللغة الشعرية في نهاية القرن التاسع عشر كان يتطلب بالتحديد أن تصبح ممارسة  لجد لية  ا لذا ت داخل اللغة. من هذا المنظور،  يشيد هذا التحول  طورا جديدا لما أسميناه بالأدب : نهاية هذيان-الشعرpoésie-délire ، المعاصر لضده المتضامن الذي هو الأد ب كمحاولة للخضوع للنظام المنطقي. هذه الممارسة ليست جنونا ولا هي واقعية، لكنها إمساك بالـ "وهم" وبالـ"منطق" بنقلة حيث تتموقع تجربة جويس وباطاي على سبيل المثال. نتخذ هذان الاسمان كرمزين لما هو أكثر فاعلية في أدب القرن التاسع عشر، الذي يبدو لنا مصرحا به منذ عمل لوتريامون ومالارمي. وبالنسبة لكاتبين من القرن التاسع عشر، أن يجعلا من الأدب تجربة لجد ل الذات داخل إجراء الدلائلية، هذا يدل، على الخصوص، على رفض الشعر كهروب مجنون، وكصراع ضد الشعر كصنمية (لعب باللغة،  ركود للأثر ، قبول للبلاغة ، غير متصنع). وهذا يعني ، في نفس الوقت أنه يجب أن نقبل الإرغامة الغير بارزة للمنطق،  لموقفه ولاتحاده ، لكي يدخل فيه الإنحراف ، لكنه انحراف "أكثر- منه- منطقية” : تشهد الأشعار poésies Les و"الكتاب"   Le livreقبل أي شيء آخر مكتوب عن ذلك الذي سيعينه باطاي بقوله أن» معنى الشعر ينتهي عند ضده ، عند الإحساس بكره الشعر(23)».
     إذن أصبح الشعر، الذي ولد حول التضحية كاستهلاك للفرضية المشيدة للنظام الاجتماعي- الرمزي  كتشغيل للعنف الغريزي عبر موقف اللغة منذ عصر النهضة وأمد الانتفاضة الرومانسية المحتفية بتضحيات الثورة الفرنسية، بلاغة، شكلنة لغوية، تصنيما، وبديلا للنظري.  ويستهلك النظام البورجوازي المقام مسبقا هذا النوع من الشعر منذ البعث في سنة 1852 ، باختزاله في عجز زخرفي  لم يكن يدخل أي موضوع معاصر لزمانه. إذن كيف نجد ممارسات للاستهلاك قادرة على مواجهة الآلة ، التوسع الاستعماري ، البنك ، العلم ، البرلمان ، أي عدد من المواقف الرئيسية ، والتي تخفي عنفها ولا تعطى كمشروعية أحادية ؟ يتطلب إيجاد عنف الذات نزولا إلى المرحلة الأعمق لوضعيته المعاصرة لوضعية النظام الاجتماعي ؛ النـزول إلى الوضعية البنيوية للنظري في اللغة، لأجل أن يتوصل هذا العنف إلى النظام الرمزي وايديولجياته التكنوقراطية التي أقيمت على غراره، ببروزه عبر نظامها الصوتي ، والتركيبي ، والمنطقي ، لكي تتجاهله أو تكبته. ويجب أن نتوصل إلى المنطق الذي يسيطر على النظام ، لأجل الوصول إلى هذا العصر، وهذا سيتم عبرهذا المنطق نفسه، بإقامته وبعرض وضعيته، وعبر تركيباته وحتى الإيديولوجيات التي ينقلها. لقد كان من الواجب محاربة كل الإمكانيات الشعرية الخارقة  قديما ، لكن رغم  ذلك أصبحت مسننة ، وبالتالي صنفت داخل النظام الرمـزي بصفتها أصناما : إن ممارسة مالارمي نبعت بالتحديد من اتفاق مع الشعر البرناصي والترميزية التي تقبل توقفها لكي تحيط بها ، وترفضها وتتجاوزها. في نفس الوقت يجب عند رفض اللشعر - الطلائعي القديم الصنمي ، المعنى والذات ، أن  نهرب كذلك من الهذيان الغير موصوف الكاذب : يدل الاحتفاظ بالسقف المضني للتناقض المتنافر مع  النظام وداخله ، على العنف الغريزي داخل وعبر السنن الفكري والعلمي واليومي والصحفي والحديث والعائلي والاقتصادي… اللامنتهي .  تشهد الوحدة المتفجرة لـ "أناشيد مالدرورChants de Maldoror "والأشعار Poesies للوتريامون  على ذلك. وعندما يواجه الشعر  عالم الخطاب في قوانينه التكوينية يكف عن أن يكون شعرا، لكي يحفر داخل كل نظام ركاما حيث تتمكن التجربة الجدلية للذات من أن تبدأ داخل إجراء فعل التدليل . وتصور قبل- الفرويدية، هذه الممارسة مسبقا وبعنف ، ذلك الذي بحث فرويد على سماعه في خطابات مرضاه ؛  لكنها تؤسس المناخ الذي لم يتمكن التحليل النفساني من أن يلا مسه في  وقته(24) ، رغم  أنها هي اليوم أيضا ، الوحيدة التي تهيِء لنا الد خول فيه. وهذا المنظورالفرويدي ، الذي يبحث عن إجراء الذات عبر وضعية اللغة يلتحق ـ من بعيد وتحديدا بدلا من الإلحاح المنطقي ـ بالصراع الذي يقوده كل من لوتريامون ومالارمي ضد الصنمية وضد الجنون ، ويرفع بذلك الثقل الإجتماعي المدمر الذي لم ينته بعد من إخفائه، الذي صرح به جورج باطاي هكذا :« أرفض ، أ ن يثيرني  لكن لماذا أتوه ، إذا كنت أهدي ، سأكون ببساطة طبيعيا.
    إن الهديان الشعري له مكانته داخل الطبيعة ، إنه يبررها، يقبل أن يزينها. وينتمي الرفض  إلى الوعي الواضح ، الذي يقيس مايمكن أن يقع له[…]
يخرجناالانطلاق  من اللعب ـ كذلك الاهتمام الزائد، الحدة الضاحكة ، النقلة اللاعقلية داخل الوضوح الساكن ، مطلوبة من اللاعب ، حتى اليوم الذي يتخلى فيه الحظ عنه ـ أومن الحياة. إنني اقترب من الشعرـ لكن  لكي اختلف معه(25). «
بفضل اكتشاف فرويد ، رفع الستار العجيب الذي كان القرن التاسع يثبته على الجنسية ويعينه كعقدة بين اللغة والمجتمع ، وبين الغريزة والنظام الاجتماعي- الرمزي ، وتمكنت ممارسة لوتريامون و مالارمي ليس فقط من  تأصيله ،  بل إلى التوصل من خلاله إلى الغاية الموضوعية والاجتماعية التي تطمح إليها. لنقل إنه في العبثية ونظرا لغياب ، مثل هذا الاكتشاف ، تشكل التجربة الشعرية لنهاية القرن  منفذا اختفى بسرعة ، ويعاد- تصنيمه (أبولنيرApollinaire ) بل هي أكاديمية (فاليريValery ) وانطلاقا من فرويد سيكون هناك غد(جويس، باطاي) مثلما انطلاقا منه يمكن أن نحاول التفكير في إنتاجه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

إجراء الدلائلية

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات التطبيقية :: الترجمة-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


إجراء الدلائلية 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
اللسانيات العربي المعاصر كتاب البخاري مدخل العربية النص اسماعيل على النحو بلال الخيام ظاهرة ننجز محمد الخطاب مجلة مبادئ الحذف النقد اللغة الأشياء قواعد موقاي التداولية


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع