ورد في الآية ٥٩من سورة الشعراء(كذلك واورثناها بني اسرائيل)وقبلها ( فأخرجناهم من جنات وعيون . وكنوز و مقام كريم ). وقد اثار اهل الشك الريب حولها فقالوا ان بني اسرائيل خرجوا من مصر هاربين يوشك ان يدركهم جيش فرعون فكيف يرثون جنات وعيون وكنوز مصر والمقام الكريم ،واسلوب القران لا يسرد سردا بل من واقعة معينة قد ينتقل ال تعميم بعد تخصيص او بالعكس ،كمسلمين نؤمن ان هذا هو الحق لا يأتيه الباطل وهو من عند الله .وان قصرت عقولنا ان نفهم شيئا فلا نتهم الا انفسنا ،توجد كلمة كذلك وتعني مثل هذا او مثل هذا العمل وتعني التمثيل لا التعيين فأورثوا مثلها لا يعني هي بالتحديد كما المقصود قد لا يكون كل الآيتين السابقتين (والتي قصد بها فرعون وجنوده اذ تركوا ملكهم وكنوزهم وجناتهم )فأما بني اسرائيل فيمكن انهم اورثوا الكنوز والمقام والكنوز ورثوا بعضها اذ خرجوا بحلي المصريين التي استعاروها قبيل خروجهم وهذا ما اورده بعض المفسرين ، وصنعوا منها العجل لاحقا والمقام الكريم ربما يكون مقام الايمان كما ان الله فجر لهم العيون ،وعندما يخاطب القرآن او يقص عن بني اسرائيل قد لا يكون من هم في زمن الخروج بل اعم كما ورد في مواضع كثيرة في القران ،ومن المعروف ان الله اعطاهم كل ذلك لاحقا ومنه ما اعطى لسليمان ولداود بل شادوا دولا ، وملك حتى عامة الناس ولحقهم الترف .ولم اطلع على امهات التفاسير لغاية كتابة الكلمات اعلاه , وقد اطلعت لاحقا على تفسير ابن كثير الذي يكتفي بذكر الآيتين ( واورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التي باركنا فيها ... - الاعراف ١٣٧ ) والمقصود الارض المقدسة فلسطين التي دخلوها بعد عهد موسى كما اورد الآية ( ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين) -القصص٥ ، وهذا يؤيد ما نذهب اليه من ان ايراثهم ذاك كان بعد عهد موسى في فلسطين غير جنات وكنوز مصر وبذا يزول اللبس وتنقطع الريب وقد استعرضت الكثير من التفاسير القديمة والحديثة بعد كتابتي ما تقدم وذهب اغلبهم ان بني اسرائيل ورثوا مقام وكنوز و جنان فرعون دون ان يناقشوا هذا القول ، وبعض المفسرين قالوا ان بني اسرائيل عادوا لمصر بعد هلاك فرعون و ورثوه ثم خرجوا من مصر ثانية وهذا ما استبعده بعضهم حسب المرويات التاريخية الا ان ابن عطية في تفسيره وهو من المتقدين ايضا استبعد هذه الرواية وقال ان ما اورثهم الله هو مثلها اي مثل هذه الجنات والعيون والكنوز والمقام لكن في الشام واستبعد عودة بني اسرائيل ال مصر ثم خروجهم ثانية وكذلك من المعاصرين متولي الشعراوي قال مثل قوله وهذا يؤيد ما ذهبت اليه الا ان الطنطاوي اورد كل ما قيل دون ترجيح والله اعلم.