من اجل مساعدة اهل العلم في حوسبة اللغة العربية , بشكل علمي , وجب التذكير بهذه الملاحظات العلمية التي لا تقبل النقاش , لا داخل اللغة العربية ولا خارجها من اللغات العالمية .
قام عدد من علماء الأصوات المحدثين في الغرب و منهم العالم دانيال جونز" من تحديد الأوضاع الأساسية التي يمكن أن يتّخذها اللسان في داخل فراغ الفم في أثناء نطق الحركات ، فوضعوا ثماني حركات رئيسة في لغات العالم وفق ثلاثة معايير :
ملاحظة : ترجم علماء الاصوات العرب مصطلح الحركات فاصبح عندهم ( صوائت ) في الزمن الحديث فقط
- المعيار االاول : الوضع العمودي للسان: النّظر في ذلك الجزء من اللسان الذي يفوق غيره في الارتفاع عند نطق صائت ما ( أعلى - أسفل).
-المعيار الثاني :الوضع الأفقي للسان: النّظر في الدّرجة التي يتقدّم بها اللسان أو يتخلف ( أمام - خلف ).
-المعيار الثالث : أوضاع الشّفتين: النّظر في كون الشّفتين مدوّرتين عند نطق الصّائت أم لا. وإذا لم تكونا مدوّرتين فهل هما منبسطتان أو في وضع محايد.
اولا : هذه المعايير في اصلها وفي اساسها ليست صحيحة . لان الحركات او ما سموه بالصوائت ليست اصواتا على الاطلاق ,
ثانيا : لا دخل للسان في تشكيل حركات اللغة كيفما كانت تلك اللغة ,
ثالثا : الحركات المعيارية في اللغة العربية سبعة , هي ( الالف , الواو , الياء , الفتحة , الضمة , الكسرة , السكون ) ,عددها ليست ثمانية كما هو الامر في علم الاصوات الغربي وانما سبعة , في الغرب لا يعترفون بحركة السكون , لا يوجد عندهم حركة السكون في وصف القواعد الصوتية وصفا علميا ,و عند علماء العرب القدماء و المحدثين , هناك ستة حركات فقط , لا يقولون بان السكون حركة , لكن نظامهم الصوتي يعترف ويصف بالسكون على اساس انها ليست حركة او هي ضد الحركة , وقد غلب على وصفهم ذلك انهم انطلقوا من القراءات القرآنية وعلم التجويد واللهجات , ومن مفهوم الوقف ومفهوم القطع ومفهو الجزم . هذا التوقف لم يصف حركة السكون على حقيقتها العلمية , وانما جاء وصف السكون من الوجهة الزمنية والوجهة العضوية فقط , وللحركة بصفة عامة و حركة السكون منها ايضا وجهات متعددة , و هذا التصور هذا غير موجود في علم الاصوات الغربي اطلاقا , لا علم لي بعلم الاصوات في اللغة الصينية وغيرها في الشرق مثلا , لكن هذه اللغات تضم حركة السكون , وليس هناك في العالم لغة واحدةلا تضم السكون , السكون حاضر في كل اللغات . والفرق هنا يختلف في وصف الحركات بين اللغات فالوصف العلمي قد يصيب الحقيقة العلمية وقد يخطؤها , فهناك من يعترف بوجود السكون كعلماء العربية , وهو ارث , وهناك من لم يعترف بوجودها كالفرنسية مثلا , وان كانت موجودة فعلا ,
رابعا: ان حركة السكون هي ام الحركات واصلها , وان الحركات الستة الاخرى متفرعة عن حركة السكون , جاء هذا عند ابن جني في القديم , في اللغات الغربية ,مصدر العلم والمعرفة , لاوجود لهذا التصور اطلاقا ,
خامسا : ان الحركات الستة المتفرعة عن الحركة الاصل السكون , هي اصل كل الحركات الاخرى الموجودة في القراءات او اللهجات او علم التجويد او حتى في اللغة الانجليزية اوغيرها ...
يتعدى عدد الحركات في اللغة الانجليزية 40 حركة ...على سبيل المثال لا الحصر ...
سادسا : ان الحركات الست في اللغة العربية ( يضاف اليها باقي الحركات الاخرى في العالم مهما كان عددها , التي تعد الحركات الست اصلا لها ) لا يجوز القول ان لها مخرجا , بل الصواب القول انها تنتج وتنجز من خلال عضوين فقط من اعضاء جهاز النطق , هما (الشفتان والحنك الاسفل ) فقط , هذه الاعضاء هي التي تتميز بالمرونة في تشكيل الحركات الست , ولا دخل لاي عضو من اعضاء جهاز النطق الاخرى في تشكيل هذه الحركات الست ,
سابعا : ان حركة السكون , هي حركة اعضاء جهاز النطق ايضا , وتتدخل كل اعضاء جهاز النطق في تشكيل حركة السكون , بما في ذلك الاعضاء المشكلة للحركات الست . ان حركة السكون , هي الحركة الوحيدة التي تشكل الصوت اللغوي اينما حل وارتحل , ومهما كان ذلك الصوت اللغوي , سواء في اللغة العربية او في غيرها من اللغات العالمية . ان حركة السكون هي الام والاصل . ومعنى ذلك بتعبير اخر , ان حركة السكون لا تنفصل عن الصوت اللغوي حين ننطق به ساكنا , وهو ما اطلق عليه علماء اللغة العرب مصطلح ( الصامت ) .
ثامنا: ان الصوت اللغوي مصحوب بحركة السكون , هو الوحدة الصوتية الاصيلة في اللغة العربية او في اي لغة كانت . اي ما يسمى الفونيم , وعليه يكون عندنا الفونيم الاصلي والفونيم الفرعي , والفونيم الفرعي هو كل صوت لغوي جاء مصحوبا بحركة غير الحركة الاصلية التي هي السكون . عرف ابن جني الفونيم الاصلي , قبل ان يعرفه اللغوي البولوني ( كورتناي ) , ومن كورتناي اخذ فيديناد دو سوسور مفهوم الوحدة الصوتية , ولم يكن كورتناي المصدر الوحيد عند سوسور , بل ساعد في ذلك بانيني الهندي , وارسطو و تصور مدرسة قازان الروسية للوحدة الصوتية وغيرها من المصادر .
تاسعا : ان الالفبائية الصوتية العالمية التي وضعها الغرب على مقاسه وبحكم معرفته للغات , ليست صحيحة علميا , ومنها مثلا قولهم ان الحركات تنتج بسبب حركة اللسان , وهذا غير صحيح علميا .
عاشرا : ان عدد حركات اللغة العربية في الالفبائية العالمية يبلغ الرقم ستة , والحقيقة ان عددها سبعة وقد ذكرناها سالفا . وقلنا السبب في ذلك .لان اللغات الاخرى لا تعرف ظاهرة السكون والاعراب والحركة كصوت اعرابي.
11- ان الحركات في اللغة العربية التي هي الاصل , تختلف الواحدة منها عن الاخرى , فلا علاقة لالف بالفتحة , و لا علاقة للضمة مع الواو ولا علاقة للكسرة مع الياء ...كل حركة لها كيانها الخاص وطبيعتها الخاصة المختلفة عن الاخرى . وما نجده في التراث الصوتي العربي يختلف عما قلناه هنا .
12- ان الحركات في اللغة العربية , لا تاتي قبل الصوت اللغوي ولا بعده , ولكنها تصاحب الصوت اللغوي دائما, وبشكل اني واستاتيكي static , وتتميز حركة السكون عن باقي الحركات الست الاخرى بمصاحبة شديدة الالتصاق العضوي بالصوت اللغوي اينما تم انجازه او تحققه . وفي التراث الصوتي العربي وجود للتصورات الثلاثة في ان واحد و وهذا فيه تناقض . اذ لا يوجد الا تصور واحد ذكرناه
13- عند انتاج الحركة من طرف اعضاء جهاز النطق لا نستعمل مصطح التحقق, ان الحركات تنتج وتنطق ولكن لا صوت لها ولا جرس لها , فنستعمل مصطلح الانجاز , في مقابل مصطلح التحقق الذي وجب استعماله لانتاج الاصوات اللغوية . فهناك فرق بين ما يحمل جرسا وما لا يحمل جرسا , ان مصطلح التحقق الموجود في علم الاصوات واللسانيات الغربية , سبق اليه ابن جني .
14 ان هذه الدراسة وهذه النتائج , جاءت نتيجة بحث علمي يعتمد على الحدس اولا وكخطوة أولى ثم ومن خلال مراجعة كتب التراث اللغوي الصوتي العربي القديم والحديث في مجموعه كخطوة ثانية . وهو اخيرا نتيجة بحث عن طريق المختبر الذي لا يتجاوز الاشعة السينية فقط وهي الخطوة الثالثة و لم يعر هذا البحث الاهتمام للبرمجة الحاسوبية او لتسجيل الاصوات , لان الحركات اصلا ليست اصواتا .
15- ان هذه النتائج جاءت , نتيجة اعتماد المنهج السوسوري السكوني , ونتيجة للبحث في مفهوم النظام الصوتي العربي القديم , هذه النتائج جاءت ايضا نتيجة فهم عميق للنظام اللغوي العربي القديم بصفة عامة , ونتيجة لمراجعات متعددة للقدماء والمحدثين .
16- ان هذا البحث ونتائجه , سيساعد بطرق شتى على حوسبة اللغة العربية . لكنه في نفس الان , يضرب النظام اللغوي العربي القديم المبني على التاويل في الصميم اي فيما بني عليه ذلك النظام القديم , , مما يستدعي معه اعادة النظر في المقولات النحوية والصرفية والبلاغية , وغيرها .
17_ ان نتائج هذا البحث البسيطة , تستدعي اعادة النظر في وصف القواعد العلمية التي وصل اليها علماء القراءات واللهجات وتجويد القران , ان هذا لا يعني تجويد القران بطرق جديدة مختلفة , وانما يعني وصف القواعد وصفا علميا دقيقا غير مبني على التاويل والتقدير .
28 ان نتائج هذا البحث , ستغير من عدة مفاهيم نحوية موروثة في اللغة العربية , مثل مفهوم العامل النحوي ومفهوم الاعراب والبناء , غيره كثير .
19- ان نتائج هذا البحث , تدعو بشكل متكامل ومنطقي , الى اعادة النظر بشكل كامل وتام في النظام الصوتي العربي القديم والموروث وفي الاصوات العربية وطرق توصيفها والمصطلحات المستعملة فيها . فمفاهيم من مثل المخرج والمدرجة والحيز والموضع والصفات الخارجية والصفات الذاتية والحرف والصوت .. تستدعي التدقيق و الضبط العلمي ,
20- ان نتائج هذا البحث , لم تنطلق من التصورات الغربية لعلم الاصوات العام بشكل مطلق ولم تكثرت لها , واعتمدت على التراث الصوتي العربي القديم بشكل تام .
21- ان نتائج هذا البحث : اعتمدت على الغرب في ثلاثة نقط فقط , أولا مفهوم اللسان ومفهوم النظام عند سوسور ,ثانيا مفهوم المنهج السكوني السوسوري بمفهومه العلمي الدقيق عند سوسور ( لم يعتمد على هذا المنهج السوسوري اي عالم لسانيات في العالم العربي قط ولا حتى في الغرب ) . ثالثا علم الفونيتيك الذي استبعده جاكوبسون في اول مؤتمر عالمي للسانيات .
استبعد هذا البحث الفونولوجيا بصفة نهائية ولم يكترث لها . وهو العلم الذي دعمه جاكوبسون ابتداء من سنة 1932 .
22- ينتظر هذا البحث تغيرات في التصورات السائدة والموروثة , فيما يخص الوحدة الصوتية والالفون المقطع الصوتيي ومفهوم النبر والتنغير والتطريز وغيرها من المفاهيم المتعلقة بالانجاز الكلامي . واخرى متعلقة بالايقاع الشعري وعلم العروض والبلاغة الصوتية . والتمييز بين علم الفونيتيك وعلم الفونولوجيا ..
23- لم يهدف هذا البحث الى تجاوز الاصول في اللغة العربية , سواء تلك الاصول التي تحملها العربية في ذاتها او تلك التي وضعها القدماء مثل الخليل في شكل قواعد وقوانين توصيفية الا اذا كانت تلك القوانين خاطئة و تتعارض مع الخصائص العلمية لاي قضية صوتية مهما كانت .
24- سعى هذا البحث ضمنيا الى توجيه الدراسات والبحوث العلمية المتعلقة باصوات اللغة العربية , بعيدا عن قواعد الفونولوجيا والكلام واللهجات و علم القراءات وعلم التجويد , متجها وموجها نحو تاسيس علم اصوات عربي اصيل يكون جزءا من النظرية اللسانية العربي الحديثة .
25- يعد هذا البحث نفسه لبنة اولى نحو توجهات عامة في حقل البحث اللساني العربي , يعد المستوى الصوتي هو الاساس المتين لاي دراسة لسانية صرفية او نحوية او بلاغية اوخطية... في المستقبل لان الاصوات والحركات هي الموضوع الوحيد الذي يمكن الامساك به في لسان اي لغة .
26- تدعو نتائج هذا البحث الى الاهتمام باصوات اللغة العربية وحركاتها من وجهة نظر علم الفونيتيك بعد ان هيمنت الفونولوجيا على البحوث السابقة طيلة القرن العشرين الى زمننا هذا دون اي نتيجة علمية تذكر .
27- تدعو نتائج هذا البحث الى الاعتماد على الفونيتيك كعلم دقيق , يسعى الى دراسة اصوات اللغة وحركاتها في حقول او اتجاهات اربعة :
- علم الاصوات النطقي ,وجب اعادة النظر فيه وفي تصوراته و مصطلحاته بشكل علمي .
-علم الاصوات الفيزيولوجي . وجب الكشف عن طبيعته . لا نملك اي دراسة علمية لحركات واصات اللغة العربي في هذا الحقل , طبعا حسب علمي .
- علم الاصوات الاصغائي ( الاكوستيكي ) , وجب اعادة النظر فيه.
-علم الاصوات العصبي, ( مهمل ولا وجود له في العالم العربي , على حد علمي, وهو اهم فرع علمي في دراسة اللغة العربية او غيرها , ونتائجه في الغرب قليلة ولكن مشجعة , وهي نتائج جاءت خارج المؤسسات التي تهتم باللغات . كالجامعات مثلا , وجاءت من المختبرات والعيادات المستشفيات المتخصصة بالامراض العصبية . هذا العلم هو الاهم على الاطلاق , لانه يهتم بالمنطلق وبالمنتهى اللغوي . وباقي الفروع المذكورة تاتي بين المنتهى والمنطلق . رغم ذلك لا يجوز اهمال اي حقل على حساب حقل اخر .
هذه الفروع من علم الفونيتيك ينبغي ربطها بالمختربات او بالمستشفيات والجهات المختصة . كي ينبع العلم وينمو من داخل واقعه وبيئته .
28- أطر هذا البحث نفسه منذ البداية بتصور النظام اللساني بعيدا عن كل تصور كلامي .
29- لا يجب على عالم اللغة العربي واللساني العربي ان يعتمد على الالفبائية العالمية IPA , لانها لا تقوم على اصول علمية صحيحة . وبها اخطاء كثيرة , ولا يجب على علماء حوسبة اللغة العربية الاعتماد على تلك الالفبائية العالمية .
30- يدعو هذا البحث ونتائجه الى الكشف عن النظام الصوتي العربي بشكل علمي والكشف عن النظام الخطي بشكل علمي والى غير ذلك من التراتبية اللسانية .
31- يدعو هذا البحث اخيرا الى اعادة الاعتبار للنظرية اللسانية عند سوسور على المستوى العلمي , والنظر اليه بشكل جدي وعلمي ومحو الثوب الايديولوجي الذي سبغت به النظرية طيلة القرن العشرين .
وعليه وبه التوفيق .
و